لا يتوب الله عليه ما دام غاصباً :
السؤال : قال تعالى : { عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ } (4) .
يروى أنّ الآية المباركة نزلت في عمر بن الخطّاب حينما جامع النساء في رمضان وقت الصيام ، السؤال : يقول الباري عزّ وجلّ : { فَتَابَ عَلَيْكُمْ } ، فهل المقصود أنّ الله تاب عليه ؟ وكيف يتوب عليه وهو المغتصب لحقّ آل البيت ؟
الجواب : أوّلاً : علينا أن نثبت صحّة الرواية ، وعلى فرض صحّتها فإنّ مورد قبول التوبة هو في فعل الجماع في شهر رمضان ، لا مطلق قبول التوبة التي تشمل غصبه لحقّ آل محمّد (عليهم السلام) .
هذا ، والروايات مختلفة في شأن نزول هذه الآية ، فتدبّر .
____________
1- صحيح مسلم 5 / 76 ، السنن الكبرى للنسائي 3 / 435 مسند أحمد 1 / 355 ، تاريخ الأُمم والملوك 2 / 436 ، الكامل في التاريخ 2 / 320 ، أضواء على السنّة المحمّدية : 55 .
2- شرح نهج البلاغة 12 / 79 .
3- مسند أحمد 1 / 325 ، صحيح البخاري 1 / 37 و 5 / 138 و 8 / 161 ، الطبقات الكبرى 2 / 244 ، الشفا بتعريف حقوق المصطفى 2 / 192 .
4- البقرة : 187 .
|
الصفحة 403 |
|
( زهيدي . المغرب . ... )
تلبّسه بالخلافة وتغييره لأحكام الله :
السؤال : ما حقيقة وصف بعض الشيعة عمر بن الخطّاب بأنّه أساء إلى الخلافة .
الجواب : إنّ الشيعة ترى أنّ الخلافة بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالنصّ والتعيين ، وأنّ الخليفة بعده هو الإمام علي (عليه السلام) بنصّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) عليه ، وهذا النصّ إلهي ، أي : أنّ النبيّ أمر بتعيين علي (عليه السلام) الخليفة بعده بأمر من الله تعالى .
والنصوص على ذلك من الكتاب والسنّة كثيرة ، منها : آية التطهير ، وآية الولاية ، وآية المباهلة ، وآية المودّة ، وآية التبليغ ، وحديث الغدير ، وحديث الثقلين ، وحديث الدار ، وحديث السفينة ، وغيرها من الأدلّة الشرعية ، كما وتستدلّ الشيعة بالعقل ، وذلك لاستحالة أن يترك النبيّ أُمّته من دون أن يعيّن لهم خليفة بعده ، ويترك أُمّته يتنازعون فيما بينهم بعده ، وكذلك تجد سائر الأنبياء والمرسلين لهم أوصياء .
وعلى مبنى الشيعة ماذا يكون حكم المتلبّس بالخلافة ؟ وهي ليست لـه ؟! فأوّل إساءة صدرت منه : أنّه تلبّس بالخلافة التي نصّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) على أنّها لعلي (عليه السلام) .
ومن ثمّ تغييره لأحكام الله الثابتة ، كصلاة التراويح التي قال عنها : نعمت البدعة (1) ، وكمتعة الحجّ والنساء التي قال عنهما : أنا أنهى عنهما وأعاقب عليهما (2) ، ومنعه لرسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يكتب الكتاب ، وقولـه : إنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله)
____________
1- المغني لابن قدامة 1 / 798 ، تحفة الأحوذي 3 / 450 ، نصب الراية 2 / 174 ، كنز العمّال 8 / 407 ، تلخيص الحبير 4 / 247 ، كتاب الموطّأ 1 / 114 ، تنوير الحوالك : 137 ، الشرح الكبير 1 / 747 ، نيل الأوطار 3 / 63 ، صحيح البخاري 2 / 252 ، فتح الباري 4 / 219 ، المصنّف للصعناني 4 / 259 ، صحيح ابن خزيمة 2 / 155 .
2- الشرح الكبير 7 / 537 ، المحلّى 7 / 107 ، كنز العمّال 16 / 519 ، السنن الكبرى للبيهقي 7 / 206 ، شرح معاني الآثار 2 / 146 ، شرح نهج البلاغة 12 / 251 و 16 / 265 ، أحكام القرآن للجصّاص 1 / 338 و 352 و 2 / 191 و 3 / 312 ، الجامع لأحكام القرآن 2 / 392 ، علل الدارقطني 2 / 156 .
|
الصفحة 404 |
|
يهجر (1) ، وبلغ بجهله إلى مرتبة أن صرح بقولـه : كُلّ أحد أفقه من عمر (2) .
وأختم لك الكلام بحديث عن عمر يقول فيه : " يا ليتني كنت كبش أهلي ، سمّنوني ما بدا لهم ، حتّى إذا كنت أسمن ما أكون ، زارهم من يحبّون ، فجعلوا بعضي شواءً ، وبعضي قديداً ، ثمّ أكلوني ، فأخرجوني عذرة ، ولم اكن بشراً " (3) .
فاقرأ وحكّم عقلك واحكم ، هدانا الله وإيّاك إلى سواء السبيل .
( كُميل . الكويت . ... )
السؤال : أجد الكثير من الروايات التي لا أعلم مدى صحّتها عند أهل السنّة ، فأرجو تزويدي بالمصادر الموثّقة عندنا ، أو عند أهل السنّة ، حتّى تتمّ الحجّة عليهم : إنّ من بين الفارّين في يوم أُحد عمر وعثمان ، أتمنّى لو احصل على نصّ الحديث ، ولكم منّا جزيل الشكر والامتنان .
____________
1- صحيح مسلم 5 / 76 ، السنن الكبرى للنسائي 3 / 435 مسند أحمد 1 / 355 ، تاريخ الأُمم والملوك 2 / 436 ، الكامل في التاريخ 2 / 320 ، أضواء على السنّة المحمّدية : 55 .
2- السنن الكبرى للبيهقي 7 / 233 ، مجمع الزوائد 4 / 284 ، شرح نهج البلاغة 1 / 182 و 12 / 15 و 208 و 17 / 171 ، كنز العمّال 16 / 537 ، فيض القدير 2 / 8 ، كشف الخفاء 1 / 269 و 2 / 118 ، تفسير القرآن العظيم 1 / 478 ، الدرّ المنثور 2 / 133 ، فتح القدير 1 / 443 ، علل الدارقطني 2 / 239 ، نور الأبصار : 100 .
3- كنز العمّال 12 / 619 ، حلية الأولياء 1 / 88 ، نور الأبصار : 102 ، تاريخ مدينة دمشق 30 / 331 .
|
الصفحة 405 |
|
الجواب : قد روى الفخر الرازي في تفسيره الكبير في ذيل قولـه تعالى : { إإِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْاْ مِنكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُواْ } (1) قال : " ومن المنهزمين ـ يعني يوم أُحد ـ عمر ، إلاّ أنّه لم يكن في أوائل المنهزمين ولم يبعد ، بل ثبت على الجبل إلى أن صعد النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، ومنهم أيضاً عثمان ، انهزم مع رجلين من الأنصار يقال لهما سعد وعقبة ، انهزموا حتّى بلغوا موضعاً بعيداً ، ثمّ رجعوا بعد ثلاثة أيّام " (2) .
( منار الحقّ . السعودية . ... )
السؤال : ما هي المصادر التي نقلت قول عمر : لولا علي لهلك عمر ، وأقواله الأُخرى في حقّ الإمام علي (عليه السلام) .
الجواب : لعمر بن الخطّاب كلمات مشهورة تعرب عن غاية احتياجه في العلم إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) ، نذكر بعضها :
1ـ لولا علي لهلك عمر (3) .
2ـ لا بقيت لمعضلة ليس لها أبو الحسن (4) .
3ـ اللهم لا تبقني لمعضلة ليس لها أبو الحسن (5) .
4ـ لا أبقاني الله لمعضلة ليس لها أبو الحسن (6) .
____________
1- آل عمران : 155 .
2- التفسير الكبير 3 / 398 .
3- تأويل مختلف الحديث : 152 ، شرح نهج البلاغة 1 / 18 و 141 و 12 / 179 ، نظم درر السمطين : 130 ، المناقب : 81 ، جواهر المطالب 1 / 195 و 296 ، ينابيع المودّة 1 / 216 و 227 و 3 / 147 ، فيض القدير 4 / 470 ، الجوهرة : 72 ، ذخائر العقبى : 82 .
4- شرح نهج البلاغة 1 / 18 .
5- نظم درر السمطين : 132 .
6- أنساب الأشراف : 100 .
|
الصفحة 406 |
|
5ـ اللهم لا تبقني لمعضلة ليس لها ابن أبي طالب حيّاً (1) .
6ـ قال سعيد بن المسيّب : كان عمر يتعوّذ بالله من معضلة ليس لها أبو الحسن (2) .
7ـ أعوذ بالله من كُلّ معضلة ليس لها أبو حسن (3) .
8ـ نعوذ بالله من معضلة لا علي لها (4) .
9ـ أعوذ بالله من معضلة ولا أبو حسن لها (5) .
10ـ أعوذ بالله من معضلة ليس فيها علي (6) .
11ـ لا أبقاني الله بأرض لستَ بها يا أبا الحسن (7) .
12ـ عن أبي سعيد : أنّ عمر كان يسأل علياً عن شيء فأجابه ، فقال عمر : أعوذ بالله أن أعيش في قوم ليس فيهم أبو الحسن (8) .
____________
1- المناقب : 97 ، ينابيع المودّة 1 / 227 ، مقتل الحسين للخوارزمي : 78 .
2- ذخائر العقبى : 82 ، فتح الباري 13 / 286 ، كنز العمّال 1 / 300 ، الطبقات الكبرى 2 / 339 ، أُسد الغابة 4 / 23 ، تهذيب الكمال 20 / 485 ، تهذيب التهذيب 7 / 296 ، الإصابة 4 / 467 ، ينابيع المودّة 2 / 172 و 405 ، مطالب السؤول : 137 .
3- تأويل مختلف الحديث : 152 ، تاريخ مدينة دمشق 42 / 406 ، غريب الحديث 2 / 293 ، النهاية في غريب الحديث 3 / 254 ، لسان العرب 11 / 453 ، تاج العروس 8 / 22 .
4- نظم درر السمطين : 131 ، المناقب : 96 .
5- البداية والنهاية 7 / 397 .
6- ينابيع المودّة 3 / 147 .
7- شرح نهج البلاغة 12 / 101 .
8- فيض القدير 4 / 470 .
|
الصفحة 407 |
|
( محمّد يوسف . السعودية . ... )