سورة الكوثر مكية أو مدنية/ آياتها (4)
سميت السورة بهذا الاسم لاشتمالها على لفظة «الكوثر»، و في كونها مكية أو مدنية خلاف و هي موجهة إلى الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و لعل المناسبة بين السورتين التحدث عن «الماعون» و «الكوثر»، فهم يمنعون الماعون و اللّه سبحانه يعطي الخير الكثير، أو المناسبة أنهم يسهون عن الصلاة، و يمنعون الخير، و الرسول مأمور بالصلاة و الخير.
[1] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ابتداء باسم اللّه الذي ما ابتدأ به شيء إلا بورك فيه، الرحمن الرحيم الذي يتفضل بالرحمة و الغفران. تقريب القرآن إلى الأذهان، ج5، ص: 744
[سورة الكوثر (108): الآيات 1 الى 3]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ (1) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَ انْحَرْ (2) إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3)
[2] إِنَّا أَعْطَيْناكَ يا رسول اللّه الْكَوْثَرَ مشتق من الكثرة، بمعنى الخير الكثير. قالوا: إن السورة نزلت في العاص بن وائل السهمي، و ذلك أنه رأى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يخرج من المسجد فالتقيا عند باب بني سهم و تحدث مع الرسول، و صناديد قريش جالسون، فلما أن دخل قالوا له مع من كنت تتحدث؟ قال: مع الأبتر- يعني الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم-، و قد كانت قريش تسمي من لا ولد له «أبتر» من البتر بمعنى القطع، كأنه مقطوع ليس له ولد حتى يبقى ذكره، و قد كان مات «عبد اللّه» ابن رسول اللّه من خديجة عليها السّلام، فنزلت هذه السورة «1»، و لذا كان من جملة الأقوال في معنى كوثر أن المراد بها «فاطمة» عليها السّلام التي سببت كثرة النسل للرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و حيث إن «الكوثر» بمعنى الخير الكثير، و هو عام، كان شاملا للنبوة و العلم، و النسل، و حوض الكوثر في الآخرة، و غيرها من سائر المعاني التي يشملها لفظ «الكوثر» بعمومه.
[3] فَصَلِّ يا رسول اللّه لِرَبِّكَ شكرا على هذه النعمة العظمى.
وَ انْحَرْ الإبل لإطعام الناس، فإن اللّه سبحانه يحب إطعام الطعام، أو المراد ارفع يديك إلى نحرك عند التكبير- كما ورد «2»- فإن في ذلك خضوعا للّه سبحانه، يلائم الشكر على نعمته بإعطائه الكوثر.
[4] إِنَّ شانِئَكَ أي مبغضك الذي ينسبك إلى «البتر» هُوَ الْأَبْتَرُ المقطوع عن الخير، الخامل الذكر، لا أنت كما نسب إليك- و هذه السورة على صغرها إحدى معاجز الرسول، و أدلة معجزية القرآن الحكيم.
__________________________________________________
(1) بحار الأنوار: ج 17 ص 203. [.....]
(2) راجع من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 303.
تقريب القرآن إلى الأذهان، ج5، ص: 745
source : دار العرفان