عربي
Thursday 21st of November 2024
0
نفر 0

الدين حلاّل المشكلات والأزمات

إن الطريق الأصيل لحل مشكلات وأزمات العولمة الثقافية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية يكمن في الحضور الفاعل والواسع لـ (الدين) في الساحة الدولية. إن حكومة الإمام المهدي عليه السلام  العالمية أفضل انتخاب لتنمية وازدهار (الدين)، وإن مكارم الأخلاق والفضائل الإنسانية والمساواة واحترام حقوق الإنسان  وحمايتها ستنتشر وتشيع في ظل هذه الحكومة.

يقول كاتب مقال (العولمة في المنظار الديني): يجب أن ننظر إلى الدين كطريقة متكاملة للحياة والتي لها جذور في الإيمان بالله سبحانه وتطرح نفسها كنظام عملي أخلاقي على مستوى الأفراد والمجتمع. إن العدالة، المودّة، الرحمة والقيم المحترمة لدى الأديان كافة يجب أن تهدي إلى هذه الطريقة في الحياة. وبما أن هذه القيم عالمية، فعلى الدين ـ كقناة رابطة ـ أن ينقل هذه القيم ويبلّغها بطريقة عالمية وشاملة حقيقية وتطبيقها في المجال الاجتماعي بتلك الطريقة ذاتها. هذا أمر نتوقّعه، وعلى الملتزمين دينياً تطبيقه في القرن الحادي والعشرين والنهوض لمواجهة تهديدات العولمة.(1)

عصر الظهور

إن نهضة وظهور إمام العصر عليه السلام  يجب أن يكون في عصر تتوفّر فيه امكانية تطبيق حكومة عالمية شاملة، أو تكون أرضيتها ـ من حيث الاتصالات، المعلومات، الاقتصاد العالمي، الثقافة الشاملة و... متوفّرة على الأقل. ويبدو من الأوضاع الحالية توفر الأجواء والظروف إلى حدٍّما لتحقيق الأهداف العالمية. واضح أن (عصر الظهور) هو عصر العلم والفكر والتقدم والتنمية والاتصالات السريعة والعامة والمعلومات الدقيقة والآنية، و(عصرنا الحاضر) يمكن أن يكون مقدّمة ومظهراً لذلك (الزمن الموعود)، قال سماحة آية الله السيّد الخميني الراحل(قدس سره): (آمل أن يُقبل ذلك اليوم الذي يتحقق فيه الوعد الإلهي الحتمي إن شاء الله، ويُهيمن المستضعفون على الارض. هذا الأمر وعد إلهي لا تخلّف فيه، إلاّ أن ذلك بيد الله أدركنا ذلك أم لا،من الممكن أن تتوفّر العدّة اللازمة في فترة قصيرة وتقرّ عيوننا بجماله عليه السلام ، هذا هو واجبنا في هذا العصر وهو أمر مهم).(2)

عالمية فكرة المهدوية

في العصر الأخير لم تصبح فكرة (الانقاذ) و (انتظار المنقذ المصلح) عالمية ولم تهتم بها أغلب الأديان الكبرى اهتماماً كبيراً فحسب، بل إن فكرة (المهدوية) في طريقها إلى العالمية. وقد أعرب المسلمون في العالم عن اهتمامهم وانجذابهم الشديد ازاءها، وتناولوها في حوارهم الديني وعقائدهم. لبعض المفكّرين من غير المسلمين بحوث وكتابات مختلفة حول (المهدوية) وآثارها وتبعاتها العالمية. على أي حال فإن (فكرة المهدوية الإصلاحية) قد أصبحت عالمية حالياً، وهي ـ وإن غفل عنها المسلمون والمفكّرون حتّى عقودٍ سبقتنا ـ تحظى اليوم بترحيب وحفاوة.

هيكلية النظام السياسي المهدوي

إنّ أهمّ بحث بشأن حكومة المهدي عليه السلام  العالمية يتعلّق بهيكلية النظام السياسي المهدوي التي لا مثيل لها، فخلافاً للعولمة ـ التي هي أمر مبهم ومشتّت وغير منسجم وبلا نتائج ـ تمتلك حكومة الإمام المهدي عليه السلام  الفاضلة خصائص وهيكلية واحدة منسجمة وفاعلة وذات اقتدار وإدارة كاملة وكفوءة.

وهذه الهيكلية تهتم بأبعاد الحياة البشرية كافة، ووضعت برامج ومنهجاً عملياً في المجالات الاقتصادية والسياسية والثقافية والاجتماعية كافة، ولم يُغفل في هذه الحكومة عن أيّ بُعدٍ من الأبعاد البشرية، حيث تحظى أدقّ الأمور في الحياة الاجتماعية والفردية في الأرض بالاهتمام وتكون ذات قيمة. وعليه فإن هيكلية النظام السياسي المهدوي عالميّة تماماً وشاملة، وإجراءاتها التنفيذية والإدارية قد نُظّمت على أساس إدارة (الساحات الدولية كافة).

أسس وأهداف حكومة الإمام المهدي عليه السلام العالمية

إن الإيمان بـ(المهدوية) إيمان بسيادة الإحسان والمكارم الإنسانية والعدل ونهاية طيبة للتاريخ واستقرار الحكومة والدين العالمي الواحد و...

إن (فكرة المهدوية) هي المراد الأصيل للمسلمين، وأمل الموحّدين في الوصول إلى (الحكومة العالمية العادلة) وزوال (الظلم والإلحاد والفساد). إن (فكرة المهدوية) فكرة تبعث روح الثورة والتعالي في الأحرار الذين ينتظرون (النهاية الطيبة للتاريخ) بانتصار الصالحين، ويؤمنون بـ(كرامة بني الإنسان وعزّتهم).

إن النقطة الحسّاسة لهذه الفكرة هي زوال حكومات المال والقوّة الدنيوية و تأسيس (حكومة المهدي العالمية الواحدة) الحكومة التي تتأسّس بالامدادات المعنوية ونصرة الصالحين والإرادة القلبية لدى الناس، وبظهور منقذ البشرية يستحدث نهضة شاملة ضد الظالمين.

هذه الحكومة العالمية لها جذورها وأُسسها الخاصة التي أضفت عليها امتيازاً واختصاصاً. وبشأن اسس (حكومة الصالحين) هذه يمكن الاشارة إلى الموارد التالية:

1 ـ إمامة الإمام المعصوم وحتمية حكومته:

إن القاعدة الأساسية لفكرة (المهدوية) و(تأسيس الحكومة العالمية العادلة) هي ضرورة وجود الإمام في المجتمع، وضرورة تأسيس حكومة من قبله لهداية المجتمع الديني وإرشاده وتنظيمه ووضع المنهج له.

ولذا فإن للإمام شؤوناً، ومنها قيادة المجتمع. إنّ الإمامة ـ وتعني القيادة ـ هي أطروحة الشيعة السياسية لإدارة المجتمع، فالشيعة يرون أن الانسان كما يلجأ لـ (الوحي) فإنه يلجأ لـ (الإمام المعصوم)... إذا اعتقدنا أن أهداف الحكومة هي هداية الانسان في جميع أبعاده (الوهم، الحس، الفكر، العقل، القلب والروح) فالواجب هو أن نُقبل على مَن له إحاطة تامّة بها تحرّر من جميع المؤثّرات، وتركيبة الوحي والحرية هي العصمة التي تطرحها الثقافة السياسية الشيعية (الامامة المعصومة)...(3)

2 ـ إن غاية التاريخ ونهايته (فلسفة التاريخ) هي حاكمية الصالحين:

 وهذا هو الوعد الإلهي الحتمي لبني الإنسان ـ خاصة المستضعفين والمظلومين والصالحين ـ هذه الحاكمية ستتحقق على يد الإمام وليّ العصر عليه السلام  المقتدرة. جديرٌ ذِكره أن تـأسيس الحكومة العالمية العادلة من خصائص إمام العصر، ولم يقم بهذا الأمر أيُّ نبيٍّ أو إمام آخر. يستفاد من بعض الآيات القرآنية والروايات أنّه سيأتي عصر تسود فيه حكومة العدل الإلهي ربوع العالم. وهذه الروايات تعرّف المهدي الموعود عليه السلام  صاحب هذه الحكومة كما يقول القرآن الكريم: (أنّ الأرض يرثها عبادي الصالحون)(4) و(نُريد أن نمنّ على الذين استُضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمةً ونجعلهم الوارثين).(5)

3 ـ ضرورة تأسيس الحكومة العالمية:

إن أوضاع العالم ومعالمه العامة تشير إلى أن خطر الحرب، الفقر، اللامساواة، العنف، الاستغلال، الظلم والفساد والانحراف الشامل تهدّده بنحو شديد، وتقوم الكيانات السياسية المستقلة والمحرّكون الرئيسيون للساحة الدولية بمواقف خطيرة مثيرة للأزمة. هذا الاضطراب والاستقرار وحاجة أفراد الانسان إلى السلام والأمان ـ خاصة في المجتمعات الإسلامية ـ مثّل القاعدة للحكومة الإسلامية العالمية بقيادة المهدي الموعود عليه السلام . (ان الظروف التي يعيشها المجتمع الاسلامي ــ حيث يواجه الخوف واللا إستقرار ـ هي المحور الفكري الأساسي لتأسيس الحكومة العالمية الواحدة والأساس لزوال أيّ اختلاف و... واضمحلال أسباب الحروب المدمّرة، وفي ظل هذه الحكومة ينعم عالم البشرية بالسعادة والعزّة، وتتمتّع شعوب العالم بالنِعم الإلهية والمواهب الطبيعية بنحوٍ مُتساوٍ).(6)

4 ـ الطبيعة والجوهر الواحد لأفراد الإنسان:

بما أن أفراد الإنسان ذوو فطرة وطبيعة واحدة ومبدأ ومنشأ واحد، فلا يمكن أن يكونوا منفصلين عن  بعضهم وأعداء بنحوٍ دائم ويخوضون المعارك والخصومات. هذه الطبيعة الواحدة ذاتها يمكن أن تكون قاعدة وأساساً لتأسيس الحكومة العالمية الواحدة. والصاحب الأصيل لهذه الحكومة يجب أن يكون ذلك الشخص الذي يتوفّق للتقريب بين أفراد الإنسان بنحوٍ صحيح ومنزّه عن المصلحة الشخصية، وإنقاذهم من الاختلاف والتفرّق والتشتّت والجدال. وعليه فإن عالمية حكومة الإمام المهدي عليه السلام  تتناسب وتتطابق مع طبيعة وفطرة الناس، ولا تعارض مرادهم وما يحبّون.

5 ـ بلوغ وارتقاء أفراد الإنسان:

إن بني الانسان يسعون باستمرار من أجل تكاملهم ورقيّهم وبصدد نيل الكمال والازدهار في أفكارهم، إلاّ أن الكمال والرشد الحقيقيين لا يتمّان إلاّ بتأسيس حكومة السماء وظهور الانسان الكامل و(هادي البشرية) ليتمكّن بإمدادٍ غيبي وقدرة ملكوتية من توجيه حركة أفراد الإنسان وجهودهم، وإيجاد أرضية الرشد والازدهار والتكامل والرقي لديهم، يمكن اعتبار هذا الأساس والعامل أحد القواعد الأساسية لتأسيس حكومة المهدي الموعود عليه السلام  العالمية.

6 ـ ضرورة العدالة والقسط الشامل:

يحظى العدل بموقع مهم وأساسي في آراء وأفكار أفراد الإنسان كافة ـ خاصة المفكّرين ـ وقد كانوا دائماً بصدد العثور على منهج عملي يحقّق هذا المطلب والأمل الأصيل، ولكن هذا الأمر لم يتحقّق لحدّ الآن، حيث عاشوا العذاب والصعاب باستمرار نتيجة للظلم والجور وفقدان العدالة. وقد كان 80% من الإمكانات المادية والدنيوية بيد 30% هم الأغنياء والأثرياء. هذه القاعدة تثبت ضرورة الحكومة العالمية العادلة جيداً وبوضوح، وتؤيد صحّة مدّعى الشيعة، وعليه فإن كلّ شيء سيتوفّر لافراد الإنسان استناداً إلى هذه القاعدة وبتأسيس دولة المهدي الكريمة.

7 ـ محورية الدين أو الإنسان المحور:

على أساس القاعدة المذكورة إذا اعتبرنا الدين والعقيدة الإلهية الصحيحة أساساً لأعمالنا وأفكارنا سنصل إلى هذه النتيجة، وهي أن الطريق الوحيد لانتصار التوحيد والدين في العالم هو تأسيس حكومة دينية عالمية واحدة، ويكون منهاجها الأساسي هو سيادة الدين الإلهي على الأرض ومحو الأديان والعقائد البشرية المختلقة والمحرفة. في هذه الحالة سينظّم الإنسان نشاطاته وبرامجه الأساسية على أساس الدين.

بملاحظة هذه القواعد والأُسس يمكن بوضوح تصوير أهداف حكومة المهدي العالمية وفهم أهداف وفكر المصلح السماويّ في ضوء الآيات والروايات.

أهداف حكومة المهدي عليه السلام  العالمية

إن أهم أهداف ومقاصد حكومة الإمام المهدي عليه السلام  العالمية وأعمقها أصالة والتي تفرق أساساً عن أهداف العولمة والأمركة هي:

1 ـ الارتقاء بالمجتمع البشري إلى الكمال المتوخّى والرشد والازدهار.

2 ـ تحقيق العدالة الاجتماعية وبسط العدل والقسط في أرجاء العالم.

3 ـ إدارة وتنظيم النظام العالمي على أساس الايمان بالله وأحكام الدين الإسلامي.

4ـ ترسيخ وإشاعة السلام والأمن العالمي، والقضاء على الحروب والخصومات والأحقاد والمزايدات والأنانيات.

5 ـ إنقاذ العالم والشعوب من براثن الظالمين والجبابرة والمفسدين، ورفع راية التوحيد والرغبة في الدين على وجه الأرض الوسيعة.

6 ـ إحياء عقيدة التوحيد وتحقيق المساواة الإسلامية.

7 ـ تأسيس الحكومة الإسلامية العالمية والدولة الكريمة.

8 ـ نشر الدين الإسلامي وتحقيق انتصاره على الأديان الباطلة والمحرّفة كافة (ليُظهره على الدين كلّه).

9 ـ البلوغ بالعلم والرشد والازدهار الفكري لدى أفراد الإنسان إلى كماله النهائي.

10 ـ إصلاح شؤون الحياة البشرية والاستخدام الصحيح للمقدّرات والمصادر الطبيعية والمعنوية في العالم.

11 ـ محو التمايز العنصري والطبقي (العالم لكلّ سكان العالم).

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

المهدي من وُلد الحسين عليه السلام
تاجر فاز بلقاء إمام العصر (عليه السلام) بعدما ضل ...
القاب المهدي (عليه‌السلام)
الملامح الشخصية للامام المهدي عليه السلام
الإمام المهدي عجّل الله فَرَجه والعلم الحديث
ذكرى تتويج الامام الحجة (عجل الله تعالی فرجه ...
مخ الكاذب اكثر تعبا وارهاقا من مخ الصادق
فضل المنتظرين
الإعجاز في ولادة الإمام المهدي (عج)
أحاديث.. في الإمام المهديّ 3

 
user comment