السؤال: هل يمكن القول بأنّ مقام أبي الفضل العباس (عليه السلام) أعلى من كلّ من هم دون المعصومين الأربعة عشر ؟ أفيدونا مأجورين .
الجواب : إنّ المتتبّع لتاريخ حياة أبي الفضل (عليه السلام) يلمس بوضوح : بلوغ العباس بن علي (عليهما السلام) درجة عالية من الالتزام بالشريعة ، وطاعة أُولي الأمر ، المتمثّلين بالأئمّة المعصومين (عليهم السلام) ، بأن يوكل الإمام الحسين (عليه السلام) إليه مهمّة حمل رايته في واقعة الطفّ ، وقيادة البيت الهاشمي في تلك المعركة .
وفي فقرات الزيارة الواردة عن الإمام الصادق (عليه السلام) بسند معتبر والتي يذكرها الشيخ القمّي (قدس سره) في مفاتيح الجنان يلمس القارئ سمو منزلة أبي الفضل (عليه السلام) ، وشهادة المعصوم (عليه السلام) بحقّه في بلوغه مراتب عدّة ، كما هو المستفاد من هذه الفقرات : " أشهد لك بالتسليم والتصديق والوفاء والنصيحة لخلف النبيّ (صلى الله عليه وآله) " ، و " أشهد أنّك قتلت مظلوماً ، وأنّ الله منجز لكم ما وعدكم " ، و " أشهد وأشهد الله أنّك مضيت على ما مضى عليه البدريون والمجاهدون في سبيل الله " ، و " أشهد أنّك لم تهن ولم تنكل ، وأنّك مضيت على بصيرة من أمرك " .
وغيرها من الفقرات التي يستفاد منها : إنّ العباس (عليه السلام) يُعدّ في المرتبة الأُولى بعد المعصومين الأربعة عشر (عليهم السلام) .
وأمّا تحديد هذه المرتبة ومقدارها فعلمها عند الله تعالى ، لأنّ العصمة لطف إلهيّ وملكة نفسانية ، لا يتسنّى الاطلاع عليها ، نعم يمكن للمعصوم أن يخبر عنها .
|
الصفحة 406 |
|
( إبراهيم حسين لمع . الكويت . 32 سنة . طالب جامعة )
الكتب الشيعية المعتبرة ونقلها للأحاديث الضعيفة :
السؤال: كنت أتصفّح بعض مواقع إخواننا أهل السنّة ، والذين أقول عنهم إخواننا حتّى ولو كانت مواقعهم تكفّرنا ، وندعو لهم بالهداية .
قد أثاروا الكثير من الشبهات علينا كتحريف القرآن ، ونوم الإمام علي (عليه السلام) في نفس الفراش مع عائشة والرسول (صلى الله عليه وآله) .
ولكنّني بعد البحث وجدت ردوداً في مواقعنا على هذه الشبهات وهي مقنعة , ففي معظم الأحيان فإنّ الروايات الواردة حتّى في الكافي حول هذا الموضوع هي روايات ضعيفة ، بل وغير معتبرة , فإذا كانت كذلك لماذا تضمّنها هذا الكتاب القيّم ؟ ولم يتمّ إسقاطها منه ؟ آجركم الله .
الجواب : نحن لا ندّعي أن كتاب " الكافي " من الكتب التي لا يوجد فيها إلاّ الصحيح من الحديث ، كما يدّعي أهل السنّة في بعض كتبهم كالبخاري ومسلم وأنّه لا يوجد فيها إلاّ الصحيح من الحديث .
بل نقول : كلّ كتبنا حتّى المعتبرة منها ككتاب الكافي من المحتمل أن توجد فيه روايات ضعيفة ، أي لم نحرز فيها شرائط الحجّية ، لا بمعنى أنّها مكذوبة ومجعولة ومدسوسة وموضوعة ، والسبب في ذلك : إنّ كثير من المحدّثين لم يشترطوا في جمعهم أن يكون الحديث صحيحاً ، بل جمعوا من الأحاديث ما يعلمون أنّ بعضها مرسلاً ، أو أن أصحابها مجهولون ، وما إلى ذلك .
وعذرهم في ذلك هو : مادام يحتمل أن تكون الرواية صادرة عن الإمام (عليه السلام) فهم يدوّنوها ، ووزرها على من رواها ، وهو ليس مقصوراً على الشيعة ، وكذلك الحال في دلالة الروايات ، فإنّ المحدّثين وإن استبعدوا بعض الأحاديث ، فإنّهم أيضاً يدوّنونها مادام يحتمل من التغيّر والتأويل ما يجعل ذلك الحديث
|
الصفحة 407 |
|
صحيحاً ، كما أنّ العلماء والمحدّثين لا يرون أنفسهم أنّهم أفقه الفقهاء في مضامين الأحاديث ، فإنّهم وإن لم يقبلوا بعض الأحاديث من جهة المضمون ، إلاّ أنّهم ينقلونها إلى من هو أفقه قولاً منهم ، عملاً بقول الإمام الصادق (عليه السلام) عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) : " نضر الله عبداً سمع مقالتي فوعاها ، وبلّغها من لم تبلغه ، يا أيّها الناس ليبلّغ الشاهد الغائب ، فربّ حامل فقه ليس بفقيه ، وربّ حامل فقه إلى من هو أفقه منه " (1) .
ومن هنا فالبحث في صحّة وضعف بعض الأحاديث لم يتوقّف لحدّ الآن ، لأنّ جرح الرجال وتعديلهم ما يكون حسّي ، وما يكون حدسي اجتهادي ، ثمّ إنّ بعض الأحاديث لها معاضد ومؤيّد ، وبعضها يظهر لها طرق أُخرى ، ثمّ أنّ مباني تضعيف وتوثيق الرجال تختلف بين علماء الرجال ، وبالتتبع تصحّح أو تحسّن أو تضعّف الأحاديث ، فلاحظ .
( عيسى سلمان . البحرين . 36 سنة . طالب ثانوية )