35-
1- حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال حدثنا محمد بن الحسن الصفار عن يعقوب بن يزيد عن أيوب بن نوح قال قلت للرضا عليه السلام إنا لنرجو أن تكون صاحب هذا الأمر وأن يرده الله عز وجل إليك من غير سيف فقد بويع لك وضربت الدراهم باسمك فقال ما منا أحد اختلفت إليه الكتب وسئل عن المسائل وأشارت إليه الأصابع وحملت إليه الأموال إلا اغتيل أو مات على فراشه حتى يبعث الله عز وجل لهذا الأمر رجلا خفي المولد والمنشأ غير خفي في نسبه.
2- حدثنا أبي رضي الله عنه قال حدثنا سعد بن عبد الله قال حدثنا جعفر بن محمد بن مالك الفزاري عن علي بن الحسن بن فضال عن الريان بن الصلت قال سمعته يقول سئل أبو الحسن الرضا عليه السلام عن القائم عليه السلام فقال لا يرى جسمه ولا يسمى باسمه.
3- حدثنا أبي رضي الله عنه قال حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري عن أحمد بن هلال العبرتائي عن الحسن بن محبوب عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا عليه السلام قال قال لي لا بد من فتنة صماء صيلم يسقط فيها كل بطانة ووليجة وذلك عند فقدان الشيعة الثالث من ولدي يبكي عليه أهل السماء وأهل الأرض وكل حرى وحران وكل حزين ولهفان ثم قال عليه السلام بأبي وأمي سمي جدي صلى الله عليه وآله وسلم وشبيهي وشبيه موسى بن عمران عليه السلام عليه جيوب النور يتوقد من شعاع ضياء القدس يحزن لموته أهل الأرض والسماء كم من حرى مؤمنة وكم من مؤمن متأسف حران حزين عند فقدان الماء المعين كأني بهم آيس ما كانوا قد نودوا نداء يسمع من بعد كما يسمع من قرب يكون رحمة على المؤمنين وعذابا على الكافرين.
4- حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار رضي الله عنه قال حدثنا أبي عن محمد بن أحمد عن محمد بن مهران عن خاله أحمد بن زكريا قال قال لي الرضا علي بن موسى عليه السلام أين منزلك ببغداد قلت الكرخ قال أما إنه أسلم موضع ولا بد من فتنة صماء صيلم تسقط فيها كل وليجة وبطانة وذلك عند فقدان الشيعة الثالث من ولدي.
5- حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي الله عنه قال حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن علي بن معبد عن الحسين بن خالد قال قال علي بن موسى الرضا عليه السلام لا دين لمن لا ورع له ولا إيمان لمن لا تقية له إن أكرمكم عند الله أعملكم بالتقية فقيل له يا ابن رسول الله إلى متى قال إلى يوم الوقت المعلوم وهو يوم خروج قائمنا أهل البيت فمن ترك التقية قبل خروج قائمنا فليس منا فقيل له يا ابن رسول الله ومن القائم منكم أهل البيت قال الرابع من ولدي ابن سيدة الإماء يطهر الله به الأرض من كل جور ويقدسها من كل ظلم وهو الذي يشك الناس في ولادته وهو صاحب الغيبة قبل خروجه فإذا خرج أشرقت الأرض بنوره ووضع ميزان العدل بين الناس فلا يظلم أحد أحدا وهو الذي تطوى له الأرض ولا يكون له ظل وهو الذي ينادي مناد من السماء يسمعه جميع أهل الأرض بالدعاء إليه يقول ألا إن حجة الله قد ظهر عند بيت الله فاتبعوه فإن الحق معه وفيه وهو قول الله عز وجل (إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ).
6- حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي الله عنه قال حدثنا علي بن إبراهيم عن أبيه عن عبد السلام بن صالح الهروي قال سمعت دعبل بن علي الخزاعي يقول أنشدت مولاي الرضا علي بن موسى عليه السلام قصيدتي التي أولها.
مدارس آيات خلت من تلاوة ومنزل وحي مقفر العرصات
فلما انتهيت إلى قولي خروج إمام لا محالة خارج يقوم على اسم الله والبركات يميز فينا كل حق وباطل ويجزي على النعماء والنقمات بكى الرضا عليه السلام بكاء شديدا ثم رفع رأسه إلي فقال لي يا خزاعي نطق روح القدس على لسانك بهذين البيتين فهل تدري من هذا الإمام ومتى يقوم فقلت لا يا مولاي إلا أني سمعت بخروج إمام منكم يطهر الأرض من الفساد ويملؤها عدلا كما ملئت جورا فقال يا دعبل الإمام بعدي محمد ابني وبعد محمد ابنه علي وبعد علي ابنه الحسن وبعد الحسن ابنه الحجة القائم المنتظر في غيبته المطاع في ظهوره لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله عز وجل ذلك اليوم حتى يخرج فيملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا وأما متى فإخبار عن الوقت فقد حدثني أبي عن أبيه عن آبائه عليهم السلام أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قيل له يا رسول الله متى يخرج القائم من ذريتك فقال عليه السلام مثله مثل الساعة التي (لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ والْأَرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً) ولدعبل بن علي الخزاعي رضي الله عنه خبر آخر أحببت إيراده على أثر هذا الحديث الذي مضى حدثنا أحمد بن علي بن إبراهيم بن هاشم رضي الله عنه عن أبيه عن جده إبراهيم بن هاشم عن عبد السلام بن صالح الهروي قال دخل دعبل بن علي الخزاعي رضي الله عنه على أبي الحسن علي بن موسى الرضا عليه السلام بمرو فقال له يا ابن رسول الله إني قد قلت فيكم قصيدة وآليت على نفسي أن لا أنشدها أحدا قبلك فقال عليه السلام هاتها فأنشدها مدارس آيات خلت من تلاوة ومنزل وحي مقفر العرصات فلما بلغ إلى قوله.
أرى فيئهم في غيرهم متقسما وأيديهم من فيئهم صفرات بكى أبو الحسن الرضا عليه السلام وقال صدقت يا خزاعي فلما بلغ إلى قوله إذا وتروا مدوا إلى واتريهم أكفا عن الأوتار منقبضات جعل أبو الحسن عليه السلام يقلب كفيه وهو يقول أجل والله منقبضات فلما بلغ إلى قوله لقد خفت في الدنيا وأيام سعيها وإني لأرجو الأمن بعد وفاتي قال له الرضا عليه السلام آمنك الله يوم الفزع الأكبر فلما انتهى إلى قوله و قبر ببغداد لنفس زكية تضمنه الرحمن في الغرفات قال له الرضا عليه السلام أ فلا ألحق لك بهذا الموضع بيتين بهما تمام قصيدتك فقال بلى يا ابن رسول الله فقال عليه السلام وقبر بطوس يا لها من مصيبة توقد في الأحشاء بالحرقات إلى الحشر حتى يبعث الله قائما يفرج عنا الهم والكربات فقال دعبل يا ابن رسول الله هذا القبر الذي بطوس قبر من هو فقال الرضا عليه السلام قبري ولا تنقضي الأيام والليالي حتى تصير طوس مختلف شيعتي وزواري في غربتي ألا فمن زارني في غربتي بطوس كان معي في درجتي يوم القيامة مغفورا له ثم نهض الرضا عليه السلام بعد فراغ دعبل من إنشاده القصيدة وأمره أن لا يبرح من موضعه فدخل الدار فلما كان بعد ساعة خرج الخادم إليه بمائة دينار رضوية فقال له يقول لك مولاي اجعلها في نفقتك فقال دعبل والله ما لهذا جئت ولا قلت هذه القصيدة طمعا في شي ء يصل إلي ورد الصرة وسأل ثوبا من ثياب الرضا عليه السلام ليتبرك به ويتشرف فأنفذ إليه الرضا عليه السلام جبة خز مع الصرة وقال للخادم قل له يقول لك مولاي خذ هذه الصرة فإنك ستحتاج إليها ولا تراجعني فيها فأخذ دعبل الصرة والجبة وانصرف وسار من مرو في قافلة فلما بلغ ميان قوهان وقع عليهم اللصوص وأخذوا القافلة بأسرها وكتفوا أهلها وكان دعبل فيمن كتف وملك اللصوص القافلة وجعلوا يقسمونها بينهم فقال رجل من القوم متمثلا بقول دعبل من قصيدته أرى فيئهم في غيرهم متقسما وأيديهم من فيئهم صفرات فسمعه دعبل فقال له لمن هذا البيت فقال له لرجل من خزاعة يقال له دعبل بن علي فقال له دعبل فأنا دعبل بن علي قائل هذه القصيدة التي منها هذا البيت فوثب الرجل إلى رئيسهم وكان يصلي على رأس تل وكان من الشيعة فأخبره فجاء بنفسه حتى وقف على دعبل قال له أنت دعبل فقال نعم فقال له أنشد القصيدة فأنشدها فحل كتافه وكتاف جميع أهل القافلة ورد إليهم جميع ما أخذ منهم لكرامة دعبل وسار دعبل حتى وصل إلى قم فسأله أهل قم أن ينشدهم القصيدة فأمرهم أن يجتمعوا في مسجد الجامع فلما اجتمعوا صعد دعبل المنبر فأنشدهم القصيدة فوصله الناس من المال والخلع بشي ء كثير واتصل بهم خبر الجبة فسألوه أن يبيعها منهم بألف دينار فامتنع من ذلك فقالوا له فبعنا شيئا منها بألف دينار فأبى عليهم وسار عن قم فلما خرج من رستاق البلد لحق به قوم من أحداث العرب فأخذوا الجبة منه فرجع دعبل إلى قم فسألهم رد الجبة عليه فامتنع الأحداث من ذلك وعصوا المشايخ في أمرها وقالوا لدعبل لا سبيل لك إلى الجبة فخذ ثمنها ألف دينار فأبى عليهم فلما يئس من رد الجبة عليه سألهم أن يدفعوا إليه شيئا منها فأجابوه إلى ذلك فأعطوه بعضها ودفعوا إليه ثمن باقيها ألف دينار وانصرف دعبل إلى وطنه فوجد اللصوص قد أخذوا جميع ما كان له في منزله فباع المائة دينار التي كان الرضا عليه السلام وصله بها من الشيعة كل دينار بمائة درهم فحصل في يده عشرة آلاف درهم فتذكر قول الرضا عليه السلام إنك ستحتاج إليها وكانت له جارية لها من قلبه محل فرمدت رمدا عظيما فأخل أهل الطب عليها فنظروا إليها فقالوا أما العين اليمنى فليس لنا فيها حيلة وقد ذهبت وأما اليسرى فنحن نعالجها ونجتهد ونرجو أن تسلم فاغتم دعبل لذلك غما شديدا وجزع عليها جزعا عظيما ثم إنه ذكر ما معه من فضلة الجبة فمسحها على عيني الجارية وعصبها بعصابة منها من أول الليل فأصبحت وعيناها أصح مما كانتا وكأنه ليس لها أثر مرض قط ببركة مولانا أبي الحسن الرضا عليه السلام.
7- حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي الله عنه قال حدثنا علي بن إبراهيم عن أبيه عن الريان بن الصلت قال قلت للرضا عليه السلام أنت صاحب هذا الأمر فقال أنا صاحب هذا الأمر ولكني لست بالذي أملأها عدلا كما ملئت جورا وكيف أكون ذلك على ما ترى من ضعف بدني وإن القائم هو الذي إذا خرج كان في سن الشيوخ ومنظر الشبان قويا في بدنه حتى لو مد يده إلى أعظم شجرة على وجه الأرض لقلعها ولو صاح بين الجبال لتدكدكت صخورها يكون معه عصا موسى وخاتم سليمان عليه السلام ذاك الرابع من ولدي يغيبه الله في ستره ما شاء ثم يظهره فيملأ به الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما.
36- باب ما روي عن أبي جعفر الثاني محمد بن علي الجواد في النص على القائم وغيبته وأنه الثاني عشر من الأئمة عليهم السلام.
1- حدثنا علي بن أحمد بن موسى الدقاق رضي الله عنه قال حدثنا محمد بن هارون الصوفي قال حدثنا أبو تراب عبد الله بن موسى الروياني قال حدثنا عبد العظيم بن عبد الله بن علي بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام الحسني قال دخلت على سيدي محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام وأنا أريد أن أسأله عن القائم أ هو المهدي أو غيره فابتدأني فقال لي يا أبا القاسم إن القائم منا هو المهدي الذي يجب أن ينتظر في غيبته ويطاع في ظهوره وهو الثالث من ولدي والذي بعث محمدا صلى الله عليه وآله وسلم بالنبوة وخصنا بالإمامة أنه لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يخرج فيه فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما وإن الله تبارك وتعالى ليصلح له أمره في ليلة كما أصلح أمر كليمه موسى عليه السلام إذ ذهب ليقتبس لأهله نارا فرجع وهو رسول نبي ثم قال عليه السلام أفضل أعمال شيعتنا انتظار الفرج.
2- حدثنا محمد بن أحمد الشيباني رضي الله عنه قال حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي عن سهل بن زياد الأدمي عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني قال قلت لمحمد بن علي بن موسى عليه السلام إني لأرجو أن تكون القائم من أهل بيت محمد الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما فقال عليه السلام يا أبا القاسم ما منا إلا وهو قائم بأمر الله عز وجل وهاد إلى دين الله ولكن القائم الذي يطهر الله عز وجل به الأرض من أهل الكفر والجحود ويملؤها عدلا وقسطا هو الذي تخفى على الناس ولادته ويغيب عنهم شخصه ويحرم عليهم تسميته وهو سمي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكنية وهو الذي تطوى له الأرض ويذل له كل صعب ويجتمع إليه من أصحابه عدة أهل بدر ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا من أقاصي الأرض وذلك قول الله عز وجل (أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعاً إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ) فإذا اجتمعت له هذه العدة من أهل الإخلاص أظهر الله أمره فإذا كمل له العقد وهو عشرة آلاف رجل خرج بإذن الله عز وجل فلا يزال يقتل أعداء الله حتى يرضى الله عز وجل قال عبد العظيم فقلت له يا سيدي وكيف يعلم أن الله عز وجل قد رضي قال يلقي في قلبه الرحمة فإذا دخل المدينة أخرج اللات والعزى فأحرقهما.
3- حدثنا عبد الواحد بن محمد العبدوس العطار رضي الله عنه قال حدثنا علي بن محمد بن قتيبة النيسابوري قال حدثنا حمدان بن سليمان قال حدثنا الصقر بن أبي دلف قال سمعت أبا جعفر محمد بن علي الرضا عليه السلام يقول إن الإمام بعدي ابني علي أمره أمري وقوله قولي وطاعته طاعتي والإمام بعده ابنه الحسن أمره أمر أبيه وقوله قول أبيه وطاعته طاعة أبيه ثم سكت فقلت يا ابن رسول الله فمن الإمام بعد الحسن فبكى عليه السلام بكاء شديدا ثم قال إن من بعد الحسن ابنه القائم بالحق المنتظر فقلت له يا ابن رسول الله لم سمي القائم قال لأنه يقوم بعد موت ذكره وارتداد أكثر القائلين بإمامته فقلت له ولم سمي المنتظر قال لأن له غيبة يكثر أيامها ويطول أمدها فينتظر خروجه المخلصون وينكره المرتابون ويستهزئ بذكره الجاحدون ويكذب فيها الوقاتون ويهلك فيها المستعجلون وينجو فيها المسلمون.
37 - باب ما روي عن أبي الحسن علي بن محمد الهادي في النص على القائم عليه السلام وغيبته وأنه الثاني عشر من الأئمة عليهم السلام.
1- حدثنا علي بن أحمد بن موسى الدقاق وعلي بن عبد الله الوراق رضي الله عنهما قالا حدثنا محمد بن هارون الصوفي قال حدثنا أبو تراب عبد الله بن موسى الروياني عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني قال دخلت على سيدي علي بن محمد عليه السلام فلما بصر بي قال لي مرحبا بك يا أبا القاسم أنت ولينا حقا قال فقلت له يا ابن رسول الله إني أريد أن أعرض عليك ديني فإن كان مرضيا ثبت عليه حتى ألقى الله عز وجل فقال هات يا أبا القاسم فقلت إني أقول إن الله تبارك وتعالى واحد ليس كمثله شي ء خارج عن الحدين حد الإبطال وحد التشبيه وإنه ليس بجسم ولا صورة ولا عرض ولا جوهر بل هو مجسم الأجسام ومصور الصور وخالق الأعراض والجواهر ورب كل شي ء ومالكه وجاعله ومحدثة وإن محمدا صلى الله عليه وآله وسلم عبده ورسوله خاتم النبيين فلا نبي بعده إلى يوم القيامة وإن شريعته خاتمة الشرائع فلا شريعة بعدها إلى يوم القيامة وأقول إن الإمام والخليفة وولي الأمر بعده أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ثم الحسن ثم الحسين ثم علي بن الحسين ثم محمد بن علي ثم جعفر بن محمد ثم موسى بن جعفر ثم علي بن موسى ثم محمد بن علي ثم أنت يا مولاي فقال عليه السلام ومن بعدي الحسن ابني فكيف للناس بالخلف من بعده قال فقلت وكيف ذاك يا مولاي قال لأنه لا يرى شخصه ولا يحل ذكره باسمه حتى يخرج فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما قال فقلت أقررت وأقول إن وليهم ولي الله وعدوهم عدو الله وطاعتهم طاعة الله ومعصيتهم معصية الله وأقول إن المعراج حق والمساءلة في القبر حق وإن الجنة حق والنار حق والصراط حق والميزان حق وإن الساعة آتية لا ريب فيها وإن الله يبعث من في القبور وأقول إن الفرائض الواجبة بعد الولاية الصلاة والزكاة والصوم والحج والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فقال علي بن محمد عليه السلام يا أبا القاسم هذا والله دين الله الذي ارتضاه لعباده فاثبت عليه ثبتك الله بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة.
2- حدثنا أبي رضي الله عنه قال حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري عن محمد بن عمر الكاتب عن علي بن محمد الصيمري عن علي بن مهزيار قال كتبت إلى أبي الحسن صاحب العسكر عليه السلام أسأله عن الفرج فكتب إلي إذا غاب صاحبكم عن دار الظالمين فتوقعوا الفرج.
3- حدثنا أبي رضي الله عنه قال حدثنا سعد بن عبد الله قال حدثني إبراهيم بن مهزيار عن أخيه علي بن مهزيار عن علي بن محمد بن زياد قال كتبت إلى أبي الحسن صاحب العسكر عليه السلام أسأله عن الفرج فكتب إلي إذا غاب صاحبكم عن دار الظالمين فتوقعوا الفرج.
4- حدثنا أبي رضي الله عنه قال حدثنا سعد بن عبد الله قال حدثنا محمد بن عبد الله بن أبي غانم القزويني قال حدثني إبراهيم بن محمد بن فارس قال كنت أنا ونوح وأيوب بن نوح في طريق مكة فنزلنا على وادي زبالة فجلسنا نتحدث فجرى ذكر ما نحن فيه وبعد الأمر علينا فقال أيوب بن نوح كتبت في هذه السنة أذكر شيئا من هذا فكتب إلي إذا رفع علمكم من بين أظهركم فتوقعوا الفرج من تحت أقدامكم.
5- حدثنا محمد بن الحسن رضي الله عنه قال حدثنا سعد بن عبد الله قال حدثنا أبو جعفر محمد بن أحمد العلوي عن أبي هاشم داود بن القاسم الجعفري قال سمعت أبا الحسن صاحب العسكر عليه السلام يقول الخلف من بعدي ابني الحسن فكيف لكم بالخلف من بعد الخلف فقلت ولم جعلني الله فداك فقال لأنكم لا ترون شخصه ولا يحل لكم ذكره باسمه قلت فكيف نذكره قال قولوا الحجة من آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
6- حدثنا أبي ومحمد بن الحسن رضي الله عنهما قالا حدثنا سعد بن عبد الله قال حدثني الحسن بن موسى الخشاب عن إسحاق بن محمد بن أيوب قال سمعت أبا الحسن علي بن محمد بن علي بن موسى عليه السلام يقول صاحب هذا الأمر من يقول الناس لم يولد بعد.
7- وحدثنا بهذا الحديث محمد بن إبراهيم بن إسحاق عن محمد بن معقل عن جعفر بن محمد بن مالك عن إسحاق بن محمد بن أيوب عن أبي الحسن علي بن محمد عليه السلام أنه قال صاحب هذا الأمر من يقول الناس إنه لم يولد بعد.
8- حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر رضي الله عنه قال حدثنا علي بن إبراهيم عن أبيه عن علي بن صدقة عن علي بن عبد الغفار قال لما مات أبو جعفر الثاني عليه السلام كتبت الشيعة إلى أبي الحسن صاحب العسكر عليه السلام يسألونه عن الأمر فكتب عليه السلام الأمر لي ما دمت حيا فإذا نزلت بي مقادير الله عز وجل آتاكم الله الخلف مني وأنى لكم بالخلف بعد الخلف.
9- حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي الله عنه قال حدثنا علي بن إبراهيم قال حدثني عبد الله بن أحمد الموصلي عن الصقر بن أبي دلف قال لما حمل المتوكل سيدنا أبي الحسن عليه السلام جئت لأسأل عن خبره قال فنظر إلي حاجب المتوكل فأمر أن أدخل إليه فأدخلت إليه فقال يا صقر ما شأنك فقلت خير أيها الأستاذ فقال اقعد قال الصقر فأخذني ما تقدم وما تأخر وقلت أخطأت في المجي ء قال فوحى الناس عنه ثم قال ما شأنك وفيم جئت قلت لخبر ما قال لعلك جئت تسأل عن خبر مولاك فقلت له ومن مولاي مولاي أمير المؤمنين فقال اسكت مولاك هو الحق لا تتحشمني فإني على مذهبك فقلت الحمد لله فقال أ تحب أن تراه فقلت نعم فقال اجلس حتى يخرج صاحب البريد قال فجلست فلما خرج قال لغلام له خذ بيد الصقر فأدخله إلى الحجرة التي فيها العلوي المحبوس وخل بينه وبينه قال فأدخلني الحجرة وأومأ إلى بيت فدخلت فإذا هو عليه السلام جالس على صدر حصير وبحذاه قبر محفور قال فسلمت فرد علي السلام ثم أمرني بالجلوس فجلست ثم قال لي يا صقر ما أتى بك قلت يا سيدي جئت أتعرف خبرك قال ثم نظرت إلى القبر وبكيت فنظر إلي وقال يا صقر لا عليك لن يصلوا إلينا بسوء فقلت الحمد لله ثم قلت يا سيدي حديث يروى عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا أعرف معناه قال فما هو قلت قوله صلى الله عليه وآله وسلم لا تعادوا الأيام فتعاديكم ما معناه فقال نعم الأيام نحن بنا قامت السماوات والأرض فالسبت اسم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والأحد أمير المؤمنين والإثنين الحسن والحسين والثلاثاء علي بن الحسين ومحمد بن علي الباقر وجعفر بن محمد الصادق والأربعاء موسى بن جعفر وعلي بن موسى ومحمد بن علي وأنا والخميس ابني الحسن والجمعة ابن ابني وإليه تجتمع عصابة الحق وهو الذي يملؤها قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما فهذا معنى الأيام ولا تعادوهم في الدنيا فيعادوكم في الآخرة ثم قال عليه السلام ودع واخرج فلا آمن عليك.
10- حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي الله عنه قال حدثنا علي بن إبراهيم قال حدثنا عبد الله بن أحمد الموصلي قال حدثنا الصقر بن أبي دلف قال سمعت علي بن محمد بن علي الرضا عليه السلام يقول إن الإمام بعدي الحسن ابني وبعد الحسن ابنه القائم الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما.
38- باب ما روي عن أبي محمد الحسن بن علي العسكري عليه السلام من وقوع الغيبة بابنه القائم عليه السلام وأنه الثاني عشر من الأئمة عليهم السلام.
1- حدثنا علي بن عبد الله الوراق قال حدثنا سعد بن عبد الله عن أحمد بن إسحاق بن سعد الأشعري قال دخلت على أبي محمد الحسن بن علي عليه السلام وأنا أريد أن أسأله عن الخلف من بعده فقال لي مبتدئا يا أحمد بن إسحاق إن الله تبارك وتعالى لم يخل الأرض منذ خلق ادم عليه السلام ولا يخليها إلى أن تقوم الساعة من حجة لله على خلقه به يدفع البلاء عن أهل الأرض وبه ينزل الغيث وبه يخرج بركات الأرض قال فقلت له يا ابن رسول الله فمن الإمام والخليفة بعدك فنهض عليه السلام مسرعا فدخل البيت ثم خرج وعلى عاتقه غلام كأن وجهه القمر ليلة البدر من أبناء الثلاث سنين فقال يا أحمد بن إسحاق لو لا كرامتك على الله عز وجل وعلى حججه ما عرضت عليك ابني هذا إنه سمي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكنيه الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما يا أحمد بن إسحاق مثله في هذه الأمة مثل الخضر عليه السلام ومثله مثل ذي القرنين والله ليغيبن غيبة لا ينجو فيها من الهلكة إلا من ثبته الله عز وجل على القول بإمامته ووفقه فيها للدعاء بتعجيل فرجه فقال أحمد بن إسحاق فقلت له يا مولاي فهل من علامة يطمئن إليها قلبي فنطق الغلام عليه السلام بلسان عربي فصيح فقال أنا بقية الله في أرضه والمنتقم من أعدائه فلا تطلب أثرا بعد عين يا أحمد بن إسحاق فقال أحمد بن إسحاق فخرجت مسرورا فرحا فلما كان من الغد عدت إليه فقلت له يا ابن رسول الله لقد عظم سروري بما مننت به علي فما السنة الجارية فيه من الخضر وذي القرنين فقال طول الغيبة يا أحمد قلت يا ابن رسول الله وإن غيبته لتطول قال إي وربي حتى يرجع عن هذا الأمر أكثر القائلين به ولا يبقى إلا من أخذ الله عز وجل عهده لولايتنا وكتب في قلبه الإيمان وأيده بروح منه يا أحمد بن إسحاق هذا أمر من أمر الله وسر من سر الله وغيب من غيب الله فخذ ما آتيتك واكتمه وكن من الشاكرين تكن معنا غذا في عليين قال مصنف هذا الكتاب رضي الله عنه لم أسمع بهذا الحديث إلا من علي بن عبد الله الوراق وجدت بخطه مثبتا فسألته عنه فرواه لي عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن إسحاق رضي الله عنه كما ذكرته ما روي من حديث الخضر عليه السلام.
1- حدثني محمد بن إبراهيم بن إسحاق رضي الله عنه قال حدثنا عبد العزيز بن يحيى البصري قال حدثنا محمد بن عطية قال حدثنا هشام بن جعفر عن حماد عن عبد الله بن سليمان قال قرأت في بعض كتب الله عز وجل أن ذا القرنين كان عبدا صالحا جعله الله حجة على عباده ولم يجعله نبيا فمكن الله له في الأرض وآتاه من كل شي ء سببا فوصفت له عين الحياة وقيل له من شرب منها لم يمت حتى يسمع الصيحة وإنه خرج في طلبها حتى انتهى إلى موضع فيه ثلاثمائة وستون عينا وكان الخضر على مقدمته وكان من أحب الناس إليه فأعطاه حوتا مالحا وأعطى كل واحد من أصحابه حوتا مالحا وقال لهم ليغسل كل رجل منكم حوته عند كل عين فانطلق الخضر عليه السلام إلى عين من تلك العيون فلما غمس الحوت في الماء حيي وانساب في الماء فلما رأى الخضر عليه السلام ذلك علم أنه قد ظفر بماء الحياة فرمى بثيابه وسقط في الماء فجعل يرتمس فيه ويشرب منه فرجع كل واحد منهم إلى ذي القرنين ومعه حوته ورجع الخضر وليس معه الحوت فسأله عن قصته فأخبره فقال له أ شربت من ذلك الماء قال نعم قال أنت صاحبها وأنت الذي خلقت لهذه العين فأبشر بطول البقاء في هذه الدنيا مع الغيبة عن الأبصار إلى النفخ في الصور.
2- حدثنا علي بن أحمد بن عبد الله بن أبي عبد الله البرقي قال حدثنا أبي عن جده أحمد بن أبي عبد الله عن أبيه عن محمد بن أبي عمير عن حمزة بن حمران وغيره عن الصادق جعفر بن محمد عليه السلام قال خرج أبو جعفر محمد بن علي الباقر عليه السلام بالمدينة فتضجر واتكأ على جدار من جدرانها متفكرا إذ أقبل إليه رجل فقال له يا أبا جعفر علام حزنك على الدنيا فرزق الله عز وجل حاضر يشترك فيه البر والفاجر أم على الآخرة فوعد صادق يحكم فيه ملك قادر قال أبو جعفر عليه السلام ما على هذا حزني إنما حزني على فتنة ابن الزبير فقال له الرجل فهل رأيت أحدا خاف الله فلم ينجه أم هل رأيت أحدا توكل على الله فلم يكفه وهل رأيت أحدا استجار الله فلم يجره فقال أبو جعفر عليه السلام لا فولى الرجل فقيل من هو ذاك فقال أبو جعفر هذا هو الخضر عليه السلام.
قال مصنف هذا الكتاب رضي الله عنه جاء هذا الحديث هكذا وقد روي في خبر آخر أن ذلك كان مع علي بن الحسين عليه السلام.
3- حدثنا أبي رضي الله عنه قال حدثني سعد بن عبد الله وعبد الله بن جعفر الحميري قالا حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن خالد البرقي عن أحمد بن زيد النيسابوري قال حدثني عمر بن إبراهيم الهاشمي عن عبد الملك بن عمير عن أسيد بن صفوان صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال لما كان اليوم الذي قبض فيه امير المؤمنين عليه السلام ارتج الموضع بالبكاء ودهش الناس كيوم قبض النبي صلى الله عليه وآله وسلم فجاء رجل باك وهو مسرع مسترجع وهو يقول اليوم انقطعت خلافة النبوة حتى وقف على باب البيت الذي فيه أمير المؤمنين فقال رحمك الله يا أبا الحسن كنت أول القوم إسلاما وأخلصهم إيمانا وأشدهم يقينا وأخوفهم من الله عز وجل وأعظمهم عناء وأحوطهم على رسوله صلى الله عليه وآله وسلم وآمنهم على أصحابه وأفضلهم مناقب وأكرمهم سوابق وأرفعهم درجة وأقربهم من رسول الله وأشبههم به هديا ونطقا وسمتا وفعلا وأشرفهم منزلة وأكرمهم عليه فجزاك الله عن الإسلام وعن رسوله صلى الله عليه وآله وسلم وعن المسلمين خيرا قويت حين ضعف أصحابه وبرزت حين استكانوا ونهضت حين وهنوا ولزمت منهاج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذ هم أصحابه كنت خليفته حقا لم تنازع ولم تضرع برغم المنافقين وغيظ الكافرين وكره الحاسدين وضغن الفاسقين فقمت بالأمر حين فشلوا ونطقت حين تتعتعوا ومضيت بنور الله إذ وقفوا ولو اتبعوك لهدوا وكنت أخفضهم صوتا وأعلاهم قوتا وأقلهم كلاما وأصوبهم منطقا وأكبرهم رأيا وأشجعهم قلبا وأشدهم يقينا وأحسنهم عملا وأعرفهم بالأمور كنت والله للدين يعسوبا أولا حين تفرق الناس وآخرا حين فشلوا وكنت بالمؤمنين أبا رحيما إذ صاروا عليك عيالا فحملت أثقال ما عنه ضعفوا وحفظت ما أضاعوا ورعيت ما أهملوا وشمرت إذ خنعوا وعلوت إذ هلعوا وصبرت إذ جزعوا وأدركت إذ تخلفوا ونالوا بك ما لم يحتسبوا كنت على الكافرين عذابا صبا وللمؤمنين غيثا وخصبا فطرت والله بنعمائها وفزت بحبائها وأحرزت سوابقها وذهبت بفضائلها لم تفلل حجتك ولم يزغ قلبك ولم تضعف بصيرتك ولم تجبن نفسك ولم تخن كنت كالجبل الذي لا تحركه العواصف ولا تزيله القواصف وكنت كما قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم ضعيفا في بدنك قويا في أمر الله عز وجل متواضعا في نفسك عظيما عند الله عز وجل كبيرا في الأرض جليلا عند المؤمنين لم يكن لأحد فيك مهمز ولا لقائل فيك مغمز ولا لأحد فيك مطمع ولا لأحد عندك هوادة الضعيف الذليل عندك قوي عزيز حتى تأخذ له بحقه والقوي العزيز عندك ضعيف ذليل حتى تأخذ منه الحق والقريب والبعيد عندك في ذلك سواء شأنك الحق والصدق والرفق وقولك حكم وحتم وأمرك حلم وحزم ورأيك علم وعزم فيما فعلت وقد نهج السبيل وسهل العسير وأطفئت النيران واعتدل بك الدين وظهر أمر الله ولو كره الكافرون وقوي بك الإيمان وثبت بك الإسلام والمؤمنون وسبقت سبقا بعيدا وأتعبت من بعدك تعبا شديدا فجللت عن البكاء وعظمت رزيتك في السماء وهدت مصيبتك الأنام فإنا لله وإنا إليه راجعون رضينا من الله عز وجل قضاه وسلمنا لله أمره فو الله لن يصاب المسلمون بمثلك أبدا كنت للمؤمنين كهفا وحصنا وقنة راسيا وعلى الكافرين غلظة وغيظا فألحقك الله بنبيه ولا حرمنا أجرك ولا أضلنا بعدك وسكت القوم حتى انقضى كلامه وبكى وأبكى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثم طلبوه فلم يصادفوه.
4- حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي العمري السمرقندي رضي الله عنه قال حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود عن أبيه محمد بن مسعود عن جعفر بن أحمد عن الحسن بن علي بن فضال قال سمعت أبا الحسن علي بن موسى الرضا عليه السلام يقول إن الخضر عليه السلام شرب من ماء الحياة فهو حي لا يموت حتى ينفخ في الصور وإنه ليأتينا فيسلم فنسمع صوته ولا نرى شخصه وإنه ليحضر حيث ما ذكر فمن ذكره منكم فليسلم عليه وإنه ليحضر الموسم كل سنة فيقضي جميع المناسك ويقف بعرفة فيؤمن على دعاء المؤمنين وسيؤنس الله به وحشة قائمنا في غيبته ويصل به وحدته.
5- وبهذا الإسناد قال قال أبو الحسن علي بن موسى الرضا عليه السلام لما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جاء الخضر عليه السلام فوقف على باب البيت وفيه علي وفاطمة والحسن والحسين عليه السلام ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد سجي بثوبه فقال السلام عليكم يا أهل بيت محمد (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وإِنَّما تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ) إن في الله خلفا من كل هالك وعزاء من كل مصيبة ودركا من كل فائت فتوكلوا عليه وثقوا به وأستغفر الله لي ولكم فقال امير المؤمنين عليه السلام هذا أخي الخضر عليه السلام جاء يعزيكم بنبيكم صلى الله عليه وآله وسلم.
6- حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق رضي الله عنه قال أخبرنا أحمد بن محمد الهمداني قال حدثنا علي بن الحسن بن علي بن فضال عن أبيه عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا عليه السلام قال لما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أتاهم آت فوقف على باب البيت فعزاهم به وأهل البيت يسمعون كلامه ولا يرونه فقال علي بن أبي طالب عليه السلام هذا هو الخضر عليه السلام أتاكم يعزيكم بنبيكم صلى الله عليه وآله وسلم.
و كان اسم الخضر خضرويه بن قابيل بن ادم عليه السلام ويقال له خضرون أيضا ويقال له جعدا وإنه إنما سمي الخضر لأنه جلس على أرض بيضاء فاهتزت خضراء فسمي الخضر لذلك وهو أطول الآدميين عمرا والصحيح أن اسمه بليا بن ملكان بن عامر بن ارفخشذ بن سام بن نوح وقد أخرجت الخبر في ذلك مسندا في كتاب علل الشرائع والأحكام والأسباب.
7- حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق رضي الله عنه قال حدثنا أبو أحمد عبد الله بن أحمد بن محمد بن عيسى قال حدثنا علي بن سعيد بن بشير قال حدثنا ابن كاسب قال حدثنا عبد الله بن ميمون المكي قال حدثنا جعفر بن محمد عن أبيه عن علي بن الحسين عليه السلام في حديث طويل يقول في آخره لما توفي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وجاءت التعزية جاءهم آت يسمعون حسه ولا يرون شخصه فقال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وإِنَّما تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ) إن في الله عزاء من كل مصيبة وخلفا من كل هالك ودركا من كل فائت فبالله فثقوا وإياه فارجوا فإن المصاب من حرم الثواب والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته فقال علي بن أبي طالب عليه السلام هل تدرون من هذا قالوا لا قال هذا هو الخضر عليه السلام.
قال مصنف هذا الكتاب رضي الله عنه إن أكثر المخالفين يسلمون لنا حديث الخضر عليه السلام ويعتقدون فيه أنه حي غائب عن الأبصار وأنه حيث ذكر حضر ولا ينكرون طول حياته ولا يحملون حديثه على عقولهم ويدفعون كون القائم عليه السلام وطول حياته في غيبته وعندهم أن قدرة الله عز وجل تتناول إبقاءه إلى يوم النفخ في الصور وإبقاء إبليس مع لعنته إلى يوم الوقت المعلوم في غيبته وأنها لا تتناول إبقاء حجة الله على عباده مدة طويلة في غيبته مع ورود الأخبار الصحيحة بالنص عليه بعينه واسمه ونسبه عن الله تبارك وتعالى وعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعن الأئمة عليهم السلام.
ما روي من حديث ذي القرنين
1- حدثنا أبي رضي الله عنه قال حدثنا سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن عيسى عن علي بن النعمان عن هارون بن خارجة عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال إن ذا القرنين لم يكن نبيا ولكنه كان عبدا صالحا أحب الله فأحبه الله وناصح لله فناصحه الله أمر قومه بتقوى الله فضربوه على قرنه فغاب عنهم زمانا ثم رجع إليهم فضربوه على قرنه الآخر وفيكم من هو على سنته.
2- حدثنا أحمد بن محمد بن الحسن البزاز قال حدثنا محمد بن يعقوب بن يوسف قال حدثنا أحمد بن عبد الجبار العطاردي قال حدثنا يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق بن يسار المدني عن عمرو بن ثابت عن سماك بن حارث عن رجل من بني أسد قال سأل رجل عليا عليه السلام أ رأيت ذا القرنين كيف استطاع أن يبلغ المشرق والمغرب قال سخر الله له السحاب ومد له في الأسباب وبسط له النور فكان الليل والنهار عليه سواء.
3- حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار رضي الله عنه قال حدثنا أبي عن الحسين بن الحسن بن أبان عن محمد بن أورمة قال حدثني القاسم بن عروة عن يزيد الأرجني عن سعد بن طريف عن الأصبغ بن نباتة قال قام ابن الكواء إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام وهو على المنبر فقال له يا أمير المؤمنين أخبرني عن ذي القرنين أ نبي كان أو ملك وأخبرني عن قرنيه أ ذهب كان أو فضة فقال له عليه السلام لم يكن نبيا ولا ملكا ولا كان قرناه من ذهب ولا فضة ولكنه كان عبدا أحب الله فأحبه الله ونصح لله فنصحه الله وإنما سمي ذا القرنين لأنه دعا قومه فضربوه على قرنه فغاب عنهم حينا ثم عاد إليهم فضرب على قرنه الآخر وفيكم مثله.
4- حدثنا أبو طالب المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي السمرقندي رضي الله عنه قال حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود عن أبيه قال حدثني محمد بن نصير قال حدثنا محمد بن عيسى عن حماد بن عيسى عن عمرو بن شمر عن جابر بن يزيد الجعفي عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول إن ذا القرنين كان عبدا صالحا جعله الله عز وجل حجة على عباده فدعا قومه إلى الله وأمرهم بتقواه فضربوه على قرنه فغاب عنهم زمانا حتى قيل مات أو هلك بأي واد سلك ثم ظهر ورجع إلى قومه فضربوه على قرنه الآخر وفيكم من هو على سنته وإن الله عز وجل مكن لذي القرنين في الأرض وجعل له من كل شي ء سببا وبلغ المغرب والمشرق وإن الله تبارك وتعالى سيجرى سنته في القائم من ولدي فيبلغه شرق الأرض وغربها حتى لا يبقى منهلا ولا موضعا من سهل ولا جبل وطئه ذو القرنين إلا وطئه ويظهر الله عز وجل له كنوز الأرض ومعادنها وينصره بالرعب فيملأ الأرض به عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما.
5- ومما روي من سياق حديث ذي القرنين حدثنا به محمد بن إبراهيم بن إسحاق رضي الله عنه قال حدثنا عبد العزيز بن يحيى بن سعيد البصري قال حدثنا محمد بن عطية قال حدثنا عبد الله بن عمرو بن سعيد البصري قال حدثنا هشام بن جعفر بن حماد عن عبد الله بن سليمان وكان قارئا للكتب قال قرأت في بعض كتب الله عز وجل أن ذا القرنين كان رجلا من أهل الإسكندرية وأمه عجوز من عجائزهم وليس لها ولد غيره يقال له إسكندروس وكان له أدب وخلق وعفة من وقت ما كان غلاما إلى أن بلغ رجلا وكان قد رأى في المنام كأنه دنا من الشمس حتى أخذ بقرنيها في شرقها وغربها فلما قص رؤياه على قومه سموه ذا القرنين فلما رأى هذه الرؤيا بعدت همته وعلا صوته وعز في قومه وكان أول ما اجتمع عليه أمره أن قال أسلمت لله عز وجل ثم دعا قومه إلى الإسلام فأسلموا هيبة له ثم أمرهم أن يبنوا له مسجدا فأجابوه إلى ذلك فأمر أن يجعلوا طوله أربعمائة ذراع وعرضه مائتي ذراع وعرض حائطه اثنين وعشرين ذراعا وعلوه إلى السماء مائة ذراع فقالوا له يا ذا القرنين كيف لك بخشب يبلغ ما بين الحائطين فقال لهم إذا فرغتم من بنيان الحائطين فاكبسوه بالتراب حتى يستوي الكبس مع حيطان المسجد فإذا فرغتم من ذلك فرضتم على كل رجل من المؤمنين على قدره من الذهب والفضة ثم قطعتموه مثل قلامة الظفر وخلطتموه مع ذلك الكبس وعملتم له خشبا من نحاس وصفائح من نحاس تذيبون ذلك وأنتم متمكنون من العمل كيف شئتم على أرض مستوية فإذا فرغتم من ذلك دعوتم المساكين لنقل ذلك التراب فيسارعون فيه من أجل ما فيه من الذهب والفضة فبنوا المسجد وأخرج المساكين ذلك التراب وقد استقل السقف بما فيه واستغنى فجندهم أربعة أجناد في كل جند عشرة آلاف ثم نشرهم في البلاد وحدث نفسه بالمسير واجتمع إليه قومه فقالوا له يا ذا القرنين ننشدك بالله ألا تؤثر علينا بنفسك غيرنا فنحن أحق برؤيتك وفينا كان مسقط رأسك وبيننا نشأت وربيت وهذه أموالنا وأنفسنا فأنت الحاكم فيها وهذه أمك عجوزة كبيرة وهي أعظم خلق الله عليك حقا فليس ينبغي لك أن تعصيها وتخالفها فقال لهم والله إن القول لقولكم وإن الرأي لرأيكم ولكنني بمنزلة المأخوذ بقلبه وسمعه وبصره يقاد ويدفع من خلفه لا يدري أين يؤخذ به وما يراد به ولكن هلموا يا معشر قومي فادخلوا هذا المسجد وأسلموا عن آخركم ولا تخالفوا علي فتهلكوا ثم دعا دهقان الإسكندرية فقال له اعمر مسجدي وعز عني أمي فلما رأى الدهقان جزع أمه وطول بكائها احتال لها ليعزيها بما أصاب الناس قبلها وبعدها من المصائب والبلاء فصنع عيدا عظيما ثم أذن مؤذنه يا أيها الناس إن الدهقان يؤذنكم لتحضروا يوم كذا وكذا فلما كان ذلك اليوم أذن مؤذنه أسرعوا واحذروا أن يحضر هذا العيد إلا رجل قد عري من البلايا والمصائب فاحتبس الناس كلهم وقالوا ليس فينا أحد عري من البلاء ما منا أحد إلا وقد أصيب ببلاء أو بموت حميم فسمعت أم ذي القرنين هذا فأعجبها ولم تدر ما يريد الدهقان ثم إن الدهقان بعث مناديا ينادي فقال يا أيها الناس إن الدهقان قد أمركم أن تحضروه يوم كذا وكذا ولا يحضره إلا رجل قد ابتلي وأصيب وفجع ولا يحضره أحد عري من البلاء فإنه لا خير فيمن لا يصيبه البلاء فلما فعل ذلك قال الناس هذا رجل قد كان بخل ثم ندم فاستحيا فتدارك أمره ومحا عيبه فلما اجتمع الناس خطبهم فقال يا أيها الناس إني لم أجمعكم لما دعوتكم له ولكني جمعتكم لأكلمكم في ذي القرنين وفيما فجعنا به من فقده وفراقه فاذكروا آدم عليه السلام فإن الله عز وجل خلقه بيده ونفخ فيه من روحه وأسجد له ملائكته وأسكنه جنته وأكرمه بكرامة لم يكرم بها أحدا ثم ابتلاه بأعظم بلية كانت في الدنيا وذلك الخروج من الجنة وهي المصيبة التي لا جبر لها ثم ابتلى ابراهيم عليه السلام من بعده بالحريق وابتلى ابنه بالذبح ويعقوب بالحزن والبكاء ويوسف بالرق وأيوب بالسقم ويحيى بالذبح وزكريا بالقتل وعيسى بالأسر وخلقا من خلق الله كثيرا لا يحصيهم إلا الله عز وجل.
فلما فرغ من هذا الكلام قال لهم انطلقوا فعزوا أم الإسنكدروس لننظر كيف صبرها فإنها أعظم مصيبة في ابنها فلما دخلوا عليها قالوا لها هل حضرت الجمع اليوم وسمعت الكلام قالت لهم ما خفي عني من أمركم شي ء ولا سقط عني من كلامكم شي ء وما كان فيكم أحد أعظم مصيبة بإسكندروس مني ولقد صبرني الله تعالى وأرضاني وربط على قلبي وإني لأرجو أن يكون أجري على قدر ذلك وأرجو لكم من الأجر بقدر ما رزيتم من فقد أخيكم وأن تؤجروا على قدر ما نويتم في أمه وأرجو أن يغفر الله لي ولكم ويرحمني وإياكم فلما رأوا حسن عزائها وصبرها انصرفوا عنها وتركوها وانطلق ذو القرنين يسير على وجهه حتى أمعن في البلاد يؤم في المغرب وجنوده يومئذ المساكين فأوحى الله جل جلاله إليه يا ذا القرنين أنت حجتي على جميع الخلائق ما بين الخافقين من مطلع الشمس إلى مغربها وحجتي عليهم وهذا تأويل رؤياك فقال ذو القرنين يا إلهي إنك قد ندبتني لأمر عظيم لا يقدر قدره غيرك فأخبرني عن هذه الأمة بأي قوة أكابرهم وبأي عدد أغلبهم وبأية حيلة أكيدهم وبأي صبر أقاسيهم وبأي لسان أكلمهم وكيف لي بأن أعرف لغاتهم وبأي سمع أعي كلامهم وبأي بصر أنفذهم وبأي حجة أخاصمهم وبأي قلب أعقل عنهم وبأي حكمة أدبر أمورهم وبأي حلم أصابرهم وبأي قسط أعدل فيهم وبأي معرفة أفصل بينهم وبأي علم أتقن أمورهم وبأي عقل أحصيهم وبأي جند أقاتلهم فإنه ليس عندي مما ذكرت شي ء يا رب فقوني عليهم فإنك الرب الرحيم الذي لا تكلف نفسا إلا وسعها ولا تحملها إلا طاقتها فأوحى الله جل جلاله إليه أني سأطوقك ما حملتك وأشرح لك فهمك فتفقه كل شي ء وأشرح لك صدرك فتسمع كل شي ء وأطلق لسانك بكل شي ء وأفتح لك سمعك فتعي كل شي ء وأكشف لك عن بصرك فتنفذ كل شي ء وأحصي لك فلا يفوتك شي ء وأحفظ عليك فلا يعزب عنك شي ء وأشد لك ظهرك فلا يهولك شي ء وألبسك الهيبة فلا يروعك شي ء وأسدد لك رأيك فتصيب كل شي ء وأسخر لك جسدك فتحسن كل شي ء وأسخر لك النور والظلمة وأجعلهما جندين من جنودك النور يهديك والظلمة تحوطك وتحوش عليك الأمم من ورائك فانطلق ذو القرنين برسالة ربه عز وجل وأيده الله تعالى بما وعده فمر بمغرب الشمس فلا يمر بأمة من الأمم إلا دعاهم إلى الله عز وجل فإن أجابوه قبل منهم وإن لم يجيبوه أغشاهم الظلمة فأظلمت مداينهم وقراهم وحصونهم وبيوتهم ومنازلهم وأغشيت أبصارهم ودخلت في أفواههم وآنافهم وآذانهم وأجوافهم فلا يزالون فيها متحيرين حتى يستجيبوا لله عز وجل ويعجوا إليه حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجد عندها الأمة التي ذكرها الله تعالى في كتابه ففعل بهم ما فعل بمن مر به من قبلهم حتى فرغ مما بينه وبين المغرب ووجد جمعا وعددا لا يحصيهم إلا الله وبأسا وقوة لا يطيقه إلا الله عز وجل وألسنة مختلفة وأهواء متشتتة وقلوبا متفرقة ثم مشى على الظلمة ثمانية أيام وثمان ليال وأصحابه ينظرونه حتى انتهى إلى الجبل الذي هو محيط بالأرض كلها فإذا هو بملك من الملائكة قابض على الجبل وهو يقول سبحان ربي من الآن إلى منتهى الدهر سبحان ربي من أول الدنيا إلى آخرها سبحان ربي من موضع كفي إلى عرش ربي سبحان ربي من منتهى الظلمة إلى النور فلما سمع ذلك ذو القرنين خر ساجدا فلم يرفع رأسه حتى قواه الله تعالى وأعانه على النظر إلى ذلك الملك فقال له الملك كيف قويت يا ابن آدم على أن تبلغ إلى هذا الموضع ولم يبلغه أحد من ولد آدم قبلك قال ذو القرنين قواني على ذلك الذي قواك على قبض هذا الجبل وهو محيط بالأرض قال له الملك صدقت قال له ذو القرنين فأخبرني عنك أيها الملك قال إني موكل بهذا الجبل وهو محيط بالأرض كلها ولو لا هذا الجبل لانكفأت الأرض بأهلها وليس على وجه الأرض جبل أعظم منه وهو أول جبل أثبته الله عز وجل فرأسه ملصق بسماء الدنيا وأسفله في الأرض السابعة السفلى وهو محيط بها كالحلقة وليس على وجه الأرض مدينة إلا ولها عرق إلى هذا الجبل فإذا أراد الله عز وجل أن يزلزل مدينة أوحى إلي فحركت العرق الذي متصل إليها فزلزلها فلما أراد ذو القرنين الرجوع قال للملك أوصني قال الملك لا يهمنك رزق غد ولا تؤخر عمل اليوم لغد ولا تحزن على ما فاتك وعليك بالرفق ولا تكن جبارا متكبرا ثم إن ذا القرنين رجع إلى أصحابه ثم عطف بهم نحو المشرق يستقرئ ما بينه وبين المشرق من الأمم فيفعل بهم مثل ما فعل بأمم المغرب قبلهم حتى إذا فرغ مما بين المشرق والمغرب عطف نحو الردم الذي ذكره الله عز وجل في كتابه فإذا هو بأمة لا يكادون يفقهون قولا وإذا ما بينه وبين الردم مشحون من أمة يقال لها يأجوج ومأجوج أشباه البهائم يأكلون ويشربون ويتوالدون وهم ذكور وإناث وفيهم مشابه من الناس الوجوه والأجساد والخلقة ولكنهم قد نقصوا في الأبدان نقصا شديدا وهم في طول الغلمان ليس منهم أنثى ولا ذكر يجاوز طوله خمسة أشبار وهم على مقدار واحد في الخلق والصورة عراة حفاة لا يغزلون ولا يلبسون ولا يحتذون عليهم وبر كوبر الإبل يواريهم ويسترهم من الحر والبرد ولكل واحد منهم أذنان إحداهما ذات شعر والأخرى ذات وبر ظاهرهما وباطنهما ولهم مخالب في موضع الأظفار وأضراس وأنياب كأضراس السباع وأنيابها وإذا نام أحدهم افترش إحدى أذنيه والتحف بالأخرى فتسعه لحافا وهم يرزقون تنين البحر في كل عام يقذفه إليهم السحاب فيعيشون به عيشا خصبا ويصلحون عليه ويستمطرونه في إبانه كما يستمطر الناس المطر في إبان المطر وإذا قذفوا به خصبوا وسمنوا وتوالدوا وكثروا وأكلوا منه حولا كاملا إلى مثله من العام المقبل ولا يأكلون معه شيئا غيره وهم لا يحصي عددهم إلا الله عز وجل الذي خلقهم وإذا أخطأهم التنين قحطوا وأجدبوا وجاعوا وانقطع النسل والولد وهم يتسافدون كما تتسافد البهائم على ظهر الطريق وحيث ما التقوا وإذا أخطأهم التنين جاعوا وساحوا في البلاد فلا يدعون شيئا أتوا عليه إلا أفسدوه وأكلوه فهم أشد فسادا فيما أتوا عليه من الأرض من الجراد والبرد والآفات كلها وإذا أقبلوا من أرض إلى أرض جلا أهلها عنها وخلوها وليس يغلبون ولا يدفعون حتى لا يجد أحد من خلق الله تعالى موضعا لقدمه ولا يخلو للإنسان قدر مجلسه ولا يدري أحد من خلق الله أين أولهم وآخرهم ولا يستطيع أحد من خلق الله أن ينظر إليهم ولا يدنو منهم نجاسة وقذرا وسوء حلية فبهذا غلبوا ولهم حس وحنين إذا أقبلوا إلى الأرض يسمع حسهم من مسيرة مائة فرسخ لكثرتهم كما يسمع حس الريح البعيدة أو حس المطر البعيد ولهم همهمة إذا وقعوا في البلاد كهمهمة النحل إلا أنه أشد وأعلى صوتا يملأ الأرض حتى لا يكاد أحد أن يسمع من أجل ذلك الهميم شيئا وإذا أقبلوا إلى أرض حاشوا وحوشها كلها وسباعها حتى لا يبقى فيها شي ء منها وذلك لأنهم يملئونها ما بين أقطارها ولا يتخلف وراءهم من ساكن الأرض شي ء فيه روح إلا اجتلبوه من قبل أنهم أكثر من كل شي ء فأمرهم أعجب من العجب وليس منهم أحد إلا وقد عرف متى يموت وذلك من قبل أنه لا يموت منهم ذكر حتى يولد له ألف ولد ولا تموت منهم أنثى حتى تلد ألف ولد فبذلك عرفوا آجالهم فإذا ولد ذلك الألف برزوا للموت وتركوا طلب ما كانوا فيه من المعيشة والحياة فهذه قصتهم من يوم خلقهم الله عز وجل إلى يوم يفنيهم ثم إنهم جعلوا في زمان ذي القرنين يدورون أرضا أرضا من الأرضين وأمة أمة من الأمم وهم إذا توجهوا لوجه لم يعدلوا عنه أبدا ولا ينصرفون يمينا ولا شمالا ولا يلتفتون فلما أحست تلك الأمم بهم وسمعوا همهمتهم استغاثوا بذي القرنين وذو القرنين يومئذ نازلا في ناحيتهم فاجتمعوا إليه وقالوا يا ذا القرنين إنه قد بلغنا ما آتاك الله من الملك والسلطان وما ألبسك الله من الهيبة وما أيدك به من جنود أهل الأرض ومن النور والظلمة وإنا جيران يأجوج ومأجوج وليس بيننا وبينهم سوى هذه الجبال وليس لهم إلينا طريق إلا هذين الصدفين ولو ينسلون أجلونا عن بلادنا لكثرتهم حتى لا يكون لنا فيها قرار وهم خلق من خلق الله كثير فيهم مشابه من الإنس وهم أشباه البهائم يأكلون من العشب ويفترسون الدواب والوحوش كما تفترسها السباع ويأكلون حشرات الأرض كلها من الحيات والعقارب وكل ذي روح مما خلق الله تعالى وليس مما خلق الله جل جلاله خلق ينمو نماهم وزيادتهم فلا نشك أنهم يملئون الأرض ويجلون أهلها منها ويفسدون فيها ونحن نخشى كل وقت أن يطلع علينا أوائلهم من هذين الجبلين وقد آتاك الله عز وجل من الحيلة والقوة ما لم يؤت أحدا من العالمين فهل نجعل لك خرجا على أن تجعل بيننا وبينهم سدا قال ما مكني فيه ربي خير فأعينوني بقوة أجعل بينكم وبينهم ردما آتوني زبر الحديد قالوا ومن أين لنا من الحديد والنحاس ما يسع هذا العمل الذي تريد أن تعمل قال إني سأدلكم على معدن الحديد والنحاس فضرب لهم في جبلين حتى فتقهما فاستخرج لهم منهما معدنين من الحديد والنحاس قالوا فبأي قوة نقطع الحديد والنحاس فاستخرج لهم معدنا آخر من تحت الأرض يقال لها السامور وهو أشد بياضا من الثلج وليس شي ء منه يوضع على شي ء إلا ذاب تحته فصنع لهم منه أداة يعملون بها وبه قطع سليمان بن داود عليه السلام أساطين بيت المقدس وصخوره جاءت بها الشياطين من تلك المعادن فجمعوا من ذلك ما اكتفوا به فأوقدوا على الحديد حتى صنعوا منه زبرا مثال الصخور فجعل حجارته من حديد ثم أذاب النحاس فجعله كالطين لتلك الحجارة ثم بنى وقاس ما بين الصدفين فوجده ثلاثة أميال فحفر له أساسا حتى كاد أن يبلغ الماء وجعل عرضه ميلا وجعل حشوه زبر الحديد وأذاب النحاس فجعله خلال الحديد فجعل طبقة من نحاس وأخرى من حديد حتى ساوى الردم بطول الصدفين فصار كأنه برد حبرة من صفرة النحاس وحمرته وسواد الحديد فيأجوج ومأجوج ينتابونه في كل سنة مرة وذلك أنهم يسيحون في بلادهم حتى إذا وقعوا إلى ذلك الردم حبسهم فرجعوا يسيحون في بلادهم فلا يزالون كذلك حتى تقرب الساعة وتجي ء أشراطها فإذا جاء أشراطها وهو قيام القائم عليه السلام فتحه الله عز وجل لهم وذلك قوله عز وجل (حَتَّى إِذا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ ومَأْجُوجُ وهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ) فلما فرغ ذو القرنين من عمل السد انطلق على وجهه فبينما هو يسير وجنوده إذ مر على شيخ يصلي فوقف عليه بجنوده حتى انصرف من صلاته فقال له ذو القرنين كيف لم يروعك ما حضرك من الجنود قال كنت أناجي من هو أكثر جنودا منك وأعز سلطانا وأشد قوة ولو صرفت وجهي إليك ما أدركت حاجتي قبله فقال له ذو القرنين فهل لك أن تنطلق معي فأواسيك بنفسي وأستعين بك على بعض أموري قال نعم إن ضمنت لي أربعا نعيما لا يزول وصحة لا سقم فيها وشبابا لا هرم فيه وحياة لا موت فيها فقال له ذو القرنين أي مخلوق يقدر على هذه الخصال فقال الشيخ فإني مع من يقدر على هذه الخصال ويملكها وإياك ثم مر برجل عالم فقال لذي القرنين أخبرني عن شيئين منذ خلقهما الله تعالى قائمين وعن شيئين جاريين وشيئين مختلفين وشيئين متباغضين فقال ذو القرنين أما الشيئان القائمان فالسماء والأرض وأما الشيئان الجاريان فالشمس والقمر وأما الشيئان المختلفان فالليل والنهار وأما الشيئان المتباغضان فالموت والحياة فقال انطلق فإنك عالم فانطلق ذو القرنين يسير في البلاد حتى مر بشيخ يقلب جماجم الموتى فوقف عليه بجنوده فقال له أخبرني أيها الشيخ لأي شي ء تقلب هذه الجماجم قال لأعرف الشريف عن الوضيع فما عرفت فإني لأقلبها منذ عشرين سنة فانطلق ذو القرنين وتركه وقال ما أراك عنيت بهذا أحدا غيري فبينما هو يسير إذ وقع إلى الأمة العالمة الذين هم من قوم موسى الذين يهدون بالحق وبه يعدلون فوجد أمة مقسطة عادلة يقسمون بالسوية ويحكمون بالعدل ويتواسون ويتراحمون حالهم واحدة وكلمتهم واحدة وقلوبهم مؤتلفة وطريقتهم مستقيمة وسيرتهم جميلة وقبور موتاهم في أفنيتهم وعلى أبواب دورهم وبيوتهم وليس لبيوتهم أبواب وليس عليهم أمراء وليس بينهم قضاة وليس فيهم أغنياء ولا ملوك ولا أشراف ولا يتفاوتون ولا يتفاضلون ولا يختلفون ولا يتنازعون ولا يستبون ولا يقتتلون ولا تصيبهم الآفات فلما رأى ذلك من أمرهم ملي ء منهم عجبا فقال أيها القوم أخبروني خبركم فإني قد درت الأرض شرقها وغربها وبرها وبحرها وسهلها وجبلها ونورها وظلمتها فلم ألق مثلكم فأخبروني ما بال قبور موتاكم على أفنيتكم وعلى أبواب بيوتكم قالوا فعلنا ذلك عمدا لئلا ننسى الموت ولا يخرج ذكره من قلوبنا قال فما بال بيوتكم ليس عليها أبواب فقالوا لأنه ليس فينا لص ولا ظنين وليس فينا إلا الأمين قال فما بالكم ليس عليكم أمراء قالوا لأننا لا نتظالم قال فما بالكم ليس بينكم حكام قالوا لأننا لا نختصم قال فما بالكم ليس فيكم ملوك قالوا لأننا لا نتكاثر قال فما بالكم ليس فيكم أشراف قالوا لأننا لا نتنافس قال فما بالكم لا تتفاضلون ولا تتفاوتون قالوا من قبل أنا متواسون متراحمون قال فما بالكم لا تتنازعون ولا تختلفون قالوا من قبل ألفة قلوبنا وصلاح ذات بيننا قال فما بالكم لا تستبون ولا تقتتلون قالوا من قبل أنا غلبنا طبائعنا بالعزم وسسنا أنفسنا بالحلم قال فما بالكم كلمتكم واحدة وطريقتكم مستقيمة قالوا من قبل أنا لا نتكاذب ولا نتخادع ولا يغتاب بعضنا بعضا قال فأخبروني لم ليس فيكم مسكين ولا فقير قالوا من قبل أنا نقسم بالسوية قال فما بالكم ليس فيكم فظ ولا غليظ قالوا من قبل الذل والتواضع قال فلم جعلكم الله أطول الناس أعمارا قالوا من قبل أنا نتعاطى الحق ونحكم بالعدل قال فما بالكم لا تقحطون قالوا من قبل أنا لا نغفل عن الاستغفار قال فما بالكم لا تحزنون قالوا من قبل أنا وطنا أنفسنا على البلاء وحرصنا عليه فعزينا أنفسنا قال فما بالكم لا تصيبكم الآفات قالوا من قبل أنا لا نتوكل على غير الله جل جلاله ولا نستمطر بالأنواء والنجوم قال فحدثوني أيها القوم أ هكذا وجدتم آباءكم يفعلون قالوا وجدنا آباءنا يرحمون مسكينهم ويواسون فقيرهم ويعفون عمن ظلمهم ويحسنون إلى من أساء إليهم ويستغفرون لمسيئهم ويصلون أرحامهم ويؤدون أماناتهم ويصدقون ولا يكذبون فأصلح الله بذلك أمرهم فأقام عندهم ذو القرنين حتى قبض ولم يكن له فيهم عمر وكان قد بلغه السن وأدركه الكبر وكان عدة ما سار في البلاد من يوم بعثه الله عز وجل إلى يوم قبضه الله خمسمائة عام رجعنا إلى ذكر ما روي عن أبي محمد الحسن العسكري عليه السلام بالنص على ابنه القائم صاحب الزمان عليه السلام.
2- حدثنا أبو طالب المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي السمرقندي قال حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود عن أبيه محمد بن مسعود العياشي قال حدثنا آدم بن محمد البلخي قال حدثني علي بن الحسين بن هارون الدقاق قال حدثنا جعفر بن محمد بن عبد الله بن قاسم بن إبراهيم بن مالك الأشتر قال حدثني يعقوب بن منقوش قال دخلت على أبي محمد الحسن بن علي عليه السلام وهو جالس على دكان في الدار وعن يمينه بيت عليه ستر مسبل فقلت له يا سيدي من صاحب هذا الأمر فقال ارفع الستر فرفعته فخرج إلينا غلام خماسي له عشر أو ثمان أو نحو ذلك واضح الجبين أبيض الوجه دري المقلتين شثن الكفين معطوف الركبتين في خده الأيمن خال وفي رأسه ذؤابة فجلس على فخذ أبي محمد عليه السلام ثم قال لي هذا صاحبكم ثم وثب فقال له يا بني ادخل إلى الوقت المعلوم فدخل البيت وأنا أنظر إليه ثم قال لي يا يعقوب انظر من في البيت فدخلت فما رأيت أحدا.
3- حدثنا علي بن عبد الله الوراق قال حدثنا سعد بن عبد الله قال حدثني موسى بن جعفر بن وهب البغدادي أنه خرج من أبي محمد عليه السلام توقيع زعموا أنهم يريدون قتلي ليقطعوا هذا النسل وقد كذب الله عز وجل قولهم والحمد لله.
4- حدثنا محمد بن محمد بن عصام رضي الله عنه قال حدثنا محمد بن يعقوب الكليني قال حدثني علان الرازي قال أخبرني بعض أصحابنا أنه لما حملت جارية أبي محمد عليه السلام قال ستحملين ذكرا واسمه محمد وهو القائم من بعدي.
5- حدثنا أبو طالب المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي رضي الله عنه قال حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود عن أبيه قال حدثنا أحمد بن علي بن كلثوم قال حدثنا علي بن أحمد الرازي قال خرج بعض إخواني من أهل الري مرتادا بعد مضي أبي محمد عليه السلام فبينما هو في مسجد الكوفة مغموما متفكرا فيما خرج له يبحث حصى المسجد بيده فظهرت له حصاة فيها مكتوب محمد قال الرجل فنظرت إلى الحصاة فإذا فيها كتابة ثابتة مخلوقة غير منقوشة.
6- حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار رضي الله عنه قال حدثني أبي عن جعفر بن محمد بن مالك الفزاري قال حدثني محمد بن أحمد المدائني عن أبي غانم قال سمعت أبا محمد الحسن بن علي عليه السلام يقول في سنة مائتين وستين تفترق شيعتي ففيها قبض أبو محمد عليه السلام وتفرقت الشيعة وأنصاره فمنهم من انتمى إلى جعفر ومنهم من تاه ومنهم من شك ومنهم من وقف على تحيره ومنهم من ثبت على دينه بتوفيق الله عز وجل.
7- حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي السمرقندي رضي الله عنه قال حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود العياشي عن أبيه عن أحمد بن علي بن كلثوم عن علي بن أحمد الرازي عن أحمد بن إسحاق بن سعد قال سمعت أبا محمد الحسن بن علي العسكري عليه السلام يقول الحمد لله الذي لم يخرجني من الدنيا حتى أراني الخلف من بعدي أشبه الناس برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خلقا وخلقا يحفظه الله تبارك وتعالى في غيبته ثم يظهره فيملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما.
8- حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار رضي الله عنه قال حدثنا سعد بن عبد الله قال حدثنا موسى بن جعفر بن وهب البغدادي قال سمعت أبا محمد الحسن بن علي عليه السلام يقول كأني بكم وقد اختلفتم بعدي في الخلف مني أما إن المقر بالأئمة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المنكر لولدي كمن أقر بجميع أنبياء الله ورسله ثم أنكر نبوة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والمنكر لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كمن أنكر جميع أنبياء الله لأن طاعة آخرنا كطاعة أولنا والمنكر لآخرنا كالمنكر لأولنا أما إن لولدي غيبة يرتاب فيها الناس إلا من عصمه الله عز وجل.
9- حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق رضي الله عنه قال حدثني أبو علي بن همام قال سمعت محمد بن عثمان العمري قدس الله روحه يقول سمعت أبي يقول سئل أبو محمد الحسن بن علي عليه السلام وأنا عنده عن الخبر الذي روي عن آبائه عليهم السلام أن الأرض لا تخلو من حجة لله على خلقه إلى يوم القيامة وأن من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية فقال عليه السلام إن هذا حق كما أن النهار حق فقيل له يا ابن رسول الله فمن الحجة والإمام بعدك فقال ابني محمد هو الإمام والحجة بعدي من مات ولم يعرفه مات ميته جاهلية أما إن له غيبة يحار فيها الجاهلون ويهلك فيها المبطلون ويكذب فيها الوقاتون ثم يخرج فكأني أنظر إلى الأعلام البيض تخفق فوق رأسه بنجف الكوفة.
39- باب فيمن أنكر القائم الثاني عشر من الأئمة عليهم السلام.
1- حدثنا أبي رضي الله عنه قال حدثنا سعد بن عبد الله عن محمد بن عيسى عن صفوان بن يحيى عن ابن مسكان عن أبي عبد الله عليه السلام قال من أنكر واحدا من الأحياء فقد أنكر الأموات.
2- وحدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال حدثنا محمد بن الحسن الصفار والحسن بن متيل الدقاق وعبد الله بن جعفر الحميري جميعا قالوا حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ويعقوب بن يزيد وإبراهيم بن هاشم جميعا عن محمد بن أبي عمير وصفوان بن يحيى جميعا عن عبد الله بن مسكان عن أبي عبد الله عليه السلام قال من أنكر واحدا من الأحياء فقد أنكر الأموات.
3- حدثنا أبي رضي الله عنه قال حدثنا سعد بن عبد الله عن محمد بن عيسى عن إسماعيل بن مهران عن محمد بن سعيد عن أبان بن تغلب قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام من عرف الأئمة ولم يعرف الإمام الذي في زمانه أ مؤمن هو قال لا قلت أ مسلم هو قال نعم.قال مصنف هذا الكتاب رضي الله عنه الإسلام هو إقرار بالشهادتين وهو الذي به تحقن الدماء والأموال والثواب على الإيمان وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله فقد حقن ماله ودمه إلا بحقهما وحسابه على الله عز وجل.
4- حدثنا علي بن أحمد بن محمد رضي الله عنه قال حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي قال حدثنا سهل بن زياد الأدمي قال حدثنا الحسن بن محبوب عن عبد العزيز العبدي عن ابن أبي يعفور قال قال أبو عبد الله عليه السلام من أقر بالأئمة من آبائي وولدي وجحد المهدي من ولدي كان كمن أقر بجميع الأنبياء وجحد محمدا صلى الله عليه وآله وسلم فقلت يا سيدي ومن المهدي من ولدك قال الخامس من ولد السابع يغيب عنهم شخصه ولا يحل لهم تسميته.
5- حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس رضي الله عنه قال حدثنا أبي عن أيوب بن نوح عن محمد بن سنان عن صفوان بن مهران عن الصادق جعفر بن محمد عليه السلام أنه قال من أقر بجميع الأئمة وجحد المهدي كان كمن أقر بجميع الأنبياء وجحد محمدا صلى الله عليه وآله وسلم نبوته فقيل له يا ابن رسول الله فمن المهدي من ولدك قال الخامس من ولد السابع يغيب عنكم شخصه ولا يحل لكم تسميته.
6- حدثنا عبد الواحد بن محمد بن عبدوس النيسابوري العطار رضي الله عنه قال حدثنا علي بن محمد بن قتيبة النيسابوري عن حمدان بن سليمان قال حدثني أحمد بن عبد الله بن جعفر الهمداني عن عبد الله بن الفضل الهاشمي عن هشام بن سالم عن الصادق جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم القائم من ولدي اسمه اسمي وكنيته كنيتي وشمائله شمائلي وسنته سنتي يقيم الناس على ملتي وشريعتي ويدعوهم إلى كتاب ربي عز وجل من أطاعه فقد أطاعني ومن عصاه فقد عصاني ومن أنكره في غيبته فقد أنكرني ومن كذبه فقد كذبني ومن صدقه فقد صدقني إلى الله أشكو المكذبين لي في أمره والجاحدين لقولي في شأنه والمضلين لأمتي عن طريقته وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.
7- حدثنا أبي رضي الله عنه قال حدثنا سعد بن عبد الله عن أحمد بن أبي عبد الله عن أبيه عن ابن أبي عمير عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبيه عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام في حديث طويل يقول في آخره كيف يهتدي من لم يبصر وكيف يبصر من لم ينذر اتبعوا قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأقروا بما نزل من عند الله عز وجل واتبعوا آثار الهدى فإنها علامات الأمانة والتقى واعلموا أنه لو أنكر رجل عيسى ابن مريم عليه السلام وأقر بمن سواه من الرسل عليهم السلام لم يؤمن اقصدوا الطريق بالتماس المنار والتمسوا من وراء الحجب الآثار تستكملوا أمر دينكم وتؤمنوا بالله ربكم.
8- حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي الله عنه قال حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن محمد بن أبي عمير عن غياث بن إبراهيم عن الصادق جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عليهم السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من أنكر القائم من ولدي فقد أنكرني.
9- حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار رضي الله عنه قال حدثنا أبي عن عبد الله بن محمد بن عيسى عن الحسن بن موسى الخشاب عن غير واحد عن مروان بن مسلم قال قال الصادق جعفر بن محمد عليه السلام الإمام علم فيما بين الله عز وجل وبين خلقه فمن عرفه كان مؤمنا ومن أنكره كان كافرا.
10- حدثنا أبي ومحمد بن الحسن رضي الله عنهما قالا حدثنا سعد بن عبد الله عن محمد بن عيسى بن عبيد عن الحسن بن علي بن فضال عن ثعلبة بن ميمون عن محمد بن مروان عن الفضيل بن يسار عن أبي جعفر عليه السلام قال من مات وليس له إمام مات ميته جاهلية ولا يعذر الناس حتى يعرفوا إمامهم.
11- حدثنا أبي ومحمد بن الحسن ومحمد بن موسى بن المتوكل رضي الله عنهم قالوا حدثنا سعد بن عبد الله وعبد الله بن جعفر الحميري جميعا عن محمد بن عيسى عن الحسن بن محبوب عن أبي سعيد المكاري عن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال سمعته يقول من مات وليس له إمام مات ميته جاهلية كفر وشرك وضلالة.
12- حدثنا علي بن عبد الله الوراق قال حدثنا أبو الحسين محمد بن جعفر الأسدي رضي الله عنه قال حدثنا موسى بن عمران النخعي عن عمه الحسين بن يزيد النوفلي عن غياث بن إبراهيم عن الصادق جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عليهم السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من أنكر القائم من ولدي في زمان غيبته فمات فقد مات ميتة جاهلية.
13- حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي السمرقندي رضي الله عنه قال حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود عن أبيه عن علي بن محمد قال حدثني عمران عن محمد بن عبد الحميد عن محمد بن الفضيل عن علي بن موسى الرضا عن أبيه موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن علي عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين بن علي عن أبيه علي بن أبي طالب عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يا علي أنت والأئمة من ولدك بعدي حجج الله عز وجل على خلقه وأعلامه في بريته من أنكر واحدا منكم فقد أنكرني ومن عصى واحدا منكم فقد عصاني ومن جفا واحدا منكم فقد جفاني ومن وصلكم فقد وصلني ومن أطاعكم فقد أطاعني ومن والاكم فقد والاني ومن عاداكم فقد عاداني لأنكم مني خلقتم من طينتي وأنا منكم.
14- حدثنا علي بن محمد رضي الله عنه قال حدثنا حمزة بن القاسم العلوي رضي الله عنه قال حدثنا الحسن بن محمد الفارسي قال حدثنا عبد الله بن قدامة الترمذي عن أبي الحسن عليه السلام قال من شك في أربعة فقد كفر بجميع ما أنزل الله تبارك وتعالى أحدها معرفة الإمام في كل زمان وأوان بشخصه ونعته.
15- حدثنا أبي ومحمد بن الحسن رضي الله عنهما قالا حدثنا سعد بن عبد الله وعبد الله بن جعفر الحميري جميعا عن محمد بن عيسى ويعقوب بن يزيد وإبراهيم بن هاشم جميعا عن حماد بن عيسى عن عمر بن أذينة عن أبان بن أبي عياش عن سليم بن قيس الهلالي أنه سمع من سلمان ومن أبي ذر ومن المقداد حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال من مات وليس له إمام مات ميتة جاهلية ثم عرضه على جابر وابن عباس فقالا صدقوا وبروا وقد شهدنا ذلك وسمعناه من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وإن سلمان قال يا رسول الله إنك قلت من مات وليس له إمام مات ميتة جاهلية من هذا الإمام قال من أوصيائي يا سلمان فمن مات من أمتي وليس له إمام منهم يعرفه فهي ميتة جاهلية فإن جهله وعاداه فهو مشرك وإن جهله ولم يعاده ولم يوال له عدوا فهو جاهل وليس بمشرك.
40- باب ما روي في أن الإمامة لا تجتمع في أخوين بعد الحسن والحسين عليهما السلام.
1- حدثنا أبي ومحمد بن الحسن رضي الله عنهما قالا حدثنا سعد بن عبد الله وعبد الله بن جعفر الحميري جميعا عن محمد بن عيسى بن عبيد عن يونس بن عبد الرحمن عن الحسين بن ثوير بن أبي فاختة عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا تكون الإمامة في أخوين بعد الحسن والحسين عليه السلام أبدا إنها جرت من علي بن الحسين عليه السلام كما قال الله جل جلاله (وأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ) ولا تكون بعد علي بن الحسين إلا في الأعقاب وأعقاب الأعقاب.
2- حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال حدثنا محمد بن الحسن الصفار عن يعقوب بن يزيد ومحمد بن عيسى بن عبيد عن الحسين بن الحسن الفارسي عن سليمان بن جعفر الجعفري عن حماد بن عيسى عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا تجتمع الإمامة في أخوين بعد الحسن والحسين عليه السلام إنما تجري في الأعقاب وأعقاب الأعقاب.
3 - حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رضي الله عنه قال حدثنا علي بن الحسين السعدآبادي عن أحمد بن محمد بن خالد عن أبيه عن محمد بن سنان عن يونس بن يعقوب عن أبي عبد الله عليه السلام قال أبى الله عز وجل أن يجعلها يعني الإمامة في أخوين بعد الحسن والحسين عليهما السلام.
4- حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال حدثنا الحسين بن الحسن بن أبان عن الحسين بن سعيد عن محمد بن سنان عن أبي سلام عن سورة بن كليب عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله عز وجل (وجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ) إنها في الحسين عليه السلام تنتقل من ولد إلى ولد لا ترجع إلى أخ ولا عم.
5- حدثنا أبي رضي الله عنه قال حدثنا سعد بن عبد الله وعبد الله بن جعفر الحميري جميعا عن إبراهيم بن هاشم عن أبي جعفر محمد بن جعفر عن أبيه عن عبد الحميد بن نصر عن أبي إسماعيل عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا تكون الإمامة في أخوين بعد الحسن والحسين عليه السلام أبدا إنما هي في الأعقاب وأعقاب الأعقاب.
6- حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رضي الله عنه قال حدثنا علي بن الحسين السعدآبادي عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي عن أبيه عن محمد بن أبي عمير عن غير واحد عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال لما ولدت فاطمة عليها السلام الحسين عليه السلام أخبرها أبوها صلى الله عليه وآله وسلم أن أمته ستقتله من بعده قالت ولا حاجة لي فيه فقال إن الله عز وجل قد أخبرني أن يجعل الأئمة من ولده قالت قد رضيت يا رسول الله.
7- حدثنا أبي رضي الله عنه قال حدثنا سعد بن عبد الله وعبد الله بن جعفر الحميري جميعا عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ومحمد بن عيسى بن عبيد جميعا عن عبد الرحمن بن أبي نجران عن عيسى بن عبد الله العلوي العمري عن أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليه السلام قال قلت له جعلت فداك إن كان كون ولا أراني الله يومك فبمن أئتم قال فأومأ إلى موسى عليه السلام قلت فإن مضى موسى عليه السلام فبمن أئتم قال بولده قلت فإن مضى ولده وترك أخا كبيرا وابنا صغيرا فبمن أئتم قال بولده ثم هكذا أبدا قلت فإن أنا لم أعرفه ولم أعرف موضعه فما أصنع قال تقول اللهم إني أتولى من بقي من حججك من ولد الإمام الماضي فإن ذلك يجزئك.
8- حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رضي الله عنه قال حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري قال حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى قال حدثنا الحسن بن محبوب عن علي بن رئاب قال قال أبو عبد الله عليه السلام لما أن حملت فاطمة عليها السلام بالحسين عليه السلام قال لها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إن الله عز وجل قد وهب لك غلاما اسمه الحسين تقتله أمتي قالت فلا حاجة لي فيه فقال إن الله عز وجل قد وعدني فيه عدة قالت وما وعدك قال وعدني أن يجعل الإمامة من بعده في ولده فقالت رضيت.
9- حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق رضي الله عنه قال أخبرنا أحمد بن محمد الهمداني قال حدثنا علي بن الحسن بن علي بن فضال عن أبيه عن هشام بن سالم قال قلت للصادق جعفر بن محمد عليه السلام الحسن أفضل أم الحسين فقال الحسن أفضل من الحسين قال قلت فكيف صارت الإمامة من بعد الحسين في عقبه دون ولد الحسن فقال إن الله تبارك وتعالى أحب أن يجعل سنة موسى وهارون جارية في الحسن والحسين عليه السلام ألا ترى أنهما كانا شريكين في النبوة كما كان الحسن والحسين شريكين في الإمامة وإن الله عز وجل جعل النبوة في ولد هارون ولم يجعلها في ولد موسى وإن كان موسى أفضل من هارون عليه السلام قلت فهل يكون إمامان في وقت واحد قال لا إلا أن يكون أحدهما صامتا مأموما لصاحبه والآخر ناطقا إماما لصاحبه فأما أن يكونا إمامين ناطقين في وقت واحد فلا قلت فهل تكون الإمامة في أخوين بعد الحسن والحسين عليهما السلام قال لا إنما هي جارية في عقب الحسين عليه السلام كما قال الله عز وجل (وجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ) ثم هي جارية في الأعقاب وأعقاب الأعقاب إلى يوم القيامة.
10- حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رضي الله عنه قال حدثنا محمد بن يحيى العطار عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن علي بن أسباط عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل (وبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وقَصْرٍ مَشِيدٍ) فقال البئر المعطلة الإمام الصامت والقصر المشيد الإمام الناطق.
41- باب ما روي في نرجس أم القائم عليه السلام واسمها مليكة بنت يشوعا بن قيصر الملك.
1- حدثنا محمد بن علي بن حاتم النوفلي قال حدثنا أبو العباس أحمد بن عيسى الوشاء البغدادي قال حدثنا أحمد بن طاهر القمي قال حدثنا أبو الحسين محمد بن بحر الشيباني قال وردت كربلاء سنة ست وثمانين ومائتين قال وزرت قبر غريب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثم انكفأت إلى مدينة السلام متوجها إلى مقابر قريش في وقت قد تضرمت الهواجر وتوقدت السمائم فلما وصلت منها إلى مشهد الكاظم عليه السلام واستنشقت نسيم تربته المغمورة من الرحمة المحفوفة بحدائق الغفران أكببت عليها بعبرات متقاطرة وزفرات متتابعة وقد حجب الدمع طرفي عن النظر فلما رقأت العبرة وانقطع النحيب فتحت بصري فإذا أنا بشيخ قد انحنى صلبه وتقوس منكباه وثفنت جبهته وراحتاه وهو يقول لآخر معه عند القبر يا ابن أخي لقد نال عمك شرفا بما حمله السيدان من غوامض الغيوب وشرائف العلوم التي لم يحمل مثلها إلا سلمان وقد أشرف عمك على استكمال المدة وانقضاء العمر وليس يجد في أهل الولاية رجلا يفضي إليه بسره قلت يا نفس لا يزال العناء والمشقة ينالان منك بإتعابي الخف والحافر في طلب العلم وقد قرع سمعي من هذا الشيخ لفظ يدل على علم جسيم وأثر عظيم فقلت أيها الشيخ ومن السيدان قال النجمان المغيبان في الثرى بسر من رأى فقلت إني أقسم بالموالاة وشرف محل هذين السيدين من الإمامة والوراثة إني خاطب علمهما وطالب آثارهما وباذل من نفسي الإيمان المؤكدة على حفظ أسرارهما قال إن كنت صادقا فيما تقول فاحضر ما صحبك من الآثار عن نقلة أخبارهم فلما فتش الكتب وتصفح الروايات منها قال صدقت أنا بشر بن سليمان النخاس من ولد أبي أيوب الأنصاري أحد موالي أبي الحسن وأبي محمد عليه السلام وجارهما بسر من رأى قلت فأكرم أخاك ببعض ما شاهدت من آثارهما قال كان مولانا أبو الحسن علي بن محمد العسكري عليه السلام فقهني في أمر الرقيق فكنت لا أبتاع ولا أبيع إلا بإذنه فاجتنبت بذلك موارد الشبهات حتى كملت معرفتي فيه فأحسنت الفرق فيما بين الحلال والحرام فبينما أنا ذات ليلة في منزلي بسر من رأى وقد مضى هوى من الليل إذ قرع الباب قارع فعدوت مسرعا فإذا أنا بكافور الخادم رسول مولانا أبي الحسن علي بن محمد عليه السلام يدعوني إليه فلبست ثيابي ودخلت عليه فرأيته يحدث ابنه أبا محمد وأخته حكيمة من وراء الستر فلما جلست قال يا بشر إنك من ولد الأنصار وهذه الولاية لم تزل فيكم يرثها خلف عن سلف فأنتم ثقاتنا أهل البيت وإني مزكيك ومشرفك بفضيلة تسبق بها شأو الشيعة في الموالاة بها بسر أطلعك عليه وأنفذك في ابتياع أمة فكتب كتابا ملصقا بخط رومي ولغة رومية وطبع عليه بخاتمه وأخرج شستقة صفراء فيها مائتان وعشرون دينارا فقال خذها وتوجه بها إلى بغداد واحضر معبر الفرات ضحوة كذا فإذا وصلت إلى جانبك زوارق السبايا وبرزن الجواري منها فستحدق بهم طوائف المبتاعين من وكلاء قواد بني العباس وشراذم من فتيان العراق فإذا رأيت ذلك فأشرف من البعد على المسمى عمر بن يزيد النخاس عامة نهارك إلى أن يبرز للمبتاعين جارية صفتها كذا وكذا لابسة حريرتين صفيقتين تمتنع من السفور ولمس المعترض والانقياد لمن يحاول لمسها ويشغل نظره بتأمل مكاشفها من وراء الستر الرقيق فيضربها النخاس فتصرخ صرخة رومية فاعلم أنها تقول وا هتك ستراه فيقول بعض المبتاعين على بثلاثمائة دينار فقد زادني العفاف فيها رغبة فتقول بالعربية لو برزت في زي سليمان وعلى مثل سرير ملكه ما بدت لي فيك رغبة فأشفق على مالك فيقول النخاس فما الحيلة ولا بد من بيعك فتقول الجارية وما العجلة ولا بد من اختيار مبتاع يسكن قلبي إليه وإلى أمانته وديانته فعند ذلك قم إلى عمر بن يزيد النخاس وقل له إن معي كتابا ملصقا لبعض الأشراف كتبه بلغة رومية وخط رومي ووصف فيه كرمه ووفاؤه ونبله وسخاؤه فناولها لتتأمل منه أخلاق صاحبه فإن مالت إليه ورضيته فأنا وكيله في ابتياعها منك قال بشر بن سليمان النخاس فامتثلت جميع ما حده لي مولاي أبو الحسن عليه السلام في أمر الجارية فلما نظرت في الكتاب بكت بكاء شديدا وقالت لعمر بن يزيد النخاس بعني من صاحب هذا الكتاب وحلفت بالمحرجة المغلظة إنه متى امتنع من بيعها منه قتلت نفسها فما زلت أشاحه في ثمنها حتى استقر الأمر فيه على مقدار ما كان أصحبنيه مولاي عليه السلام من الدنانير في الشستقة الصفراء فاستوفاه مني وتسلمت منه الجارية ضاحكة مستبشرة وانصرفت بها إلى حجرتي التي كنت آوي إليها ببغداد فما أخذها القرار حتى أخرجت كتاب مولاها عليه السلام من جيبها وهي تلثمه وتضعه على خدها وتطبقه على جفنها وتمسحه على بدنها فقلت تعجبا منها أ تلثمين كتابا ولا تعرفين صاحبه قالت أيها العاجز الضعيف المعرفة بمحل أولاد الأنبياء أعرني سمعك وفرغ لي قلبك أنا مليكة بنت يشوعا بن قيصر ملك الروم وأمي من ولد الحواريين تنسب إلى وصي المسيح شمعون أنبئك العجب العجيب إن جدي قيصر أراد أن يزوجني من ابن أخيه وأنا من بنات ثلاثة عشرة سنة فجمع في قصره من نسل الحواريين ومن القسيسين والرهبان ثلاثمائة رجل ومن ذوي الأخطار سبعمائة رجل وجمع من أمراء الأجناد وقواد العساكر ونقباء الجيوش وملوك العشائر أربعة آلاف وأبرز من بهو ملكه عرشا مسوغا من أصناف الجواهر إلى صحن القصر فرفعه فوق أربعين مرقاة فلما صعد ابن أخيه وأحدقت به الصلبان وقامت الأساقفة عكفا ونشرت أسفار الإنجيل تسافلت الصلبان من الأعالي فلصقت بالأرض وتقوضت الأعمدة فانهارت إلى القرار وخر الصاعد من العرش مغشيا عليه فتغيرت ألوان الأساقفة وارتعدت فرائصهم فقال كبيرهم لجدي أيها الملك أعفنا من ملاقاة هذه النحوس الدالة على زوال هذا الدين المسيحي والمذهب الملكاني فتطير جدي من ذلك تطيرا شديدا وقال للأساقفة أقيموا هذه الأعمدة وارفعوا الصلبان وأحضروا أخا هذا المدبر العاثر المنكوس جده لأزوج منه هذه الصبية فيدفع نحوسه عنكم بسعوده فلما فعلوا ذلك حدث على الثاني ما حدث على الأول وتفرق الناس وقام جدي قيصر مغتما ودخل قصره وأرخيت الستور فأريت في تلك الليلة كأن المسيح والشمعون وعدة من الحواريين قد اجتمعوا في قصر جدي ونصبوا فيه منبرا يباري السماء علوا وارتفاعا في الموضع الذي كان جدي نصب فيه عرشه فدخل عليهم محمد صلى الله عليه وآله وسلم مع فتية وعدة من بنيه فيقوم إليه المسيح فيعتنقه فيقول يا روح الله إني جئتك خاطبا من وصيك شمعون فتاته مليكة لابني هذا وأومأ بيده إلى أبي محمد صاحب هذا الكتاب فنظر المسيح إلى شمعون فقال له قد أتاك الشرف فصل رحمك برحم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال قد فعلت فصعد ذلك المنبر وخطب محمد صلى الله عليه وآله وسلم وزوجني وشهد المسيح عليه السلام وشهد بنو محمد صلى الله عليه وآله وسلم والحواريون فلما استيقظت من نومي أشفقت أن أقص هذه الرؤيا على أبي وجدي مخافة القتل فكنت أسرها في نفسي ولا أبديها لهم وضرب صدري بمحبة أبي محمد حتى امتنعت من الطعام والشراب وضعفت نفسي ودق شخصي ومرضت مرضا شديدا فما بقي من مدائن الروم طبيب إلا أحضره جدي وسأله عن دوائي فلما برح به اليأس قال يا قرة عيني فهل تخطر ببالك شهوة فأزودكها في هذه الدنيا فقلت يا جدي أرى أبواب الفرج علي مغلقة فلو كشفت العذاب عمن في سجنك من أسارى المسلمين وفككت عنهم الأغلال وتصدقت عليهم ومننتهم بالخلاص لرجوت أن يهب المسيح وأمه لي عافية وشفاء فلما فعل ذلك جدي تجلدت في إظهار الصحة في بدني وتناولت يسيرا من الطعام فسر بذلك جدي وأقبل على إكرام الأسارى إعزازهم فرأيت أيضا بعد أربع ليال كأن سيدة النساء قد زارتني ومعها مريم بنت عمران وألف وصيفة من وصائف الجنان فتقول لي مريم هذه سيدة النساء أم زوجك أبي محمد عليه السلام فأتعلق بها وأبكي وأشكو إليها امتناع أبي محمد من زيارتي فقالت لي سيدة النساء عليها السلام إن ابني أبا محمد لا يزورك وأنت مشركة بالله وعلى مذهب النصارى وهذه أختي مريم تبرأ إلى الله تعالى من دينك فإن ملت إلى رضا الله عز وجل ورضا المسيح ومريم عنك وزيارة أبي محمد إياك فتقولي أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن أبي محمدا رسول الله فلما تكلمت بهذه الكلمة ضمتني سيدة النساء إلى صدرها فطيبت لي نفسي وقالت الآن توقعي زيارة أبي محمد إياك فإني منفذة إليك فانتبهت وأنا أقول وا شوقاه إلى لقاء أبي محمد فلما كانت الليلة القابلة جاءني أبو محمد عليه السلام في منامي فرأيته كأني أقول له جفوتني يا حبيبي بعد أن شغلت قلبي بجوامع حبك قال ما كان تأخيري عنك إلا لشركك وإذ قد أسلمت فإني زائرك في كل ليلة إلى أن يجمع الله شملنا في العيان فما قطع عني زيارته بعد ذلك إلى هذه الغاية قال بشر فقلت لها وكيف وقعت في الأسر فقالت أخبرني أبو محمد ليلة من الليالي أن جدك سيسرب جيوشا إلى قتال المسلمين يوم كذا ثم يتبعهم فعليك باللحاق بهم متنكرة في زي الخدم مع عدة من الوصائف من طريق كذا ففعلت فوقعت علينا طلائع المسلمين حتى كان من أمري ما رأيت وما شاهدت وما شعر أحد بي بأني ابنة ملك الروم إلى هذه الغاية سواك وذلك باطلاعي إياك عليه وقد سألني الشيخ الذي وقعت إليه في سهم الغنيمة عن اسمي فأنكرته وقلت نرجس فقال اسم الجواري فقلت العجب إنك رومية ولسانك عربي قالت بلغ من ولوع جدي وحمله إياي على تعلم الآداب أن أوعز إلى امرأة ترجمان له في الاختلاف إلي فكانت تقصدني صباحا ومساء وتفيدني العربية حتى استمر عليها لساني واستقام قال بشر فلما انكفأت بها إلى سر من رأى دخلت على مولانا أبي الحسن العسكري عليه السلام فقال لها كيف أراك الله عز الإسلام وذل النصرانية وشرف أهل بيت محمد صلى الله عليه وآله وسلم قالت كيف أصف لك يا ابن رسول الله ما أنت أعلم به مني قال فإني أريد أن أكرمك فأيما أحب إليك عشرة آلاف درهم أم بشرى لك فيها شرف الأبد قالت بل البشرى قال عليه السلام فأبشري بولد يملك الدنيا شرقا وغربا ويملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا قالت ممن قال عليه السلام ممن خطبك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم له من ليلة كذا من شهر كذا من سنة كذا بالرومية قالت من المسيح ووصيه قال فممن زوجك المسيح ووصيه قالت من ابنك أبي محمد قال فهل تعرفينه قالت وهل خلوت ليلة من زيارته إياي منذ الليلة التي أسلمت فيها على يد سيدة النساء أمه فقال أبو الحسن عليه السلام يا كافور ادع لي أختي حكيمة فلما دخلت عليه قال عليه السلام لها ها هيه فاعتنقتها طويلا وسرت بها كثيرا فقال لها مولانا يا بنت رسول الله أخرجيها إلى منزلك وعلميها الفرائض والسنن فإنها زوجة أبي محمد وأم القائم عليه السلام.
source : أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي المعروف بالشيخ الصدوق