لابد للشريعة من وضع الاحكام والقوانين التي تنظم هذا الميثاق المعنوي بين فردين مختلفين تماماً على الصعيد الاجتماعي والثقافي . ولذلك ، فقد صمم الاسلام نظاماً للخطبة ، والعقد ، والمهر . وشدد على النواحي المعنوية والعاطفية والحقوقية والاقتصادية للزواج . فاهتم بشكل خاص بركنين مهمين في صحة عقد الزواج ، وهما : صيغة العقد وهي تمثل الجانب المعنوي ، والزوجين باعتبارهما موضوعي العقد .
لابد للشريعة من وضع الاحكام والقوانين التي تنظم هذا الميثاق المعنوي بين فردين مختلفين تماماً على الصعيد الاجتماعي والثقافي . ولذلك ، فقد صمم الاسلام نظاماً للخطبة ، والعقد ، والمهر . وشدد على النواحي المعنوية والعاطفية والحقوقية والاقتصادية للزواج . فاهتم بشكل خاص بركنين مهمين في صحة عقد الزواج ، وهما : صيغة العقد وهي تمثل الجانب المعنوي ، والزوجين باعتبارهما موضوعي العقد .
اما الخطبة فاعتبرها عملاً مستحباً بسبب آثارها الاجتماعية الايجابية واما المهر فلم يعتبره شرطاً في صحة العقد ، ولكن لا يكتمل الزواج الاّ به لتعلقه بحقوق المرأة المالية .
فقد ورد في استحباب الخطبة ان الامام علي (عليه السلام)عندما طُلِبَ منه تزويج رجلٍ من امرأة وخطبتها له ، ابتدأ الخطبة بحمد الله ، والثناء عليه ، والوصية بتقوى الله ، وقال : ( ان فلان ابن فلان ذكر فلانة بنت فلان ، وهو في الحسب من قد عرفتموه ، وفي النسب من لا تجهلونه ، وبذل لها من الصداق ما قد عرفتم ، فردوّا خيراً تحمدوا عليه ، وتنسبوا اليه ، وصلى الله على محمد وآله وسلم ) .
وقيل انه تستحب خطبتان احداهما عند طلب الزواج ، والثانية امام العقد . و « تستحب الخطبة امام العقد ، وهي حمد الله تعالى ، والشهادتان ، والصلاة على النبي وآله ، والوصية بتقوى الله ، والدعاء للزوجين ، وانما استحبت للتأسي بالنبي والأئمة بعده .. وكذا تستحب الخُطبة قبل الخِطبة من المرأة ووليها ، كما يستحب للولي ان يخطب ... والافضل الاختصار في الجميع على حمد الله ، فان الامام علي بن الحسين (عليه السلام)كان لا يزيد على قوله : الحمد لله ، وصلى الله على محمد وآله ، واستغفر الله ، وقد زوجناك على شرط الله تعالى ، بل قال (عليه السلام): من حمد الله فقد خطب ... ولو تركت الخطبة صح العقد » (1) .
ويشترط في صيغة العقد لفظ الايجاب والقبول من المخطوبة والخاطب او النائب عنهما وكالة او ولاية . فلا يتم الزواج بمجرد المراضاة بل لابد من التلفظ . وتنبع اهمية التلفظ بالزواج من ملاحظة حقيقة ان التلفظ بالايجاب والقبول هو صورة من صور الميثاق الشفهي والالتزام بالزوجية وآثارها .
كما عبر عنه قوله تعالى : ( ... وَاَخَذنَ مِنكُم ميثاقاً غَليظاً )(2) ، فالالتزام بالتلفظ التزام بآثار الحالة الزوجية ومسؤوليتها وقيودها . ولاشك ان الكثير من العبادات لا تتم الا عن الطريق الشفهي . واتفق الفقهاء على ان الايجاب في العقد الدائم يقع بلفظ : « زوجت وانكحت » والاصل في ذلك النصُ المجيد : ( فَلَمّا قَضى زَيدٌ مِنها وَطراً زَوَّجناكَها ... ) (3) .
( وَلا تَنكحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُم مِنَ النِّساءِ اِلا ما قَد سَلَف ) (4) . والمراد من النكاح في الآية ، العقد ، « لان النكاح قد يعبر به عن الوطء وهو الاصل فيه ، كما يعبر به عن العقد » (5) .
اما القبول فيكفي فيه اللفظ الدال على الرضا الصريح مثل قوله : « قبلت ورضيت » . ولا خلاف ولا اشكال في حصول الرضا بهذين اللفظين . و « نص الفقهاء على اعتبار اللفظ الصريح وضعاً في العقد اللازم . وانه لا يكفي فيه المجاز . والقبول ان يقول : قبلت التزويج او قبلت النكاح او ما شابههما مثل رضيت ونحوه ، لكن بملاحظة ماذكرنا تعرف عدم انحصاره في لفظ مخصوص ولا هيئة مخصوصة ، بل يكفي فيه كل لفظ دال عليه بالطريق المتعارف في بيان افعاله من المقاصد . ولا اشكال في انه يجوز الاقتصار ( في القبول ) على : ( قبلت ) كغيره من العقود » (6) .
والمشهور ان صيغة الزواج الدائم لاتنعقد الاّ بلفظ الماضي كقوله : « زوجت ، دون اتزوج » ، الا ان الشهيد الثاني في المسالك والشيخ النجفي في الجواهر والشيخ الانصاري في ملحقات المكاسب قالوا بانعقاد الزواج بغير صيغة الماضي . و « ان المقصود من العقد لما كان هو الدلالة على القصد الباطني ، واللفظ كاشف عنه ، فكل لفظ دل عليه ينبغي اعتباره ، وقولهم ان الماضي صريح في الانشاء دون غيره ممنوع ، لان الاصل في الماضي ان يكون اخباراً ، لا انشاءً ، وانما التزموا بجعله انشاء بطريق النقل ، والا فان اللفظ لا يفيده ، وانما يتعين بقرينة خارجة ، ومع اقتران القرينة يمكن ذلك في غير صيغة الماضي » (7) .
واستدلوا على انعقاد الزواج بغير صيغة الماضي اعتماداً على رواية هشام بن سالم عن ابي عبد الله (عليه السلام)انه سأله عن الزواج المنقطع كيف اتزوجها وما اقول ؟ قال : ( تقول لها : أتزوجك على كتاب الله ، وسنة نبيه كذا وكذا شهراً بكذا وكذا درهماً ، فاذا قالت : نعم ، فقد رضيت وهي امرأتك وانت اولى الناس بها ) (8) .
والمشهور بين الفقهاء ان الموالاة بين الايجاب والقبول شرط في انعقاد عقد الزواج . فاذا كان الفاصل بينهما طويلاً فلا يتحقق العقد . ولكن العقد لا يتوقف على الفورية ، ولا على اتحاد المجلس . فـ « لا دليل على اعتبار اتحاد المجلس في عقد الزواج ، ولا في غيره من العقود » (9) .
والواجب في الموالاة هو بقاء ارادة الموجب او الخاطب قائمة الى حين القبول .
والمشهور ايضاً ان التعليق مبطل لعقد الزواج ، كأن تقول له : « زوجتك نفسي ان رضي فلان ، او عند رجوع أخي » مثلا ، بطل العقد . ولكن جماعة من الفقهاء قالوا بصحة التعليق مطلقاً ، بادعاء ان صحة تعليق المنشأ واضحة في الاحكام الشرعية ، لان اغلب الاحكام الشرعية الاّ ما شذ قضايا حقيقية واحكام مشروطة على تقدير وجود موضوعاتها ، ووقوعه بالجملة في العقود والايقاعات مما لا اشكال فيه .
والاصل ، ان يكون الايجاب من المخطوبة والقبول من الخاطب ، ولكن يجوز تقديم القبول على الايجاب شهرة ، « لان العقد هو الايجاب والقبول ، والترتيب كيف اتفق غير مخلّ بالمقصود ، ويزيد النكاح على غيره من العقود ان الايجاب من المرأة ، وهي تستحي غالباً من الابتداء به ، فاغتفر هنا وان خولف في غيره . ومن ثم ادعى بعضهم الاجماع على جواز تقديم القبول هنا » (10) .
و« لو عجز احد المتعاقدين [ عن النطق بلفظ الزواج والنكاح ] ، تكلم كل واحد منهما بما يحسنه . ولو عجزا عن النطق اصلاً ، او احدهما ، اقتصر العاجز على الاشارة الى العقد والايماء » (11).
و « النكاح يقع على الاجازة ، ويكفي في الاجازة سكوت البكر ويعتبر في الثيب النطق ، وهو المشهور بين الاصحاب ؛ والدليل عليه وجوه :
الاول : رواية ابن عباس ان جارية بكراً اتت النبي (صلی الله عليه وآله وسلم)فذكرت ان اباها زوّجها وهي كارهة ، فخيرها النبي (صلی الله عليه وآله وسلم)(12) .
الثاني : في خبر آخر : ان رجلاً زوّج ابنته وهي كارهة فجاءت الى النبي (صلی الله عليه وآله وسلم)فقالت : زوجني ابي ونعم الاب من ابن اخيه يريد ان يرفع خسيسته ، فجعل النبي امرها اليها فقالت : اجزت ما صنع ابي وانما اردت ان اعلم النساء ان ليس الى الاباء من امر النساء شيء (13) . والمراد في هذين زواج من هي بالغة ، اذ لو كانت صغيرة لم يتوقف على رضاها .
الثالث : رواية محمد بن مسلم عن الباقر (عليه السلام)في رجل زوّجته اُمه وهو غائب . قال : النكاح جائز ان شاء المتزوج قبل وان شاء ترك ، فان ترك المتزوج تزويجه فالمهر لازم لأمّه (14)
ولايصح شرط الخيار في الزواج ، اتفاقاً ، دائما كان او منقطعاً ، فلو افترضنا ان الزوج او الزوجة اشترطا ضمن العقد الفسخ والرجوع عنه في فترة معينة فسد الشرط ، لان الزواج لا يقبل الاقالة فلا يقبل الفسخ . والمشهور فساد العقد ايضاً ، و « ليس هناك اختلاف بين الفقهاء في بطلان الشرط . للعلم بان عقد الزواج لا يقبل الخيار ، لان فيه شائبة العبادة ، وفسخه محصور بالعيوب المنصوص عليها ، ولذا لا تجري فيه الاقالة بخلاف غيره من عقود المعاوضات ، فاشتراط الخيار فيه مناف لمقتضى العقد المستفاد من الادلة الشرعية ... ومن هنا كان شرط الخيار مبطلاً للعقد » (15) .
واتفق الفقهاء ايضاً على ان الاشهاد على الزواج الدائم مستحب وليس بواجب . حيث ان المعروف بين الفقهاء عدم وجوب الاشهاد ، بل القول بالوجوب شاذ (16) .
ولم يذكر الله تعالى في القرآن الشهادة في النكاح ، و « ذكر الشهادة في البيع والدين مع ان الحكم في الشهادة في النكاح اكثر لما فيها من حفظ النسب وزوال التهم والتوارث وغيره من توابع النكاح ، فلو كان الاشهاد فيه شرطاً لما اهمله الله تعالى في القرآن لانه مناف للحكمة . وعن النبي (صلی الله عليه وآله وسلم)انه لما تزوج بصفية اولَمَ بتمر واقط ، فقال الناس : ترى انه تزوج بها ام جعلها ام ولده ؟ ثم قالوا : ان حجبها فهي امرأته ولو كان اشهد ما اختلفوا » (17) .
نعم ورد نص عن طريق الفريقين انه ( لا نكاح الا بولي وشاهدي عدل ) (18) . ولكن هذه الرواية الضعيفة « تصلح سنداً للاستحباب ، لا الشرطية » (19) .
ويشترط في صحة العقد امور عدة ، منها : العقل ، البلوغ ، والرشد في كلّ من المخطوبة والخاطب ، وخلو الخاطب والمخطوبة من المحرمات السببية والنسبية ، ووجوب التعيين ، فلا يصح قول الولي مثلاً : « زوجتك احدى هاتين البنتين » ، لان الاخذ بالاحكام الزوجية لا يتم الاّ عن طريق التشخيص والتعيين ، ووجوب القصد والرضا والاختيار .
وان حصل الاكراه في الزواج ثم ارتفع وحصل الرضا كفى ذلك في الصحة . واذا عقد السكران فقد « عرفت ان شرط صحة العقد القصد اليه ، فالسكران الذي بلغ به السكر حداً زال عقله معه وارتفع قصده يكون زواجه باطلاً كغيره من عقود ، سواء في ذلك الذكر والانثى ، هذا هو الاقوى على ما تقتضيه القواعد الشرعية ، ومتى كان العقد باطلاً فلا تنفعه اجازته بعد الافاقة ، لان الاجازة لا تصحح ما وقع باطلاً من اصله » (20) .
وورد انه لا يشترط التفتيش حين التزويج عن كون المرأة ذات بعل ام لا لسببين ، الاول : اصالة الصحة في فعل المسلم . والثاني : الروايات التي عمل بها الفقهاء . ومنها سؤال احدهم الامام جعفر بن محمد (عليه السلام): ( ألقى المرأة بالفلاة التي ليس فيها احد ، فاقول : ألك زوج ؟ فتقول : لا . فاتزوجها ؟ قال (عليه السلام): نعم ، هي المصدّقة على نفسها ) (21) .
وفي رواية اُخرى ، سأل من قبل عمر من حنظلة ، قال : ( اني تزوجت امرأة فسألت عنها ، فقيل فيها ؟ فقال (عليه السلام):
وانت لم سألت ايضاً ؟ ليس عليكم التفتيش ) (22) .
اما الشروط التي يشترطها الزوج او الزوجة ضمن العقد فهي على ثلاثة اقسام : شروط صحيحة لاتفسخ العقد ، وشروط تبطل العقد ، وشروط باطلة ولكنها لا تفسد العقد . فالقسم الاول ، وهي الشروط الصحيحة ، هي التي يترتب عليها الالزام وصحة العقد ، ويثبت خيار الفسخ مع تخلفه ، كأن يشترط احدهما توفر صفة معينة في الآخر كالبكورة دون الثيب ، او التدين دون التحلل ، فيصح الشرط ويلزم العقد مع تحققه . وقد ورد في الروايات ان الامام (عليه السلام)قد سُئِلَ عن رجل تزوج امرأة فقال لها : انا من بني فلان ، فلا يكون كذلك ؟ قال (عليه السلام): « تفسخ النكاح » (23) .
وكذلك اذا اشترطت عليه ان يترك نوعاً خاصاً من الاستمتاع كالجماع فقط ، وله دون ذلك ما يشاء ، كما ورد في الروايات ان الامام الصادق (عليه السلام)سُئِلَ عن امرأة قالت لرجل : ازوجك نفسي على ان تلتمس مني ما شئت من والتماس ، وتنال مني ما ينال الرجل من اهله الاّ تدخل فرجك في فرجي وتتلذذ بما شئت ، فاني اخاف الفضيحة ؟ قال (عليه السلام): ( ليس له منها الا ما اشتُرِط ) (24) . واذا اذنت بعد ذلك بالوطء جاز ، لان « الشرط كالمانع ، ومع فرض الاذن يزول المانع فيبقى المقتضى على مقتضاه [ وهو عقد الزواج ] بل لو عصى وخالف الشرط لم يكن زانيا ، ويلحق به الولد ، كما هو واضح » (25) .
وكذلك اذا اشترط ان يسكنها في بلد معين وجب الوفاء بالشرط لعموم « المؤمنون عند شروطهم » . وقد ورد ايضاً في الحديث عن ابي عبد الله (عليه السلام)انه سُئِلَ في الرجل يتزوج المرأة ، ويشترط ان لا يخرجها من بلدها ؟ قال : ( يفي لها بذلك ) (26) . وان علياً (عليه السلام)كان يقول : ( من شرط لامرأته شرطاً فليف لها به ، فان المسلمين عند شروطهم الا شرطا حرم حلالا ، او احل حراماً ) (27) .
اما القسم الثاني ، فهي الشروط التي تبطل العقد . ومنها ان يشترط احدهما فسخ الزواج والرجوع عنه لمدة ثلاثة ايام او اقل او اكثر ، فحينئذٍ يفسد الشرط والعقد ، لان الزواج لايقبل الاقالة ، فلا يقبل الفسخ ايضاً ، وهذا هو المشهور .
والقسم الثالث ، وهي الشروط التي لا تفسخ العقد ولكنها باطلة في نفسها . ومنها ان يكون الشرط منافياً لمقتضى العقد وطبيعته ، فتشترط عليه مثلاً ان لا يقرب منها ولا يمسها اطلاقاً ، فيبطل الشرط ويصح العقد . ومنها ان يشترط لها على نفسه ان سلمها المهر كاملاً في فترة معينة فهي زوجته ، وان اخلف فلا يتحقق الزواج ، فيصح العقد والمهر ، ويبطل الشرط ولاخيار لها ، حيث ان تخلف الشرط او تعذره لا يوجب الخيار في الحالة الزوجية ؛ علماً بان هذا الحكم يخالف سائر العقود التجارية ، لسبب واضح ، وهو ان المرأة في الشريعة ليست سلعة تجارية ، كما يروج ذلك اعداء النظرية الدينية : حيث ورد في الرواية ان الامام الصادق (عليه السلام)سُئِلَ عن رجل تزوج امرأة الى اجل مسمى ، فان جاء بصداقها الى الاجل فهي امرأته ، وان لم يأت بصداقها الى الاجل فليس له عليها سبيل ، ذلك شرطهم بينهم حين انكحوه ؟ فقضى (عليه السلام)للرجل ان بيده بُضع امرأته واحبَطَ شرطهم (28) .
ومنها ان يكون الشرط مخالفاً للشرع ، حيث تشترط عليه مثلاً ان لا يتزوج عليها ، او ان لا يطلقها ، او لا يمد يد العون الى ابويه . فيصح العقد ، ويبطل الشرط اتفاقاً ، لقوله : ( من اشترط شرطاً سوى كتاب الله فلا يجوز له ولا عليه ) . ودليل آخر ، الرواية الواردة عن الامام الصادق (عليه السلام)فيما يخص رجلا تزوج امرأة واصدقته هي واشترطت عليه ان بيدها الجماع والطلاق ، فقال (عليه السلام): ( خالفت السنة ، ووليت حقاً ليست باهله ، فقضى ان عليه الصداق وبيده الجماع والطلاق وذلك السنة ) (29) .
وعلى صعيد ثان ، لو ادعى رجل زوجية امرأة فانكرت ، او ادعت امرأة بزوجيتها لرجل فانكر الزوجية فعلى المدعي البينة ، وعلى المُنكِر اليمين . و « لو اوقع الرجل المنكِر صورة الطلاق ، كأن يقول : ان كانت زوجتي فهي طالق ، فالظاهر انتفاء الزوجية عنها ، وجاز لها التزويج بغيره ، لا بأبيه وابنه مطلقاً ، لاعترافها بما يوجب حرمة المصاهرة (30) .
و« اذا ادعى احدهما [ اي الزوج او الزوجة ] الزوجية وانكر الآخر فتجري عليهما قواعد الدعوى فان كان للمدعي بينة ، والاّ فيحلف المنكِر او يرد اليمين فيحلف المدعي ويحكم له بالزوجية ، وعلى المنكِر ترتيب آثاره في الظاهر . ولو رجع المنكِر الى الاقرار هل يسمع منه ويحكم بالزوجية بينهما ؟ الاقوى السماع اذا اظهَر عذراً لانكاره ، ولم يكن متهما ، وان كان بعد الحلف » (31)
ولاشك ان المعاشرة بين فردين في سكن واحد ، كما يسكن الزوج وزوجته لا يثبت الزوجية ما لم ينشئ عقد الزواج ، لان الفقهاء قالوا ان تعارض الظاهر مع الاصل يقدم الاصل ، ولا يؤخذ بالظاهر الاّ مع الاطمئنان او قيام الدليل . والاصل هنا عدم حصول الزواج ، وكل حادث يشك في وجوده فالاصل عدمه ، حتى يقام الدليل عليه . ومع ذلك ، فقد رجّح بعض الفقهاء ـ كالعلامة الحلي في شرائع الاسلام ـ كون المعاشرة تكشف بظاهرها عن الزواج ، ولذلك فانه يحكم بثبوت الزواج في المثال السابق . اما الابناء فان حملهم على الصحة يستلزم الحكم على كونهم ولدوا بطريق شرعي . فاذا كانت المعاشرة نتيجة زواج او شبهة زواج ، فان الابناء تترتب عليهم في كلا الحالتين جميع الآثار الشرعية في الولاية والوصاية والنفقة والأرث .
المصادر :
1- المسالك للشهيد الثاني ـ كتاب النكاح .
2- النساء : 21 .
3- الاحزاب : 37 .
4- النساء : 23 .
5- مجمع البيان : ج 3 ص 59 .
6- الجواهر : ج 29 ص 134 .
7- المسالك ـ كتاب النكاح .
8- الوسائل : ج 7 ص 197 .
9- الجواهر : ج 29 ص 143 .
10- شرح اللمعة : ج 5 ص 110 .
11- شرائع الاسلام : ج 2 ص 273 .
12- سنن ابن ماجة : ج 1 ص 603 .
13- سنن ابن ماجة : ج 1 ص 602 .
14- الكافي : ج 5 ص 401 ./ التنقيح الرائع : ج 3 ص 33.
15- الجواهر : ج 29 ص 150 .
16- الجواهر : ج 29 ص 29 .
17- تذكرة الفقهاء للمحقق الحلي ـ كتاب النكاح .
18- المغني لابن قدامة : ج 7 ص 9 .
19- شرح اللمعة : ج 5 ص 112 .
20- المسالك ـ كتاب النكاح .
21- الكافي : ج 2 ص 25 .
22- الكافي : ج 2 ص 79 .
23- الجواهر : ج 30 ص 112 .
24- التهذيب : ج 2 ص 191 .
25- الجواهر : ج 30 كتاب النكاح .
26- الكافي : ج 2 ص 28 .
27- التهذيب : ج 2 ص 220 .
28- الكافي : ج 2 ص 28 .
29- من لا يحضره الفقيه : ج 2 ص 136 .
30- الجواهر ـ كتاب الطلاق .
31- العروة الوثقى : ج 2 ص 693 .
source : rasekhoon