جواب: الشيعة يعتقدون أنّ ما بين دفّتَي المصحف الشريف هو كلام الله تعالى، الذي أوحاه إلى رسوله محمّد صلّى الله عليه وآله. وهم عملاً يقرأون هذا القرآن ويتعبّدون لله به، ولا يقولون بوجود قرآن آخر غير هذا الكتاب المقدّس الذي لا يخلو بيت شيعيّ من نسخة منه أو أكثر.
ولقد تعهّد الله جلّ وعلا بحفظ القرآن وصيانته من التغيير والتبديل، أو الإضافة والحذف، بقوله تعالى: إنّا نحنُ نَزّلنا الذِّكرَ وإنّا لَهُ لَحافظون ، وقوله عزّوجل: وإنّهُ لَكتابٌ عزيز * لا يأتيهِ الباطلُ مِن بين يَدَيهِ ولا مِن خلفهِ تنزيلٌ مِن حكيمٍ حميد .
وقد جاءت أحاديث كثيرة عن النبيّ صلّى الله عليه وآله تأمر بعرض الحديث على كتاب الله، ليُعرَف بذلك الصحيح منه فيُؤخذ به، والسقيم فيُترك ويُعرَض عنه، يضاف إلى ذلك أنّ القرآن هو المعجزة الكبرى التي جاء بها نبيّنا الكريم صلّى الله عليه وآله، وهي معجزة باقية أبد الدهر؛ قال العلاّمة الحلّي ( ت 726 هـ ) ـ وهو من كبار علماء الشيعة: « إنّ القول بالتحريف يوجب التطرّق إلى معجزة رسول الله صلّى الله عليه وآله المنقولة بالتواتر » ( أجوبة المسائل المهناوية 121 )؛ وقال الشيخ الصدوق ( ت 381 هـ ): « اعتقادنا أن القرآن الذي أنزله الله على نبيّه صلّى الله عليه وآله هو ما بين الدفّتَين، وهو ما في أيدي الناس » ( الاعتقادات 93 ).
وقد دلّت أخبار كثيرة على كون القرآن الكريم مجموعاً على عهد رسول الله صلّى الله عليه وآله، يؤيّد ذلك حديث الثقلَين « إنّي تاركٌ فيكم الثقلَين: كتاب الله، وعترتي أهل بيتي، ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا بعدي »، وهذا يقتضي أن يكون القرآن الكريم مدوّناً في عهده صلّى الله عليه وآله بجميع آياته وسوره حتّى يصحّ إطلاق اسم الكتاب عليه، ويقتضي أيضاً بقاء القرآن مصوناً إلى يوم القيامة، لتتمّ به وبالعترة الهدايةُ
الأبديّة للأمّة الإسلاميّة والبشريّة جمعاء ما داموا متمسّكين بهما.
* * *