المهدي(عج) ووسائل التكنولوجيا
العالم بأجمعه تقريباً متفق على ظهور مصلح ومنجد ومهدي ومنقذ في آخر الزمان يملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما مُلئت ظلماً وجوراً، ولكن تتبادر الى الأذهان عدة من الأسئلة، وهي:
كيف يظهر وبأي شكل يحارب؟ وكيف تسمعه كل أذن وتراه كل عين ساعة ظهوره، ويُلبي له من يُلبي وهو في بلاده ولو كان في أقصى الأرض؟ كيف يكون ذلك كله؟ وهل يواجه الامام المهدي(عج) العالم بالتقيّة التي يجدهم عليها أم يبطل كل شيء، ويبتدأ معهم كما كان رسول الله(ص) يحارب بالسيف ويلبس الدرع ويضع الطاس على رأسه وينزل الى ميدان الحرب ويحارب دولة دولة حتى يُخضع جميع من على الأرض له ويكونوا تحت طوعه؟
أهكذا يكون زمن الامام المهدي(عج)؟ أم بالخوارق الكونية؟ أوبالمعجزات الإلهية؟
طبعاً الجواب الأول والأخير ان الله تعالى هو العالم بالكيفية التي يُظهر به حجته على الأرض بآخر الزمان.
ولكن هناك روايات تدلنا بعض الشيء على الحقيقة ولعلها تقربنا من الحقيقة، وهي:
عن الامام علي(ع): أنه قال: " تفرج الفتن برجل منـّا يسومهم خسفاً لا يعطيهم إلاّ السيف، يضع السيف على عاتقه ثمانية أشهر، حتى يقولوا: والله ما هذا من ولد فاطمة، ولو كان من ولدها لرحمنا".[34]
وعن الامام الباقر(ع) أنه قال:
لو يعلم الناس ما يصنع القائم إذا خرج... فلا يأخذ منها إلاّ بالسيف ولا يعطيها إلاّ بالسيف،... الخ.[35]
هل القصد من السيف هنا هي القوة التي يظهر بها الامام(ع)، أو ان من كان في ذلك الزمان لا يفهم آلة أخرى في لغة الحرب إلاّ السيف، أو القصد منه هو السيف الحقيقي أي آلة الحرب التي كان يحارب بها رسول الله(ص)، أو أنّ معنى السيف في هذه الروايات هو معنى مجازي وليس معنى حقيقياً؟
وهناك روايات أخرى كثيرة جداً تبيّن انه يقوم بالسيف لكننا نكتفي بهذا القدر... وروايات أخرى تبيّن ان الناس تراه وتسمعه في كل بلد وفي نفس اللحظة التي يدعو الناس الى نصرة دين الله الحق، وهي تدل على التقنيات العالية في زمن الامام المهدي(عج)، وعلمها عند الله سبحانه فهي إما ان تكون مما علم الله تعالى الانسان ما لم يعلم، أو هي خوارق كونية كالمعاجز والكرامات:
عن الامام الصادق(ع) أنه قال:
أنّ قائمنا إذا قام مدّ الله لشيعتنا في أسماعهم وأبصارهم، حتى لا يكون بينهم وبين القائم بريد يكلمهم فيسمعون وينظرون اليه، وهو في مكانه.[36]
وعنه(ع) أيضاً قال:
انّ المؤمن في زمان القائم وهو بالمشرق ليرى أخاه الذي في المغرب، وكذا الذي في المغرب يرى أخاه الذي في المشرق.[37]
وعن الامام الباقر(ع) أنه قال:
... وتصير اليه شيعته من أطراف الأرض، تطوي لهم طياً حتى يبايعوه.[38]
نكتفي بهذا القدر من الروايات عن أهل البيت:، ونتوقف قليلاً عند هذه الروايات لنتسائل: ألم تكن هذه الروايات قيلت قبل أكثر من ألف سنة، في الوقت الذي لم يكن فيه الانترنيت ولا الفضائيات التي تنقل الخبر مباشرة؟ الحقيقة نحن لا نعلم كيف سيتطور العالم في مستقبل الزمان، ففي كل لحظة العالم في تطور سريع جداً. لماذا لا نتصور ان هذا التطور قد يكون تمهيداً لعولمة الامام المهدي(عج) أو ( العدالة العالمية )، فالله تعالى: (عَلَّمَ الإنسَانَ مَا لَمْ يعْلَمْ) و (عَلَّمَهُ الْبَيانَ)، فكل تطوّر هو راجع في النهاية الى الله تعالى الذي إذا أراد شيئاً هيأ أسبابه.
وقد يهيأ الله تعالى للإمام المهدي(عج) كل وسائل النصر السريعة، وبأحدث التقنيات، بل كل ما يحتاجه الامام في نشر العدل والقسط وبأقصر مدّة، وقد يقتل الامام(عج) الظالمين بالوسائل التي صنعوها هم بأيديهم لقتل المظلومين ويتحقق المثل القائل " من حفر بئراً لأخيه وقع فيه، والعلم في النهاية عند الله، لا علم لنا إلاّ ما علمنا.
مسك الختام
وأخيراً وليس آخراً... كل شيء ممكن عند الله تعالى، فإرادته فوق ارادة مخلوقاته من الجن والانس والملائكة وكل ما خلق في السماء والأرض، فهو الذي قرر وكتب ان يكون الاصلاح على الارض في آخر زمان هذه الدنيا، بعد أن يخربها حزب الشيطان وأعوانهم، وينشروا الرعب والارهاب، وكل أنواع الفساد على الأرض.
واقتضت إرادته أن يكون الاصلاح في آخر الزمان على يد رجل من ولد فاطمة بنت رسول الله(ص) خاتم الانبياء والمرسلين، يصلحها من كل فساد، وينشر العدل بدل الظلم الذي ينتشر فيها بشكل مفرط.
واقتضت إرادة الله تعالى أن يمد في عمر ابن الامام الحسن العسكري الولد الوحيد للإمام الى آخر الزمان، العمر الذي اختلفوا في امكانه وعدم امكانه، والذي ثبت امكانه من جانب علمي وتاريخي وعقيدي.
واقتضت إرادته تعالى ان تكون للحجة القائم غيبتان صغرى وكبرى ثم ظهور عن عمر يناهز الاربعين عاماً كما جاء في الروايات...
كما اقتضت الارادة الإلهية ان تكون للمهدي المنتظر القوة والغلبة والعالمية التي لم يمكـّنها لأي معصوم من الأولين والآخرين من أنبياء ورسل وأئمة، ولأي ولي صالح وقائد مخلص، أوغير مخلص...
المراجع والمصادر
ـ القرآن الكريم
ـ نهج البلاغة
ـ تفسير الميزان / العلامة الطباطبائي
ـ التفسير الكاشف / محمد جواد مغنية
ـ بحار الانوار / المجلسي
ـ المهدي / السيد صدر الدين الصدر.
ـ المستدرك على الصحيحين.
ـ المهدي بين العلم والاديان / علي أكبر بور.
ـ صحيح البخاري / البخاري.
ـ سيرة الرسول وأهل بيته / ج 2 / دار البلاغ
ـ سيرة الائمة الاثني عشر / هاشم معروف الحسني
ـ الامام المهدي في القرآن والسنة / سعيد ابو معاش
ـ معالم الحكومة في عهد الامام المهدي(عج) / شهاب الدين حسيني.
ـ في انتظار الامام / عبد الهادي الفضلي.
ـ أعيان الشيعة / السيد محسن الأمين العاملي.
ـ وسائل الشيعة / الحر العاملي.
ـ عقائد الامامية / الشيخ المظفر.
ـ الحاوي للفتاوي / ج2.
ـ مجلة المقتطف / العدد الثالث.
ـ مجلة اطلاعات النسوية / العدد 311.
البطاقة الشخصية للباحثة
ـ ماجدة سيد حسين آل مرتضى المؤمن
ـ كاتبة وباحثة ومبلغة وخطيبة من مواليد النجف الأشرف عام 1961م جمهورية العراق
ـ شاركت في عدد من المؤتمرات والندوات الاسلامية والثقافية
ـ حاصلة على شهادة ليسانس في الشريعة الاسلامية ( سطح 3) في حوزة قم المقدسة.
ـ وشهادة ليسانس في علم النفس كلية الدراسات الانسانية في لندن.
ـ ولها اهتمام في تاريخ الحضارات والتربية والاسرة، وقد درّست هذه المواد اضافة الى تدريسها مادة التربية وعلم النفس والفقه والاصول لعدة سنين.
ـ لها عدد من الكتب والمؤلفات وعشرات المقالات والبحوث المنشورة
ـ ومن أهم كتبها المطبوعة:
ـ الحج عبر الحضارات والأمم / 288صفحة / طُبع في الجمهورية الاسلامية الايرانية
ـ بنو اسرائيل والحضارة المصرية / 368صفحة/ طُبع في لبنان، بيروت
ـ موسوعة المنبر الحسيني / ثلاثة أجزاء/ كل جزء 522 صفحة طُبع في الجمهورية الاسلامية الايرانية
ـ الأكل والشرب والشفاء من المرض عند النبي والأئمة الأطهار للطبرسي ( تحقيق) 264صفحة / طُبع في الجمهورية الاسلامية الايرانية
ـ وكتب أخرى تحت الطبع في لبنان وايران والعراق
ـ ومن أهم المقالات والبحوث المنشورة:
ـ الاسلام دين الانفتاح والبهجة
ـ متى ستتبدل نظرة الغرب للمرأة
ـ القيمومة سلطة ام مسؤولية شرعية
ـ التفكير والتفكر
ـ التعليم المختلط وأثاره السلبية في المجتمع الاسلامي
ـ الاسلام والتربية القرآنية
ـ الآثار التربوية والنفسية للصلاة
ـ التكييف الجزائي للمجتمعات، والحدود والتعزيرات وأثرهما في تعديل السلوك وبناء المجتمعات.
ـ النوم والأحلام وأثرهما في سلوك الإنسان
ـ المراقبة والمحاسبة وأثرهما التربوي
ـ ومقالات أخرى في التربية وعلم النفس والتاريخ وغير ذلك
ـ وسلسلة من أعلام النساء في صدر الاسلام
ـ ولها كذلك مشاريع علمية وثقافية واسلامية متنوعة
--------------------------------------------------------------------------------