عربي
Thursday 26th of December 2024
0
نفر 0

يا ليتَنا كنّا مَعكم

يا ليتَنا كنّا مَعكم

هناك عبارة يُكرِّرها خطباء المنبر الحسيني حتّى أصبحت متعارفة وتقليديّة وهي قولهم : يا ليتنا كنّا معكم فنفوزَ فوزاً عظيماً (1) .
والخطاب ـ بصيغة الحال ـ للحسين ( عليه السلام ) وأصحابه ،عند التطرق الی معنى هذه العبارة ؛ فإنّ في ذلك : عبرة أوّلاً ، وموعظة ثانياً ، وتربية للخطباء ثالثاً ، لعلّهم يأخذون ما سوف نطرح هنا بنظر الاعتبار .
واللفظ الذي هو الأهمّ والأشدّ تركيزاً في هذه الجملة هو ( معكم ) ؛ فإنّ المعيّة قد تكون : مكانيّة ، وقد تكون زمانيّة ، وقد تكون معنويّة ؛ فإنّ المتكلّم بهذه الجملة مرّة يتمنّى أن يكون مع شهداء كربلاء في الزمان والمكان المعينيّن اللذين كانوا فيهما ، وأخرى يتمنّى أن يكون معهم معنويّاً .
والأداةُ ( ليت ) للتمنّي ، والمشهور في علوم العربيّة أنّ التمنّي لا يكون إلاّ للمستحيل ، ويوردون كشاهدٍ على ذلك قول الشاعر :
ألا ليتَ الشبابَ يعود يوماً فأُخبرهُ بما فعلَ المشيب (2)
أمّا تمنّي الفرد للكون معهم في نفس الزمان والمكان الذي كانوا فيه ، فيُراد عادة تمنّي الحصول على الشهادة معهم لكي يفوز فوزاً عظيماً ، وهو أمرٌ جليل ولطيف في حدّ نفسه إلاّ أنّه قابل للمناقشة من أكثر من جهة :
الجهةُ الأولى :
أنّ تمنّي العود إلى الماضي من تمنّي المستحيل طبيعيّاً ، وتمنّي المستحيل مستحيل ، أو قل : إنّه لا يتصوّره ولا يقتنع به إلاّ مَن خولِط في عقله ، وليس من تمنّي الأسوياء ما كان مستحيلاً .
الجهةُ الثانية :
إنّ مجرّد وجود الفرد هناك في الماضي ـ لو تمّ له ـ لا يعني كونه يفوز بالشهادة أو يفوز فوزاً عظيماً ، بعد أن نأخذ بنظر الاعتبار هذه النفوس الضعيفة الأمّارة بالسوء المعتادة على الترف والضيق من مصاعب الحياة .
ومن الواضح أنّ حركة الحسين ( عليه السلام ) كلّها مصاعب وبلاء وضيق من الناحية الظاهريّة أو الدنيويّة ، ومن هنا لا يكون من المؤكّد أنّ الفرد إذا كان موجوداً في ذلك الزمان والمكان أن يكون ناصراً للحسين ( عليه السلام ) ، بل لعلّه يكون في الجيش المعادي تحت إمرة عبيد الله بن زياد ؛ لأجل الحصول على المال أو الشهرة أو دفع الشرّ والتهديد ، تماماً كما مالَ أهل الكوفة إليه بعد إعطائهم الولاء للحسين ( عليه السلام ) ومسلم بن عقيل ( عليه السلام )، ومن أجل شيء من الطمع والخوف .
وإذا كان الفرد أحسن نفساً و أكثر ثقافة ، فلا أقلّ من أن ينهزم من المعسكر ، فلا يكون مع مُعادي الحسين ، كما لا يكون مع الحسين نفسه ، تماماً كما ورد عن أبي هريرة أنّه قال : ( الصلاة خلف عليّ أتم ، وطعام معاوية أدسم ، والوقوف على التل أسلم ) (هذا القول من أبي هريرة عبّر عن موقفه في حرب صفّين ، وقد ذكرهُ محمود أبو ريّة في كتاب شيخ المضيرة أبو هريرة.)(3) ، وإذا لم يكن مع الحسين ( عليه السلام ) فسوف يحصل :
أوّلاً : إنّه لن ينال الشهادة ولن يفوز فوزاً عظيماً .
وثانياً : إنّه سينال اللعنة الأبديّة طبقاً لقوله ( عليه السلام ) : ( مَن سمعَ واعيتنا ولم ينصرنا ، أكبّه الله على مَنخريه في النار ) (4) .
وعلى أيّ حالٍ ، فمن أين يأتي التأكّد على أنّ الفرد إذا كان في ذلك الزمان وذلك المكان مع الحسين ( عليه السلام ) ، لفازَ فوزاً عظيماً ، بل لعلّه يَخسر خسراناً مبيناً ، كما ألمَعنا قبل قليل ؛ لأنّ مجرّد المصاحبة في المكان لا يعني أكثر من ذلك .
وقد يُستدلّ على أنّ المطلوب من أيّ فردٍ مُحبّ للحسين ، يَحسن به أن يتمنّى ذلك ، فيستدلّ عليه بالشعر المنسوب إلى الحسين ( عليه السلام ) :
شيعتي ما إن شربتم عذبَ ماءٍ فاذكُروني أو سَمعتم بقتيلٍ أو جريحٍ فاندِبوني
 فأنا السبطُ الذي من دون جُرمٍ قتلوني وبجُرد الخيل بعد القتل عَمداً سَحقوني (5)
فقد تمنّى الحسين ( عليه السلام ) أن يكون معهُ شيعته يوم عاشوراء ، وهو المطلوب ، وجواب ذلك من عّدة وجوه منها :
الوجه الأوّل : إنّ هذا الشِعر ليس للحسين ( عليه السلام ) قطعاً ، بل هو ممّا قيل على لسانه قطعاً ، وأدلّ دليل على ذلك : أن يَذكر فيه مقتلهُ وما حدثَ بعد مقتله ، وهو ما لا يمكن أن يكون من قوله سلام الله عليه ، وفي ما سمعناه ما يشير إلى ذلك .
مضافاً إلى قوله : وبجُرد الخيل بعد القتل ظلماً سَحقوني ، إلى غير ذلك .
إذاً ، فهذا الشعر إنّما قاله الشاعر بعد أن سمعَ قول الخطباء ( يا ليتنا كنّا معكم ) ، فأحبّ أن يكون هذا التمنّي صادراً عن الحسين ( عليه السلام ) أيضاً ، إذاً فلا يكون لهذا الشعر قيمة إثبات تاريخيّة أكثر من هذه الجملة التي يُكرّرها الخطباء .
الوجه الثاني : إنّ مثل هذا التمنّي لو كان صادراً عن الحسين ( عليه السلام ) أو محبّيه ، فإنّما يراد به تمنّي الاجتماع معنويّاً ـ كما سوف نذكر ـ لا ماديّاً ، أو تمنّي الاجتماع ماديّاً ومعنويّاً حتّى يتمّ الأمر ، وإلاّ فمن الواضح ـ كما أسلفنا ـ أنّ الاجتماع المادّي في الزمان والمكان وحده لا يكفي .
وأمّا المعيّة المعنويّة : وهي الاتّحاد في الهدف والمحبّة والإيمان ، فقد يُستشكل فيه من حيث إنّ ( ليت ) إنّما تأتي للتمنّي المستحيل على ما هو المشهور كما أسلفنا ، ومن الواضح أنّ المعيّة المعنويّة ليست مستحيلة ، بل بابها مفتوح لكلّ والج وواسع بسعة رحمة الله سبحانه ، فينال منها كلّ فردٍ حسب استحقاقه ، فمن هنا ناسبَ أن تُستعمل ( ليت ) للمستحيل ، وهو الكون المادّي معهم لا المعنوي .
وجواب ذلك : إنّ اختصاص التمنّي بالمستحيل غير صحيح تماماً وإن ذهبَ إليه المشهور ؛ وذلك لعدّة وجوه منها :
أوّلاً : ما أشرنا إليه فيما سبق من أنّ تمنّي المستحيل مستحيل ، إلاّ من المجانين ومَن خُولطوا في عقولهم ، أو إنّه يتحدّث حديثاً مجازيّاً بعيداً عن الواقع تماماً ، كبيت الشعر الذي استشهدوا به ( ألا ليتَ الشباب يعود يوماً ) .
ثانياً : إنّ التمنّي وأضرابه من موارد ما يسمّى في علوم البلاغة بالإنشاء : كالاستفهام ، والترجّي ، وهي حالات نفسيّة وجدانيّة محسوسة في النفس تختلف في معانيها ومداليلها ، فالترجّي المدلول عليه بالأداة ( لعلّ ) إنّما يعني مجرّد الاحتمال كقولنا : لعلّ فلاناً عادَ من سفره ، أو لعلّي أُسافر غداً .
وأمّا التمنّي فهو : إرادة حصول شيء في المستقبل والرغبة فيه كقولنا : ليتني أُسافر غداً ، أي أحبُّ ذلك وأرغبُ به ، ولا ربطَ له بمجرّد الاحتمال .
فالتمنّي والترجّي أمران مختلفان تماماً ، كما لا ربطَ لهُ بالأمور المستحيلة بل يستحيل أن يتعلّق التمنّي بالمستحيل .
ثالثاً : إنّ في القرآن الكريم موارد استُعملت فيها الأداة ( ليت ) فيما هو ممكن وليس بمستحيل ، وظاهر القرآن حُجّة على كلّ مَن يناقش في ذلك ، كقوله تعالى : ( يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْياً مَّنسِيّاً ) (6) ، مع العلم أنّ الموت في أيّ وقتٍ ممكن بقدرة الله سبحانه ، وقوله تعالى : ( وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَاباً ) (7) ، يعني : ميّتاً قد زالت معالِم قبره ، وهو أمر ممكن على أيّ حال .
بل حتّى ما يبدو مستحيلاً من الاستعمالات كقوله تعالى : ( يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ ) (8) ، وقوله تعالى : ( يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلاَ نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا ) (9) ونحوها ، إنّما تكون مستحيلة باعتبار النظام الإلهي للخلق ، لا باعتبار قدرة الله على انجاز ما يتمنّونهُ إلاّ أنّه لا يُنجّزه ؛ لأنّهم لا يستحقّون ذلك .
ومحلّ الشاهد من كلّ ذلك : أنّ التمنّي للممكن أمرٌ ممكن ، فإذا عَرفنا أن المعيّة المعنويّة مع أصحاب الحسين ( عليه السلام ) أمر ممكن في أيّ مكانٍ وزمان ؛
 لأنّها تُعبّر عن المعيّة القلبيّة والفكريّة ، وهي المعيّة الأهم والألزم ، فإذا كانت ممكنة كان تمنّيها ممكناً ، ويمكن أن يقصدها الفرد حين يقول : يا ليتنا كنّا معكم فنفوز فوزاً عظيماً ، والحقُّ أنّ المعيّة المعنويّة توجِب الفوز العظيم بلا إشكال .
ولكنْ يحسن بنا أن نلتفت إلى أنّ هذا التعبير وارد في القرآن عن قول فردٍ فاسق ، أو مُتدنّي الإيمان وقليل اليقين ؛ لأنّه سبحانه يقول : ( وَإِنَّ مِنكُمْ لَمَن لَّيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُن مَّعَهُمْ شَهِيداً * وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِّنَ الله لَيَقُولَنَّ كَأَن لَّمْ تَكُن بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يَا لَيتَنِي كُنتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً ) (10) .
إذاً فتكرار هذا المضمون من قِبَل الفرد لا يكاد يكون معقولاً ؛ لأنّه سيعتبر نفسه مُتدنّي الإيمان أو قليل اليقين ، وهذا لا يكون إلاّ مع الغفلة عن المضمون الحقيقي للعبارة كما هو الأغلب ، أو لأجل كسر النفس والوقيعة فيها ، كما هو شأن الزُهّاد والسالكين .
كما ينبغي أن نلتفت إلى أمرٍ أهمّ حول الآية الكريمة وهو : إنّه سبحانه يقول : ( وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِّنَ الله لَيَقُولَنَّ .... الخ ) (11) ، وهذا يعني ـ بالنسبة إلى الأفراد الاعتياديين ، بغضّ النظر عن المعاني التي أسلفناها ـ أمران :
الأمرُ الأوّل :
إنّ الحسين ( عليه السلام ) أصابهُ فضلٌ من الله بالشهادة ، والفرد يتمنّى أن ينال من هذا الفضل ، وقد سبقَ أن قلنا : إنّ هذا الفضل من دواعي الاستبشار لا من دواعي البكاء ، مع العلم أنّهم يجعلونهُ مُقدّمة للبكاء كما هو المعهود أكيداً ، ومعهُ فلا يكون وضعه في هذا الموضع مناسباً .
الأمرُ الثاني :
إنّ الفضل الذي نالهُ الحسين وأصحابه من الله سبحانه ليس مجانيّاً ولا يمكن أن يكون كذلك ، ولذا وردَ : ( إنّ لك في الجنّة درجات لن تنالها إلاّ بالشهادة ) (12) ، فقد دفعَ الحسين ( عليه السلام ) تحمّلهُ لأنواع البلاء الدنيوي ، بما فيه نفسه ونفوس أهل بيته وأصحابه فداءً لذلك الفضل العظيم ، فهل سيكون الفرد على استعداد حقّاً في المشاركة مع الحسين ( عليه السلام ) في بلائه ، كما هو على استعداد أن يشاركه في جزائه ، أم يتمنّى الفرد أن يحصل على ثواب الحسين ( عليه السلام ) مجاناً ، مع أنّ الحسين ( عليه السلام ) نفسه وهو المعصوم لم يحصل عليه إلاّ بالثمن الغالي ، إنّ هذا من سُخف القول حقّاً !
كما يحسن بنا أن نتساءل في هذا الصدد : إنّنا لماذا نتمنّى أن نكون مع الحسين خاصّة لنفوز فوزاً عظيماً ، مع أنّ الآية الكريمة مطلقة من هذه الناحية ، بل هي خاصّة بالرسول ( صلّى الله عليه وآله ) ، والكون معه أيضاً فوز عظيم بلا إشكال ، فهل نتمنّى ذلك أو نتمنّى الكون مع أمير المؤمنين أو أحد الأئمّة المعصومين ، وإنّ لنا إماماً حيّاً مسؤولاً عنّا فعلاً ونحن مسؤولون عنه أيضاً ، فهل نتمنّى أن نكون معه ، وليتَ شِعري ؛ فإنّ الكون مع إمامنا الحيّ ليس سهلاً على الإطلاق ، بل هو امتحان عسير وبلاء كبير ويحتاج إلى إيمان عظيم وتسليم جسيم ، يكفينا ما ورد : ( ما هذا الذي تمدّون إليه أعينكم ، وهل هو إلاّ لبس الخشن وأكل الجَشب ) (13) ، وفي خبرٍ آخر : ( وهل هو إلاّ السيف والموت تحت ظلّ السيوف ) (14) .
فإنّه ( سلام الله عليه ) يُطبّق الإسلام كما طبّقهُ رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) ، ولن يكون ذلك في مصلحة أهل الدنيا ومُتّبعي الشهوات والمعتادين على اللّذات ، بل سيكون هذا العدل المطلق اقتصاديّاً واجتماعيّاً وثقافيّاً ونفسيّاً وعقليّاً ودنيويّاً وأخرويّاً ، وهذا لا محالة يكون على الفرد الاعتيادي ـ كما قلنا ـ امتحاناً عسيراً وبلاءاً كبيراً ، إذاً فالتمنّي للكون مع إمامنا الحيّ ليس سهلاً بأيّ معنىً قصدناه .
ولكن ـ مع ذلك ـ فقد يُحسن الخطباء صُنعاً حين يخصّون الحسين ( عليه السلام ) بالذِكر لأمرين أو أكثر :
الأمرُ الأوّل :
إنّ الحديث في المجلس عنه والمأتم المُنعقد ، لهُ ( عليه السلام ) .
الأمر الثاني :
إنّ الحديث في المجلس وإن لم يكن عنه ( سلام الله عليه ) ، بل عن غيره من المعصومين ( عليهم السلام ) ، إلاّ أنّه لابدّ من ذكره خلال الحديث ، وإلاّ لم تطمئنّ النفس ولم يهدأ الخاطر ولم يتمّ الاستحباب الشرعي الكامل .
الأمر الثالث :
إنّ شفاعة الحسين ( عليه السلام ) أوسع من غيره من المعصومين ( عليهم السلام ) جميعاً ، كما وردَ (15) ، ووردَ أنّ عدداً من المعصومين لا يصل إليهم إلاّ الخاصّة كعلي ( عليه السلام ) ، والرضا ( عليه السلام ) ، والمهدي ( عليه السلام ) ، في حين يصل إلى الحسين ( عليه السلام ) الخاصّة والعامّة ، فهو يشفع للجميع وزياراتهم لديه مقبولة ، وشفاعتهُ واسعة يوم القيامة .
إلاّ أنّنا مع ذلك ينبغي أن نتوخّى أن نضمّ إلى هذا الأمر الشعور على مستويين :
المستوى الأوّل :
إنّ شفاعة الحسين ( عليه السلام ) لن تكون عامّة بالمعنى الكامل ، بل بشرطها وشروطها ، كما وردَ في الخبر ، تماماً كما قال الإمام الرضا ( عليه السلام ) في حديث سلسلة الذهب :
 ( لا إله إلاّ الله حِصني ومَن دخل حِصني أمِنَ من عذابي ، ثمّ قال : بشرطها وشروطها وأنا من شروطها ) (16) .
المستوى الثاني :
أن لا نفهم من سعة شفاعة الحسين ( عليه السلام ) سعتها دنيويّاً ، بل سعتها أخرويّاً ، ولكن وجِد العديد ممّن يقول : إنّ سُفرة الحسين ( عليه السلام ) أوسع ، ويريد به الأرباح الماديّة المجلوبة بسبب ذكره ( سلام الله عليه ) أكثر من الأرباح المجلوبة بسبب ذكر غيره .
وهذا وإن كان صحيحاً عمليّاً وداخلاً ضمن النِعَم الإلهيّة على الحسين ومُحبّي الحسين ( عليه السلام ) ، إلاّ أنّ المطلوب أخلاقيّاً هو عدم النظر إلى حطام الدنيا مهما كان مهمّاً ، وقَصر النظر على ثواب الآخرة .
ومن الواضح أخلاقيّاً ودينيّاً أنّ مَن قَصدَ الدنيا وحدها ، أو مَن قصدَ الدنيا والآخرة معاً ، فليس له الثواب في الآخرة إطلاقاً ، وإنّما يأخذ الثواب مَن خصّ قصدهُ في الآخرة تماماً .
وهذا لا يعني عدم جواز الأجرة على ذكره ( عليه السلام ) ، وخاصّةً ممّن كان عمله ذلك ورزقه متوقّفاً عليه ؛ وإنّما يعني أن يَسقط هذا عن نظر الاعتبار في نيّته ، و يجعلهُ بمنزلة الرزق صدفة أو تفضّلاً من الله عزّ وجل ، وليس بإزاء مأتم الحسين ( عليه السلام ) بأيّ حالٍ من الأحوال .
المصادر :
1- البحار للمجلسي : ج44 ، ص286 ، أمالي الصدوق : ص112 .
 2- ديوان أبو العتاهية : ص32 .
 3- شيخ المضيرة أبو هريرة ص56 عن شذرات الذهب في أخبار مَن ذَهب لابن عماد الحنبلي : ج1 ، ص64 .
 4- الخوارزمي : ج1 ، ص227 ، البحار للمجلسي : ج44 ، ص315 ، أمالي الصدوق : ص123 .
 5- أسرار الشهادة للدربندي : ص398 ، وأشار إليها جعفر التستري في خصائصه ذاكراً البيت الأوّل فقط .
6- سورة مريم : آية 23 .
 7- سورة النبأ : آية 40 .
 8- سورة الزُخرف : آية 38 .
 9- سورة الأنعام آية : 27 .
 10- سورة النساء : آية 72 - 73 .
 11- سورة النساء : آية 73 .
 12- أمالي الصدوق : مجلس30 ، ص135 ، البحار للمجلسي : ج44 ، ص328 ، الخوارزمي : ج2 ، ص187 ، أسرار الشهادة للدربندي : ص191 .
 13- الكافي للكليني : ج8 ، ص133 بتصرّف واقتضاب .
14- أمالي الصدوق : ص517 بتصرّف .
15- البحار للمجلسي : ج44 ، ص221 .
 16- عيون أخبار الرضا للصدوق : ج2 ، ص134 .


source : راسخون
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

المرأة والدنيا في نهج البلاغة (دراسة أدبية) – ...
عدم جواز الجمع بين النبوة والخلافة
واقعة الطف ؛ ملحمة الخلود الحسيني الجهادي
أهمية دراسة الشخصيات التاريخية
مدة حكم المهدي المنتظر
خطبہ الغدیر
ولادة أبي الفضل العباس (ع) ولادة الوفاء والإخاء
الإمام علي عليه السلام أعدل حاكم ظهر في تاريخ ...
حكم الخمس بناء على نظرية ولاية الفقيه
الفرق بين علوم القرآن والتفسير

 
user comment