معنى فقرة من زيارة الجامعة :
السؤال : ما معنى الجملة الواردة في زيارة الجامعة : " وإياب الخلق إليكم ، وحسابهم عليكم ، وفصل الخطاب عندكم " ؟
الجواب : إنّ لهذه العبارة شروحاً متعدّدة ، ويمكن إرجاع هذه العبارة إلى ما روي عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) في حديث الثقلين : " إنّي تارك فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا بعدي أبداً : كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي ، وإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض " ، فميزان الحساب يوم القيامة يكون على هذا الأساس ، فالتمسّك بالقرآن لوحده غير كاف ، بل لابدّ معه من التمسّك بالعترة ، فهم (عليهم السلام) يكونون الأصل في كيفية حساب الخلق ، فمن تمسّك بهم نجا ، ومن لم يتمسّك بهم هلك .
رزقنا الله وإيّاكم شفاعتهم يوم القيامة .
( أحمد جعفر . البحرين . 19 سنة . طالب جامعة )
السؤال : أيّها الأساتذة الكرام : عندي تساؤل عن قول الإمام الصادق (عليه السلام) : " ربّ الأرض يعني إمام الأرض " ، فقلت : فإذا خرج ماذا يكون ؟ قال : " إذا يستغني الناس عن ضوء الشمس ونور القمر ، ويجتزون بنور الإمام " (1) ، أرجو بيان الحديث المذكور .
الجواب : لقد ورد في اللغة والتفسير : أنّ الربّ له معان خمسة ، منها : الشيخ ، والمالك ، والمدبّر ، والمربّي ، وغيرها .
والمالكية والمدبّرية تارة تكون بالأصالة وبالذات ، وأُخرى بالعرض وبالإمكان ، فالمالك والمدبّر الذاتي الأصيل هو الله سبحانه ، فهو ربّ العالمين ، ومن ثمّ تتجلّى هذه الربوبية أي المالكية والمدبّرية والمربّية في غيره بإذنه
____________
1- تفسير القمّيّ 2 / 253 .
|
الصفحة 409 |
|
وجعله سبحانه .
فالزوج يكون ربّ البيت ، والزوجة ربّة البيت ، ولبيت الله ـ أي الكعبة ـ ربّ يحميه ، كما قالها عبد المطلب في جواب أبرهة في قصّة الفيل ، فسبحانه ربّ الأرض والسماء ، إلاّ أنّه جعل الربوبية بمعنى المدبّرية والمالكية والمربّية لنبيّه ووصيه وخليفته في الأرض ، فآدم والأنبياء والأوصياء خلفاء الله في السماء والأرض ، استخلفوا الله في أسمائه الحُسنى وصفاته العُليا ، فكانوا مظاهرَ لأسمائه وصفاته ، ويتجلّى نور الله فيهم ، فإنّ الله سبحانه نور السماوات والأرض كما في آية النور وسورتها ، إلاّ أنّ النور الإلهيّ يتجلّى في رسوله وأهل بيته { مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ ... } (1) .
فالإمام نور كما أنّ النبيّ سراج منير ، وكذلك القرآن أنزله الله نوراً ، والعلم نور يقذفه الله في قلب من يشاء ، والنور بمعنى الظاهر بنفسه والمظهر لغيره ، يفيد الكاشفية ورفع الجهل ، وكلّ من كان من مصاديق النور فإنّه يُعطينا هذا المفهوم ، فالإمام (عليه السلام) بهذا المعنى يكون نوراً يكشف الحقائق ويزيح الظلام والجهل ، كما تفعل الشمس والقمر ذلك في المادّيات والأجسام .
فربوبية الأرض وتربيتها وحكومتها باعتبار أهلها ، إنّما هي بيد الإمام (عليه السلام) ، فهو ربّ الأرض ، كما أنّ الله ربّ الأرض ، إلاّ أنّ ربوبية الله أصلية وذاتية ، وربوبية الإمام فرعية وبالتبع وبالإمكان .
والإمكان في حقيقته مع الوجود الذاتيّ ـ أي واجب الوجود لذاته وهو الله سبحانه ـ يكون عدماً ولا شيء ، فربوبية الإمام في طول ربوبية الله ، بإذن من الله وبجعل منه ، فالإمام ربّ الأرض .
وإذا خرج فإنّ نوره وعلمه الذي هو من نور الله وعلمه يكفي الناس في كشف الحقائق ، ورفع ستار الظلام والجهل ، وكأنّ الناس لا تحتاج إلى الشمس والقمر في ليلها ونهارها ، وهذا من المجاز والكناية لبيان شدّة وضوح علم الإمام ونوره وربوبيّته على الأرض .
____________
1- النور : 35 .
|
الصفحة 410 |
|
( أحمد جعفر . البحرين . 19 سنة . طالب جامعة )
السؤال : أيّها الأساتذة الكرام : ما معنى قول الإمام الباقر (عليه السلام) : " نحن وجه الله نتقلّب في الأرض بين أظهركم ، ونحن عين الله في خلقه ، ويده المبسوطة بالرحمة على عباده " (1) .
الجواب : لابأس أن نذكر مقدّمات :
الأُولى : من عقائدنا الحقّة أنّ الله تعالى ليس بجسم ـ خلافاً للمجسّمة الكرامية في القديم ، والوهّابية من الحنابلة في الجديد ـ وإنّما لم يكن جسماً، لأنّه لو كان للزم التركيب ، ولازم التركيب الاحتياج ، والاحتياج علامة الإمكان ، والله سبحانه واجب الوجود لذاته ، وليس بممكن .
فالقول بالجسمية يلزمه نواهي فاسدة : منها : احتياج الله وافتقاره ، وهو الغني في الذات ، كما يلزمه الإمكان ، وهو واجب الوجود لذاته ، وهذا ما يقول به العقل السليم ، كما عليه الأدلّة النقليّة : من الآيات والروايات الشريفة .
والثانية : لا تعارض في الواقع بين الحجّة الباطنية وهو العقل ، والحجّة الظاهرية وهو النبيّ ، فكلاهما من الواحد الأحد ، فلا يكون بينهما اختلاف ، بل أحدهما يُعاضد الآخر ، فكلّ ما حكم به العقل حكم به الشرع ، ولمّا كان الشرع وهو الوحي أوسع دائرة ، فإنّه كلّما حكم به الشرع حكم به العقل إن أدركه ، وإلاّ فإنّه يسكت ولا يخالفه ، فإنّ العقل لا يدرك فلسفة صلاة الصبح لماذا تكون ركعتين ؟ فحينئذ لا يخالفه ، بل يسلّم أمره إلى الوحي ويذعن به ، باعتبار أنّه الصادق الأمين .
والثالثة : إذا شاهدنا تعارضاً بين العقل والسمع ـ أي النقل من آية قرآنية أو حديث نبوي ـ في الظاهر ، أي الاختلاف كان ظاهرياً وليس في الواقع ، فحينئذ إمّا أن نقول بطرحهما ، وهذا لا يصحّ كما هو واضح ، أو نقول بحكم أحدهما فيلزم ترجيح بلا مرجّح ، كما لا يمكن الأخذ بهما أو بظاهرهما معاً ،
____________
1- الكافي 1 / 143 .
|
الصفحة 411 |
|
لاختلافهما وتعارضهما ، ولا يمكن الجمع بين المتناقضين ، فلا يبقى لنا إلاّ أن نأخذ بحكم العقل وهو الحجّة الباطنية ، ونؤوّل النقل ، أي نقول بتأويل الظاهر ، وبهذا أخذنا بالعقل والنقل ، وبالحجّتين سويةً .
وحينئذٍ ، لمّا ثبت أنّ الله ليس بجسم مطلقاً ، وأنّه الوجود المجرد المحض ، لا يحيطه الإنسان بعقله وتصوّره ، فما ينسب إليه من الجوارح في القرآن الكريم ، أو الأحاديث الشريفة ، كأن يقال : { يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ } (1) ، { فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ } (2) ، وغير ذلك ، فإنّه لابدّ من تأويله ، ولا يحمل على ظاهره ، بأنّ لله يداً كما كان للإنسان ، فهذا من التجسيم الباطل ، والمستلزم للكفر والنجاسة ، بل يفسّر يد الله بقدرته ، فقدرة الله فوق قدرتهم ، { ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ } (3) ، أي استولى ، لا أنّه يجلس على العرش ، ويكون له أطيط كأطيط الرحل .
وكذلك باقي الأوصاف التي تدلّ بظاهرها على التجسيم ، فلابدّ من تأويلها ، وأنّها من الاستعمال المجازي والكنائي ، وبعد هذا نقول : لأسماء الله وصفاته مظاهر ، فإنّ القدرة الإلهيّة ، واليد الإلهيّة لابدّ أن تظهر ، فلها مظاهر في خلقه ، وأتمّ مظهر للقدرة هو خليفة الله في الأرض ، أي النبيّ والوصي (عليهما السلام) ، فيكون كلّ واحد منهما يد الله في الأرض المبسوطة بالرحمة على عباده .
ولمّا كان الله يرى ويسمع ، أي يعلم بالمرئيّات والمسموعات ، ويشهد ذلك ، فلابدّ أن يظهر هذا العلم على مخلوقاته ، وأتمّ المخلوقات الحامل لعلم الله هو الإنسان الكامل ، أي خليفته في الأرض ، يعني النبيّ والوصي (عليهما السلام) ، فيكون كلّ واحد منهما عين الله في خلقه ، وشاهداً عليهم ، { وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ } (4) ، ورؤية الله علمه ، وأذن بل أمر نبيّه أن يكون شاهداً على خلقه ، لأنّه هو الحجّة ، فإنّ الله يحتجّ به على خلقه ، ولازم الحجّية الشهود والحضور ، كما في البيّنة الظاهرية ، لابدّ أن تكون
____________
1- الفتح : 10 .
2- البقرة : 115 .
3- الأعراف : 54 .
4- التوبة : 105 .
|
الصفحة 412 |
|
الشهادة محسوسة .
فالإمام حمّله الله الشهادة ، وإنّه يشهد على الخلق ، فلابدّ أن يعلم بما يفعله الخلق ، حتّى تتمّ الشهادة الحقّة ، وهذا لا يكون إلاّ أن يكون هو عين الله عليهم ، وكلّ شيء يهلك وينعدم إلاّ الشاهد ، فهو وجه الله الذي يتوجّه إليه الخلق ، فكلّ شيء هالك إلاّ وجهه ، والأئمّة المعصومون وكذلك الأنبياء (عليهم السلام) هم وجه الله ، وهذا ممّا يدلّ عليه حكم العقل وعند العقلاء ، كما يدلّ عليه النقل وما جاء في الروايات الشريفة .
( رقية . ... . ... )
السؤال : ما هو الدليل على أنّ كلمة " آل " تعني علي وفاطمة وأبنائهم (عليهم السلام) ؟ وجزاكم الله عن أوليائه خير الجزاء ، نسألكم الدعاء ، وفي أمان الباري .
الجواب : روي عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) قال : " لا تصلّوا عليّ الصلاة البتراء " ، قالوا : وما الصلاة البتراء يا رسول الله ؟ قال : " تقولون : اللهم صلّ على محمّد وتسكتون، بل قولوا : اللهم صلّ على محمّد وعلى آل محمّد " (1) .
روى مسلم بسنده عن أبي مسعود الأنصاري قال : أتانا رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، ونحن في مجلس سعد بن عبادة ، فقال له بشير بن سعد : أمرنا الله أن نصلّي عليك يا رسول الله ، فكيف نصلّي عليك ؟ قال : فسكت رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتّى تمنّينا أنّه لم يسأله .
ثمّ قال : " قولوا : اللهم صلّ على محمّد وعلى آل محمّد ، كما صلّيت على آل إبراهيم ، وبارك على محمّد وعلى آل محمّد ، كما باركت على آل إبراهيم في العالمين ، إنّك حميد مجيد " (2) .
وأمّا أنّ أهل البيت (عليهم السلام) هم الخمسة أصحاب الكساء ، فقد روى الحاكم بسنده عن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب ، عن أبيه أنّه قال : لمّا نظر رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى الرحمة هابطة قال : " ادعوا لي ادعوا لي " ، فقالت صفية : من يا
____________
1- مسند أحمد 3 / 47 و 4 / 241 ، سنن أبي ماجة 1 / 293 ، الجامع الكبير 1 / 301 ، سنن النسائيّ 3 / 47 ، المصنّف للصنعانيّ 2 / 212 ، مسند ابن الجعد : 40 ، المصنّف ابن أبي شيبة 2 / 390 ، السنن الكبرى للنسائيّ 1 / 382 ، و 6 / 18 ، صحيح ابن حبّان 5 / 287 و 295 ، المعجم الصغير 1 / 85 ، المعجم الأوسط 3 / 91 و 4 / 378 و 7 / 57 ، المعجم الكبير 17 / 250 و 19 / 124 و 155 ، كنز العمّال 2 / 275 ، جامع البيان 22 / 53 ، زاد المسير 6 / 214 ، الدرّ المنثور 5 / 215 ، فتح القدير 4 / 303 ، تاريخ بغداد 8 / 137 ، البداية والنهاية 1 / 198 ، سبل الهدى والرشاد 11 / 10 ، و 12 / 434 ، ينابيع المودّة 1 / 141 .
2- صحيح مسلم 2 / 116 .
|
الصفحة 413 |
|
رسول الله ؟ قال : " أهل بيتي علياً وفاطمة والحسن والحسين " ، فجيء بهم ، فألقي عليهم النبيّ (صلى الله عليه وآله) كساءه .
ثمّ رفع يديه ، ثمّ قال : " اللهم هؤلاء آلي ، فصلّ على محمّد وآل محمّد " ، وأنزل الله عزّ وجلّ : { إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا } (1) .
وقال الحاكم : " هذا حديث صحيح الإسناد " (2) .
وممّا يدلّ على أنّ زوجاته لسن من أهل البيت :
أوّلاً : الروايات الواردة في شأن نزول آية التطهير صريحة في الحصر بهؤلاء ، وهي روايات بلغت حدّ التواتر في حصر أهل البيت بهؤلاء ، وإدخال غيرهم يحتاج إلى دليل .
ثانياً : الكثير من هذه الروايات لمّا قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : " اللهم هؤلاء أهل بيتي ... " ، قالت أُمّ سلمة : فأنا معهم يا نبيّ الله ؟ قال : " أنت على مكانك ، وأنت على خير " (3) .
وروى الحاكم : أنّ أُمّ سلمة قالت : يا رسول الله ما أنا من أهل البيت ؟ قال : " إنّك إلى خير ، وهؤلاء أهل بيتي ، اللهم أهل بيتي أحقّ " (4) .
وفي رواية أُخرى قالت أُمّ سلمة : يا رسول الله ألستُ من أهل البيت ؟ قال : " إنّك إلى خير ، إنّك إلى خير ، إنّك من أزواج النبيّ " (5) .
وروى مسلم عن زيد بن أرقم ، عندما سئل : " مَن هم أهل بيته ؟ نساؤه ؟ قال: لا ، وأيم الله إنّ المرأة تكون مع الرجل العصر من الدهر ، ثمّ يطلّقها فترجع إلى أبيها وقومها ؛ أهل بيته أصله وعصبته الذين حرموا الصدقة بعده " (6) .
وعن أبي سعيد الخدريّ قال : " أهل البيت الذين أذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً ، فعدّهم في يده ، فقال : خمسة : رسول الله وعلي وفاطمة والحسن والحسين " (7) .
____________
1- الأحزاب : 33 .
2- المستدرك على الصحيحين 3 / 148 .
3- شواهد التنزيل 2 / 63 و 115 ، المستدرك 2 / 416 ، مسند أبي يعلى 12 / 456 ، المعجم الكبير 3 / 53 ، تاريخ مدينة دمشق 14 / 142 ، سبل الهدى والرشاد 11 / 13 ، الدرّ المنثور 5 / 198 ، مسند أحمد 6 / 292 و 323 .
4- المستدرك 2 / 416 .
5- شواهد التنزيل 2 / 86 و 124 ، الدرّ المنثور 5 / 198 ، تاريخ مدينة دمشق 14 / 145 .
6- صحيح مسلم 7 / 123 .
7- مجمع الزوائد 9 / 165 .
|
الصفحة 414 |
|
( هادي هادي . السعودية . ... )