من محاضرات: سماحة آیة الله الشیخ مجتبی الطهراني
ترجمة: الأستاذ علي فاضل السعدي
حقوق المعصومين (عليهم السلام)
إنّ للائمة المعصومين (عليهم السلام) هداة البشرية نحو الصلاح حقوقاً على الناس وتمثل هذه الحقوق السبيل الأنجع للارتباط بهم (عليهم السلام) وفيما يعد الإعراض عنها ابتعادا وانفصالاً عنهم (عليهم السلام). فحقوق الأئمة على الناس هي اكبر بكثير من حقوق الوالدين والمعلمين لا بل تتعداها بمراتب متضاعفة لأن في اتباع أوامرهم وإرشاداتهم السبيل إلى الصلاح والسعادة. كما أن المعصومين (عليهم السلام) اكبر معلمي البشرية ومصداقا تاما وكاملا لأهل الإيمان. وقد تبلورت حقيقة العلم فيهم فهم منهل الحكمة التي يزدحم إليها الطالبون.
فهؤلاء العظماء يمثلون حقيقة الإيمان لا بل يمثل حبهم تجسيداً للإيمان إذاً فحقوق الوالدين والمعلم والمؤمن ثابتة؛ لكن ورغم هذا فإنّ البحث في هذا الإطار ينصبّ على الحقوق الخاصة للائمة (عليهم السلام) والتي تنحصر بهم ولا تتعدى إلى غيرهم من سائر الناس. وإن تعدّت واشترك غيرهم معهم فيها فإنّ هذا الحق يثبت بوصف خاص للمعصومين (عليهم السلام).
إنّ حقوق المعصومين (عليهم السلام) على الناس تمثل أهم الحقوق التي جعلها الله تبارك وتعالى بين الناس؛ ولهذا ينبغي أن يطّلع الإنسان على هذه الحقوق لكي يكون بإمكانه أدائها. وقد ورد عن أمير المؤمنين علي (عليه السلام) أنّه تحدث في خطبة له أيام حرب صفين قائلاً:
ثم جعل سبحانه من حقوقه حقوقا افترضها لبعض الناس على بعض، فجعلها تتكافأ في وجوهها ويوجب بعضها بعضا. ولا يستوجب بعضها إلّا ببعض. وأعظم ما افترض سبحانه من تلك الحقوق حق الوالي على الرعية وحق الرعية على الوالي. فريضة فرضها الله سبحانه لكل على كل...( 1)
إنّ بعض هذه الحقوق تمتاز بأهمية اكبر من الحقوق الأخرى، وهذا ليس إلّا دليلاً على أن لمراعاة هذه الحقوق الدور الأكبر في سعادة البشر. فقد صرح الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) في الكلام السابق على حقّ الوالي على الرعية وهو وبمقتضى الظاهر يعدّ حقاً من حقوق المعصومين التي تقع على الناس، لا، بل هو من أعظم ما افترض سبحانه، ويشير في تتمة هذا الكلام إلى نتائج رعاية هذا الحق والذي يدل على مدى أهميّته وعظمته حيث يقول (عليه السلام):
فجعلها نظاماً لألفتهم وعزاً لدينهم.( 2)
وكما هو واضح فإنّ الإمام (عليه السلام) يرى أنّ السعادة الدينية والدنيوية للأمة لا يمكن أن تتم إلّا من خلال رعاية هذا الحق وعلى كل حال فإن هذه الحقوق تكون على النحو التالي:
الحق الأوّل
المحبّة والمودة
يمثل كل من الحب والبغض الأساس لجميع مناحي الإنسان أو اجتناباته. فالإنسان لا يتوجه لأمر إلا حيث يحب، ولا ينفر إلّا مما يكره. فهو يحب السعادة والفلاح وينفر من الشقاوة كما أنّ الحركة في مسير السعادة رهن بإرشادات وهدى الأئمة (عليهم السلام)، إذاً فعلى الإنسان أن يحب أئمة الفلاح والخلود وأن يرتبط معهم وهذا هو الحق الكبير الذي يقع على عاتقه. يقول تعالى في القرآن الكريم مخاطباً رسوله الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم).
قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى...( 3)
فمن البديهي أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حينما يأمر رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يطلب من الأمة الإسلامية أن تحب قرابته، إذاً فستصبح هذه المحبة والمودة حقا على الأمة الإسلامية وذلك كما ورد في رواية عن الإمام علي (عليه السلام) حيث يقول فيها:
عليكم بحب آل نبيكم فإنه حقّ الله عليكم والموجب على الله حقكم ألا ترون إلى قول الله: " قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى "( 4)
فرغم أن الحديث أعلاه يدل على أن حق المحبة والمودة هو من الحقوق الإلهية لكن ولأن من ينبغي أن يحبوا ويودوا هم الأئمة المعصومون (عليهم السلام) إذاً فهذا الحق الإلهي سيكون لهم. روي عن عبد الله بن مسعود قال: كنا مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في بعض أسفاره إذ هتف بنا أعرابي بصوت جهوري فقال: يا محمد! فقال له النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): ما تشاء؟ فقال: المرء يحب القوم ولا يعمل بأعمالهم، فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): المرء مع من أحب، فقال: يا محمد اعرض عليّ الإسلام، فقال: اشهد أن لا إله إلّا الله، وأنّي رسول الله، وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم شهر رمضان وتحج البيت. فقال: يا محمد تأخذ على هذا أجرا؟ فقال: لا إلّا المودة في القربى، قال: قرباي أو قرباك؟ قال: بل قرباي، قال: هلم يدك حتى أبايعك، لا خير فيمن يودك ولا يود قرباك.( 5)
الحق الثاني
الولاية والإمامة
لقد خلق الله الإنسان وأنشأه وتولاه في جميع الأمور الفردية والاجتماعية. فهو لم يترك الإنسان لحاله، بل جعل رسوله ولياً على الناس وذلك بما يمثله من خلافة لله في الأرض. وتستمر هذه الولاية إلى نهاية الدهر في نسله. إذاً فالأئمة المعصومون يمثلون مقام الولي بالنسبة للبشرية، قال تعالى في القرآن الكريم:
" إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا..."( 6)
وقد أورد الإمام الصادق (عليه السلام) في تفسيره لكلمة "والذين آمنوا... يعني عليا وأولاده الأئمة (عليهم السلام) إلى يوم القيامة"( 7)
إذاً ينبغي على المسلمين أن يرتضوهم كزعماء وأئمة، وهو الحق الذي إن أداه المرء سمي شيعياً؛ هذا رغم أنّ الشيعي الأصيل هو من أدّى جميع حقوق المعصومين (عليهم السلام) ولم يقصّر عن حق من تلك الحقوق. قال أمير المؤمنين (عليه السلام):
لنا على الناس حقّ الطاعة والولاية، ولهم من الله سبحانه حسن الجزاء.( 8)
وقد روي عنه (عليه السلام) في رواية أخرى وضمن ثنائه على مكانة أهل البيت (عليهم السلام) حيث يقول:
لا يقاس بآل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) من هذه الأمة أحد ولا يسوّى بهم من جرت نعمتهم عليه أبدا. هم أساس الدين. وعماد اليقين. إليهم يفيء الغالي. وبهم يلحق التالي ولهم خصائص حقّ الولاية. وفيهم الوصية والوراثة.( 9)
الحق الثالث
التبعية والطاعة
يمثل المعصومون (عليهم السلام) الأئمة للأمة ولا سبيل لأداء حق إمامتهم بشكل سليم إلّا بإطاعة أوامرهم واتباع ما يطلبونه من الأمة. فحينما ينصب الله إماماً على الناس ستكون طاعته طاعة لله تعالى كما أنّ التخلف والإعراض عن أوامره سيكون عصيانا لأمر الله تعالى فقد ورد عن أمير المؤمنين علي (عليه السلام).
"من أطاع إمامه فقد أطاع ربه".( 10)
إن من يقبل بولاية المعصومين (عليهم السلام) وزعامتهم، ولكنه يعرض عن العمل بأوامرهم، لا يعدّ شيعياً أصيلاً؛ هذا رغم أنّه يختلف ومن أنكروا ولايتهم (عليهم السلام). فالشيعي الأصيل إذاً هو من أطاع أوامر إمامه فقد مرّ أنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) قال:
"لنا على الناس حقّ الطاعة والولاية..."
فإذا ما جمعنا بين هذين الحقين فإن بالإمكان أن نصل إلى أنّ أداء هذين الحقين بشكل صحيح لا يتم إلّا إذا كانا معاً. فولاية وزعامة المعصومين (عليهم السلام) للأمة لا تتم بداهة إلّا إذا كانت طاعتهم حقا من حقوقهم (عليهم السلام). لأنّ ولايتهم على الناس ليست أمرا صورياً لينتفي عنها حالة الأمر أو الإرشاد للمعصوم (عليه السلام)، بل يعدّ مقام الولاية مقاماً حقيقياً ينتج عنه حقّ الزعامة للمعصوم (عليه السلام) في جميع المجالات الفردية والاجتماعية ويجعلهم زعماء أصيلين على أنفس الناس ومالهم وجاههم. كما أنّ هذا المقام لا يمكن أن يرعى من قبل الناس إلّا إذا كانوا مطيعين لإمامهم (عليهم السلام). وقد سئل الإمام الباقر (عليه السلام) عن حق الإمام على الناس فأجاب (عليه السلام):
حقّه عليهم أن يسمعوا له ويطيعوا.( 11)
إذاً ينبغي العمل بأوامر الأئمة المعصومين (عليهم السلام) وهذا العمل يمثل حق طاعة الإمام الذي يقع على عاتق الأمة. وقد ورد الأمر بأداء هذا الحق بشكل بيّن وواضح في قوله تعإلی:
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ..."( 12)
وقد ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام):
"عليكم بطاعة أئمتكم فإنهم الشهداء عليكم اليوم، والشفعاء لكم عند الله غداً"( 13)
وقد ورد في رواية عن الإمام الباقر (عليه السلام) أن الله تعالى عدّ إطاعة الأئمة (عليهم السلام) إطاعة لما فرضه على الناس:
أوحى الله تعالى إلى محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّي خلقتك ولم تك شيئا ونفخت فيك من روحي كرامة منّي أكرمتك بها حين أوجبت لك الطاعة على خلقي جميعا، فمن أطاعك فقد أطاعني ومن عصاك فقد عصاني وأوجبت ذلك في عليّ وفي نسله، ممن اختصصته منهم لنفسي.( 14)
يمثّل الأئمة المعصومون (عليهم السلام) أفضل أسوة يقتدي بها البشر، وحقّ أفضل البشر هو أن يتبع فيما يقول ويفعل، حتى وإن لم يأمرهم بذلك فقد عرّف الله تعالى رسوله كأسوة للناس وذلك ليطيعه الناس ويتبعوه وذلك حين قال:
لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (15 )
وقد أوصى أمير المؤمنين (عليه السلام) المسلمين باتباع أهل البيت (عليهم السلام) اتباعا دقيقاً وذلك حيث قال:
أنظروا أهل بيت نبيكم فألزموا سمتهم واتبعوا أثرهم فلن يخرجوكم من هدى، ولن يعيدوكم في ردى. فإن لبدوا فالبدوا وإن نهضوا فانهضوا. ولا تسبقوهم فتضلوا، ولا تتأخروا عنهم فتهلكوا. لقد رأيت أصحاب محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) فما أرى أحدا يشبههم، لقد كانوا يصبحون شعثا غبرا وقد باتوا سجدا وقياما يراوحون بين جباههم وخدودهم ويقفون على مثل الجمر من ذكر معادهم. كأن بين أعينهم ركب المعزى من طول سجودهم. إذا ذكر الله هملت أعينهم حتى تبل جيوبهم. ومادوا كما يميد الشجر يوم الريح العاصف خوفا من العقاب ورجاء للثواب.( 16)
فقد يكون توصيف أمير المؤمنين (عليه السلام) لأصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بياناً لأمر جسيم هو بيان صورة لأصحابه عن واقع التابعين الحقيقيين وذلك ليعرفوا مغزى التبعية الحقيقية. وليطّلعوا على ضعفهم وقصورهم في الانقياد لأوامره. وعلى كل حال فالتبعية الحقيقية للمعصومين (عليهم السلام) هي في أن يسعى الإنسان في التشبه بهم في القول والسلوك، لأن هذا التشبه هو ما يميّز بين شيعة المعصومين (عليهم السلام) وشيعة غيرهم. فعلى شيعة الأئمة (عليهم السلام) أن يكونوا كالأئمة (عليهم السلام).
هذا رغم أن الوصول إلى مكانتهم ودرجاتهم أمر لا سبيل إليه، لكن ينبغي أن يسعى الإنسان إلی أن يسلك طريقهم في سلوكه ومنطقه. ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في رسالته إلى عثمان بن حنيف:
إنّ إمامكم قد اكتفى من دنياه بطمريه ومن طعمه بقرصيه ألا وإنكم لا تقدرون على ذلك ولكن أعينوني بورع واجتهاد، وعفة وسداد...( 17)
الحق الرابع
قبول النصيحة والإرشاد
إنّ المعصومين على علم بالحقائق ومبرئون من الذنب وبعيدون عن الخطأ، فإذا نصحوا انتفع المخاطب بما يقولون وإن غفلوا عن كلامهم كان ذلك مضراً بهم.
ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام):
أيها الناس إن لي عليكم حقا ولكم عليّ حق. فأما حقكم عليّ فالنصيحة لكم... وأما حقّي عليكم... النصيحة في المشهد والمغيب...( 18)
الحق الخامس
الخمس
إنّ الأئمة المعصومين ولاة أمر الأمة. وتنبع من هذه الولاية والزعامة حقوق لهم (عليهم السلام) حيث يتوجب على الناس أدائها. ومن تلك الحقوق التي تجب للأئمة (عليهم السلام) على الناس بذل نسبة من فائض نتاجهم المالي إلى ولي أمر المسلمين. وهذا السهم من أموال الناس والذي يحدد بمقدار خمس فائض الأموال وبعض الأمور الأخرى، يطلق عليه في المصطلح الإسلامي عنوان الخمس. وقد صرح القرآن الكريم بذلك في كتابه حيث قال:
وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين...( 19)
وقد ورد في رواية عن الإمام الباقر (عليه السلام) في تفسيره لكلمة "وذوي القربى" أنه قال:
هم قرابة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) والخمس لله وللرسول ولنا.( 20)
كما ورد في حديث آخر للإمام (عليه السلام) أشار فيه الإمام إلى أن الخمس هو قرار من الله إلى الأئمة المعصومين (عليهم السلام):
قال الله تعالى لمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم): إني اصطفيتك وانتجبت عليا، وجعلت منكما ذرية طيبة جعلت لهم الخمس.( 21)
وقد صرح الإمام الصادق على وجوب الخمس حيث قال:
إن الله لا إله إلّا هو لما حرّم علينا الصدقة أبدلنا الخمس، فالصدقة علينا حرام، والخمس لنا فريضة، والكرامة لنا حلال.( 22)
كما وصرح الإمام الباقر بشكل بين على أنّ الخمس حق للائمة المعصومين (عليهم السلام) وذلك في ما روي عنه أنه قال:
يا أبا الفضل لنا حق هي في كتاب الله في الخمس فلو محوه فقالوا ليس من الله أولم يعلموا به لكان سواء.( 23)
فجزء من الخمس كما ورد في الكتب الفقهية يتعلق بذوي المعصومين (عليهم السلام) (السادات) حيث عُنون هذا الحق بـ "حقّ السادات" وهو يذكر عادة إلى جانب "حقّ الإمام" وهو دليل على خصوصية لأقرباء رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).
الحق السادس
مراعاة الاحترام والآداب
إنّ للمعصومين (عليهم السلام) مقام في منتهى الرفعة ومكانة في منتهى الشموخ. ولذلك على المسلم أن يتعامل الإنسان معهم بشكل يتناسب وشأنهم وأن تراعى معهم أعلى مراتب الأدب؛ رغم أنّه لا أحد يعلم شأنهم إلّا الله تعالى. لذلك فمن الأجدى أن نتعلم من كلامه سبحانه وكلام المعصومين (عليهم السلام) بالذات والذي يمثل البيان والتفسير للوحي كيفية التعامل معهم (عليهم السلام). فرعاية الآداب عند أولياء الله هو من يفتح للإنسان أبواب عديدة من الفلاح والنجاح كما يساهم سوء الأدب في الحرمان من الألطاف الإلهية.
إنّ عبودية الله تعالى تقتضي أن يراعى حريم خلفائه وحججه، هذا إضافة إلى أن هذه المراعاة في التعامل معهم (عليهم السلام) تكون سببا لنمو وكمال الإنسان ومن تلك الآداب ما يلي:
أ- الاستئذان عند الدخول والخروج
ينبغي على من يهمّ بالدخول عند محضر المعصوم (عليه السلام) أن يستأذن منه وأن يلحظ رضاه وأن لا يؤذيه عند الدخول عليه. قال الله تعالى في كتابه المبين:
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ" ( 24)
فرغم أنّ شأن النزول لهذه الآية هو مورد خاص (حجرة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مع إحدى نسائه)؛ لكن واستنادا لتصاريح عديدة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فإنّ بيت أمير المؤمنين (عليه السلام) وفاطمة (عليها السلام) هو أيضا مصداق لبيوت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وهذا المعنى يشمل جميع بيوت المعصومين (عليهم السلام).
وقد روى أنس بن مالك وبريدة وهما من أصحاب رسول (صلى الله عليه وآله وسلم):
قرأ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) " في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال " فقام إليه رجل فقال: أي بيوت هذه يا رسول الله؟ فقال: بيوت الأنبياء، فقام إليه أبو بكر فقال: يا رسول الله هذا البيت منها؟ وأشار إلى بيت علي وفاطمة (عليها السلام)، قال: نعم من أفضلها.( 25)
وقد أجاب الإمام الصادق (عليه السلام) عن هذا الأمر في جوابه لأحد أصحابه وهو جميل بن درّاج. يقول جميل بن درّاج سمعت الإمام الصادق (عليه السلام) قال:
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ما بين منبري وبيوتي روضة من رياض الجنة ومنبري على ترعة من ترع الجنة وصلاة في مسجدي تعدل ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلّا المسجد الحرام، قال جميل: قلت له: بيوت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وبيت علي منها؟ قال: نعم وأفضل.( 26)
ويقتضي أدب الزيارة للمعصوم (عليه السلام) أن لا يكون الاستئذان في الدخول عليه وحسب بل ينبغي أن يلاحظ هذا الأمر حتى في الانصراف من الموضع الذي هو فيه مع المعصوم فأهل الإيمان لا يتركون مجالس أئمتهم (عليهم السلام) إلّا بعد استئذانهم.
قال تعالى في كتابه المبين:
إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولَئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ( 27)
فالاستئذان للخروج من مجلس المعصوم (عليه السلام) هو رعاية لحرمته ومن الأدب في التعامل في محضره.
ب- أدب الدعاء [المناداة] والحديث
تتفاوت كيفيّة المناداة والحديث بين الأشخاص من حيث نوع الكلمات المستخدمة ولحن الكلام ونبرته من حيث الارتفاع أو الانخفاض. فشأنيّة ومكانة المخاطبين لها دور بيّن في كيفية اختيار المتحدث لصيغة الكلام ونمطه إلى حدّ قد يترتب من خلالها حكما معينا على الإنسان وقد تناول القرآن الكريم في الآية المذكورة أعلاه موردا أخر من أدب الحوار مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حيث يقول:
لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا...( 28)
وقد ذكرت بعض التفاسير أنّ المقصود من دعاء الرسول هو ضرورة أن يكون الحديث معه بشكل يراعى فيه جانب الاحترام والأدب وأن يفرق بين الحديث مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) والحديث الشخصي مع الآخرين في الحوارات الاعتيادية. فلا ينبغي مناداته كما ينادى عامّة الناس. فقد روي عن الإمام الباقر في كلام له حول هذه الآية:
لا تقولوا يا محمد ولا يا أبا القاسم ولكن قولوا يا نبي الله ويا رسول الله...( 29)
وقد ورد في تفسير آخر، أنّ المقصود من دعاء الرسول هو ما يطلبه الرسول من الناس لأمور مختلفة وبهذا يكون المقصود هو التفريق بين دعوة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ودعواتكم. وهذا مما لاشك فيه ناتج عن خصوصيّة الشأن والمكانة التي يتمتع بها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، حيث يستحسن الاهتمام بجميع دعواته. وعلى كل حال فمكانة النبي الرفيعة وكذا الأئمة الأطهار توجب على الإنسان أن يمتنع عن الحديث معهم ومناداتهم بطريقة وكيفيّة قد لا تعتبر سيئة في محادثة الآخرين. فعن الإمام الصادق (عليه السلام):
قال الحارث الأعور لأمير المؤمنين (عليه السلام): يا أمير المؤمنين أنا والله أحبك، فقال له: يا حارث أما إذا أحببتني فلا تخاصمني ولا تلاعبني ولا تجاريني ولا تمازحني ولا تواضعني ولا ترافعني.( 30)
ومن جملة الآداب الأخرى التي ينبغي أن تراعى في الحوار مع الأئمة المعصومين (عليهم السلام) محادثتهم بنبرة هادئة فالحديث في محضرهم بصوت مرتفع أو بانفعال يعدّ أيضا سوء أدب وقد قال تعالى في ذلك:
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ ".( 31)
فمراعاة الأدب توجب أن يتكلم الإنسان بنبرة لا ترتفع على نبرة المعصوم (عليه السلام) وينبغي أن يكون منقادا له حتى في نبرة صوته، فأدب الكلام يرتبط ونوع الكلمات المستخدمة والتي يظهر أن في الآية أعلاه أشارة إلى جميع مصاديقها. فكلمة "لا ترفعوا" يظهر أنها في صدد الإشارة إلى نبرة الكلام و"لا تجهروا" على ما جاء في بعض التفاسير هو الغلظة في الكلام وعدم تسمية النبي باسمه وعليه فإن هذا يرتبط واللحن أو الكلمات التي تستعمل في الحديث. وعلى كل حال فالآية ترتبط ومنع أهل الإيمان عن نوع من أنواع إساءة الأدب في الحديث عند تعاملهم مع المقام الشامخ لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لأن ذلك يؤدي إلى إحباط العمل كما جاء في القرآن الكريم:
أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ.( 32)
إن نتيجة بعض سلوك الإنسان سيؤدي إلى ردّ الإخسان إلى أهله سوءً، فرفع الصوت والغلظة في الكلام مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) سينتهي إلى إحباط أعمال الإنسان. إذاً لابد أن يكون التعامل مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وخلفائه الذين هم بمثابة النور الواحد بطريقة غض الصوت وتكريمهم في الحوار يقول تعالى في تتمه الكلام:
"إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ"( 33)
2- أدب الصلاة
لقد أمر الله المؤمنين بالصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأهل بيته المعصومين (عليهم السلام) والسلام عليهم. يقول الإمام الرضا (عليه السلام):
وأكثروا من الصلوات على محمد وآله (عليهم السلام) والدعاء للمؤمنين والمؤمنات في آناء الليل والنهار فإن الصلاة على محمد وآله أفضل أعمال البر.( 34)
ويبلغ ذكر الصلاة على النبي وآله درجة تعدّ مساوية لأذكار عظيمة من قبيل "سبحان الله" و" لا إله إلّا الله" و" الله اكبر" وهي أذكار لله تبارك وتعالى تذكر بكماله، ووحدانيته وعظمته. يقول الإمام الرضا (عليه السلام):
الصلاة على محمد وآله تعدل عند الله عزّ وجل التسبيح والتكبير.( 35)
فإذا كانت الصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وعترته الطاهرة تعدل ذكر الله تعالى إذاً فالاشتغال بها سيكون كالاشتغال بذكر الله. فقد ورد أنّ رجلا سأل الإمام الصادق (عليه السلام): جعلت فداك أخبرني عن قول الله تبارك وتعالى وما وصف من الملائكة "يسبحون الليل والنهار لا يفترون" ثم قال: "إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما" كيف لا يفترون وهم يصلون على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال أبو عبد الله (عليه السلام): إن الله تبارك وتعالى لما خلق محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) أمر الملائكة فقال: أنقصوا من ذكري بمقدار الصلاة على محمد، فقول الرجل صلى الله على محمد في الصلاة مثل قوله سبحان الله والحمد لله ولا إله إلّا الله والله أكبر.( 36)
إن الصلاة [على النبي] تبلغ من الأهمية ما اعتبرها البعض "وفاء بعهد "الست بربكم" والذي ورد في القرآن الكريم حينما أخذ الله من أبناء آدم عهدا وقبله الجميع فقد ورد عن الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) نقلا عن أبيه (عليه السلام):
من صلى على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فمعناه أني أنا على الميثاق والوفاء الذي قبلت حين قوله: " ألست بربكم قالوا بلى"( 37)
فالصلاة على النبي والسلام عليه وآله المعصومين (عليهم السلام) هو من جملة الحقوق على المؤمنين قال تعالى:
إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ( 38)
فحينما يذكر الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ويتلفظ باسمه، فالحق أن يسلّم ويصلى عليه فقد ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام):
إذا ذكر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فأكثروا الصلاة عليه...( 39)
ثم يشير الإمام في تتمة كلامه إلى الذي يرغب عن هذا الثواب الجميل بقوله:
فمن لم يرغب في هذا فهو جأهل مغرور قد برئ الله منه ورسوله وأهل بيته.( 40)
فمن يمتنع عن الصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لعدم مبالاته به (صلى الله عليه وآله وسلم) فقد اضاع حقه وحق أهل بيته (عليهم السلام) وجفاهم، وجفاء الأخيار من أجلى مصاديق الجفاء؛ خصوصا لو كانوا خيار الأخيار فقد ورد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):
أجفى الناس رجل ذكرت بين يديه فلم يصلّ عليّ.( 41)
إن طمس الحق وجفاء صاحبه يعدّ ظلماً وأنّ الفطرة السليمة تنفر من الظلم والظالمين. هذا من جانب ومن جانب آخر فإنّ الذي يضيّع حق المعصومين (عليهم السلام) يكون بعيدا عن رحمة الله وجديرا بسخطه وغضبه تعالى وكذا الأئمة المعصومين (عليهم السلام). فقد ورد عن الإمام الباقر (عليه السلام) عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):
قال لي جبرائيل من ذكرت عنده فلم يصلّ عليك فأبعده الله فقلت: آمين.( 42)
فالصلوات حقّ للنبي وآله، ومن أعرض عن ذلك كان كالبخيل الذي يبخل عن إعطاء الحق لصاحبه. قال الإمام زين العابدين (عليه السلام):
البخيل كلّ البخيل الذي إذا ذكرت عنده لم يصل عليّ.( 43)
فالبخل وجفاء حق العترة الطاهرة (عليهم السلام) يخرج الإنسان من مسير السعادة، ويؤدي به إلى الشقاء. روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال:
من ذكرني فلم يصلّ عليّ فقد شقی.( 44)
إن الإرشاد إلى أداء هذا الحق يصل إلى مستوى يعدّ نسيانه سببباً لحرمان الإنسان من تنعمات الآخرة. فقد روي عن الإمام الصادق (عليه السلام) عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال:
من ذكرت عنده فلم يصل على فدخل النار فأبعده الله وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): من ذكرت عنده فنسي الصلاة عليّ خطئ به طريق الجنة.( 45)
-------------------------------------
(1 ) نهج البلاغة: خطب الإمام علي (عليه السلام)، ج 2، ص 198.
( 2) المصدر السابق
( 3) الشورى، 23.
(4 ) غرر الحكم، الأمدي، ص117 ح2041 ، وقد ورد في المصادر السنية عن ابن عباس، أنّ الآية أعلاه لما نزلت سأل رسول الله أصحابه من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم؟ قال: علي وفاطمة وابناهما. (الهيثمي: مجمع الزوائد، ج7، ص.103) وكما هو ظاهر فإنّ أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لما سمعوا الآية المذكورة الزموا انفسهم محبّة أقرباء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كما أنّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان قد قرر هذا المعنى وذلك في إجابته على سؤالهم فالأمر إذاً يدل على حق أهل البيت على الأمة في أن تحبهم وتودهم.
( 5) بحار الأنوار: العلامة المجلسي، ج 27، ص 102 - 103؛ نقلا عن مجالس الشيخ المفيد.
(6 ) المائدة: 55.
( 7) الكافي، الكليني، ج1 ص288، ح3.
( 8) غرر الحكم، ص117، ح 2047.
( 9) نهج البلاغة: خطب الإمام علي (عليه السلام)، ص 47، الخطبه2.
( 10) غرر الحكم، الآمدي، ص116، ح2030.
( 11) الكافي، الكليني، ج1، ص405، ح1.
(12 ) النساء: 59.
( 13) غرر الحكم، الآمدي، ص116، ح2025.
( 14) الكافي: الشيخ الكليني، ج 1، ص 440، 441
(15 ) الأحزاب، 21.
( 16) نهج البلاغة: خطب الإمام علي (عليه السلام)، ج 1، ص 189 - 190، الخطبة، 97.
( 17) نهج البلاغة: خطب الإمام علي (عليه السلام)، ج 3، ص 70.
( 18) نهج البلاغة: خطب الإمام علي (عليه السلام)، ج 1، ص 84.
( 19) الأنفال: 41.
( 20) الكافي: الكليني، ج1، ص539، ح2.
( 21) بحار الأنوار: العلامة المجلسي، ج 93، ص 187، ح14؛ نقلا عن مناقب ابن شهر آشوب، ج1،ص256.
( 22) وسائل الشيعة: الحر العاملي، ج 9، ص 483، ح12541.
( 23) بحار الأنوار: العلامة المجلسي، ج 93، ص 188، ح17؛ نقلا عن تفسير العياشي، ج2، ص 62.
( 24) الأحزاب: 53.
( 25) بحار الأنوار: العلامة المجلسي، ج 23، ص 325، ح1.
( 26) الكافي: الشيخ الكليني، ج 4، ص 556، ح10.
( 27) النور: 62.
( 28) النور: 63.
( 29) بحار الأنوار، ج17، ص26، ح1، نقلا عن تفسير القمي، ج2، ص110.
( 30) المصدر السابق، ج 27، ص 254، ح1؛ نقلا عن الخصال، ج1، ص334، ح35.
( 31) الحجرات: 2.
( 32) المصدر السابق.
( 33) المصدر السابق، 3.
(34 ) بحار الأنوار: العلامة المجلسي، ج 75، ص 347، ح4؛نقلا عن فقه الرضا، ص338.
( 35) وسائل الشيعة: الحرّ العاملي، ج7، ص194، ح9094.
( 36) بحار الأنوار: العلامة المجلسي، ج 82، ص 96. نقلا عن جمال الأسبوع، ص236.
( 37) بحار الأنوار: العلامة المجلسي، ج 91، ص 54، ح 25؛ نقلا عن معاني الأخبار، ص 115، ح 1.
( 38) الأحزاب: 56.
( 39) الكافي: الكليني، ج2، ص492، ح6.
( 40) المصدر السابق.
( 41) وسائل الشيعة، الحرّ العاملي، ج7، ص207 ح9128.
( 42) المصدر السابق، ص206، ح9123.
( 43) المصدر السابق، ح9124.
( 44) بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ح91، ص63، ح52، نقلا عن جامع الأخبار، ص59.
( 45) بحار الأنوار: العلامة المجلسي، ج 82، ص 279،ح8.
source : www.abna.ir