عربي
Saturday 7th of December 2024
0
نفر 0

حبيب بن مظاهر الاسدي ومكانته عند الحسين (ع)

قد أجمع اهل السير أن حبيباً صحب علياً (ع) في حروبه كلها الجمل وصفين والنهروان وكان من خاصته وحملة علومه وهذا العلم _ المغيبات _ لا يطلعه امير المؤمنين (ع) ألا على خاصته امثال حبيب ورشيد وميثم فهو لا يحمله الا قلب مفعم بالأيمان.
حبيب بن مظاهر الاسدي ومكانته عند الحسين (ع)

قد أجمع اهل السير أن حبيباً صحب علياً (ع) في حروبه كلها الجمل وصفين والنهروان وكان من خاصته وحملة علومه وهذا العلم _ المغيبات _ لا يطلعه امير المؤمنين (ع) ألا على خاصته امثال حبيب ورشيد وميثم فهو لا يحمله الا قلب مفعم بالأيمان.
 كان حبيب ممن كاتب الحسين (ع) وخاطبه في القدوم لمبايعته ونصرته كتاب حبيب ولكنه لم يكن كباقي الكتب التي كتبت بمدار الغدر بل كان نابعاً عن ولاء خالص وعقيدة صافية وكان الحسين (ع) يعرف منه ذلك الوفاء والولاء الخالص ويجلهما فقد ورد أنه (ع) في سيره الى الكوفة خيم في واد وعقد أثنتي عشرة راية ثم أمر جمعاً من أصحابه أن يحمل كل واحد منهم راية وبقيت واحدة فقال له بعضهم: يا سيدي تفضل علي بحملها فجزاه خيراً وقال له: سيأتي اليها صاحبها فلما جاء حبيب أعطاه إياها. ولا يخفى ما لهذا العمل من دلالة واضحة على فضل حبيب ومكانته عند الحسين (ع). وذكر أهل السير أنه لما ورد مسلم بن عقيل (ع) الى الكوفة ونزل دار المختار واخذت الشيعة تختلف اليه قام فيهم جماعة من الخطباء تقدمهم عابس الشاكري فخطب خطبة أعلن فيها ولاءه ومبايعته للأمام الحسين (ع) والذب عنه بروحه، وثناه حبيب فقام وقال لعابس بعد فراغه من خطبته رحمك الله لقد قضيت ما في نفسك بواجز من القول وانا والله الذي لا إله الا هو لعلى مثل ما انت عليه. فكان حبيب مع ابن عمه مسلم بن عوسجة يأخذان البيعة للأمام الحسين (ع) في الكوفة.
معاشر القوم انه والله لبئس القوم عند الله غداً قوم يقدمون على الله وقد قتلوا ذرية نبيه وعترته وأهل بيته.
 

بين حبيب و ميثم و رشيد (رضوان الله تعالى عليهم)
قال الكشّي في حبيب بن مظاهر: جبرئيل بن أحمد [يرفع الحديث إلى فُضيل بن الزبير]: مرّ ميثم التمّار على فرس له، فاستقبل حبيب بن مظاهر الأسديّ عند مجلس بني أسد، فتحدّثا حتّى اختلفت أعناق فرسيهما، ثمّ قال حبيب: لكأنّي بشيخ أصلع، ضخم البطن، يبيع البطّيخ عند دار الرزق، قد صُلب في حبّ أهل بيت نبيّه عليهم السلام، يُبقر بطنه على الخشبة! فقال ميثم: و إنّي لأعرف رجلاً أحمر له ضفيرتان، يخرج لنصرة ابن بنت نبيّه، فيُقتل و يُجال برأسه بالكوفة، ثمّ افترقا. فقال أهل المجلس: ما رأينا أحداً أكذب من هذين!
 قال: فلم يفترق أهل المجلس حتّى أقبل رشيد الهجريّ فطلبهما، فسأل أهل المجلس عنهما فقالوا: افترقا وسمعناهما يقولان كذا وكذا. فقال رشيد الهجريّ: رحم الله ميثماً، ونسي (و يُزاد في عطاء الذي يجيء بالرأس مئة درهم)، ثمّ أدبر. فقال القوم: هذا والله أكذبهم. فقال القوم: والله ما ذهبت الأيّام والليالي، حتى رأينا ميثماً مصلوباً على دار عمرو بن حُريث، و جيء برأس حبيب بن مظاهر، قد قُتل مع الحسين (ع)، و رأينا كلّ ما قالوا.
 وروى السيد ابن طاووس في اللهوف ص ۱۰۸: أن عبيد الله بن زياد لما دخل الكوفة وخذل اهلها عن مسلم وفر أنصاره حبس حبيب ومسلم بن عوسجة ولم يطلقهما ألا بعد مقتل مسلم بن عقيل فلما ورد الحسين كربلاء خرجا اليه متخفين يسيران الليل ويكمنان النهار حتى وصلا اليه وكان وصولهما قبل معركة الطف بأيام وكان وجود حبيب في معسكر الحسين يضفي هيبة ورهبة في قلوب الاعداء كما كانت لحبيب محاولة لتعزيز معسكر الحسين (ع) بأكثر عدد من الانصار فكان قد استأذن الإمام الحسين (ع)، قبل المعركة في أن يأتي قومه من بني أسد الذين كانوا قريبين من موقع المعركة فيدعوهم الى نصرة الحسين (ع). فروى الخوارزمي في مقتله ج ۱ ص ۲٤۳ والمجلس في بحار الانوار ج ٤٤ ص ۳۸٦: ان حبيباً لما وصل الى الحسين ورأى قلة أنصاره وكثرة محاربيه قال للحسين (ع): انا ها هنا حياً من بني اسد فلو أذنت لي لسرت اليهم ودعوتهم الى نصرتك لعل الله أن يهديهم ويدفع بهم عنك. فأذن له الحسين (ع) فسار اليهم حتى وافاهم فجلس في ناديهم ووعظهم وقال في كلامه: يا بني أسد قد جئتكم بخير ما اتى به رائد قومه، هذا الحسين بن علي امير المؤمنين (ع) وابن فاطمة بنت رسول الله )ص) قد نزل بين ظهرانيكم في عصابة من المؤمنين وقد طاف به أعداؤه ليقتلوه فأتيتكم لتمنعوه وتحفظوا حرمة رسول الله فيه، فو الله لئن نصرتموه ليعطينكم الله شرف الدنيا والآخرة وقد خصصتكم بهذه المكرمة لأنكم قومي وبنو أبي وأقرب الناس مني رحماً. فقام عبد الله بن بشير الاسدي وقال: شكر الله سعيك يا أبا القاسم، فو الله لجئتنا بمعركة يستأثر بها المرء الأحب فالأحب، أما أنا فأول من اجاب جماعة بنحو جوابه فاستجاب لدعوة حبيب تسعون مقاتلاً جاؤوا معه يريدون الانضمام الى معسكر الحسين (ع)، ولكن عمر بن سعد علم بذلك فوجه اليهم قوة من أربعمائة فارس وكان بينهم وبين معسكر الحسين اليسير فتناوش الفريقان واقتتلوا فصاح حبيب بالازرق بن الحرث _ قائد جيش أبن سعد _ مالك ولنا انصرف عنا فأبى الازرق. وعلمت بنو اسد الا طاقة لهم بخيل ابن سعد فانهزموا راجعين الى حيهم ثم غادروا منازلهم في جوف الليل خوفاً من ابن سعد أن يباغتهم، ورجع حبيب الى الحسين فأخبره بما كان فقال (ع): وما تشاؤون إلا ان يشاء الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
كانت هذه المحاولة من حبيب حرصاً على حياة الإمام الحسين (ع) ووقاية له بأهله وقومه وبني عمه ولم تكن هذه المحاولة الوحيدة فقد كان يعظ كل من يعرفه ومن لا يعرفه ويحاول أن يستمليه الى طريق الحق والانضمام الى معسكر الحسين.
فقد ذكر الطبري في تاريخه ج ۳ ص ۳۱۱: ان عمر بن سعد لما ارسل الى الحسين (ع) كثير بن عبد الله الشعبي وعرفه أبو تمامة الصائدي فأعاده أرسل بعده قرة بن قيس الحنظلي فلما رآه الحسين (ع) مقبلاً قال: أتعرفون هذا؟ فقال حبيب: نعم هذا رجل تميمي من حنظلة وهو ابن أختنا فلما جاء وسلم على الحسين وأبلغه رسالة عمر بن سعد قال له حبيب: ويحك يا قرة أين ترجع؟ الى القوم الظالمين؟ أنصر هذا الرجل الذي بأبائه أيدك الله بالكرامة وإيانا معك وكان له كلام بين الصفين يعظ به جيش أبن سعد الذين طبع الله على قلوبهم وانساهم ذكره لكن ذلك لم يمنع حبيب من تنبيههم وتذكيرهم بالضلال الذي هم عليه فمما قاله حبيب يومئذ: معاشر القوم انه والله لبئس القوم عند الله غداً قوم يقدمون على الله وقد قتلوا ذرية نبيه وعترته وأهل بيته وعباد أهل هذا المصير المجتهدين بالاسحار والذاكرين الله كثيراً كان حبيب على مسيرة الحسين فكان خفيف الاجابة لدعوة المبارز وحينما أذن له الحسين (ع) بالبراز اخذ يقاتل القوم قتالاً شديداً وهو يقول:

انا حبيب وأبي مظهر

فارس هيجاء وحرب تسعر

أنتم اعد عدة واكثر

 ونحن أوفى منكم واصبر

ونحن اعلى حجة واظهر

حقاً وأتقى منكم وأطهر

فقتل على كبر سنه أثنين وستين رجلاً وهو يواصل حملاته ويرتجز بقوله:

أقسمت لو كان لكم اعدادا

 أو شطركم وليتم الاكتاد

يا شر قوم حسباً وادا

 وشرهم قد علموا انداداً

وبينما هو يقاتل اذ حمل عليه رجل من بني تميم يقال له بديل بن حريم فضربه بسيفه وحمل عليه آخر من تميم أيضاً فطعنه برمحه فوقع فأراد أن يقوم فضربه الحصين بن تميم على رأسه بالسيف فسقط فنزل اليه التميمي واحتز رأسه.
قال أهل المقاتل والسير انه لما قتل حبيب بن مظاهر الاسدي هد مقتله الحسين واسترجع كثيراً وقال: عند الله احتسب نفسي وحماة اصحابي. ولا تنتهي قصة حبيب باستشهاد فان الروح الوحشية التي جبل عليها افراد الجيش الاموي لم تكن لتدع أي شكل من اشكال البشاعة والقسوة والنذالة ألا وتأتي بها.
فقد ذكر الطبري وغيره من اصحاب التواريخ والسير ان التميمي _ قاتل حبيب _ والحصين تنازعا في رأس حبيب وكل يقول أنا قتلته فأنا أولى برأسه ثم اصطلح مع الحصين أن يأخذ الرأس ويعلقه في عنق فرسه ويجول به في العسكر ليعلم الناس انه شريكه في قتله ثم يدفعه اليه فدفع التميمي الى الحصين الرأس ففعل ما يريد وجال به في العسكر ثم دفعه الى التميمي فلما رجعوا الى الكوفة بعد مقتل الحسين (ع) اخذ التميمي رأس حبيب وعلقه في عنق فرسه ثم اقبل مع بقية الجيش الى قصر ابن زياد فبصر به القاسم بن حبيب بن مظاهر وهو يومئذ غلام فأقبل مع التميمي لا يفارقه فارتاب التميمي فقال له مالك تتبعني؟ قال القاسم: ان هذا الرأس الذي معك رأس أبي أفتعطينيه حتى أدفنه؟ فأبى التميمي وبقيت صورة التميمي ورأس حبيب لا تفارق رأِس القاسم حتى ادرك ولم يكن له هم الا اتباع اثر قاتل أبيه فلما كان زمن مصعب بن الزبير وغزا مصعب )باجميرا) دخل القاسم عسكر مصعب فاذا قاتل ابيه في فسطاطة فدخل عليه وضربه بسيفه فقتله. وكانت هذه النتيجة الطبيعية قد حلت بكل افراد الجيش الاموي بعد جريمتهم النكراء في كربلاء، وهي جزء من العقاب الالهي الدنيوي فكان لهم الخزي في الدنيا والعذاب في الاخرة. أما حبيب وأصحابه الشهداء فقد تبوأوا أسمى مراتب الابرار والصديقين.
 


source : irib
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

الاحداث السخيفة بدأت من السقيفة
لعن من تخلف عن جيش أسامة
عصيان قريش للحديث النبوي في حجة الوداع سنة
الدرس الحسيني ووظيفة الأجيال
مقدمة في الوعي التاريخي
يوم المباهلة تسمى الآية ( 61 ) من سورة آل عمران
الفتنة
وجه الامام ( ع ) هذه الكلمة النيرة إلى الانصار ...
يطور العلوم الطبيعية ووسائل المعيشة:
التشيع في القرن الثالث الهجري

 
user comment