عربي
Thursday 14th of November 2024
0
نفر 0

مناظرة هشام بن‌الحكم مع عالم شامي بمحضر الامام الصادق ( عليه السلام )‍

مناظرة هشام بن‌الحكم مع عالم شامي بمحضر الامام الصادق ( عليه السلام )‍

مناظرة هشام بن‌الحكم مع عالم شامي بمحضر الامام الصادق ( عليه السلام )‍

عن يونس بن يعقوب قال : كنت عند أبي عبد الله ـ عليه السلام ـ‍ فورد عليه رجل من أهل الشام فقال : إني رجل صاحب كلام وفقه وفرائض ، وقد جئت لمناظرة أصحابك .
فقال له أبو عبد الله ـ عليه السلام ـ : كلامك هذا من كلام رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ أو من عندك ؟
فقال : من كلام رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ بعضه ، ومن عندي بعضه .
فقال أبو عبد الله : فأنت إذاً شريك رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ ؟
قال : لا .
قال : فسمعت الوحي من الله تعالى ؟
قال : لا .
قال : فتجب طاعتك كما تجب طاعة رسول الله ؟
قال : لا .
قال : فالتفت إليّ أبو عبد الله ـ عليه السلام ـ فقال : يا يونس هذا خصم نفسه قبل أن يتكلم .
( الى أن قال يونس ) : وكنّا في خيمة لابي عبد الله ـ عليه السلام ـ في طرف جبل في طريق الحرم ، وذلك قبل الحج بأيام ، فأخرج أبو عبد الله ـ عليه السلام ـ رأسه من الخيمة فإذا هو ببعير يخب ، قال : هشام ورب الكعبة .
قال : وكان شديد المحبة لابي عبد الله ، فإذا هشام بن الحكم ، وهو أول ما اختطت لحيته ، وليس فينا إلاّ من هو أكبر منه سناً ، فوسّع له أبو عبد الله وقال : ناصرنا بقلّبه ولسانه ويده .
ثم قال للشامي : كلّم هذا الغلام ! يعني : هشام بن الحكم .
فقال : نعم ، ثم قال الشامي لهشام : يا غلام سلني في إمامة هذا يعني : أبا عبد الله ـ عليه السلام ـ ؟
فغضب هشام حتى ارتعد ، ثم قال له : أخبرني يا هذا أربك أنظر لخلقه ، أم خلقه لانفسهم ؟
فقال الشامي : بل ربي أنظر لخلقه !
قال : ففعل بنظره لهم في دينهم ماذا ؟
قال : كلفهم ، وأقام لهم حجة ودليلاً على ما كلفهم به ، وأزاح في ذلك عللهم .
فقال له هشام : فما هذا الدليل الذي نصّبه لهم ؟
قال الشامي : هو رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ .
قال هشام : فبعد رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ من ؟
قال : الكتاب والسنة .
فقال هشام : فهل نفعنا اليوم الكتاب والسنة فيما اختلفنا فيه ، حتى رفع عنا الاختلاف ، ومكننا من الاتفاق ؟
فقال الشامي : نعم
قال هشام : فلم اختلفنا نحن وأنت ، جئتنا من الشام تخالفنا ، وتزعم أن الرأي طريق الدين ، وأنت مُقرّ بأن الرأي لا يجمع على القول الواحد المختلفين ؟
فسكت الشامي كالمفكر .
فقال أبو عبد الله ـ عليه السلام ـ : مالك لا تتكلم ؟
قال : إن قلت : إنّا ما اختلفنا كابرت .
وإن قلت : إن الكتاب والسنة يرفعان عنّا الاختلاف ، أبطلت (1) ، لانهما يحتملان الوجوه (2) ، ولكن لي عليه مثل ذلك .
فقال له أبو عبد الله : سله تجده مليّاً !
فقال الشامي لهشام : من أنظر للخلق ربهم أم أنفسهم ؟
فقال : بل ربهم أنظر لهم .
فقال الشامي : فهل أقام لهم من يجمع كلمتهم ، ويرفع اختلافهم ، ويبيّن لهم حقهم من باطلهم ؟
فقال هشام : نعم .
فقال الشامي : من هو ؟
قال هشام : أما في ابتداء الشريعة ، فرسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ‍ وأما بعد النبي فعترته .
قال الشامي : من هو عترة النّبي القائم مقامه في حجته ؟
قال هشام : في وقتنا هذا أم قبله ؟
قال الشامي : بل في وقتنا هذا .
قال هشام : هذا الجّالس يعني : أبا عبد الله ـ عليه السلام ـ ، الّذي تُشَد اليه الرّحال ويخبرنا بأخبار السماء وراثة عن جده .
قال الشامي : وكيف لي بعلم ذلك ؟
فقال هشام : سله عما بدا لك .
قال الشامي : قطعت عذري ، فعليّ السؤال .
فقال أبو عبد الله ـ عليه السلام ـ : أنا أكفيك المسألة يا شامي أخبرك عن مسيرك وسفرك ، خرجت يوم كذا ، وكان طريقك كذا ، ومررت على كذا ، ومر بك كذا ، فأقبل الشامي كلّما وصف شيئاً من أمره يقول : « صدقت والله » .
فقال الشامي : أسلمت لله الساعة !
فقال له أبو عبد الله ـ عليه السلام ـ : بل آمنت بالله الساعة ، إن الاسلام قبل الايمان وعليه يتوارثون ، ويتناكحون ، والايمان عليه يثُابون .
قال : صدقت ، فأنا الساعة أشهد أن لا إله إلاّ الله وأن محمداً رسول الله وأنك وصيُّ الانبياء (3) .
____________
(1) ولذلك من الوظائف المعتبرة في الامام بعد النبي ـ صلّى الله عليه وآله ـ أن يُبيّن للامة ما أُرسل به النبي ـ صلّى الله عليه وآله ـ وما اختلفوا فيه ، لكي يرتفع عنهم الخلاف .
وهذان المعنيان قد نص عليهما النبي ـ صلّى الله عليه وآله ـ في علي بن ابي طالب ـ عليه السلام ـ ومن تلك النصوص الصريحة التي لا تقبل الشك :
(أ) ما روي عن ابي ذر عن النبي ـ صلّى الله عليه وآله ـ قال : « علي باب علمي ، ومبيّن من بعدي لامتي ما أرسلت به ، حبه ايمان ، وبغضه نفاق ... الحديـث » .
راجـع : كنز العمال ج11 ص614 ح32981 ، فتح الملك العلي بصحة حديث باب مدينة العلم علي ص18 ، ط الازهر ، وص47 ط الحيدرية ، الغدير للاميني ج3 ص96 .
(ب) ما روي عن أنس ، قال : قال ـ صلّى الله عليه وآله ـ « يا أنس أول من يدخل عليك من هذا الباب أمير المؤمنين وسيد المسلمين وقائد الغر المحجلين ، وخاتم الوصيين » .
قال أنس : قلت اللهم اجعله رجلاً من الانصار وكتمته .
اذ جاء علي فقال : « من هذا يا أنس ؟ » فقلت : علي ، فقام اليه مستبشراً فاعتنقه ، ثم جعل يمسح عرق وجهه بوجهه . قال علي : يا رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ لقد رأيتك صنعت شيئاً ما صنعت بي من قبل ؟ قال : « وما يمنعني وأنت تؤدي عني وتسمعهم صوتي وتبين لهم ما اختلفوا فيه بعدي » ؟
راجع : حلية الاولياء ج1 ص63 ، المناقب للخوارزمي الحنفي ص85 ح75 ، ترجمة امير المؤمنين من تاريخ دمشق ج2 ص487 ح1005 ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج9 ص169 ، كفاية الطالب للكنجي الشافعي ص212 ، ميزان الاعتدال للذهبي ج1 ص64 .
(ت) ما روي عن انس ايضاً أن النبي ـ صلّى الله عليه وآله ـ قال لعلي : « أنت تبيّن لامتي ما اختلفوا فيه من بعدي » .
راجع : الحاكم في المستدرك ج3 ص122 ، كنزالعمال ج11 ص615 ح32983 ، المناقب للخوارزمي ص329 ح346 ، كنوز الحقائق للمناوي ص203 ، ينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص182 ، ترجمة امير المؤمنين من تاريخ ابن عساكر ج2 ص488 ح1017 و1018 .
يقول السيد شرف الدين في كتابه المراجعات ص172 معلقاً على هذا الحديث : ان من تدبر هذا الحديث وأمثاله علم أن علياً من رسول الله بمنزلة الرسول من الله تعالى ، فان الله سبحانه يقول لنبيه : ( وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه وهدىً ورحمة لقوم يؤمنون ) سورة النحل الاية 64 ، ورسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ يقول لعلي : « أنت تبيّن لامتي ما اختلفوا فيه من بعدي » .
(2) ومما لا يخفى أن القرآن الكريم فيه من المجمل والمفصل ، والمحكم والمتشابه ، والظاهر والمؤول ، والعام والخاص ، والناسخ والمنسوخ ، ما لا يمكن معرفته إلا بالرجوع إلى أولي الامر ، قال الله تعالى : ( ولو ردُّوه إلى الرسول وإلى أولي الامر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ) سورة النساء : الاية 83 . وكذلك السنة أيضاً بالاضافة إلى وجود الدسّ ـ كما صرّحت بذلك الروايات ـ والكذب والافتراء على رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ حتى أنه قام فيهم خطيباً ـ كما يروى ـ وقال : ألا كثرت عليَّ الكذَّابة فمن كذب عليَّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار ، فلهذا كله وجب الرجوع إلى أولي الامر وهم أهل البيت ـ عليهم أفضل الصلاة والسلام ـ لمعرفة الوجه الصحيح من غيره والحق من الباطل .
(3) الاحتجاج للطبرسي ج2 ص364 ، ابن شهر آشوب في المناقب ج4 ص243 ، ارشاد المفيد ص278 ، اصول الكافي ج1 ص172 ، بحار الانوار ج48 ص203 ح7 .

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

رؤيا هند زوجة يزيد بن معاوية
الأوضاع قبل البعثة النبوية
مناظرة هشام بن‌الحكم مع عالم شامي بمحضر الامام ...
الاستيلاء على مقاليد الدولة الإسلامية
السيده رقيه بنت الحسين عليها السلام
خروج الإمام الحسين(عليه السلام) من مكة إلى العراق
التبليغ بين صلاح المجتمع وفساده
فدك والحسنان عليهما السلام
المتعة ؛ سنة في زمن الرسول(ص) و أبي بکر ـ (الحلقة ...
عشر في تقدم الشيعة في فنون الشعر في الإسلام

 
user comment