تفسير : السرّ المستودع فيها :
السؤال : ما المقصود بـ : " اللهم صلّي على فاطمة وأبيها ، وبعلها وبنيها ، والسرّ المستودع فيها " ، فما المقصود بالسرّ المستودع فيها ؟
الجواب : لم يرد نصّ خاصّ يفسّر لنا معنى " السرّ المستودع فيها " .
نعم ، يمكن أن يقال في معناه عدّة احتمالات :
1ـ إشارة إلى الأئمّة من ولدها (عليهم السلام) .
2ـ إشارة إلى ولدها المحسن ، الذي أسقطته اليد الظالمة ، وصار شعاراً لمظلومية الإمامة ، ودليلاً على أحقّية أهل البيت (عليهم السلام) بالإمامة .
3ـ إشارة إلى الإمام المهدي المنتظر (عليه السلام) ، الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً ، بعدما مُلئت ظلماً وجوراً ، وأنّه من ذرّيتها .
4ـ إشارة إلى مظلوميتها .
5ـ إشارة إلى كونها حلقة وصل بين النبوّة والإمامة ، وبما أنّ الإمامة هي استمرار للنبوّة ، فلولا حلقة الوصل لما استمرت النبوّة بالإمامة .
( رباب . ... . ... )
السؤال : أُودّ أن اسأل ما معنى : " اللهم إنّي أسألك بحقّ الزهراء وأبيها ، والسرّ المستودع فيها " ، ما معنى السرّ المستودع فيها ؟ وما هو هذا السرّ ؟
|
الصفحة 501 |
|
الجواب : الذي يقوى في النظر أنّ السر المذكور هو الميزة الفريدة التي أودعها الله تعالى في نشأة سيّدة نساء العالمين الزهراء (عليها السلام) ، وهي كونها الحلقة الوسيطة بين النبوّة والإمامة ، فبما أنّها بضعة النبيّ (صلى الله عليه وآله) تكويناً ، وبتصريح الرسول (صلى الله عليه وآله) ـ كما ورد في روايات كثيرة ـ تحمل في وجودها أسرار النبوّة ومميّزاتها .
ومن جانب آخر أصبحت (عليها السلام) تحتضن الإمامة ، بما أنّها كانت بجانب أمير المؤمنين (عليه السلام) ، تربّي ولديها الإمامين الحسن والحسين (عليهما السلام) ، فهي أصبحت تعتبر أُمّاً للأئمّة المعصومين (عليهم السلام) .
وبالجملة : فهي بنت الرسول (صلى الله عليه وآله)، وزوجة الإمام علي (عليه السلام) ، وأُمّ الأئمّة (عليهم السلام)، وهذه صفة لا نظير لها في الخلق ، وبهذا الاعتبار لا يبعد التوسّل والتمسّك بهذا السرّ المخزون في ذاتها ، في التقرّب إلى الله تعالى ، والعلم عند الله .
( أبو علي البحراني . ... . ... )
السؤال : هل صحيح ما نسمعه من بعض الشيوخ والمحاضرين ، الذين يروون أنّ فاطمة الزهراء (عليها السلام) قد ضربت من قبل الخليفة الثاني ، وأسقطت حملها أيضاً ، ما صحّة هذه الرواية ؟ وهل هي من كتب الإمامية ، أو من كتب السنّة ؟ دمتم للخير .
الجواب : لقد نقلت كتب الفريقين ـ قديماً وحديثاً ـ ما جرى على سيّدتنا فاطمة الزهراء (عليها السلام) من مأساة وظلامات ـ بعد رحيل رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى الرفيق الأعلى ـ أدّت بها إلى استشهادها (عليها السلام) .
من تلك الظلامات التي تسأل عن وجودها ، هو ضربها ، وإسقاط جنينها (عليها السلام) ، فنذكر لك بعض المصادر التي ذكرت ضربها (عليها السلام) ، وعليك بالمراجعة (1) .
____________
1- الهداية الكبرى : 179 و 407 ، تفسير العيّاشي 2 / 308 ، تفسير نور الثقلين 3 / 200 ، الاحتجاج 1 / 109 ، بيت الأحزان : 123 .
|
الصفحة 502 |
|
ونذكر لك بعض المصادر التي ذكرت إسقاط جنينها (عليها السلام) ، وعليك بالمراجعة (1) .
( عبد المنعم . البحرين . ... )
السؤال : هل قضية ضرب الزهراء مثبتة حقّاً وبالنصّ الأكيد ؟ أرجو منكم الردّ سريعاً ، وذلك لاختلاج السؤال في ذهني .
الجواب : إنّ الله تعالى خلق الإنسان وعرّفه طريق الخير من الشر ، { وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ } (2) ليختار أيّ الطريقين { إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا } (3) ، وبالاختيار هذا الذي وهبه الله لعبده يستحقّ العبد الثواب أو العقاب ، ولولا الاختيار هذا لبطل الأجر .
وإنّ الله تعالى ـ وإتماماً للحجّة ـ جعل الأنبياء والأوصياء والأئمّة ليكونوا حجّة الله على الخلق ، فالنبيّ (صلى الله عليه وآله) أخبر بكُلّ ما يجري على أهل بيته ، بالأخصّ ابنته الزهراء (عليها السلام) .
وحتّى النبيّ (صلى الله عليه وآله) لاقى الكثير من التعدّي والأذى من قومه ، فصبر وصابر حتّى استطاع أن يوصل هذا الدين إلى الأرض المعمورة ، ويتمّ الحجّة على الناس .
____________
1- الاحتجاج 1 / 109 ، إقبال الأعمال 3 / 166 ، الأمالي للشيخ الصدوق : 176 ، بشارة المصطفى : 307 ، كتاب سليم بن قيس : 153 ، تلخيص الشافي 3 / 156 ، إثبات الهداة 2 / 370 ، بحار الأنوار 28 / 283 و 97 / 200 ، مرآة العقول 5 /320 .
2- البلد : 10 .
3- الإنسان : 3 .
|
الصفحة 503 |
|
ثمّ إنّ الإمام علي وفاطمة الزهراء والحسن والحسين وسائر الأئمّة المعصومين (عليهم السلام) ظُلموا وقُتلوا ، وتحمّلوا أنواع الأذى لأجل الدفاع عن الدين وبقائه .
فكُلّ هذه المظلومية ثابتة بنصوص بلغت بعضها حدّ التواتر ، وبذلك نعلم عظمة أهل البيت (عليهم السلام) في صبرهم ، وتحمّلهم أنواع الظلم ، وسقيهم بدمائهم شجرة الإسلام ، التي منع النواصب عنها الماء .
( نوح الحاج . لبنان . ... )
السؤال : السيّدة الزهراء (عليها السلام) كانت قمّة الزهد دون شكّ ، لكن الإشكال هو : كيف كانت لها خادمة اسمها فضة ؟
الجواب : إنّ فاطمة الزهراء (عليها السلام) كانت المثل العليا لكافّة الصفات الحسنة والمكرمات الأخلاقية ، كما تصرّح بها نصوص الحديث والتاريخ والسيرة .
وأمّا في موضوع السؤال ، فإنّ الروايات المتضافرة دالّة على أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) قد منحها ، وعلّمها التسبيحة التي نسبت فيما بعد إليها ، بدلاً من الاستعانة بخادمة في البيت (1) .
وأمّا ما جاء من وجود خادمة لها (عليها السلام) اسمها فضّة ، فهذا قد حدث متأخّراً بعد ما تحسّن وضع المسلمين نوعاً ما ، بسبب كثرة الفتوحات والغنائم ، فأتحفها الرسول (صلى الله عليه وآله) فضّة ، لتستعين بها على بعض الأشغال في البيت ، حتّى تتفرّغ لعبادتها أكثر .
ثمّ هناك نقطة هامّة يجب الانتباه إليها ـ وهي مطّردة في حياة المعصومين (عليهم السلام) جميعاً ـ وهي : أنّهم كانوا يربّون أشخاصاً في بيوتهم تحت عنوان الخادم ،
____________
1- شرح الأخبار 3 / 67 ، من لا يحضره الفقيه 1 / 320 ، علل الشرائع 2 / 366 .
|
الصفحة 504 |
|
والغلام والعبد والأمة وغيرها ، وهؤلاء بدورهم كانوا يبثّون علوم ومعارف أهل البيت (عليهم السلام) بين الناس ، وهذا ما نشاهده في بعض الأحاديث المذكورة ، والكلمات المنقولة عن فضّة مثلاً .
وعليه ، فتواجد الخادمة في بيت فاطمة (عليها السلام) ، قد كان من أجل تربيتها وتثقيفها أوّلاً وبالذات ، كما حدث كذلك .
( محمّد الزين . البحرين . ... )