من أسبابها :
السؤال : لماذا الإمام المهدي (عليه السلام) غائب إلى هذا الوقت ؟ وما الحكمة من اختفائه ؟ والأُمّة في أمسّ الحاجة إليه ؟ هذا ووفّقكم الله ، وسدّد خطاكم .
الجواب : أسباب غيبة الإمام المهدي (عليه السلام) كثيرة ، منها :
1ـ عدم وجود الناصرين بمقدار الكفاية ، لأنّ جل من يتمنّاه أو يدعو لظهوره ، إنّما يفعل طمعاً في الراحة والرخاء ، والطمأنينة الدنيوية التي يأمل
____________
1- كمال الدين وتمام النعمة : 644 .
2- تفسير العيّاشي 2 / 138 و 159 ، الغيبة للشيخ الطوسي : 459 .
3- الإمامة والتبصرة : 126 ، الكافي 1 / 335 .
4- الكافي 1 / 371 ، الغيبة للنعماني : 330 .
5- نفس المصدرين السابقين .
|
الصفحة 479 |
|
المسلمون أن يحصلوا عليها في ظل رعايته ، وأيّام ظهوره ، فهؤلاء إنّما يدعون لأنفسهم .
2ـ إنّ النفوس غير مستعدّة لتقبّل الحكم على طبق الواقع ، الذي سوف يمارسه (عليه السلام) ويحكم في إطاره .
3ـ غلبة الأهواء وأهل الفسق والفجور على أزمة الأُمور في جلّ بلاد العالم ، ولابدّ لإزاحة هؤلاء من نفوس طاهرة طيّبة مطيعة للإمام ، كإطاعة جوارح الإنسان لمشيئته وإرادته .
4ـ الحكمة الإلهيّة اقتضت غيبة الإمام (عليه السلام) ، وهذه النقطة الحقيقة التي يدور عليها غيبة الإمام (عليه السلام) ، وأمّا الأُمور الأُخرى المذكورة فهي أسباب أو حكم ذكرت في بعض الآثار ، وهي أجوبة وقتية لا مطلقة ، لأنّ الإمام يراعي الظروف الموجودة فيه والموضوعات التي تحكم الواقع الخارجي ، فالسرّ في غيبة الإمام كالسرّ في كون الأئمة (عليهم السلام) اثني عشر إماماً لا أكثر ولا أقل . وعلى المسلم المؤمن التسليم لأوامر الله سبحانه وتعالى وما تقتضيه حكمته .
|
الصفحة 480 |
|
فاطمة الزهراء (عليها السلام) :
( حسين الحائري . إيران . ... )
التهديد بحرق بابها في كتب أهل السنّة :
السؤال : أهدي سلامي وتحيّاتي إلى الإخوة العاملين في هذا المركز المبارك .
هل هناك أدلّة عند أهل السنّة على استشهاد الزهراء (عليها السلام) ، بسبب الحادثة التي وقعت بعد وفاة النبيّ الأكرم (صلى الله عليه وآله) من حرق باب دارها (عليها السلام) ؟
الجواب : ليس من الضروري والمهمّ وجود ما نعتقد به عند أهل السنّة وكتبهم ، بل المهمّ والضروري هو وجوده في مصادرنا وكتبنا بطرق كثيرة ، ربما تصل إلى حدّ التواتر ، فهناك الكثير ممّا هو أبسط من هذا الأمر بل وأشهر ، ومع ذلك لا تجد عن أهل السنّة إلاّ مثل هَمَل النعم ، وإلاّ النزر القليل والشاذّ النادر ، الذي يسطّر ويذكر في كتابه بعضاً منها ، فكيف بهذا الأمر الخطير ، الذي حاولوا بشتّى الطرق كتمانه والتستّر عليه ، ومع كُلّ هذا الجهد المبذول للتعتيم ، ظهر من هنا وهناك من كتّابهم وحفّاظهم وعلمائهم ، من أشار أو صرّح بهذه المصيبة العظمى ، نذكر بعضاً منهم :
1ـ روى ابن قتيبة الدينوري بإسناده عن عبد الرحمن الأنصاري : " وإنّ أبا بكر تفقّد قوماً تخلّفوا عن بيعته عند علي (كرّم الله وجهه) ، فبعث إليهم عمر ، فجاء فناداهم وهم في دار علي ، فأبوا أن يخرجوا فدعا بالحطب وقال : والذي نفس عمر بيده ، لتخرجنّ أو لأحرقنّها على من فيها !
|
الصفحة 481 |
|
فقيل لـه : يا أبا حفص ، إنّ فيها فاطمة ؟ فقال : وإن " !! (1) .
2ـ روى أبو الفداء إسماعيل : " فأقبل عمر بشيء من نار على أن يضرم الدار ، فلقيته فاطمة وقالت : " إلى أين يا بن الخطّاب ، أجئت لتحرق دارنا " !! قال : نعم ، أو تدخلوا فيما دخلت به الأُمّة " ! (2) .
3ـ روى ابن جرير الطبري عن زياد بن كليب قال : " أتى عمر بن الخطّاب منزل علي ، وفيه طلحة والزبير ورجال من المهاجرين فقال : والله لأحرقنّ عليكم ، أو لتخرجنّ إلى البيعة ! فخرج عليه الزبير مصلتاً بالسيف ، فعثر فسقط السيف من يده ، فوثبوا عليه فأخذوه " (3) .
4ـ روى الجوهري عن مسلمة بن عبد الرحمن قال : " لمّا جلس أبو بكر على المنبر ، كان علي والزبير وناس من بني هاشم في بيت فاطمة ، فجاء عمر إليهم فقال : والذي نفسي بيده لتخرجن للبيعة أو لأحرقن البيت عليكم " (4) .
5ـ روى البلاذري بإسناده عن سليمان التميمي ، وعن ابن عون : " أنّ أبا بكر أرسل إلى علي يريد البيعة ، فلم يبايع ، فجاء عمر ومعه قبس ، فتلقّته فاطمة على الباب .
فقالت فاطمة : " يا بن الخطّاب ! أتراك محرّقاً عليّ بابي " ؟ قال : نعم ، وذلك أقوى لما جاء به أبوك " (5) .
____________
1- الإمامة والسياسة 1 / 30 .
2- المختصر في أخبار البشر 1 / 219 ، العقد الفريد 5 / 13 .
3- تاريخ الأُمم والملوك 2 / 443 .
4- السقيفة : 52 ، شرح نهج البلاغة 2 / 56 و 6 / 48 .
5- جمل من أنساب الأشراف 2 / 268 .
|
الصفحة 482 |
|
6ـ روى الشهرستاني عن النظّام أنّه قال : " وكان عمر يصيح : أحرقوا دارها بمن فيها !! وما كان في الدار غير علي وفاطمة والحسن والحسين " (1) .
7ـ روى ابن أبي شيبة عن زيد بن اسلم ، عن أبيه اسلم ـ وهو مولى عمر ـ : " أنّه حين بويع لأبي بكر بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، كان علي والزبير يدخلان على فاطمة بنت رسول الله فيشاورونها ويرتجعون في أمرهم ، فلمّا بلغ ذلك عمر بن الخطّاب ، خرج حتّى دخل على فاطمة فقال : يا بنت رسول الله ، والله ما من أحد أحبّ إلينا من أبيك ، وما من أحد أحبّ إلينا بعد أبيك منك ، وأيم الله ما ذاك بمانعي إن اجتمع هؤلاء النفر عندك ، إنّ أمرتهم أن يحرّق عليهم البيت " (2) .
وسند هذه الرواية صحيح ، أو قل : حسن بالتعبير الدارج على ألسنة المحدثين .
8ـ روى ابن عبد ربّه : " فأمّا علي والعباس والزبير فقعدوا في بيت فاطمة حتّى بعث إليهم أبو بكر عمر بن الخطّاب ليخرجوا من بيت فاطمة ، وقال لـه : إن أبوا فقاتلهم ، فأقبل بقبس من نار على أن يضرم عليهم الدار ، فلقيته فاطمة فقالت : " يا بن الخطّاب ، أجئت لتُحرق دارنا " ؟ قال : نعم ، أو تدخلوا فيما دخلت فيه الأُمّة " (3) .
9ـ وروى المتّقي الهندي عن أسلم : " فلمّا بلغ ذلك عمر بن الخطّاب خرج حتّى دخل بيت على فاطمة فقال : يا بنت رسول الله ... وأيم الله ما ذاك بما نعي إن اجتمع هؤلاء النفر عندك أن آمر بهم أن يحرق عليهم الباب ، فلمّا
____________
1- الملل والنحل 1 / 57 .
2- المصنّف لابن أبي شيبة 8 / 572 .
3- العقد الفريد 5 / 13 .
|
الصفحة 483 |
|
خرج عليهم عمر جاؤها قالت : تعلمون أنّ عمر قد جاءني وقد حلف بالله لئن عدتم ليحرقن عليكم الباب " (1) ، وغيرها من مصادر أهل السنّة .
وممّا يؤيّد ما سبق اعتراف أبي بكر وإقراره ، بل وتظاهره بالندم على كشفه لبيت الزهراء (عليها السلام) ، فعن عبد الرحمن بن عوف قال : " دخلت على أبي بكر أعوده فاستوى جالساً ... ، فقلت : ما أرى بك بأساً والحمد لله ، فلا تأس على الدنيا ، فو الله إن علمناك إلاّ كنت صالحاً مصلحاً ، فقال أبو بكر : إنّي لا آسي على شيء إلاّ على ثلاث ، وددت أنّي لم أفعلهن : وددت أنّي لم أكشف بيت فاطمة وتركته " (2) .
( علي . أمريكا . 27 سنة . طالب )