ابنا: الموالية الجزائرية (فضيلة بالقسام) أبصرتها وتنورت بمعرفة عقائدها الأصيلة، بعد أن بحثت كثيراً في أمهات الكتب.
هي علوية الأصل، تسكن في فرنسا، أعلنت تشيعها منذ أكثر من (24) عاماً, كانت تتبع المذهب السني المالكي كما أَلفت آباءها، وهو المذهب التقليدي الشائع في الجزائر...
وقد حلت ضيفة على كربلاء المقدسة، وكان الحوار معها:
لقد تعرّفت على المذهب عن طريق السياسة المتداولة على الساحة العالمية، وبعدها انفتحت أمامي الأبواب إلى التشيع، حيث كانت البداية عن طريق الثورة الإيرانية التي كنا نتابع أخبارها وحركة ثوارها عبر وسائل الإعلام المختلفة الموجودة آنذاك مثل: الجرائد والمذياع.. وكنت خلال هذه السنوات طالبة في الجامعة، ومن ثم التقيت بعدد من الزملاء الشيعة، وكانوا من جنسيات مختلفة: مثل الإيرانيين واللبنانيين... وهنا ابتدأ الاحتكاك الفعلي بالأفكار الجديدة.
تلتها مرحلة البحث لمعرفة الحقائق المخفية عن طريق الكتب، حيث كنت دائماً ما أتردد على المكتبات، بعد أن أنهي الدوام الرسمي في الجامعة، وأنتقي بعض الكتب الفقهية والدينية التي كانت في ذلك الوقت قليلة وغير متوفرة.
وفي عام (1988) ذهبت لزيارة السيدة زينب بنت الإمام علي (ع)، وازداد تمسكي ويقيني بالعترة الطاهرة (ع) من خلال بعض اللقاءات مع السادة العلماء الذين أوضحوا لنا أموراً عرَّفتنا بالدين، وبذلك اقتنعت والحمد لله تعالى، وأصبحت على المذهب الجعفري.
بعد هذه الفترة، رزقني اللهُ تعالى بزوج متشيع، ومن ثم - وبالتحديد في بداية التسعينيات من القرن الماضي - سافرنا إلى فرنسا، وأكملت دراستي هناك، لأصبح دكتورة في مادة الفيزياء.
والآن أنا أستاذة في الفيزياء والرياضيات والكيمياء... ومع الأسف لم أستطع العمل في تخصصي هناك؛ بسبب قضية الحجاب.
س/ لقد أبحرتِ بحثاً عن المذهب الحق من بين كل المذاهب، فكيف رست أفكارُكِ عند شواطئ أهل البيت (ع)؟
هي ليست قضية بحث وقراءة وإطلاع فقط، هي قضية قلب وإحساس وشعور وجداني، وقد أحسست أن هذا هو الدين الحقيقي؛ لأنه دخل لقلبي، وأن ما يدخل في القلب يسمو شعاراً للذات.
س/ بما أن تغيير المعتقد شيء فيه صعوبة بالغة، فما هي المؤثرات التي دفعتكم للتحوّل إلى معتقد جديد؟
من خلال دراستي فهمت أن كلَّ شيء بالإقناع، وإيتاء الأدلة والحجة، حيث وجدت عند أهل البيت (ع) أشياء مقنعة ومنطقية لن أجدها في المذاهب الأُخَر وخاصة المالكي؛ وقد اقتنعت من خلال مسيرتي الطويلة بالبحث عن الحقائق، واطلاعي على أكثر من مذهب، مما جعلني أتمسك بالحقيقة التي وجدتها، رغم المحاولات المتكررة من عائلتي التي تتبع المذهب السني، لكن لم يستطع أحد منعي عن هذا السبيل الذي بحثت عنه بالخفية لسنوات عدة، حتى وصلت إلى هذه المرحلة من الاطمئنان بأنه طريقُ الحق.
س/ ما الذي عملتِ عليه عندما وصلت إلى فرنسا؟
أول فكرة تبادرت إلى ذهني حينما وطئتْ قدمي أرض فرنسا، هي الالتحاق بالمسجد العام، والاحتكاك بالأخوات هناك؛ لأن اللهَ تعالى لم يخلق النساء لإدارة الأسرة وتربية الأطفال فقط، بل لابد لها أن تكون في دائرة واسعة.. وهكذا بدأت أتعرف على الكثير الناس ومن مختلف الطوائف والجنسيات.. والحمد لله تعالى كانت مبادرة حسنة في ميدان الدعوة، حيث أخبرتهم في بادئ الأمر أنني وودت مشاركتهم في أعمال المسجد، وبدأت بالنشاطات عن هذا الطريق.
س/ كيف استطعتم أن تتكيفوا مع الانفتاح والتحرر الموجودَين في هذه الدولة؟ وما نشاطاتكم في ميدان الدعوة للدين؟
نعيش حالة صعبة جداً في هذا المجتمع المنفتح، وخصوصاً بالنسبة للباس الإسلامي. أما بالنسبة للحرية التامة، فقد استثمرناها بصورة كبيرة، واستطعنا من خلالها أن نؤسِّس جمعية في جنوب فرنسا أسميناها (زينب تلوز). وبما أننا لا نمتلك مكاناً خاصاً بالجمعية، فقد قمنا باستئجار الكنيسة لمرات عدة لإقامة المناسبات الخاصة بذكرى بأهل البيت (ع)، وأصبحنا نعطي بعض الدروس للنساء، وكذلك وفقني ربي بأن آخذ بعض الكتب وأترجمها للغة الفرنسية وأوزعها على الأخوات.
وهنالك نشاطات أُخَر مثل استدعاء بعض الأساتذة من مذهبنا للقاء بكبار الكنائس واليهود والنصارى، وكذلك - ومن خلال الاحتكاك الكبير مع المجتمع – حصلنا على فرصة التكلم باسم الإسلام أولاً، ومن ثم نشير إلى المذهب الشيعي على أنه الدين الحقيقي والوحيد، وبنفس الأسلوب الذي نستعمله لتدريس النساء، أي لا ندعوا للتشيع بصورة مباشرة، لكن نعرِّف بالإسلام، ومن ثم نتدرج ونوصل الأفكار التي يتنور على أثرها الجميع.