قال آية الله العلامة الحلي (رحمه الله): في آخر منهاج الصلاح في دعاء العبرات: الدعاء المعروف وهو مرويٌ عن الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام) وله من جهة السيد السعيد رضي الدين محمد بن محمد بن محمد الآوي (قدس سره) حكاية معروفة بخط بعض الفضلاء، في هامش ذلك الموضوع، روى المولى السعيد فخر الدين محمد بن الشيخ الأجلَّ جمال الدين، عن والده، عن جده الفقيه يوسف، عن السيد الرضي المذكور أنه كان مأخوذاً عند أمير من أمراء السلطان جرماغون، مدة طويلة، مع شدة وضيق فرأى في نومه الخلف الصالح المنتظر، فبكى وقال: يا مولاي اشفع في خلاصي من هؤلاء الظلمة.
فقال (عليه السلام): ادع بدعاء العبرات، فقال: ما دعاء العبرات؟ فقال (عليه السلام): أنه في مصباحك، فقال: يا مولاي ما في مصباحي؟ فقال (عليه السلام): أنظره تجده فانتبه من منامه وصلى الصبح، وفتح المصباح، فلقي ورقة مكتوبا فيها هذا الدعاء بين أوراق الكتاب، فدعا أربعين مرة.
وكان لهذا الأمير امرأتان إحداهما عاقلة مدبرة في أموره، وهو كثير الاعتماد عليها.
فجاء الأمير في نوبتها، فقالت له: أخذت أحداً من أولاد أمير المؤمنين علي (عليه السلام)؟ فقال لها: لم تسألين عن ذلك؟ فقالت: رأيت شخصاً وكأن نور الشمس يتلألأ من وجهه، فأخذ بحلقي بين إصبعيه، ثم قال: أرى بعلك أخذ ولدي، ويضيق عليه من المطعم والمشرب.
فقلت له: يا سيدي من أنت؟ قال: أنا علي بن أبي طالب، قولي له: إن لم يخل عنه لأخربن بيته.
فشاع هذا النوم للسلطان فقال: ما أعلم ذلك، وطلب نوابه، فقال: من عندكم مأخوذ؟ فقالوا: الشيخ العلوي أمرت بأخذه، فقال: خلوا سبيله، وأعطوه فرساً يركبها ودلوه على الطريق فمضى إلى بيته. وفيما يلي فقرة من دعاء العبرات المبارك:
بسم الله الرحمن الرحيم الله إني أسألك يا راحم العبرات، ويا كاشف الكربات أنت الذي تشفع سحائب المحن، وقد أمست ثقالاً، وتجلو ضباب الإحن وقد سحبت أذيالاً، وتجعل زرعها هشيماً، وعظامها رميماً، وترد المغلوب غالباً والمطلوب طالباً إلهي فكم من عبد ناداك (إني مغلوب فانتصر) ففتحت له من نصرك أبواب السماء بماء منهمر، وفجرت له من عونك عيوناً فالتقى ماء فرجه على أمر قد قدر، وحملته من كفايتك على ذات ألواح ودُسُر.
يا رب إني مغلوب فانتصر، يا رب إني مغلوب فانتصر، يا رب إني مغلوب فانتصر، فصل على محمد وآل محمد وافتح لي من نصرك أبواب السماء بماء منهمر، وفجر لي من عونك عيوناً ليلتقي ماء فرجي على أمر قد قدر، واحملني يا رب من كفايتك على ذات ألواح ودُسُر.
يا من إذا ولج العبد في ليل من حيرته يهيم، فلم يجد له صريخاً من ولي ولا حميم، صل على محمد وآل محمد,، وجد يا رب من معونتك صريخاً معيناً وولياً يطلبه حثيثاً، ينجيه من ضيق أمره وحرجه، ويظهر له المهم من أعلام فرجه. اللهم فيا من قدرته قاهرة، وآياته باهرة ونقماته قاصمة، لكل جبار دامغة لكل كفور جبار، صل يا رب على محمد وآل محمد وانظر إلي يا رب نظرة من نظراتك رحيمة، تجلو بها عني ظلمة واقفة مقيمة، من عاهة جفت منها الضروع وقلعت منها الزروع، واشتمل بها على القلوب اليأس، وجرت بسببها الأنفاس.