السؤال: هل هناك فرق بين المسند والصحيح عند القوم ؟ إذ الوهّابية يرفضون أن يكون الجامع الكبير للترمذي من الصحاح ، وإذا كان هناك ما يدفع كلامهم ، فأرجو البيان وذكر المصدر .
الجواب : الفرق بين المسند والصحيح هو : أنّ المسند هو الأحاديث التي يرويها المحدّث بأسانيد عن كلّ واحدٍ من الصحابة ، فيذكر أحاديثه تحت عنوان اسمه ، كما هو الحال في مسند أحمد مثلاً .
أمّا الصحيح فهو مجموعة الأحاديث ، التي يرى المحدّث صحّتها بحسب شروطه ، مبوّبةً بحسب الموضوعات .
والوهابيّة الذين يرفضون " الجامع الكبير " للترمذي إنّما يقلِّدون ابن تيمية في كتابه " منهاج السنّة النبوية " ، لكنّكم إذا راجعتموه وجدتم ابن تيمية يحتجُّ ب " الجامع الكبير " للترمذي ، في كلّ موردٍ يكون في صالحه ، وأمّا رفضه له فهو لروايته مناقب أمير المؤمنين (عليه السلام) .
فقال في حديث " أنا مدينة العلم وعلي بابها " : " أضعف وأوهى ، ولهذا إنّما يعدّ في الموضوعات ، وإن رواه الترمذي " (1) .
وقال في موضع : " والترمذي في جامعة روى أحاديث كثيرة في فضائل
____________
1- منهاج السنّة النبوية 7 / 515 .
|
الصفحة 114 |
|
علي ، كثير منها ضعيف ، ولم يرو مثل هذا لظهور كذبه " (1) .
وفي آخر : " والترمذي قد ذكر أحاديث متعدّدة في فضائله ، وفيها ما هو ضعيف بل موضوع " (2) .
فهو لا يرفض " الجامع الكبير " للترمذي بل يستدلّ برواياته وينقلها في كتبه ، وإنّما يرفض الروايات التي نقلها في فضائل الإمام علي (عليه السلام) .
( عماد ... ... )
السؤال: هل بإمكانكم إخباري في أيّ كتاب قالت الوهّابية بإنّ الله له أرجل وأيدي ، ووجه وأعين ... .
الجواب : بإمكانك التقصّي عن عقيدة الوهّابية في التجسيم من خلال فتاوى علمائهم ، أو بالسؤال من علمائهم، عن تفسير آية : { ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ } (3)، أو قوله تعالى : { هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ } (4) ، إلى غير ذلك من الآيات ، وأنظر ماذا تجاب من قبلهم ؟ عندها تستطيع الحكم أنت بنفسك على ما يعتقدونه ، من صفات الربّ جلّ جلاله .
ولعلّنا سنزوّدك ما يمكن ذكره في هذا المقام المختصر ، ببعض أقوال شيخهم ابن تيمية ، فقد قال عن حديث لرسول الله (صلى الله عليه وآله) : " إنّ الله يضحك إلى رجلين ، يقتل أحدهما الآخر ، كلاهما يدخل الجنّة " : متّفق عليه (5) .
ومثله قال عن حديث لرسول الله (صلى الله عليه وآله) : " ولا تزال جهنّم يلقى فيها ، وهي تقول : هل من مزيد ؟ حتّى يضع ربّ العزّة فيها رجله ، فينزوي بعضها إلى
____________
1- المصدر السابق 7 / 178 .
2- المصدر السابق 5 / 511 .
3- الأعراف : 54 .
4- الإسراء : 1 .
5- العقيدة الواسطية : 20 .
|
الصفحة 115 |
|
بعض ، فتقول : قط قط " (1) .
وما ذكره محمّد بن عبد الوهّاب في كتابه " التوحيد " (2) ، عن ابن مسعود قال : جاء حبر من الأحبار إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال : يا محمّد ، إنّا نجد أنّ الله يجعل السماوات على إصبع من أصابعه ، والأرضين على إصبع ، والشجر على إصبع ، والماء على إصبع ، والثرى على إصبع ، وسائر الخلق على إصبع ، فيقول : أنا الملك ، فضحك النبيّ (صلى الله عليه وآله) حتّى بدت نواجذه تصديقاً لقول الحبر ، ثمّ قرأ رسول الله (صلى الله عليه وآله) : { وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ } (3) .
وقد قال ابن باز في فتاويه : " التأويل في الصفات منكر ولا يجوز ، بل يجب إمرار الصفات كما جاءت على ظاهرها اللائق بالله جلّ وعلا ، بغير تحريف ولا تعطيل ، ولا تكييف ولا تمثيل (4) .
وقال أيضاً : " الصحيح الذي عليه المحقّقون ، أنّه ليس في القرآن مجاز على الحدّ الذي يعرفه أصحاب فنّ البلاغة ، وكلّ ما فيه فهو حقيقة في محلّه (5) .
هذا بعض ما أمكننا إرشادك إليه من أقوالهما ، وجملةً من فتاويهما ، وعليك أن تتحقّق عن الباقي بنفسك ، وإن شئت فارجع إلى :
1-العقيدة الواسطية لابن تيمية .
2-شرح العقيدة الواسطية لابن عثمين .
3-كتاب التوحيد لمحمّد بن عبد الوهّاب .
____________
1- نفس المصدر السابق .
2- كتاب التوحيد : 157 .
3- الزمر : 67 .
4- فتاوى ابن باز 1 / 297 .
5- المصدر السابق 1 / 360 .
|
الصفحة 116 |
|
4-شرح نونية ابن قيّم الجوزية لمحمّد خليل هراس .
5-كتاب العرش لابن تيمية .
6-كتاب السنّة لعبد الله بن أحمد بن حنبل .
وكتب أُخرى لهم في هذا المجال ، وفيها التجسيم بأجلى صورة .
|
الصفحة 117 |
|
( زين . السعودية ... )
السؤال: ما رأي علماء الشيعة في عبد الله بن عباس (رضي الله عنه) ؟
الجواب : نذكر بعض أقوال علماء الشيعة في ابن عباس :
1-قال العلاّمة الحلّي : " من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، كان محبّاً لعلي (عليه السلام) وتلميذه ، حاله في الجلالة والإخلاص لأمير المؤمنين (عليه السلام) أشهر من أن يخفى .
وقد ذكر الكشّي (1) أحاديث تتضمّن قدحاً فيه ، وهو أجلّ من ذلك ، وقد ذكرناها في كتابنا الكبير وأجبنا عنها رضي الله تعالى عنه " (2) .
2-قال الشيخ حسن صاحب المعالم : " عبد الله بن عباس ، حاله في المحبّة والإخلاص لمولانا أمير المؤمنين (عليه السلام) ، والموالاة والنصرة له ، والذبّ عنه ، والخصام في رضاه ، والمؤازرة ممّا لا شبهة فيه ، وقد كان يعتمد ذلك مع من يجب اعتماده معه ، على ما نطق به لسان السيرة " (3) .
3-قال العلاّمة التستري بعد أن ذكر جملة من مواقفه مع أعداء أهل البيت : " وبالجملة : بعدما وقفت على محاجّاته مع عمر وعثمان ، ومعاوية وعائشة ، وابن الزبير وباقي أعداء أهل البيت ، وتحقيقه للمذهب ودفعه عن الشبه ، لو قيل : إنّ هذا الرجل أفضل رجال الإسلام بعد النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، والأئمّة
____________
1- اختيار معرفة الرجال 1 / 279 .
2- خلاصة الأقوال : 190 .
3- التحرير الطاووسي : 312 .
|
الصفحة 118 |
|
الاثني عشر (عليهم السلام) ، وحمزة وجعفر (رضوان الله عليهما) كان في محلّه " (1) .
( يوسف . الإمارات . 30 سنة . طالب جامعة )
السؤال: ما رأيكم في ابن عباس ؟
الجواب : هناك رأيان في ابن عباس ، رأي عدّه من الثقات للروايات المادحة له ، وقدح بالروايات الذامّة له ، ورأي ثان عدّه من الضعفاء للروايات الذامّة له ، ولأجل معرفة سبب تضعيفه ، نورد بعض ما أُشكل عليه :
أوّلاً : أنّه نقل بيت المال من البصرة إلى الحجاز حينما كان والياً على البصرة ، وهذا دليل خيانته وعدم عدالته ، وخروجه على طاعة إمام زمانه .
وفيه : إنّ ما اشتهر عن نقله لبيت مال البصرة لم يثبت برواية صحيحة يطمئن إليها ، نعم كلّ من اعتمد على الخبر كان مدركه الشهرة وليس أكثر ، بل إنّ بعض علمائنا طعن في صحّة هذه الشهرة ، ونسب ما اشتهر في ذمّ ابن عباس إلى ما أشاعه معاوية من الطعن في أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) ، وقد ذهب إلى ذلك السيّد الخوئي (قدس سره) في معجمه (2) .
قال ابن أبي الحديد : " وقد اختلف الناس في المكتوب إليه هذا الكتاب ، فقال الأكثرون : إنّه عبد الله بن عباس ، ورووا في ذلك روايات ، واستدلّوا عليه بألفاظ من ألفاظ الكتاب ، كقوله (عليه السلام) : " أشركتك في أمانتي " ... وقال الآخرون وهم الأقلّون : هذا لم يكن ، ولا فارق عبد الله بن عباس عليّاً (عليه السلام) ولا باينه ولا خالفه ، ولم يزل أميراً على البصرة إلى أن قتل علي (عليه السلام) .
قالوا : ويدلّ على ذلك ما رواه أبو الفرج علي بن الحسين الأصفهاني من
____________
1- قاموس الرجال 6 / 490 .
2- معجم رجال الحديث 11 / 254 .