لم يذكر اسمه في القرآن بالنصّ :
السؤال : الإمام علي (عليه السلام) ذكر في القرآن كثيراً ، ولكن لماذا لم يذكر بالاسم؟
الجواب : يتّضح الجواب من خلال أُمور :
أوّلاً : نزل القرآن الكريم على خطاب " إيّاك أعني واسمعي يا جارة " ، أي على الاستعمال المجازي والكنائي ، فإنّ الكناية أبلغ من التصريح ، فذكر أمير المؤمنين علي (عليه السلام) وكذلك الأئمّة (عليهم السلام) من بعده كناية ومجازاً .
ثانياً : من ثقافة القرآن الكريم أنّه يبيّن القوانين العامّة كما هو متعارف في كتب الدستور لكلّ دولة ، إلاّ أنّه يلحق به التنويهات ، والمواد الأُخرى تفسّر الكلّيات في الدستور ، فالقرآن يبيّن الأصل الكلّي للإمامة ، وأنّ الأئمّة على قسمين : أئمّة ضلال ، وأئمّة هدى يهدون بأمر الله .
ثمّ يبيّن صفاتهم بالكناية والمجاز ، كما في آية إكمال الدين ، والتطهير ، والإطاعة ، والولاية ، وأن الولي من أعطى الزكاة في صلاته ـ أي تصدّق بالخاتم ـ ولم يكن ذلك إلاّ الإمام علي (عليه السلام) ، كما نقل ذلك المفسّرون من السنّة والشيعة .
فالقرآن الكريم يتكلّم بنحو عام ، والسنّة الشريفة هي التي تبيّن المصاديق والجزئيات ، فالقرآن يقول : { أَقِمِ الصَّلاَةَ } (1) ، والسنّة تقول : صلاة الصبح ركعتان ، وهكذا باقي الموارد .
____________
1- طه : 14 .
|
الصفحة 20 |
|
والرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) في روايات كثيرة جدّاً ـ نقلها الموافق والمخالف ـ نصّ على إمامة وخلافة أمير المؤمنين (عليه السلام)، كما في حديث الغدير المتواتر عند الفريقين ، إلاّ أنّ الناس ارتدّوا بعد رسول الله عن الولاية ، ولم ينصروا علياً (عليه السلام) ، واعرضوا عن الأحاديث النبوية التي قالها في شأنه وخلافته .
فلو كان اسمه مذكوراً في القرآن الكريم لأدّى ذلك إلى إنكار القرآن أيضاً ، ويقولوا : إنّ النبيّ ليهجر ـ والعياذ بالله ـ كما قالها البعض في مرض النبيّ (صلى الله عليه وآله) عندما طلب منهم الدواة ، ليكتب لهم كتاباً لن يضلّوا بعده ، وهذا يعني إنكار الدستور الإسلامي ، وإنكار الإسلام كلّه ، وهذا يتنافى مع الحكمة الإلهيّة .
فاقتضت الحكمة أن لا يذكر اسم الإمام علي (عليه السلام) في القرآن صريحاً ، وإنّما يذكر في ترجمانه ، وفي عدل القرآن أي : السنّة الشريفة ، ليؤمن من يؤمن وليكفر من يكفر ، فما ذلك لله بضارّ ، وما أكثر الأحاديث الدالّة على إمامة وخلافة أمير المؤمنين (عليه السلام) من مصادر أهل السنّة .
جاء في الكافي بسندٍ صحيح عن أبي بصير ، قال : سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عزّ وجلّ : { أَطِيعُواْ اللهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ } ؟ (1) .
فقال : " نزلت في علي بن أبي طالب ، والحسن والحسين " .
فقلت له : إنّ الناس يقولون : فما له لم يسمّ عليّاً وأهل بيته (عليهم السلام) في كتاب الله عزّ وجلّ ؟
قال : فقال : " قولوا لهم : إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) نزلت عليه الصلاة ، ولم يسمّ الله لهم ثلاثاً ولا أربعاً ، حتّى كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) هو الذي فسّر ذلك لهم ، ونزلت عليه الزكاة ، ولم يسمّ لهم من كلّ أربعين درهماً درهم ، حتّى كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) هو الذي فسّر ذلك لهم ، ونزل الحجّ فلم يقل لهم : طوفوا
____________
1- النساء : 59 .
|
الصفحة 21 |
|
أسبوعاً ، حتّى كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) هو الذي فسّر ذلك لهم ، ونزلت : { أَطِيعُواْ اللهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ } ـ ونزلت في علي والحسن والحسين ـ فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) في علي : من كنتُ مولاه فعليّ مولاه .
وقال (صلى الله عليه وآله) : أُوصيكم بكتاب الله وأهل بيتي ، فإنّي سألت الله عزّ وجلّ أن لا يفرّق بينهما ، حتّى يوردهما عليّ الحوض ، فأعطاني ذلك وقال : لا تعلّموهم فهم أعلم منكم ، وقال : إنّهم لن يخرجوكم من باب هدى ، ولن يدخلوكم في باب ضلالة ، فلو سكت رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فلم يبيّن مَن أهل بيته لادّعاها آل فلان وآل فلان ، لكنّ الله عزّ وجلّ أنزله في كتابه ، تصديقاً لنبيّه (صلى الله عليه وآله) { إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا } (1) ، فكان علي والحسن والحسين وفاطمة (عليهم السلام) ، فأدخلهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) تحت الكساء في بيت أُمّ سلمة ، ثمّ قال : اللهمّ إنّ لكلّ نبيّ أهلاً وثقلاً ، وهؤلاء أهل بيتي وثقلي ، فقالت أُمّ سلمة : ألست من أهلك ؟ فقال : إنّك إلى خير ، ولكن هؤلاء أهلي وثقلي ... " (2) .
( بابان . عمان . سنّي )