نصيحتنا لأهل السنّة أن لا يبحثوا فيه :
السؤال : ما مدى ذكر الاختلاف في القرآن بمصادر الشيعة ـ مع العلم أنّه غير مختلف والعياذ بالله ـ إلاّ أنّي لاحظت تكرار المدّعين والمفترين الناصبين لهذا ، ويذكرونه عن أعلام كبار كالمجلسيّ والكاشانيّ .
الجواب : قد ورد في مصادر أهل السنّة والشيعة قديماً روايات تدلّ على التحريف ، بل ما ورد في مصادر أهل السنّة من روايات أكثر بكثير ممّا ورد في مصادر الشيعة ، ولكن علماء الفرق الإسلاميّة ناقشوا في هذه الروايات سنداً ودلالة ، والتزموا بالقول بعدم تحريف القرآن الكريم .
إن قيل : إنّ بعض علماء الشيعة ألّف كتاباً في التحريف .
قلنا : إنّ بعض أعلام الأزهر بل غيره ألّف في التحريف ، أمثال كتاب المصاحف للسجستانيّ ، وكتاب الفرقان لابن الخطيب .
وفي صحاح أهل السنّة توجد روايات كثيرة صريحة بالتحريف ، وبعض هذه الصحاح التزم مؤلّفوها بأن لا يرووا إلاّ الصحيح ، أو لا يرووا إلاّ بما يعتقدون
|
الصفحة 91 |
|
به .
وعلى كلّ حال ، فنصيحتنا لأهل السنّة أن لا يبحثوا في هذا المسألة ، ولا يتّهموا الشيعة ، لأنّ ما ورد في مصادرهم في التحريف كثير جدّاً .
فإنّ البحث في مسألة التحريف اتخذه بعض الجهلة المغرضين من أهل السنّة ذريعة للطعن بالشيعة .
ولكن الشيعة تقديساً منهم للقرآن العظيم لم يجيبوا بالمثل ، وإلاّ فبإمكانهم استخراج كلّ ما ورد في مصادر أهل السنّة ، وتنظيمه في كتاب تحت عنوان ( أهل السنّة وتحريف القرآن ) ، ولكن لم يقدم الشيعة على تأليف مثل هكذا كتاب ، وتحمّلوا أنواع الطعن من قبل أهل السنّة ، كلّ ذلك تقديساً للقرآن ، لأنّ البحث في هذا الموضوع لا يستفيد منه إلاّ أعداء الإسلام للطعن في القرآن .
ومع كلّ هذا ، بادر أعلام الشيعة إلى تأليف عدّة كتب لنفي التحريف عند الشيعة والسنّة ، فتناولوا كلّ ما دلّ على التحريف في مصادر الشيعة والسنّة ، وناقشوه وردّوه بالأدلّة العلميّة .
( ... . ... . ... )
المفيد والصدوق والعامليّ والمجلسيّ لا يقولون به :
السؤال : هل صحيح قول الشيخ المفيد ، وأبي الحسن العامليّ ، والسيّد نعمة الله الجزائريّ ، والمجلسيّ وغيرهم ـ مع ما لهم من الفضل ، والدرجة العلميّة الرفيعة ـ بتحريف القرآن ؟
الجواب : إنّ نسبة التحريف إلى الشيخ المفيد (قدس سره) وغيره ، هي نسبة لابدّ من التحقيق عنها ، فلربما يروي المحدّث العالم حديثاً ، ولكن لا يعتقد بمضمونه ، مثلا الشيخ الصدوق (قدس سره) ـ الذي يلقّب برئيس المحدّثين ـ له كتاب ( من لا يحضره الفقيه ) ، وكتب أُخرى في الحديث ، قد ذكر في تلك الكتب بعض الروايات الدالّة في ظاهرها على نقصان القرآن ، لكنّه في كتابه ( الاعتقادات
|
الصفحة 92 |
|
) ـ الذي هو كتاب مطبوع موجود ـ يصرّح : بأنّ القرآن الموجود الآن لا زيادة فيه ولا نقصان ، ممّا يدلّ على أنّ الرواية أعمّ من الاعتقاد .
أمّا الشيخ المفيد فيصرّح بعدم نقصان القرآن في كتابه ( الاعتقادات ) ، وكذلك العلماء الآخرون ، الذين ذكرتم أسمائهم ، إلاّ السيّد نعمة الله الجزائريّ ، فالظاهر أنّه من القائلين بنقصان القرآن ، ولكن قوله لا يمثّل قول الطائفة .
( أحمد جعفر . البحرين . 19 سنة . طالب جامعة )
الزيادة في آية الكرسيّ زيادة توضيحية :
السؤال : وجدت في كتاب مفاتيح الجنان : أنّ آية الكرسيّ على التنزيل ـ الآية مكتوبة في الهامش : 66 ـ كالآتي : قال العلاّمة المجلسيّ : آية الكرسيّ على التنزيل على رواية علي ابن إبراهيم ، والكلينيّ ، هي كما يلي : الله لا اله إلاّ هو الحيّ القيّوم ، لا تأخذه سنّة ولا نوم ، له في ما في السماوات والأرض وما بينهما ، وما تحت الثرى ، عالم الغيب والشهادة ، الرحمن الرحيم ، من ذا الذي ... إلى هم فيها خالدون .
بحثت عن الرواية في السي دي الذي عندي عن الكتب الأربعة لم يظهر لي إلاّ حديث واحد لعلي بن إبراهيم ، فيه هذه الآية المزعومة ، فما هو القول في ضعف الحديث من ناحية السند والمتن ؟
وما هي أقوال العلماء الآخرين فيه ؟ علماً بأنّ أحد النواصب أتى بهذا للتشهير علينا ، وإثارة الفتنة ، ولكم منّا جزيل الشكر والامتنان .
الجواب : إنّ الحديث المشتمل على هذه الزيادة قد ورد في تفسير القمّيّ ، وروضة الكافي ، وكتاب العروس ؛ ولكن لا سبيل لإثبات سنده في كافّة هذه المصادر ؛ فأمّا سند التفسير فقد ورد فيه الحسين بن خالد ، الذي لم تثبت وثاقته ، بل ثبت أنّه قد خالف قول الإمام الرضا (عليه السلام) في مورد (1) .
____________
1- معجم رجال الحديث 6 / 250 .
|
الصفحة 93 |
|
وأمّا سند الكافي ، فيحتوي على محمّد بن سنان ، وهو غير موثوق ، بل ضعيف عند الرجاليّين ؛ وأمّا كتاب العروس فلم نعثر على سنده ، وأغلب الظنّ إنّه من المراسيل ، وعلى أيّ حال فلا حجّية لسنده ، ثمّ على تقدير التنزّل وفرض صحّة السند ، فهذه العبارة الموهمة هي فقرة توضيحية جاءت لتوضيح المزيد من معاني مفردات الآية بصورة مزجية ، كما نرى في بعض الشروح المتداولة ، إذ يأتي البيان والتوضيح متعاقباً للنصّ من دون فصل ظاهري ، ثمّ يستمرّ سرد النصّ كما هو عليه .
ويؤيّد ما قلنا : أنّ الرواية المذكورة في تفسير علي بن إبراهيم (قدس سره) في المقام ، قد اشتملت على موارد من هذا القبيل ـ أي الشرح المزجيّ ـ فلا يبعد أن يكون موردنا أيضاً قد كان هكذا ، ولكن حذفت أدوات الفصل والتوضيح بتناقل الحديث عند الرواة .
وبالجملة : فلابدّ إمّا من طرحها سنداً ، وإمّا تأويلها على الوجه المذكور نظراً للنصوص الصريحة ، والصحيحة ، والمستفيضة ، والأدلّة الواضحة على عدم نقص أو زيادة حتّى كلمة واحدة في القرآن الموجود بين أيدينا .
وهذا ما يتّفق عليه جميع علماء الطائفة فعلاً ، فكلّ الأقاويل التي ترد بخلاف هذا الإجماع مردودة ، وتفسير بما لا يرضى صاحبه .
( سلمان . ... . ... )
السؤال : هل صحيح بأنّ القرآن محرّف ؟ وما الدليل على أنّه محرّف ؟ مع العلم أنّني على استعداد لاتّباع الحقّ .
الجواب : إنّ القرآن والسنّة ـ الصحيحة عند الفريقين ـ والعقل وإجماع الأُمّة والطائفة كلّها تدلّ على عدم التحريف ، وهذا الموضوع ممّا يثيره أعداء الدين بلسان بعض المتلبّسين بالإسلام لكسر شوكة العقيدة ، بإثارة الشبهات حول
|
الصفحة 94 |
|
كتابهم المعصوم .
وأمّا ما ورد في هذا المجال من أقوال وروايات تخالف هذا المبنى ، فأمّا مطروحة سنداً ، أو مؤوّلة مدلولاً بما لا يخالفه .
( يعقوب يوسف حمّود . الكويت . 17 سنة . طالب )
السؤال : ما حقيقة ما يقال عن اعتقاد الشيخ الكلينيّ (قدس سره) بالتحريف ؟
الجواب : إنّ الشيخ الكلينيّ (قدس سره) روى في كتابه ( الكافي ) ما يستظهر منه تحريف القرآن ، لكنّ الرواية شيء ، والاعتقاد بها شيء آخر .
ونحن لا دليل عندنا على اعتقاده بكلّ ما رواه فيه ، كما هو الحال بالنسبة إلى كتاب البخاريّ ومسلم عند أهل السنّة ، وإن شئتم التفصيل فارجعوا إلى كتاب ( التحقيق في نفي التحريف ) .
( عبد الرحمن . الأردن . أشعريّ . 24 سنة . طالب ثانوية )
السؤال : ما هو معنى تحريف القرآن ؟ وما يراد منه ؟
الجواب : إنّ للتحريف معنيين :
1ـ تحريف بالزيادة ، ولا أحد يقول به ، وإن وردت بعض الروايات في مصادر أهل السنّة تنسب القول بالتحريف بالزيادة إلى بعض الصحابة .
2ـ التحريف بالنقصان ، وهذا القسم هو محلّ البحث ، فالروايات الواردة في معنى التحريف بالنقصان رويت في صحاح ومسانيد أهل السنّة أضعاف مضاعفة ممّا هي في كتب حديث الشيعة ، وهذه الروايات أكثرها قابلة للحمل على التأويل ، وبعضها ضعيفة السند ، والقليل من الروايات الصحيح الصريح في التحريف لا يعمل به ، وذلك بناءً على مبنى الشيعة في عرض الأخبار
|
الصفحة 95 |
|
على القرآن ، فما وافقه يأخذون به ، وما خالفه يضربون به عرض الجدار .
فإن قيل : في مصادر الشيعة توجد هناك روايات في التحريف .
قلنا : بعض كبار الصحابة ، وعلماء أهل السنّة أيضاً قالوا بالتحريف ، بالأخصّ أصحاب الصحاح والمسانيد ، الذين ذكروا أنّهم لا يروون إلاّ ما صحّ عندهم ، وما يعتقدونه ، وهم قد رووا عشرات الأحاديث في التحريف .
إن قيل : بعض علماء الشيعة ألّف في التحريف .
قلنا : بعض علماء السنّة أيضاً ألّف في التحريف ، كابن أبي داود السجستانيّ في كتابه ( المصاحف ) المطبوع في بيروت ، وابن الخطيب في كتابه ( الفرقان ) المطبوع في القاهرة .
إن قيل : ما ورد في مصادر أهل السنّة محمول على نسخ التلاوة .
قلنا : كثير من الأحاديث المروية عند أهل السنّة غير قابلة الحمل على نسخ التلاوة ، وثمّ ما ورد عند الشيعة أيضاً قابل للحمل على نسخ التلاوة .
وفذلكة القول : أنّ البحث في هذا الموضوع لا يخدم القرآن ، والمنتفع الأوّل والأخير هم أعداء القرآن والإسلام ، ومن هذا المنطلق وتقديساً للقرآن الكريم ألّف علماء الشيعة عشرات الكتب لردّ القول بالتحريف عند الشيعة والسنّة ، حفاظاً على القرآن الكريم ، ولم يردّ علماء الشيعة بالمثل على ما ألّفه علماء السنّة ضدّ الشيعة في مسألة التحريف ، ولو أرادوا ذلك لكتبوا عشرات الكتب في إثبات التحريف عند أهل السنّة ، ولكن تقديس القرآن يمنعهم للخوض في أمثال هذه الأبحاث .
( أحمد العنزي . الكويت . ... )