اليقين
يقول فيلسوف الشرق المعاصر المرحوم العلامة الطباطبائي صاحب تفسير الميزان في تعريف اليقين: بانه العلم الذي لا تشوبه ذرة من الشك «3».
فاليقين حالة راقية جداً من الايمان كما لو أن المرء يؤمن بالنهار وهو في
______________________________
(1)- وسائل الشيعه: 16/ 359، باب استحباب قضاء حاجة المؤمن، حديث 21758.
(2)- الكافي: 2/ 199، باب سعى فى حاجة المؤمن، حديث 10.
(3)- الميزان: 19/ 140.
رابعة النهار تغمره اشعة الشمس، وكما لو أنه يؤمن بالليل في قلب الظلمة فيما السماء مرصعة بالنجوم.
وهناك ثلاثة مستويات من اليقين:
1- علم اليقين. 2- عين اليقين. 3- حق اليقين.
ويمكن التفريق بين هذه المستويات من خلال التصوير التالي:
يمكن تشبيه علم اليقين بحالة الايمان بوجود النار من خلال رؤية دخان يتصاعد من وراء جدار حينئذ نؤمن بوجود نار.
أما عين اليقين فهي حالة من العلم أكثر رسوخاً من خلال رؤية السنة النار ذاتها.
فيما حق اليقين فهي حالة علمية اشد عمقاً وذلك عند ما يحترق المرء بنفس النار.
يقول سيدنا محمد صلى الله عليه و آله:
«علامة الموقن فستة: أيقن باللَّه حقّاً فآمن به وأيقن بان الموت حق فحذره، وأيقن البعث حق فخاف الفضيحة وأيقن بأن الجنة حق فاشتاق إليها، وأيقن بأنّ النار حق فظهر سعيه للنجاة منها، وايقن بان الحساب حق فحاسب نفسه» «1»
. ان تحصيل اليقين من خلال القرآن الكريم يكون بالشكل التالي: في البداية يكون التأمل في آيات الوحي وحقانيتها والالتفات إلى هذه الحقيقة وهي أن القرآن يدعو إلى الاتيان بمثله:
«وَ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ» «2».
______________________________
(1)- تحف العقول: مواعظ النبي وحكمه: 20.
(2)- سورة البقرة: 23.
ويقول في آية أخرى:
«قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَ الْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَ لَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً» «1».
وبذلك يحصل لدينا اليقين أن القرآن وهو وحي اللَّه عزوجل وكذا في المعارف الواردة عن أهل البيت عليهم السلام التي هي تفسير وتفصيل وتأويل للقرآن الكريم وبالتالي ندخل في زمرة أهل اليقين.
______________________________
(1)- سورة الاسراء: 88.
رحلة فى الآفاق والأعماق شرح دعاء كميل، للعلامة أنصاریان ص: 379
source : دار العرفان