من أحب الأعمال إلى الله الصلاة على وقتها، هذا ما أمرنا به الحبیب الأعظم صلى الله علیه وسلم، والأبحاث الجدیدة تؤکد أن النشاط البدنی القلیل ولکن المستمر یساعد على علاج الشیخوخة المبکرة ویطرد القلق، لنقرأ الدراسة العلمیة :
یقول الباحثون إن على الإنسان أن یمارس نشاطاً بدنیاً أکثر: فقد أشارت دراسة قام بها فریق من جامعة کینجز کولیج البریطانیة المرموقة إلى أن قلة النشاط البدنی قد تؤدی إلى الشیخوخة المبکرة. وقام الباحثون بإجراء الاختبارات على عدد کبیر من التوائم تبین لهم أن الذین کانوا یمارسون نشاطاً بدنیاً خلال أوقات الفراغ بدوا أکثر شباباً من أقرانهم الذین لم یمارسوا مثل هذا النشاط.
کما وجدوا أن طول الأجزاء التی تطلق علیها TELOMERES فی سلاسل الحمض النووی (DNA) لدى الأشخاص قلیلی الحرکة أقصر ممن لدى الناشطین بدنیاً حیث یعتقد أن هذا الجزء مسؤول عن قصر عمر الخلایا. ویربط الباحثون بین النشاط البدنی وانخفاض معدل السرطان وأمراض القلب ومرض السکری. وهذه الدراسة لا تؤکد العلاقة بین الأمراض وقلة النشاط البدنی بل العلاقة بین الشیخوخة المبکرة وقلة النشاط.
وشملت الدراسة 2401 من التوائم البیض حیث وزعت علیهم استمارات حول النشاط البدنی الذین یقومون به خلال حیاتهم الیومیة وبعد ذلک أخذت عینات من دمهم لدراسة الحمض النووی لدیهم. ورکز الباحثون على دراسة TELOMERES وهی تمثل نهایات سلاسل الحمض النووی ومسؤولة عن حمایتها. ومن المعروف أن هذه الأجزاء قصیرة لدى المتقدمین فی السن مما یعرض الخلایا للتلف السریع والموت.
وتمت دراسة الکریات البیض فی دم جهاز المناعة، وقد وجد الباحثون أن التیلومیرات فقدت وسطیاً 21 جزءاً منها کل عام إضافة إلى أنهم وجدوا أن التیلومیرات لدى الأشخاص قلیلی النشاط أقصر مما لدى النشطاء بدنیاً. وتبین للباحثین أن الأشخاص الذین یمارسون نشاطاً بدنیاً مثل الجری ولعب التنس والألعاب البهلوانیة لمدة 200 دقیقة أسبوعیاً کانت التیلومیرات لدیهم أطول بحوالی 200 جزء.
أما الأشخاص الأکثر نشاطاً من الناحیة البدنیة من بین الذین جرت دراستهم فتبین أنهم بدوا أصغر عمراً بحوالی عشر سنوات من الذین لا یمارسون نشاطاً بدنیاً. کما أن دراسة الفروق بین التوائم الذین یعیشون حیاة نشطة بدنیاً وأقرانهم غیر الناشطین بدنیاً أعطت نفس النتائج.
وأشارت الدراسة إلى أن الخلایا لدى الأشخاص قلیلی الحرکة أکثر عرضة للتلف. ویعتقد أن التوتر له تأثیر سلبی على طول التیلومیرات وهو ما یمکن التخفیف منه عن طریق ممارسة الریاضة بشکل منتظم. وخلصت الدراسة التی نشرتها الجامعة فی نشرتها الداخلیة إلى أن الأشخاص "الذین یمارسون النشاط البدنی بشکل منتظم هم أکثر شباباً من غیرهم من الناحیة الجسدیة".
التعلیق
عندما قرأتُ هذه الدراسة تذکَّرتُ على الفور حدیث النبی الأعظم عندما أخبرنا عن أحب الأعمال إلى الله فقال: (الصلاة على وقتها)، ماذا تعنی هذه العبارة الرائعة؟ إنها تعنی ببساطة أن المؤمن سیؤدی ریاضة خمس مرات کل یوم حتى آخر لحظة من حیاته!! وتعنی أن المؤمن سیتوضأ کل یوم عدة مرات، وسیکون على طهارة مستمرة، وهذا یمنح الإنسان شعوراً بالحیویة والنشاط، وبالتالی علاجاً للشیخوخة المبکرة.
وأتذکر عندما قال الحبیب الأعظم صلى الله علیه وسلم: (أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قلّ)، ماذا یعنی ذلک؟ إنه أمر نبوی لنا بأن نستمر فی عباداتنا لله حتى نهایة حیاتنا، ویعنی أنه علینا أن نمارس المشی إلى المساجد کل یوم، فکثرة الخطى إلى المساجد تقرب العبد من ربه، فیکسب بذلک الأجر ویکسب بنفس الوقت العافیة والصحة ویبعد عن نفسه شبح الأمراض.
لذلک قال تعالى: (فَأَقِیمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ کَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِینَ کِتَابًا مَوْقُوتًا) (1). وانظروا إلى کلمة (مَوْقُوتًا) والتی تدل على الاستمراریة فی أوقات محددة ومنظمة کل یوم. ولذلک یا أحبتی أقول: هذه روعة الإسلام، فالعلم الحدیث والعلماء یحاولون حصر فوائد النشاط البدنی بالفوائد الصحیة الدنیویة، بینما الإسلام یأمرنا بالصلاة مثلاً ویعطینا علیها الحیاة الطیبة فی الدنیا، وفی الآخرة یعطینا الأجر والثواب والجنة! وتأملوا معی هذا الأمر الإلهی بالمحافظة على الصلاة: (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِینَ) (2).
هناک آیات کثیرة تأمرنا بقیام اللیل وهذه القضیة مهمة جداً للحفاظ على حیویة الإنسان والقضاء على الهموم والمشاکل والقلق، فالقلق کما رأینا له أثر سلبی کبیر على عمر الخلیة فهو یقصر عمر الخلایا، ولذلک جاء القرآن لیزیل عنا القلق والهموم، یقول تعالى: (فَمَنْ تَبِعَ هُدَایَ فَلَا خَوْفٌ عَلَیْهِمْ وَلَا هُمْ یَحْزَنُونَ) (3). وآیات کثیرة تأمرنا بتسلیم الأمر لله والرضا بما قسم الله لنا، وآیات کثیرة تأمرنا بکثرة السجود والقیام لله تعالى، وهذه کلها عبارة عن نشاط بدنی مستمر، یقول تعالى: (أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آَنَاءَ اللَّیْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا یَحْذَرُ الْآَخِرَةَ وَیَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ یَسْتَوِی الَّذِینَ یَعْلَمُونَ وَالَّذِینَ لَا یَعْلَمُونَ إِنَّمَا یَتَذَکَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ) (4). فهل هناک أعظم من هذا الدین الحنیف؟
المصادر :
1- النساء: 103
2- البقرة: 238
3- البقرة: 38
4- الزمر: 9
source : .www.rasekhoon.net