تاليف : السيد مرتضى العسكري
قال الامام الصادق (ع ) :لا جبر و لا تفويض و لكن امر بين امرين ((1))
الوحدة حول مائدة الكتاب و السنة
بسم اللّه الرحمن الرحيم الـحـمـد للّه رب الـعـالمين , و الصلاة على محمد و آله الطاهرين , والسلام على اصحابه البرره الميامين .
و بـعـد : تـنازعنا معاشر المسلمين على مسائل الخلاف في الداخل ففرق اعداء الاسلام من الخارج كـلمتنا من حيث لانشعر, وضعفنا عن الدفاع عن بلادنا, و سيطر الاعداء علينا, وقد قال سبحانه و تعالى : (واءطيعوا اللّه و رسوله و لا تنازعوا فتفشلوا و تذهب ريحكم ) ((2)) و يـنـبـغـي لـنـا اليوم و في كل يوم ان نرجع الى الكتاب و السنة في ما اختلفنافيه و نوحد كلمتنا حولهما, كماقال تعالى : (فان تنازعتم في شى ءفردوه الى اللّه و الرسول ) ((3)) و في هذه السلسلة من البحوث نرجع الى الكتاب والسنة ونستنبط منهما ماينير لنا السبيل في مسائل الخلاف , فتكون باذنه تعالى وسيلة لتوحيد كلمتنا.
راجين من العلماء ان يشاركونا في هذا المجال , ويبعثوا الينا بوجهات نظرهم على عنوان : بيروت - ص .ب 124/24 - العسكري
الجبر و التفويض و الاختيار
ا - الجبر في اللغة : جبره على الامر واجبره : قهره عليه , واكرهه على الاتيان به .
ب - الجبر في مصطلح علماء العقائد الاسلامية : الجبر : اجبار اللّه تعالى عباده على ما يفعلون , خيرا كان او شرا,حسنا كان او قبيحا, دون ان يكون لـلـعـبـد ارادة و اخـتيار الرفض والامتناع , و يرى الجبرية الجبر مذهبا يرى اصحابه ان كل ما يحدث للانسان قدر عليه اءزلا, فهو مسير لا مخير, و هو قول الاشاعرة ((4)) .
ج - التفويض في اللغة : فوض اليه الامر تفويضا : جعل له التصرف فيه .
د - التفويض في مصطلح علماء العقائد الاسلامية : هو ان اللّه تعالى فوض افعال العباد اليهم , يفعلون ما يشاؤون , على وجه الاستقلال , دون ان يكون للّه سلطان على افعالهم , (و هو قول المعتزلة ) ((5)) .
ه - الاختيار في اللغة : خيره : فوض اليه الاختيار بين امرين او شيئين او اكثر.
و - الاختيار في مصطلح علماء العقائد الاسلامية : ان اللّه سـبـحـانـه كلف عباده بواسطة الانبياء و الرسل ببعض الافعال ونهاهم عن بعض آخر, و امرهم بطاعته في ما اءمر به ونهى عنه بعدان منحهم القوة و الارادة على الفعل و الترك و جعل لهم الاختيار في ما يفعلون دون ان يجبر احدا على الفعل , و سياتي الاستدلال عليه بحوله تعالى .
القضاء و القدر
ا - معاني القضاء والقدر : تستعمل مادتا القضاء و القدر لعدة معان .
منها في ما يخص البحث من مادة القضاء : ا - قضى او يقضي بين المتخاصمين , كقوله تعالى : (ان ربك يقضي بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون ) ((6)) ب - قـضـى اللّه الامـر : انـبـاه بـه , كـقوله تعالى في ما اخبر به لوطا عن مصير قومه في سورة الحجر/66 : (و قضينا اليه ذلك الا مر اءن دابر هؤلاء مقطوع مصبحين ).
اي انباناه .
ج - قضى اللّه الشي ء, و به : اوجبه , امر به , كقوله تعالى في سورة الاسراء/23 : (و قضى ربك اء لا تعبدوا الا اياه ).
اي امر بذك و اوجب عليكم ا لا تعبدوا الا اياه .
د - قضى اللّه الامر او الشي ء : تعلقت ارادته به , قدره , كقوله تعالى في سورة البقرة / 117 : (و اذا قضى اءمرا فانما يقول له كن فيكون ).
اي اذا اراد امرا.
و قوله تعالى في سورة الانعام / 2 : (هو الذي خلقكم من طين ثم قضى اءجلا).
اي قدر لكل انسان مدة يحيا فيها.
و منها فيما يخص البحث من مادة القدر : ا - قـدر على الشي ء او العمل : استطاع ان يفعله , يتغلب عليه فهوقادر, و القدير : ذو القوة , كقوله تعالى : 1- في سورة يس :
(اءو ليس الذي خلق السموات و الا رض بقادر على اءن يخلق مثلهم ) (الاية 81).
2- في سورة البقرة :
(و لو شاء اللّه لذهب بسمعهم و اءبصارهم ان اللّه على كل شي ءقدير) (الاية 20).
اي ذو قدرة على فعل كل شي ء على قدر ما تقتضي الحكمة .
ب - قدر : 1- قدر الرزق عليه و يقدر : ضيقه , كقوله تعالى في سورة سبا : (قل ان ربي يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر)(الاية 36).
2- قدر اللّه الامر بقدره : دبره او اراد وقوعه , كقوله تعالى في سورة المرسلات : (فقدرنا فنعم القادرون ) (الاية 23).
ج - قدر :
1- قدر اللّه الامر : قضى به او حكم بان يكون , كقوله تعالى في شان زوجة لوط, في سورة النمل / 57 :(فاءنجيناه و اءهله الا امراءته قدرناها من الغابرين ).
اى حكمنا, او قضينا عليها بان تكون من الهالكين .
2- قدر في الامر : تمهل و تروى في انجازه , كقوله تعالى في سورة سبا / 11 مخاطبا داود (ع ) : (و قدر في السرد).
اي تمهل و ترو في صنعه كي تحكم عمله .
د - القدر : 1- الـقدر : المقدار و الكمية , كقوله تعالى في سورة الحجر/21 : (وان من شي ء الا عندنا خزائنه و ما ننزله الا بقدر معلوم ).
اي بمقدار و كمية معلومة .
2- قـدر الشي ء : زمانه او مكانه , كقوله تعالى في سورة المرسلات /20 - 22 : (اءلم نخلقكم من الى قدر معلوم ).
فجعلناه في قرار مكين ت ماء مهين اي الى زمان محدد معلوم .
3- قدر اللّه : قضاؤه المحكم , او حكمه المبرم على خلقه , كقوله تعالى في سورة الاحزاب / 38 : (سنة اللّه في الذين خلوا من قبل و كان اءمر اللّه قدرا مقدورا).
اي قضاء محكما, و حكما مبرما.
لـعـل تـعدد معاني ما ينسب الى اللّه من مادتي القضاء و القدر, قد ادى الى لبس معنى ما ورد منهما في الـقـرآن و الحديث , و اعتقاد بعض المسلمين بان الانسان يسير في حياته , في كل ما يعمل من خير اوشر وفق ما قضى اللّه عليه و قدر قبل ان يخلق .
و يـطـلق في الاخبار لفظ القدري على الجبري و التفويضي كليهما ((7)) , و عليه فان القدر اسم للشي ءء و ضده كالقرء, اسم للحيض و الطهر معا.
و لا نـطيل البحث بايراد اقوال المعتقدين بذلك , و الاجابة عليها, وانما نكتفي بايراد الاحاديث التي نجد فيها جوابا لتلكم الاقوال توضيحيا و بيانا للامر بحوله تعالى : ب - روايات من ائمة اهل البيت (ع ) في القضاء و القدر : اولا : عـن اول ائمـة اهـل البيت علي بن ابي طالب (ع ), روي في توحيد الصدوق بسنده الى الامام الحسن (ع ), و في تاريخ ابن عساكر بسنده الى ابن عباس و اللفظ للاول قال : دخل رجل من اهل العراق على امير المؤمين (ع ), فقال : اخبرنا عن خروجنا الى اهل الشام ابقضاء مـن اللّه و قـدر ؟ فقال له امير المؤمين (ع ) :اجل يا شيخ , فو اللّه ما علوتم تلعة و لا هبطتم بطن واد الابـقـضاء من اللّه و قدر, فقال الشيخ : عند اللّه احتسب عنائي ((8)) ياامير المؤمنين , فقال :مـهـلا يـا شيخ , لعلك تظن قضاء حتماو قدرالازما ((9)) , لو كان كذلك لبطل الثواب و العقاب و الامـر والـنـهي والزجر, و لسقط معنى الوعيد و الوعد, و لم يكن على مسي ء لائمة ولا لمحسن محمدة , و لكان المحسن اولى باللائمة من المذنب والمذنب اولى بالاحسان من المحسن ((10)) , تلك مـقالة عبدة الاوثان و خصماء الرحمن و قدرية هذه الامة و مجوسها. ياشيخ ان اللّه عز وجل كلف تخييرا, و نهى تحذيرا, و اعطى على القليل كثيرا, و لم يعص مغلوبا, و لم يطع مكرها, و لم يخلق الـسـمـاوات و الارض و مـابـيـنـهـمـا بـاطـلا, (ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار) ((11)) .
قال : فنهض الشيخ و هو يقول : انت الامام الذي نرجو بطاعته ----- يوم النجاة من الرحمن غفرانا اوضحت من ديننا ما كان ملتبسا ----- جزاك ربك عنا فيه احسانا فليس معذرة في فعل فاحشة ----- قد كنت راكبها فسقا وعصيانا ((12)) ثانيا : عن السادس من ائمة اهل البيت (ع ), الامام ابي عبد اللّه جعفربن محمد الصادق (ع ): ان الناس في القدر على ثلاثة اوجه : رجل يزعم ان اللّه عز و جل اجبر الناس على المعاصي , فهذا قد ظلم اللّه في حكمه فهو كافر.
و رجل يزعم ان الامر مفوض اليهم , فهذا قد اوهن اللّه في سلطانه فهو كافر.
و رجل يزعم ان اللّه كلف العباد ما يطيقون و لم يكلفهم لا يطيقونه واذا احسن حمد اللّه و اذا اساء استغفر اللّه فهذا مسلم بالغ ((13)) .
ثالثا : و عن الثامن من ائمة اهل البيت الامام ابي الحسن الرضا (ع )قال : ا -ان اللّه عـز و جـل لـم يطع باكراه , و لم يعص بغلبة , و لم يهمل العباد في ملكه , هو المالك لما ملكهم و القادر على ما اقدرهم عليه ,فان ائتمرالعباد بطاعته لم يكن اللّه منها صادا, و لا منها مانعا, و ان ئتمروا بمعصيته فشاء ان يحول بينهم و بين ذلك فعل , و ان لم يحل وفعلوه فليس هو الذي ادخلهم فيه ((14)) .
يـعـنـي ان الانسان الذي اطاع اللّه لم يكن مجبرا على الطاعة , والانسان الذي عصاه لم يغلب مشيئة اللّه , بل اللّه شاء ان يكون العبد مختارا في فعله .
ب - قال : قال اللّه تبارك و تعالى : يـا ابن آدم بمشيئتي كنت انت الذي تشاء لنفسك ما تشاء, وبقوتي اديت الي فرائضي , و بنعمتي قويت عـلـى مـعـصـيـتـي , جعلتك سميعابصيرا قويا, ما اصابك من حسنة فمن اللّه و ما اصابك من سيئة فمن نفسك ((15)) .
و في رواية :عملت بالمعاصي بقوتي التي جعلتها فيك ((16)) .
و عن الامام ابي عبد اللّه الصادق (ع ) قال : ا -لا جـبـر و لا تـفويض و لكن امر بين امرين . قال : قلت : و ما امربين امرين ؟ قال :مثل ذلك رجل رايته على معصية فنهيته فلم ينته فتركته ففعل تلك المعصية , فليس حيث لم يقبل منك فتركته كنت انت الذي امرته بالمعصية ((17)) .
ب -ما استطعت ان تلوم العبد عليه فهو منه و ما لم تستطع ان تلوم العبد عليه فهو من فعل اللّه .
يقول اللّه للعبد : لم عصيت ؟ لم فسقت ؟ لم شربت الخمر ؟ لم زنيت ؟ فهذا فعل العبد, و لا يقول له : لم مرضت ؟ لم قصرت ؟ لم ابيضضت ؟ لم اسوددت ؟ لانه من فعل اللّه تعالى ((18)) .
شرح الروايات :
ان للجبر و التفويض جانبين : ا - ما كان منهما من صفات اللّه .
ب - ما كان منهما من صفات الانسان .
فـمـا كان منهما من صفات اللّه فينبغي اخذه منه بوساطة الانبياء, واوصياء الانبياء عن الانبياء, و ما كـان مـن صـفـات الانـسان فان قولنا :افعل هذا او لا افعله دليل على انا نفعل ما نفعله باختيارنا, و قـدعـرفـنـا مـمـا سـبـق ان سير الانسان في حياته لا يشابه سير الذرة والكواكب و المجرات المسخرات بامر اللّه في كل حركاتها و ما يصدرمنها من آثار.
و لم يفوض اللّه اليه امر نفسه .
كل ما سخر له ليفعل ما يشاء كمايحب , و كما تهوى نفسه , بل ان اللّه ارشـده بـوسـاطـة انبيائه كيف يؤمن بقلبه بالحق , و هداه الى الصالح النافع في ما يفعله بجوارحه , والضار منه , فاذا اتبع هدى اللّه , و سار على الطريق المستقيم خطوة اخذ اللّه بيده و سار به عشر خـطـوات ثـم جـزاه باثار عمله في الدنياوالاخرة سبعمائة مرة اضعاف عمله , و اللّه يضاعف لمن يشاءبحكمته و وفق سنته .
و قـلنا في المثل الذي ضربناه في ما سبق , بان اللّه ادخل الانسان المؤمن و الكافر في هذا العالم في مـطـعـم لـه من نوع (سلف سرويس ), كما قال سبحانه في سورة الاسراء/20 : (كلانمد هؤلاء و هؤلاءمن عطاء ربك و ما كان عطاء ربك محظورا).
فـلـولا امدا اللّه عبيده بكل ما يملكون من طاقات فكرية وجسدية , وما سخر لهم في هذا العالم لما اسـتـطاع المؤمن ان يعمل عملا صالحا,و لا الضال الكافر ان يعمل عملا ضارا فاسدا, و لو سلبهم لحظة واحدة اي جزء مما منحهم من الرؤية و العقل و الصحة و... و... لمااستطاعوا ان يفعلوا شيئا, اذا فان الانسان يفعل ما يفعل بما منحه اللّه بمحض اختياره , و بناء على ما بيناه , ان الانسان لم يفوض اليه الامرفي هذا العالم , و لم يجبر على فعل بل هو امر بين الامرين , و هذه هي مشيئة اللّه و سنته في امر افعال العباد, و لن تجد لسنة اللّه تبديلا.
اسئلة و اجوبة
و في هذا المقام ترد الاسئلة الاربعة الاتية : السؤال الاول و الثاني : كيف يكون الانسان مختارا في ما يصدرمنه من فعل , مع تسلط الشيطان عليه من حيث لا يراه , واغوائه بمايوسوس الى قلبه و يدعوه الى فعل الشر ؟ و كذلك شان الانسان الذي يعيش في المحيط الفاسد الذي لا يرى فيه غير الشر و الفساد امرا ؟ السؤال الثالث : ماذا يستطيع ان يفعل الانسان الذي لم تبلغه دعوة الانبياء في بعض الغابات ؟ السؤال الرابع : ما ذنب ولد الزنا, و ما جبل عليه من حب فعل الشربسبب فعل والديه ؟ و الجواب عن السؤالين الاول و الثاني : ان اللّه تبارك و تعالى اتم الحجة على الانسان بما اودع فيه مـن غـريـزة الـبحث عن سبب وجودكل ما رآه و التي توصله الى معرفة مسبب الاسباب , و لذلك قـال سـبـحانه و تعالى في سورة الاعراف / 172 : (اءن تقولوا يوم القيامة انا كنا عن هذا غافلين ), فـكما ان الانسان لن يغفل عن غريزة الجوع في حال من الاحوال حتى يملا جوفه بالطعام , كذلك لن يغفل عن غريزة طلب المعرفة حتى يعرف مسبب الاسباب .
و الـجـواب عـن الـسـؤال الـثالث نقول : قال اللّه سبحانه و تعالى : (لايكلف اللّه نفسا الا وسعها) (البقرة /286),و اما السؤال الرابع فجوابه :ان ولد الزنا - ايضا - ليس مجبورا على فعل الشر, و كل ما في الامر ان الحالة النفسية للوالدين في حال ارتكابهما الزنا و ما يريان من نفسهما بانهما باشرا بفعلهما خيانة المجتمع , و ان المجتمع يتقذرمن فعلهما و يحتقرهما و يعاديهما لو اطلع على فعلهما, و انـهما عندارتكابهما الرذيلة في حالة معاداة للنزيهين من تلك الفعلة في المجتمع و الذين هم ابرار المجتمع و اخياره و المتمسكون بفضائل الاخلاق و المعروفون بكل ذلك في المجتمع .
و عـلـيه فان تلك الحالة النفسية العدائية منهما للمجتمع و ابراره تؤثرعلى النطفة حين انعقادها و تـنـتـقـل بـالـوراثـة الـى مـا يـتـكون من تلك النطفة , فانه يجبل على حب الشر و العداء للخيرين والمعروفين بالفضيلة في المجتمع .
و من الامثلة على ذلك زياد بن ابيه و ولده ابن زياد في ما ارتكباه زمان امارتهما في العراق ((19)) , و خاصة ما فعله ابن زياد بعداستشهاد الامام الحسين (ع ), مع جسده الشريف و اجسادالمستشهدين مـعـه من آل الرسول (ص ) و انصارهم : من التمثيل بهم ,و حمله رؤوسهم من بلد الى بلد, و سوقه بـنـات الرسول (ص ) سباياالى الكوفة و سائر ما عاملهم بها, في حين انه لم يبق بعد استشهادالامام الحسين (ع ) اى مقاوم لحكمهم و لم يكن اي مبرر له عندئذفي كل ما فعل من ظلم و استهانة بمقامهم فـي الـمـجتمع , عدا حبه في كسر شوكة اشرف بيت في العرب و افضله و تهوينهم , و حبه للشر وعدائه الجبلي الفطري للاكرمين في المجتمع .
و بـنـاء عـلـى ذلك يكون حب الشر و الرغبة في ايذاء الخيرين والمعروفين بالفضيلة في المجتمع فـطـري في ولد الزنا, على عكس ولد الزواج الحلال و الذي ليس من فطرته حب الشر و الرغبة فـي ايـذاء الـخـيـرين في المجتمع , و لكنهما مع كل ذلك ليسا مجبورين على القيام بكل ما يفعلانه و يـتـركانه من خير و شر, و انما مثلهما في ما جبلا عليه مثل شاب مكتمل الرجولة في الجسد و ما يتمتع به من حيوية دافقة و شهوة عارمة للجنس , مع شيخ هرم ناف على التسعين و تهدمت قواه , يعاني الـفتور و فقدان القوى الجسدية , منصرف عن الشهوة الجنسية و في عدم تمكن الاخير من ارتكاب الـزنـا و توفرالقوى الجنسية في الاول , فان الشاب القوي مكتمل الرجولة - ايضا- غير مجبور على ارتكاب الزنا في ما اذا ارتكب ذلك ليكون معذورا في ارتكابه الرذيلة , و اما اذا تيسر له ارتكاب الزنا و خاف مقام ربه و نهى النفس عن الهوى فان الجنة هي الماوى ((20)) , على عكس الشيخ الهرم , فانه لا يثاب على تركه الزنا, لانه لم يترك الزنامع قدرته عليه .
و هكذا كلما تعمقنا في دراسة اي جانب من جوانب حياة الانسان ,وجدناه مختارا في ما يصدر منه من فعل , عدا ما يصدر منه عن غفلة و عدم تنبه .
--- هوامش ---
1- الكافي 1:160.
2- الانفال / 46.
3- النساء / 59.
4- راجـع تـعريف الاشاعرة في الملل و النحل للشهرستاني بهامش الفصل في الملل و الاهواء , و 5- راجـع تـعـريف المعتزلة في الملل و النحل للشهرستانى بهامش الفصل في الملل والاهواء , و 6- يونس /93 و الجاثية /17.
7- البحار 5 : 5.
8- اي ان كـان خـروجنا و جهادنا بقضائه تعالى و قدره لم نستحق اجرا, فرجائي ان يكون عنائي 9- بالمعنى الذي زعمته الجبرية .
10- لانـهـمـا في اصل الفعل سيان , اذ ليس بقدرتهما و ارادتهما, مع ان المحسن يمدحه الناس و هو 11- كما في سورة ص : 27.
12- تـوحـيـد الـصدوق : 380 , و ترجمة الامام علي (ع ) في تاريخ ابن عساكر 3:231تحقيق 13- توحيد الصدوق : 360 ـ 361.
14- توحيد الصدوق : 361.
15- توحيد الصدوق 328 ـ 340, 344, 362 , و الكافي 1 : 160.
16- التوحيد : 362.
17- الكافي 1 : 160 , و التوحيد : 362.
18- الطرائف .
19- راجع بحث استلحاق زياد في المجلد الاول من كتاب عبد اللّه بن سبا للمؤلف ,وبحث استشهاد 20- اشـارة الـى قـولـه تعالى في سورة النازعات / 40 : (و اءما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن