السؤال: هذه شبهة وردت في أحد منتديات مواقع الوهّابية ، أرجو الردّ السريع عليها .
إعارة الفروج ، فقد روى الطوسي عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر قال : قلت : الرجل يحلّ لأخيه فرج جاريته ، قال : " نعم ، لابأس به ، له ما أحلّ له منها " (2) .
أرجو المساعدة على ردّ تلك الحثالة الوهّابية ، وشكراً .
الجواب : وما أسموه بإعارة الفروج ، فهو ليس تعبيراً صحيحاً ، وإنّما الصحيح أنّ يقال : أحكام نكاح الإماء ، لأنّ هذه الروايات واردة في أحكام الإماء اللاتي يشتريهن المسلمون بأموالهم ، وقد ورد في أحكامها ، كما عن العلاّمة الحلّي (قدس سره) في " المختلف " : ( المشهور عند علمائنا إباحة وطء الإماء بتحليل المولى للغير .
وقال ابن إدريس : إنّه جائز عند أكثر أصحابنا المحصّلين ، وبه تواترت الأخبار ، وهو الأظهر بين الطائفة ، والعمل عليه والفتوى به ، وفيهم من منع منه والحقّ الأوّل .
____________
1- المصنّف للصنعاني 7 / 215 ــ 217 .
2- الاستبصار 3 / 136 .
|
الصفحة 265 |
|
وحجّتنا : قوله تعالى : { أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ } (1) وهو يصدق بملك المنفعة ، كما يصدق بملك الرقبة .
وما رواه محمّد بن مسلم ، عن أحدهما (عليهما السلام) قال : سألته عن رجل يحلّ لأخيه فرج جاريته ، قال : " هي له حلال ما أحلّ منها " ) (2) .
وقال ابن العلاّمة (قدس سره) في " إيضاح الفوائد " : " اعلم أنّ السيّد أي المالك للأمة يملك منفعتين من أمته ، منفعة الاستمتاع ومنفعة الاستخدام ، فإذا زوّجها عقد على إحدى منفعتيها ، وبقيت المنفعة الأُخرى ، فيستوفيها في وقتها وهو النهار ، ويسلّمها إلى الزوج وقت الاستراحة والاستمتاع ، وهو الليل " (3) .
وقال المحقّق الكركي (قدس سره) في " جامع المقاصد " : " والصيغة وهو لفظ التحليل ، مثل أحللت لك وطأها ، أو جعلتك في حلّ من وطئها ، والأقرب إلحاق الإباحة به .
ولو قال : أذنت لك ، أو سوّغت ، أو ملكت فكذلك .
ولا تستباح بالعارية ، ولا بالإجارة ، ولا ببيع منفعة البضع ... .
والشرط الرابع : الصيغة ، ولا خلاف في اعتبارها ، لأنّ الفروج لا يكفي في حلّها مجرّد التراضي ، ولا أيّ لفظ اتفق ، بل لابدّ من صيغة متلقّاة من الشرع ، وقد اجمعوا على اعتبار لفظ التحليل ، وبه وردت النصوص ، فيقول : أحللت لك وطء فلانة ، أو جعلتك في حلّ من وطئها " (4) .
فنقول : أين الإعارة للفروج ؟ وقد سمعت قول العلماء أنفاً : أنّه لا يستباح بالعارية ولا بالإجارة ، ولا ببيع منفعة البضع !! وإنّما صيغة التحليل المذكورة مستفادة من أدلّة الشرع ، وفق روايات صحيحة ذكرها العلماء في متون
____________
1- النساء : 3 .
2- مختلف الشيعة 7 / 269 .
3- إيضاح الفوائد 3 / 168 .
4- جامع المقاصد 13 / 182 .
|
الصفحة 266 |
|
استدلالاتهم في باب أحكام الإماء ، فليراجع ثمّة .
|
الصفحة 267 |
|
( أحمد. البلوشي . السعودية ... )
السؤال: ما معنى الإسراء والمعراج وما هي أسبابه ونتائجه ؟
الجواب : لقد أسرى النبيّ محمّد (صلى الله عليه وآله) بروحه وجسده من مكّة المكرّمة إلى بيت المقدس ، كما في سورة الإسراء ، وذلك في السنوات الأُولى من البعثة .
ثمّ عرج (صلى الله عليه وآله) بروحه وجسده من بيت المقدس إلى السماء ، كما جاء في سورة الإسراء ، ووردت بذلك الأخبار الكثيرة ، وذلك في السنوات الأُولى من البعثة .
وأمّا أهداف الإسراء والمعراج فهي :
أوّلاً : إنّ حادثة الإسراء والمعراج معجزة كبرى خالدة ، ولسوف يبقى البشر إلى الأبد عاجزين عن مجاراتها ، وإدراك أسرارها ، ولعلّ إعجازها هذا أصبح أكثر وضوحاً في هذا القرن العشرين ، بعد أن تعرّف هذا الإنسان على بعض أسرار الكون وعجائبه ، وما يعترض سبيل النفوذ إلى السماوات من عقبات ومصاعب .
ثانياً : إنّ هذه القضية قد حصلت بعد البعثة بقليل ، وقد بيّن الله سبحانه الهدف من هذه الجولة الكونية ، فقال : { لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا } (1) .
وإذا كان الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) هو الأسوة والقدوة للإنسانية جمعاء ، وإذا كانت مهمّته هي حمل أعباء الرسالة إلى العالم بأسره ، فإنّ من الطبيعي أن يعدّه الله
____________
1- الإسراء : 1
|
الصفحة 268 |
|
سبحانه إعداداً جيّداً لذلك ، وليكن المقصود من قصّة الإسراء والمعراج هو أن يشاهد الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) بعض آثار عظمة الله تعالى في عمليةٍ تربوية رائعة ، وتعميق وترسيخ للطاقة الإيمانية فيه ، وليعدّه لمواجهة التحدّيات الكبرى التي تنتظره ، وتحمّل المشاق والمصاعب والأذى التي لم يواجهها أحد قبله ولا بعده .
ثالثاً : لقد كان الإنسان ولاسيّما العربي آنذاك يعيش في نطاق ضيّق ، وذهنية محدودة ، ولا يستطيع أن يتصوّر أكثر من الأُمور الحسّية ، أو القريبة من الحسّ ، التي كانت تحيط به ، أو يلمس آثارها عن قرب .
فكان والحالة هذه لابدّ من فتح عيني هذا الإنسان على الكون الرحب ، الذي استخلفه الله فيه ، ليطرح على نفسه الكثير من التساؤلات عنه ، ويبعث الطموح فيه للتعرّف عليه ، واستكشاف أسراره ، وبعد ذلك إحياء الأمل وبثّ روح جديدة فيه ، ليبذل المحاولة للخروج من هذا الجوّ الضيّق الذي يرى نفسه فيه ، ومن ذلك الواقع المزري الذي يعاني منه ، وهذا بالطبع ينسحب على كلّ أُمّة ، وكلّ جيل وإلى الأبد .
رابعاً : والأهمّ من ذلك : أن يلمس هذا الإنسان عظمة الله سبحانه ، ويدرك بديع صنعه ، وعظيم قدرته ، من أجل أن يثق بنفسه ودينه ، ويطمئن إلى أنّه بإيمانه بالله إنّما يكون قد التجأ إلى ركن وثيق ، لا يختار له إلاّ الأصلح ، ولا يريد له إلاّ الخير ، قادر على كلّ شيء ، ومحيط بكلّ الموجودات .
خامساً : إنّه يريد أن يتحدّى الأجيال الآتية ، ويخبر عمّا سيؤول إليه البحث العلمي من التغلّب على المصاعب الكونية ، وغزو الفضاء ، فكان هذا الغزو بما له من طابع إعجازي خالدٍ ، هو الأسبق والأكثر غرابة وإبداعاً ، وليطمئن المؤمنون ، وليربط الله على قلوبهم ، ويزيدهم إيماناً (1) .
____________
1- الصحيح من سيرة النبيّ الأعظم 3 / 34 .
|
الصفحة 269 |
|
( سمير حسن . السعودية ... )
السؤال: هل إنّ ما رآه النبيّ محمّد (صلى الله عليه وآله) في الإسراء والمعراج كان برؤية قلبية فقط ؟ أم أنّها كانت قلبية وبصرية أيضاً ؟
أرجو الإجابة على سؤالي مدعماً بأقوال المعصومين (عليهم السلام) ، وغفر الله لكم ، وشكر مساعيكم في نشر العقيدة الحقّة .
الجواب : تعتقد الشيعة الإمامية الاثنا عشرية ، والزيدية ، والمعتزلة : أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) أُسري يقظة بجسمه وروحه إلى بيت المقدس لقوله تعالى : { إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى } ، وعرج إلى السماوات لقوله تعالى : { وَهُوَ بِالأُفُقِ الأَعْلَى * ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى * فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى * مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى } .
ودلّت عليه الروايات المتواترة عن أئمّة أهل البيت (عليهم السلام) والصحابة ، كابن عباس وابن مسعود ، وجابر وحذيفة وأنس ، وعائشة وأُمّ هاني .
وعليه تكون رؤية النبيّ (صلى الله عليه وآله) في معراجه رؤية بصرية وقلبية للسماوات ، فرأى الأنبياء والعرش وسدرة المنتهى والجنّة والنار بعينه الشريفة ، ورأى جبرائيل على ما هو عليه ، من الهيئة التي خلقه الله تعالى عليها ، فعن الإمام الصادق (عليه السلام) في قوله تعالى : { لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى } (1) قال : " رأى جبرائيل على ساقه الدرّ ... " (2) .
نعم رأى ربّه برؤية قلبية لا بصرية ، فعن محمّد بن الفضيل قال : سألت أبا الحسن (عليه السلام) : هل رأى رسول الله (صلى الله عليه وآله) ربّه عزّ وجلّ ؟
قال : " نعم ، أما سمعت الله يقول : { مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى } لم يره
____________
1- النجم : 18 .
2- التوحيد : 116 .
|
الصفحة 270 |
|
بالبصر ولكن رآه بالفؤاد " (1) .
ونذكر لكم روايتين تدلاّن على هذا المعتقد :
1-عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال : " جاء جبرائيل وميكائيل وإسرافيل بالبراق إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فأخذ واحد باللّجام ، وواحد بالركاب ، وسوّى الآخر عليه ثيابه ... " (2) .
2-عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال : " لمّا أُسري برسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى بيت المقدس، حمله جبرائيل على البراق ، فأتيا بيت المقدس ، وعرض عليه محاريب الأنبياء ، وصلّى بها ، وردّه ... " (3) .
( حسين جابر . السويد )
السؤال: ما هي الكتب المؤلّفة عن الإسراء والمعراج ؟ أرجو منكم الجواب ، في أمان الله .
الجواب : يمكنكم مراجعة الكتب التالية للاطلاع على مسألة الإسراء والمعراج :
1-علم اليقين 1 / 489 . 2 حقّ اليقين 1/168 . 3 الميزان في تفسير القرآن 13/7 . 4 الصحيح من سيرة النبيّ الأعظم (صلى الله عليه وآله) 3/15 .
( ... ... ... )
كيفية رؤيته (صلى الله عليه وآله) لقضايا المستقبل :
السؤال: ورد في أحاديث المعراج أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) رأى في هذه الجولة الملكوتية بعض أصحاب الجنّة والنار من أُمّته فيهما ، فما هو التخريج لهذه القضية ؟ مع أنّنا نعلم بوقوع هذه المثوبات أو العقوبات فيما بعد ، أي أنّ المحاسبة ومن ثمّ إعطاء النتائج لأفعال العباد سوف تكون في القيامة .
____________
1- نفس المصدر السابق .
2- تفسير القمّي 2 / 3 .
3- الأمالي للشيخ الصدوق : 533 .
|
الصفحة 271 |
|
الجواب : نعم جاء في نصوص المعراج ما ذكرتم ، ولكن الذي يظهر بعد التوفيق بين الأدلّة العقلية والنقلية في المقام هو : أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) شاهد الصور المثالية لهؤلاء الأشخاص ولتلك الأحداث ، لا أنّه (صلى الله عليه وآله) رآها بنحو القضية الخارجية والواقعية ، وبهذا ينحلّ الأشكال المذكور ، ولا يبقى أيّ استبعاد في المقام .
وقد تنبّه لردّ هذا المحذور المتوهّم بعض أساطين المذهب قديماً وحديثاً ، منهم الشيخ الطبرسي (قدس سره) ، حيث قال في معرض جوابه : " فيحمل على أنّه رأى صفتهم أو أسماءهم " (1) .
( ... السعودية ... )