عربي
Friday 17th of May 2024
0
نفر 0

التكفير: المباني والنقد

التكفير: المباني والنقد

اولا. مفهوم التكفير

احتل مصطلح "التكفير" في الآونة الأخيرة حيزاً واسعاً من الاهتمام في الأوساط الإعلاميّة في ضوء الفظاعات التي ارتكبتها مجموعات تدّعي الإسلام قولاً، وتنحر قِيَمه علناً، متّخذةً سيف " الكفر" سلاحاً للقضاء على الآخر المختلف معه في الفكر أو المصلحة؛ فأضحت تلك الكلمة الأكثر استعمالاً في قواميسهم الصفراء، ولكن في غير معناها الصحيح، فصار لزاماً على العلماء الحقيقيّين إظهار نور علمهم ليطردوا خفافيش الظلام.

بالعودة إلى معاجم اللّغة، يتبيّن أنّ "التكفير" مشتقٌّ من "الكفر" الذي تتنوّع مِروَحة معانيه؛ بدءاً بما يقابل الإيمان، ومروراً بجحود النعمة، وانتهاءً بالتغطية وغيرها.

وتبعاً لذلك، اتّخذ مصطلح "التكفير" اتّجاهاتٍ مفهوميّة خاصّة تفترق أو تلتقي بحسب استعمالها في كلٍّ من القرآن الكريم، الحديث الشريف، المصادر الفقهيّة والمنابع الكلاميّة، تتجلّى في معانٍ منها: محو الذنوب، إبطال العقاب، أداء الكفّارة وغيرها، فضلاً عن وصم شخصٍ ما بالكفر ونسبته إلى المسلم في شروط معيَّنة..

إذ يكفي في هذا السياق استعراض مفهوم "الكفر" وسياقاته في علمَي الفقه والكلام نموذجاً لتسليط الضوء على تلك الفوارق.

في علم الفقه، يستعمل "الكفر" بمعنى ما يقابل "الإسلام"؛ فهما بمثابة منطقتَين يفصل بينها حدّ النطق بالشهادتَين، فمن ذكرهما فهو مسلم ومن أبى فهو كافر.

ف"الكفر" فقهيّاً يتعامل بالظواهر ويعكس نوع تعامل المسلم مع غيره.

بالمقابل، يحمل مفهوم "الكفر" في علم الكلام معاني أعمق؛ إذ يُراد منه كلّ ما يقابل "الإيمان"، ما يفرض تناول معاييره ومحدّداته بدقّة.

ف"الكفر" كلاميّاً من أفعال القلوب، وله مستويات ثلاثة تتوزّع بين: الكفر الاعتقاديّ والكفر اللّفظيّ والكفر السلوكيّ.

 

ثانيا. توسيع دائرة الكفر على حساب تشويه حقيقة الإيمان

لم يجد السلفيّون التكفيريّون لمنظومتهم الاعتقاديّة أرضيّةً تناسبها سوى تحريف معنى الإيمان وتضييق مساحته ليفسحوا المجال للكفر الذي ضخّموا معناه ونفخوا في مصاديقه حتّى تغوّل مفترساً كلّ من يخالفهم، مستسهلاً وصم كثيرٍ من الأمور بالكفر بذريعة إعاقتها لعبادة الله على حدّ زعمهم، حتّى ولو كان ممّا يؤدّي إلى تقدّم البشريّة في الحقول العلميّة، العسكريّة، الثقافيّة والاقتصاديّة أو يندرج تحت التمتّع بالنعم المادّيّة التي أحلّها الله.

فلا غَروَ أن يضيق فكر التكفيريّين المنحرف عن فهم الدروس الرائعة من سيرة الرسول الأعظم (ص) فاكتفوا منها بالاعتقاد بضرورة اقتصار المسلمين على العيش وفق الإمكانات والظروف التي كانت سائدةً في ذلك العصر، وعدّوا كلّ زيادةٍ على ذلك المستوى كفراً.

يمكن اختصار مسار الحركة التكفيريّة في تضخّم مفهوم الفر لديهم؛ فالتكفيريّون الأوائل ركّزوا جلّ اهتمامهم بمحاربة أنواعٍ من الشعائر والعبادات الإسلاميّة كالتوسّل بالأولياء، تقديم النذور، طلب الشفاعة، زيارة القبور وأمثالها، في حين اختلق من تبعهم من التكفيريّين الجُدُد مصطلحاً لم يسبقهم إليه أحد وهو "الكفر الجديد" الذي ينعت بالشرك والكفر كلّ من أو ما يقع في دائرته الجهنّميّة التي لم يسلم منها جانب من جوانب حياة الإنسان الاجتماعيّة والمدنيّة.

فالكفر عند التكفيريّين الجُدُد يشمل كلّاً من اتّباع الأيديولوجيّات الحديثة واعتناق المذاهب الفكريّة والفلسفيّة، العضويّة في الأحزاب السياسيّة، العمل في الدوائر الحكوميّة التي لا تخدم أهدافهم ومصالحهم كما يعتبرون ممارسة بعض المراسم الدبلوماسيّة والشعائر الدينيّة من أعمال المشركين وسلوكيّات الكفّار، فضلاً عن أنّهم يعدّون كافّة الدول الإسلاميّة كافرةً، ويحرّمون كلّ شكلٍ من أشكال الدعم أو التعاون وحتّى تنفيذ قوانينها.

أمّا ثالثة الأثافي فهي أنّ المجموعات التكفيريّة خرجت بحكم سمّته "الكفر الأكبر" لا يُخرِجون بموجبه المتّهم به من ربقة الإسلام "مرتدّاً" فحسب، بل يحمّلونه تبعاتٍ أقلّ ما يُقال عنها ثقيلة؛ تتمثّل - كما يصرّح أحد قياداتهم- بما يلي: "إباحة دم المتّهم، تحريم زوجه عليه، عدم الصلاة عليه بعد موته، منع دفنه في مقابر المسلمين، فضلاً عن حرمانه من الإرث، بل حجره عن التصرّف في ماله"

عدّ بعض السلفيّين التكفيريّين كلّ من يقوم بالنشاطات التالية كفّاراً:

۱. العضويّة في الأحزاب، الجمعيّات والمجموعات الأيديولوجيّة مثل: الأحزاب الشيوعيّة، حزب البعث العربيّ الاشتراكيّ، الحزب القوميّ السوريّ والاتّحاد الاشتراكيّ العربيّ؛ العضويّة في الجمعيّات الماسونيّة؛ اعتناق الأفكار والاتّجاهات المناهضة للإسلام كالمدارس المادّيّة، الوجوديّة أو البراغماتيّة (الذرائعيّة)، اتّباع المذاهب السياسيّة كالديمقراطيّة، الرأسماليّة، الاشتراكيّة، الوطنيّة والقوميّة.
۲. تقديم أيّ شكل من أشكال الدعم والمساندة للدول والأحزاب الكافرة.
۳. المشاركة بأيّ شكل من الأشكال في إعداد وتنفيذ القوانين الحكوميّة، ما يشمل كافّة أعضاء الهيئة الاستشاريّة، أعضاء البرلمان، الوزراء، رئيس الجمهوريّة، القضاة، الخبراء، القوى الأمنيّة، فضلاً عن الأفراد العاديّين الذين يساهمون في تنفيذ القوانين.
۴. مخالفة أحكام الشريعة الإسلاميّة بحجّة تخلّفها وجمودها، الأمر الذي يجعل من توجيه أيّ نقد لأحكام الإسلام وحدوده الشرعيّة بحجّة عدم مواكبتها للعصر كفراً صريحاً؛ فعلى سبيل المثال: كلّ من يعتبر إطلاق اللّحية تخلّفاً وحلقها مظهراً للتقدّم، يعدّ عندهم كافراً.
۵. الاعتزاز بالخلفيّات الثقافيّة التي تعود بجذورها للكفر والجاهليّة، كالإيمان بالقوميّة أو الوطنيّة. بناءً على ذلك، فإنّ كلّ القوميّين المصريّين الذين يفتخرون بالتراث الفرعونيّ على حساب القِيَم الإسلاميّة، وأقرانهم من القوميّين الذين يتبعون الثقافة الجاهليّة للأعراب يعتبرون كفّاراً.
۶. حصر الين يالشعائر الدينيّة كالصلاة، الصوم، الزكاة والحجّ، وغضّ الطرف عن أبعاده الاقتصاديّة، السياسيّة والاجتماعيّة.
۷. سبّ الله، الدين والأنبياء.
۸. إنكار أركان الإسلام كلّها أو بعضها.
۹. إنكار أصول الدين كالنبوّة، القَدَر، وجود الملائكة، الجنّ و...
۱۰. وضع بعض التكفيريّين المعاصرون القواعد التالية للتكفير:

القاعدة الأولى: إنّ الإيمان بالله يفرض قبول شرعه؛ فإذا رفض البشر تنفيذ الأوامر الإلهيّة سعياً لتشريع آخر ينظّم حياته وفقها، فهو كافر.

القاعدة الثانية: الإسلام دين كامل متكامل؛ فمن قبل بعض أحكامه ورفض الأخرى، فهو كافر.

القاعدة الثالثة: للإيمان ثلاثة أركان: الإقرار بالقلب، القبول باللّسان وعمل بالجوارح والأركان؛ والتخلّي عن أحدها أو كلّها يُدخِل صاحبها في دائرة الكفر.11

 

 

ثالثا. قراءة التكفيريين لتلازم الايمان والعمل

يعد موضوع الايمان والكفر من اهم المسائل الكلامية التي اثارت نقاشات حادة بين المذاهب والفرق الاسلامية، لعدم اقتصار اثره على حقل العقائد، بل يتعداه ليلعب دورا اساسيا في حياة الانسان الدنيوية؛ فمصير الفرد وامنه وحرمته في المجتمع الاسلامي يتوقف على ايمانه او كفره. لذا اهتمت الفرق الاسلامية بهذا الموضوع بحساسية بالغة، واختلفت حول الحدود الفاصلة بينهما، الا ان نقاط الالتقاء بينها اكثر بكثير من مواضع الاختلاف، فللايمان شروط ادنى اتفق عليها المسلمون.

في القرون الاسلامية الاولى ظهرت مدرستا الخوارج والمرجئة المنحرفتان في العالم الاسلامي وقدمتا قراءة متناقضة مع كافة الفرق الاسلامية الاخرى، ما ادى الى انقراضهما فيما بعد، حتى قامت الوهابية التكفيرية باحياء فكر الخوارج في القرن الثاني عشر حول الايمان والكفر ليوجهوا ضربات قاصمة للاسلام مرة اخرى.

في ضوء ما ذكر في القاعدة الثالثة، يتبنى التكفيريون فكرة تلازم الايمان والعمل، بمعنى خروج مرتكب الكبيرة عن الايمان حتى لو كان مؤمنا، في تكرار لفكر الخوارج الذين استغلوها لسفك دماء المسلمين، باعتبارهم كفارا ومشركين مهدوري الدم.

 

رابعا. الاختلاف في ماهية الايمان

اختلفت الاراء حول المعنى الاصطلاحي للايمان. اذ معناه اللغوي هو التصديق، ولكن حين نصل الى المعنى الاصطلاحي، يطرح هذا السؤال: اي معنى للتصديق نعني؟ وما اجزاؤه؟

يمكن تصور ثلاثة اجزاء لمعنى الايمان الاصطلاحي: 1. التصديق باللسان؛ 2. التصديق بالقلب؛ 3. التصديق بالعمل. فمن المحتمل ان يكون الايمان الاصطلاحي احدها اومجموعها، ما ولد اختلاف الاراء. في الحقيقة، ينبغي الاجابة على السؤال الاساسي التالي حول الايمان والعمل: هل يشمل التكوين الذاتي للايمان العمل ايضا؟ 12

 

ان اهم ما بلور الفكر الاعتقادي للخوارج بمختلف نزعاتهم، ميلهم للقراءة المتطرفة حول الايمان. فقد كفروا كافة المسلمين في ضوء ذلك، ما جعلهم اول زمرة تكفيرية في الاسلام.

وقد عبر ابن حزم عن راي الخوارج في باب الايمان باعتبارهم الايمان معرفة بالقلب وعملا بالجوارح واقرارا باللسان. فالايمان طاعة الله في كل اوامره ونواهيه الكبيرة والصغيرة، اما الكفر فهو ترك احدى الاوامر او ارتكاب احدى النواهي13

فالايمان عند التكفيريين ثلاثي الاجزاء، والتزام جزئين منها دون الثالث يدخل صاحبه دائرة الكفر، وقد تبنى ذلك الراي بعد الخوارج كل من ابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب، ليعتنقه بشدة في عصرنا التكفيريون.

 

خامسا. الايمان في الفكر الاسلامي

اتفق اكثر علماء المسلمين على الاعتقاد بعدم وجود التلازم بين الايمان والعمل من جهة، وعدم تاخر العمل عن الايمان وانفصاله عنه كليا من جهة اخرى. فالذنب لا يخرج مرتكبه من الايمان، بل يوجب فسقه ما لم يرتكب ما يوجب الكفر.

يمكن ذكر الادلة والشواهد التالية على ذلك:

 

۱. المعنى اللغوي للايمان

ان المعنى اللغوي للايمان هو التصديق، ولم يخرج المعنى الشرعي له من ذلك؛ لان تغيير المعنى مخالف للاصل ولايمكن اثباته واحرازه الا في حالات وجود دليل، وقد استعمل في القران والسنة بمعناه اللغوي، مع تخصيص معناه الشرعي بتصديق الله ورسوله بمعنى الاتباع. 14

۱. الايات الناظرة للايمان

يتبين من مجموع الايات الكريمة حول الايمان مخالفتها لقراءة التكفيريين حول ماهية الايمان، ويمكن تقسيم تلك الايات في عدة محاور:

الف) الايات التي تعطف العمل الصالح على الايمان

بما ان العطف يدل على المغايرة، فعطف الايمان على العمل الصالح في الايات الكريمة ظاهرة في مغايرتهما، ولو كان العمل الصالح جزءا من الايمان للزم التكرار غير المفيد منه، قيما يلي نماذج من تلك الايات:

- «‌إن الذين آمنوا و عملوا الصالحات»‌ 15

ب) الايات التي تشترط الايمان لقبول الاعمال، التي تجعل العمل الصالح شرطا للايمان

بما ان المشروط غير داخل في الشرط، فتظهر من الايات التالية مغايرة الايمان للعمل:

- «فَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ» 16

- «وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُوْلَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى» 17

ج) الايات التي تنسب الايمان لمن ارتكب معاصي كالقتل والبغي والظلم، كالايتين التاسعة والعاشرة من سورة الحجرات:

«وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ. إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ »18

فالاية تبين ان شن الحروب من قبل فئة او فرد ما لا يوجب خروجهم من الايمان؛ لان الله يعتبر طائفتين متقاتلتين مؤمنتين حتى ابان القتال بينهما، بل ان بغي احداهما، وهو من الكبائر، لا يخرجها من الايمان كما في الاية.

د) الايات التي تخاطب المؤمنين ثم تامرهم باداء الواجبات او ترك المحرمات:

«يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ»

يامر الله تعالى المؤمنين بالتزام التقوى، وهي اداء الواجبات وترك المحرمات، فاليمان يمكن جمعه مع عدم التقوى، فلو كان العمل من اجزاء الايمان لعد امر الله في الاية للمؤمنين لغوا.

ه‍‌) الايات التي تعتبر القلب محل الايمان، دون ان تضم اليه امرا اخر كقوله تعالى: «أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَان َ»19

فلو كان العمل جزءا من الايمان لما عد القلب محلا له.

 

سادسا. حكم تكفير المسلمين في المصادر الحديثية السنية والشيعية

تثبت الاحاديث بطلان ادعاءات التكفيريين حول الايمان والعمل، ففي صحيح البخاري: أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال يوم خيبر : لأعطين هذه الراية رجلا يحب الله ورسوله ، يفتح الله على يديه ، قال عمر بن الخطاب : ما أحببت الإمارة إلا يومئذ ، قال : فتساورت لها ، رجاء أنأدعى لها ، قال : فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، علي بن أبي طالب فأعطاه إياها ، وقال : إمش ولا تلتفت حتى يفتح الله عليك ، قال : فسار علي شيئا ، ثم وقف ولم يلتفت فصرخ : يا رسول الله : على ماذا أقاتل الناس ، قال : قاتلهم حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، فإذا فعلوا ذلك ، فقد منعوا منك دماءهم وأموالهم إلا بحقها ، وحسابهم على الله. 20

وقد روى الشافعي حديثا عن ابي هريرة، ان رسول الله (ص) قال:

«لا أزال أُقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلاّ اللّه فإذا قالوا، فقد عصموا مني دماءهم وأموالهم إلاّ بحقها وحسابهم عليهم »21

وقد علق الشافعي على الحديث، بان الرسول كان يتعامل مع الناس حسب الظاهر، اما الباطن فالله وحده اعلم بها.22

وفي حديث اخر عنه (ص): «الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يُسْلِمُهُ»23

وقوله (ص): «سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ» :24.

وقوله (ص): «إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ :25.

او قوله (ص): «...و من رمى مؤمناً بكفرٍ فهو كقتله»26.

او كما ورد في صحيح البخاري: «من شهد أن لا اله الاّ اللّه و استقبل قبلتنا و صلّي صلاتنا و اکل ذبيحتنا فذلک المسلم، له ما للمسلم و عليه ما علي المسلم» 27.

من ناحية اخرى، لما سئل عن حكم من قاتله من اهل القبلة، وهل هم كفار؟ «قال: کفروا بالاحکام و کفروا بالنعم کفراً ليس ککفر المشرکين الذين دفعوا النبوّة و لم يقرّوا بالاسلام و لو کانوا کذلک ما حلت لنا منکحتهم و لاذبائحهم و لا مواريثهم»28

وفي رواية اخرى عنه (ع)، وقد رواها جابر عن رسول الله (ص)، قال:»أهل لا اله الاّ اللّه لا تکفروهم بذنب و لاتشهدوا عليهم بشرک»29.

 

 

سابعا. النتيجة

في ضوء ما ذكرنا من ايات ونقلنا من روايات وادلو ومؤيدات، يتبين ان اكثر المذاهب الاسلامية من الشيعة والسنة يعتقدون بعدم جزئية العمل من الايمان، وهو من صفات الكمال او فروع الايمان. ما يعني بان مرتكب المعصية حتى الكبيرة منها لا يعد كافرا، مع اقراره بالايمان قلبا ولسانا.

وقد اتفق العلماء على ان اصل الدخول للاسلام يتحقق بنطق الشهادتين، وانكارهما يوجب الكفر، وهو معيار دقيق لتحديد الكفر، ويمكن ذكر ثلاثة معايير حول التكفير اجمع عليها المسلمون واستندت الى الادلة والمصادر، لا يجوز تجاوزها لما يؤدي الى تداعيات كارثية:

الف. انكار الله والتوحيد

ب. انكار رسالة الرسول (ص)

ج. انكار ضروري الدين

اذن، ان تحريف معنى الايمان والتوسع في دائرة الكفر باعتبارهما من اسس عقائد الزمر التكفيرية، تفتقد لاي اساس ديني وتتناقض مع كافة اراء المذاهب الاسلامية..

 

 

 

 

 

 

 

 

الهوامش:

............................................................................................................................................................................

۱. الفيّومي؛ فيروزآبادي؛ معلوف، ذيل «کفر»؛ دهخدا، ذيل الكلمة
۲.
۳. الحر الّعاملي، ج 12، ص 290؛ الموسوعه الفقهيّه، ج 13، ص 235ـ236.
۴. محمود عبدالرحمان عبدالمنعم، ذيل «تکفير»؛ الموسوعه الفقهيّه، ج 13، ص 227.
۵. محمد حسين الطباطبايي، «الميزان في تفسير القرآن»، ج18، ص 332، ذيل آيه‌ 14 سوره‌ الحجرات ، مسلم بن حجاج النيشابوري، «صحيح مسلم». ج 4، ص 1872؛ الکليني، «الکافي»، ج2،ص 18.
۶. علي بن حسين (السيد المرتضي)، «الذخيرة في علم الکلام». ص 534.
۷. علي زاده موسوي، السلفية و الوهابية، ج الثاني، ص273.
۸. ر.ک: النبي‌المسلح (1): الرافضون، ص 42- 46.
۹. م.ن، ص 44.
۱۰. ‌النبي‌المسلح (1): الرافضون،ص 42- 46.
۱۱. م.ن، ص 49.
۱۲. ايزوتسو،توشيهيکو، مفهوم الايمان في الکلام الاسلامي، ص 215.
۱۳. ابن‌حزم، علي‌ بن‌ محمد، الفصل، ج 4، ص 277.
۱۴. التفتازاني، مسعود بن‌ عمر، شرح‌ المقاصد، ج 5، ص 184.
۱۵. البقره /277.
۱۶. الانبيا/ 94.
۱۷.
۱۸.
۱۹.
۲۰. ‌ج4،ص 1872 .
۲۱. ابو عبد الله محمد بن‌ ادريس الشافعي، «الام»،ج1،ص158تا159.
۲۲. م.ن.
۲۳. البخاري:(1442) ومسلم : (2580).
۲۴. البخاري (6044) ومسلم: (116).
۲۵. السيل الجرار (4/584-585).
۲۶. البخاري 61055.
۲۷. صحيح البخاري. ج 1 / 153،ح 385.
۲۸. نهج البلاغه، صبحي الصالح، خطبه 173 / 248.
۲۹. مجمع الزوائد،ج 106/1.
۳۰. ‌الايمان والکفرفي الکتاب والسنة »، ‌ص 15.
۳۱. ‌ والنحل»،ج1،ص 114.

 


source : www.makhateraltakfir.com
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

الايه التي ذكرت فيها مصيبة الحسين عليه السلام
إمامة أمير المؤمنين عليه السلام في القرآن الكريم
حتمية الکون والتاريخ
قضية.. نعم الإسلام هو الحل.. ولكن كيف ؟
عمر بن سعد
الفائدة الأولى: الفرق بين الحق و الحكم
ذكرى ميلاد الإمام الرضا عليه السلام
الرياضة في الإسلام
تاريخ وفاة السيدة زينب عليها السلام
خصائص زيارة السيدة فاطمة المعصومة (ع) ومميزاتها

 
user comment