فمن أمثال هارون الرشيد الطاغية يصعب عليه الخمس ويراه كثيراً ، فكيف بمن ينكر ويمنع أصل ذلك ؟
والخمس كما في الآية الشريفة للأصناف الستة : لله وللرسول ولذوي القربى ـ وهم الأئمّة الأطهار ـ وما كان لله فهو لرسوله ، وما كان للرسول فهو للإمام المعصوم (عليه السلام) .
وقد تعارف بين المتشرّعة وجود سهم في زمن الغيبة الكبرى ، باسم سهم
____________
1- الأنفال : 41 .
2- بصائر الدرجات : 49 .
3- بحار الأنوار 48 / 158 .
|
الصفحة 461 |
|
الإمام ، يصرف في ترويج الدين الإسلاميّ والمصالح العامّة بإذن من مرجع التقليد الجامع للشرائط أو وكيله ، والنصف الثاني من الخمس يعطى للأصناف الثلاثة الأُخرى المذكورين في الآية الشريفة من الهاشميّين بدلاً من الزكاة ، لأنّها من غيرهم تحرم عليهم ، ويسمّى هذا القسم : بسهم السادة .
فالخمس من الفرائض المؤكّدة المنصوص عليها في القرآن الكريم ، وقد ورد الاهتمام الكبير بشأنه في كثير من الروايات المأثورة عن أهل البيت (عليهم السلام) ، وفي بعضها اللعن والويل والثبور على من يمتنع من أدائه ، وعلى من يأكله بغير استحقاق .
فمن كتاب لإمامنا المهديّ (عليه السلام) قال : ( ومن أكل من أموالنا شيئاً ، فإنّما يأكل في بطنه ناراً ) (1) .
وقال (عليه السلام) أيضاً في كتاب آخر : ( بسم الله الرحمن الرحيم : لعنة الله والملائكة والناس أجمعين على كلّ من أكل من مالنا درهماً حراماً ) (2) .
وقال (عليه السلام) أيضاً : ( وأمّا المتلبّسون بأموالنا فمن استحلّ منها شيئاً فأكله ، فإنّما يأكل النيران ) (3) .
فيا ترى ، فهل يعيش برغد وسعادة من يمنع الخمس ؟ وأنّى يكون ذلك وصاحب العصر والزمان (عليه السلام) يدعو عليه ؟ وطوبى لمن أدّى خمسه ، وشمله دعاء مولاه ، فكيف لا يسعد ولا يوفّق في حياته ، ولا يعيش بهناء في الدنيا ، وجنّات عرضها السماوات والأرض في الآخرة .
وهذا المال ممّن ؟ أليس من الله سبحانه ؟ فلماذا يبخل الإنسان ؟
وإن قيل : إنّما هو بكدّي وعرق جبيني ، فنقول : وممّن الحول والقوّة ؟ وممّن الصحّة والعافية ؟ وممّن التوفيق ؟ فلماذا لا نطيع ربّ العالمين ؟ ولماذا
____________
1- كمال الدين وتمام النعمة : 521 .
2- المصدر السابق : 522 .
3- المصدر السابق : 485 .
|
الصفحة 462 |
|
البخل ؟ وما قيمة المال بلغ ما بلغ ؟ فكيف لو كان ذلك موجباً لدعاء صاحب الأمر (عليه السلام) عليه ، فيما لم يودّ حقوقه الشرعيّة ؟ وفي المال حقّ للسائل والمحروم ، وما ثمن المال لو كان عاقبته النيران والويل ، ولعنة الله والملائكة والناس أجمعين .
وجاء في تفسير القمّيّ عندما يسأل أهل النار { مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ } (1) ؟ فمن أجوبتهم ، يقولون : { وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ } (2) قال : ( حقوق آل محمّد (صلى الله عليه وآله) من الخمس لذوي القربى ، واليتامى والمساكين ، وابن السبيل ، وهم آل محمّد (عليهم السلام) ) (3) .
وجاء أيضاً في قوله تعالى : { وَلاَ تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ } (4) أي لا تدعوهم ، وهم الذين غصبوا آل محمّد حقّهم ، وأكلوا أموال اليتامى وفقراءهم ، وأبناء سبيلهم (5) ، وهذا من التأويل أن لم يكن من التفسير ، فتدبّر وأمعن النظر ، فلا يقل الخمس عن الزكاة في القدر ، ولا في الحكمة والأثر .
وأمّا كيفية استخراج الخمس ، فإنّه مذكور بالتفصيل في الرسائل العملية لمراجعنا الكرام ، فر اجع .
( أحمد . ... . ... )
آية { وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ } لا تدلّ عليه :
السؤال : وجدت في تفسير آية { وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ } ، وفي رواية أنّ علي
____________
1- المدّثّر : 42 .
2- المدّثّر : 44 .
3- تفسير القمّيّ 2 / 395 .
4- الفجر : 18 .
5- تفسير القمّيّ 2 / 420 .
|
الصفحة 463 |
|
بن الحسين (عليهما السلام) قال لرجل من أهل الشام : ( نحن ذو القرابة ) ، وأنّ معناها الخمس .
ووجدت روايات في بعض الكتب ، أنّه حينما نزلت الآية ، أعطى النبيّ (صلى الله عليه وآله) فدكاً لفاطمة (عليها السلام) ، فلذا أيّها الأساتذة الأفاضل ، إذا كانت الآية هي الخمس ، فما هو التفسير في إعطاء النبيّ (صلى الله عليه وآله) فدكاً لفاطمة (عليها السلام) عند نزولها ، فهل فدك كانت من الخمس ؟
أرجو منكم الإجابة التي تشفي الغليل ، وتطمئن القلب .
الجواب : نعم ، وردت روايات كثيرة إلى حدّ الاستفاضة في إعطاء النبيّ (صلى الله عليه وآله) فدكاً لفاطمة (عليها السلام) بعد نزول هذه الآية ، والتي وردت في سورتين (1) ، وأيضاً ورد في رواية الاحتجاج عن الإمام السجّاد (عليه السلام) تأويله { ذَا الْقُرْبَى } بأهل البيت (عليهم السلام) (2) .
ولكن لم يرد في أثر أنّ مقصود الآية هو الخمس ، فالمجامع الروائية خالية من هذا المعنى ، ولا نعلم له وجهاً وجيهاً ، وللمزيد من الإيضاح راجع تفاسير الميزان ، الصافي ، العيّاشيّ ، البرهان ، وكافّة المجموعات الحديثية عند الفريقين .
وأمّا إبداء احتمال لدى بعض المفسّرين ، فبما أنّه لا يعتمد على دليل قوي فلا حجّية له .
( أُمّ بدر . الكويت . سنّية )
أين حديث الرسول في وجوب الخمس :
السؤال : أين حديث الرسول (صلى الله عليه وآله) في وجوب الخمس في ما زاد عن المؤنة ؟ مع العلم لقد اطلعت على أحاديث الأئمّة ، ووجدت حديث الرسول عن الخمس في غنائم الحرب والركاز فقط ، ولم أجد روايات عن الإمام علي (رضي الله عنه) عن خمس
____________
1- الإسراء : 26 ، الروم : 38 .
2- الاحتجاج 2 / 33 .
|
الصفحة 464 |
|
في ما زاد عن المؤنة .
الجواب : الدليل على وجوب الخمس فيما يفضل عن مؤنة السنة له ولعياله من أرباح التجارات والصناعات والزراعات ، هو قوله تعالى : { وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ للهِ خُمُسَهُ } (1) ، والغنيمة اسم للفائدة ، فكما يتناول هذا اللفظ غنيمة دار الحرب بإطلاقه ، يتناول غيرها من الفوائد .
وكذلك الدليل على الوجوب الأخبار المستفيضة عن أهل البيت (عليهم السلام) (2) .
وهذا الحكم مقطوع به في كلام فقهاء الشيعة ، بل ادّعى عليه العلاّمة في التذكرة والمنتهى الإجماع ، وتواتر الأخبار (3) .
وكما تعلمون ، فإنّ الأحكام الشرعيّة تعبّدية ، فإذا ثبت الحكم برواية صحيحة يجب الاتباع ، فكيف بثبوته بالأخبار المتواترة .
( حسين ثابت . السعودية . ... )
آية الخمس تشمل غير غنائم الحرب :
السؤال : ما هو الدليل على أنّ الخمس واجب شرعيّ عامّ ؟ وليس واجباً فقط في الحرب ؟ كما نعلم في نزول آية : { وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ ... } (4) ، وهل يؤيّد ذلك في مصادر إخواننا أبناء السنّة ؟ ودمتم سالمين .
الجواب : إنّ الشيعة تلتزم بتعميم الحكم المستفاد من الآية المذكورة ، بمعونة الروايات والأحاديث المتواترة الواردة من طريق أهل البيت (عليهم السلام) ، وهذا ممّا لا ريب فيه .
ثمّ قد يدّعي أهل السنّة باختصاص الآية بغنائم الحرب ، ويلاحظ عليهم :
____________
1- الأنفال : 41 .
2- وسائل الشيعة 9 / 499 .
3- تذكرة الفقهاء 1 / 252 ، منتهى المطلب 1 / 548 .
4- الأنفال : 41 .
|
الصفحة 465 |
|
أوّلاً : إنّ هذا القول مخالف لإجماع أهل اللغة في معنى كلمة ( الغنيمة ) ، فإنّهم يصرّحون باشتمالها على كلّ ما ظفر به من الفوائد والأرباح والمكاسب ، وغنائم الحرب .
وعليه ، فصرف معنى الكلمة عن ظهورها ، وحصره في غنيمة الحرب ، يحتاج إلى دليل عقليّ أو نقليّ ، وكلاهما مفقودان في المسألة .
ثانياً : ورد في بعض الأحاديث في المصادر السنّية في تخميس موارد ليست من غنائم الحرب ، فجاء أنّه ( في الركاز الخمس ) (1) ، ممّا يؤيّد عدم انحصار قانون الخمس في غنائم الحرب فحسب .
ثالثاً : هناك من يرى من أعلام السنّة وجوب الخمس في غير غنائم الحرب من الكنز وغيره ، فمثلاً ينسب البخاريّ إلى الحسن وجوب الخمس في العنبر واللؤلؤ (2) ، ونقل بعضهم وجوب الخمس في المعدن عن عدّة ، منهم أبي حنيفة والزهري ، وأصحاب الرأي (3) .
رابعاً : نرى بعض أعلام أهل السنّة ـ كابن حزم ـ يعتمد على نفس الآية المذكورة في استدلاله لوجوب الخمس في الكنز (4) .
وهذا إنّما يدلّ على التزامه بإطلاق الآية ، أي أنّه يعتقد بأنّ آية الغنيمة لا تختصّ بغنائم الحرب ، بل وتعمّ كافّة المكاسب والفوائد .
____________
1- صحيح البخاريّ 2 / 137 ، سنن ابن ماجة 2 / 839 ، سنن أبي داود 2 / 53 ، السنن الكبرى للبيهقيّ 4 / 152 ، مسند أحمد 1 / 314 و 3 / 336 ، مجمع الزوائد 3 / 78 ، فتح الباري 3 / 288 ، تحفة الأحوذيّ 3 / 243 .
2- صحيح البخاريّ 2 / 136 .
3- المجموع 6 / 90 .
4- المحلّى 7 / 324 .
|
الصفحة 466 |
|
( إبراهيم محمّد . البحرين . 19 سنة . طالب جامعة )