موقف المسلمين من مقولة عمر :
السؤال : كيف سكت المسلمون عندما سمعوا من عمر كلمة يهجر ؟ هل هؤلاء لم يكونوا مسلمين ؟ أم إسلامهم بالقول فقط ؟ وإذا كانوا بهذا المستوى ، من الذي بنى أمجاد الإسلام ؟ أليس هم هؤلاء المسلمين ؟ وكيف رضخوا بالأمر الواقع ؟ هل خوفاً من عمر ؟ أم أنّ في الأمر سرّاً ؟ خصوصاً إذا علمنا أنّ الإسلام انتصر بالسيف ، ووصل إلى جميع بقاع الدنيا ـ كما نقرأ في التاريخ ـ وهناك أحداث سياسية مضطربة في عهد الرسول (صلى الله عليه وآله)، كيف نوفّق بين هذا وهذا ؟
هل لا يوجد تناقض بين الأمرين ؟ خصوصاً أنّ المسلمين دائماً ما يفتخرون بإنجازاتهم وبطولاتهم التي ملأت الخافقين ، نرجو الإيضاح ، وكيف قبل المسلمون خلافة أبي بكر ؟ رغم أنّه غير موصى به من قبل الرسول (صلى الله عليه وآله) ، هل المسلمون قبلوا ذلك رغماً عنهم ؟ أم أنّ ذلك مؤامرة منهم ؟ وأين الأغلبية منهم ؟ والأبطال الذين مدحهم الرسول في حياته (صلى الله عليه وآله) ؟
الجواب : لم يثبت لدينا أنّ المسلمين بأجمعهم قد سمعوا كلمة عمر ، بل سمعها الحاضرون عند النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، ثمّ نقل هذا الخبر والحادث بواسطة هؤلاء إلى الآخرين ، فوصل إلينا .
وبما أنّ الرسول (صلى الله عليه وآله) قد نهاهم من التشاجر والخلاف عنده ، حصل نوع من الغفلة والتناسي عند القوم بالنسبة لمقولة عمر ، فاستغلّ أصحاب السقيفة هذه الفجوة ، واشتغال الناس بمأساة النبيّ (صلى الله عليه وآله) فحدث ما حدث .
|
|
|
وعليه ، فالنتيجة حصلت لهم بفضل التعتيم الإعلامي المذكور ، وإلاّ فالخطّ العامّ من المسلمين كان لا يصبر على هذه الجسارة الصادرة من عمر إن سمعها .
ثمّ ذكرت الأمجاد ، فإنّ كان المراد منها الفتوحات التي كان بعضها باستشارة أمير المؤمنين (عليه السلام) فلا كلام في شرعيّتها ، ومدى تأثيرها في توسيع رقعة الإسلام ، مع نشر فكره وثقافته .
وأمّا أكثر هذه الحروب والفتوحات لم تكن في مصلحة الدين بقدر ما كان الداعي إليها توسيع دائرة الحكم ، فترى أحياناً أنّها كانت مثيرة للضغائن عند بعض الأُمم والقوميات ، ممّا كان ينعكس سلبيّاً على معاملتهم مع أصل الدين .
وصفوة القول : أنّنا لا نسلّم بأنّ مطلق الفتوحات بعد النبيّ (صلى الله عليه وآله) تحسب من الأمجاد ، بل الأمر قابل للنقاش في الموارد المختلفة .
فخلافة الثلاثة الأُول جاءت نتيجةً لمؤامرة مدبّرة من قبل البعض ، خلافاً للنصوص الواردة في الموضوع ، ورغماً عن رأي الأقلّية المحقّة ، فاستغلّوا غفلة الأغلبية وعدم تجاوبهم مع الحقّ ، فجاءوا بالباطل بدلاً عن الحقّ .
ويمكنك مراجعة الأسئلة المتعلّقة بالإمامة فإن فيها أجوبة أكثر تفصيلاً .
|
|
( رندا . فلسطين . سنّية . 23 سنة )
السؤال : ما هو زواج المسيار ؟ وما هي شروطه ؟ وما حكمه شرعاً ؟ وكيف يكون ؟
الجواب : إنّ زواج المسيار الذي شاع مؤخّراً عند بعض الناس هو : أن يشترط الزوجان في متن العقد على إسقاط نفقة الزوجة ، والمبيت عندها ، وغير ذلك من حقوقها ، مقابل تمتّع أحدهما بالآخر ، ثمّ يطلّق الزوج زوجته متى شاءا .
ودافع هذا كما هو معلوم ، الاستجابة إلى الحاجة الجنسية لكلا الزوجين، دون قيود وشروط تسبّب مشكلةً في الاقتران بينهما .
ولكن المسلمين لا حاجة لهم بزواج المسيار بعد أن أباح الله زواج المتعة ، إذ إنّ الإسلام أخذ بالاعتبار أهمّية إشباع الحاجة الجنسية لدى الجنسين ، وأكّد على تهذيبها وتوجيهها بطريقة تضمن لكلا الطرفين حقوقهما الجنسية ورغبتهما ، وقد أكّد القرآن الكريم هذا الزواج المعروف بالمتعة ، بقوله تعالى : { فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً } (1) ، فكان صحابة رسول الله (صلى الله عليه وآله) يمارسون هذا الزواج المؤقّت ـ المعروف بالمتعة ـ متى ما احتاج أحدهم إلى ذلك .
أخرج مسلم في صحيحه عن عبد الله بن مسعود قال : كنّا نغزو مع رسول
____________
1- النساء : 24 .
|
|
|
الله (صلى الله عليه وآله) ليس لنا نساء ، فقلنا : يا رسول الله ألا نستخصي ؟ فنهانا ، ثمّ رخّص لنا أن ننكح المرأة بالثوب إلى أجل ، ثمّ قرأ علينا { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحَرِّمُواْ طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ } (1) .
وزواج المتعة أو الزواج المؤقّت هو : أن يتّفق الزوجان على الزواج ، ويحدّدان مدّة معلومة ، ومهرٍ معلوم ـ تماماً كما هو الزواج الدائم ـ إلاّ أنّ له مدّة محدودة ، هذا هو الزواج المؤقّت في زمن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، ثمّ أُلغي وبقي عليه الشيعة وبعض السنّة (2) يبيحونه .
( ... . ... . ... )
السؤال : ما هو الفرق بين زواج المسيار وزواج المتعة ؟ هل الفارق على مستوى الاسم والاصطلاح ؟ أم هناك اختلافاً جوهرياً ؟
الجواب : إنّ زواج المسيار هو : أن يشترط الزوجان في متن العقد على إسقاط نفقة الزوجة ، والمبيت عندها ، وغير ذلك من حقوقها ، مقابل تمتّع أحدهما بالآخر ، ثمّ يطلّق الزوج زوجته متى شاء .
وهذا الزواج كما تعلم اتفاق بين الزوجين بإسقاط الحقوق إشباعاً للحاجة الجنسية بينهما ، وهي طريقة مستجدّة ، وممّا يُؤسف عليه أنّ هؤلاء الذين لجئوا إلى هذه الطريقة من الزواج لم يريدوا ـ عن عمدٍ أو عن جهل ـ أن يذعنوا إلى حكم شرعيّ شرّعه الله تعالى في كتابه ـ كما شرّع الزواج الدائم ـ وهو نكاح المتعة .
فكما أنّ المجتمع يخشى إفلات أبنائه بسبب الدوافع الجنسية غير المهذّبة ، شرّع الله تعالى ـ وهو العالم بما يحتاجه خلقه ـ زواج المتعة تلافياً لأيّ عملٍ
____________
1- المائدة : 87 ، صحيح مسلم 4 / 130 .
2- كابن جريج المكّيّ .
|
|
|
يوقع الإنسان في معصيته ، بعد أن يكون غرضاً للتجاذبات الجنسية .
وزواج المتعة هو : عقد بين الزوجين على مهرٍ معلوم ، وبأجلٍ معلوم ، فإذا انتهى الأجل انتهى الزواج ، دون الحاجة إلى طلاق ، وليس بين الزوجين توارث ـ أي لا يرث أحدهما الآخر ، إن مات أحدهما في مدّة العقد ـ وعلى الزوجة أن تعتدّ . ويراجع في ذلك الى الكتب الفقهية .
وبهذا استطاع الإسلام من أوّل بزوغه ، أن يعالج المشكلة الجنسية بحكمةٍ بالغة ، ولم يُنسخ حكمها أبداً ، بل اجتهد رجل برأيه فحرّم ذلك ، وبقي البعض على تشريع رسول الله (صلى الله عليه وآله)، واتبع الآخرون تحريم من اجتهد بالتحريم .
فزواج المتعة زواج قائم بذاته ، له خصوصيّاته ، وللزوجة مهرها ، وعليها عدّتها ، في حين زواج المسيار هو زواج دائم ، بإسقاط حقوق الزوجة ، أو حقوق الزوجين كلاهما .
( ... . ... . ... )
السؤال : ما هو حكم زواج المسيار على مباني الإمامية ، وفتاواهم ؟
الجواب : إنّ زواج المسيار ـ على ما ينقل من ذوي الخبرة ـ هو زواج يعتبر فيه العقد ـ من الإيجاب والقبول ـ وثبوت المهر ، ويختلف عن الزواج العادي ، بتنازل الزوجة عن حقّ المبيت ، والنفقة والإرث ، أو حتّى عن مراعاة العدل بينها ، وبين الزوجات الأُخرى ـ إن وجدت ـ .
وهذا الزواج بحسب الموازين الشرعيّة يعتبر زواجاً دائماً مع شروط .
ولكنّ الذي ينبغي أن يقال : إنّ هناك ـ في موضوع الزواج ـ حقوقاً وأحكاماً ، فما كان من الحقوق فهو قابل للتنازل ، أو المصالحة متى ما وجد ـ كحقّ المبيت أو النفقة ـ وأمّا ما كان من الأحكام ـ كالإرث ـ فلا سبيل لإسقاطه ، أو التنازل عنه ، لأنّه حكم شرعيّ ثابت لكلّ زواج دائم ، فلا أثر
|
|
|
لإلغائه في المقام .
وبالجملة : ففي هذا الزواج ـ المتداول عند البعض ـ توجد شروط غير صحيحة من الأصل ـ كاشتراط عدم التوريث ـ وشروط جائزة ، ولكن مع صياغتها بصورة صحيحة .
وعلى كلّ حال ، وحتّى في صورة بطلان الشرط ـ من الأساس أو من جهة شكلية صياغتها ـ فلا يضرّ بأصل الزواج ، لأنّ الشرط الفاسد ليس مفسداً ومبطلاً للعقد ، فيبقى الزواج المذكور زواجاً دائماً شرعيّاً ، مع غضّ النظر عن الشروط .
وأخيراً : فإنّ الحلّ الصحيح في الموضوع ، هو زواج المتعة ـ الذي هو عقد شرعيّ ـ وإن أنكرها البعض دعماً لمذهبهم ، ومخالفةً منهم للحقّ الصريح ، ففيه ما يطلبه البعض من الاشتراطات المذكورة في زواج المسيار بدون ورود النقوض عليه ، من اشتراط عدم التوريث وغيرها .
فعلى المسلمين أن يعملوا بما شرّع لهم ، حتّى لا يقعوا في مأزق ، يجعلهم يبحثون عن قوانين وأحكام غير صحيحة ، أو غير متّفقة .
وتتميماً للفائدة نذكر لكم بعض فتاوى علماء الطائفة حول زواج المسيار :
ظهر في الآونة الأخيرة في دول الخليج ـ خصوصاً في السعودية ـ ما يسمّى بزواج المسيار أو زواج النهاريات ، وصورته : أن يتزوّج الرجل المرأة بإيجاب وقبول ، مع الالتزام بالشروط الشرعيّة ، من عقد وشاهد ، لكنّه يتميّز عن الزواج العادي ، بأنّ الزوجة فيه تتنازل عن حقّها في أن ينام زوجها عندها ، وتتنازل عن حقّها بالعدل بينها وبين الزوجة الأُولى ، وعن النفقة والإرث ، وهذا إنّ الزوج لا يخبر زوجته الأُولى بأنّه متزوّج من ثانية .
جواب مكتب سماحة السيّد السيستانيّ : ( لا مانع منه ، لكن لا أثر للتنازل عن الإرث فعلاً ، نعم يجوز اشتراط أن تعرض عن سهمها في وقته لصالح الورثة أو تهبه لهم ، فيجب عليها ذلك تكليفاً ) .
|
|
|
وأجاب سماحة الشيخ جواد التبريزي بقوله : ( تنازل الزوجة ( المسيار ) عن حقّها في النفقة ، والقسم ( المبيت ) لابأس به ، وأمّا تنازلها عن حقّها في الإرث فلا يصحّ ، نعم إذا مات زوجها لها أن لا تطالب الورثة الباقين بحصّتها وتتركها لهم ، ولا يجب عليها إخبار الورثة بترك حصّتها لهم وإعراضها عنها ، والله العالم ) .
( العامليّ . الكويت . 28 سنة )