السؤال: من هو المختار ؟ ومتى كانت ثورته ؟
الجواب : قال ابن نما الحلّي حول المختار ما نصّه : " هو المختار بن أبي عبيدة بن مسعود بن عمير الثقفي ، وقال المرزباني : ابن عمير بن عقدة بن عنزة ، كنيته أبو إسحاق ، وكان أبو عبيدة والده يتنوّق في طلب النساء ، فذكر له نساء قومه ، فأبى أن يتزوّج منهن ، فأتاه آت في منامه ، فقال : تزوّج دومة الحسناء الحومة ، فما تسمع فيها للائم لومه ، فأخبر قومه ، فقالوا : قد أمرت ، فتزوّج دومة بنت وهب بن عمر بن معتب ، فلمّا حملت بالمختار ، قالت : رأيت في النوم قائلاً يقول :
____________
1- الكافي 1 / 403 .
|
الصفحة 408 |
|
ابشري بالولد |
أشبه شيء بالأسد |
إذا الرجال في كبد |
تقاتلوا على بلد |
كـان لـه الحـظّ الأشد |
|
فلمّا وضعت أتاها ذلك الآتي فقال لها : إنّه قبل أن يترعرع ، وقبل أن يتشعشع ، قليل الهلع ، كثير التبع ، يدان بما صنع ... .
كان مولده في عام الهجرة ، وحضر مع أبيه وقعة قس الناطف ، وهو ابن ثلاث عشرة سنة ، وكان يتفلّت للقتال فيمنعه سعد بن مسعود عمّه ، فنشأ مقداماً شجاعاً لا يتّقي شيئاً ، وتعاطى معالي الأُمور ، وكان ذا عقل وافر ، وجواب حاضر ، وخلال مأثورة ، ونفس بالسخاء موفورة ، وفطرة تدرك الأشياء بفراستها ، وهمّه تعلو على الفراقد بنفاستها ، وحدس مصيب ، وكفّ في الحروب مجيب ، ومارس التجارب فحنكته ، ولابس الخطوب فهذّبته .
وروي عن الأصبغ بن نباتة أنّه قال : رأيت المختار على فخذ أمير المؤمنين (عليه السلام) ، وهو يمسح رأسه ويقول: " يا كيّس يا كيّس " ، فسمّي كيسان ... " (1) .
وقد اختلفت الروايات عنه ، فمنها مادحة ، ومنها ذامّة ، فمن المادحة : ما ورد عن الإمام الباقر (عليه السلام) أنّه قال : " لا تسبّوا المختار ، فإنّه قتل قتلتنا ، وطلب بثأرنا ، وزوّج أراملنا ، وقسّم فينا المال على العسرة " (2) .
وكذلك ما ورد عن الإمام الباقر(عليه السلام) لابن المختار لمّا سأله عن أبيه ، فقال (عليه السلام): " سبحان الله ، أخبرني أبي والله أنّ مهر أُمّي ممّا بعث به المختار ، أولم يبن دورنا ؟ وقتل قاتلنا ؟ وطلب بدمائنا ، فرحمه الله ... ما ترك لنا حقّاً عند أحد إلاّ طلبه ... " (3) .
____________
1- ذوب النضار : 59 .
2- اختيار معرفة الرجال 1 / 340 ، خلاصة الأقوال : 276 ، رجال ابن داود : 277 .
3- اختيار معرفة الرجال 1 / 340 ، رجال ابن داود : 277 .
|
الصفحة 409 |
|
أمّا الروايات الذامّة : فمنها ما ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال : " كان المختار يكذب على علي بن الحسين (عليهما السلام) " (1) ، وكذلك ما ورد عن علي بن الحسين (عليهما السلام) رفضه لإحدى هداياه ، وقوله (عليه السلام) لرسل المختار : " أميطوا عن بابي ، فإنّي لا أقبل هدايا الكذّابين ، ولا أقرأ كتبهم " (2) .
والروايات الذامّة للمختار ضعيفة السند جدّاً ، كما ذكر السيد الخوئي في معجمه (3) ، وقال أيضاً : " ويكفي في حسن حال المختار إدخاله السرور على قلوب أهل البيت (عليهم السلام) بقتله قتلة الحسين (عليه السلام) ، وهذه خدمة عظيمة لأهل البيت (عليهم السلام) ، يستحقّ بها الجزاء من قبلهم " (4) .
أمّا ثورة المختار ، فقد كانت ليلة الأربعاء لأربع عشرة ليلة بقيت من ربيع الآخر ، سنة ست وستين (5) .
( ... ... ... )
السؤال: أرجو أن تسعفوني بإعطائي معلومات عن والدة محمّد بن الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) المعروف بمحمّد بن الحنفية ، وهل هي من قوم مالك بن نويرة ؟
الجواب : ليست أُمّه من قوم مالك بن نويرة وسبيه ، بل في تزوّج الإمام (عليه السلام) منها عدّة روايات ، ليس فيها واحدة بأنّها من قوم مالك ، وإليك بعضها :
1-إنّها من سبي اليمامة في عهد أبي بكر .
____________
1- اختيار معرفة الرجال 1 / 340 ، رجال ابن داود : 277 .
2- اختيار معرفة الرجال 1 / 341 ، رجال ابن داود : 277 .
3- معجم رجال الحديث 19 / 105 .
4- المصدر السابق 19 / 108 .
5- الأمالي للشيخ الطوسي : 240 .
|
الصفحة 410 |
|
قال الذهبي : " وأُمّه من سبي اليمامة زمن أبي بكر " (1) .
وقال المزّي : " واسمها خولة بنت جعفر ... بن حنيفة ، وكانت من سبي اليمامة الذين سباهم أبو بكر ... ، وقيل : كانت أُمّه لبني حنفية ، ولم تكن من أنفسهم " (2) .
وقال ابن سعد : " عن فاطمة بنت المنذر ، عن أسماء بنت أبي بكر ، قالت : رأيت أُمّ محمّد بن الحنفية سندية سوداء ، كانت أمة لبني حنيفة ، لم تكن منهم ، وإنّما صالحهم خالد على الرقيق ، ولم يصالحهم على أنفسهم " (3) .
ويشهد لهذه الرواية ما رواه ابن كثير عن غزوة اليمامة : " وخرج خالد وتبعه مجاعة بن مرارة يرسف في قيوده ، فجعل يريه القتلى ليعرفه بمسيلمة ... ثمّ بعث خالد الخيول حول اليمامة ، يلتقطون ما حول حصونها من مال وسبيّ ، ثمّ عزم على غزو الحصون ، ولم يكن بقي فيها إلاّ النساء والصبيان والشيوخ الكبار ... فانتظر خالد الصلح ، ودعاهم خالد إلى الإسلام فأسلموا عن آخرهم ، ورجعوا إلى الحقّ ، وردَّ عليهم خالد بعض ما أخذ من السبيّ ، وساق الباقين إلى الصدّيق ، وقد تسرى علي بن أبي طالب (عليه السلام) بجارية منهم ، وهي أُمّ ابنه محمّد، الذي يقال له : محمّد بن الحنفية (رضي الله عنه) " (4) .
وقد روى البخاري عن أنس قال : " ويوم اليمامة على عهد أبي بكر يوم مسيلمة الكذّاب " (5) ، وأقرَّ ذلك ابن حجر في شرحه لهذه الرواية (6) .
وقال ابن حجر : " وهي خولة بنت جعفر بن قيس من بني حنيفة ، ويقال
____________
1- سير أعلام النبلاء 4 / 110 .
2- تهذيب الكمال 26 / 148 .
3- الطبقات الكبرى 5 / 91 .
4- البداية والنهاية 6 / 358 .
5- صحيح البخاري 5 / 38 .
6- فتح الباري 7 / 288 .
|
الصفحة 411 |
|
من مواليهم ، سبيت في الردّة من اليمامة " (1) .
فجميع هذه الروايات عند هؤلاء المحقّقين تؤكّد : بأنّ الحنفية من اليمامة ، من قوم مسيلمة الكذّاب ، وإنّما اختلفوا في كونها من بني حنيفة أنفسهم ، أو أنّها أمة لهم ليس إلاّ .
2-إنّها من سبي اليمن في ردّتهم على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) .
قال البلاذري : " قال علي بن محمّد المدائني : بعث رسول الله (صلى الله عليه وآله) علياً إلى اليمن ، فأصاب خولة في بني زبيد ، وقد ارتدّوا مع عمرو بن معدي كرب ، وصارت في سهمه ، وذلك في عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله) : " إن ولدت منك غلاماً فسمّه باسمي وكنّه كنيتي " ، فولدت له بعد موت فاطمة (عليها السلام) غلاماً فسمّاه محمّداً ، وكنّاه أبا القاسم " (2) .
3-إنّها تزوّجت أمير المؤمنين (عليه السلام) بعد أن أعتقها .
قال البلاذري : " أغارت بنو أسد بن خزيمة على بني حنيفة ، فسبوا خولة بنت جعفر ، ثمّ قدموا بها المدينة في أوّل خلافة أبي بكر فباعوها من علي (عليه السلام) ، وبلغ الخبر قومها ، فقدموا المدينة على علي (عليه السلام) فعرفوها ، وأخبروه بموضعها منهم ، فأعتقها علي ومهرها وتزوّجها ، فولدت له محمّداً ابنه ... وهذا أثبت من خبر المدائني " (3) .
ويشهد لهذه الرواية ويقاربها ما رواه ابن حجر فقال : " خولة بنت إياس بن جعفر الحنفية ، والدة محمّد بن علي بن أبي طالب ، رآها النبيّ (صلى الله عليه وآله) في منزله فضحك ، ثمّ قال : " يا علي أمّا إنّك تتزوّجها من بعدي ، وستلد لك غلاماً فسمّه باسمي ، وكنّه كنيتي وأنحله " .
رويناه في فوائد أبي الحسن أحمد بن عثمان الآدمي من طريق إبراهيم بن
____________
1- تهذيب التهذيب 9 / 315 .
2- أنساب الأشراف : 200 .
3- المصدر السابق : 201 .
|
الصفحة 412 |
|
عمر ابن كيسان ، عن أبي جبير عن أبيه قنبر حاجب علي ، قال : رآني علي فذكره ، وسنده ضعيف ، وثبوت صحبتها مع ذلك يتوقّف على أنّها كانت حينئذٍ مسلمة " (1) .
والنتيجة : فإنّه على جميع الاحتمالات والروايات ، ليس هناك شكّ في أنّ الحنفية ليست من سبيّ قوم الصحابي الجليل مالك بن نويرة .
( ... ... ... )