عربي
Monday 25th of November 2024
0
نفر 0

أمير المؤمنين شهيد المحراب

أمير المؤمنين شهيد المحراب

 قاتل علي(عليه السلام) ابن بغي:

قال الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) : (( يا علي لك سبع خصال لا يحاجك فيها أحد يوم القيامة : أنت أول المؤمنين بالله إيمانا وأوفاهم بعد الله وأقواهم بأمر الله وأرأفهم بالرعية وأقسمهم بالسوية وأعلمهم بالقضية وأعظمهم مزية يوم القيامة )) .

وعن ابن عباس قال : قال (صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي (عليه السلام) : (( أما إنك ستلقى بعدي جهدا !))  قال :(( في سلامة من ديني ؟ )) قال :

 (( نعم )) .

وعن علي (عليه السلام) : قال (صلى الله عليه وآله وسلم): (( إن الأمة ستغدر بك من بعدي ، وأنت تعيش على ملتي وتقتل على سنتي ، من أحبك أحبني ومن أبغضك أبغضني ، وإن هذا سيخضب من هذا ـ يعني لحيته من رأسه ـ ))  .

وقال (صلى الله عليه وآله وسلم) : (( لا تموت حتى تضرب ضربة على هذا فتخضب هذه ، ويقتلك أشقاها كما عقر ناقة الله أشقى بني فلان ))(1).

وفي (البحار) عن أبي جعفر(عليه السلام) قال: (( إن عاقر ناقة صالح أزرق ابن بغي ، وان قاتل علي ابن بغي ، وكانت مراد تقول ما نعرف له فينا أبا ولا نسبا ! وان قاتل الحسين (عليه السلام) ابن بغي ، وانه لم يقتل الأنبياء ولا أولاد الأنبياء إلا أولاد البغايا )) .

وروي عن حنان بن سدير عن رجل من مزينة قال : كنت جالسا عند علي (عليه السلام) فأقبل إليه قوم من مراد ومعهم ابن ملجم (لعنه الله) ، قالوا :

 يا أمير المؤمنين إن هذا طرأ علينا ، ولا والله ما جاءنا زائرا ولا منتجعا ! وإنا لنخافه عليك فأشدد يديه ، فقال له علي (عليه السلام) : (( اجلس ))، فنظر في وجهه طويلا ، ثم قال : (( أرأيتك إن سألتك عن شئ وعندك منه علم ، هل أنت مخبري عنه ؟ )) , قال: نعم ، وحلفه عليه ، فقال :(( كنت تصارع الغلمان وتقوم عليهم فكنت إذا جئت فرأوك من بعيد ، قالوا جاءنا ابن راعية الكلاب ؟ )) , قال : اللهم نعم ! فقال له : (( مررت برجل وقد أبقعت ، فقال وقد أحد النظر إليك : أشقى من عاقر ناقة ثمود ؟ )) قال نعم ، قال : (( قد أخبرتك أمك إنها حملت بك في بعض حيضها ؟ )) فتمتع هنيئة ! ثم قال نعم ، حدثتني بذلك ولو كنت كاتما شيئا لكتمتك هذه المنزلة ، فقال له علي  (عليه السلام) : (( قم ؟)) فقام (2).

 
الإخبار بشهادته (عليه السلام):

روى محمد بن طلحة ، في كتاب مطالب السؤول ص135 : أنه (عليه السلام) لما فرغ من قتل الخوارج وعاد إلى الكوفة ، قام في المسجد فصلى ركعتين ، ثم صعد المنبر فخطب خطبة حسناء ، ثم التفت إلى ابنه الحسن (عليه السلام) ، فقال :(( يا أبا محمد ، كم مضى من شهرنا هذا ؟ )) قال : (( ثلاث عشرة يا أمير المؤمنين )) , ثم التفت إلى الحسين (عليه السلام) ، فقال :(( يا أبا عبد الله ، كم بقي من شهرنا هذا ـ يعني رمضان الذي هم فيه ـ ؟ )) فقال الحسين (عليه السلام) : (( سبع عشرة يا أمير المؤمنين )) , فضرب (عليه السلام) بيده إلى لحيته ، وهي يومئذ بيضاء ، فقال : (( الله أكبر ، والله ليخضبنها بدمها إذا انبعث أشقاها )) ، ثم جعل يقول :

أريد حياته ويريد قتلى  * * *  خيلي من عذيري من مراد

وعبد الرحمن بن ملجم المرادي يسمع ، فوقع في قلبه من ذلك شئ ، فجاء حتى وقف بين يدي علي (عليه السلام) وقال : أعيذك بالله يا أمير المؤمنين ، هذه يميني وشمالي بين يديك فاقطعهما أو فقتلني . قال (عليه السلام) : (( وكيف أقتلك ولا ذنب عليك ؟ ألا ولو اعلم انك قاتلي لم أقتلك ، ولكن هل كانت لك حاضنة يهودية فقالت لك يوما من الأيام : يا شقيق عاقر ناقة ثمود ؟ )) , قال : قد كان ذلك يا أمير المؤمنين ، فسكت (عليه السلام) وركب (3) .

عن عثمان بن المغيرة قال : لما دخل شهر رمضان كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يتعشى ليلة عند الحسن (عليه السلام) ، وليلة عند الحسين (عليه السلام) ، وليلة عند عبد الله بن العباس ، وكان لا يزيد على ثلاث لقم ، فقيل له ليلة من تلك الليالي في ذلك ، فقال : (( يأتيني أمر الله وأنا خميص ، إنما هي ليلة أو ليلتان )) ، فأصيب (عليه السلام) في آخر الليل(4) .

 

اللقاء المشؤوم:

قال ابن شهر آشوب في المناقب : روى أبو مخنف الأزدي ، وابن راشد ، والرفاعي ، والثقفي جميعا : انه اجتمع نفر من الخوارج بمكة ، فقالوا : إنّا شرينا أنفسنا لله ، فلو أتينا أئمة الضلال ، وطلبنا غرتهم فأرحنا منهم البلاد والعباد .

 فقال عبد الرحمن بن ملجم : أنا أكفيكم عليا .

 وقال الحجاج بن عبد الله السعدي الملقب بالبرك : أنا أكفيكم معاوية .

وقال عمرو ابن بكر التميمي : أنا أكفيكم عمرو بن عاص .

 وتوعدا التاسع عشر من شهر رمضان ، ثم تفرقوا ، فدخل ابن ملجم الكوفة ، فرأى رجلا من تيم الرباب وعنده قطام التيمية ، وكان أمير المؤمنين  (عليه السلام) قتل أباها الأخضر ، وأخاها الأصبغ في النهروان ، فشغف بها ابن ملجم ، فخطبها فأجابته بمهر ذكره العبدي في كلمة له فقال :

فلم أر مهرا ًساقه ذو سماحة     * * *  كمهر قطام من فصحيح وأعجم

     ثلاثة    آلاف وعب د وقينة  * * *  وضرب علي بالحسام المسمم

فلا مهر أغلى من علي وان غلا  * * *  ولا قتل إلا دون قتل ابن ملجم

فقال ابن ملجم : ويحك من يقدر على قتل علي ، وهو فارس الفرسان ، والسباق إلى الطعان ، ومغالب الأقران ؟ ! وأما المالية فلا بأس عليّ منها .

 قالت : انتظر غفلته ، فافتك به . فقبل ابن ملجم .

فبعثت إلى وردان بن مجالد وسألته معونة ابن ملجم ، واستعان ابن ملجم بشبيب بن بجرة فأعانه ، وأعانه رجل من وكلاء عمرو بن العاص بخط فيه مأة ألف درهم فجعله مهرها ، فأطعمتهما الموزينج والجوزينق وسقتهما الخمر العكبري ، فنام شبيب وتمتع ابن ملجم معها ، ثم قامت فأيقظتهما ، وعصبت صدورهم بحرير ، فتقلدوا أسيافهم وخرجوا(5).

 
شهادته (عليه السلام):

كانت وفاة أمير المؤمنين (عليه السلام) قبيل الفجر من ليلة الجمعة ليلة إحدى وعشرين من شهر رمضان سنة أربعين من الهجرة قتيلا بالسيف ، قتله ابن ملجم المرادي (لعنه الله) في مسجد الكوفة وقد خرج (عليه السلام) يوقظ الناس لصلاة الصبح ليلة تسع عشرة من شهر رمضان ، وقد كان ارتصده من أول الليل لذلك ، فلما مر به في المسجد وهو مستخف بأمره , مماكر بإظهار النوم في جملة النيام ، ثار إليه فضربه على أم رأسه بالسيف ـ وكان مسموما ـ فمكث يوم تسعة عشر وليلة عشرين ويومها وليلة إحدى وعشرين إلى نحو الثلث الأول من الليل ، ثم قضى نحبه (عليه السلام) شهيدا ولقي ربه ـ تعالى ـ مظلوما .

وقد كان (عليه السلام) يعلم ذلك قبل أوانه ويخبر به الناس قبل زمانه ، وتولى غسله وتكفينه ابناه الحسن والحسين (عليهما السلام) بأمره ، وحملاه إلى الغري من نجف الكوفة ، فدفناه هناك وعفيا موضع قبره ، بوصية كانت منه إليهما في ذلك ، لما كان يعلمه (عليه السلام) من دولة بني أمية من بعده ، واعتقادهم في عداوته ، وما ينتهون إليه بسوء النيات فيه من قبيح الفعال والمقال بما تمكنوا من ذلك ، فلم يزل قبره (عليه السلام) مخفي حتى دل عليه الإمام الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام) في أيام الدولة العباسية (6).

 
ما بعد الشهادة:

عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : (( لما قبض أمير المؤمنين (عليه السلام) قام الحسن ابن علي (عليه السلام) في مسجد الكوفة فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ثم قال : أيها الناس إنه قد قبض في هذه الليلة رجل ما سبقه الأولون ولا يدركه الآخرون ، إنه كان صاحب راية رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، عن يمينه جبرئيل وعن يساره ميكائيل ، لا ينثني حتى يفتح الله له , والله ما ترك بيضاء ولا حمراء إلا سبعمائة درهم فضلت عن عطائه ، أراد أن يشترى بها خادما لأهله , والله لقد قبض في الليلة التي فيها قبض وصى موسى يوشع بن نون والليلة التي عرج فيها بعيسى بن مريم ، والليلة التي نزل فيها القرآن )).

 
السماء والأرض تبكي على المؤمن:

عن ابن عباس قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : (( إن السماء والأرض لتبكي على المؤمن إذا مات أربعين صباحا وإنها لتبكى على العالم إذا مات أربعين شهرا وإن السماء والأرض ليبكيان على الرسول أربعين سنة وإن السماء والأرض ليبكيان عليك يا علي إذا قتلت أربعين سنة )) .

عن الصادق (عليه السلام) : (( إنه لما قبض أمير المؤمنين لم يرفع من وجه الأرض حجر إلا وجد تحته دم عبيط )) .

عن السري بن يحيى : عن ابن شهاب قال : قدمت دمشق وأنا أريد الغزو ، فأتيت عبد الملك لأسلم عليه ، فوجدته في قبة على فرش يفوق النائم والناس تحته سماطان فسلمت عليه وجلست ، فقال : يا ابن شهاب أتعلم ما كان في بيت المقدس صباح قتل علي بن أبي طالب (عليه السلام) ؟ قلت : نعم . قال : هلم . فقمت من وراء الناس حتى أتيت خلف القبة ، وحول وجهه فأحنى على وقال : ما كان ؟ فقلت : لم يرفع حجر في بيت المقدس إلا وجد تحته دم ! ! ! قال : فقال : لم يبق أحد يعلم هذا غيري وغيرك فلا يسمعن منك . قال : فما تحدثت به حتى توفى عبد الملك(7).

مصاب رمى ركن الهدى فتصدعا        * * *  ونادى به ناعي السماء فأسمعا
وضجت له الأملاك في ملكوتها     * * *    وأوشك عرش الله أن يتضعضعا
ومن يك أعلى الناس شأنا ومفخرا  * * *  يكن رزئه في الناس أدهى وأفضعا
فيا ناشد الإسلام قوض رحله         * * *     وصاح به داعي النفير فجعجعا
وأصبح كالذود الظماء بقفرة         * * *   من الدهر لم تعهد بها الدهر مربعا
فأعظم بها من طخية قد تغلقت      * * *  وغبت على الإسلام سوداء زعزعا
أطلت على الآفاق تدوي كأنها        * * *         عباب طغى أذيمه متدفعا
وان قتيلا شيد الدين سيفه        * * *       جدير عليه الدين أن يتصدعا(8)
 

ــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) كنز العمال / المتقي الهندي / ج 11 / ص 617 .

(2) الأنوار العلوية / الشيخ جعفر النقدي / ص 400 .

(3) نهج السعادة / الشيخ المحمودي/ ج 7 / ص 97.

(4) نفس المصدر / ص 100.

(5) نهج السعادة / الشيخ المحمودي / ج 7 / ص 110 - 113.

(6) الإرشاد / الشيخ المفيد / ج 1 / ص 10 ـ 11 .

(7) موسوعة شهادة المعصومين (عليهما السلام) / لجنة الحديث في معهد باقر العلوم (عليه السلام) / ج 1 / ص 387 ـ 388.

(8) الأنوار العلوية / الشيخ جعفر النقدي / ص 395 , قصيدة للحاج محمد رضا الآزري (رحمه الله تعالى).

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

فاطمة الزهراء عليها السلام علة غائيّة
الامويون والحسين عليه السلام
حاجة نظام الخلق إلى خليفة الله‏
لا يضحي الإمام بالعدالة للمصلحة
ملامح عقيلة الهاشميّين السيّدة زينب الكبرى *
يوم الخروج وكيفيته
الجزع على الإمام الحسين (عليه السّلام)
الدفاعٌ عن النبیّ صلى الله علیه وآله وسلم
أهل البيت النور المطلق
حديث الغدير ودلالته على ولاية أمير المؤمنين (ع)

 
user comment