مواصفات الإمامة تنطبق عليه :
السؤال : لقد كان القرآن واضحاً وصريحاً ولا غموض فيه في جميع شؤون الحياة الدنيا والآخرة ، لدرجة أحكام الحيض .
حسب هذا المفهوم ، ومن وجهة نظركم ، أليس أولى من حكم الحيض أن يكون القرآن قد أمر باتباع الأئمّة بشكل واضح وصريح ودون لبس ، حتّى لا يكون هناك أدنى شكّ لما تؤمن به الشيعة ؟
فحسب فهمي للقرآن ليس هناك أيّ آية تدعو إلى اتباع علي ، أو أيّ من أبنائه بشكل مباشر ، ولن أقبل أي تفسير يقول بالإشارة ، أو المقصود بالآية
____________
1- الإمامة والسياسية 1 / 28 .
2- شرح نهج البلاغة 9 / 305 .
|
الصفحة 152 |
|
هو كذا وكذا .
فعندما أمرنا الله باتباع محمّد (صلى الله عليه وآله) قالها صريحة وواضحة ودون إشارات : { وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ } (1) .
أمّا في المقابل ، فإنّ الله لم يأمر في كتابه لا بولاء علي ، أو أيّ من أبنائه ، ولم يذكر أيّ منهم في كتابه ، وإن كان شأنهم أعلى من أنبياء الله ـ كما تزعمون في مذهبكم ـ لكان أولى ذكرهم بأسمائهم ، كما ذكر آدم ونوح وإبراهيم ، وإلى آخر من ذكر من أنبياء الله في القرآن العظيم .
وهل يعقل أن يذكر الله اسم سيّدنا " زيداً " في كتابه ، حتّى يبيّن لنا حكماً هامّاً من أحكام الله ، ولم يذكر اسم علي بن أبي طالب (عليه السلام) ، إذا كان اتباعه وولايته من بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) ركناً من أركان الإسلام ، كما يدّعي علماء الشيعة ؟
أرجو أن يكون جوابكم مقنعاً وبعيداً عن الفلسفة العقليّة ، بل بالنصوص الأكيدة .
الجواب : قولك بأنّك لن تقبل أيّ تفسير يقول بالإشارة ، أو المقصود بالآية هو كذا ، فإنّ تفسير القرآن لا يكون بالإشارة ، وإنّما يكون بالأدلّة اللازمة ، سواء عقليّة أو نقليّة ، ولكنّي أقول لك هلا طبّقت هذه القاعدة ـ لو سلّمنا معك بقبولها وصحّتها ـ على كلّ أحكام الإسلام ؟
ولنرمي السنّة خلف ظهورنا ، كما أراد عمر بن الخطّاب ، عندما قال : إنّ النبيّ ليهجر ، يكفينا كتاب الله ، وإن لم تقبل ، ولا اعتقد أنّك تقبل ، لأنّه سوف يذهب الإسلام ، فأقول : لماذا تطالب بذلك عند الكلام عن ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام) ، وتريد نصّاً من القرآن ، ولا تقبل بالظاهر منه والتفسير ، والأحاديث الموضّحة له ، ولا تريد ذلك في غيره من عقائد وأحكام الإسلام ، فهل هو إلاّ الهوى والتعصّب !!
وهناك شيء آخر : كأنّك تعني أنّ الله جلّ جلاله لم ينزل كلّ الأحكام التي
____________
1- آل عمران : 144 .
|
الصفحة 153 |
|
تحتاجها الأُمّة على رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وأنّ الرسالة ناقصة غير كاملة على الأقل في هذا المورد ، فأنّك تدّعي بأنّه لا يوجد نصّ في القرآن على حكم الإمامة ، هل هي بالنصّ أو بالاختيار من الأُمّة ؟ وأنّ الرسول (صلى الله عليه وآله) لم يبيّن لنا في ذلك شيء ؟
فإن قلت : إنّي لم أنكر النصّ على حكم الإمامة في القرآن ، وإنّما أنكرت النصّ على علي (عليه السلام) صريحاً في القرآن .
فنقول : هو كذلك ، لم ينصّ على علي (عليه السلام) صريحاً في القرآن ، ولكنّه نصّ على حكمها فيه ، وإنّ الإمامة بالنصّ لا بالاختيار ، وإنّ لها أفراداً مخصوصين موصوفين بمواصفات خاصّة مذكورة في القرآن .
فإن قلت : لا ، إنّه نصّ على حكمها في القرآن بأنّها حقّ للأُمّة ، وهي تختار إمامها ، فهي شورى .
قلنا : أوّلاً ، لا نسلّم ذلك من أنّ المستفاد من آية الشورى أنّها في الإمامة ، ثمّ ما بالك تمسّكت هنا بالإشارة دون النصّ ، وتطالب في علي (عليه السلام) بالنصّ دون الإشارة !!
فإن قلت : قد بيّن ذلك النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، وأنّه وضّح المراد ممّا جاء بالقرآن ، وأوضح في أحاديثه أنّ الأمر للأُمّة .
قلنا : ما عدا ممّا بدا ، ألم نقل نحن ذلك ، وقلنا : إنّ الرسول (صلى الله عليه وآله) بيّن القرآن ، وأوضح أنّ المراد بالآيات المتعلّقة بالإمامة هو علي (عليه السلام) ، فلم تنكر علينا ما تقبله أنت !
ثمّ إنّ الكلام في الأحاديث التي ادعيت أنّه (صلى الله عليه وآله) أوضح أنّ الأمر يعود للأُمّة ، فنحن لا نسلّم بمثل هذه الأحاديث ، أو لا وجود لها في البين ، فتأمّل !!
فإذا تبيّن أنّ الرسالة كاملة ، وأنّه لا يمكن أن يترك الله الناس دون أن يبيّن لهم الأمر في الإمامة ، هل هي بالنصّ أم بالاختيار ، وأنّه لابدّ لها في الإسلام من حكم ، وعرفنا أنّ الله أنزل كلّ شيء في القرآن ، ولكن فيه المحكم
|
الصفحة 154 |
|
والمتشابه ، وقد بيّن الرسول (صلى الله عليه وآله) المتشابه لنا .
فالأحكام بصورة كلّية نأخذها من القرآن والسنّة ، لا يبقى لنا مجال للاعتراض على الله تعالى ، بأنّه لماذا لم يذكر هذا الحكم أو ذاك الحكم صريحاً في القرآن ؟ بعد أن بيّنه لنا الرسول (صلى الله عليه وآله) ، وأوضح لنا ما تعلّق به من القرآن المتشابه ، فالله لا يُسأل عمّا يفعل ، وله الحكمة في كلّ ذلك ، وعلينا السمع والطاعة ، سواء جاءنا الأمر من القرآن أو من الرسول (صلى الله عليه وآله) ، وهذا هو قول الشيعة الإمامية ، فإنّهم يقولون : إنّه يوجد في القرآن آيات تخصّ الإمامة وتبيّن مصاديقها ، بعضها محكمة وبعضها متشابه بيّنها النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، وقد فسّر لنا النبيّ (صلى الله عليه وآله) كلا القسمين من الآيات صريحاً ، وذكر لنا الأسماء التي هي مصاديق هذه الآيات ، فليس لنا إلاّ الطاعة والقبول والتسليم ، وهذا هو الإيمان ، والإسلام الصحيح .
( عماد . الكويت . 37 سنة . بكالوريوس هندسة )
جاء النصّ على خلافته من يوم الدار :
السؤال : سمعت بعض علماء السنّة يتحدّث عن سيرة الإمام علي (عليه السلام) ، مع أنّه كان غامضاً وغير صريح ، كان يقول : بأنّ العباس بن عبد المطّلب قال لأمير المؤمنين : أطلب الخلافة من النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، ولكن الإمام رفض ذلك !! فهل هذا صحيح ؟ فإنّني أُريد التأكّد فقط لا غير ، وشكراً .
الجواب : ما يقول هذا مأخوذ من كتبهم ولا أظن أنّ هذا يصحّ حتى من طرقهم ، فمن المعلوم مدى تأثير الحكّام في وضع مثل تلك الأحاديث فيها ، هذا أوّلاً .
وثانياً : إنّ الإمام (عليه السلام) جاء عليه النصّ بالخلافة من يوم الدار ، عندما أنذر الرسول عشيرته الأقربين ، وقبل الإمام ذلك ، فما الداعي لطلب ما قد حصل عليه مسبقاً ، إذ قال رسول الله(صلى الله عليه وآله) في ذلك اليوم : " أيّكم يكون أخي ووصييّ ووارثي ، ووزيري وخليفتي فيكم بعدي ... ، فقلت ـ أي علي (عليه السلام) ـ : أنا يا
|
الصفحة 155 |
|
رسول الله ، فقال : يا بني عبد المطّلب هذا أخي ووارثي ووصييّ ووزيري ، وخليفتي فيكم بعدي ... " (1) .
ثالثاً : لو سلّمنا بوجود مثل هكذا كلام ، فإنّه لا يمتنع أن يريد العباس سؤاله عمّن يصل الأمر إليه ، وينتقل إلى يديه ، لأنّه قد يستحقّه من لا يصل إليه ، وقد يصل إلى من لا يستحقّه ، فعبارة العباس كانت هكذا : اذهب بنا إلى رسول الله نسأله فيمن هذا الأمر .
( حمد العمانيّ . عمان . 25 سنة . موظّف )
حكم صلاته أثناء إخراج السهم منه :
السؤال : ورد في الروايات : إنّ الإمام علي (عليه السلام) عندما يصلّي ينتزعون شظايا الحرب من بدنه الشريف .
السؤال : ما حكم الصلاة ، وفي البدن الشريف شيء من الدم ؟ ودمتم موفّقين .
الجواب : لقد وردت هذه الروايات في سياق الإشارة إلى شدّة ارتباط الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) بربّه أثناء العبادة ، وسموّ روحه العالية في العشق الإلهيّ ، الذي ينسيه آلام الجسد ، ويجعل للقوى الروحية السامية السيطرة الكاملة على حال ووضع الإمام علي (عليه السلام) أثناء العبادة .
ودم القروح والجروح التي لم تبرأ معفيّ عنها في الصلاة ، وإن أصاب دمها الثياب ، وقد ذكر بعض العلماء : أنّه حكم إجماعيّ ، وفيه روايات كثيرة ، فراجع .
____________
1- علل الشرائع 1 / 170 .
|
الصفحة 156 |
|
( عيسى . الإمارات . 25 سنة . طالب ثانوية )
السؤال : هل كان الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) موجوداً في أثناء مرض الرسول (صلى الله عليه وآله), أو بالأخصّ هل كان حاضراً أثناء رزية يوم الخميس ؟ ـ كما أطلق عليها ابن عباس ـ وماذا كان دوره (عليه السلام) في تلك الحادثة ؟
الرجاء توضيح هذه المسألة ، ولكم فائق الاحترام والتقدير .
الجواب : ذكر الشيخ المفيد (قدس سره) : " أنّ الإمام علي(عليه السلام) كان حاضراً في يوم الرزية ، وكان من ضمن الباقين بعد إخراج القوم المتنازعين عنده ، وكان أمير المؤمنين (عليه السلام) لا يفارق الرسول (صلى الله عليه وآله) في مرضه إلاّ للضرورة " .
وذكر الشيخ المفيد أيضاً : " أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) قال لخاصّة أهل بيته : " أنتم المستضعفون بعدي " ، وأصمت ، فنهض القوم وهم يبكون ، قد آيسوا من النبيّ (صلى الله عليه وآله) " (1) ، ولم يذكر أهل الحديث دور مخصوص للإمام علي (عليه السلام) في تلك الواقعة .
ولكن من سياق الأحداث التي عرفناها من الروايات عن تلك الحادثة ، ومن مجمل سيرة أمير المؤمنين (عليه السلام) نعرف أنّه لا يسبق رسول الله (صلى الله عليه وآله) بقول أو بعمل ، فهو يده اليمنى ، والمنفّذ الحاضر دائماً ، والتابع المطلق للنبيّ (صلى الله عليه وآله) ، فمن المستبعد له أن يقول ، أو أن يفعل شيئاً في تلك الحادثة ، يسبق بها رسول الله (صلى الله عليه وآله)، أو يصدر عن غير أمره ، خاصّة وأنّ المقصود والمجابه في تلك الحادثة كان النبيّ (صلى الله عليه وآله) نفسه .
( أبو يوسف . الكويت . 18 سنة . طالب )