عربي
Thursday 21st of November 2024
0
نفر 0

الحقيقة الوجودية لأهل البيت ^

انطلاقاً مما ورد وبالاستناد إلى آية المباهلة([1]) ندرك تماماً أن الإمام علي× هو نفس النبي’ ووجوده سلام الله عليه (الإمام) هو الجذر والأساس في وجود الأئمة من ولده وهم أحد عشر إماماً.

فنوره× هو من نور محمد’ ولا يوجد ثمة تفاوت بينها إلا في الجسم والمادة.

جاء في رواية هامة للإمام الصادق×:

>إن الله كان إذ لا كان، فخلق الكان والمكان، وخلق نور الأنوار الذي نوّرت منه الأنوار، وأجرى فيه نوره الذي نوّرت منه الأنوار وهو النور الذي خلق منه محمداً وعلياً<([2]).

وجاء في رواية أخرى عن ابن عباس قال:

>سمعت رسول الله’ يخاطب علي×: يا علي أن الله تبارك وتعالى كان ولا شيء معه فخلقني وخلقك روحين من نور جلاله فكنّا أمام عرش رب العالمين نسبح الله ونقدسه ونحمده ونهلله وذلك قبل أن يخلق السماوات والأرضين([3]).

وعن جابرt قال: قال رسول الله’: أول ما خلق الله نور ففتق منه نور علي ثم خلق العرش واللوح والشمس ونور النهار ونور الأبصار والعقل والمعرفة.

ومن هنا فأنه لا توجد روح ولا يوجد نور اكثر أنساً واندماجا بنور النبي وروحه من روح علي حتى أن الله سبحانه لما أسرى بالنبي’ وخرج به إلى السماء وكلم رسوله محمد’ كلمه بصوت علي المبارك ولهذا كان محمد أخاً لعلي فقد انصهرت روحهما وأضحتا روحاً واحدة وتوحدا في عالم الطبيعية، ولهذا قال النبي’ يخاطب أخاه ونفسه.

>وأنك تسمع ما أسمع وترى ما أرى<([4]).

وعندما نستقصي دلالات الروايات فإننا ندرك نتيجة واحدة وهي أن علياً× هو سرّ وباطن محمد وأن محمداً’ هو الفيض الإلهي، وأنها إرادة الله ومشيئته سبحانه أن تكون الولاية هي باطن وجوهر وسرّ الرسالة، فإينما كان لمحمد’ من الظهور فإنه يحمل معه الباطن والسرّ وإذن غياب الولاية لأمير المؤمنين× يعني أن الرسالة ناقصة.

>وإن لم تفعل فما بلّغت رسالته<([5]).

إن الوجود المقدس لأسد الله الغالب عليه بن أبي طالب× في مرتبة ولايته متصرف في ملكوت ومالك لباطن الوجودات بأذن الحق وهو التجلي لجميع مدارج الغيب والشهود، ولا يتبلور أدنى تصرف في الوجود من دون نور علي×، وإذنه فإنه من دون حب علي× وقبول ولايته لا يمكن بلوغ حب النبي’ وحب الله عز وجل ذلك أن ولي الله هو باب الله وأن نور محمد ونور علي× وقبول ولايته لا يمكن بلوغ حب النبي’ وحب الله عز وجل:

ذلك أن ولي الله هو باب الله وان نور محمد ونور علي× هما بدء ونهاية الوجود:

>بكم فتح الله وبكم يختم وإياب الخلق إليكم<([6]).

ولأن علياً أندك في الناموس الأكبر وذاب في عبوديته لله عز وجل حتى أصبح لا يرى شيئاً إلا ورأى الله قبله وبعده وفيه من أجل ملأ حبه قلوب المؤمنين وأضحى الدليل على الله عز وجل والطريق إليه سبحانه وتعالى.

كلما حدقت في الآفاق



 

وسبرت الوجود والأعماق

أرى في حناياه علياً

 

أنه يملأ الأبصار والأحداق

ليس كفراً هذا الذي قلت

 

فعلي دليل الإيمان في الآفاق

وتفيد الروايات المعتبرة في مصادر الإسلام الأصيلة في تطابق أوصاف الأئمة الأثني جميعاً في كل الأوصاف والخصال ذلك أنهم مخلوقون من نور النبي محمد’.

فهم بالنسبة للنبي’ كالضوء والشعاع من الشمس فهم والنبي من معدن واحد لا يختلفون عنه بشيء إلا بمقام النبوة الذي اختص به الله سبحانه وتعالى رسوله الأكرم محمد’.

وما عدا ذلك فكل ما في شخصه الطاهر موجود فيه’.

أجل كل ما في النبي من خصال وصفات موجود قبس منه في نفوس الأئمة الأطهار من آله، وقد جاء في الأثر عنهم^: >نحن والله أسماؤه الحسنى<([7]).

ولهذا فإن العالم مدين لتلك الأرواح الطاهرة ولهم^ حقوق على العالمين، وقد جاء في كتاب الكافي الشريف عن المعصوم× قوله: >الدنيا وما فيها لله تبارك وتعالى ولرسوله ولنا، فمن غلب على شيء منها فليتق الله وليؤدّ حق الله تبارك وتعالى وليبرّ أخوانه، فإن لم يفعل ذلك فالله ورسوله ونحن براء منه<([8]).

وعلى أية حال فإن الجذور الوجودية لأهل البيت× إنما هي الحقيقة النورية المحمدية وقد تجلّت على علي وفاطمة÷ وعندما تم اقتران هذين البحرين الزخارين بالعرفان الإلهي انبثق عن زواجهما المبارك ظهور الأئمة الأحد عشر^، فتعاقبوا منذ ذلك والى يومنا هذا على هداية الناس وأسماؤهم معلومةً لدى صحابة النبي’ من الذين سمعوا حديثه ووعوه ولم تخدعهم الدنيا بزيفها وزخرفها عن نور الحق.

فهذا جابر بن عبدالله الأنصاري ممن وعا آيات القرآن الكريم وسمع حديث النبي’ وآمن بالحق لا يتراجع عنه قيد أنملة وظل على عهده ووفائه إلى أن توفاه الله ... نعم هذا جابر الصحابي الجليل يقول: لما نزل قوله تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَْمْرِ مِنْكُمْ...}([9])

سألت النبي’: من هم؟

فقال’: هم خلفائي يا جابر وأئمة المسلمين من بعدي أولهم علي بن أبي طالب ثم الحسن والحسين ثم علي بن الحسين ثم محمد بن علي المعروف في التوراة بالباقر ستدركه يا جابر ثم موسى بن جعفر، ثم علي بن موسى ثم محمد بن علي ثم علي بن محمد ثم الحسن بن علي ثم سميي ـ محمد ـ وكنيتي حجة الله في أرضه وبقيته في عباده ابن الحسن بن علي ذاك الذي يفتح الله على يديه مشارق الأرض ومغاربها ذاك الذي يغيب عن شعيته وأوليائه غيبة لا يثبت فيها على القول بإمامته إلاّ من امتحن الله قلبه للإيمان([10]).

إنّ ما يلفت النظر في حقيقة أهل البيت^ الوجودية ومن خلال الروايات الواردة عنهم^ هو تشبيههم بالشجرة الطيبة، يعني أن أهل البيت^ إنما هو الشجرة الطيبة.

فقد ورد عن الإمام جعفر بن محمد الصادق‘ حول تفسير الشجرة الطيبة في سورة إبراهيم([11])، وقد جاء ذلك في معرض جوابه عن سؤال عمرو بن حريث يقول×: >رسول الله أصلها، وأمير المؤمنين فرعها والأئمة من ذريتهما أغصانها، وعلم الأئمة ثمرتها، وشيعتهم المؤمنون ورقها قال: إن المؤمن ليولد، فتورق ورقة فيها وإن المؤمن ليموت فتسقط ورقة منها<([12]).



([1]) آل عمران: الآية 11. {فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ ...}، ورد في تفسير الإمام الحسن العسكري: 656 وبحار الأنوار 37/48، باب 50 حديث 27 في ذيل الحديث الشريف المروي عن النبي الأكرم’ في تفسير الآية الكريمة (المباهلة): >فكان الأبناء الحسن والحسين، جاء بهما رسول الله فأقعدهما بين يديه كشبلي الأسد وأما النساء فكانت فاطمة جاء بها رسول الله’ وأقعدها كلبوة الأسد، وأما الأنفس فكان علي بن أبي طالب×.

     وقد أجمع المفسرون الشيعة وبعض مفسري السنة >أجمع المفسرون على المراد بالنفس ها هنا علي× وقد أشار إلى ذلك ابن حجر في الصواعق المحرقة: 238، وورد كذلك في بحار الأنوار: 35/257، باب 7 وهو باب مختص بهذه الآية الشريفة.

([2]) الكافي: 1/441 باب مولد النبي’ ووفاته حديث 9، بحار الأنوار: 15/24 حديث 46.

([3]) 57/168 ح109.

([4]) نهج البلاغة: 562، خطبة 234؛ عوالي اللئالي: 4/122، حديث 204؛ بحار الأنوار: 18/223، باب 1، حديث 61.

([5]) سورة المائدة: الآية 67.

([6]) عيون أخبار الرضا: 2/272؛ مفاتيح الجنان، زيارة الجامعة الكبيرة.

([7]) الكافي: 1/145، باب النوادر، حديث 4.

([8]) الكافي: 1/408 باب أن الأرض كلها للإمام× حديث 2.

([9]) سورة النساء: الآية 59.

([10]) المناقب: 1/282؛ كمال الدين: 253؛ كفاية الأثر: 53؛ إثبات الهداة: 3/123.

([11]) سورة إبراهيم: الآية 14.

([12]) الكافي: 1/428، حديث 80 (مع افتراق ضئيل)، تفسير الصافي: 1/886، وهذا الرؤية تلقي الضوء على أن شيعة أهل البيت المؤمنين هم من أجزاء هذه الشجرة الطيبة المباركة، وإضافة إلى ذلك فهناك روايات تشير إلى أن المؤمنين من شيعة أهل البيت^ هم من أنوار أهل البيت الساطعة وقد جاء في الأثر: >شيعتنا خلقوا من فاضل طينتنا، يفرحون لفرحنا ويحزنون لحزننا< الأمالي للطوسي: 299 حديث 588، ومقابل الشجرة الطيبة هناك الشجرة الخبيثة للإشارة إلى حقيقة كلمة الشرك وما تنطوي عليه من فساد وانحراف وكفى فهي وبسبب بعدها عن شجرة الطيبة فإن كل الضالين والمجرمين هم أجزاء من الشجرة الخبيثة التي (أجتثت من فوق الأرض مالها من قرار) وقد جاء في الروايات أن الشجرة الطيبة هي محمد وآل محمد’ والشجرة الخبيثة هم بنو أمية (تفسير نور الثقلين: 2 ذيل الآية الشريفة).

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

أهل البيت القدوة الصالحة والنموذج الأمثل
أصل يوم العذاب في ظلامات فاطمة عليها السلام
اختلاف المسلمين عن اليهود والنصارى في هوية ...
فاطمة عليها السلام وحديث الكساء الشريف
شروط وآثار حبّ آل البيت
ممّن هو المهديّ ؟
قصة السيدة رقية بنت الإمام الحسين(عليهما ...
ذكرى مأساة هدم قبور أئمة البقيع(عليهم السلام)
الشيعة الإمامية هم أتباع أهل البيت (ع)
الاكراه على الفعل المحظور

 
user comment