اسلوب العباسيين في استغلال العلويين لاستلام الحكم .
اشـرنا في تضاعيف البحوث المتقدمة الى ان العباسيين بداوا نشاطاتهم تحت غطاظلامة العلويين و وجـاهـتـهـم عـنـد الـنـاس و في الوقت الذي كانوا فيه الى جانب العلويين حتى انهم بايعوا النفس الـزكـيـة ((566)) , كانوا يخططون سرا لاستلام الحكم و كانت خراسان ـ على حد تعبيرهم ـ افـضـل مـكان لدعوتهم و اول من بدا يعمل للعباسيين هومحمد بن علي بن عبداللّه بن عباس اذ انفذ دعـاتـه الـى خـراسان و قال لهم : اما الكوفة وسوادها فهناك شيعة علي ـ عليه السلام ـ و ولده و الـبـصـرة , فـعـثـمانية والجزيرة , فحرورية مارقة و الشام , فليس يعرفون الا آل امية و اما مكة والـمدينة , فغلب عليهما ابوبكر وعمرو لكن عليكم باهل خراسان الـظـاهر و هناك صدورسليمة و قلوب فارغة لم تتقسمها الاهوا, و لم تتوزعها النحل , و لم يقدم عليهم فساد ((567)) .
بـدات نـشـاطـات هـؤلا, منذ سنة 109 ه فما تلاها ((568)) و تركز عملهم على كشف فضائح الامويين و جرائمهم في حق آل البيت ـ عليهم السلام ـ و في الوقت نفسه كانوايحترزون من الشيعة حـتـى ان محمد بن علي نفسه نهى اول دعاته , وهو زياد ابو محمد,عن رجل اسمه غالب , لانه كان مـفـرطـا فـي حب بني فاطمة ((569)) و يستبين من هذه النقطة ان مودة العلويين كانت موجودة بـخـاصة في خراسان , و ان كانت على مستوى ضئيل وصحيح ان بني العباس كانوا يتحاشون هؤلا, بيد ا نهم ـ من حيث لا يشعرون ـ كانوايزيدون عظمة العلويين في قلوب الناس من خلال ذكر ظلم الامويين ((570)) .
و يذهب ابن طباطبا في الفخري ايضا الى ان خراسان كانت افضل مكان للعباسيين ,لان الشام , و مصر كـانتا للامويين , والعراق لشيعة علي ـ عليه السلام ((571)) و استطاعت خراسان ان تحقق اكبر نـجاح في بث الدعايات للعباسيين لما كانت تعيشه من صراع داخلي بين عرب مضر, و ربيعة و بايع العباسيون العلويين للتمويه على الناس و بعد مدة انتظمت نشاطاتهم على محور الرضا من آل محمد ـ صـلى اللّه عليه و آله ((572)) و كانوا لايذكرون شخصا خاصا بعينه و ظلت هذه الدعوة قائمة حتى في السنين الاخيرة من الحكم الاموي عندما حقق ابو مسلم انتصارات باهرة في خراسان و هو نـفـسـه كـان يـقـول لابـن الـكـرمـاني : ادع الى آل محمد ـ صلى اللّه عليه و آله ـ لكنه لم يذكر اسـمـاخـاصـا ((573)) عـلـى اي حـال , تـسلم العباسيون زمام الامور تماما في نهاية المطاف و هـكذاوطدوا دعائم الحكم لانفسهم تدريجا, و على امتداد ثلاثين سنة مستغلين وجاهة آل محمد ـ صـلـى اللّه عـلـيـه و آله ثم كثفوا جهودهم بعد ذلك لابادة العلويين و كانوا يسعون في تغيير نبرة كـلامـهم الذي اثر عنهم في دعم مواقف العلويين , و اتخذوا موقفا سنيا محضا وقد جهر المنصور بذلك قائلا : ((واللّه لارغمن انفي و انفهم و ارفع عليهم بني تيم و بني عدي )).
و نـسـتشف من الاخبار المنقولة ان عقيدته الرسمية اصبحت تفضيل ابي بكر و عمرعلى غيرهما بعد النبي ـ صلى اللّه عليه و آله ((574)) و هذه الاعمال والتصرفات المستهدية بوجاهة العلويين لم تصب في مصلحة العباسيين ـ الذين عانوا كثيرا ـ فحسب , بل ـ كما مربناـ عمقت شعبية العلويين فـي قـلـوب الناس لكن هذه التحركات لم تمثل التشيع العقيدي حتى ان النسبة المئوية لدعم العلويين كـانت ضئيلة و عندما طلب ابومسلم ,و ابوسلمة من الامام الصادق ـ عليه السلام ـ في رسالتين بعثاها الـيـه , ان يـاخـذا لـه الـبيعة من الناس , لم يقبل , لا نه كان واثقا ان هذه خدعة , اذ لم يرسل الامام ـ عـليه السلام ـ مبعوثا عنه الى خراسان ليهيئ له الاجوا الـدعـوة : مـتـى كـان اهـل خـراسـان شـيـعـتـك ؟ انـت بعثت ابامسلم الى خراسان ؟ انت امرته بلبس السواد ((575)) ))و قال ـ عليه السلام ـفي موضع آخر: ابو سلمة شيعة غيري ((576)) و هـذايدل على ان تعبئة الناس , التي تحققت باسم آل محمد في خراسان , انتهت لمصلحة العباسيين و لـم يكن التشيع عقيديا فيحدد خطا معينا و دلت الحوادث المتاخرة ان شريحة من الناس ادركت هذه الخدعة واعتزمت معارضتها, بيد ان الاوان قد فات ((577)) .