عربي
Wednesday 8th of January 2025
0
نفر 0

وقد تضمن عدة نقاط عن شخصيته

منها، وصفه بالشيصباني نسبة إلى الشيصبان وهو وصف يعبر به الائمة عليهم السلام عن الطواغيت والأشرار، لأنه بالأصل اسم للشيطان، كما في شرح القاموس.

ومنها، أنه يخرج قبل السفياني، ويظهر أنه لا يكون بينه وبينه مدة طويلة، أو يكون السفياني بعده مباشرة، بدليل قوله عليه السلام: (فتوقعوا بعد ذلك السفياني).

ومنها، أنه يخرج في العراق الذي هو أرض كوفان، ويحتمل أن يكون في مدينة الكوفة. ويكون خروجه أي ثورته أو حكمه فجأة بنحو غير متوقع (ينبع كما ينبع الماء)  وأنه يكون طاغية سفاكاً يقتل المؤمنين.

والظاهر أن معنى (يقتل وفدكم)  أي وجهاء المؤمنين الذي يتقدمون الوفد عادة، حيث يقال وفد القبيلة ووفد المدينة بمعنى وجهائها ورهطها.

ويحتمل أن ينطبق على صدام كما يرى بعضهم لأنه مستجمع للصفات المذكورة. فإن ظهر بعده السفياني في الشام يكون هو شيصباني العراق الموعود.

أما عوف السلمي فقد ورد فيه رواية في غيبة الطوسي، عن حذلم بن بشير عن الإمام زين العابدين عليه السلام  قال: (قلت لعلي بن الحسن عليه السلام  صف لي خروج المهدي وعرفني دلائله وعلاماته فقال: يكون قبل خروجه خروج رجل يقال له عوف السلمي بأرض الجزيرة، ويكون مأواه تكريت وقتله بمسجد دمشق. ثم يكون خروج شعيب بن صالح من سمرقند، ثم يخرج السفياني الملعون من الوادي اليابس، وهو من ولد عتبة بن أبي سفيان، فإذا ظهر السفياني اختفى المهدي، ثم يخرج بعد ذلك) (البحار:52/213).

وما يتعلق بشعيب من هذا الحديث وأنه من سمرقند مخالف لما هو مشهور في مصادرنا الشيعية من أنه من أهل الري، إلا أن يفسر بأن أصله من أهل سمرقند. وكذلك أمر خروجه قبل السفياني كما ذكرنا في محله.

ويبدو أن عوفاً السلمي هذا يخرج على الحكومة السورية وليس العراقية، وأنه إن صحت روايته يكون قبل السفياني بمدة غير طويلة.

أما الجزيرة التي هي مركز حركته فهي اسم لمنطقة عند الحدود العراقية السورية، وهو المعنى المفهوم للجزيرة عندما تطلق بدون إضافة كما نلاحظ في كتب التاريخ والحديث، وتسمى أيضاً جزيرة ربيعة أو ديار بكر، ولا يفهم منها جزيرة العرب إلا بالإضافة.

والظاهر أن معنى مأواه تكريت أنها تكون ملجأه قبل حركته أو بعد فشل حركته وفراره. وهي المدينة المعروفة في العراق.

ويؤيد ذلك أنها قريبة من مركز حركته الجزيرة فيكون ما ورد في بعض النسخ بدلها (ومأواه بكريت أو بكويت)  مصحفاً عن تكريت. ويؤيد ذلك أن الموجود في البحار وغيبة الطوسي( تكريت)  فقط.

وتشير الرواية إلى أنه بعد ذلك يقتل في مسجد دمشق أي يغتال فيه، أو يقبض عليه ويقتل عنده. وعلى هذا يكون خروجه من أحداث بلاد الشام، وله صلة بأحداث العراق.

الفترة الثالثة: غزو السفياني، وخراب البصرة

وتصف أحاديثها غزو السفياني العراق واحتلاله، وتنكيله بأهله، خاصة بشيعة المهدي وأهل البيت عليهم السلام، وقد تعرضنا لها في حركة السفياني. ويفهم من مجموعها أن السلطة في العراق تكون ضعيفة إلى حد لا تستطيع أن ترد حملة السفياني لا عسكرياً ولا شعبياً، ثم لا تستطيع أن تمنع دخول القوات اليمانية والإيرانية التي تدخل العراق لمواجهة قوات السفياني.

ومن المحتمل أن يكون دخول الجيش السفياني إلى العراق بطلب من حكومته الضعيفة، وأن تكون الروايات عن قتال يخوضه جيش السفياني في الدجيل وبغداد وغيرها تتحدث عن قتاله مع فئات ثائرة عليه.

كما يفهم من الرويات أن القوات اليمانية والإيرانية يكون لها تأييد شعبي من العراقيين، وأنهم يستبشرون بها ويساعدونها في تعقب قوات السفياني.

أما خراب البصرة فرواياته ثلاثة أنواع: خرابها بالغرق. وخرابها بثورة الزنج. و(خرابها)  بوقوع خسف وتدمير فيها.

وأكثر كلمات أمير المؤمنين عليه السلام  الواردة في نهج البلاغة وغيره تقصد الخرابين الأولين اللذين وقعا في زمن العباسيين كما ذكر عامة المؤرخين.

قال عليه السلام  في الخطبة رقم13: (كنتم جند المرأة، وأتباع البهيمة، رغا فأجبتم، وعقر فهربتم. أخلاقكم دقاق، وعهدكم شقاق، ودينكم نفاق، وماؤكم زعاق. المقيم بينكم مرتهن بذنبه، والشاخص عنكم متدارك برحمة من ربه. كأني بمسجدكم كجؤجؤ سفينة، وقد بعث الله عليها العذاب من فوقها ومن تحتها، وغرق من في ضمنها).

قال ابن أبي الحديد: (فأما إخباره عليه السلام  أن البصرة تغرق ما عدا المسجد الجامع بها، فقد رأيت من يذكر أن كتب الملاحم تدل على أن البصرة تهلك بالماء الأسود ينفجر من أرضها، فتغرق ويبقى مسجدها.

والصحيح أن المخبر به قد وقع. فإن البصرة غرقت مرتين، مرة في أيام القائم بأمر الله، غرقت بأجمعها ولم يبق منها إلا مسجدها الجامع بارزا بعضه كجؤجؤ الطائر، حسب ما أخبر به أمير المؤمنين عليه السلام  جاءها الماء من بحر فارس من جهة الموضع المعروف الآن بجزيرة الفرس، ومن جهة الجبل المعروف بجبل السنام، وخربت دورها وغرق كل ما في ضمنها، وهلك كثير من أهلها، وأحد هذين الغرقين معروفة عند أهل البصرة يتناقله خلفهم عن سلفهم). انتهى.

وأما خرابها بسبب ثورة الزنج التي وقعت في زمن العباسيين في منتصف القرن الرابع، فقد أخبر به أمير المؤمنين عليه السلام  أكثر من مرة، من قبيل الخطبة 128 التي قال فيها: (يا أحنف كأني به وقد سار بالجيش الذي لا يكون له غبار ولا لجب، ولا قعقعة لجم، ولاحمحمة خيل، يثيرون الأرض بأقدامهم كأنها أقدام النعام).

قال الشريف الرضي(ره): ( يومئ بذلك إلى صاحب الزنج). ثم قال عليه السلام :(ويل لسكككم العامرة، والدور المزخرفة، التي لها أجنحة كأجنحة النسور. وخراطيم كخراطيم الفيلة، من أولئك الذين لا يندب قتيلهم، ولا يفقد غائبهم).

وثورة الزنج بدأت في القرن الثالث بقيادة القرمطي الذي ادعى أنه علوي، وهي مدونة في مصادر التاريخ، وقد انطبقت عليها الأوصاف التي وصفها بها أمير المؤمنين عليه السلام  بشكل دقيق، وكانت ردة فعل للظلم والترف واضطهاد العبيد، وكان عامة جيشها من الزنوج العبيد الحفاة الذين لا خيل لهم.

وأما (خرابها)  الذي هو من علامات ظهور المهدي عليه السلام، فقد وردت فيه روايات تذكر أن البصرة من المؤتفكات المذكورة في القرآن الكريم أي المدن المنقلبات بأهلها بالخسف والعقاب الإلهي، وأن البصرة ائتفكت ثلاث مرات وبقيت الرابعة.

ففي شرح النهج لابن ميثم البحراني قال: (لما فرغ أميرالمؤمنين عليه السلام  من أمر الحرب لأهل الجمل(من أمر أهل الجمل) أمر منادياً أن ينادي في أهل البصرة أن الصلاة جامعة لثلاثة أيام (من غد إن شاء الله)  ولا عذر لمن تخلف إلا من حجة أو عذر، فلا تجعلوا على أنفسكم سبيلاً. فلما كان اليوم الذي اجتمعوا فيه خرج عليه السلام   فصلى بالناس الغداة في المسجد الجامع، فلما قضى صلاته قام فأسند ظهره إلى حائط القبلة عن يمين المصلي فخطب الناس، فحمد الله وأنثى عليه بما هو أهله، وصلى على النبي صلى الله عليه وآله وسلم   واستغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات، ثم قال: يا أهل البصرة، يا أهل المؤتفكة ائتفكت بأهلها ثلاثاً وعلى الله تمام الرابعة!

يا جند المرأة وأعوان البهيمة، رغا فأجبتم، وعقر فهربتم، أخلاقكم دقاق، ودينكم نفاق، وماؤكم زعاق، بلادكم أنتن بلاد الله تربة، وأبعدها من السماء، بها تسعة أعشار الشر. المحتبس فيها يذنبه، والخارج منها بعفو الله.

كأني أنظر إلى قريتكم هذه وقد طبقها الماء حتى ما يرى منها إلا شرف المسجد كأنه جؤجؤ طير في لجة بحر.

فقام إليه الأحنف بن قيس فقال له: يا أمير المؤمنين ومتى يكون ذلك؟ قال: يا أبا بحر إنك لن تدرك ذلك الزمان، وإن بينك وبينه لقروناً، ولكن ليبلغ الشاهد منكم الغائب عنكم، لكي يبلغوا إخوانهم إذا هم رأوا البصرة قد تحولت أخصاصها دوراً وآجامها قصوراً، فالهرب الهرب فإنه لا بصرة لكم يومئذ. ثم التفت عن يمينه فقال: كم بينكم وبين الأبلة؟ فقال له المنذرين الجارود: فداك أبي وأمي، أربعة فراسخ. قال له: صدقت، فوالذي بعث محمد صلى الله عليه وآله وسلم  وأكرمه بالنبوة، وخصه بالرسالة، وعجل بروحه إلى الجنة، لقد سمعت منه كما تسمعون مني أن قال: يا علي هل علمت أن بين التي تسمى البصرة والتي تسمى الأبلة أربعة فراسخ، وسيكون بالتي تسمى أبلة موضع أصحاب العشور، يقتل في ذلك الموضع من أمتي سبعون ألف شهيد، هم يومئذ بمنزلة شهداء بدر.

فقال له المنذر: يا أمير المؤمنين ومن يقتلهم، فذاك أبي وأمي؟ قال: يقتلهم إخوان وهم جيل كأنهم الشياطين، سود ألوانهم، منتنة أرواحهم، شديد كلبهم، قليل سلبهم طوبى لمن قتلوه. ينفر لجهادهم في ذلك الزمان قوم هم أذلة عند المتكبرين من أهل ذلك الزمان، مجهولون في الأرض، معروفون في السماء، تبكي عليهم السماء وسكانها، والأرض وسكانها - ثم هملت عيناه بالبكاء ثم قال: ويحك يا بصرة من جيش لارهج له ولاحس. فقال له المنذر: وما الذي يصيبهم من قبل(قبل) الغرق مما ذكرت؟ فقال: هما بابان: فالويح باب الرحمة، والويل باب عذاب.

يا بن الجارود، نعم: ثارات عظيمة. منها عصبة يقتل بعضهم بعضاً. ومنها فتنة يكون فيها إخراب منازل وخراب ديار وانتهاب أموال وسباء نساء يذبحن ذبحاً، يا ويل أمرهن حديث عجيب. ومنها أن يستحل الدجال الأكبر الأعور الممسوح العين اليمنى والأخرى ممزوجة لكأنها في الحمرة علقة، ناتئ الحدقة كهيئة حبة العنب الطافية على الماء، فيتبعه من أهلها عدة من قتل بالأبلة من الشهداء، أنا جيلهم في صدورهم، يقتل من يقتل، ويهرب من يهرب. ثم رجف، ثم قذف، ثم خسف ثم مسخ. ثم الجوع الأغبر، ثم الموت الأحمر وهو الغرق.

يا منذر: إن للبصرة ثلاثة أسماء سوى البصرة في زبر الأول، لا يعلمها إلا العلماء. منها الخريبة، ومنها تدمر، ومنها المؤتفكة.

إلى أن قال: يا أهل البصرة، إن الله لم يجعل لأحد من أمصار المسلمين خطة شرف ولاكرم إلا وقد جعل فيكم أفضل من ذلك، وزادكم من فضله بمنه ما ليس لهم. أنتم أقوم الناس قبلة، قبلتكم على المقام حيث يقوم الإمام بمكة، وقارؤكم أقرأ الناس، وزاهدكم أزهد الناس، وعابدكم أعبد الناس، وتاجركم أتجر الناس وأصدقهم في تجارته، ومتصدقكم أكرم الناس صدقة، وغنيكم أشد الناس بذلاً وتواضعاً، وشريفكم أكرم الناس خلقاً، وأنتم أكثر الناس جواراً، وأقلهم تكلفاً لما لا يعنيه، وأحرصهم على الصلاة في جماعة، ثمرتكم أكثر الثمار، وأموالكم أكثر الأموال، وصغاركم أكيس الأولاد، ونساؤكم أمنع الناس وأحسنهن تبعلاً، سخر لكم الماء يغدو عليكم ويروح صلاحاً لمعاشكم، والبحر سبباً لكثرة أموالكم، فلو صبرتم واستقمتم لكانت شجرة طوبى لكم مقيلاً وظلاً ظليلاً، غير أن حكم الله ماض، وقضاءه نافذ، لامعقب لحكمه، وهو سريع الحساب، يقول الله: (وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلا نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَاباً شَدِيداً كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُوراً). إلى أن قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم  قال لي يوماً، وليس معه غيري: إن جبرئيل الروح الأمين حملني على منكبه الأيمن حتى أراني الأرض ومن عليها، وأعطاني أقاليدها، وعلمني ما فيها وما قد كان على ظهرها، وما يكون إلى يوم القيامة، ولم يكبر ذلك على كما لم يكبر على أبي آدم، علمه الأسماء كلها ولم تعلمها الملائكة المقربون. وإني رأيت على شاطئ البحر قرية (بلدة)  تسمى البصرة، فإذا هي أبعد الأرض من السماء وأقربها من الماء، وأنها لأسرع الأرض خراباً، وأخشنها تراباً، وأشدها عذاباً. ولقد خسف بها في القرون الخالية مراراً، وليأتين عليها زمان وإن لكم يا أهل البصرة وما حولكم من القرى من الماء ليوماً عظيما بلاؤه. وإني لأعلم موضع منفجره من قريتكم هذه. ثم أمور قبل ذلك تدهمكم، عظيمة أخفيت عنكم وعلمناها، فمن خرج عنها عند دنو غرقها فبرحمة من الله سبقت له. ومن بقي فيها غير مرابط فبذنبه، وما الله بظلام للعبيد)  (البحار:60/224-226).

وقد أضفنا لها فقرة من نهج السعاة في مستدرك نهج البلاغة ص325، وقد روى فقرة منها عن عيون الأخبار لابن قتيبة عن الحسن البصري، وفيها: (غير أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم  يقول: تفتح أرض يقال لها البصرة أقوم الأرضين قبلة، قارؤها أقرأ الناس، وعابدها أعبد الناس، وعالمها أعلم الناس، ومتصدقها أعظم الناس صدقة، وتاجرها أعظم الناس تجارة. منها إلى قرية يقال لها الأبلة أربعة فراسخ، يستشهد عند مسجد جامعها أربعون ألفا، الشهيد منهم يومئذ كالشهيد معي يوم بدر).

لكن لو صحت هذه الصيغة للخطبة الشريفة فلا تدل على أن هذا الخراب متصل بالظهور لأن بعض صيغها تذكر أنه يكون في الرجعة.

ويظهر من مصادر التاريخ أن خطبة أمير المؤمنين عليه السلام  في البصرة وحديثه فيها عن الملاحم قطعية ومشهورة، ولكن رواياتها المتعددة تختلف في الطول والقصر وبعض المضامين.

وتنفرد الروايتان اللتان ذكرناهما بأن خرابها يكون بالغرق بعد الخسف، وهو ما لم يحدث في غرقها في المرتين أو في ثورة الزنج.

وتنفردان أيضاً بذكر شهداء البصرة السبعين ألفاً أو الأربعين ألفاً، وأنهم في درجة شهداء بدر، وأن أمير المؤمنين عليه السلام  بكى عليهم، وفي رواية أن النبي  صلى الله عليه وآله وسلم  بكى عليهم.

وتحدد الرواية الأولى مكان شهادتهم بين البصرة والأبلة، التي هي اليوم حي من البصرة تقع قربه محطة القطار، بينما تذكر رواية ابن قتيبة أن مكان شهادتهم عند مسجدها الجامع الذي يظهر أن المقصود بمسجد البصرة.

ولابد أن تكون حادثة استشهادهم قبل ظهور المهدي عليه السلام ، لأنه لا جبابرة ولامستكبرون بعد ظهوره عليه السلام  ليكون هؤلاء الشهداء مستضعفين عندهم كما وصفتهم الرواية.

كما لا تحدد الرواية بوضوح من يقتلهم، ولعل كلمة (إخوان)  مصحفة عن كلمة أخرى، والدجال المذكور أنه يكون بعدهم وأتباعه السبعون ألفاً من النصارى أصحاب الأناجيل، لايبعد أن يكون غير الدجال الموعود، لأنه يظهر بعد المهدي عليه السلام .

على أن رواية ابن قتيبة تقتصر على ذكر شهداء الأبلة فقط ولاتذكر هذا الدجال، ولم يذكر ابن ميثم(ره) المصدر الذي أخذ منه الرواية.

وجاء في تفسير نور الثقلين في قوله تعالى:(وَجَاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ وَالْمُؤْتَفِكَاتُ بِالْخَاطِئَةِ)  (الحاقة: 9)، أن المؤتفكات هي البصرة.

وفي تفسير قوله تعالى:(وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى) (النجم:53)، عن الإمام الصادق عليه السلام  قال: ( هم أهل البصرة، وهي المؤتفكة).

وفي تفسير قوله تعالى: (وَجَاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ وَالْمُؤْتَفِكَاتُ بِالْخَاطِئَةِ)  (الحاقة:9)، عن الإمام الصادق عليه السلام: (أولئك قوم لوط، ائتفكت عليهم: انقلبت عليهم).

وفيه نقلاً عن (كتاب من لا يحضره الفقيه: (عن جويرية بن مسهر العبدي قال: ( أقبلنا مع أمير المؤمنين عليه السلام  من قتل الخوارج حتى إذ قطعنا في أرض بابل حضرت صلاة العصر، فنزل أمير المؤمنين عليه السلام  ونزل الناس، فقال علي عليه السلام: أيها الناس إن هذه الأرض ملعونة قد عذبت في الدهر ثلاث مرات (وفي خبر آخر مرتين)  وهي تتوقع الثالثة، وهي إحدى المؤتفكات). انتهى.

هذا، لكن بعد التأمل في روايات أحداث البصرة وخرابها قبل ظهور المهدي  عليه السلام، نرى أنه يمكن المناقشة في ارتباطها بعلامات الظهور واتصالها بحدثه، ما عدا بعضها مثل رواية المفيد(ره) في الإرشاد ص361 عن الإمام الصادق عليه السلام   يقول: (يزجر الناس قبل قيام القائم عليه السلام  عن معاصيهم بنار تظهر في السماء، وحمرة تجلل السماء، وخسف ببغداد، وخسف ببلدة البصرة، ودماء تسفك بها، وخراب دورها، وفناء يقع في أهلها، وشمول أهل العراق خوف لا يكون لهم معه قرار).

وقد أوردنا هذا الحديث في معجم أحايث الإمام المهدي عليه السلام  برقم:1047، وأورده في إعلام الورى ص429 كما في الإرشاد بتفاوت يسير، وفي سنده (الحسن بن يزيد بدل الحسين بن سعيد). وفي إثبات الهداة:3/733 عن إعلام الورى، وفي سنده (الحسين بن يزيد)  بدل (الحسين بن سعيد)، وفي: ص742عن الإرشاد، وفي سنده ( منذر الخوزي بدل منذر الجوزي)، وفيه: (وخسف بمنارة البصرة). وهذا يعطينا احتمال أن يكون الخسف محدوداً بمكان أو منطقة منها. والله العالم.

الفترة الرابعة: فتح العراق على يد الإمام المهدي عليه السلام:

وأحاديثه كثيرة جداً في مصادر الجميع، عن دخول المهدي عليه السلام  إلى العراق، وتحريره من بقايا قوات السفياني، ومن مجموعات الخوارج المتعددة، واتخاذه قاعدة دولته وعاصمتها.

ولم أجد تحديداً دقيقاً لوقت دخوله عليه السلام  إلى العراق، ولكن يأتي في حركة ظهوره عليه السلام  أنه يكون بعد بضعة شهور من الظهور المقدس، وبعد تحرير الحجاز، وربما معركة الأهواز أو بيضاء إصطخر التي يهزم فيها قوات السفياني هزيمة ساحقة.

وتصف بعض الروايات دخوله الى العراق جواً بسرب من الطائرات كما في الحديث التالي عن الإمام الباقر عليه السلام  في تفسير قوله تعالى: (يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ فَانْفُذُوا لاتَنْفُذُونَ إِلا بِسُلْطَانٍ)، قال: ينزل القائم يوم الرجفة بسبع قباب من نور لا يعلم في أيها هو، حتى ينزل ظهر الكوفة).

وهذه الرواية بالإضافة إلى ما فيها من جانب إعجازي تدل على أن الوضع الأمني يستوجب من الإمام المهدي عليه السلام  هذا الإحتياط، فبالإضافة إلى معاداة الوضع العالمي له، لا يكون قد أتم تطهير الساحة الداخلية في العراق.

وتعبير (ينزل)  وبعده (حتى ينزل ظهر الكوفة)  يفهم منه أنه لا ينزل الكوفة أو النجف رأساً، فقد ينزل في العاصمة أولاً، أو في قاعدة عسكرية، أو في كربلاء، كما تذكر بعض الروايات.

وتذكر الأحاديث عدداً كبيراً من أعماله عليه السلام  في العراق ومعجزاته. وسوف نستعرضها في حركة ظهوره، ونذكر منها هنا مايتعلق بالوضع العام في العراق، وأهم ذلك تصفيته عليه السلام  لوضعه الداخلي والقضاء على القوى المضادة الكثيرة، حيث تذكر الأحاديث أنه يدخل الكوفة - أي العراق- وفيه ثلاث اتجاهات متضاربة، يبدو أنها الاتجاه المؤيد له عليه السلام، والاتجاه المؤيد للسفياني والثالث اتجاه الخوارج.

فعن عمرو بن شمر عن الإمام الباقر عليه السلام  قال ذكر المهدي عليه السلام  فقال: ( يدخل الكوفة وبها ثلاث رايات قد اضطربت فتصفو له. ويدخل حتى يأتي المنبر فلا يدري الناس ما يقول من البكاء!). (الإرشاد للمفيد ص362).

والكوفة في هذا الحديث وأمثاله تعبير عن العراق، ووجود ثلاث رايات فيه لابد أن يكون منها أنصاره الخراسانيون واليمانيون، كما يدل الحديث التالي المستفيض في مصادر الشيعة والسنة عن أمير المؤمنين وعن الإمام الباقر عليه السلام  قال: (تنزل الرايات السود التي تخرج من خراسان (إلى)  الكوفة، فإذا ظهر المهدي بعثت له بالبيعة)  ( البحار:52/217).

ويظهر أن الحركات المضادة له عليه السلام  تكون كثيرة سواء من جماعات الخوارج، أو جماعات السفياني وغيرهم، وأنه عليه السلام  يستعمل سياسة الشدة والقتل لمن يقف في وجهه، تنفيذاً للعهد المعهود إليه من جده رسول الله  صلى الله عليه وآله وسلم . فعن الإمام الباقر عليه السلام  قال: ( إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم  سار في أمته باللين، كان يتألف الناس، والقائم يسير بالقتل، بذلك أمر في الكتاب الذي معه، أن يسير بالقتل ولا يستتيب أحداً. ويلٌ لمن ناواه). (البحار:52/353).

والكتاب الذي معه هو العهد المعهود إليه من رسول الله بإملائه صلى الله عليه وآله وسلم  وخط علي عليه السلام  وفيه كما ورد: (أقتل، ثم أقتل، ولا تستتيبن أحداً)!

وعن الباقر عليه السلام  قال: (يقوم القائم بأمر جديد، وقضاء جديد، على العرب شديد. ليس شأنه إلا السيف ولا يستتيب أحداً، ولا تأخذه في الله لومة لائم).(البحار:52 /354).

والأمر الجديد هو الإسلام الذي يكون قد دثره الجبابرة وابتعد عنه المسلمون، فيحييه المهدي عليه السلام  ويحيي القرآن، فيكون ذلك شديداً على العرب الذين يطيعون حكامهم المعادين له ويحاربونه عليه السلام .

فعن الإمام الصادق عليه السلام  قال: (إن القائم يلقى في حربه ما لم يلق رسول الله  صلى الله عليه وآله وسلم ، لأن رسول الله أتاهم وهم يعبدون الحجارة المنقورة الخشبة المنحوتة، وأن القائم يخرجون عليه فيتأولون عليه كتاب الله ويقاتلونه عليه). (البحار:52/363).

وقد رأينا كيف يتأول الحكام وعلماء السوء التابعين لهم آيات القرآن في معاداة الإسلام وعلمائه.

وتذكر بعض الأحاديث أن بطش الإمام المهدي عليه السلام  يشمل المنافقين المتسترين الذين قد يكون بعضهم من حاشيته فيعرفهم بالنور الذي جعله الله تعالى في قلبه، فعن الإمام الصادق عليه السلام  قال: (بينا الرجل على رأس القائم، يأمره وينهاه، إذ قال: أديروه، فيديرونه إلى قدامه، فيأمر بضرب عنقه! فلايبقى في الخافقين شيء إلا خافه). (البحار:52/355).

وتذكر بعض الأحاديث أن الأمر يصل أحياناً إلى إبادة فئة بكاملها! فعن الإمام الباقر عليه السلام  قال: (إذا قام القائم سار إلى الكوفة فيخرج منها بضعة عشر آلاف أنفس يدعون البترية عليهم السلاح، فيقولون له: إرجع من حيث جئت فلا حاجة لنا في بني فاطمة، فيضع فيهم السيف حتى يأتي على آخرهم. ثم يدخل الكوفة فيقتل كل منافق مرتاب، ويقتل مقاتليها حتى يرضى الله عز وعلا). ( البحار:52/338).

وتذكر الرواية التالية أنه يقتل سبعين رجلاً هم أصل الفتنة والإختلاف داخل الشيعة، ويبدو أنهم من علماء السوء المضلين، فعن مالك بن ضمرة قال أمير المؤمنين عليه السلام : (يا مالك بن ضمرة كيف أنت إذا اختلفت الشيعة هكذا؟ وشبك أصابعه وأدخل بعضها في بعض. فقلت يا أمير المؤمنين ما عند ذلك من خير. قال: الخير كله عند ذلك، يا مالك عند ذلك يقوم قائمنا فيقدم سبعين رجلاً يكذبون على الله ورسوله فيقتلهم، ثم يجمعهم الله على أمر واحد). (البحار: 52 /115).

كما تدل الرواية التالية على بقاء أنصار للسفياني في العراق رغم آية الخسف التي ظهرت في جيشه بالحجاز، ورغم هزيمته في العراق، فعن الإمام زين العابدين عليه السلام  قال: (ثم يسير حتى ينتهي إلى القادسية، وقد اجتمع الناس بالكوفة وبايعوا السفياني). (البحار: 52/387).

وعن الإمام الصادق عليه السلام  قال: (ثم يتوجه إلى الكوفة فينزل بها، ويبهرج دماء سبعين قبيلة من قبائل العرب)  (غيبة الطوسي ص284)، أي يهدر دماء من التحق من هذه القبائل بأعدائه والخوارج عليه.

وعن ابن أبي يعفور عن الإمام الصادق عليه السلام  أن قال له: (وإنه أول قائم يقوم منا أهل البيت يحدثكم بحديث لا تتحملونه، فتخرجون عليه برميلة الدسكرة فتقاتلونه فيقاتلكم فيقتلكم، وهي آخر خارجة تكون). (البحار:52/375).

وعن الإمام الباقر عليه السلام  قال: (بينا صاحب هذا الأمر قد حكم ببعض الأحكام وتكلم ببعض السنة، إذ خرجت خارجة من المسجد يريدون الخروج عليه، فيقول لأصحابه: إنطلقوا، فيلحقونهم بالتمارين فيأتون بهم أسرى، فيأمر بهم فيذبحون. وهي آخر خارجة تخرج على قائم آل محمد  صلى الله عليه وآله وسلم)  (البحار ج 52 ص 345، والتمَّارين محلة بالكوفة.

ويجمع بين الروايتين بأن خوارج رميلة الدسكرة يكونون آخر خارجة مسلحة، وخارجة مسجد الكوفة يكونون آخر فئة تحاول الخروج عليه السلام.

وتدل الروايات الشريفة على أن خوارج رميلة الدسكرة يكونون أخطر فئات الخوارج على المهدي عليه السلام، وأن قائدهم يكون فرعوناً وشيطاناً.

فعن أبي بصير(ره) قال: ( ثم لا يلبث إلا قليلاً حتى تخرج عليه مارقة الموالي برميلة الدسكرة، عشرة آلاف، شعارهم يا عثمان يا عثمان. فيدعو رجلاً من الموالي فيقلده سيفه فيخرج إليهم فيقتلهم حتى لايبقى منهم أحد). (البحار:52/333).

وقد حددت الرواية المتقدمة رميلة الدسكرة بأنها دسكرة الملك، وهي كما في معجم البلدان قرية قرب شهرابان من قرى بعقوبة في محافظة ديالى.

وقد تكون تسميتهم (مارقة الموالي)  لأنهم من غير العرب، أو لأن قائدهم من الموالي، أي غير العرب.

وتذكر بعض الروايات نوعاً آخر من عمليات التصفية الكبيرة هذه، وأنه  عليه السلام  يدعو اثني عشر ألف رجل من جيشه من العجم والعرب فيلبسهم زياً خاصاً موحداً، ويأمرهم أن يدخلوا مدينة فيقتلوا كل من لم يكن لابساً مثلهم فيفعلون. (البحار: 52/ 377).

ولا بد أن تكون تلك المحلة كلها من الكافرين أو المنافقين المعادين له  عليه السلام  حتى يأمر بقتل رجالها، أو يكون قد أخبر المؤمنين من أهلها أن لا يخرجوا من بيوتهم في وقت الهجوم. أو يكون أرسل إليهم ألبسة من نفس الزي الذي ألبسه لجنوده مثلاً.

ولا بد أن تثير هذه التصفيات موجة رعب في داخل العراق وفي العالم، وموجة تشكيك أيضاً.

وقد ورد في بعض الروايات أن بعض الناس يقولون عندما يرون كثرة تقتيله وسفكه دماء أعدائه: (ليس هذا من ولد فاطمة، ولو كان من ولد فاطمة لرحم). بل تقدم أن بعض أصحابه الخاصين عليه السلام  لايتحمل بعض أحكامه، وقد ورد أن بعضهم يدخلهم الشك والريب من كثرة ما يرون من قتله لمناوئيه فيفقد أحدهم أعصابه ويعترض على المهدي عليه السلام،فعن الإمام الصادق عليه السلام قال: (يقبل القائم حتى يبلغ السوق، فيقول له رجل من ولد أبيه: إنك لتجفل الناس إجفال النعم، فبعهد من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم  أو بماذا؟ قال وليس في الناس رجل أشد منه بأسا، فيقوم إليه رجل من الموالي فيقول له: لتسكتن أو لأضربن عنقك. فعند ذلك يخرج القائم عليه السلام  عهداً من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم). (البحار:52/387).

ومعنى من ولد أبيه أنه علوي النسب. وإجفال النعم أي تخويف الغنم. ومعنى (حتى يبلغ السوق)  يبلغ مكاناً هو سوق المدينة، أو إسمه السوق.

وقد ورد في رواية أخرى أن هذا الرجل الذي يأمر السيد المعترض بالسكوت هو(المولى الذي يتولى البيعة)، أي المسؤول عن أخذ البيعة من الناس للإمام المهدي عليه السلام.

فعن الإمام الباقر عليه السلام قال: (حتى إذا بلغ الثعلبية قام إليه رجل من صلب أبيه وهو من أشد الناس ببدنه وأشجعهم بقلبه ما خلا صاحب هذا الأمر، فيقول: يا هذا ما تصنع؟ فوالله إنك لتجفل الناس إجفال النعم، أفبعهد من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أم بماذا؟ فيقول المولى الذي ولي البيعة: والله لتسكتن أو لأضربن الذي فيه عيناك. فيقول له القائم: أسكت يا فلان. إي والله، إن معي عهدا من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. هات يا فلان العيبة أو الزنفيلجة، فيأتيه بها فيقرؤه العهد من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم  فيقول: جعلني الله فداك، أعطني رأسك أقبله، فيعطيه رأسه فيقبل بين عينيه، ثم يقول: جعلني الله فداك جدد لنا بيعة، فيجدد لهم بيعة). (البحار:52/343)، والعيبة والزنفيلجة بمعنى الصندوق الصغير. والثعلبية مكان بالعراق من جهة الحجاز.

وبهذا العرض المجمل لمن يقتلهم المهدي عليه السلام  في العراق، يظهر أنهم فئات متعددة من الشيعة والسنة، من مؤيدي السفياني ومعارضيه، من علماء السوء والمجموعات والأحزاب وعامة الناس.

ومن الطبيعي أن يكون فيهم فئات عميلة للروم وغيرهم أيضاً.

ولكن بعد ذلك، يتنفس العراق الصعداء في ظل سلطة الإمام المهدي عليه السلام، ويدخل حياة جديدة في مركزه العالمي بوصفه عاصمة الإمام عليه السلام  ومحط أنظار المسلمين ومقصد وفودهم. وتصبح الكوفة والسهلة والحيرة والنجف وكربلاء محلات لمدينة واحدة يتردد ذكرها على ألسنة شعوب العالم وفي قلوبهم، ويقصدها القاصدون من أقاصي المعمورة ليلة الجمعة، ويبكرون لأداء صلاة الجمعة خلف المهدي عليه السلام ، في مسجده العالمي ذي الألف باب فلا يكاد الواحد أن يحصل على موضع صلاة بين عشرات الملايين القاصدة.

فعن الإمام الصادق عليه السلام  قال: (دار ملكه الكوفة، ومجلس حكمه جامعها، وبيت ماله ومقسم غنائم المسلمين مسجد السهلة. وموضع خلواته الذكوات البيض من الغريين. والله لا يبقى مؤمن إلا كان بها أو حواليها (وفي رواية أو يجئ إليها، وفي رواية أخرى أو يحن إليها وهو الصحيح)  ولتصيرن الكوفة أربعة وخمسين ميلاً، ولتجاورن قصورها قصور كربلاء، وليصيرن الله كربلاء، معقلاً ومقاماً تختلف إليه الملائكة والمؤمنون، وليكونن لها شأن من الشأن)  (البحار:53 /11).

و(مجلس حكمه)  أي مجلسه للمراجعات والحكم بين الناس، في مسجد الكوفة الفعلي، أو في مسجد الجمعة الكبير الذي يبنيه.

و(موضع خلواته الذكوات البيض)  أي موضع اعتكافه للعبادة الربوات البيضاء قرب النجف وتسمى النجف الغري والغريين.

وأربعة وخمسين ميلاً: أي تصير مساحة الكوفة أو طولها نحو مئة كيلومتر.

وعن الإمام الصادق عليه السلام  قال: ( يبني في ظهر الكوفة مسجداً له ألف باب، وتتصل بيوت الكوفة بنهري كربلاء والحيرة، حتى يخرج الرجل على بغلة سفواء يريد الجمعة فلايدركها). (الغيبة للطوسي ص280)، والسفواء الخفيفة السريعة، أي يركب وسيلة خفيفة سريعة فلا يدرك صلاة الجمعة، لأنه لايجد موقفاً فارغاً ومحلاً للصلاة.

والأحاديث عن التطور المعنوي والمادي في العراق مركز عاصمته عليه السلام  كثيرة لا يتسع لها المجال.

وبتصفية المهدي عليه السلام  العراق وضمه إلى دولته وجعله عاصمتها، تكون دولته قد شملت اليمن والحجاز وإيران والعراق، ومعها بلاد الخليج. وبذلك يتفرغ لأعدائه الخارجيين، فيبدأ أولاً بالترك فيرسل لهم جيشاً فيهزمهم.

ثم يتوجه بنفسه على رأس جيشه إلى الشام حتى ينزل(مرج عذراء)  قرب دمشق استعداداً لخوض المعركة مع السفياني واليهود والروم، معركة فتح القدس الكبرى، كما سيأتي في أحداث حركة ظهوره عليه السلام.

الحرب العالمية في عصر الظهور:

تدل أحادث متعددة على وقوع حرب عالمية قرب ظهور المهدي عليه السلام. ومن المستبعد انطباقها على الحربين العالميتين الأولى والثانية القريبتين من عصرنا، لأن أوصافها المذكورة تختلف عن أوصافهما، فهي تنص على ظهوره عليه السلام  بعدها أو أثناءها، بل يظهر من بعض أحاديثها أنها تقع في سنة ظهوره، أو بعد بداية حركته المقدسة.

وهذه نماذج من أحاديثها:

عن أمير المؤمنين عليه السلام  قال: (بين يدي القائم موت أحمر وموت أبيض. وجراد في حينه وجراد في غير حينه كألوان الدم. فأما الموت الأحمر فالسيف. وأما الموت الأبيض فالطاعون). (الإرشاد للمفيد ص 405 والغيبة للطوسي277).

وتدل عبارة(بين يدي القائم)  على أن هذه الحرب والموت الأحمر تكون قريبة جداً من ظهور المهدي عليه السلام. ولا يعين الحديث مكان وقوعها.

وعن الإمام الباقر عليه السلام  قال: (لا يقوم القائم إلا على خوف شديد وزلازل وفتنة وبلاء يصيب الناس، وطاعون قبل ذلك، ثم سيف قاطع بين العرب، واختلاف بين الناس، وتشتت في دينهم، وتغير في حالهم، حتى يتمنى المتمني الموت صباحا ومساء من عِظَم ما يرى من تكالب الناس وأكلهم بعضهم بعضاً). ( كمال الدين للصدوق ص 434).

وهو يدل على وقوع الطاعون قبل الخوف الشديد الذي قد يكون الحرب العامة. ولكن يصعب استفادة التسلسل في أحداثه حتى لو فرضنا أن الراوي لم يقدم ويؤخر فيها، لأن جملة (سيف قاطع بين العرب)  المعطوفة بـ (ثم)  يصح عطفها على جملة (وطاعون قبل ذلك)  المعترضة، فيكون اختلاف العرب هذا بعد الطاعون، ويصح عطفها على جملة (وبلاء يصيب الناس)  فيكون قبل الطاعون. مضافا إلى الاجمال في هذه الحوادث.

نعم يفهم منه وجود فترة شديدة على العرب والناس أمنياً وسياسياً واقتصادياً، وقد تكون هي سنة الجوع الموعود في الرواية التالية عن الإمام الصادق عليه السلام  قال: (لابد أن يكون قدام القائم سنة يجوع فيها الناس ويصيبهم خوف شديد من القتل)  (البحار:52/229).

ويدل الحديث التالي على أن هذه الشدة والحرب، أو حالة الحرب، تستمر حتى يكون النداء السماوي في شهر رمضان قرب ظهور المهدي عليه السلام،

فعن الإمام الباقر عليه السلام  قال: (يختلف أهل الشرق وأهل الغرب، نعم وأهل القبلة. ويلقى الناس جهداً شديداً مما يمر بهم من الخوف. فلايزالون بتلك الحال حتى ينادي مناد من السماء. فإذا نادى فالنفر النفر)  (البحار:52/235).

وهو يدل أيضاً على أن خسائرها تقع أساساً على الأمم غير الإسلامية، فعبارة: (يختلف أهل الشرق وأهل الغرب، نعم وأهل القبلة)  عبارة دقيقة تشعر بأن اختلاف أهل القبلة أي المسلمين ثانوي بالنسبة إلى اختلاف الغربين والشرقيين، وكأنه ناتج عنه وتابع له.

وهذا هو الأمر الطبيعي في الحرب العالمية المتوقعة حيث ستكون أهدافها عواصم الدول الكبرى وقواعدها العسكرية ولا تصل إلى المسلمين إلا بشكل غير أساسي، وقد صرحت بذلك بعض الأحاديث فعن أبي بصير قال سمعت أبا عبد الله (الإمام الصادق عليه السلام) يقول: (لا يكون هذا الأمر حتى يذهب ثلثا الناس، فقلنا: إذا ذهب ثلثا الناس فمن يبقى؟ قال: أما ترضون أن تكونوا في الثلث الباقي)  (البحار:52/ 113)

ولعل أكثر النصوص تحديداً لوقت هذه الحرب وسببها الخطبة المروية عن أمير المؤمنين عليه السلام  التي يذكر فيها عدداً من علامات ظهور المهدي عليه السلام   وأحداث حركته، وقد ورد فيها فقرتان تتعلقان بالحرب العالمية. قال عليه السلام :

(ألا أيها الناس، سلوني قبل أن تشغر برجلها فتنة شرقية، تطأ في خطامها بعد موت وحياة، أو تشب نار بالحطب الجزل غربي الأرض، رافعة ذيلها تدعو ياويلها، بذحلة أو مثلها. ويخرج رجل من أهل نجران (راهب من أهل نجران)  يستجيب الإمام فيكون أول النصارى إجابة، ويهدم صومعته ويدق صليبها، ويخرج بالموالي وضعفاء الناس والخيل، فيسيرون إلى النخيلة بأعلام هدى، فيكون مجمع الناس جميعاً من الأرض كلها بالفاروق(وهي محجة أمير المؤمنين عليه السلام  بين البرس والفرات)، فيقتل يومئذ ما بين المشرق والمغرب ثلاثة آلاف (ألف)  من اليهود والنصارى، يقتل بعضهم بعضاً، فيومئذ تأويل هذه الآية: (فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيداً خَامِدِينَ). بالسيف)  (البحار:53 /82 و 84).

وقوله عليه السلام: (قبل أن تشعر برجلها فتنة شرقية)  يدل على أن بداية هذه الحرب من الشرق، أو من نزاع في منطقة الشرق.

وقوله: (أو تشب نار بالحطب الجزل غربي الأرض)  يدل على أن مركز تدميرها هو البلاد الغربية، وحطبها الكثير القابل للإشتعال، أي قواعدها العسكرية وعواصمها ومراكزها الهامة.

ويبدو أن معنى قوله عليه السلام: (فيكون مجمع الناس جميعاً من الأرض كلها بالفاروق)  أن الناس يأتون يومئذ من أنحاء الأرض للإلتحاق بالمهدي عليه السلام، ويكون مقره في العراق بين الكوفة والحلة، كما يأتيه ذلك الراهب النجراني في وفد من المستضعفين.

ويظهر أن عبارة (وهي محجة أمير المؤمنين وهي ما بين البرس والفرات)  حاشية من الراوي أو الناسخ، دخلت في الأصل.

ولعل معنى المحجة أنها مكان اجتماع قوافل الحج في زمن أمير المؤمنين  عليه السلام، أو أنها كانت مكاناً تجتمع فيها رايات الوفود إلى معسكره أو زيارته.

(فيقتل يومئذ ما بين المشرق والمغرب ثلاثة آلاف ألف)  أي ثلاثة ملايين، وقد وضعنا كلمة (ألف)  بين قوسين لأنها وردت في رواية أخرى في البحار:52 /274، ولعلها سقطت من هذه الرواية.

ولا يعني ذلك أن مجموع قتلى الحرب العالمية هو ثلاثة ملايين فقط، بل قد يكون قتلى ذلك اليوم أو تلك الفترة، وتكون مرحلة من مراحل الحرب العالمية، وآخر مراحلها. فقد تقدم أن مجموع خسائرها مع الطاعون الذي يكون قبلها أو بعدها يبلغ ثلثي سكان العالم، وفي رواية خمسة أسباعهم، كما عن الإمام الصادق عليه السلام: (قدام القائم موتان موت أحمر وموت أبيض، حتى يذهب من كل سبعة خمسة) (البحار:52/207)، وفي بعضها تسعة أعشار الناس.

وقد يكون اختلاف الروايات بسبب تفاوت المناطق أو غيره من الأسباب. وعلى كل حال فخسائر هذه الحرب تكون من المسلمين قليلة.

وخلاصة القول: أن الأحاديث الشريفة تدل على أنه يوجد خوف عالمي شامل من القتل قبيل ظهوره عليه السلام، في سنة ظهوره مثلاً، وخسائر فادحة جداً في الأرواح، وبشكل أساسي في غير المسلمين.

وهو أمر يصح تفسيره بالحرب العامة ووسائلها التدميرية الحديثة المخيفة لجميع أطرافها وجميع الشعوب. إذ لو كانت حرباً تقليدية لما كان خوفها بهذا الشمول الذي تصفه الروايات، ولكان منها طرف على الأقل أو مناطق لا يشملها خوف القتل.

ولكن توجد روايات وقرائن ترجح تفسيرها بموجة من الحروب الإقليمية خاصة التعبير الوارد عن الإمام الباقر عليه السلام  عن سنة الظهور: (وتكثر الحروب في الأرض)، حيث ينص على أنها حروب متعددة في تلك السنة. وعليه يكون الجمع بينها وبين روايات الإختلاف والحرب بين أهل الشرق والغرب، أن ذلك يأخذ شكل حروب إقليمية بينهم ويتركز دمارها على غربي الأرض.

أما وقتها، فيفهم من الأحاديث أنه قريب جداً من ظهوره عليه السلام، في سنة ظهوره مثلاً، وإذا أردنا أن نجمع بين أحاديث هذه الحرب وصفاتها، فالمرجح أنها تكون على مراحل حيث تبدأ قبيل بداية حركة ظهوره عليه السلام   ثم تكون بقية مراحلها بعد حركة ظهوره، ويكون فتحه للحجاز في أثنائها، ثم تنتهي بعد فتحه العراق.

أما إذا فسرنا أحاديثها بحرب نووية شاملة، وأخذنا بما تكتبه الصحف عن الحرب النووية العالمية فإن مدتها تكون قصيرة جداً، لا تزيد عن شهر واحد كما يذكرون. والله العالم.

الإيرانيون ودورهم في عصر الظهور:

قبل الثورة الإسلامية في إيران كانت إيران تعني في أذهان الغربيين قاعدة حيوية في وسط العالم الإسلامي، وعلى حدود روسيا.

وكانت تعني في أذهان المسلمين بلداً إسلامياً عريقاً يتسلط عليه (شاه)  موال للغرب وإسرائيل، يسخر بلده لخدمتهم.

وكانت تعني للشيعي مثلي مضافاً إلى ذلك بلدا فيه مشهد الإمام الرضا  عليه السلام، وحوزة قم العلمية ذات تاريخ عريق في التشيع والعلماء ومؤلفاتهم.

وكنا عندما نمر بالأحاديث التي تمدح الفرس وقوم سلمان أو نتذاكرها نقول لبعضنا: إنها مثل الأحاديث التي تمدح أهل اليمن، أو بني خزاعة، أو تذمهم، وإن كل الأحاديث التي تمدح أو تذم أقواماً أو بلداناً أو قبائل، فهي محل نظر. وإن صحت فهي أحاديث عن التاريخ تخص حالة هذه الشعوب في صدر الإسلام وقرونه الأولى.

كانت هذه هي النظرة السائدة بين المثقفين منا، وأن الأمة اليوم كلها تعيش حالة جاهلية وتخضع لسيطرة الكفر العالمي ووكلائه، ولا أحد من شعوبها أفضل من أحد، بل قد يكون الإيرانيون أسوأ حالاً من غيرهم لأنهم أصحاب حضارة كافرة عريقة، وأمجاد قومية يعمل الغرب والشاه على بعثها فيهم، وتربيتهم على الإعتزاز بها والتعصب لها.

حتى إذا فاجأت المسلمين في العالم أحداث ثورة إيرن الإسلامية بانتصارها فرحت قلوبهم المهمومة فرحاً لم تعرفه منذ قرون، وضاعف منه أنه نصر غير محتسب، وعمت أعمال التعبير عن فرحتهم، كل بلادهم، وكان منها أحاديث الناس عن فضل العجم والفرس وقوم سلمان، وكان عنوان مجلة المعرفة التونسية (الرسول يختار الفرس لقيادة الأمة الإسلامية)  واحداً من مئات العناوين في منشورات مغرب العالم الإسلامي ومشرقه، التي تعني أننا استعدنا ذاكرتنا عن الإيرانيين، واكتشفنا أن أحاديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم  عنهم لم تكن تاريخاً فقط، بل مستقبلاً أيضاً.

ورجعنا إلى مصادر الحديث والتفسير نتتبع أخبار الإيرانيين ونتفحصها فإذا بها تخص المستقبل كالماضي، وإذا بها في مصادر السنة أكثر منها في مصادر الشيعة.

ماذا نصنع إذا كانت أحاديث المهدي المنتظر عليه السلام  والتمهيد لدولته فيها السهم الأوفر للإيرانيين واليمانيين، الذين ينالون شرف التمهيد لدولته والمشاركة في حركته عليه السلام  ؟ وفيها نصيب للنجباء من مصر، والأبدال من الشام، والعصائب من العراق.

وفيها حظ لمؤمنين متفرقين من أطراف العالم الإسلامي، يكونون أيضاً من خاصة أصحابه ووزارئه، أرواحنا فداه وفداهم.

وهذه بعض الأحاديث الواردة في الإيرانيين بشكل عام:

أحاديث المصادر السنية في مدح الإيرانيين:

من الأمور الملفتة كثرة الأحاديث النبوية في مدح الفرس في مصادر السنيين، وقلتها في مصادر الشيعة! حتى أن الباحث يستطيع أن يؤلف من صحاح السنة ومسانيدهم كتاباً في مناقب الإيرانيين وتفضيلهم على العرب!

من نوع حديث (الغنم السود والبيض): الذي رواه الحافظ أبو نعيم في كتابه ذكر أصبهان ص8، بعدة طرق، عن أبي هريرة، وعن النعمان بن بشير، وعن مطعم بن جبير، وعن أبي بكر، وعن ابن أبي ليلى، وعن حذيفة عن النبي  صلى الله عليه وآله وسلم  واللفظ لحذيفة: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : إني رأيت الليلة كأن غنماً سوداً تتبعني ثم أردفها غنم بيض حتى لم أر السود فيها. فقال أبو بكر: هذه الغنم السود العرب تتبعك، وهذه الغنم البيض هي العجم تتبعك فتكثر حتى لا ترى العرب فيها. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم  هكذا عبرها الملك).

وحديث (فارس عصبتنا أهل البيت): رواه أبو نعيم أيضاً عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم  وذكرت عنده فارس فقال: فارس عصبتنا أهل البيت).

وحديث (لأنا أوثق بهم منكم): الذي رواه أبو نعيم في المصدر المذكور ص 12 عن أبي هريرة قال: (ذكرت الموالي أو الأعاجم عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم  فقال: والله لأنا أوثق بهم منكم، أو من بعضكم)! (وروى قريباً منه الترمذي:5/382)

وحديث مسلم في صحيحه:7/192، عن أبي هريرة قال: كنا جلوساً عند النبي  صلى الله عليه وآله وسلم   إذا نزلت عليه سورة الجمعة فلما قرأ: (وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ)، قال رجل: من هؤلاء يا رسول الله فلم يراجعه النبي  صلى الله عليه وآله وسلم   حتى سأله مرة أو مرتين أو ثلاثاً، قال وفينا سلمان الفارسي، قال فوضع النبي  صلى الله عليه وآله وسلم   يده على سلمان ثم قال: لو كان الايمان عند الثريا لناله رجال من هؤلاء). انتهى.

وما رواه أحمد:5/11 عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم  أنه قال (يوشك أن يملأ الله تبارك وتعالى أيديكم من العجم ثم يكونون أسداً لايفرون فيقتلون مقاتلتكم، ولا يأكلون فيأكم). ورواه أبو نعيم في ذكر أصبهان ص13 بعدة طرق عن حذيفة، وسمرة بن جندب، وعبد الله بن عمر.

وما رواه ابن أبي الحديد في شرح النهج:20/284، قال: (جاء الأشعث إليه (إلى علي عليه السلام)  فجعل يتخطى الرقاب حتى قرب منه، ثم قال له: يا أمير المؤمنين غلبتنا هذه الحمراء على قربك، يعني العجم، فركض المنبر برجله حتى قال صعصعة بن صوحان: ما لنا وللأشعث! ليقولن أمير المؤمنين اليوم في العرب قولاً لايزال يذكر. فقال عليه السلام : من عذيري من هؤلاء الضياطرة، يتمرغ أحدهم على فراشه تمرغ الحمار، ويهجر قوما للذكر! أفتأمرني أن أطردهم؟! ما كنت لأطردهم فأكون من الجاهلين. أما والدي فلق الحبة وبرأ النسمة، ليضربنكم على الدين عوداً كما ضربتموهم عليه بدءاً). انتهى.

والذي يتصل بموضوعنا هو دورهم في عصر الظهور وحركة الإمام المهدي عليه السلام. وقد وردت الأحاديث حولهم بتسعة عناوين: قوم سلمان. أهل المشرق. أهل خراسان. أصحاب الرايات السود. الفرس. أهل قم وأهل الطالقان والمقصود فيها غالباً واحد.


source : http//m-mahdi.com
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

الصحابة عند الشيعة
الولاية والتولّي في الإسلام
القرآن يتجلى في تكوين كوكب الأرض
زيارة عاشوراء سنداً ودلالة
مراحل الدعوة الإسلامية
آداب السیر
سلوك الرمز الديني
دخول جيش السفياني الى العراق
معالم النبوّة أو مواصفات القائد الإسلامي
كيفية معاشرتها مع علي ع

 
user comment