عربي
Monday 6th of May 2024
0
نفر 0

السؤال : أُودّ أن افهم مدى الغلوّ في الإمام علي ، وكيف أنّ الإمام علي روح من الرسول (صلى الله عليه وآله) ؟

لا غلوّ في حبّه :

السؤال : أُودّ أن افهم مدى الغلوّ في الإمام علي ، وكيف أنّ الإمام علي روح من الرسول (صلى الله عليه وآله) ؟ وكيف أنّ الإمام علي (عليه السلام) قال : " أنا عبد من عبيد الرسول " .

الجواب : نودّ إعلامك أنّ الغلوّ بمعنى تجاوز الشيء حدّه ، لذا نهي عن الغلوّ في قوله تعالى : { قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ } (1) لأنّ النصارى قالوا : إنّ المسيح ابن الله ، وهذا غلوّ في حقّ عيسى كونه ابن الله ، تعالى الله عن ذلك علوّاً كبيراً .

ثمّ إذا كان قصدك من الغلوّ في الإمام علي (عليه السلام) هو الحبّ الذي يكنّه الشيعة له فهذا لا يعدّ غلوّاً ، فإنّ الشيعة قد تبعت بذلك الله تعالى ورسوله ، ولم تتجاوز ذلك أبداً ، ففي حديث الراية ، كما عن سلمة بن الأكوع قال : ( كان علي (عليه السلام) تخلّف عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) في خيبر ، وكان به رمد ... فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : " لأعطين الراية ـ أو قال ـ ليأخذن الراية غداً رجلاً يحبّه الله ورسوله ـ أو قال ـ يحبّ الله ورسوله ، يفتح الله عليه " ، فإذا نحن بعليٍ ، وما نرجوه ، فقالوا : هذا علي ، فأعطاه رسول الله (صلى الله عليه وآله) ففتح الله عليه ) (2) .

____________

1- المائدة : 77 .

2- صحيح البخاريّ 4 / 12 .


الصفحة 42


وروى الحاكم في المستدرك عن عوف بن أبي عثمان النهدي قال : ( قال رجل لسلمان : ما أشدّ حبّك لعلي ! قال : سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول : " من أحبّ علياً فقد أحبّني ، ومن أبغض علياً فقد أبغضني " ) (1) .

وهكذا ورد في علي بن أبي طالب كلّ خير ، وفي موالاته كلّ نجاة ، فهل حبّه الذي فرضه النبيّ (صلى الله عليه وآله) علينا يعدّ غلوّاً وتجاوزاً ؟! أعيذك بالله أن تجعل ما فعله النبيّ (صلى الله عليه وآله) غلوّاً وغير الحقّ ، وهكذا هو تعاملنا مع الإمام علي (عليه السلام) ، لا يتجاوز ما أمرنا النبيّ (صلى الله عليه وآله) في حبّه وولايته .

وفي قوله تعالى : { وَمَن يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغَالِبُونَ } (2) قال الحاكم الحسكاني : " ... عن مقاتل عن الضحاك ، عن ابن عباس : { وَمَن يَتَوَلَّ اللهَ } يعني يحبّ الله ، { وَرَسُولَهُ } يعني محمّداً ، { وَالَّذِينَ آمَنُواْ } يعني ويحبّ علي بن أبي طالب ، { فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغَالِبُونَ } يعني شيعة الله ، وشيعة محمّد ، وشيعة علي هم الغالبون ، يعني العالون على جميع العباد ، الظاهرون على المخالفين لهم .

قال ابن عباس : فبدأ الله في هذه الآية بنفسه ، ثمّ ثنّى بمحمّد ، ثمّ ثلّث بعلي ، ثمّ قال : فلمّا نزلت هذه الآية ، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : " رحم الله علياً ، اللهم أدر الحقّ معه حيث دار " .

قال ابن مؤمن ( وهو الشيرازي من علماء أهل السنّة ) : لا خلاف بين المفسّرين أنّ هذه الآية نزلت في أمير المؤمنين علي " (3) .

فإذا كان الأمر في علي (عليه السلام) هكذا ، فهل هذا غلوّ ؟ وهل تقول الشيعة غير هذا في علي (عليه السلام) ؟ فهذه مرويّات أهل السنّة ، تؤكّد ما تذهب إليه الشيعة ، وما تعتقده في علي ، فهل هذا يعدّ غلوّاً فيه ؟!

____________

1- المستدرك 3 / 130 .

2- المائدة : 56 .

3- شواهد التنزيل 1 / 246 .


الصفحة 43


وما ذكرته من السؤال : كيف أنّ الإمام علي روح من الرسول ؟ فإنّا نؤكّد أنّ المقصود من الروح في سؤالك تعني قبل الخلقة ، وما بعد الخلقة .

أمّا قبل الخلقة ، فإنّ حديث النورانية يؤكّد أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) وعلي بن أبي طالب كانا نوراً واحداً ، فلمّا خلق الله آدم ، قسّم ذلك النور إلى جزئين ، فجزء رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وجزء علي بن أبي طالب، وهذا الحديث نقله علماء أهل السنّة، كما نقله الشيعة .

فقد روى ابن عساكر عن سلمان ، عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) قال : " كنت أنا وعلي نوراً بين يدي الله مطيعاً يسبّح الله ذلك النور ويقدّسه قبل أن يخلق آدم بأربعة عشر ألف عام " (1) .

هذا بعض ما رواه علماء أهل السنّة في أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) وعلي كانا نوراً واحداً ، ثمّ قسّم إلى نورين ، أحدهما النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، والآخر علي (عليه السلام) ، ممّا يعني أنّهما روح واحدة في أصل خلقتهما ، وهي ما تعنيه أحاديث النور الواحد الآنفة الذكر .

أمّا بعد الخلقة فإنّ القرآن قد نصّ على ذلك في قوله تعالى : { فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ } (2) .

فقد نقل السيوطيّ في تفسيره ، ما أخرجه ابن مردويه ، وأبو نعيم في الدلائل ، عن جابر أنّه قال : { أَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ } رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعلي ، { أَبْنَاءنَا } الحسن والحسين ، { وَنِسَاءنَا } فاطمة (3) .

والخطاب كان موجّهاً من النبيّ (صلى الله عليه وآله) للنصارى بقوله : ندعو أبناءنا ـ وهما الحسن والحسين ـ وأبناءكم ، وندعو نساءنا ـ وهي فاطمة ـ ونساءكم ، وندعو أنفسنا ، يعني نفس النبيّ ، الذي هو علي (عليه السلام) ، لأنّ الضمير " نا " ، وهو

____________

1- تاريخ مدينة دمشق 42 / 67 .

2- آل عمران : 61 .

3- الدرّ المنثور 2 / 39 .


الصفحة 44


ضمير المتكلّم يرجع إلى علي (عليه السلام) ، فعلي نفس النبيّ بمقتضى سياق الآية .

وقد ذكر ابن ماجة في سننه عن أبي إسحاق ، عن حبشي بن جنادة قال : سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول : " علي منّي وأنا منه ، ولا يؤدّي عنّي إلاّ علي " (1) .

وروى الترمذيّ في سننه أيضاً نفس لفظ الحديث ، إلاّ أنّه زاد : " ولا يؤدّي عنّي إلاّ أنا أو علي " (2) .

وقوله (صلى الله عليه وآله) : " علي منّي وأنا منه " يعني : أنّ " من " التي تفيد التبعيض تؤكّد أنّ علياً من النبيّ ـ أي امتداد له ـ وهو نفسه ، وليس في ذلك دعوى تدعيها الشيعة دون ما تستند إلى نصوصٍ صريحة صحيحة .

على أنّ كلامنا هذا يؤكّده أبو بكر في حقّ علي (عليه السلام) ومنزلته ، فقد أورد القندوزيّ ما رواه ابن السمّاك : إنّ أبا بكر قال لعلي : سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول : " لا يجوز أحد على الصراط إلاّ من كتب له علي الجواز " (3) .

أمّا قولك : إنّ علياً (عليه السلام) قال : " أنا عبد من عبيد محمّد " (4) ، فهذا لا ينافي عبودية علي (عليه السلام) لله تعالى ، فعلي عبد لله ، ورسول الله عبد لله ، ومعنى قوله : " أنا عبد من عبيد محمّد " ، يعني : أنا تابع من أتباعه ، ومطيع له ، وهو بمعنى قولك : إنّ زيد عبد لعمرو ، أي إنّ عمرو له حقّ الطاعة على زيد ، ولا يعني أن تريد يعبد عمرو ، فالعبد هنا تابع لسيّده ، ومطيع له ، وهذا منتهى إخلاص عليٍ للنبيّ ، فهو يقرّ له بالطاعة والاتباع ، وليس كما تتصوّر أنّ ذلك يعني العبودية المطلقة ، فالعبودية المطلقة لله تعالى وحده ، لا يشاركه فيها أحد ، ومن قال خلاف ذلك فهو كافر مشرك .

____________

1- سنن ابن ماجة 1 / 44 .

2- الجامع الكبير 5 / 300 .

3- ينابيع المودّة 2 / 404 .

4- الكافيّ 1 / 90 .


الصفحة 45


وبذلك فقد اتّضح ما أُشكل لديك .

( منعم جعفر . البحرين . ... )

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

أسئلة و أجوبة حول زکاة الفطرة
مااسم الدعاء الذي ذكر فيه اسم الحق المبارك ألف ...
ما رأیکم الطیب بما ذکره الشیخ مرتضى الانصاری ...
السؤال : هل يدخلون الجنّة أهل السنّة ?
دلیل البداء
من هي سكينة بنت الحسين ؟ وممن تزوجت ؟ وهل أنجبت ؟ ...
السؤال : لماذا يعتبر المسلمون بأنّ الكلب نجس حين ...
السؤال : ما الأدلّة على عصمة أهل البيت (عليهم ...
السؤال : هل كانت الشيعة في زمن الرسول ؟ وما رأي ...
السؤال: إنّ أبا بكر لم يؤذن لحضور جنازة فاطمة ...

 
user comment