التكفير والتفسيق في تراث ابن تيمية وأتباعه
سماحة السيد كمال الحيدري
سلسلة حلقات من برنامج - مطارحات في العقيدة - على قناة الكوثر الفضائية
31/08/2010
المُقدَّم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله الأمين محمد وآله الطيبين الطاهرين وأصحابه المنتجبين. عظم الله لكم الأجر بذكرى شهادة أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليه، ثم نحييكم أطيب تحية ونلتقيكم في مع حلقة جديدة من برنامج مطارحات في العقيدة، وهذه الحلقة خاصة بمبحث الإمامة، عنوان حلقة الليلة: (التكفير والتفسيق في تراث ابن تيمية وأتباعه) نرحب باسمكم بضيفنا الكريم سماحة آية الله السيد كمال الحيدري، مرحباً بكم سماحة السيد.
سماحة السيد كمال الحيدري: أهلاً ومرحباً بكم.
المُقدَّم: سماحة السيد هل من مقدمة وتمهيد لحلقة هذا اليوم.
سماحة السيد كمال الحيدري: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، وبه نستعين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
في الواقع أتصور أنه من أخطر الظواهر التي تعيشها الأمة الإسلامية في المرحلة المعاصرة والحاضرة عندنا هي ظاهرة التكفير والتفسيق، حيث أننا نجد أن هناك نهجاً عند جملة من العلماء وأتباع أولئك يحاولون أن يتهموا كل من لم يتفق معهم ولو في أي مفردة دينية كانت، حتى لو كانت تلك المفردة من المفردات الثانوية والفرعية ولم تكن من المفردات الأساسية نجد أنه تبدأ الاتهامات بمختلف العناوين، من الكفر والفسق والبدعة والزندقة والشرك ...، ومع الأسف الشديد أن هذا البحث العقدي والبحث الثقافي أخذ يلقي بظلاله على الأبعاد الاجتماعية والسياسية، وأتصور بأنه الآن الإنسان عندما يلقي بنظرة واحدة أو بنظرة متدبرة إلى واقعنا الإسلامي والى المجتمعات الإسلامية يجد أن هذه الظاهرة بدأت تستفحل في الآونة الأخيرة، هذه نقطة.
النقطة الثانية أنه يحاول البعض أن يبين ويلقي إلى الناس أن ظاهرة التكفير إنما هي موجودة في مدرسة أهل البيت عليه أفضل الصلاة والسلام، وأن الآخرين ليسوا كذلك، يعني نظرية أهل السنة والجماعة مدرسة أهل السنة والجماعة بمختلف اتجاهاتهم لا يوجد فيهم من يكفر أحداً من المسلمين، ولكن الشيعة الإمامية الاثنا عشرية هم الذي يكفرون باقي المسلمين ويكررون هذه المقولة التي تتكرر هنا وهناك من غير دقة وتدبر لمضمونها أنه عندما أنهم يقولون بأن من لم يؤمن بالإمامة فقد كفر، فقد أشرك ...
في هذه الليلة أحاول بقدر الإمكان لأنه تعلمون بأن هذا البحث طويل الذيل، في هذه الليلة أريد أن ابين للمشاهد الكريم أن هذا النهج الذي نعيشه في الواقع في حياتنا المعاصرة واقعاً منشأها بدأ من الشيخ ابن تيمية، ظاهرة التكفير بدأت من هناك، لا من غيرهم، وأتباع ابن تيمية الذين يحاولون أن يسوقوا أفكار الشيخ ابن تيمية في عصرنا الحاضر من السلفية المحدثة ومن أتباع محمد بن عبد الوهاب وهذا ما سنبينه إن شاء الله تعالى وإلا بعد ذلك سيتبين أنه لا يوجد هناك إشكال أساسي وصراع حقيقي بين أهل السنة والجماعة وبين أتباع مدرسة أهل البيت، لا هؤلاء يكفرون هؤلاء ولا أولئك يكفرون هؤلاء، وإنما هي نظرية الشيخ ابن تيمية، طبعاً امتداداً للاتجاه الأموي والإسلام الأموي الذي لعله المشاهد الكريم يعلم أننا في مطارحات في العقيدة قبل شهر رمضان بينا أهم معالم هذا الإسلام وهذا النهج الأموي الذي نظّر له واسس له الشيخ ابن تيمية، لذا إن شاء الله تعالى في هذه الليلة بقدر ما يمكن أريد ان أقف عند مسألتين، أولاً موقف الشيخ ابن تيمية من عموم المسلمين، لا يتبادر إلى الذهن أن ابن تيمية وأتباع ابن تيمية عندهم مشكلة مع الشيعة الإمامية الاثني عشرية، نعم عندهم مشكلة ولكن ليست المشكلة مع الشيعة الإمامية الاثني عشرية، بل هناك موقف واضح من ابن تيمية وأتباع ابن تيمية إلى زماننا وسأنقل كلمات أعلام هذه المدرسة وهذا الاتجاه وخصوصاً أعلامهم المعاصرين سوف لا أدخل في التأريخ حتى لا يقال أن هذه قضايا تأريخية، سنأتي إلى كتبهم الأساسية التي طبعت حديثاً وتدرس في جامعاتهم الاكاديمية وفي مدارسهم المتوسطة والابتدائية ويحاولون أن يسوقوا هذا الفكر، وسيتضح هذا لاحقاً.
المُقدَّم: سماحة السيد ماذا يقول ابن تيمية وأتباعه عن الأشاعرة والصوفية والمعتزلة وغيرهم من المذاهب الإسلامية.
سماحة السيد كمال الحيدري: في الواقع أنه يتذكر المشاهد الكريم أنه عندما نقول الأشاعرة كما قال ابن حجر الهيتمي يعني هم أهل السنة والجماعة، وهم الأعم الأغلب وهم جمهور المسلمين كما نعلم، طبعاً هناك اتجاهات فكرية وثقافية وعقدية أخرى موجودة كالمعتزلة والزيدية وغيرهم، ولكنه الشيخ ابن تيمية وأتباعه يضعون يدهم على الأشاعرة والمعتزلة والصوفية وأمثالهم. سأذكر عباراتهم ولن أعلق عليها.
في المقدمة استميح المشاهد عذراً لأن بعض هذه العبارات التي سأقرئها واقعاً لا يستعملها متعلم فضلاً عن عالم فضلاً عمن يقال عنه شيخ الإسلام، انظروا إلى هذه العبارات بلا تعليق مني.
المورد الأول ما ورد في (مجموعة الفتاوى، المجلد3، ج6، ص285) وفي طبعة أخرى (ج6، ص359) لشيخ الإسلام ابن تيمية، أعتنى بها وخرج أحاديثها عامر الجزار وأنور الباز، دار الوفاء، يقول: (ثم إن أقرب هؤلاء الجهمية الأشعرية) في المقدمة أنا أعرف الجهمية حتى يتضح للمشاهد الكريم أنهم عندما يقولون الجهمية يعرف المشاهد من هم الجهمية. في (سير أعلام النبلاء، ج6،ص26) للذهبي، قال: (جهم بن صفوان أبو محرز الراسبي مولاهم السمرقندي الكاتب المتكلم أس الضلالة) إذن عندما يقولون اقترب هذا من الجهمية أو صار جهمياً يعني أس الضلالة (أس الضلالة ورأس الجهمية) إذن عندما يقال جهمية يرادهم نسبة إلى جهم بن صفوان الذي يعدونه أس الضلالات.
انظروا ماذا يقول الشيخ ابن تيمية عن الأشاعرة والمعتزلة، يقول: (ثم أقرب هؤلاء الجهمية الأشعرية يقولون أنه له صفات ... وأما المعتزلة فأنهم ينفون الصفات مطلقاً وهم) المعتزلة (أقرب الناس إلى الصابئين الفلاسفة من الروم) الوصف الأول عندما اختلف مع واحد صار من الصابئين الروم. العنوان الثاني (فهؤلاء كلهم) يعني الأشاعرة والمعتزلة (فهؤلاء كلهم ضلال مكذبون للرسل، ومن رزقه الله معرفة ما جاءت به الرسل) إلى الآن وصفان أولاً الصابئة من الروم والثاني ضلال مكذبون للرسول، إلى أن يقول (ومن رزقه الله معرفة ما جاءت به الرسل وعرف حقيقة مأخذ هؤلاء علم قطعاً أنهم يلحدون في أسمائه وآياته ولهذا كانوا يقولون أن البدع مشتقة من الكفر وأيلة إلى الكفر) إذن هؤلاء أهل البدعة اشتقوا من الكفر ويأولون إلى الكفر، (ويقولون أن المعتزلة) هذا الذي قلت أنه استميح المشاهد عذراً (ويقولون أن المعتزلة مخانيث الفلاسفة والأشعرية مخانيث المعتزلة) لا أعلق بل أترك التعليق للمشاهد الكريم (وكان يحيى بن عمار يقول المعتزلة جهمية الذكور والأشعرية الجهمية الإناث ... لكن مجرد الانتساب إلى الأشعري بدعة) ليعرف أصحاب وجمهور الأشاعرة ماذا يقول عنهم ابن تيمية، ولذا أنا أأسف لأن البعض يحاول أن يصور المعركة بين أهل السنة والجماعة وبين الشيعة الإمامية، لأن هذا ما يحاولون أن يلقوه إلى الأسماع أن الصراع بين أهل السنة والجماعة والشيعة، مع أن الأمر ليس كذلك (لكن مجرد الانتساب إلى الأشعري بدعة وينفتح بذلك أبواب شر) هذا هو النص الأول.
النص الثاني في هذا المحال (محاضرات في العقيدة والدعوة، ج1، ص109) للفوزان، دار العاصمة، وهو عضو اللجنة الدائمة للإفتاء وعضو هيئة كبار العلماء، لا يقول لنا قائل أن هذا في التراث، لا، هذا من المعاصرين. يقول: (منهج أهل السنة والجماعة في الرد على أهل البدع) انظروا من هم أهل البدع (منهجهم في ذلك مبني على الكتاب والسنة وهو المنهج المقنع المفحم حيث يوردون شبه المبتدعة وينقضونها ويستدلون بالكتاب والسنة على وجوب التمسك بالسنن والنهي عن البدع والمحدثات وقد ألفوا المؤلفات الكثيرة في ذلك وردوا في كتب العقائد على الشيعة والخوارج والجهمية والمعتزلة والأشاعرة في مقالاتهم المبتدعة في أصول الإيمان والعقيدة) الشيعة والخوارج والجهمية والمعتزلة والأشاعرة في مقالاتهم، (وألفوا كتباً في الرد على ذلك) من هذه الكتب كتب شيخ الإسلام ابن تيمية وكتب تلميذه ابن القيم وكتب الشيخ محمد بن عبد الوهاب، يعني من هناك هذه هي الكتب التي ألفت للرد على جمهور المسلمين من شيعة ومعتزلة وخوارج وأشاعرة وغيرهم.
المورد الثالث ما ورد في (الدرر السنية في الأجوبة النجدية، ج3، كتاب الأسماء والصفات، ص210) مجموعة رسائل ومسائل علماء نجد الأعلام من عصر الشيخ محمد بن عبد الوهاب إلى عصرنا هذا، جمع عبد الرحمن بن محمد بن قاسم العاصمي النجدي الحنبلي المتوفى 1392هـ، يقول: (وهذه الطائفة التي تنتسب إلى أبي الحسن الأشعري وصفوا رب العالمين بصفات المعدوم والجماد، فلقد أعظموا الفرية على الله وخالفوا أهل الحق من السلف والأئمة وأتباعهم وخالفوا من ينتسبون إليه فإن أبا الحسن الأشعري صرح في كتابه الإبانة والمقالات بإثبات الصفات فهذه الطائفة المنحرفة عن الحق قد تجردت شياطينهم لصد الناس عن سبيل الله) إذن كل علماء الأشاعرة شياطينهم تجردوا لصد الناس عن سبيل الله (فجحدوا) أتباع الأشاعرة (توحيد الله في الإلهية وأجازوا الشرك الذي لا يغفر الله (إن الله لا يغفر أن يشرك به) فجوزوا أن يعبد غيره من دونه وجحدوا توحيد صفاته بالتعطيل فالأئمة من أهل السنة وأتباعهم لهم المصنفات المعروفة في الرد) أيها المسلمون في العالم أيها المتابعون لهذه الحقائق بودي أن ترجعوا إلى كتب هذه المجموعة وهذه الخط خط ونهج ابن تيمية وأتباع ابن تيمية، التفتوا إلى العبارة (فالأئمة من أهل السنة) لأنه يعتقد أنهم هم أهل السنة والجماعة (وأتباعهم لهم المصنفات المعروفة في الرد على هذه الطائفة الكافرة المعاندة) أكرر هذه العبارة (في الرد على هذه الطائفة الكافرة المعاندة) لا الكافرة فنقول أنه اجتهد فأخطأ بل يقول هؤلاء معاندون (كشفوا) يعني أهل السنة (فيها كل شبهة لهم وبينوا فيها الحق الذي دل عليه كتاب الله وسنة رسوله وما عليه سلف الأئمة وأئمتها من كل إمام رواية ودراية) إذن تصريح في هذا الكتاب وهو (الدرر السنية الأجوبة النجدية، ج3، ص210 و211) أن الطائفة التي تنتسب إلى أبي الحسن الأشعري كافرة ومعاندة.
المُقدَّم: معنا الشيخ تركي السليمان من المملكة العربية السعودية، تفضلوا فضيلة الشيخ.
الشيخ تركي: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الشيخ تركي: بسم الله الرحمن الرحيم (قال الملأ من قومه إنا نراك في ضلال مبين) سبحانه الله لم أكن أعلم بأن الاستعادة في الرأي جرماً وموبقاً عظيماً وأن الاجتهاد الأحاديث يكون حرماً مقدساً، يضل ويفسق من يناقشه فضلاً عممن يرتاب فيه، أخواني الأعزاء يا من جرتم علينا أسألكم بالله العلي العظيم ماذا قلنا حتى تهيج حفيظتكم ويسند حلمكم وتذهبون بنا إلى ما ذهبتم إليه من افتراءات باطلة وبهتان مبين، فأخذتم تصفون بأشنع الأوصاف وترموننا بكل ضلالة فهل باتباعكم أنتم بضع وعشرون من السلف الصالح رضي الله عنهم وممن يرون بالحد والتشبيه والتجسيم، يكون هدى وصراطاً مستقيماً واتباعنا نحن من المئات منهم رضي الله عنهم والمخالفين لكم يكون عمى وضلالاً مبين، ما لكم كيف تحكمون، وخصوصاً بعدما تجلى لكم وعبر البحوث للشيخ الجليل بأن أغلب جمهور المسلمين لا يذهب إلى ما تذهبون إليه، والنقطة الثانية لقد تضارب القوم فينا عبر مواقعهم ومنتدياتهم من كل فكر والمحترفة بالاراجيز والسباب والبهتان المبين، بعدما لم يستطيعوا ثنينا عما نحن عليه باقون، فقد فسقنا قوم منهم وهذا أمر نتوقعه من أمثالهم من أصحاب الفكر الأحادي، ولكن ما أدهشنا هو ذهاب البعض من الجاهلين بنا في منتدياتهم البائسة أننا نلعب دور المنتحل لشخصية ليست لنا، كي ندعمكم برأينا، فما أبسط عقولهم التي لا تتناسب وحجم رؤوسهم، أيها البسطاء المساكين عوضاً عن أن يشغلكم الرد علينا والوقوف أمام ما قلناه وما قبلناه من الشيخ الكريم كيف تعالجوا أصل الفتنة حسب وصفكم وتخمدوا نارها، فذهبتم أيها الساذجون البائسون إلى التفقه في معرفة من قال لا ما قال، وأخذتم تحللون كلامنا حرفاً حرفاً، لا لتردوه علينا بل لتشخصونا من نكون، وأنا الفقير لله الطالب للحقيقة وأن تشخيصكم لي لا يقدم ولا يؤخر، ولو كان انتحال الشخصيات يصنع فكراً ويعمر عقلاً ويحق باطلاً ويبطل حقاً لأصبح الممثلون وأهل الفن سادة للعلماء، أفلا تتدبرون قوله تعالى: (أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دونه إن كنتم صادقين) وعليه انتحلوا الأدوار، أيها البسطاء المساكين إن كان في ذلك نجاتكم وهذا هو الشيخ الكريم والعالم الجليل أمامكم يطلب منكم المناظرة والمحاورة والرد عليه ولكن شريطة أن يكون ذلك بالحجج الصحيحة والنهج السليم، وكأني أسمع فيكم قوله تعالى: (ثم نكسوا على رؤوسهم لقد علمت ما هؤلاء) وإن حاورتموه على لوازم الشروط العلمية سيكون منكم كما كان منا، وسيعاب منكم ما عبتهم علينا، وحينها سينهض قوم آخرون غيركم للرد عليكم وللنيل منكم، وسيصنعون بكم ما صنعتم أنتم بنا وسيلبسون ثوباً طالما البستموه مخالفيكم وهكذا دواليك. وهذا يؤكد أصل المشكلة بأن القضية ليست الاختلاف في الاجتهاد بل أن القضية هي الاجتهاد في الخلاف، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المُقدَّم: شكراً لفضيلة الشيخ تركي، لقد قال في الواقع قول الحق، وجادل بما هو الحق ودعاهم إلى كلمة سواء، هؤلاء الذين لا زال هذا المنهج قائم فيهم وهو منهج الاجتهاد في الخلاف.
سماحة السيد كمال الحيدري: الله يعلم أنا لا أريد أن أكيل له المدح لأنه قد يقال ما قيل في المواقع كما يقول جناب الشيخ، ولكن أقول كلمة واحدة وهي أنه بمجرد أن يأتي شخص ويخالفهم في الرأي حتى لو كان منهم وحتى لو كانوا يعرفونه حق المعرفة أنه من العلماء ومن أهل العلم بينهم مباشرة بمجرد أن يختلف معهم يكيلون.
المُقدَّم: تنكروا له أصلاً.
سماحة السيد كمال الحيدري: لا فقط يتنكرون، يا ليت فقط يتنكرون، كما قلت أن النهج قائم على هذا، إما أن تقبل بكل ما يقول الشيخ ابن تيمية، هؤلاء كلهم لا يوجد فيهم مجتهد واحد، الحقائق والمسائل يقررها الشيخ شيخ الإسلام عندهم ابن تيمية ثم بعد كل من يأتي إنما يدور في فلك ودائرة ومحيط شيخ الإسلام ابن تيمية لا يخرجون عنها، ومن يخرج عنها ولو بنحو الاحتمال لا بنحو النقد والرد تجدون بأنه يكال، لا إلى الشيعة الإمامية والأشاعرة، بل إلى من هو منهم وبتعبير الشيخ هو أنه بالأمس كان ملاذاً لهم في التوحيد والآن لابد أن يستجدي التوحيد منهم، وهذا الذي أنا قلته في مقدمة بحثي أن القضية قضية خطيرة جداً وهي مشكلة العصر في العالم الإسلامي، طبعاً لا فيما بين المسلمين أنفسهم، حتى بين المسلمين وبين الآخر، لأننا نعيش عصر العولمة بكل أبعادها من الثقافية والفكرية والآن دعوات واضحة لحوارات الحضارات لا لحوار المذاهب والأديان فقط.
هذا الذي قلناه كما أشرت قلنا بأنه هذا هو النهج الذي أشار إليه وشهد شاهد من أهلها.
الشاهد الأخير يعني موقف النهج الأموي ونهج ابن تيمية ومن قلده إلى زماننا الحاضر، (سلسلة الأحاديث الصحيحة، ج6، القسم الأول، ص676) للعلامة الألباني، قال: (الذي يشغلني عنه في كثير من الأحيان ردود تنشر في رسائل وكتب ومجلات من بعض أعداء السنة) شيخنا الجليل أيها الألباني من هم أعداء السنة (من المتمذهبة والأشاعرة والمتصوفة) إذن أضاف إليهم، سابقاً كان الأشاعرة والمعتزلة والخوارج، الآن اضيف إليهم المتصوفة، ونحن نعلم أن المتصوفة هم عشرات الملايين في العالم الإسلامي إن لم أقل مئات الملايين، وكثير منهم من أهل السنة والجماعة وليسوا من أتباع الشيعة الإمامية الاثني عشرية، ولكن لأنهم لم يتفقوا مع مباني الشيخ ابن تيمية فصاروا أعداء السنة، أخرجوهم عن النهج القويم والصراط المستقيم وصاروا أهل بدعة وأعداء للسنة، هذا هو المنطق الذي رأيناه بشكل واضح وصريح.
المُقدَّم: ما هو موقف الشيخ ابن تيمية وأتباعه من الشيعة الإمامية.
سماحة السيد كمال الحيدري: فيما يتعلق بالشيخ ابن تيمية وأتباعه وخصوصاً المعاصرين منهم، واقعاً القائمة طويلة جداً وأحاول أن أختصر بقدر ما يمكنني.
المورد الأول ما ورد في (منهاج السنة في نقض كلام الشيعة القدرية، ج2، ص501) وفي الطبعة القديمة (ج3، ص459) لابن تيمية، تحقيق محمد رشاد سالم، هذه الكلمات هي التي رتب عليها جملة من الأكاديميين والباحثين اعتبروا ما يقوله الشيخ ابن تيمية من المسلمات من غير بحث وتدقيق، أنظروا ماذا يقول هذا الشيخ الذي يدعي التحقيق والمتابعة، يقول: (وأشهر الناس بالردة خصوم أبي بكر الصديق) كما يقول (وأتباعه كمسيلمة الكذاب وأتباعه وغيرهم وهؤلاء) يعني المرتدون كمسيلمة وأتباع مسيلمة (وهؤلاء تتولاهم الرافضة) إذن الرافضية لا يتولون رسول الله.
المُقدَّم: وأهل البيت.
سماحة السيد كمال الحيدري: لا، الآن أتركوا أهل البيت، هؤلاء يقولون أن هؤلاء ليسوا شيعة أهل البيت، (لا يتولون رسول الله) يعني غير مسلمين (وهؤلاء تتولاهم الرافضة) والعجيب انظروا إلى الأمانة العلمية أيها المحقق والباحث (كما ذكر ذلك غير واحد من شيوخهم) عجيب شيوخ الشيعة الإمامية قالوا أننا لا نتولى رسول الله وإنما نتولى مسيلمة الكذاب، وهذا يؤخذ مع الأسف الشديد الآن في بعض الكتابات كأصول مسلمة لأن شيخ الإسلام قال هذا. (ومثل هذا الإمامي) يعني المطهر الحلي.
إذن هذه العبارة واضحة يقول أن الرافضية جميعاً لا يتولون رسول الله وإنما يتولون أمثال مسيلمة الكذاب وأتباع مسيلمة الكذاب هذا المورد الأول.
المورد الثاني ما ورد في (الدرر السنية في الأجوية النجدية، ج8، ص437) المشاهد الكريم بودي أنه يلتفت إلى السؤال حتى يتضح ماذا، يقول: (سُئل أيضاً الشيخ محمد بن عبد اللطيف رجلان تنازعا في السلام على الرافضة والمبتدعين ومن ضاهاهم من المشركين) إذن نحن في عداد المشركين (وفي مواكلتهم ومجالستهم فقال أحدهما: جائز وقال الآخر لا يجوز) اختلفوا فيسألون هذا العالم، يقول: (أما بعد فقد سألني من لا تسع مخالفته ... فالواجب على من أحب نجاة نفسه وسلامة دينه أن يعادي من أمره الله ورسوله بعداوته) يعني الشيعة (ولو كان أقرب قريب فإن الإيمان لا يستقيم إلا بذلك) بينكم وبين الله هل توجد دعوى أوضح من هذه الدعوة للكراهية والتباغض بين المسلمين (حتى لو كان أقرب قريب) لابد أن تعاديه لأنه من أهم المهمات وأكد الواجبات، هذا الذي قلته قبل قليل أن الاختلاف العقدي أو الفكري أو الديني أدى إلى نتائج اجتماعية وأدى إلى نتائج في القتل وغيره، التفتوا جيداً هؤلاء الذين يخرجون على بعض المواقع ويقولون ندعو إلى التقريب والوحدة والتوافق الاجتماعي وإن اختلفنا وهذا هو الصحيح، هذه هي الدعوات الصحيحة، ولكن هذا إلى الآن موجود في هذه الكتاب، وهذا الكتاب هو الطبعة السابعة 1425هـ، نشروا هذا التراث في كل العالم الإسلامي. (إذا عرفت هذا فمواكلة الرافضي والانبساط معه وتقديمه في المجالس والسلام عليه لا يجوز لأنه موالاة وموادة والله تعالى قد قطع الموالاة بين المسلمين والمشركين) هذا لا يستطيع أن يقول أحد أن هذا هو الشرك الخفي، لا، يتهموننا بالشرك الجلي، يعني أن الآية المباركة عندما نقرأها مرتبطة بمشركي مكة يعني المشركين ظاهراً وهو يقول أن آيات نزلت ومن مصاديقها الشيعة الإمامية. (لقوله: (لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين) والآيات في المعنى كثيرة كما تقدم ... ولا يجوز السلام عليهم لأن السلام تحية أهل الإسلام بينهم لا أهل البدعة والمجاهرين بالمعاصي) هذا ما ذكره المعاصرين في مجموعة رسائل ومسائل علماء نجد الأعلام من عصر الشيخ محمد بن عبد الوهاب إلى عصرنا، عين الـ 150 سنة الأخيرة.
وممن أشار في مورد آخر في (الدرر السنية، ج15، ص463) يقول: (ونسوا دينهم الصحيح المقرر فعميت البصائر واستحكمت غربة الدين وعمت الفتن وانتشرت حتى اجتمع الصالح والفاسق بالعابد واختلط الحابل بالنابل وخالط المسلمون الكفار والمشركين والرافضة والملحدين) الشيعة الإمامية هؤلاء الذين يشهدون أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمد رسول الله ومئات الآلاف بل ملايين يأتون إلى بيت الله ويحجون هؤلاء في عداد الكفار والمشركين والملحدين. هذا هو المورد الثالث.
واقعاً قد يقول البعض أن هذه فتاوى نظرية ولكن بعضها فيها أبعاد عملية ومن أخطرها ما ورد عن ابن باز في كتاب (فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، ج2، ص377) جمع وترتيب أحمد بن عبد الرزاق الدويش، وأنا أتذكر أن بعض الفضلاء والشيوخ الكرام قالوا لا تنقلوا إلا من مصادرنا المعتبرة والرسمية، ويا ليتهم عندما ينقلون من مصادرنا ينقلون من مصادرنا الأساسية والرسمية لا أن يذهبوا إلى أي شخص، نحترم الجميع ولكن كل أحد يمثل مدرسة أهل البيت، انظروا ماذا يقولون. بودي أن المشاهد الكريم يلتفت ومع ذلك يخرج قائلهم ويقول ندعو إلى التقريب ونحن لا نكفر أحداً بل أنتم من يكفر المسلمين. السؤال (هل طريقة الشيعة الإمامية من الإسلام ومن الذي اخترعها لأنهم أي الشيعة ينسبون مذهبهم لسيدنا علي كرم الله وجهه وإذا لم يكن مذهب الشيعة من الإسلام ما الخلاف بينهم وبين الإسلام. الجواب: مذهب الشيعة الإمامية مذهب مبتدع) كله مبتدع، لا أنه فيه بعض البدع بل كله بدعة (مبتدع في الإسلام أصوله وفروعه) التوقيع من عبد الله بن غديان وعبد الرزاق عفيفي وعبد العزيز بن عبد الله بن باز. معنى هذا أن ابن باز يعتقد أن بينه وبين النصارى وبين اليهود توجد مشتركات، بينه وبين من يعتقد بوجود الله توجد مشتركات، ولكن بينه وبين الشيعة الإمامية لا يوجد أي مشترك لا أصول ولا فروع، لأنه من أصولنا التوحيد، يقول أن هؤلاء لا توحيد لهم، من أصولنا النبوة يقول أن هؤلاء لا نبوة لهم، المعاد الصلاة الصوم يقول هذا كل كذب وهي بدعة. هذا نظر الآخرين إلينا، ثم مع الأسف الشديد نسمع من البعض أن الشيعة يكفرون الجميع، انظروا إلى كلماتهم ماذا رتبوا على هذه الحقيقة. افترضوا قد يقول قائل أن هذا الاختلاف اختلاف نظري، التفتوا جيداً إلى السؤال الثاني هو (ما حكم عوام الروافض الإمامية) عموم الناس (الإثني عشرية وهل هناك فرق بين علماء أي فرقة من الفرق الخارجة عن الملة وبين أتباعها من حيث التكفير أو التفسيق) يعني أنتم كفرتم علماء الشيعة أيضاً تكفرون عموم الناس، طبعاً بعد ذلك سيتضح للمشاهد الكريم نحن لا نكفر، واقعاً نحن إذا كفرنا أحد نقول أن هذا لمن علم أما لعموم الناس يعني الجاهل العادي القاصر فهو ليس مسئولاً، يقول: ( من شايع من العوام إماماً من أئمة الكفر والضلال) باعتبار أن أئمتنا أئمة كفر وضلال، ولا أقول أنه يقصد أهل البيت ولكن علمائنا ومراجعنا (من شايع من العوام إماماً من أئمة الكفر والضلال وانتصر لسادتهم وكبرائهم بغياً وعدواً حكم له بحكمهم كفراً وفسقاً) ثم يستشهد ويقول (ولأن النبي صلى الله عليه وآله قاتل رؤساء المشركين وأتباعهم) يعني أنتم إذا أردتم أن تقاتلوا هؤلاء لا يكفي أن تذبحوا العلماء بل لابد أن يذبحوا العوام، هذا الذي قلت أنه لا تقف القضية في البعد النظري (قاتل رؤساء المشركين وأتباعهم وكذلك فعل أصحابه ولم يفرقوا بين السادة والأتباع) يعني ونحن تابعون للسلف الصالح كما يعتقد هو فلابد أن لا نفرق بين السادة والأتباع.
المُقدَّم: الآن بعد أن اتضح موقف ابن تيمية وأتباعه من المسلمين عموماً ومن الشيعة خصوصاً.
سماحة السيد كمال الحيدري: ولكنه أنا إنما فصلت أحدهما عن الآخر لأبين بأنه أساساً أن هؤلاء لا يفرقون بين الشيعة وغيرهم من المسلمين، يعني أن مشكلة هؤلاء ليست مع الشيعة فقط بل مشكلتهم مع جميع المسلمين.
المُقدَّم: ما هو موقف أعلام مدرسة أهل البيت من المسلمين على مختلف مذاهبهم.
سماحة السيد كمال الحيدري: هذه قضية أساسية واقعاً وإن كان الوقت ضيق ولكن استميح المشاهد عذراً.
أنتم تعلمون بأننا نعتبر مسألة الإمامة من المفردات المهمة والأساسية في منظومتنا العقدية، هذا نقوله ونصرح به ونستدل به ونعتقد به وندين الله بهذا الاعتقاد، هذه مسألة واضحة. وأنا أريد أن أضرب مثالاً على هذه القضية، يعني من أنكر الإمامة، هؤلاء ذهبوا إلى قضايا فرعية واتهموا من أنكرها بالكفر والزندقة والارتداد، نحن نريد أن نضرب مثال عند علماء مدرسة أهل البيت بمسألة تعد من أهم مسائلهم العقدية والإيمانية، لننظر بأن علماء مدرسة أهل البيت قديماً وحديثاً، وهنا بودي أن أشير إلى نكتة أنه من أهم خصائص مدرسة أهل البيت أنه لا يوجد واحد يمثل المدرسة كاملةً، في ابن تيمية ابن تيمية يمثلهم والباقي مقلدون، نحن لا توجد عندنا مثل هذه الحالة، نحن بشرطها وشروطها إذا قال الشيخ المفيد رأي نعم علم من أعلامنا نحترم ذلك الرأي، ولكن الشيخ المفيد يبقى علم من أعلام المدرسة لا أنه هو المدرسة، إذا قال الشيخ الجواهري أو السيد الخوئي أو السيد الإمام أي واحداً من هؤلاء الأعلام الكبار الذين يمثلون أساطين مدرسة أهل البيت والأعمدة العلمية لمدرسة أهل البيت، إذا قالوا شيئاً نحترم الرأي ولكن ليس بالضرورة أن يكون هو الممثل لكل المذهب، لأن باب الاجتهاد مفتوح عندنا، ولذا قد يقول الشيخ المفيد وأنا أوافق وقد لا أوافق على ذلك.
ماذا يقول علمائنا في من أنكر الإمامة وجحد الإمامة، ولا أريد أن أدخل في تفاصيل الإنكار والجحود. أنتم تعلمون بأن كثيراً ما يحاولون هنا وهناك يقولون أنكم تكفرون كل من أنكر الإمامة ويستشهدون بكلام الشيخ المفيد في كتابه أوائل المقالات في المذاهب المختارات للعكبري البغدادي الملقب بالشيخ المفيد المتوفى سنة 413هـ، هناك هذه العبارة موجودة قال: (واتفقت الإمامية على أن من أنكر إمامة أحد الأئمة وجحد ما أوجبه الله تعالى من فرض الطاعة فهو كافر ضال) لم يقل مخلد في النار، قال مستحق للخلود، وقد لا يخلد، وأنا أريد أن أدخل في البحث الآخروي، بل أريد أن أبقى في البحث الدنيوي، يعني ما يرتبط بحياتنا الدنيا، لأنه لابد أن نفصل بين البحث الآخروي الذي هو بحث كلامي وبين البحث الدنيوي الذي هو بحث فقهي، لابد أن نميز بين هذين البحثين الذين يقع الخلط فيها. يقولون أن المسلمون جميعاً ينكرون الإمامة والشيخ المفيد يقول (فهو كافر) إذن يكفر جميع المسلمين.
الجواب: في عبارة قبل ذلك في (ص6) يقول: (واتفقت الإمامية والزيدية والخوارج على أن الناكثين والقاسطين من أهل البصرة والشام أجمعين كفار ضلال) إذن يقولون أن الشيخ المفيد حكم على جميع المسلمين، على كل من حارب أمير المؤمنين بأنه كافر.
ولكن أخواني الأعزاء لا ينبغي أن تبعضوا، حفظت شيئاً وغابت عنك أشياء، لابد أن ترجع، هذا العلم وهذا الإمام في مدرسة أهل البيت، هذا العلامة في مدرسة أهل البيت لا يوجد عنده فقط كتاب (أوائل المقالات) عنده كتاب آخر اسمه (الجمل والنصرة لسيدة العترة في حرب البصرة، ص70، رأي الشيعة) للشيخ المفيد، انظروا ماذا يفسر الكفر الذي اشار إليه في أوائل المقالات، ألم يقل في أوائل المقالات بأن من حاربهم فهو كافر. يقول: (وأجمعت الشيعة على الحكم بكفر محاربي أمير المؤمنين عليه السلام) يصرح بكفرهم (ولكنهم) يعني الشيعة (لم يخرجوهم بذلك عن حكم ملة الإسلام) فتبين أنه يتكلم عن كفر غير الكفر الاصطلاحي، يوجد كفر في قبال الإسلام فإذا كان كافراً فليس بمسلم، ولكنه هنا يصرح بأنه عندما أقول هؤلاء كفار ليس مرادي الكفر في مقابل الإسلام، (لم يخرجوهم بذلك عن حكم ملة الإسلام إذ كان كفرهم من طريق التأويل ولم يكن كفرهم كفر تنزيل) وسيفسر ما معناه، يقول: (كفر ملة ولم يكن كفر ردة عن الشرع) هؤلاء ليسوا كفاراً بحسب الشرع، نعم في الآخرة ماذا يعاملون سيأتي بحثه، أعد المشاهد (ولم يكن كفرة ردة عن الشرع مع إقامتهم على الجملة منه) أي من الشرع (وإظهار الشهادتين والاعتصام بذلك عن كفر الردة المخرج عن الإسلام وإن كانوا بكفرهم خارجين عن الإيمان) لأننا نعتقد أن الإمامة من أركان الإيمان عندنا ومن لم يعتقد بها، أنتم الآن من لم يعتقد ببعض مبانيكم، افترضوا مدرسة الأشاعرة، افترضوا مدرسة افترضوا المعتزلة، أنت يا ابن تيمية، من لم يعتقد بمبانيك العقدية تقول أن هذا ليس منا كما قلتم عن الأشاعرة بأنهم خرجوا، هذا ليس إخراج عن الإسلام ولكن أنتم بمجرد أن يختلف معكم شخص تخرجوه عن الملة وعن الإسلام وتقولون أنه كافر ومرتد ومعاند، ولكن نحن لا نقول ذلك، نقول هذا خرج عن مدرستنا عن أتباع مدرسة أهل البيت وإن كان مسلماً تجري عليه جميع أحكام الإسلام في الدنيا. تقول: ماذا تقول سيدنا في الآخرة؟
الجواب: أنه في الأعم في الأغلب المسلمون يذهبون إلى الجنة، إذا صلحت أعمالهم، بعد أن بحثوا عن الحقيقة ولم يصلوا إلى الحق والحقيقة فهم معذورون في ذلك والله سبحانه وتعالى يقول: (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً) حتى نبين فإذا لم تتم الحجة فعلى أي أساس يعذب.
يقول: (وإن كانوا بكفرهم خارجين عن الإيمان مستحقين).
وهذا الكلام الذي قاله الشيخ المفيد من علمائنا المتقدمين الذين دائماً في المواقع والفضائيات يؤكدون على هذه الجملة، مع أنه ينبغي أن نذهب إلى كتب الشيخ المفيد وكيف يفسر الكفر، وأن مراده الكفر الذي هو في قبال الإسلام أو الكفر الذي لا يقابل الإسلام؟ لأن الكفر له معاني متعددة.
ومن أولئك أيضاً من أعلامنا الكبار ومن أساطين الفقه عندنا الشيخ محمد حسن النجفي في كتاب (جواهر الكلام، ج4، ص83) يقول: (إذ هو إما البناء على كفر المخالف) يعني من لم يعتقد بإمامة أهل البيت (وهو معلوم الفساد) يعني أدعاء أن المخالف كافر معلوم الفساد (للأخبار المعتبرة المنجبرة بعمل الأصحاب وبالسيرة القاطعة الدالة على تحقق الإسلام بالشهادتين) لا بثلاثة شهادات، يعني أشهد الله لا إله إلا الله وأشهد أن محمد رسول الله (من قالها فهو مسلم تترتب عليه جميع أحكام الإسلام) وبعد ذلك سأقرأ للمشاهد الكريم، لا نقول ذلك تقية أبداً.
ومن أولئك الذين صرحوا بذلك السيد الإمام الخميني الذي أيضاً مع الأسف الشديد بعض عباراته لم تتضح في الآونة الأخيرة، في كتابه (الطهارة، ج3، ص325، حكم المخالفين) يقول: (إن الإمامة بالمعنى الذي عند الإمامية) يعني العصمة والنص والاثنا عشرية وحياة الإمام الثاني عشر (إن الإمامة بالمعنى الذي عند الإمامية ليست من ضروريات الدين فإنها عبارة) ما هي ضروريات الدين (فإنها عبارة عن أمور واضحة بديهية عند جميع طبقات المسلمين) هذا هو ضروري الدين (ولعله الضرورة عند كثير من المسلمين على خلاف الإمامة) يقول لا فقط أن الإمامة ليست من الضرورة بل لعل الضرورة على خلاف الإمامة فكيف يمكن أن يكون من أنكرها خارج عن الدين، يقول (ولعله الضرورة عند كثير على خلافها فضلاً عن كونها ضرورة، نعم هي من أصول المذهب ومنكرها خارج عنه) عن المذهب (لا عن الإسلام) نعم نحن عندما مشكلة مع من (أما التمثيل بمثل قاتلي الأئمة وناصبيهم فلهم بحث آخر) هؤلاء من النواصب والمعاندين، لا نستطيع أن نقول هذا مثل ذلك.
وأيضاً من العبارات الواضحة الدالة على هذه الحقيقة ما أشار إليه علم من أعلامنا المعاصرين قدس الله نفسه، أستاذ الفقهاء والمجتهدين في كتاب (التنقيح في شرح العروة الوثقى، ج3، ص86) مؤسسة آل البيت، يقول: (إن أهل الخلاف) يعني قد يقول قائل (إن أهل الخلاف منكرون لما ثبت بالضرورة من الدين) قد يقول لنا قائل هؤلاء أنكروا ضروري من ضروريات الدين فيخرجون من الدين، إذا كانت الإمامة أصلاً من أصول الدين وضروري من ضروريات الدين كالصلاة والصوم والحج من أنكرها يخرج عن الدين (من الدين وهو ولاية علي حيث بينها لهم النبي وأمرهم بقبولها ومتابعتها وهم منكرون لولايته وقد مر) في الأبحاث السابقة (إن إنكار الضروري يستلزم الكفر، وهذا الوجه وجيه بالإضافة إلى من علم بذلك وأنكره) يعني جاحد، يعني من تمت عليه الحجة ويعلم أنه، يعني بتعبير القرآن الكريم (شاقوا الرسول من بعد ما تبين لهم) يقول: (ولا يتم بالإضافة جميع أهل الخلاف) هذا الكلام فقط في المعاندين، في النواصب (لأن الضروري من الولاية إنما هي الولاية بمعنى الحب والولاء والمودة) هذا هو الضروري (فمن أبغضهم فقد خرج عن ...) وهذا بإجماع المسلمين ولا يوجد اختلاف فيه، فالضروري هو ليست الإمامة بمعنى العصمة بالمعنى الموجود عند الإمامية، بل الضروري الإمامة بمعنى الحب والولاء وهو المتفق عليه بين جميع المسلمين، قال: (إنما هي الولاية بمعنى الحب والولاء وهم غير منكرين) أهل الخلاف يعني عموم المسلمين (وهم غير منكرين لها بهذا المعنى بل يظهرون حبهم لأهل البيت عليهم السلام) إذا أظهروا الحب فهم موالون فكيف نخرجهم عن الملة (وإما الولاية بمعنى الخلافة) يعني الخلافة السياسية النص والعصمة (فهي ليست بضرورية بوجه وإنما هو وجه النظر) يجتهد فيها المجتهد قد يوافق أحد وقد يخالف آخر، نحن ذهبنا إلى النصوص التي بأيدينا، طبعاً يكون في علم المشاهد الكريم أقول هذا الكلام في زماننا نظري ولكن في صدر الإسلام بحث آخر هل هي نظرية خصوصاً أولئك الذين كانوا يحيطون برسول الله هل كانت أم لا؟ نقول: لا، في ذلك الزمان له حساب، نحن نتكلم في زماننا، (وإنما هي مسألة نظرية وقد فسروها بمعنى الحب والولاء ولو تقليداً وقد أسلفنا أن إنكار الضروري ... وهذا ما لم يتحقق في حق أهل الخلاف لعدم ثبوت الخلافة عندهم بالضرورة لأهل البيت، نعم الولاية بمعنى الخلافة من ضروريات المذهب لا من ضروريات الدين فإنكارها لا يخرج الإنسان من الملة والإسلام).
المُقدَّم: معنا الأخ محمد من الأردن، تفضلوا.
الأخ محمد: السلام عليكم.
المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأخ محمد: نقبل عمامتك الطاهرة الشريفة، شيخنا الكريم منذ أن تحدث الشيخ تركي ونظرنا وسمعنا وشهدنا بأم أعيننا كيف زلزلوا وكيف زلزلت مدرستهم المتذبذبة، مدرستهم الساقطة، التي ليس لها غير التكذيب والتكفير، فكانت مجالسكم العلمية المباركة عبر هذه القناة فظهر من يكذبهم ومنهم الشيخ تركي سليمان وغيرهم المحترمين.
المُقدَّم: الأخ إبراهيم من ليبيا، تفضلوا.
الأخ إبراهيم: السلام عليكم.
المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأخ إبراهيم: أرجو أن يتسع صدركم لي لكي أطرح بعض الأشياء التي تأتي بالخلاف بين السنة والشيعة، أنا من أهل السنة ونحن أهل السنة لا نكره أحد من الشيعة، أنا أدعوا إلى شيء من التسامح بين المسلمين فإذا كانت الفرقة بيننا، فما بالك مع الملل الأخرى كالنصارى واليهود يعني يجب أنه في هذه الآونة، يجب أن يكون التقارب كبير وأن لا يطعن بعضنا ببعض، نقول أن الإمام علي كلنا أهل السنة والشيعة متفقين على أن الإمام علي هو من الأئمة الأطهار ولا أحد يستطيع أن ينكر فضائل الإمام علي في بداية الإسلام إلى شهادته.
المُقدَّم: الأخ أبو عبد الله من السعودية، تفضلوا.
الأخ أبو عبد الله: السلام عليكم.
المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأخ أبو عبد الله: هل هناك من علماء الشيعة من يناظر الشيخ العرعور.
المُقدَّم: الأخ نايف من السعودية، تفضلوا.
الأخ نايف: السلام عليكم.
المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأخ نايف: أنا عندي سؤال، ما هو قول الشيخ في قول اللنكراني وهو عالم كبير شيعي في الأشاعرة، يقول: أنهم أرذل وأنزل من أن يفهموا هذه المعاني. هذا في شرح أصول الكافي، ج3، وايضاً يقول. وكذلك مصطفى الخميني يقول: ولعمري أن هذه الشبهة، طبعاً شبهة التجسيم ربما أوقعت الأشاعرة في ... حتى أصبحوا مشركين، فلماذا الشيخ حفظه الله يذم ابن تيمية على رأيه في الأشاعرة.
سماحة السيد كمال الحيدري: ما تفضلتم به صحيح ولكن لم نخرج أحداً من المسلمين أنتم وجدتم أن علماء التابعين لابن تيمية يقولون كافر معاندون، نحن لا يوجد عندنا في أي كلمة من كلمات علمائنا أننا نقول عن المسلم بأنه كافر بمعنى الخروج عن الإسلام، وأما الكفر فله خمسة معاني في القرآن سيأتي بحثها.
المُقدَّم: الأخ بلال عثمان من الأردن، تفضلوا.
الأخ بلال: السلام عليكم.
المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأخ بلال: بودي أن أتداخل مع الشيخ حول منهج ابن تيمية حول الأشاعرة، من خلال اطلاعي على كتب ابن تيمية ومنها مجموع الفتاوى ومنهاج السنة وأي شيء يتعلق بالأشاعرة هم والماتردية وغيرهم، لا يقول أنهم ينكرون بالضرورة إثبات أو تثبيت شيء بالدين بالضرورة إنكاره، فهو عندما يتكلم عن الفرق الضالة، أو عندما يتكلم عن قضية تحريف القرآن.
المُقدَّم: يعني تقصدون أن الشيخ ابن تيمية لم يتحدث عن عموما لمسلمين وإنما أراد الضلال من الفرق الإسلامية، لا يوجد دليل، هو يصرح ويقول من الأشاعرة.
سماحة السيد كمال الحيدري: هؤلاء إذن خالفوا الشيخ ابن تيمية مع أنهم يقلدون الشيخ ابن تيمية، أنا أتصور عشرات العبارات قرأتها للأخ الكريم وليس فيها أي غموض عندما يتكلمون عن الأشاعرة والمعتزلة والخوارج والجهمية ويضعونها في قائمة واحدة.
هذا كتاب الفوزان هو عضو هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية، يقول: (ونصوص الصفات من المحكم لا من المتشابه يقرأها المسلمون وإنما ينكروها المبتدعة من الجهمية والمعتزلة) لا يقول وبعض الأشاعرة بل يقول (والأشاعرة)، قد تقول أن مقصوده بعضهم، لعل الحق معكم، ولكن أنا أقرأ العبارات (الذين ساروا منهج مشركي قريش الذي يكفرون بالرحمن ويلحدون في أسماء الله، قال تعالى (ولله الأسماء الحسنى) فاثبت لنفسه). وهكذا باقي العلماء. ثم قرأنا العبارة في الدرر السنية قال: أتباع أبي الحسن الأشعري، ولم يقل بعض أتباعه.
المُقدَّم: الأخ أبو السعود من السعودية، تفضلوا.
الأخ السعود: السلام عليكم.
المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأخ السعود: الكتب الآن اتضحت لماذا لا يوجد معتدلي من الأشاعرة، لماذا لا يلخصون هذه الأشياء. يعني يجتمع العلماء.
سماحة السيد كمال الحيدري: من هنا أمد يدي من يقبل هذه الدعوى أننا تعالوا نتفق على أصل وهو أن الأبحاث العقدية والفكرية تكون في المجالات الخاصة والمكانات الخاصة والأروقة العلمية الخاصة ولا تخرجوا إلى العلن أولاً وثانياً حتى لو اختلفنا نحن العلماء فيما بيننا لا ينبغي أن نكفر أحداً من المسلمين. من هنا أدعوا ليل ونهار نقول والله وبالله وتالله نحن لا نقول بتحريف القرآن، أنتم تأتون وتقولون أن الشيعة الإمامية تقول بتحريف القرآن، ولذا نحن واقعاً، أنا أتكلم عن نفسي والمشاهد الكريم يعرف أنا منذ سنوات أخرج على الفضائيات ولم أتكلم عن مسائل الخلاف حتى وجدت أن هناك إسفاف من بعض المتكلمين وإصرار على أن هذا المذهب يوصم بتهم لا واقع لها فلهذا اضطررت من باب الاضطرار أن أقول أن الحقائق ليس كما تقولون.
أما الآن وقد اتضح أن الحقائق هكذا، إذن نجلس ونتكلم وإذا اختلفنا لا ينبغي أن ينعكس هذا الخلاف على الأبعاد الاجتماعية والسياسية ونكفر بعضنا بعضها ونتهم بعضنا بعضاً.
المُقدَّم: نحن أعلنا إسلامكم، اعلنوا إسلام أتباع مدرسة أهل البيت.
سماحة السيد كمال الحيدري: الآن واقعاً فلتكن مؤسساتكم الرسمية، نحن في كتبنا الفقهية ورسائلنا العملية التي هي مورد عمل عموم أتباع شيعة أهل البيت تجد أنهم يقولون صلوا خلفهم وآكلوهم ولكن أنتم تجدون بالعكس هل توجد فتوى واحدة، أنا أسأل الأخ الكريم فتوى واحدة يقولون أنه تجوز الصلاة خلف أحد علماء الشيعة.
المُقدَّم: بل أقبلونا مسلمين وصرحوا بأنا مسلمون.
سماحة السيد كمال الحيدري: نحن لا نستجدي الإسلام من هؤلاء، الله يقبل إسلامنا، ولكن التفتوا جيداً أريد أن أقول مؤسساتكم الرسمية ينبغي أن تلتفت إلى هذه الحقيقة كما نحن في كتبنا العلمية وفي رسائلنا العملية وفي ما هو مرتبط بالناس نتكلم بهذه اللغة الواضحة أنتم أيضاً تكلموا بهذه اللغة الواضحة.
يبقى سؤال واحد وهو أن هؤلاء المسلمين هل لهم فرصة الدخول إلى الجنة، الجواب في جملة واحدة: نعم، ونعم، بشرطها وشروطها، إن شاء الله تعالى في الأسبوع القادم سأقف عند هذه المسألة تفصيلاً.
المُقدَّم: شكراً سماحة آية الله السيد كمال الحيدري، شكراً لكم مشاهدينا الكرام جميعاً، نلتقيكم إن شاء الله تعالى يوم الخميس القادم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.