الفرق بين القدسيّ والنبويّ :
السؤال : ما الفرق بين الحديث القدسيّ والحديث النبويّ الشريف ؟ وجزاكم الله خير الجزاء .
الجواب : إنّ المقصود من الحديث النبويّ : هو الحديث الذي يحكي قول النبيّ محمّد (صلى الله عليه وآله) ، أو فعله ، أو تقريره .
أمّا الحديث القدسيّ ، أو الإلهيّ ، أو الربّاني ، أو أسرار الوحي : هو
|
الصفحة 336 |
|
كلّ حديث يضيف فيه المعصوم (عليه السلام) قولاً إلى الله تعالى ، ولم يرد في القرآن الكريم .
أو قل : هو الكلام المنزل بألفاظ بعثها الله تعالى في ترتيبها المعيّن لا لغرض الإعجاز ، نظير قوله تعالى : ( الصوم لي وأنا أجزي عليه ) (1) ، أو ( به ) (2) ، وبذا افترق عن القرآن الذي هو الكلام المنزل بألفاظه المعيّنة في ترتيبها المعيّن للإعجاز ، كما أنّه بخلاف الحديث النبويّ الذي هو الوحي إليه (صلى الله عليه وآله) بمعناه لا بألفاظه .
أمّا وجه إضافة الحديث القدسيّ إلى القدس ، فلأنّها الطهارة والتنزيه ، وإلى الإله والربّ لأنّه صادر منه ، وهو المتكلّم به والمنشئ له ، وإن كان جميعها صادراً بوحي إلهيّ ، لأنّ الرسول (صلى الله عليه وآله) كما قال تعالى : { وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى } (3) ، ومن هنا كان من أسرار الوحي .
وبالجملة : فإنّ وجوه التمايز بين القرآن الكريم والحديث القدسيّ ، خمسة :
الأوّل : أنّ القرآن معجز والحديث القدسيّ لا يلزم أن يكون معجزاً .
الثاني : أنّ الصلاة لا تكون إلاّ بالقرآن بخلاف الحديث القدسيّ .
الثالث : أنّ جاحد القرآن يكفّر بخلاف جاحد الحديث القدسيّ .
الرابع : أنّ القرآن لابدّ فيه من كون جبرائيل (عليه السلام) وسيلة بين النبيّ (صلى الله عليه وآله) وبين الله تعالى ، بخلاف الحديث القدسيّ .
الخامس : أنّ القرآن لا يمسّ إلاّ مع الطهارة ، والحديث القدسيّ يجوز مسّه من المحدث .
____________
1- الكافي 4 / 63 .
2- من لا يحضره الفقيه 2 / 75 .
3- النجم : 3 ـ 4 .
|
الصفحة 337 |
|
( حسين حامد . أمريكا . ... )
النصوص المصرّحة بهم في كتب السنّة :
السؤال : هل هناك حديث حول الأئمّة الاثني عشر بعد النبيّ (صلى الله عليه وآله) في كتب أهل السنّة ؟ وما هو إذا وجد ؟ وشكراً .
الجواب : لقد أخبر رسول الله (صلى الله عليه وآله) : بأنّ عدد الأئمّة الذين يلون الأمر من بعده اثنا عشر ، كما روى عنه ذلك أصحاب الصحاح والمسانيد الآتية :
1ـ عن جابر بن سمرة قال : دخلت مع أبي على النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، فسمعته يقول : ( إنّ هذا الأمر لا ينقضي حتّى يمضي فيهم اثنا عشر خليفة ) ، قال : ثمّ تكلّم بكلام خفي عليّ ، قال : فقلت لأبي : ما قال ؟ قال : ( كلّهم من قريش ) (1) .
2ـ عن جابر بن سمرة قال : سمعت النبيّ (صلى الله عليه وآله) يقول : ( لا يزال أمر الناس ماضياً ما وليهم اثنا عشر رجلاً ) ، ثمّ تكلّم النبيّ (صلى الله عليه وآله) بكلمة خفيت عليّ ، فسألت أبي : ماذا قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) ؟ فقال : ( كلّهم من قريش ) (2) .
3ـ عن سمّاك بن حرب قال : سمعت جابر بن سمرة يقول : سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول : ( لا يزال الإسلام عزيزاً إلى اثني عشر خليفة ) ، ثمّ قال كلمة
____________
1- صحيح مسلم 6 / 3 .
2- نفس المصدر السابق .
|
الصفحة 338 |
|
لم افهمها ، فقلت لأبي : ما قال ؟ فقال : ( كلّهم من قريش ) (1) .
4ـ عن جابر بن سمرة قال : قال النبيّ (صلى الله عليه وآله) : ( لا يزال هذا الأمر عزيزاً إلى اثني عشر خليفة ) ، قال : ثمّ تكلّم بشيء لم افهمه ، فقلت لأبي : ما قال ؟ فقال : ( كلّهم من قريش ) (2) .
5ـ عن جابر بن سمرة قال : انطلقت إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومعي أبي ، فسمعته يقول : ( لا يزال هذا الدين عزيزاً منيعاً إلى اثني عشر خليفة ) ، فقال كلمة صمنيها الناس ، فقلت لأبي : ما قال ؟ قال : ( كلّهم من قريش ) (3) .
6ـ عن عامر بن سعد بن أبي وقّاص قال : كتبت إلى جابر بن سمرة مع غلامي نافع : أن أخبرني بشيء سمعته من رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال : فكتب إليّ : سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوم جمعة عشية رجم الأسلمي ، يقول : ( لا يزال الدين قائماً حتّى تقوم الساعة ، أو يكون عليكم اثنا عشر خليفة ، كلّهم من قريش ) (4) .
7ـ عن جابر بن سمرة قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : ( لا تزال هذه الأُمّة مستقيما أمرها ، ظاهرة على عدوّها ، حتّى يمضي منهم اثنا عشر خليفة ، كلّهم من قريش ، ثمّ يكون المرج ) (5) .
8ـ عن جابر بن سمرة قال : كنت مع أبي عند النبيّ (صلى الله عليه وآله) فقال : ( يكون لهذه الأُمّة اثنا عشر قيّماً ، لا يضرّهم من خذلهم ) ، وهمس رسول الله بكلمة لم أسمعها ، فقلت لأبي : الكلمة التي همس بها رسول الله ، قال : ( كلّهم من قريش ) (6) .
____________
1- صحيح مسلم 6 / 3 ، مسند أحمد 5 / 90 و 100 و 106 ، مسند أبي داود : 105 و 180 ، صحيح ابن حبّان 15 / 44 ، المعجم الكبير 2 / 232 .
2- صحيح مسلم 6 / 3 ، مسند أحمد 5 / 98 .
3- صحيح مسلم 6 / 4 ، المعجم الكبير 2 / 195 .
4- صحيح مسلم 6 / 4 ، الآحاد والمثاني 3 / 128 ، مسند أبي يعلى 13 / 456 .
5- كنز العمّال 12 / 32 ، تهذيب الكمال 3 / 223 ، البداية والنهاية 6 / 279 .
6- المعجم الأوسط 3 / 201 ، المعجم الكبير 2 / 196 ، كنز العمّال 12 / 33 .
|
الصفحة 339 |
|
9ـ عن جابر بن سمرة قال : سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول : ( لا يزال هذا الدين قائماً حتّى يكون عليكم اثنا عشر خليفة ) (1) .
10ـ عن جابر بن سمرة قال : كنت عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فسمعته يقول : ( لا يزال أمر هذه الأُمّة ظاهراً حتّى يقوم اثنا عشر خليفة ) ، وقال كلمة خفيت عليّ ، وكان أبي أدنى إليه مجلساً منّي ، فقلت : ما قال ؟ قال : ( كلّهم من قريش ) (2) .
11ـ عن مسروق قال : كنّا جلوساً ليلة عند عبد الله ـ أي ابن مسعود ـ يقرئنا القرآن ، فسأله رجل فقال : يا أبا عبد الرحمن ، هل سألتم رسول الله كم يملك هذه الأُمّة من خليفة ؟
فقال عبد الله : ما سألني أحد منذ قدمت العراق قبلك ، قال : سألناه فقال : ( اثنا عشر عدّة نقباء بني إسرائيل ) (3) .
12ـ قال ابن مسعود : قال رسول الله : ( يكون بعدي من الخلفاء عدّة أصحاب موسى ) (4) .
إذاً نصّت الروايات الآنفة أنّ عدد الولاة اثنا عشر ، وأنّهم من قريش ، وقد بيّن الإمام علي (عليه السلام) في كلامه المقصود من قريش ، حيث قال : ( إنّ الأئمّة من قريش ، غرسوا في هذا البطن من هاشم ، لا تصلح على سواهم ، ولا يصلح الولاة من غيرهم ) (5) .
وقال (عليه السلام) : ( اللهم بلى ، لا تخلو الأرض من قائم لله بحجّة ، إمّا ظاهراً
____________
1- سنن أبي داود 2 / 309 ، فتح الباري 13 / 182 ، تحفة الأحوذيّ 6 / 391 ، كتاب السنّة : 518 ، المعجم الكبير 2 / 208 ، كنز العمّال 11 / 135 ، ينابيع المودّة 3 / 289 .
2- المستدرك 3 / 617 ، المعجم الكبير 2 / 196 .
3- المستدرك 4 / 501 ، مسند أحمد 1 / 398 و 406 .
4- كنز العمّال 12 / 33 ، البداية والنهاية 6 / 278 .
5- شرح نهج البلاغة 9 / 84 .
|
الصفحة 340 |
|
مشهوراً ، وأمّا خائفاً مغموراً ، لئلاّ تبطل حجج الله وبيّناته ) (1) .
( هاشم . الكويت . ... )
لا ينطبق إلاّ على أئمّة الشيعة :
السؤال : كيف نثبت إمامة الأئمّة الطاهرين دون ما يذهب إليه الزيديّة وغيرهم ؟ ولكم منّا جزيل الشكر .
الجواب : تواتر عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قوله : ( بعدي اثنا عشر أميراً أو خليفة أو قيّماً ، كلّهم من قريش ، أو كلّهم من بني هاشم ) ، وهذا الحديث ورد بألفاظ مختلفة ، رواه جميع المسلمين باختلاف مذاهبهم .
وهذا الحديث لا ينطبق إلاّ على الأئمّة الاثني عشر ، الذين يأتمّ بهم الشيعة ، لا على أهل السنّة ، ولا على الزيديّة ، ولا على الإسماعيلية .
أضف إلى ذلك ، ما ورد متواتراً عند الشيعة من ذكر رسول الله (صلى الله عليه وآله) أسماؤهم ، وكذلك ما روي متواتراً من طريق الشيعة من نصّ بعضهم على الآخر .
( عبد المنعم الخلف . السعودية . 31 سنة . دبلوم )