السؤال:
كيف نرد على الذين يقولون أن الإمام الحسين (ع) قد أخطأ عندما أخذ معه أهل بيته من نساء و أطفال الى كربلاء و هو يعرف المصير ؟ وهل للإمام الحسين عليه السلام الحق فى التصرف فى حياة أهله ؟
أرجو التوضيح و وفقكم الله في خدمة الإسلام و خدمة مذهب أهل البيت عليهم السلام.
جواب سماحة الشيخ محمد السند :
بسم الله الرحمن الرحيم
نظير هذا الاعتراض يذكر في مواجهة الصديقة الزهراء عندما أراد جماعة السقيفة إجبار أمير المؤمنين (ع) علي بن أبي طالب على بيعتهم فتصدت لهم من وراء الباب وقد كان (ع) في البيت ، فيورد المعترضون أنه كيف تسمح الغيرة الأبيّة لمثل أمير المؤمنين ولسيد الشهداء بذلك ، وما الحكمة في ذلك وهما عليهما السلام قد اتفق ذلك منهما بوصية من رسول الله صلى الله عليه وآله كما جاء في الروايات أنه (ص) أخذ على عليّ (ع) الصبر وعلى الحسين (ع) ان الله شاء أن يراهن سبايا ، فهل الإرادة والمشيئة إلالهية تتعلق بذلك وكيف وجه الحكمة فيه ، ويستعرض لنا القرآن الكريم الإجابة عن ذلك بأن المجاهدة في سبيل الله ومقارعة المعسكر الآخر كما تكون بالنفس والمال تكون بالمخاطرة بإهانة العرض لا بنحو الإبتذال والتدنيس كما في قصة مريم (ع) ففي سورة آل عمران ( إذ قالت الملائكة يا مريم ان الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح ... قالت رب أنّى يكون لي ولد ولم يمسسني بشر قال كذلك الله يخلق ما يشاء إذا قضى أمراً فانما يقول له كن فيكون ) وفي سورة مريم ( فارسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشراً سوياً قالت إني أعوذ بالرحمن منك ان كنت تقيا قال انما انا رسول ربك لأهب لك غلاماً زكياً قالت أنّى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر ولم أكّ بغياً ... فاجاءها المخاض الى جذع النخلة قالت ياليتني متّ قبل هذا وكنت نسياً منسيا فنادها من تحتها ألا تحزني ... فإما ترين من البشر أحداً فقولي اني تذرت للرحمن صوماً فلن أكلم اليوم انسيا فأتت به قومها تحمله قالوا يا مريم لقد جئت شيئا فريا يا اخت هارون ما كان أبوك إمرأ سوء وما كانت امك بغياً فأشارت اليه قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبياً قال اني عبدالله آتاني ... ) وفي سورة المؤمنون ( وجعلنا إبن مريم وامه آية ) ، فمريم قد تعرضت لوظيفة حمل النبي عيسى (ع) من غير أب لتتحقق المعجزة الإلهية لاثبات نبوة عيسى (ع) وبعثته بشريعة جديدة ناسخة لشريعة موسى (ع) ، مع أن تحقيق المعجزة هذه كان يخاطر بسمعة مريم وعرضها ، إلى درجة مواجهة بني اسرائيل لها بالقذف والبهتان ولكن كل ذلك لا يعنى ابتذال وتدنيس مريم بل غاية الأمر إهانة عرضها ، فتحمّلت المسؤولية الإلهية وأعباء المعجزة والرسالة الجديدة مع أنها أصعب من الجهاد بالنفس والقتل بالسيف ، للإنسان الغيور وبالنسبة للمرأة العفيفة التي أحصنت فرجها ولذلك قالت ( ياليتني متّ قبل هذا وكنت نسيا منسيا ) ولكن جهادها وتحملها أقام الحجة على كفار بني اسرائيل فجعلها الله تعالى آية حجة تشارك ابنها النبي عيسى (ع) في الحجية وهناك واقعة أخرى يسردها لنا القرآن وهي واقعة المباهلة ( فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندعوا ابناءنا وابناءكم ونساءنا ونسائكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنت الله على الكاذبين ) .
فههنا في واقعة المباهلة احتج الله بالزهراء (ع) على حقانية الشريعة المحمدية ونبوة سيد الرسل جنبا إلى جنب الاحتجاج بالأربعة بقية أصحاب الكساء ، ففي هذه الواقعة قد تحملت الصديقة الزهراء (ع) بأمر من الله تعالى انزله في القرآن ، تحملت المشاركة في المباهلة أمام ملاء أهل الكتاب ، وهو نمط من المنازلة والمواجهة ،
فإذا اتضح بعض الأمثلة المسطورة في القرآن الكريم من نماذج المجاهدة بالعرض لا بدرجة الابتذال والتدنيس ، يتضح عدم المجال لمثل هذه الاعتراضات الناشئة من عدم الإحاطة بجهات أحكام الشريعة وعدم الإحاطة بملابسات الاحداث التاريخية في صدر الإسلام وقراءة الإحداث بشكل مبتور تخفى فيه الحقيقة كما هي عليه ، ثم الأخذ في الحكم على هذه الصورة المقطعة .
فإن الحكمة في كل من فعل الأمير (ع) والحسين (ع) هو لأجل تعرية وفضح الخصم والكشف عن جرأته على مقدسات الدين وحريم النبي (ص) وأن الخصم لا يتقيد بأبجدية المبادئ الدينية وكان استخدام هذا النمط من المواجهة والجهاد في ظرف اغلقت فيه أيّ فرصة أخرى لدحض إجرام الخصم وباطله أمام أنظار وأذهان الناس المفتتنة بأكاذيب الخصم الناسية لوصايا القرآن والنبي (ص) في حق العترة المطهرة ولولا موقف الزهراء (ع) والعقيلة زينب (ع) لكان الخصم يلتف بدعايته ووسائل إعلامه على الحقيقة ويغيب على الناس في ذلك الوقت فضلاً عن الإجيال اللاحقة يغيب عليها حقيقة الموقف . ولأجل ذلك أوصت عليها السلام بإخفاء قبرها وتشيعها ليلاً خفية ليظلّ ذلك رمزاً يطنّ في أذن التاريخ علىالحقيقة التي حاولوا اخفاءها .
السؤال:
1 ـ ان الله هو الغني المطلق فلماذا خلق السماوات والارض .
2 ـ الكتب الحديثية امثال الكافي والبحار وهي ولا ريب لعلماء محققين وفطاحل في مجال الحديث هنا يرد علينا كيف ينقل هؤلاء روايات ضعيفة قد يتبين للذي يطالعها ان الشيعة او احد علمائها يتبنى رأي هو ليس من مبتنيات المذهب بينما نرى الوسائل قد حرص المؤلف على التدقيق في الروايات .
3 ـ ما هي الروايات التي تثبت ان اهل البيت هم علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام من الصحاح وكتب السنة .
جواب سماحة الشيخ محمد السند :
بسم الله الرحمن الرحيم
ج1 ـ خلق الله تعالى للسماوات والارض ليس افتقاراً منه تعالى لما خلق بل العكس هو لغناءه يغنى مخلوقاته بالوجود والكمالات ، ولعظمة كمالاته تتجلى افعاله في صورة المخلوقات لتكون آيات وعلامات لعلوّ ابداعه وغور حكمته ودقة نظمه ، وفاقد الشيء لا يعطيه فالعطاء والإنعام دليل الغناء بالبداهة العقلية .
ج2 ـ لا بد من الانتباه الى أن معنى الرواية الضعيفة بلحاظ طريق نقلها ، ليس بمعنى أنها مختلقة ومكذوبة بل أن رواتها ربما لم يوثقوا أو لجهالة حالهم وهذا لا يعنى بالضرورة كونهم غير عدول في أنفسهم وأنما نحن نجهل حالهم وهذا وأن أوجب عدم إحرازنا وعدم استكشافنا لحجية الرواية ألا أنه لا يعنى ولا يستلزم كون الرواية مجعولة ومختلقة ، فهذه كتب السنة التي اطلقت جنابك عليها اسم الصحاح وهي الستة أو التسعة كالبخاري وكتاب مسلم مملوّة بالضعاف كما رصد قائمة من الضعاف العلامة السيد عبد الحسين شرف الدين في كتاب المراجعات وذكر مجموعة منهم في الصحاح العلامة الأميني في كتاب الغدير وذكر مجموعة أخرى من الضعاف في الصحاح العلامة المحقق الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء في كتابه عين الميزان والعلامة المحقق الشيخ محمد حسن المظفر في كتابه ( دلائل الصدق ) المجلد الأول وقد ذكر السيد محمد بن عقيل اليمني في كتابه ( العتب الجميل على أهل الجرح والتعديل ) أن جملة من علماء أهل السنة من الذين كتبوا في علم الرجال والحديث يستوثقون الراوي إذا كان ناصبياً أي ممن ينصب العداوة لأهل البيت آل محمد (ع) بل كلما ازداد عداوة لهم كلما ازداد وثوقاً عندهم وكلما كان محباً لأهل بيت النبوة كان ضعيفاً عندهم وقد أحصى موارد عديدة اتبعوا فيها هذا المسلك وبنوا تعديلهم وجرحهم لرجال الرواية عندهم على ذلك ، فكم من ينصب العداوة لأهل البيت رووا عنه في صحاحهم واعتمدوا عليه ، وكلما كان للرواي حب وهوى في آل محمد (ص) اجتنبوا الرواية عنه وجرحوا فيه ، ومسلكهم هذا اتباعاً لقوله تعالى « قل لا اسئلكم عليه اجرا إلا المودة في القربى » .
ثم من الغريب ظنك أن الكليني صاحب كتاب الكافي لم يحرص على التدقيق في الحديث ، مع أن الكليني يصرّح في مقدمة كتابه الكافي ان أمضى مدة مديدة من السنين ذكروا انها تبلغ العشرين عاماً في تنقيح ما وصل إليه من الحديث ، مع أن الكليني كان معاصراً للنواب الأربعة وفي عصر الغيبة الصغرى ، مع أن ما في كتابه من الروايات الضعيفة لا تعدل شيئاً امام الروايات المعتبرة في الكتاب ، ثم أن الروايات الضعيفة لا يودعها المحدث من علماء الإمامية إلا بعد أن يأمن أنها غير مختلقة قد أخذها من مصادر موثوقة وإن كان بعض رجال الطريق فيها ممن لم يوثقوا ، بل أن علماء الدراية من الفريقين لا يستحلون ردّ الرواية الضعيفة ـ وإن لم تكن حجة بمفردها ـ وإن كان الراوي موصوفاً بالكذب ، إذ ليس كل ما يخبر به الكاذب يكون بالضرورة كذباً وإن لم يكن حجة في نفسه ، ألا ترى أنك يحصل لديك اليقين والإطمئنان بخبر مجموعة كبيرة جداً من مجهولي الحال والكذابين ممن لا يعرف بعضهم البعض أي يقطع بعدم تواطئهم على الكذب وعدم توافقهم على الخبر ، وهذا معنى تكوّن الخبّر المتواتر والمستفيض من الأخبار الضعاف وقد برهن على حصول التواتر والاستفاضة بعض العلماء المحققين بنظرية رياضية من قاعدة حساب الاحتمالات من جهة العدد الكمي لطرق الخبر ومن جهة ظروف النقل الكيفية لتلك الطرق للخبر فإنه العامل الكمي والكيفي إذا تصاعد وتضائل احتمال الكذب والصدفة وصل الإحتمال لصدور الخبر إلى درجة الإطمئنان واليقين وهذا الطريق الرياضي طريق فطري عقلي لدى البشر ، ومن ثم حرص المحدثون بعد تنقيح الروايات والحديث عن المدسوس والمختلق حرصوا على نقل الروايات المعتبرة والضعيفة معاً ، لكونها مادة لتكون التواتر ، وهل يسوغ طرح الخبر المتواتر والمستفيض وبالتالي هل يسوغ طرح ما هو مادة للخبر المتواتر والمستفيض ، فضلاً عن أن رد الرواية الضعيفة المروية المسندة لأهل البيت (ع) قد تكون صادر عنهم (ع) ويكون ردّها رداً عليهم والعياذ بالله والرد عليهم ردّ على الرسول (ص) لأنه أمر في الحديث المتواتر بين الفريقين بالتمسك بالكتاب والعترة وإنهما لن يفترقا حتى يردا عليه الحوض ، وعدم رد الخبر الضعيف وإن لم يعنى الحجية كما ذكرت لك ولكن يكون مادة لحصول التواتر أو الاستفاضة بنحو الانضمام الكمي والكيفي بالبرهان الرياضي .
ج3 ـ مما يدل على كون أهل البيت هم أصحاب الكساء عترة النبي (ص) حديث الثقلين المتواتر المروي في الصحاح وكتب السنة لأنه يدل على حجية وعصمة العترة كحجية وعصمة القرآن لأنهم جعلوا عدلاً للقرآن وإنهما لا يفترقان حتى يردا الحوض : وأما مصادر كتب السنة في نزول آية التطهير في علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام وهم أصحاب الكساء في بيت أم سلمة مما أجمعت عليه المفسرون والأمة الإسلامية ، فقد رواه 1 ـ الحافظ الكبير الحنفي المعروف بالحاكم الحسكاني في ( شواهد التنزيل ) ج2 ص10 إلى ص 192 بعدة أسانيد ، 2 ـ والحافظ جلال الدين السيوطي في الدر المنثور ج5 ص198 بطرق 3 ـ والطحاوي في مشكل الآثار ج1 ص332 إلى ص238 4 ـ والحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد ج9 ص 121 و146 و169 و172 4 ـ وأحمد بن حنبل في مسنده وهو من الصحاح الستة عند أهل السنة ، ج2 ص230 وج4 ص107 5 ـ وابن حجر في الصواعق ص85 ، 6 ـ والطبري في تفسيره ج22 ص 5|6|7 ، 7 ـ وابن الأثير في اُسد الغابة ج4 ص29 8 ـ والنسائي في خصائصه ص4 ، 9 ـ مستدرك الحاكم ج2 ص416 ، 10 ـ سنن البيهقي ج2 ص150 وهو من الصحاح التسعة عند السنة ، 11 ـ تاريخ بغداد ج9 ص126 ، 12 ـ ذخائر العقبى ص21 ، 13 ـ فرائد السمطين ، 14 ـ كفاية الطالب ص323 15 ـ تفسيرابن كثير ج3 ص485 ، 16 ـ ابن حجر في الصواعق حيث اعترف ان تذكير ضمير ( عنكم ) وما بعده في الآية الكريمة دليل واضح على عدم شمولها لزوجات النبي وغيرها من مصادر كتب أهل السنة فراجعها وفي بعض تلك المصادر رووا عن أبي عبدالله محمد بن عمران المرزباني عن أبي الحمراء قال : خدمت النبي (ص) تسعة أشهر أو عشرة وكان عند كل فجر لا يخرج من بيته حتى يأخذ بعضادتي باب علي فيقول : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فيقول : علي وفاطمة والحسن والحسين : عليك السلام يا نبيّ الله ورحمة الله وبركاته ثم يقول : الصلاة رحمكم الله « إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا » ثم انصرف إلى مصلاه لاحظ شواهد التنزيل ج2 ص47 . وفي مشكل الآثار ج1 ص336 قالت أم سلمة : قلت : وأنا معهم يا رسول ، ما أنا من أهل البيت ؟ قال : انك على خير وهؤلاء أهل بيتي انك من ازواج النبي قالت أم سلمة : فوددت أنه قال : نعم فكان أحب إلي مما تطلع الشمس وتغرب .
السؤال:
نحن الشيعة عندما نذهب لزيارة قبور أهلنا وأحبتنا نعمل أعمال ولا ندري ما تفسيرها وأرجو منكم تفسيرها وهل وردت فيها أحاديث وروايات عن النبي وأهل بيته وهي :
1 ـ ما معنى رش الماء على قبر الميت ؟
2 ـ ما معنى الطرق بالحصى على القبر قبل قراءة الفاتحة وهل هذه الأعمال موجودة عندنا وعند أهل السنة أيضاُ أم لا ؟
جواب سماحة الشيخ هادي العسكري :
بسم الله الرحمن الرحيم
رشّ الماء على القبر يكون مندوباً ومنذ حياة الرسول صلّى الله عليه وآله وقد فعله الرسول مع قبر عثمان بن مضعون وكان أخاه من الرضاعة فجرت السنة بذلك وروى عن اثره ان العذاب يرفع عن صاحب القبر ما دام الندى عليه وطبيعة الأمر تقضى بأن يكون مندوباً عند اخواننا السنة أيضاً واما الطرق بالحصى على القبر ان لم تكون العبارة مغلوطة في قرائتها فهو شيء غريب على سمعنا ولم يكن ولا معروف عندنا ولا اساس له في شرعنا ولا بعرفه حتى الجهال والعوام منا ؟