عدم اجتماع إمامين في زمن واحد :
السؤال : لماذا لا يمكن اجتماع إمامين في زمن واحد ؟
الجواب : يمكن تصوير عدم الإمكان بدليلين :
1ـ الدليل العقليّ : بما أنّ الإمامة هي حجّة الله على الخلق ، فهي عامّة لجميع البشرية قاطبة ، فهنا نقول : إن كان الإمام الثاني موافقاً للأوّل في جميع ما يطرح وما ينفي وما يثبت فيكون وجوده وتنصيبه للإمامة لغواً وعبثاً ، وأمّا إن خالفه وعارضه فهذا يستلزم كذب أحدهما ، وهو خلف كونه إماماً عامّاً للناس أجمعين .
2ـ الدليل النقليّ : روي أنّ الإمام الصادق (عليه السلام) سئل : يكون إمامان ؟ قال : " لا ، إلاّ وأحدهما صامت لا يتكلّم حتّى يمضي الأوّل " (2) .
____________
1- الشعراء : 213 .
2- بصائر الدرجات : 531 .
|
الصفحة 343 |
|
( ... . ... . ... )
كلّ إمام كانت له مهمّة خاصّة :
السؤال : لماذا لم يقم الإمام علي (عليه السلام) بالثورة ؟ رغم أنّ الفتنة التي حدثت في عهده هي سبب الفتن في عهد الحسين (عليه السلام) ؟
لماذا لم يثر الإمام علي (عليه السلام) ، ولكن تأخّرت الثورة إلى زمان الحسين ؟
لماذا لم يقم الإمام الحسن بها واكتفى بالصلح ؟ لماذا الحسين لم يفعل مثل الحسن ؟ وجزاكم الله ألف خير .
الجواب : نظرة سريعة وتأمّل بسيط في التاريخ حول الأجواء التي كانت تحكم في زمن الأئمّة (عليهم السلام) تعطينا خبراً بأنّ كلّ إمام كانت له مهمّة خاصّة تبعاً للظروف التي كانت تحيطه ، فمثلاً بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان الناس جديدي عهد بالإسلام ، فهنا الحفاظ على أصل الإسلام كان أوجب من إعلان الثورة من قبل أمير المؤمنين (عليه السلام) ، والتي كانت ستؤدّي إلى ارتداد الكثير عن الإسلام .
وفي زمن الإمام الحسن (عليه السلام) بعدما بويع بالخلافة ، وخذلان أصحابه له ، حتّى أنّهم همّوا بتسليمه إلى معاوية ، وكانت الظروف تحتّم عليه تعريف معاوية إلى الملأ العام الذي كان قد اغترّ به ، فعمد إلى تنظيم بنود الصلح التي وافق عليها معاوية ومن ثمّ نقضها ، وفي ذلك تعرية كاملة لمعاوية ، وفي نفس بنود الصلح والشروط التي وضعها الإمام المجتبى (عليه السلام) تصريح في عدم شرعية خلافة معاوية .
وفي زمن الإمام الحسين (عليه السلام) ، حيث بويع ليزيد ، ويزيد ممّن كان يتجاهر بالكفر والفسق ، وكان هدفه محو الدين من أساسه ، فهنا كان الحفاظ على أصل الدين بالخروج والثورة ، إذ لو لم يخرج الإمام الحسين (عليه السلام) لكان يزيد قد هتك حرمة الإسلام ، بل لغيّر الإسلام ، ورجع إلى تقاليد الجاهلية .
فأهل البيت (عليهم السلام) ليس هدفهم الحكومة ، بل هدفهم سَوق الأُمّة إلى الحقّ ، ومن
|
الصفحة 344 |
|
شئون سوق الأُمّة إلى الحقّ الحكومة ، فإذا اقتضت المصلحة في سوق الأُمّة إلى الحقّ ترك الحكومة تركوها .
(... . ... . ... )
كيفية النصّ للإمام اللاحق من الإمام السابق :
السؤال : كيف يتمّ النصّ للإمام اللاحق من الإمام السابق ؟ هل يتمّ بالنصّ ؟ فيرجى تزويدنا بتلك الروايات ، وكيف كان يعرف أهل زمان الإمام أنّه الإمام المنصوص عليه ؟
كيف يتولّى الإمام الباقر الإمامة ، وكان لم يبلغ الخامسة من عمره ؟ وهل للأئمّة معاجز ؟ كدعاء الإمام زين العابدين للحجر الأسود لينطق بإمامته أمام محمّد ابن الحنفية ؟ ولماذا لا نرى نصّاً لإمامة الإمام الحسن في نهج البلاغة ؟
الجواب : يتمّ النصّ من الإمام السابق على إمامة اللاحق ، مضافاً إلى النصوص الواردة عن الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) ، وبعض الأئمّة (عليهم السلام) على ذكر جميع الأئمّة المعصومين الاثني عشر (عليهم السلام) .
وورود النصّ هو أحد طريقي معرفة الإمام (عليه السلام) ، والطريق الآخر هو إظهار المعجزات والكرامات الدالّة على إمامته ، بحيث لا يبقى أيّ شكّ وريب في أحقّيته للإمامة .
وأمّا النصوص والمعاجز المذكورة فقد جاءت بحدّ التواتر والاستفاضة في كتب الحديث والتاريخ ، ويكفيك أن تراجع كتاب الحجّة والإمامة في كتاب الكافي ، وبحار الأنوار ، وغيرهما ، حتّى تقف على تلك الروايات كمّاً وكيفاً.
وبناءً على ما ذكرنا ، فإنّ الشيعة في كلّ زمان كانوا يعرفون إمامهم بتلك النصوص التي كانت تصل إليهم بطرق صحيحة ومتواترة ، وبإظهار معاجز أئمّتهم (عليهم السلام) .
ولم يدع أحد أنّ الإمام الباقر (عليه السلام) قد تولّى الإمامة في الخامسة من عمره ، بل
|
الصفحة 345 |
|
أغلب الظنّ أنّك تريد أن تشير إلى إمامة المهديّ (عليه السلام) .
وعلى أيّ حال فالإمامة منصب الهي لا يتوقّف إعطائه على عمر محدّد ، كما هو الأمر من قبل ، فقال تعالى : { وآتَيناهُ الحُكمَ صَبياً } (1) ، فصغر السنّ لا يمنع ، كما أنّ الشيخوخة لا تكون دليلاً في المقام .
وأمّا نهج البلاغة ، فهو كتاب قد جمع فيه الشريف الرضي (قدس سره) ما استحسنه من خطب وكلمات ، ورسائل الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) ، ولم يلتزم أن ينقل كافّة الروايات والأحاديث المنقولة عن الإمام (عليه السلام) ، وعليه فلا دليل للزوم وجود نصّ على إمامة الإمام الحسن (عليه السلام) في نهج البلاغة .
( سائل . السعودية . ... )
السؤال : لماذا يختار الله الإمام ؟ ويجعله من الأوصياء دون أخيه ، الذي تربّى في نفس البيت ؟ ألا ينافي ذلك العدالة الإلهيّة ؟
الجواب : إنّ الله تعالى لا يسأل عمّا يفعل ، لأنّه حكيم وعالم وقادر ، فباعتبار حكمته وعلمه وقدرته يفعل ما يشاء .
فاختيار الله تعالى للإمامة وللنبوّة إنّما هو فعل من أفعال الله التي لا يسأل عنها .
مع هذا نجد هناك نصوصاً تدلّ على سبب الاصطفاء والاختيار ، وهذا لا ينافي العدالة الإلهيّة .
( حسن السوسوه . اليمن . ... )
تكون في إمامين ومن نسل الحسين :
السؤال : نرجو من سيادتكم التكرّم بالإجابة على هذين السؤالين .
الأوّل : هل يجوز إمامان في وقت واحد ؟
الثاني : لماذا أصبحت الإمامة من نسل الحسين (عليه السلام) ؟ وليست من نسل
____________
1- مريم : 12 .
|
الصفحة 346 |
|
الحسن (عليه السلام) ؟
الجواب : بالنسبة إلى سؤالك الأوّل فنقول :
نعم يجوز أن يكون هناك إمامان في زمان واحد ، إلاّ أنّ أحدهما تابع للآخر ، ولا يتصرّف في مقابل تصرّفات الآخر ، وهذا واقع وموجود ، كما أنّه كان بين الإمام الحسن وبين الإمام الحسين (عليهما السلام) .
وأمّا بالنسبة إلى سؤالك الثاني فنجيب : إن ذلك يرجع إلى تقدير الله تعالى وعلمه وحكمته . وليس من الضروريّ معرفة الحكمة الإلهيّة في هذا الأمر ، المهمّ هم معرفة الأئمة (عليهم السلام) وإتباع نهجهم .
( أحمد الخاجة . البحرين . 15 سنة . طالب ثانوية )
السؤال : بما أنّ خلافة الإمام علي (عليه السلام) والأئمّة الميامين من صلبه نازلة من عند الله تعالى ، فبم تفسّرون ترك الإمام علي (عليه السلام) الخلافة في بادئ الأمر ؟ وبما تفسّرون تنازل الإمام الحسن (عليه السلام) عن الخلافة ؟ وسكوت الأئمّة الباقين عن حقّهم في الخلافة ؟
الجواب : إنّ في البداية : يجب الانتباه إلى أمر مهم ، وهو أنّ الإمامة لا تساوي الحكومة السياسية ، بل هي رئاسة عامة في أمور الدين والدنيا ، وبالتالي فإن الحكومة السياسية شأن من شؤون الإمامة لا غير . فيكون الإمام (عليه السلام) أحقّ الناس لاستلام الحكم والخلافة ، بما أنّه منصوص ومصرّح به ، هذا في مقام الواقع والحقيقة ، ولكن في مجال التطبيق والتنفيذ في المجتمع البشريّ ، فمتى لم تؤهلّ الظروف الملائمة ـ ومنها تلقّي الوسط العام بالقبول والانصياع ـ لا يلزم عليه (عليه السلام) فرض نفسه على الناس ، وفي هذه الحالة سيكون اللوم عليهم إذ لم يقبلوا إليه (عليه السلام) .
وهذه قاعدة جارية في كافّة حالات الأولياء والأوصياء ، وعلى سبيل المثال : فقد ذكر هارون لموسى (عليهما السلام) دليل امتناعه من وقوفه في وجه المنحرفين ، بأنّه
|
الصفحة 347 |
|
{ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُواْ يَقْتُلُونَنِي } (1) ، أي أنّهم لم يخضعوا للوصاية الحقّة فتركهم في ذلك .
(... . ... . ... )
من أدلّتها احتياج الغير إليه :
السؤال : من الأدلّة التي تستدلّ بها الشيعة على إمامة علي (عليه السلام) : " احتياج الغير إليه وعدم احتياجه للغير " ، ويردّ عليهم : بأنّ موسى (عليه السلام) كان نبيّاً وقد رجع إلى الخضر (عليه السلام) .
الجواب : إنّ تقديم المفضول على الفاضل قبيح ، والله تعالى يقول : { أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّيَ إِلاَّ أَن يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ } (2)، فاحتياج الغير لعليّ وعدم احتياجه للغير دليل على إنه أحق أن يتبعّ .
وقد كان الإمام علي (عليه السلام) هكذا ، وفي الواقع التاريخيّ نرى أنّ الخلفاء احتاجوا إليه ، ولم نجد في مورد أنّه احتاج إليهم فيما يتعلّق بشيء من القضايا الدينية والمسائل العلمية .
وأمّا ما سألتموه عن قصّة الخضر (عليه السلام) ، فباختصار نقول : إنّ العلم الذي كان يريد أن يتعلّمه موسى (عليه السلام) من الخضر هو خارج دائرة العلوم التشريعية المكلّف بها في عالمنا ، وهذا ممّا لابأس به ، بعد أن عرفنا أنّ وظيفة الأنبياء (عليهم السلام) هي وظيفة تشريعية ، ورجوع الغير إليهم أوّلاً وبالأصالة رجوع تشريعي .
( عبد المجيد مدن . البحرين . سنّي )
السؤال : أُصول الدين تمتاز بعدّة صفات وهي :
1ـ كثرة الآيات .
2ـ النصوص الصريحة والواضحة للآيات .
3ـ الترغيب والترهيب .
____________
1- الأعراف : 150 .
2- يونس : 35 .
|
الصفحة 348 |
|
فمثلاً الإيمان بوحدانية الله ، أو الإيمان بالرسل ، أو العبادات ، وكذلك باقي أُصول الدين كلّها تمتاز بهذه الصفات في القرآن الكريم .
فكيف يعتبر الشيعة الولاية أحد أُصول الدين ، ولا تمتاز بهذه الصفات المذكورة أعلاه ، وخصوصاً الصفة الثانية ؟
وكيف سيحاسبنا الله جلّ جلاله وهو العادل على ولاية آل البيت ، ولم يطلب ذلك من عباده بنصوص صريحة وبالأسماء ؟
الجواب : كما هو معلوم ، فإنّ أُصول الدين هي التي من لم يعتقد بأحدها يخرج عن الدين ، يعني لا يحسب مسلماً ، وعلماء الشيعة وفقاً للأدلّة التي عندهم لا يعتبرون من لم يعتقد بالإمامة خارجاً عن الدين ، وعليه فإنّ الإمامة تكون من أُصول المذهب ، من لم يعتقد بها خرج عن المذهب ، ولم يخرج عن الدين ، هذا أوّلاً .
وثانياً : من قال لك أنّ الإمامة لم ترد فيها الآيات الكثيرة ، والنصوص الصريحة الواضحة ، والترغيب والترهيب ؟! وتشكيك البعض في هذه الأدلّة لا يخرجها عن الحجّية ، كما أنّ البعض شكّك في التوحيد والنبوّة وفي أدلّتهما ، فهل هذا يخرجها عن الحجّية ، أو عن كونها من أُصول الدين .
فمن الآيات : آية الغدير ، وآية الولاية ، وآية الإنذار ، وآية المباهلة ، وآية التطهير ، وآية الاستخلاف .
ومن النصوص الواضحة : حديث الغدير ، وحديث الثقلين ، وحديث الطير ، وحديث الاثني عشر ، وحديث المنزلة ، وحديث الدار ، وحديث الولاية ، أضف إلى ذلك الأدلّة العقليّة .
( زينب . بريطانيا . ... )