عربي
Monday 28th of October 2024
0
نفر 0

دراسة حول الجبر و التفويض و القضاءو القدر

تاليف : السيد مرتضى العسكري
قال الامام الصادق (ع ) :لا جبر و لا تفويض و لكن امر بين امرين ((1))
الوحدة حول مائدة الكتاب و السنة
بسم اللّه الرحمن الرحيم الـحـمـد للّه رب الـعـالمين , و الصلاة على محمد و آله الطاهرين , والسلام على اصحابه البرره الميامين .
و بـعـد : تـنازعنا معاشر المسلمين على مسائل الخلاف في الداخل ففرق اعداء الاسلام من الخارج كـلمتنا من حيث لانشعر, وضعفنا عن الدفاع عن بلادنا, و سيطر الاعداء علينا, وقد قال سبحانه و تعالى : (واءطيعوا اللّه و رسوله و لا تنازعوا فتفشلوا و تذهب ريحكم ) ((2)) و يـنـبـغـي لـنـا اليوم و في كل يوم ان نرجع الى الكتاب و السنة في ما اختلفنافيه و نوحد كلمتنا حولهما, كماقال تعالى : (فان تنازعتم في شى ءفردوه الى اللّه و الرسول ) ((3)) و في هذه السلسلة من البحوث نرجع الى الكتاب والسنة ونستنبط منهما ماينير لنا السبيل في مسائل الخلاف , فتكون باذنه تعالى وسيلة لتوحيد كلمتنا.
راجين من العلماء ان يشاركونا في هذا المجال , ويبعثوا الينا بوجهات نظرهم على عنوان : بيروت - ص .ب 124/24 - العسكري
الجبر و التفويض و الاختيار
ا - الجبر في اللغة : جبره على الامر واجبره : قهره عليه , واكرهه على الاتيان به .
ب - الجبر في مصطلح علماء العقائد الاسلامية : الجبر : اجبار اللّه تعالى عباده على ما يفعلون , خيرا كان او شرا,حسنا كان او قبيحا, دون ان يكون لـلـعـبـد ارادة و اخـتيار الرفض والامتناع , و يرى الجبرية الجبر مذهبا يرى اصحابه ان كل ما يحدث للانسان قدر عليه اءزلا, فهو مسير لا مخير, و هو قول الاشاعرة ((4)) .
ج - التفويض في اللغة : فوض اليه الامر تفويضا : جعل له التصرف فيه .
د - التفويض في مصطلح علماء العقائد الاسلامية : هو ان اللّه تعالى فوض افعال العباد اليهم , يفعلون ما يشاؤون , على وجه الاستقلال , دون ان يكون للّه سلطان على افعالهم , (و هو قول المعتزلة ) ((5)) .
ه - الاختيار في اللغة : خيره : فوض اليه الاختيار بين امرين او شيئين او اكثر.
و - الاختيار في مصطلح علماء العقائد الاسلامية : ان اللّه سـبـحـانـه كلف عباده بواسطة الانبياء و الرسل ببعض الافعال ونهاهم عن بعض آخر, و امرهم بطاعته في ما اءمر به ونهى عنه بعدان منحهم القوة و الارادة على الفعل و الترك و جعل لهم الاختيار في ما يفعلون دون ان يجبر احدا على الفعل , و سياتي الاستدلال عليه بحوله تعالى .
القضاء و القدر
ا - معاني القضاء والقدر : تستعمل مادتا القضاء و القدر لعدة معان .
منها في ما يخص البحث من مادة القضاء : ا - قضى او يقضي بين المتخاصمين , كقوله تعالى : (ان ربك يقضي بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون ) ((6)) ب - قـضـى اللّه الامـر : انـبـاه بـه , كـقوله تعالى في ما اخبر به لوطا عن مصير قومه في سورة الحجر/66 : (و قضينا اليه ذلك الا مر اءن دابر هؤلاء مقطوع مصبحين ).
اي انباناه .
ج - قضى اللّه الشي ء, و به : اوجبه , امر به , كقوله تعالى في سورة الاسراء/23 : (و قضى ربك اء لا تعبدوا الا اياه ).
اي امر بذك و اوجب عليكم ا لا تعبدوا الا اياه .
د - قضى اللّه الامر او الشي ء : تعلقت ارادته به , قدره , كقوله تعالى في سورة البقرة / 117 : (و اذا قضى اءمرا فانما يقول له كن فيكون ).
اي اذا اراد امرا.
و قوله تعالى في سورة الانعام / 2 : (هو الذي خلقكم من طين ثم قضى اءجلا).
اي قدر لكل انسان مدة يحيا فيها.
و منها فيما يخص البحث من مادة القدر : ا - قـدر على الشي ء او العمل : استطاع ان يفعله , يتغلب عليه فهوقادر, و القدير : ذو القوة , كقوله تعالى : 1- في سورة يس :
(اءو ليس الذي خلق السموات و الا رض بقادر على اءن يخلق مثلهم ) (الاية 81).
2- في سورة البقرة :
(و لو شاء اللّه لذهب بسمعهم و اءبصارهم ان اللّه على كل شي ءقدير) (الاية 20).
اي ذو قدرة على فعل كل شي ء على قدر ما تقتضي الحكمة .
ب - قدر : 1- قدر الرزق عليه و يقدر : ضيقه , كقوله تعالى في سورة سبا : (قل ان ربي يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر)(الاية 36).
2- قدر اللّه الامر بقدره : دبره او اراد وقوعه , كقوله تعالى في سورة المرسلات : (فقدرنا فنعم القادرون ) (الاية 23).
ج - قدر :
1- قدر اللّه الامر : قضى به او حكم بان يكون , كقوله تعالى في شان زوجة لوط, في سورة النمل / 57 :(فاءنجيناه و اءهله الا امراءته قدرناها من الغابرين ).
اى حكمنا, او قضينا عليها بان تكون من الهالكين .
2- قدر في الامر : تمهل و تروى في انجازه , كقوله تعالى في سورة سبا / 11 مخاطبا داود (ع ) : (و قدر في السرد).
اي تمهل و ترو في صنعه كي تحكم عمله .
د - القدر : 1- الـقدر : المقدار و الكمية , كقوله تعالى في سورة الحجر/21 : (وان من شي ء الا عندنا خزائنه و ما ننزله الا بقدر معلوم ).
اي بمقدار و كمية معلومة .
2- قـدر الشي ء : زمانه او مكانه , كقوله تعالى في سورة المرسلات /20 - 22 : (اءلم نخلقكم من الى قدر معلوم ).
فجعلناه في قرار مكين ت ماء مهين اي الى زمان محدد معلوم .
3- قدر اللّه : قضاؤه المحكم , او حكمه المبرم على خلقه , كقوله تعالى في سورة الاحزاب / 38 : (سنة اللّه في الذين خلوا من قبل و كان اءمر اللّه قدرا مقدورا).
اي قضاء محكما, و حكما مبرما.
لـعـل تـعدد معاني ما ينسب الى اللّه من مادتي القضاء و القدر, قد ادى الى لبس معنى ما ورد منهما في الـقـرآن و الحديث , و اعتقاد بعض المسلمين بان الانسان يسير في حياته , في كل ما يعمل من خير اوشر وفق ما قضى اللّه عليه و قدر قبل ان يخلق .
و يـطـلق في الاخبار لفظ القدري على الجبري و التفويضي كليهما ((7)) , و عليه فان القدر اسم للشي ءء و ضده كالقرء, اسم للحيض و الطهر معا.
و لا نـطيل البحث بايراد اقوال المعتقدين بذلك , و الاجابة عليها, وانما نكتفي بايراد الاحاديث التي نجد فيها جوابا لتلكم الاقوال توضيحيا و بيانا للامر بحوله تعالى : ب - روايات من ائمة اهل البيت (ع ) في القضاء و القدر : اولا : عـن اول ائمـة اهـل البيت علي بن ابي طالب (ع ), روي في توحيد الصدوق بسنده الى الامام الحسن (ع ), و في تاريخ ابن عساكر بسنده الى ابن عباس و اللفظ للاول قال : دخل رجل من اهل العراق على امير المؤمين (ع ), فقال : اخبرنا عن خروجنا الى اهل الشام ابقضاء مـن اللّه و قـدر ؟ فقال له امير المؤمين (ع ) :اجل يا شيخ , فو اللّه ما علوتم تلعة و لا هبطتم بطن واد الابـقـضاء من اللّه و قدر, فقال الشيخ : عند اللّه احتسب عنائي ((8)) ياامير المؤمنين , فقال :مـهـلا يـا شيخ , لعلك تظن قضاء حتماو قدرالازما ((9)) , لو كان كذلك لبطل الثواب و العقاب و الامـر والـنـهي والزجر, و لسقط معنى الوعيد و الوعد, و لم يكن على مسي ء لائمة ولا لمحسن محمدة , و لكان المحسن اولى باللائمة من المذنب والمذنب اولى بالاحسان من المحسن ((10)) , تلك مـقالة عبدة الاوثان و خصماء الرحمن و قدرية هذه الامة و مجوسها. ياشيخ ان اللّه عز وجل كلف تخييرا, و نهى تحذيرا, و اعطى على القليل كثيرا, و لم يعص مغلوبا, و لم يطع مكرها, و لم يخلق الـسـمـاوات و الارض و مـابـيـنـهـمـا بـاطـلا, (ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار) ((11)) .
قال : فنهض الشيخ و هو يقول : انت الامام الذي نرجو بطاعته ----- يوم النجاة من الرحمن غفرانا اوضحت من ديننا ما كان ملتبسا ----- جزاك ربك عنا فيه احسانا فليس معذرة في فعل فاحشة ----- قد كنت راكبها فسقا وعصيانا ((12)) ثانيا : عن السادس من ائمة اهل البيت (ع ), الامام ابي عبد اللّه جعفربن محمد الصادق (ع ): ان الناس في القدر على ثلاثة اوجه : رجل يزعم ان اللّه عز و جل اجبر الناس على المعاصي , فهذا قد ظلم اللّه في حكمه فهو كافر.
و رجل يزعم ان الامر مفوض اليهم , فهذا قد اوهن اللّه في سلطانه فهو كافر.
و رجل يزعم ان اللّه كلف العباد ما يطيقون و لم يكلفهم لا يطيقونه واذا احسن حمد اللّه و اذا اساء استغفر اللّه فهذا مسلم بالغ ((13)) .
ثالثا : و عن الثامن من ائمة اهل البيت الامام ابي الحسن الرضا (ع )قال : ا -ان اللّه عـز و جـل لـم يطع باكراه , و لم يعص بغلبة , و لم يهمل العباد في ملكه , هو المالك لما ملكهم و القادر على ما اقدرهم عليه ,فان ائتمرالعباد بطاعته لم يكن اللّه منها صادا, و لا منها مانعا, و ان ئتمروا بمعصيته فشاء ان يحول بينهم و بين ذلك فعل , و ان لم يحل وفعلوه فليس هو الذي ادخلهم فيه ((14)) .
يـعـنـي ان الانسان الذي اطاع اللّه لم يكن مجبرا على الطاعة , والانسان الذي عصاه لم يغلب مشيئة اللّه , بل اللّه شاء ان يكون العبد مختارا في فعله .
ب - قال : قال اللّه تبارك و تعالى : يـا ابن آدم بمشيئتي كنت انت الذي تشاء لنفسك ما تشاء, وبقوتي اديت الي فرائضي , و بنعمتي قويت عـلـى مـعـصـيـتـي , جعلتك سميعابصيرا قويا, ما اصابك من حسنة فمن اللّه و ما اصابك من سيئة فمن نفسك ((15)) .
و في رواية :عملت بالمعاصي بقوتي التي جعلتها فيك ((16)) .
و عن الامام ابي عبد اللّه الصادق (ع ) قال : ا -لا جـبـر و لا تـفويض و لكن امر بين امرين . قال : قلت : و ما امربين امرين ؟ قال :مثل ذلك رجل رايته على معصية فنهيته فلم ينته فتركته ففعل تلك المعصية , فليس حيث لم يقبل منك فتركته كنت انت الذي امرته بالمعصية ((17)) .
ب -ما استطعت ان تلوم العبد عليه فهو منه و ما لم تستطع ان تلوم العبد عليه فهو من فعل اللّه .
يقول اللّه للعبد : لم عصيت ؟ لم فسقت ؟ لم شربت الخمر ؟ لم زنيت ؟ فهذا فعل العبد, و لا يقول له : لم مرضت ؟ لم قصرت ؟ لم ابيضضت ؟ لم اسوددت ؟ لانه من فعل اللّه تعالى ((18)) .
شرح الروايات :
ان للجبر و التفويض جانبين : ا - ما كان منهما من صفات اللّه .
ب - ما كان منهما من صفات الانسان .
فـمـا كان منهما من صفات اللّه فينبغي اخذه منه بوساطة الانبياء, واوصياء الانبياء عن الانبياء, و ما كـان مـن صـفـات الانـسان فان قولنا :افعل هذا او لا افعله دليل على انا نفعل ما نفعله باختيارنا, و قـدعـرفـنـا مـمـا سـبـق ان سير الانسان في حياته لا يشابه سير الذرة والكواكب و المجرات المسخرات بامر اللّه في كل حركاتها و ما يصدرمنها من آثار.
و لم يفوض اللّه اليه امر نفسه .
كل ما سخر له ليفعل ما يشاء كمايحب , و كما تهوى نفسه , بل ان اللّه ارشـده بـوسـاطـة انبيائه كيف يؤمن بقلبه بالحق , و هداه الى الصالح النافع في ما يفعله بجوارحه , والضار منه , فاذا اتبع هدى اللّه , و سار على الطريق المستقيم خطوة اخذ اللّه بيده و سار به عشر خـطـوات ثـم جـزاه باثار عمله في الدنياوالاخرة سبعمائة مرة اضعاف عمله , و اللّه يضاعف لمن يشاءبحكمته و وفق سنته .
و قـلنا في المثل الذي ضربناه في ما سبق , بان اللّه ادخل الانسان المؤمن و الكافر في هذا العالم في مـطـعـم لـه من نوع (سلف سرويس ), كما قال سبحانه في سورة الاسراء/20 : (كلانمد هؤلاء و هؤلاءمن عطاء ربك و ما كان عطاء ربك محظورا).
فـلـولا امدا اللّه عبيده بكل ما يملكون من طاقات فكرية وجسدية , وما سخر لهم في هذا العالم لما اسـتـطاع المؤمن ان يعمل عملا صالحا,و لا الضال الكافر ان يعمل عملا ضارا فاسدا, و لو سلبهم لحظة واحدة اي جزء مما منحهم من الرؤية و العقل و الصحة و... و... لمااستطاعوا ان يفعلوا شيئا, اذا فان الانسان يفعل ما يفعل بما منحه اللّه بمحض اختياره , و بناء على ما بيناه , ان الانسان لم يفوض اليه الامرفي هذا العالم , و لم يجبر على فعل بل هو امر بين الامرين , و هذه هي مشيئة اللّه و سنته في امر افعال العباد, و لن تجد لسنة اللّه تبديلا.
اسئلة و اجوبة
و في هذا المقام ترد الاسئلة الاربعة الاتية : السؤال الاول و الثاني : كيف يكون الانسان مختارا في ما يصدرمنه من فعل , مع تسلط الشيطان عليه من حيث لا يراه , واغوائه بمايوسوس الى قلبه و يدعوه الى فعل الشر ؟ و كذلك شان الانسان الذي يعيش في المحيط الفاسد الذي لا يرى فيه غير الشر و الفساد امرا ؟ السؤال الثالث : ماذا يستطيع ان يفعل الانسان الذي لم تبلغه دعوة الانبياء في بعض الغابات ؟ السؤال الرابع : ما ذنب ولد الزنا, و ما جبل عليه من حب فعل الشربسبب فعل والديه ؟ و الجواب عن السؤالين الاول و الثاني : ان اللّه تبارك و تعالى اتم الحجة على الانسان بما اودع فيه مـن غـريـزة الـبحث عن سبب وجودكل ما رآه و التي توصله الى معرفة مسبب الاسباب , و لذلك قـال سـبـحانه و تعالى في سورة الاعراف / 172 : (اءن تقولوا يوم القيامة انا كنا عن هذا غافلين ), فـكما ان الانسان لن يغفل عن غريزة الجوع في حال من الاحوال حتى يملا جوفه بالطعام , كذلك لن يغفل عن غريزة طلب المعرفة حتى يعرف مسبب الاسباب .
و الـجـواب عـن الـسـؤال الـثالث نقول : قال اللّه سبحانه و تعالى : (لايكلف اللّه نفسا الا وسعها) (البقرة /286),و اما السؤال الرابع فجوابه :ان ولد الزنا - ايضا - ليس مجبورا على فعل الشر, و كل ما في الامر ان الحالة النفسية للوالدين في حال ارتكابهما الزنا و ما يريان من نفسهما بانهما باشرا بفعلهما خيانة المجتمع , و ان المجتمع يتقذرمن فعلهما و يحتقرهما و يعاديهما لو اطلع على فعلهما, و انـهما عندارتكابهما الرذيلة في حالة معاداة للنزيهين من تلك الفعلة في المجتمع و الذين هم ابرار المجتمع و اخياره و المتمسكون بفضائل الاخلاق و المعروفون بكل ذلك في المجتمع .
و عـلـيه فان تلك الحالة النفسية العدائية منهما للمجتمع و ابراره تؤثرعلى النطفة حين انعقادها و تـنـتـقـل بـالـوراثـة الـى مـا يـتـكون من تلك النطفة , فانه يجبل على حب الشر و العداء للخيرين والمعروفين بالفضيلة في المجتمع .
و من الامثلة على ذلك زياد بن ابيه و ولده ابن زياد في ما ارتكباه زمان امارتهما في العراق ((19)) , و خاصة ما فعله ابن زياد بعداستشهاد الامام الحسين (ع ), مع جسده الشريف و اجسادالمستشهدين مـعـه من آل الرسول (ص ) و انصارهم : من التمثيل بهم ,و حمله رؤوسهم من بلد الى بلد, و سوقه بـنـات الرسول (ص ) سباياالى الكوفة و سائر ما عاملهم بها, في حين انه لم يبق بعد استشهادالامام الحسين (ع ) اى مقاوم لحكمهم و لم يكن اي مبرر له عندئذفي كل ما فعل من ظلم و استهانة بمقامهم فـي الـمـجتمع , عدا حبه في كسر شوكة اشرف بيت في العرب و افضله و تهوينهم , و حبه للشر وعدائه الجبلي الفطري للاكرمين في المجتمع .
و بـنـاء عـلـى ذلك يكون حب الشر و الرغبة في ايذاء الخيرين والمعروفين بالفضيلة في المجتمع فـطـري في ولد الزنا, على عكس ولد الزواج الحلال و الذي ليس من فطرته حب الشر و الرغبة فـي ايـذاء الـخـيـرين في المجتمع , و لكنهما مع كل ذلك ليسا مجبورين على القيام بكل ما يفعلانه و يـتـركانه من خير و شر, و انما مثلهما في ما جبلا عليه مثل شاب مكتمل الرجولة في الجسد و ما يتمتع به من حيوية دافقة و شهوة عارمة للجنس , مع شيخ هرم ناف على التسعين و تهدمت قواه , يعاني الـفتور و فقدان القوى الجسدية , منصرف عن الشهوة الجنسية و في عدم تمكن الاخير من ارتكاب الـزنـا و توفرالقوى الجنسية في الاول , فان الشاب القوي مكتمل الرجولة - ايضا- غير مجبور على ارتكاب الزنا في ما اذا ارتكب ذلك ليكون معذورا في ارتكابه الرذيلة , و اما اذا تيسر له ارتكاب الزنا و خاف مقام ربه و نهى النفس عن الهوى فان الجنة هي الماوى ((20)) , على عكس الشيخ الهرم , فانه لا يثاب على تركه الزنا, لانه لم يترك الزنامع قدرته عليه .
و هكذا كلما تعمقنا في دراسة اي جانب من جوانب حياة الانسان ,وجدناه مختارا في ما يصدر منه من فعل , عدا ما يصدر منه عن غفلة و عدم تنبه .
--- هوامش ---
1- الكافي 1:160.
2- الانفال / 46.
3- النساء / 59.
4- راجـع تـعريف الاشاعرة في الملل و النحل للشهرستاني بهامش الفصل في الملل و الاهواء , و 5- راجـع تـعـريف المعتزلة في الملل و النحل للشهرستانى بهامش الفصل في الملل والاهواء , و 6- يونس /93 و الجاثية /17.
7- البحار 5 : 5.
8- اي ان كـان خـروجنا و جهادنا بقضائه تعالى و قدره لم نستحق اجرا, فرجائي ان يكون عنائي 9- بالمعنى الذي زعمته الجبرية .
10- لانـهـمـا في اصل الفعل سيان , اذ ليس بقدرتهما و ارادتهما, مع ان المحسن يمدحه الناس و هو 11- كما في سورة ص : 27.
12- تـوحـيـد الـصدوق : 380 , و ترجمة الامام علي (ع ) في تاريخ ابن عساكر 3:231تحقيق 13- توحيد الصدوق : 360 ـ 361.
14- توحيد الصدوق : 361.
15- توحيد الصدوق 328 ـ 340, 344, 362 , و الكافي 1 : 160.
16- التوحيد : 362.
17- الكافي 1 : 160 , و التوحيد : 362.
18- الطرائف .
19- راجع بحث استلحاق زياد في المجلد الاول من كتاب عبد اللّه بن سبا للمؤلف ,وبحث استشهاد 20- اشـارة الـى قـولـه تعالى في سورة النازعات / 40 : (و اءما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

معارك الإمام المهدي وحروبه
شهر "رجب" ومكانته العظيمة في تاريخ العرب قبل ...
عالمية الإمام علي إبن أبي طالب عليه السلام وفكره ...
الرابع والعشرين من شهر ذي الحجة..ذكرى واقعة ...
شيعة اهل بيت النبوة
فاطمة في القرآن
تبليغ سورة براءة
في أصالة الوجود واعتبارية الماهية
دعاء الامام الصادق عليه السلام
دراسة حول الجبر و التفويض و القضاءو القدر

 
user comment