من محاضرات: سماحة آیة الله الشیخ مجتبی الطهراني
ترجمة: الأستاذ علي فاضل السعدي
أدب الصلاة على النبي (ص)
إنّ للصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ادآب تؤدي رعايتها إلى أداء كامل لهذا الحق. ومن هذه الآداب:
1- الكمال
إن الصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لا تتمّ إلّا إذا كانت شاملة لأهل بيته (عليهم السلام). فقد روی صحابي من صحابة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يدعى يسير أنّه سأل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قائلاً: يا رسول الله، قد علمتنا السلام عليك، فكيف الصلاة عليك؟ فقال: قولوا: اللهم صل على محمد وآل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وآل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد.(1 )
فالظاهر من هذه الرواية أنّ سؤال "يسير" لم يكن خارجا عن نطاق كيفية الصلاة المحضة على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إذ سمع من النبي جواباً لم يكتف فيه الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بذكر الصلاة على نفسه بل علّمه الصلاة عليه وعلى آله الكرام، وهذا ما يدلّ بوضوح على أثر آله (عليهم السلام) في كمال الصلوات عليه (صلى الله عليه وآله وسلم) حيث أرشد إليه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، ومنع من أن تتم الصلاة دون ذكر آل بيته حيث قال:
لا تصلّوا عليّ صلاة مبتورة بل صلوا إلى أهل بيتي ولا تقطعوهم فان كل نسب وسبب يوم القيامة منقطع إلّا نسبي( 2)
فالكلام يدل على أنّ عدم إمكانية حدوث الافتراق بين النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وآله (عليهم السلام) يعني أنّ الافتراق عن آله (عليهم السلام) هو افتراق عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) ولهذا لا تحبّذ الصلاة عليه دون آله ولا تكون الصلاة عليه كاملة وتامة إلّا إذا شملت آله (عليهم السلام) وهذا هو شكل الصلاة التي أمر بها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أمّته حيث تمّ بيانها من قبل أمير المؤمنين علي (عليه السلام) عندما كانت جموع المسلمين تهبّ لوداع رسول الله قبل مواراته الثرى. فقد روي عنه (عليه السلام):
"لما فرغ أمير المؤمنين من تغسيل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وتكفينه، وتحنيطه أذن للناس وقال: ليدخل منكم عشرة عشرة ليصلوا عليه، فدخلوا، وقام أمير المؤمنين (عليه السلام) بينه وبينهم، وقال: "إنّ الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما"(3 ) وكان الناس يقولون كما يقول". قال أبو جعفر (عليه السلام): "وهكذا كانت الصلاة عليه (صلى الله عليه وآله وسلم) ".(4 )
فالرواية أعلاه والتي وردت كتصريح أو تلميح لما جاء في الآية تدلّ بوضوح على كيفيّة إطاعة الله تعالى في ما أمر به في الصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)؛ وذلك بمعنى أنّ هذا الأمر الإلهي لا يطاع إلّا من خلال السلام والصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وآله الأطهار (عليهم السلام) فترك الصلاة على آل بيت رسول الله (عليهم السلام) لا يمكن أن يكون سببا لطاعة الله تعالى، وهذا ما لم يدعو إليه حتى من خالف أهل البيت (عليهم السلام)؛ فقد ورد عن الإمام الرضا (عليه السلام) فيما احتجّ به على علماء المخالفين بمحضر المأمون، في تفضيل العترة الطاهرة، قال (عليه السلام):
... وأمّا الآية السابعة، فقول الله تعالى: "إن الله وملائكته يصلّون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما" وقد علم المعاندون منهم، أنّه لما نزلت هذه الآية قيل: يا رسول الله، قد عرفنا التسليم عليك فكيف الصلاة عليك؟ فقال: تقولون: اللهم صل على محمد وآل محمد، كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم، انك حميد مجيد، فهل بينكم معاشر الناس في هذا خلاف؟ قالوا: لا، قال المأمون: هذا ما لا خلاف فيه أصلا، وعليه إجماع الأمة.( 5)
فقال الإمام (عليه السلام):
نعم أخبروني عن قول الله عزّ وجل: "يس والقرآن الحكيم إنك لمن المرسلين علی صراط مستقيم" فمن عنى بقوله: يس؟ قالت العلماء: يس محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يشك فيه أحد. قال أبو الحسن (عليه السلام): فإن الله عزّ وجل أعطى محمدا وآل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) من ذلك فضلا لا يبلغ أحد كنه وصفه إلّا من عقله، وذلك أن الله عزّ وجل لم يسلم على أحد إلّا على الأنبياء (عليهم السلام) فقال تبارك وتعالى: "سلام على نوح في العالمين" وقال: "سلام على إبراهيم" وقال: "سلام على موسى وهارون" ولم يقل: سلام علی آل نوح، ولم يقل: سلام على آل إبراهيم، ولا قال: سلام على آل موسى وهارون، وقال عزّ وجل: "سلام على آل يس" يعني آل محمد. فقال المأمون: قد علمت أنّ في معدن النبوة شرح هذا وبيانه.(6 )
فالصلاة على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) دون ذكر آله الأطهار (عليهم السلام) يعد تجاوزاً على حقّ آل البيت (عليهم السلام) وتجاوز على حق رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بالذات. فقد ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنّه قال:
سمع أبي رجلا متعلقا بالبيت وهو يقول: اللهم صل على محمد، فقال له أبي: يا عبد الله لا تبترها لا تظلمنا حقنا قل: اللهم صل على محمد وأهل بيته.( 7)
فهذا الظلم لا يحرم المرء من فوائد الصلاة وحسب بل يكون سببا لابتعاد الإنسان عن رحمة الله تعالى. قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):
من صلّى علي ولم يصل على آلي لم يجد ريح الجنة، وإن ريحها ليوجد من مسير خمسمائة عام.( 8)
فجزاء كهذا ليس بالأمر المستبعد؛ لأن آل البيت (عليهم السلام) أولياء الله وخلفاء رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) فمن يجتنب الصلاة عليهم متعمداً سيكون أهلا للحرمان من رحمة الله. فلا يصعد دعائه ولا يجاب حتى يُشرك آل البيت (عليهم السلام) في دعائه وقد ورد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد بيانه آثار الصلاة على النبي وآله:
(إنّ الرجل من أمتي)... إذا صلى علي ولم يتبع بالصلاة على أهل بيتي كان بينهما وبين السماوات سبعون حجابا، ويقول الله تبارك وتعالى: لا لبيك ولا سعديك، يا ملائكتي، لا تصعدوا دعاءه إلّا أن يلحق بالنبي عترته، فلا يزال محجوبا حتى يلحق بي أهل بيتي.( 9)
2- الجهر بالصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)
ينبغي أن يصلي المرء علی النبي وآله دون تكلّف وحياء. فمحب أهل البيت (عليهم السلام) لا يمنعه الحياء من ذكر الصلوات حين يذكر اسم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ولا يمنعه ذلك من الجهر بالصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فوجود المحبّة للمعصومين (عليهم السلام) والحياء من الجهر بالصلاة على النبي وآله قد يحكي نوعاً من أنواع النفاق. كما أنّ الجهر بالصلاة على النبي وآله يذهب النفاق. فقد ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام) نقلاً عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال:
إرفعوا أصواتكم بالصلاة عليّ فإنها تذهب بالنفاق( 10)
3- عدم التقدّم عليهم
إن عظمة الأئمة الأطهار (عليهم السلام) وعلوّ قدرهم يستوجب مراعاة آداب كثيرة أخرى، يمكن الإشارة إلى عدم التقدّم عليهم في الحركة، والقول، وحتى في التصميم. فالاعتراف بالمعصومين (عليهم السلام) كأئمة للأمّة الإسلامية يستوجب الإقتداء بهم. قال تعالى في القرآن الكريم:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ( 11)
فبحكم ما ورد من روايات كثيرة فإنّ حرمة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ثابتة لسائر الأئمة المعصومين (عليهم السلام). لذلكً لا ينبغي أن يتقدم المرء عليهم (عليهم السلام). يذكر أنّ نتائج قبح التقدم عليهم في الأمور المختلفة يختلف باختلاف الموارد، فالتقدّم عليهم في بعض الأمور قد يكون سببا لهلاك الإنسان؛ فقد ورد في حديث عن الإمام الحسن (عليه السلام) عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في دعاء طويل يقول فيه:
اللهم صل على محمد وآل محمد الفلك الجارية في اللجج الغامرة، يأمن من ركبها، ويغرق من تركها، المتقدم لهم مارق والمتأخر عنهم زاهق.( 12)
فبعض أنواع التقدّم يسلب الإنسان التوفيق. ففي رواية عن الإمام الهادي (عليهم السلام) أجاب ولده الحسن العسكري وذلك في ما كان يرد للنبي من أخبار، حيث وردت حكاية عن وجود طعام مسموم كانت قد أعدته امرأة يهودية ادّعت الإسلام ظاهرا وجاءت به إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وفي هذه الحكاية ما يدّل على ضرورة التأدب بعدم التقدّم على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والحكاية كالتالي:
إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لما رجع من خيبر إلى المدينة وقد فتح الله له جاءته امرأة من اليهود قد أظهرت الإيمان، ومعها ذراع مسمومة مشوية وضعتها بين يديه، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ما هذه؟ قالت له: بأبي أنت وأمي يا رسول الله همّني أمرك في خروجك إلى خيبر، فإني علمتهم رجالا جلدا، وهذا حمل كان لي ربيبة أعده كالولد لي، وعلمت أنّ أحب الطعام إليك الشواء، وأحب الشواء إليك الذراع، ونذرت لله لئن سلمك الله منهم لأذبحنه ولأطعمنك من شوائه ذراعيه، والآن فقد سلمك الله منهم وأظفرك عليهم، وقد جئتك بنذري، وكان مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) البراء بن معرور وعلي بن أبي طالب (عليه السلام)، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إيتوني بالخبز، فأتي به فمدّ البراء بن المعرور يده وأخذ منه لقمة فوضعها في فيه، فقال علي بن أبي طالب (عليه السلام): يا براء لا تتقدم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقال البراء وكان أعرابيا: يا علي كأنك تبخّل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ ! فقال علي (عليه السلام): ما أبخّل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ولكني أبجّله وأوقره ليس لي ولا لك ولا لأحد من خلق الله أن يتقدم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بقول ولا فعل ولا أكل ولا شرب، فقال البراء: ما أبخّل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، قال علي (عليه السلام) ما لذلك قلت، ولكن هذا جاءت به هذه وكانت يهودية، ولسنا نعرف حالها، فإذا أكلته بأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فهو الضامن لسلامتك منه، وإذا أكلته بغير إذنه وكلت إلى نفسك يقول علي هذا والبراء يلوك اللقمة، إذ أنطق الله الذراع فقالت: يا رسول الله لا تأكلني فإني مسمومة، وسقط البراء في سكرات الموت ولم يرفع إلّا ميتا، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إيتوني بالمرأة فأتي بها، فقال: ما حملك على ما صنعت؟ فقالت: وترتني وترا عظيما، قتلت أبي وعمي وزوجي وأخي وابني، ففعلت هذا وقلت: إن كان ملكا فسأنتقم منه، وإن كان نبيا كما يقول وقد وعد فتح مكة والنصر والظفر فيمنعه الله منه ويحفظه ولن يضرّه، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): أيتها المرأة لقد صدقت، ثم قال لها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): لا يغرك موت البراء فإنّما امتحنه الله لتقدّمه بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ولو كان بأمر رسول الله أكل منه لكفي شره وسمّه، ثم قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ادع لي فلانا وفلانا، وذكر قوما من خيار أصحابه فيهم سلمان والمقداد وأبو ذر وعمار وصهيب وبلال وقوم من سائر الصحابة تمام عشرة وعلي (عليه السلام) حاضر معهم، فقال: اقعدوا وتحلقوا عليه، ووضع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يده على الذراع المسمومة ونفث عليه، وقال: " بسم الله الشافي، بسم الله الكافي، بسم الله المعافي، بسم الله الذي لا يضرّ مع اسمه شئ ولا داء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم " ثم قال: كلوا على اسم الله، فأكل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأكلوا حتى شبعوا، ثم شربوا عليه الماء، ثم أمر بها فحبست، فلما كان اليوم الثاني جاء بها فقال: أليس هؤلاء أكلوا ذلك السم بحضرتك؟ فكيف رأيت دفع الله عن نبيه وصحابته؟ فقالت: يا رسول الله كنت إلى الآن في نبوتك شاكة، والآن قد أيقنت أنك رسول الله حقا، فأنا أشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، وأنك عبده ورسوله وحسن إسلامها.( 13)
4- الطهارة عند اللقاء
إنّ من جملة الآداب التي ورد الحثّ عليها في ظاهرة الارتباط بالمعصوم (عليه السلام) التطهر من الحدث. فعن أبي بصير قال: دخلت المدينة وكانت معي جويرية لي فأصبت منها ثم خرجت إلى الحمام فلقيت أصحابنا الشيعة وهم متوجهون إلى أبي عبد الله (عليه السلام) فخفت أن يسبقوني ويفوتني الدخول إليه فمشيت معهم حتى دخلت الدار، فلما مثلت بين يدي أبي عبد الله (عليه السلام) نظر إلي ثم قال:
يا أبا بصير أما علمت أن بيوت الأنبياء وأولاد الأنبياء لا يدخلها الجنب؟! فاستحييت فقلت له: يا بن رسول الله إني لقيت أصحابنا فخشيت أن يفوتني الدخول معهم، ولن أعود إلى مثلها، وخرجت.( 14)
الاعتقاد بحرمتهم بعد وفاتهم (عليهم السلام)
ينبغي الإشارة في نهاية هذا الفصل إلى أن الحرمة التي تثبت لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وسائر المعصومين أثناء حياتهم لابدّ وأن تستمرّ لما بعد وفاتهم في التوسل بهم وزيارة قبورهم ففي رواية عن الإمام الباقر (عليه السلام) ذكر فيها حكاية وفاة الإمام الحسن (عليه السلام) يقول:
لما احتضر الحسن بن علي (عليه السلام) قال للحسين: يا أخي إني أوصيك بوصية فاحفظها، فإذا أنا متّ فهيئني ثم وجهني إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لأحدث به عهدا ثم اصرفني إلى أمي فاطمة (عليها السلام) ثم ردني فادفني بالبقيع، واعلم أنه سيصيبني من الحميراء ما يعلم الناس من صنيعها وعداوتها لله ولرسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) وعداوتها لنا أهل البيت، فلما قبض الحسن (عليه السلام) [و] وضع على سريره فانطلقوا به إلى مصلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي كان يصلي فيه على الجنائز فصلى على الحسن (عليه السلام) فلما أن صلى عليه حمل فادخل المسجد، فلما أوقف على قبر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بلغ عائشة الخبر وقيل لها: إنهم قد أقبلوا بالحسن بن علي ليدفن مع رسول الله فخرجت مبادرة على بغل بسرج- فكانت أول امرأة ركبت في الإسلام سرجا- فوقفت وقالت: نحوا ابنكم عن بيتي، فإنه لا يدفن فيه شئ ولا يهتك على رسول الله حجابه، فقال لها الحسين بن علي صلوات الله عليهما: قديما هتكت أنت وأبوك حجاب رسول الله وأدخلت بيته من لا يحب رسول الله قربه، وإن الله سائلك عن ذلك يا عائشة، إن أخي أمرني أن أقربه من أبيه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ليحدث به عهدا واعلمي أن أخي أعلم الناس بالله ورسوله وأعلم بتأويل كتابه من أن يهتك على رسول الله ستره، لان الله تبارك وتعالى يقول: "يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلّا أن يؤذن لكم"( ) وقد أدخلت أنت بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الرجال بغير أذنه وقد قال الله عزّ وجل "يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي"(15 ) ولعمري لقد ضربت أنت لأبيك وفاروقه عند أذن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) المعاول، وقال الله عزّ وجل "إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى"( 16) ولعمري لقد أدخل أبوك وفاروقه على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بقربهما منه الأذى، وما رعيا من حقه ما أمرهما الله به على لسان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، إن الله حرم من المؤمنين أمواتا ما حرم منهم أحياء، وتالله يا عائشة لو كان هذا الذي كرهتيه من دفن الحسن عند أبيه رسول الله صلوات الله عليهما جائزا فيما بيننا وبين الله لعلمت أنه سيدفن وإن رغم معطسك.( 17)
ویستنتج من هذه الرواية أنّ ما ينبغي مراعاته من آداب في زمان حياة المعصومين لا بدّ أن يراعى عند زیارة مراقدهم بعد وفاتهم( 18)
فلكي نقيّم ارتباطا حسنا وأرواح الأئمة الأطهار (عليهم السلام) يلزم أن تراعى جملة آداب تليق بمقامهم ومنزلتهم في أثناء زيارة قبورهم والتي سنذكرها فيما يأتي.
-------------------------------
(1 ) وسائل الشيعة: الحر العاملي، ج 7، ص 197،ح9101؛ وبحار الأنوار: العلامة المجلسي، ج 82، ص 257،ح4. وقد ورد في مصادر العامة عن كعب بن عجرة أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم يا رسول الله قد علمنا السلام عليك فكيف الصلاة عليك قال: قولوا اللهم صلى على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم انك حميد مجيد اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم انك حميد مجيد. مسند احمد: الإمام احمد بن حنبل، ج 4، ص 241 وصحيح البخاري، ج 4، ص341؛ وج4، ص118. وقد ورد عن كعب بن عجرة أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يقرأ هذه العبارة في صلاته. مسند الشافعي ص 42.
(2 ) المصدر السابق، ص 207، ح 9127. وقد ورد في مصادر العامة أن رسول الله ص قال: "لاتصلوا علىّ الصلاة البتراء فقالوا وما الصلاة البتراء؟ قال تقولون: اللهم صل على محمد وتمسكون، بل قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد. الصواعق المحرقة، لابن حجر، ص225
(3 ) الأحزاب: 56.
(4 ) مستدرك الوسائل: الميرزا النوري، ج 2، ص 262
(5 ) مستدرك الوسائل - المحدث النوري، ج 5، ص 349، 350
(6 ) بحار الأنوار: العلامة المجلسي، ج 25، ص 229،ح 20.
(7 ) الكافي: الشيخ الكليني، ج 2، ص 495، ح 21.
(8 ) وسائل الشيعة: الحر العاملي، ج 7، ص 203، ح9117.
(9 ) المصدر السابق، ص 204 ح 9120.
(10 ) الكافي، الكليني، ج2، ص493، ح13.
(11 ) الحجرات: 1.
(12 ) بحار الأنوار: العلامة المجلسي، ج 84، ص 67، ح 19؛ نقلا عن فلاح السائل، ص 142.
(13 ) المصدر السابق، ج 17، ص 317، ح15؛ نقلا عن تفسير الإمام،ص 177، ح85.
(14 ) وسائل الشيعة: الحر العاملي، ج 2، ص 211، ح1953.
(15 ) الأحزاب: 53.
(16 ) الحجرات:2
(17 ) المصدر السابق.
(18 ) الكافي: الشيخ الكليني، ج 1، ص 302، ح3.
source : www.abna.ir