لا يبغضك إلاّ من خبث أصله :
السؤال : لا يبغضك يا علي إلاّ من خبث أصله ، هل هناك دليل عقليّ ونقليّ في الدين الإسلامي على ذلك ؟
الجواب : هناك روايات كثيرة جدّاً ، ربما بلغت حدّ التواتر ، على أنّ علياً (عليه السلام) مع الحقّ والحقّ مع علي يدور معه حيثما دار ، وعلي مثال الكمال ، والحُسْن المتجسّد في رجل ، حتّى أحبّه كلّ إنسان منصف وحرّ ، وإن لم يكن مسلماً ، حيث إنّ المسيحيين يلهجون بالأشعار والقصائد والنظم والنثر في مدح علي (عليه السلام) .
ومن المعلوم أنّ الذي يبغض مثل هذه الشخصية المضحّية للإسلام ، بل المجسّدة لجميع قيم الدين الإسلاميّ لدليل واضح على عدم استوائه العقليّ والنفسيّ ، وهو دليل على خبث منبته وأصله .
وليس المقصود من خبث الأصل ابن الزنا ، والمتولّد من الحرام فقط ، بل الأمر أعمّ من ذلك ، فقد يكون من المنافقين أو ابن حيض .
مضافاً إلى أنّه ليس كلّ من كان ابن زنا يبغض علياً (عليه السلام) حتّى يقال بالجبر، وأنّه ما ذنب هذا الإنسان ؟ بل إنّ من يبغض علياً ـ والبغض والحبّ بالاختيار ـ كاشف عن سوء سريرته، وخبث أصله ، وهو أعمّ من ابن الزنا ـ كما قلنا ـ .
ونقل هذا المعنى في كثير من كتب المسلمين ومنها:
ما رواه الشيخ الصدوق في الأمالي (1) وأورد القندوزيّ الحنفيّ في ينابيع
____________
1- الأمالي للشيخ الصدوق : 383 .
|
الصفحة 46 |
|
المودّة(1) : إن النبيّ (صلى الله عليه وآله) قال لأمير المؤمنين : " لا يحبّك إلا طاهر الولادة ولا يبغضك إلا خبيث الولادة " .
وروى الشيخ الصدوق في علل الشرائع إن النبي (صلى الله عليه وآله) قال لعلي (عليه السلام): " لا يحبّك إلا مؤمن ، ولا يبغضك إلا منافق أو ولد زنية أو حملته أمّه وهي طامث "(2) .
وروى ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق عن عبادة بن الصامت أنه قال : " كنّا نبوّر أولادنا بحبّ علي بن أبي طالب فإذا رأينا أحداً لا يحبّ علي بن أبي طالب علمنا أنّه ليس منّا وأنّه لغير رشده "(3) .
( مصطفى . البحرين . 40 سنة . خرّيج جامعة )
السؤال : على الرغم من قوّة الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) ، لماذا لم يحارب الشيخين عندما سلبوا منه الولاية وهجموا على داره ، وكسروا ضلع الزهراء (عليها السلام) ؟
الجواب : إنّ الإمام (عليه السلام) قدّر الظروف آنذاك أنّها لا تحتمل الحرب ، وأنّ الخوض في الحرب مع المخالفين يؤدّي إلى ضياع الإسلام وهلاك الفريقين ، أو فسح المجال لأعداء الدين ليقضوا على الإسلام ، لهذا غضّ الإمام (عليه السلام) عنهم طرفه لحفظ أصل الإسلام .
والمسألة لم تكن مسألة نزاع حقّ شخصيّ ، أو دفاع عن حقّ شخصيّ ، بقدر ما كانت مسألة موازنة ما هو الأصلح للإسلام والرسالة ، والإمام رأى الأصلح للرسالة هو أن يغضّ عنهم ولا يدخل الحرب ، والقوم كانوا يحاولون استدراج الإمام إلى الحرب ، ولكن الإمام ما أراد أن يعطيهم مبرّراً للحرب
____________
1- ينابيع المودّة1 / 317 .
2- علل الشرائع 1 : 145 .
3- تاريخ مدينة دمشق 42/ 287 .
|
الصفحة 47 |
|
حتى لا يقال بأنّ علياً هو الذي بدأ بالحرب ، بل الأمر على العكس من ذلك حيث إنّ الإمام لزم الصمت والقعود آنذاك عن القتال من أجل حفظ بيضة الإسلام ، وهذا ما قد صرّح به بقوله (عليه السلام) : " والله لأسالمنّ ما سلمت أُمور المسلمين ، ولم يكن فيها جور ، إلاّ عليّ خاصّة " (1) .
هذا بالإضافة إلى الوصيّة التي كان ملزماً بها من قبل الرسول (صلى الله عليه وآله) .
( أُمّ زينب . الإمارات )