عربي
Sunday 24th of November 2024
0
نفر 0

أبو جعفر محمد بن علي الباقر( عليهما السلام )

أبو جعفر محمّد بن علي الباقر ( عليهما السلام ) جعفر السُّبحاني هو خامس أئمّة أهل البيت الطاهر ، المعروف بالباقر ، وقد اشتُهِر به لِبقره العلم وتفجيره له ، قال ابن منظور في لسان العرب : لُقِّب به لأنَّه بَقَرَ العلم وعَرَفَ أصله واستنبط فرعه وتوسَّع فيه (1) . وقال ابن حجر : سُمِّي بذلك لأنَّه من بَقْرِ الأرض ، أي شَقّها وإثارة مُخبَّآتها ومكامنها ، فكذلك هو أظهَرَ مِن مُخبَّآت كنوزِ المعارف وحقائقِ الأحكام والحِكَمِ واللطائف ، ما لا يخفى إلاّ على مُنطمِس البصيرة أو فاسدِ الطَّويَّة والسريرة ،
أبو جعفر محمد بن علي الباقر( عليهما السلام )

 أبو جعفر محمّد بن علي الباقر

( عليهما السلام )

جعفر السُّبحاني

هو خامس أئمّة أهل البيت الطاهر ، المعروف بالباقر ، وقد اشتُهِر به لِبقره العلم وتفجيره له ، قال ابن منظور في لسان العرب : لُقِّب به لأنَّه بَقَرَ العلم وعَرَفَ أصله واستنبط فرعه وتوسَّع فيه (1) . وقال ابن حجر : سُمِّي بذلك لأنَّه من بَقْرِ الأرض ، أي شَقّها وإثارة مُخبَّآتها ومكامنها ، فكذلك هو أظهَرَ مِن مُخبَّآت كنوزِ المعارف وحقائقِ الأحكام والحِكَمِ واللطائف ، ما لا يخفى إلاّ على مُنطمِس البصيرة أو فاسدِ الطَّويَّة والسريرة ، ومن ثَمّ قيل فيه : هو باقر العلم وجامعه وشاهر علمه ورافعه (2) .

قال ابن خلكان : أبو جعفر محمّد بن زين العابدين ـ الملقَّب بالباقر ـ أحد الأئمّة الاثني عشر في اعتقاد الإمامية ، وهو والد جعفر الصادق ، كان الباقر عالماً سيّداً كبيراً ، وإنَّما قيل له : الباقر ؛ لأنَّه تبقَّر في العلم ، أي توسَّع ، وفيه يقول الشاعر :

يا باقِرَ العِلمِ لأهلِ التُّقى = وخيرُ مَنْ لَبَّى على الأجْبُلِ (3)

ولِدَ بالمدينة غرّة رجب سنة ( 57 ﻫ ) ـ وقيل : ( 56 ﻫ ) ـ ، وتوفِّي في السابع من ذي الحجّة سنة ( 114ﻫ ) وعمره الشريف ( 57 سنة ) ، عاش مع جدِّه الحسين ( عليه السلام ) أربع سنين ، ومع أبيه ( عليه السلام ) بعد جدِّه ( عليه السلام ) تسعاً وثلاثين سنة ، وكانت مدَّة إمامته ( عليه السلام ) 18 سنة (4) .

وأمّا النصوص الدالّة على إمامته من أبيه وأجداده التي ذكرها المحدِّثون والمحقِّقون من علمائنا الأعلام فهي مستفيضة نقلها الكليني وغيره (5) .

قال ابن سعد : محمّد الباقر من الطبقة الثالثة من المدينة ، كان عالماً عابداً ثقة ، وروى عنه الأئمّة : أبو حنيفة وغيره .

قال أبو يوسف : قلت لأبي حنيفة : لقيتَ محمّدَ بن علي الباقر ؟ فقال : نعم ، وسألتُه يوماً فقلت له : أراد الله المعاصي ؟ ! فقال : ( أفيُعصى قهراً ؟ ) قال أبو حنيفة : فما رأيتُ جواباً أفْحَمَ منه .

وقال عطاء : ما رأيتُ العلماء عند أحدٍ أصغر علماً منهم عند أبي جعفر ، لقد رأيتُ الحَكَم عنده كأنَّه مغلوب ـ ويعني الحَكَم بن عيينة ـ ، وكان عالماً نبيلاً جليلاً في زمانه .

وذكر المدائني ، عن جابر بن عبد الله : أنَّه أتى أبا جعفرٍ محمّدَ بنَ علي إلى الكُتَّاب ـ وهو صغير ـ فقال له : رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) يسلّم عليك . فقيل لجابر : وكيف هذا ؟ فقال : كنتُ جالساً عند رسول الله والحسين في حِجره وهو يداعبه ، فقال : ( يا جابر ، يولَدُ مولودٌ اسمُهُ عليٌّ ، إذا كان يومُ القيامةِ نادى منادٍ : لِيقُمْ سيِّد العابدين ، فيقومُ ولَدُه ، ثُمّ يولَدُ له ولَدٌ اسمُهُ محمّد ، فإنْ أدركته يا جابر فاقرَأه مِنِّي السلام ) .

وذكر ابن الصبّاغ المالكي بعد نقلِ القصّة قوله : إنَّ النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) قال لجابر : ( وإنْ لاقيتَه فاعلَم أنَّ بقاءك في الدنيا قليل ) . فلم يعِشْ جابر بعد ذلك إلاّ ثلاثة أيّام . ثمّ قال : هذه منقبة من مناقبه باقية على ممرّ الأيّام ، وفضيلة شهِدَ له بها الخاص والعام (6) .

وقال عبد الله بن عطاء : ما رأيتُ العلماء عند أحدٍ أصغر علماً منهم عند أبي جعفر ، لقد رايتُ الحَكَم عنده كأنَّه متعلِّم (7) .

وقال المفيد : لم يظهر عن أحدٍ من ولْدِ الحسن والحسين ( عليهما السلام ) ـ في علم الدِّين والآثار والسنّة ، وعلم القرآن والسيرة وفنون الآداب ـ ما ظهر من أبي جعفر الباقر ( عليه السلام ) (8) .

وروى عنه معالمَ الدِّين بقايا الصحابة ووجوه التابعين وفقهاءُ المسلمين ، وسارت بذكر كلامه الأخبار ، وأُنشِدتْ في مدائحه الأشعار ... (9) .

قال ابن حجر : صفا قلبه ، وزكا علمه وعمله ، وطَهُرتْ نفسه ، وشَرُفَ خُلُقُه ، وعَمُرتْ أوقاتُه بطاعة الله ، وله من الرسوم في مقامات العارفين ما تكلّ عنه ألسِنة الواصفين ، وله كلمات كثيرة في السلوك والمعارف لا تحتملها هذه العُجالة (10) .

وأمّا مناظراته مع المخالفين فحدِّث عنها ولا حَرَج ، فقد جمعها العلاّمة الطبرسي في كتاب ( الاحتجاج ) (11) .

قال الشيخ المفيد في ( الإرشاد ) : وجاءتْ الأخبار : إنَّ نافع بن الأزرق (12) جاء إلى محمّد بن علي فجلس بين يديه يسأله عن مسائل الحلال والحرام ، فقال له أبو جعفر في عرض كلامه : ( قُلْ لهذهِ المارِقة : بِمَ استحللتُم فِراقَ أميرِ المؤمنين ، وقد سَفكتُم دماءكم بين يديه في طاعتِه والقُربة إلى الله بنصرتِه ؟ فسيقولون له : إنَّه حَكَّمَ في دِينِ الله ، فقُلْ لهم قد حَكَّمَ اللهُ تعالى في شريعةِ نبيِّه ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) رجلين مِنْ خَلْقِه ، فقال : ( فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاَحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا ) (13) ، وحَكَّمَ رسولُ الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) سعدَ بن معاذ في بني قريظة فحَكَمَ فيهم بما أمضاه الله ، أوَ ما علمتُم أنَّ أميرَ المؤمنين إنَّما أمَرَ الحكمين أنْ يحكما بالقرآن ولا يتعدّياه ، واشترَطَ ردّ ما خالفَ القرآنَ في أحكامِ الرجال ، وقال حين قالوا له : حَكَّمتَ على نفسِكَ مَنْ حَكَمَ عليك . فقال : ما حَكَّمتُ مخلوقاً وإنَّما حَكَّمتُ كتابَ الله ، فأينَ تَجِدُ المارقةُ تضليلَ مَنْ أمَرَ بالحُكمِ بالقرآن ، واشترَطَ رَدّ ما خالَفَه ، لولا ارتكابهم في بدعتِهم البُهتان ؟! ) فقال : نافع بن الأزرق : هذا والله كلامٌ ما مرَّ بسمعي قط ، ولا خَطَرَ منِّي ببال ، وهو الحقّ إنْ شاء الله (14) .

الرَّاوون عنه :

وقد روى بعض الصحابة وأكثر التابعين عنه ( عليه السلام ) ، وقد نَهِلوا من معين علمه ، وقد جمع الشيخ الطوسي أسماءَ مَنْ روى عنه من العلماء والحفّاظ ، مبتدئاً بإبراهيم بن مناف الأسدي ، ومُنتهياً بحَبَابة الوالِبِيَّة ، بلغ عددهم ( 466 شخصاً ) .

وقال ابن شهر آشوب بعد نقلِ كلام المفيد : فمِنَ الصحابة نحو : جابر بن عبد الله الأنصاري ، ومِنَ التابعين : جابر بن يزيد الجُّعْفِي ، وكَيْسَان السِّخْتِياني صاحب العوفية ، ومِنَ الفقهاء نحو : ابن مبارك ، والزُّهري ، والأوْزاعِي ، وأبي حنيفة ، ومالك ، والشافعي ، وزياد بن منذر النهري ، ومِنَ المصنِّفين نحو : الطبري ، والبلاذري ... (15) .

ثمّ إنَّ الشيعة الإمامية أخذتْ كثيراً من الأحكام الشرعية عنه وعن ولَدِه البار جعفر الصادق ، وحسْبَ الترتيب المتداوَل في الكتب الفقهية ، وأمّا ما رُويَ عنه في الحِكَم والمواعظ فقد نقلها أبو نعيم الإصفهاني في ( حلية الأولياء ) ، والحسن بن شُعبة الحرّاني في تُحفِه (16) .

ثمّ إنَّ الإمام محمّد الباقر توفّي عام ( 114 ﻫ ) ، ودُفِنَ في جَنْبِ قبر أبيه في البقيع .

ومَن أراد البحث عن فصول حياته في شتَّى المجالات فليُراجع الموسوعات .
 

ـــــــــــــــــــــــــــ

* اقتباس وتنسيق ـ قِسم المقالات في شبكة الإمامين الحسنين ( عليهما السلام ) للتراث والفكر الإسلامي ـ من كتاب :  بحوثٌ في الملل والنِّحل ـ دراسةٌ موضوعيةٌ مقارنةٌ للمذاهب الإسلامية ـ ، الجزء السادس ، تأليف : جعفر السُّبحاني ، 1413 ﻫ ق .

(1) لسان العرب : 4 / 74 .

(2) الصواعق المحرِقة : 201 .

(3) وفيات الأعيان : 4 / 1074 .

(4) إعلام الورى بأعلام الهدى : 264 ـ 265 .

(5) الكافي : 1 / 305 ـ 306 ، إثبات الهُداة 3 / 33 ـ 35 .

(6) تذكرة الخواص لابن الجوزي : 302 ـ 303 ، الفصول المهمَّة 215 ـ 216 .

(7) كشف الغمَّة : 2 / 329 .

(8) الإرشاد : 261 .

(9) الفصول المهمَّة : 210 ، نقله عن إرشاد الشيخ المفيد : 261 ـ 262 .

(10) الصواعق المحرِقة : 301 .

(11) الاحتجاج : 2 / 54 ـ 69 ، طبع النجف .

(12) ولعلَّ المُناظِر هو عبد الله بن نافع بن الأزرق ؛ لأنَّ نافع قُتِل عام 65 من الهجرة ، وللإمام عندئذٍ من العُمر دون العشرة ، وقد نقل ابن شهر آشوب بعض مناظرات الإمام مع عبد الله بن نافع فلاحظ المناقب : 4 / 201 .

(13) النساء : 35 .

(14) الإرشاد : 265 .

(15) المناقب : 4 / 195 ، ومن المعلوم أنَّ المقصود هو الأعمّ ممَّن روى عن الإمام مباشرةً أو مع الواسطة ، ولاحِظ حلية الأولياء : 3 / 198 .

(16) حلية الأولياء : 3 / 180 ـ 235 ، وفي بعض ما نُقِل عنه تأمّلٌ ونظر . والحسن بن علي بن شعبة في تحف العقول : 284 ـ 300


source : alhassanain
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

بعض المقتطفات من موسوعة عاشوراء
ابن عباس: مدرستُه، منهجه في التفسير
أساليب التبليغ في القرآن
قاعدة (لا حرج)
مدة حكم المهدي المنتظر
دور الأسرة في بناء الشخصية الإسلامية
من السفاح إلى المتوكل
مكانة المرأة في فكر الإمام الخميني
لماذا الامامة بعد النبوة
دخول جيش السفياني الى العراق

 
user comment