اتفقت الشیعة العلویة من الامامیة والزیدیة الجارودیة (الجارودیة اصحاب ابی الجارود فقد زعموا ان النبی صلى الله علیه وآله نص على علی بن ابی طالب علیه السلام بالوصف لون التسمیة والناس قصروا حیث لم یتعرفوا الوصف ولم یطلبوا الموصوف ولهذا نصبوا ابا بکر باختیارهم ، وایضا هم خالفوا امامة زید بن علی ولم یعتقدوا بهذا الاعتقاد.) على ان الامامة کانت عند وفاة النبی صلى الله علیه وآله لامیر المؤمنین علی بن ابی طالب علیه السلام وانها کانت للحسن بن علی علیهما السلام من بعده وللحسین بن علی بعد اخیه علیهما السلام وانها من بعد الحسین من ولد فاطمة علیها السلام لا تخرج منهم إلى غیرهم ولا یستحقها سواهم ولا تصلح الا لهم فهم اهلها دون من عداهم حتى یرث الله الارض ومن علیها وهو خیر الوارثین ، ثم أختلف هذان الفریقان بعد الذی ذکرناه من اتفاقهم على ما وصفناه . فقالت الامامیة ان الامامة بعد الحسین علیه السلام فی ولده لصلبه خاصة دون ولد اخیه الحسن علیه السلام وغیره من اخوته وبنی عمه وسایر الناس وانها لا تصلح الا لولد الحسین علیه السلام ولا یستحقها غیرهم ولا تخرج عنهم إلى غیرهم ممن عداهم حتى تقوم الساعة .
وقالت الزیدیة الجارودیة انها بعد الحسین علیه السلام فی ولد الحسن والحسین علیهما السلام دون غیرهم من ولد امیر المؤمنین علیه السلام وسایر بنی هاشم وکافة الناس ، وحصروها فی ولد امیر المؤمنین علیه السلام ( من فاطمة بنت رسول الله صلى الله علیه وآله وانکروا قول الامامیة فی اختصاص ولد الحسین علیه السلام ) بها دون ولد الحسن علیه السلام وخالفوهم فی حصرها فیهم حسب ما ذکرناه .
باب مسائل الجارودیة للامامیة فیما حکیناه عنهم من الاختلاف الذی شرحناه واجوبة الامامیة فیه فمما سالت الجارودیة عنه الامامیة ان قالوا لهم : کیف صارت الامامة فی ولد الحسین علیه السلام دون ولد الحسن علیه السلام وهما جمیعا إمامان على ما تقرر بیننا من الاتفاق ؟
قالت الامامیة : لیس اجتماع الحسن والحسین علیهما السلام واستحقاقهما لها بموجب استحقاق ولدهما لها ولا مانعا من اختصاص ولد الحسین علیه السلام بها دون ولد الحسن علیه السلام کما ان ثبوت الامامة فی امیر المؤمنین علیه السلام
واستحقاقه لها بعد الرسول علیه السلام دون من سواه من بنی هاشم وعامة قریش وکافة الناس لا یوجب استحقاق جمیع ولده ولا یمنع من اختصاص الحسن والحسین علیهما السلام بها دون اخوتهما من ولد امیر المؤمنین علیه السلام وغیرهم من الناس وبالمعنى الذی اختص الحسن والحسین علیهما السلام من جملة ولد أمیر المؤمنین صلوات الله علیه بالامامة دون اخوتهما منه اختصت بولد الحسین علیه السلام دون غیرهم من بنی عمهم وکافة الانام .
قالت الجارودیة : فان الحسن والحسین علیهما السلام انما اختصا بالامامة دون اخوتهما من ولد امیر المؤمنین علیه السلام فی المعانی التی یستحق بها الامامة من العلم والورع والبصیرة بالتدبیر والسیاسة وکیت وکیت مما لابد من حوز الائمة له من الفضل ولولا ذلک لما جوزناها فی الحسن والحسین علیهما السلام دونهم.
قالت الامامیة : فقد سقط الان تعجبکم من اختصاص ولد الحسین علیه السلام بالامامة مع کونها فی اخیه الحسن علیه السلام مثله کما سقط تعجب المخالف لنا جمیعا من القول باختصاص الحسن والحسین بالامامة دون اخوتهما مع کون ابیهم
أمیر المؤمنین علیه السلام اماما قبلهم ومستحقا للامامة دون من سواه وصار ما استبعد من هذا الباب قریبا ونحن نقول لکم فی اختصاص ولد الحسین بالامامة مثل ما قلتم فی اختصاصه واخیه علیهما السلام دون اخوتهم ونحتج بذلک مثل حجتکم فنقول ان ولد الحسین علیه السلام انما اختصوا بالامامة لفضلهم على کل من عداهم من بنی عمهم وغیرهم فی المعانی التی یستحق بها الامامة من العلم والورع والبصیرة بالتدبیر والسیاسة وکیت وکیت مما لا بد من حوز الائمة له من الفضل لولا ذلک لجوزناها فی غیر ولد الحسین علیه السلام وما قصرناها فیهم
قالت الجارودیة : هذا دعوى منکم یا معشر الامامیة بلا بینة فدلوا على صحتها بحجة والا فانتم متحکمون .
قالت لهم الامامیة: فما علونا طریقکم فی الاحتجاج ولا خالفنا سبیلکم فی الکلام بل تجرینا حکایة الفاظکم واوردنا فیها معانیکم بعینها على التحقیق . فان کنتم فیما اعتمدتموه من اختصاص الحسن والحسین علیهما السلام بالامامة واستحقاقهما لها دون اخوتهما على دعوى لا یثبت لها بینة فکفاکم بذلک عارا عند اهل النظر ومثله شهدتم على انفسکم بالتقصیر . وان کنتم على حجة اولکم فی مقالکم دلیل فانا مثلکم فی ذلک . وإلا فقولوا نسمع غیر ما ذکرتموه.
قالت الجارودیة : انتم توافقونا یا معشر الامامیة على ما ادعیناه من فضل الحسن والحسین علیهما السلام على جمیع اخویهما فیما عددناه ووصفناه ونحن نخالفکم فیما تفردتم به من فضل ولد الحسین علیه السلام على بنی عمهم فی ذلک فلا حاجة بنا إلى دلیل على مقالتنا فیه .
قالت الامامیة : وأی نفع لکم فی وفاقنا ایاکم على شئ لا حجة لنا جمیعا علیه والدعوى فیه عریة من برهان على صحته ، وخصومنا جمیعا یعیرونا بالاقتصار فیه على الدعاوی المجردة من البیان ، ویحکمون
علینا من اجل ذلک بالعجز عن الاحتجاج والتقلید فی الاعتقاد اللهم الا ان تزعموا ان الدعاوی مغنیة عن البرهان فیلزمکم ما ذکرناه من الدعوى لولد الحسین علیه السلام وتسقط مطالبتکم بالبرهان .
قالت الجارودیة : انما اقتصرنا فی فضل الحسن والحسین علیهما السلام على اخوتهما فیما عددناه على الحکم المجرد من البیان لظهور ذلک عند العلماء ، وإلا فمن ذا یخفى علیه فضل الحسن بن علی علیهما السلام على محمد بن الحنفیة وفضل الحسین علیه السلام على جعفر وعثمان والعباس ؟
قالت الامامیة : فاقنعوا منا بمثل هذا المقال فیما اختصصنا به من الاعتقاد فی ولد الحسین علیه السلام وظهور فضلهم على بنی عمهم عند العلماء ، وإلا فمن یخفى علیه فضل زین العابدین علی بن الحسین السجاد علیه السلام على الحسن بن الحسن وعبد الله بن الحسن ؟ وفضل الباقر محمد ابن علی علیهما السلام على محمد بن عبد الله بن الحسن وابراهیم بن عبد الله ابن الحسن ؟ فهل معکم شئ اکثر من الدعوئ ؟.
قالت الجارودیة : تفضیلکم من سمیتموه من ولد الحسین على ( من عددتموه من ) ولد الحسن صادر عن هوى وعصبیة ، وإلا فهاتوا علیه برهانا.
قالت الامامیة : قد عرفناکم اننا ننزل على حکمکم فی النظر ، ولا نتجاوز طریقکم فی الاحتجاج ولا نحدث شیئا یخالف معتمدکم فی الکلام . فان کنا على عصبیة وهوى فأنتم قدوتنا فیه والکیسانیة وسایر اهل الخلاف لنا جمیعا تحکمون علینا فی تفضیل الحسن والحسین علیهما السلام على اخوتهما بمثل ما حکمتم به علینا من العصبیة والضلال تحکم علینا جمیعا فی تفضیل الحسن والحسین على عبد الله بن عمر بن الخطاب واسامة بن زید و عبد الله بن العباس بالعصبیة والهوى والتقلید والضلال ، فبأی شئ تتفضلون منه فهو فضلنا منکم على البیان ؟
قالت الجارودیة : فانا نقول : ان الامامة فی الحسن والحسین علیهما السلام بالنص من رسول الله صلى الله علیه وآله ولووجدنا على اخوتهما نصا لما اختصصناهما بها دونهم .
قالت الامامیة : هذا کالاول - وفیه بطلان توهم من اعتمد ولد الحسن علیه السلام على حصولها فی ابیهم من قبل - فان القول فی اختصاص ولد الحسین علیه السلام بالامامة لوجود النص من الرسول وأمیر المؤمنین أو الحسن أو الحسین علیهم السلام على ولد الحسن لما حصرنا الامامة فی ولد الحسین علیه السلام .
قالت الجارودیة : ما نعرف هذه النصوص التی تدعونها ولا یصح عندنا ولا تثبت فدلوا على حقکم فیها . قالت الامامیة : هذا هو قول الکیسانیة لنا جمیعا فی امامة الحسن والحسین علیهما السلام وتعلقنا بالنص علیهما وقول المعتزلة والمرجئة والحشویة والخوارج وحکمهم على بطلان دعوانا فی ذلک وانها غیر ثابتة ولا صادقة ومطالبتهم لنا بالحجة علیها . فماذا یکون جوابنا لهم دنونا على وجه نعتمده ، وإلا فنحن جمیعا على ضلال !
قالت الجارودیة : فقد ورد الخبر عن النبی صلى الله علیه وآله انه قال ابنای هذان امامان قاما أو قعدا یعنی الحسن والحسین علیهما السلام وهذا نص صریح .
قالت الامامیة : وقد ورد الخبر عن النبی صلى الله علیه وآله انه قال : ان الله تعالى اختارنی نبیا واختار علیا لی وصیا واختار الحسن والحسین وتسعة من اولاد الحسین اوصیاء الى ان یقوم الساعة فی امثال هذا الحدیث فی لفظه ومعناه . ووردت الاخبار بقصة اللوح الذی اهبطه الله على نبیه صلى الله علیه وآله فدفعه إلى فاطمة علیها السلام فیه اسماء الائمة من ولد الحسین علیا السلام والنص على امامتهم إلى اخرهم بصریح المقال .
قالت الجارودیة : هذه خرافات واخبار موضوعات ، وإلا فدلوا على صحتها ببرهان .
قالت الامامیة : هکذا تقول لنا جمیعا الکیسانیة فی الخبر الذی اثبتناه فی النص على الحسن والحسین علیهما السلام وتقول لنا الناصبة باسرهم فیه بحکمون بانه خرافة وموضوع فبأی شئ انفصل بیننا وبینهم فهو فصل لنا منکم بغیر اشکال .
قالت الجارودیة : کیف یثبت اخبارکم فی النص على ولد الحسین علیه السلام وهی غیر معروفة عند ولد الحسن علیه السلام ؟ اللهم الا ان تحکموا علیهم من دعوى الامامة لانفسهم بالعناد !
قالت الامامیة : لسنا نقطع على ان المدعین الامامة من ولد الحسن علیه السلام کانوا عارفین بالنصوص على غیرهم من الائمة فسلکوا فی خلافها طریق العناد ، ولا نحکم ایضا علیهم فیما ادعوه من ذلک بالضلال الموجب للتأویل بخبر
العفو عنهم فی ذلک ونرجوا لهم فیه الغفران ، فلا یمتنع ان یکون ما هم فیه لنصرة الدین وما نالهم به القتل والالام مکفرا لزللهم فی دعوى الامامة ومثمرا لهم کثیرا من الثواب ومن اصحابنا من یقطع بالجنة لجمیع ولد فاطمة علیها السلام فهو یحکم لهم بالتویة قبل خروجهم من الدنیا فیما بینهم وبین الله عزوجل وان لم یظهر ذلک للعباد .
( فصل ) :وبعد فان مقالتکم لنا فی هذا الباب کمقال الناصبة لنا جمیعا فیما ذهبنا إلیه فی النص على أمیر المؤمنین علیه السلام وذلک انهم قالوا لنا : کیف یثبت اخبارکم فی ذلک وهی غیر معروفة عند ابی بکر وعمر وعثمان وطلحة والزبیر وسعد وسعید وعبد الرحمن والمهاجرین بأسرهم والانصار والتابعین لهم باحسان ، اللهم الا ان تحکموا على الخلفاء الراشدین بالعناد والخروج عن الایمان وتضلوا الصحابة من المهاجرین والانصار وتفسقوا التابعین باحسان وتشهدوا على الجماعة بالردة عن الاسلام ، وهذا من افحش المقال .
قالت الجارودیة : ما یمنع من الحکم على من خالف الحق بالضلال وان کانوا صحابة وتابعین للاصحاب إذ الواجب المرور مع البرهان دون التقلید للرجال .
قالت الامامیة : فارضوا منا بمثل ما رضیتموه لانفسکم فی هذا الباب ، فانا قوم مع الحجة والبرهان ، ولسنا ندفع خطا جماعة من ولد امیرالمؤمنین علیه السلام ولا نمنع من جواز السهو علیهم والشبهات ولا یجب بذلک من مذهبنا علینا الحجة ولا یلزمنا به من عقد بافساد هذا مع ما بیناه لکم من قولنا فی القوم واوضحنا عن معناه ما لا تمکننا وایاکم مثله فی المتقدمین على امیر المؤمنین علیه السلام ومن اتبعهم من الصحابة فی الضلال وهو عند جمیع الناصبة بدع فی المقال یقارب الردة عن الاسلام والشناعة به علینا جمیعا عند الجمهور اعظم من الشناعه بقولنا فی ولد الحسن علیه السلام وغیرهم وغیرهم ممن ادعى الامامة من بنی هاشم وسائر الناس .
قالت الجارودیة : ما ندری ما تقولون ، إلا أن الحکم منکم بخطأ ولد فاطمة علیها السلام فیما ادعوه من الامامة التی یوجبونها لغیرهم منهم یدل على عصبیة منکم علیهم وعداوة لها وعناد .
قالت الامامیة : س الامر کما تدعون ، وقد بینا لکم عن عقدنا فیهم ومودتنا لهم واشفاقنا علیهم ورجائنا فیهم بما لا نحیل الحق فیه على العقلاء . وبعد ، فما الفصل بینکم وبین الناصبة إذا قالوا قد بانت لنا عداوتکم لاصحاب رسول الله صلى الله علیه وآله وعصبیتکم علیهم وبغضکم لهم وبغضکم لحقهم علیکم وطعنکم بذلک فی الاسلام . مع ما بان من قولکم فی حصر الامامة فی ولد فاطمة علیها السلام من العداوة لبنی عم الرسول صلى الله علیه وآله من الخلفاء ، وتضلیلکم جمیع من ادعى الامامة من ولد جعفر بن ابی طالب علیه السلام ( وولد محمد بن علی بن ابی طالب ) علیه السلام ، وتجریدکم الطعن على جعفر بن محمد علیهما السلام فی تأخره عن نصرة عمه زید ، وعلى موسى بن جعفر وقد ظهر دعاؤه إلى نفسه حتى حبسه هارون إلى ان مات ، وعلى الرضا علی بن موسى علیهما السلام وقد ولی العهد من قبل المأمون وانکر على اخیه زید بن موسى الخروج على السلطان .
وظهرت عداوتکم ایضا لکل امام من ولد امیر المؤمننن علیه السلام لتضلیلکم لهم فی الاعتقاد . فقولوا فی هذا الباب ما شئتم وتخلفوا مما اعتمدتموه فی الحجاج من الشناعات .
قالت الجارودیة : فإن لنا حجة فی اختصاص الحسن والحسین علیهما السلام وولدهما بالامامة دون غیرهم من ولد امیر المؤمنین علیه السلام وسائر بنی هاشم وکافة الناس وهی قول النبی صلى الله علیه وآله : انی مخلف فیکم ما ان تمسکتم به لن تضلوا : کتاب الله ، وعترتی اهل بیتی ، وانهما لن یفترقا حتى یردا علی الحوض .
قالت الامامیة : هذا الخبر بأن یکون حجة لمن جعل الامامة فی جمیع بنی هاشم اولى من ان یکون حجة لمن جعلها فی ولد فاطمة علیها السلام لان جمیع بنی هاشم عترة النبی صلى الله علیه وآله وأهل بیته بلا اختلاف ، وإلا فان اقترحتم فیه الحکم على انه مصروف إلى ولد فاطمة علیها السلام اقترح خصومکم من الامامیة الحکم به على انه من ولد فاطمة فی ولد الحسین بعده وبعد اخیه الحسن علیه السلام . فلا تجدون منه فصلا .
قالت الجارودیة : فإن العترة فی اللغة هم اللباب والخاصة ، من ذلک قیل : عترة المسک ، یراد به خاصته وذلک موجب لکون عترة النبی صلى الله علیه وآله ورثته دون غی هم من بنی هاشم.
قالت الامامیة : أجل عترة النبی صلى الله علیه وآله ، خاصته ولبابه کما استشهد تم به فی المسک ، لکنه لیس اللباب والخاصة هم الذریة دون الاخوة والعمومة وبنی العم ، ولو کان الامر على ما ذکرتموه خرج امیر المؤمنین علیه السلام من العترة ، وهو سید الائمة وافضلها ، لخروجه من جملة الذریة ، وهذا باطل بالاتفاق .
قالت الجارودیة : فهذا یلزم الامامیة فیجب ان یکون العباس وولده وعبد شمس وولده داخلین فی جملة العترة التی خلفها النبی صلى الله علیه وآله فی أمته إذا کانت العترة تتعدى الورثة إلى غیرها من الاهل ، وهذا نقض مذهب الشیعة .
قالت الامامیة : هذا یلزمنا لو تعلقنا فی الامامة باسم العترة کما تعلقت الزیدیة ، لکنا لا نعتمد على ذلک ولا نجعله اصلا لنا فی الحجة وکیف یوجه علینا ما ظننتموه لولا التحریف فی الاحکام .
قالت الجارودیة : فهب انکم لم تعتمدوا فی تخصیص ولد الحسین علیه السلام بالامامة على قول النبی صلى الله علیه واله إنی مخلف فیکنم الکتاب والعترة کما اعتمدنا نحن ذلک فی تخصیص ولد فاطمة علیها السلام بها ، ألستم تثبتون هذا الخبر
وتجعلونه حجة لکم فی الامامة من وجه من الوجوه ؟ فما الذی یمنع من خصومکم انه یوجب الامامة فی جمیع بنی هاشم أو قریش على اختلافهم فی هذا الباب ، إذ کانت العترة عندکم تفید الذرتة وغیرها من الال ؟
قالت الامامیة : نحن وإن احتججنا بقول النبی صلى الله علیه وآله : انی مخلف فیکم الثقلین کتاب الله وعترتی فی امامة امیر المؤمنین علیه السلام ومن بعده من الائمة علیهم السلام فانا نرجع فیه إلى معناه المعلوم بالاعتبار وهو أن عترة الرجل کبار
اهله واجلهم وخاصتهم فی الفضل ولبابهم . وقد ثبت عندنا بأدلة من غیر هذا الخبر فضل امیر المؤمنین علیه السلام فی وقته على سائر اهل بیت النبی علیهم السلام وکذلک فضل الحسن والحسین علیهما السلام من بعده وفضل الائمة من ولد الحسین
علیه السلام على غیرهم من کافة الناس ، فوجب لذلک ان یکون المخلفون فینا من جملة الرسول صلى الله علیه وآله هم ، دون من سواهم على ما ذکرناه ، وانهم العترة للنبی صلى الله علیه وآله من جملة أهله لما بیناه .
ووجه آخر : وهو ان لفظ الخبر فی ذکر العترة عموم مخصوص بما اقترن إلیه من البیان من قوله علیه السلام : " إنهم لا یفارقون الکتاب " وذلک موجب لعصمتهم من الآثام ومانع من تعلق السهو بهم والنسیان ، إذ لو وقع منهم عصیان أو سهو فی
الاحکام لفارقوا به القرآن فیما ضمنه البرهان . وإذا ثبتت عصمة امیر المؤمنین علیه السلام والائمة من ولده بواضح البیان ثبت انهم المرادون بالعترة من ذکر الاستخلاف .
وهذا خلاف مذهب الجارودیة فی الائمة ولو انتحلوه لنا فی اصولهم من دفع الخصوم إلى ان هیئ طریق العلم بما ذکرناه من العصمة والفضل على الانام .
( فصل آخر )
فان قال قائل : قد وضح عندی قصور الزیدیة عن الاحتجاج لصحة مقالهم وبان وثبتت الحجة علیهم فیما عارضتموهم به من الکلام غیر انی لم أجدکم رددتم علیهم من الدعون التی بها ظهر عجزهم عن الحجاج.
فهل ترجعون فی إثبات الحق بما انفردتم به منهم إلى دلیل یختص به مذهبکم على البیان أم تقتصرون على الدعوى التی لا حجة فیها عند احد من العقلاء فتشارکوهم فی العجز والحکم علیهم بالخظأ فی الرأی والاعتقاد ؟ .
قیل له : لسنا نقتصر فیما ذهبنا إلیه من إمامة ائمتنا علیهم السلام على ما لجأ إلیه مخالفونا فی مذاهبهم الذی افسدناه بالحجاج ، وبینا عن تعری قولهم فیه من البرهان بل نعتمد ادلة فی صوابه لا یمکن الطعن فیها مع الانصاف .
فان قال : ثبتوا لی موضع الحجة على فا تذهبون إلیه فی الامامة وحصرها فی ولد الحسین علیه السلام بعده وبعد اخیه وابیهما أمیر المؤمنین علیه السلام بعده بما یباین حجة الزیدیة الراجعة إلى محض الدعاوی العریة من البیان ؟ .
قیل له : الکلام فی أعیان الائمة علیهم السلام فرع على أصول فی صفاتهم الواجبة لهم بصحیح الاعتبار ، فمتى لم تستقر هذه الاصول لم یمکن القول فی فروعها من التعیین على ما ذکرناه . فمن ذلک : وجوب وجود إمام فی کل زمان . لما یجب من اللطف للعباد ، وحس التدبیر لهم والاستصلاح لحصول العلم بان الخلق یکونون ابدا عند وجود الرئیس العادل أکثر صلاحا منهم وأقل فسادا عند الانتشار وعدم السلطان .
ومنها: ان الامام معصوم من العصیان مامون علیه السهو والنسیان . لفساد الخلق بسیاسة من یقارف الآثام ، ویسهو عن الحق فی الاحکام ، ویضل عن الصواب وحاجة من هذه صفته إلى رئیس یکون من ورائه لینبهه عند الغفلة وبقؤمه عند الاعوجاج .
ومنها : انه یجب ان یکون عالما بجمیع ما یحتاج إلیه الامة فی الاحکام . وإلا ، لحقه العجز فیها واحتاج إلى مسدد له وإمام .
ومنها : وجوب فضله على کافة رعیته فی الدین عند الله . لتقدمه على جاعتهم فی التعظیم الدینی ( قولا وفعلا بلا ارتیاب ، واستحالة وجوب التقدم فی التعظیم الدینی ) لمن غیره أفضل منه عند الله ، کما یستحیل إیصال أعظم الثواب إلى من غیره افضل عملا منه عند الله تعالى . وإذا ثبتت هذه الاصول وجب ابانة الامام من رعیته بالنص على عینه والعلم المعجز الخارق للعادات ، إذ لا طریق إلى المعرفة بمن یجتمع له هذه الصفات إلا بنص الصادق عن الله تعالى ، أو المعجز على ما ذکرناه . کما أنه لا طریق إلى المعرفة بالنبوة والرسالة الواردة عن الله جل اسمه إلا بنص نبی تقدم ، أو معجز باهر للعقول حسب ما وصفناه . وإذا وجب النص على أعیان الائمة علیهم السلام ولم نجد ذلک فی احد بعد النبی صلى اللة علیه وآله على الدعوى أو البیان إلا فی امیر المؤمنین والحسن والحسین والائمة من ولده علیهم السلام ثبت أنهم الائمة بشاهد العقل وایجابه لصحة الاصول المقررة على ما قدمناه .
( فصل )
فإن قال قائل من أهل الخلاف : إن النصوص التی یروونها الامامیة موضوعة والاخبار بها آحاد ، وإلا فلیذکروا طرقها أو یدلوا على صحتها بما یزیل الشک فیها والارتیاب.
قیل له : لیس یضر الامامیة فی مذهبها الذی وصفناه عدم التواتر فی أخبار النصوص على ائمتهم علیهم السلام ، ولا یمنع من الحجة لهم بها کونها اخبار آحاد لما اقترن إلیها من الدلائل العقلیة فیما سمیناه وشرحناه من وجوب الامامة وصفات الائمة علیهم السلام بدلالة انها لو کانت باطلة على ما تتوهم الخصوم لبطل بذلک دلائل العقول الموجبة لورود النصوص على الائمة بما بیناه ، وعدم ذلک فی سوى من ذکرناه من ائمتنا علیهم السلام بالاتفاق والظاهر الذی لا یوجد اختلاف وهذا بین - بحمد الله ومنه - لمن کان له عقل یدرک به الاشیاء . وهو طرف من جملة قد بسطتها فی غی هذا الکتاب من کتبی وأمالی فی الامامة واستقصیت فیها الکلام .
والله المحمود وهو المستعان وصلى الله على سیدنا محمد بن عبد الله سید البشر وعلى اخیه علی بن ابی طالب الطاهر المطهر وعلى ذریته الابرار الصفوة من عزته الغرر وسلم .
المصدر :
المسائل الجارودیة - الشیخ المفید ص 25 -47
source : .www.rasekhoon.net