عربي
Wednesday 18th of September 2024
0
نفر 0

السؤال : ما هو المقصود بالتشيّع ؟ ومن هم الشيعة ؟

لغة واصطلاحاً وتاريخاً :

السؤال : ما هو المقصود بالتشيّع ؟ ومن هم الشيعة ؟

الجواب : إنّ معنى الشيعة لغة كما ورد في كتب اللغة : شيعة الرجل بالكسر أتباعه وأنصاره ، والفرقة على حدة ، ويقع على الواحد والاثنين والجمع والمذكّر والمؤنّث ، وقد غلب هذا الاسم على من يتولّى علياً وأهل بيته (عليهم السلام) حتّى صار اسماً لهم خاصّاً .

قال الشيخ السبحاني : " الشيعة لغة هم الجماعة المتعاونون على أمر واحد في قضاياهم ، يقال تشايعَ القوم إذا تعاونوا ، وربّما يُطلق على مطلق التابع ، قال تعالى : { وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لإِبْرَاهِيمَ إِذْ جَاء رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ } (1) .

وأمّا اصطلاحاً : فتطلق على من يشايع علياً وأولاده باعتبار أنّهم خلفاء الرسول وأئمّة الناس بعده ، نصبهم لهذا المقام بأمر من الله سبحانه ... " (2) .

____________

1- الصافات : 83 ـ 84 .

2- بحوث في الملل والنحل 6 / 7 .


الصفحة 121


وقال السيّد محسن الأمين : " وكانت هذه اللفظة تقال على من شايع علياً (عليه السلام) قبل موت النبيّ (صلى الله عليه وآله) وبعده " (1) .

أمّا تاريخ الشيعة والتشيّع ، فقال عنه السيّد الأمين : " وسواء أكان إطلاق هذا الاسم عليهم يوم الجمل أم في حياة رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، أو بعد يوم الجمل ، فالقول بتفضيل علي (عليه السلام) وموالاته الذي هو معنى التشيّع كان موجوداً في عهد الرسول (صلى الله عليه وآله) ، واستمر بعده إلى اليوم " (2) .

وأمّا الشيخ السبحاني فقال عنه : " وأمّا تاريخاً : والشيعة هم المسلمون من المهاجرين والأنصار ومن تبعهم بإحسان في الأجيال اللاحقة ، هم الذين بقوا على ما كانوا عليه في عصر الرسول في أمر القيادة ، ولم يغيّروه ولم يتعدّوا عنه إلى غيره ... ففزعوا في الأُصول والفروع إلى علي وعترته الطاهرة " (3) .

فليس للتشيّع تاريخ وراء تاريخ الإسلام ، ولا للشيعة أُصول سوى أنّهم رهط من المسلمين الأوائل في عصر الرسول (صلى الله عليه وآله) ، ومن جاء بعدهم عبر القرون ، وجاء في مدح هذه التسمية ما رواه أبو بصير عن أبي جعفر (عليه السلام) أنّه قال : " ليهنئكم الاسم " ، قلت : وما هو جعلت فداك ؟ قال : " الشيعة " ، قلت : إنّ الناس يعيّروننا بذلك ، قال : أمّا تسمع قول الله : { وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لإِبْرَاهِيمَ } وقولـه : { فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ } (4) .

____________

1- أعيان الشيعة 1 / 18 .

2- المصدر السابق 1 / 19 .

3- بحوث في الملل والنحل 6 / 102 .

4- تفسير القمّي 2 / 223 .


الصفحة 122


والشيعة فرق ومذاهب شتّى ، فمنها نحن الإمامية الاثنا عشرية ، ومنها : الزيدية والإسماعيلية ، والواقفية والفطحية ، والكيسانية والناووسية ، وغيرهم ، فإذا أطلق لفظ الشيعة أو الرافضة أو الإمامية فإنّما يقصدون الطائفة المنصورة ، والفرقة الناجية الإمامية الإثنى عشرية ، أوّل أئمّتهم أمير المؤمنين ونفس رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وزوج ابنته سيّدة نساء العالمين ، وأبو سبطي وريحانتي رسول الله(صلى الله عليه وآله) سيّدا شباب أهل الجنّة ، علي بن أبي طالب (عليه السلام) ، وآخرهم الإمام المهدي المنتظر (عليه السلام)، الذي سيملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعدما مُلِئت ظلماً وجَوراً .

( محمّد الشوحة . الأردن . 26 سنة . طالب جامعة )

لا توجد فيها المفضّلة :

السؤال : ماذا يقصد الوهّابية بقولهم : إنّ المفضّلة من الشيعة هم معتدلون أقرب للسنّة ، وعليه من هم هذه الفئة من الشيعة ؟

الجواب : إنّ مذهب التشيّع مذهب عريق وأصيل ، ويحاول المشكّكون والمخالفون النيل منه بشتّى الوسائل ، ومنها ما ذكرته ، وغيره من التشكيكات في أصل نشأة التشيّع ، مستغلّين بعض الوسائل التي يستخدمها الشيعة في الحفاظ على كيانهم ووجودهم ، كمسألة التقية التي حوفظ من خلالها على المذهب بعدم التصريح بالمعتقد ، وبعض الاختلافات مع العامّة في الفروع ، ممّا جعلهم يستغلّون ذلك في النيل من أيّ شخص يصرّح ببعض ذلك ، أو قيامهم بالتفكيك بين الشيعة وجعلهم طوائف متعدّدة ، بسبب بوح شخص بمسألة وبوح آخر بغيرها ، وهكذا حتّى جعلوا للشيعة عشرات الفرق حسب ذلك .

وهذه الفرقة ـ المفضّلة ـ هي إحدى الفرق المختلقة منهم ، للتشكيك بتكامل مذهب أهل البيت (عليهم السلام) ، حيث جعلوا بعض الشيعة يفضّلون عليّاً على أبي بكر وعمر فحسب ، وبعضها يفضّله على عثمان فقط ، وبعضهم كابن سبأ ـ وفي


الصفحة 123


حقيقته ونسبته إلى الشيعة كلام كثير ـ يسبّ الشيخين ويتبرّأ منهما ، ويؤمن بأنّ الخلافة في علي وبنيه ، وبعضهم كجابر الجعفي يؤمن بالرجعة فقط ، وآخر يؤمن بالبداء فقط ، وآخر يغلو في علي ويعبده ، وهكذا دواليك .

فكُلّ هذه المحاولات لإضعاف المذهب أوّلاً ، ولتشويهه والحطّ منه ومن معتنقيه ثانياً ، ولإضاعة المذهب بين فرق متعدّدة غير واضحة ، لكُلّ فرقة مسألة واحدة ، أو مسألتين يشذّون فيها عن بقية المسلمين ، حتّى لا يُعبأ بهم ولا يُلتفت إليهم ، وبالتالي لا يكون هنالك مذهب متكامل أصيل يجسّد التمسّك بأهل البيت ، كما أمر بذلك النبيّ الأعظم (صلى الله عليه وآله) في حديث الثقلين وغيره .

فنطالبهم بذكر أسماء المفضّلة لعلي (عليه السلام) على الشيخين ، وعددهم وإثبات كونهم شيعة وأتباع علي ، وأنت تنقض كلامك بأنّ علياً (عليه السلام) كان ينكر ذلك ، ويقيم عليهم الحدّ ، فأتني بشخص واحد فقط أقام علي (عليه السلام) عليه الحدّ بسبب تفضيله على الشيخين ، أُنظر كيف كذّبوا على أنفسهم ، وضلّ عنهم ما كانوا يفترون .

( كامل غني عزيز العبيدي . العراق . 45 سنة . خريج إعدادية )

لا يتجاوزون على غيرهم مع القدرة :

السؤال : لماذا الشيعة دائماً مظلومين وغير مرغوب بهم في بعض المجالات ؟ هل لأنّ الإمام علي (عليه السلام) كان غير مرغوب فيه ؟ أم لأنّ الشيعة أخذوا البساطة من الإمام علي (عليه السلام) ؟ أم ما هو السبب ؟

الجواب : الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) لم يكن بسيطاً أو ساذجاً ـ حاشاه ـ بل هو اعلم وأحكم وأشجع الناس بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، نعم كان غير مرغوب به لأنّه صاحب حقّ ، وينادي بالحقّ ، ويطبّق الحقّ في جميع المحافل وعلى أعلى المستويات .

وكان كحال أبي ذر (رضي الله عنه) حين قال : إنّ قول الحقّ لم يدع لي صديقاً .


الصفحة 124


وكذلك لكون أمير المؤمنين (عليه السلام) وشيعته أيضاً مخالفين لهم ، ولديهم من الفضائل والعلم والتميّز على أقرانهم والحظوة والاحترام في داخل المذهب ، فهم محسودون ويتمنّى مخالفوهم زوال ذلك عنهم إليهم ، فيقومون دائماً بسحب البساط من تحت أقدام الشيعة ، وكذلك يقومون بتفضيل أنفسهم والتعالي علينا من دون أيّ سبب أو دليل من أجل حطام الدنيا ، وكما فعل ذلك من قبل معاوية ويزيد .

وكذلك فإنّ الإمام (عليه السلام) وشيعته لا يظلمون ولا يتجاوزون على غيرهم مع القدرة ، وكما قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : " والله ما معاوية بأدهى منّي ، ولكنّه يغدر ويفجر ، ولولا كراهية الغدر لكنت من أدهى الناس ، ولكن كُلّ غدرة فجرة ، وكُلّ فجرة كفرة ، ولكُلّ غادر لواء يعرف به يوم القيامة ، والله ما أستغفل بالمكيدة ، ولا أستغمز بالشديدة " (1) .

والأوضاع الآن خير دليل على حقيقة ذلك وواقعه من قبل شيعة علي (عليه السلام) ، فموقف الشيعة عموماً والمرجعية خصوصاً كان ناصعاً كالشمس في رابعة النهار في بثّ روح التسامح والتآخي والتعاون ، ونسيان الآلام التي كان بعض مخالفيهم يسومونهم منها سوء العذاب ، فاستبدلوا الانتقام بالعفو والنسيان ، وأبدلوا خوفهم بالأمان .

فكانوا خير من طبّق قاعدة العفو عند المقدرة ، والحديث في هذا المجال ذو شجون ويبكي العيون ، ولكنّنا نقتصر على النزر اليسير الذي ذكرناه ، لعلّه يكفي في هذه العجالة .

( ... . ... . ... )

الاستبصار عمل يثاب عليه :

السؤال : هل ترك أحد المذاهب والتشيّع وموالاة أهل البيت والتأسّي بهم يثاب عليه الإنسان ، أو أنّه يعاقب ؟ وشكراً .

____________

1- شرح نهج البلاغة 10 / 211 .


الصفحة 125


الجواب : إنّ التحوّل إلى مذهب أهل البيت (عليهم السلام) عمل كبير يثاب عليه المستبصر أعظم الثواب ، وينال من الجزاء أعظم الجزاء ، لأنّه عمل يصحّح للإنسان أعماله ، ويتقبّل الله أعماله بذلك العمل أحسن القبول ، أمّا الأعمال السابقة التي عمل بها على مذهبه السابق ، فقسم من تلك الأعمال تحتاج إلى إعادة ، وقسم منها لا تحتاج إعادة ، بل تكون أعماله السابقة مجزية ، وهذا مذكور في اغلب الرسائل العملية للعلماء ، فلكي يتخلّص المستبصر من تبعات الأعمال السابقة لابدّ من تصحيح تلك الأعمال ، التي لا تصحّ إلاّ على طريقة مذهب أهل البيت (عليهم السلام) ، وبتصحيحها سوف يأمن من العقوبة .

( عمرو . السودان . سنّي )

هم اتباع أهل البيت :

السؤال : أخوتي أنا سنّي المذهب ، وأودّ أن أعرف ما هو المذهب الشيعي ؟ والفرق بينه وبين المذاهب الأُخرى ؟ وما هو حقيقة الذي نسمعه عنهم ؟ وجزاكم الله خيراً .

الجواب : الشيعة الإمامية اتباع أهل البيت (عليهم السلام) الذين أمرنا بالتمسّك بهم ، وهكذا جميع المسلمين مأمورون بذلك بأدلّة نثبتها من القرآن الكريم ، والسنّة النبوية الشريفة ، منها قولـه تعالى : { قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى } (1) ، ومنها حديث الثقلين : " إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، ما إن تمسكتم بهما فلن تضلّوا بعدي أبداً " (2) .

____________

1- الشورى : 23 .

2- فضائل الصحابة : 15 ، الجامع الكبير 5 / 328 ، تحفة الأحوذي 10 / 196 ، المصنّف لابن أبي شيبة 7 / 418 ، كتاب السنّة : 337 و 629 ، السنن الكبرى للنسائي 5 / 45 و 130 ، خصائص أمير المؤمنين : 93 ، المعجم الصغير 1 / 135 ، المعجم الأوسط 4 / 33 و 5 / 89 ، المعجم الكبير 3 / 66 و 5 / 154 و 166 و 170 و 182 ، شرح نهج البلاغة 9 / 133 ، نظم درر السمطين : 232 ، كنز العمّال 1 / 172 و 186 ، تفسير القرآن العظيم 4 / 122 ، المحصول 4 / 170 ، الإحكام للآمدي 1 / 246 ، الطبقات الكبرى 2 / 194 ، علل الدارقطني 6 / 236 ، أنساب الأشراف : 111 و 439 ، البداية والنهاية 5 / 228 ، السيرة النبوية لابن كثير 4 / 416 ، سبل الهدى والرشاد 11 / 6 و 12 / 232 ، ينابيع المودّة 1 / 74 و 95 و 99 و 105 و 112 و 119 و 123 و 132 و 345 و 349 و 2 / 432 و 438 و 3 / 65 و 141 و 294 ، النهاية في غريب الحديث والأثر 1 / 211 و 3 / 177 ، لسان العرب 4 / 538 و 11 / 88 ، تاج العروس 7 / 245 .


الصفحة 126


ومنها حديث الغدير الذي يثبت الإمامة لأمير المؤمنين علياً (عليه السلام) وهو الخليفة لرسوله الله (صلى الله عليه وآله) الذي كان يجب أن يتبعه المسلمون دون غيره ، وهذا هو الأساس في الاختلاف وانشقاق المسلمين إلى فرقتين هم الشيعة والسنّة .

فالشيعة يرون أنّ الإمام علي (عليه السلام) هو الأحقّ بالخلافة بنصّ الرسول (صلى الله عليه وآله) على ذلك ، وأنّ المتقدّمين عليه ما هم إلاّ غاصبين لها منه ، وأنّهم بتوليهم ذلك المنصب حرفوا الأُمّة عن مسارها الذي أراده الله لها ، وتسبّبوا في انشقاق المسلمين إلى تلكما الفرقتين .

أمّا أهل السنّة فيرون أنّه لا يوجد نصّ على نصب علياً (عليه السلام) للخلافة ، وإنّما رسول الله (صلى الله عليه وآله) ترك الأُمّة سدى ، وفوّض للمسلمين اختيار الخليفة من بعده ، فاختار بعض المسلمين في السقيفة أبا بكر ، وكاد أن يقع بين المسلمين القتال على ذلك ، إلاّ أنّه مع ذلك يدعون الإجماع على خلافة أبي بكر ، ونحن نكذّب هذا الإجماع ، لأنّ أفضل المسلمين وهم أهل بيت الرسول ظلّوا يرفضون خلافة أبي بكر ، وأعلنوا معارضتهم لذلك ، ومعهم غيرهم من المهاجرين والأنصار .

هذا بالإضافة إلى الأدلّة الكثيرة التي نثبتها تنصّ على خلافة الإمام علي (عليه السلام) من قبل رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، والتي بثبوتها لا يبقى أي مجال لخلافة أبي بكر سواء تمّ الإجماع أم لم يتمّ .


الصفحة 127


إذاً منشأ الخلاف هو النزاع على تولّي أمر المسلمين بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، ولا يخفى عليك أنّ هذا المنصب منصب مرموق تطمح لـه العيون ويتنافس عليه الكثيرون ، ولعلّك تدرك أنّ أيّ ملك أو زعيم قوم عندما يجعل لـه خليفة من بعده ، لابدّ أن يتعرّض إلى معارضين يرفضون هذا التعيين ، وقد لا يتمّ لهذا الخليفة تولّي الأُمور أن لم يستخدم القوّة ، وهذا هو فعلاً ما حصل مع الإمام علي (عليه السلام) ، لكن الذين عارضوا الإمام علي (عليه السلام) ، قد عارضوا بفعلهم ذاك رسول الله (صلى الله عليه وآله)، الذي نصّ على خلافة علي (عليه السلام) ، بل قد عارضوا الله تعالى الذي أوحى إلى رسوله أن يبلّغ ما أمر به من تنصيب علي (عليه السلام) للإمامة ، بقولـه تعالى : { يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ } (1) ، والذي حصل بتنصيب علياً (عليه السلام) إكمال الدين لقولـه تعالى : { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ } (2) .

ومن الجدير ذكره أنّ الشيعة تعتبر منصب الإمامة على أنّه رئاسة في الدين والدنيا ، لا كما يقصره غيرهم على أنّه رئاسة في أُمور الدنيا .

واستمر الخلاف وانشقاق المسلمين والذي أدّى بالتبع نتيجة الاعتقاد السابق إلى أن يختلف الشيعة عن السنّة في الأخذ بتعاليم دينهم ، ففي حين تمسّك الشيعة الإمامية بأئمّتهم الاثني عشر المعصومين ، الذين اختارهم الله ليكونوا هداة إلى دينه ، وأوصياء لنبيّه من بعده ، ومنهم أخذوا أحكام دينهم افترق بقية المسلمين إلى فرق ومذاهب تبعاً لعلمائهم وفقهاءهم ورؤساءهم .

وهذا ممّا وسّع الخلاف وافترق المسلمون في العقائد والأحكام ، إلاّ أنّ الأمر المهمّ الذي نتمسّك به نحن الإمامية أنّنا نقول بعصمة الأئمّة الاثني عشر

____________

1- المائدة : 67.

2- المائدة : 3 .


الصفحة 128


(عليهم السلام) ، الذي يجعلنا نختلف عن باقي المسلمين ، الذين أخذوا معالم دينهم من أشخاص يقرّون بخطئهم ويعترفون بعدم عصمتهم .

ولأنّه ورد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنّ أُمّته ستفترق من بعده إلى فرق كثيرة ، وأنّ واحدة هي فقط الناجية ، يجعل حتماً على الجميع البحث عن تلك الفرقة الناجية ، ونحن بحمد الله ليس لدينا أدنى شكّ في أنّ المراد بتلك الفرقة الناجية هي فرقة أهل البيت (عليهم السلام) ، والأئمّة المعصومين (عليهم السلام) .

فعليك أن تبحث عن تلك الفرقة الناجية ، ويكفيك للوصول إليها والتعرّف عليها أن تحكّم عقلك ، وتنساق وراء الأدلّة العلمية دون الأقوال .

وأن ما تسمعه من أقوال عن الشيعة لابدّ أن تميّز بعضه عن بعض ، فقسم منه نحن لا نقول به ، بل يقول به بقية الفرق القريبة منّا ، وقسم آخر لا يعرض بالشكل الذي نقول به بل يضاف عليه أو ينقص منه بحيث يشوّه محتواه .

فعليك إذاً أن تسألنا لنجيبك أو تقرأ كتبنا لتتعرّف على حقيقة مذهب أهل البيت (عليهم السلام) .

( أبو محمّد . البحرين . سنّي . 30 سنة . دبلوم )

عقائدهم تثبت بالعقل والنقل :

السؤال : سمعت أنّ العقائد الرئيسية عند الشيعة تعتمد على العقل أكثر منها على النقل ، واعتقد أنّ هذا الكلام منطقي جدّاً ، فهل هذا الكلام صحيح وما رأيكم ؟ وكيف أحصل على كتاب أو موقع يعلّق على هذه المقولة .

الجواب : العقائد عند الشيعة الإمامية سواء الرئيسة منها أو الجزئية تثبت بالطريقين النقلي والعقلي ، ولعلّ ما سمعته ناتج من القول أنّ عقيدة التوحيد مثلاً لا نثبتها ـ إذا أردنا البدء بها في إثبات بقية العقائد ـ بالأدلّة النقلية ، لأنّ ذلك يستلزم الدور المحال ، وكذلك الحال في إثبات النبوّة مثلاً ، أو إعجاز


الصفحة 129


القرآن ، فإنّنا لا نثبتها إذا أردنا البدء بها بالأدلّة النقلية ، لأنّ ذلك يستلزم الدور المحال .

ومعنى هذا الكلام أنّنا لو أثبتنا مثلاً نبوّة محمّد (صلى الله عليه وآله) عن طريق القرآن دون الاعتراف بعد بأعجازه ، فهذا يعني أنّنا أثبتنا النبوّة بالقرآن والقرآن بالنبوّة ، وهذا هو الدور المحال غير المقبول عقلاً ، فلابدّ للتخلّص منه أن نثبت أحدهما بالدليل العقلي ، ويمكن بذلك أن نثبت الآخر بالدليل النقلي ، فبعد الاعتراف مثلاً بأعجاز القرآن ، وأنّه كلام الله ، وأنّه لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، كُلّ ذلك نثبته بالأدلّة العقلية ، يمكن بعدها إثبات النبوّة بما يقولـه القرآن .

ولأنّ هناك أكثر من طريق لإثبات جميع العقائد ، نرى أنّ جميع العقائد مرّة يستدلّ عليها بالدليل النقلي ، وأُخرى بالدليل العقلي ، على أن يراعى في كُلّ تلك الأدلّة عدم الوقوع في الدور المحال .


الصفحة 130


الصحابة :

( علي حسين . السعودية . سنّي )

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

السؤال : ما رواه زيد النرسيّ في كتابه عن عبد الله ...
ما هو الدليل العقلي على عدم جسمانية اللّه‏ ...
المعصية منه، ولا شكّ أنّ هذا المعنى يساوق العصمة!
لا زالت قضية نذر عبد المطلب عندي غامضة، فكيف يمكن ...
فمن أمثال هارون الرشيد الطاغية يصعب عليه الخمس ...
ما حكم من سرق فقُطع ثم سرق فقُطع ؟
السؤال : لماذا يعتبر المسلمون بأنّ الكلب نجس حين ...
السؤال : هل يجوز البكاء على الميّت القريب جدّاً ، ...
السؤال : لقد كان القرآن واضحاً وصريحاً ولا غموض ...
السؤال : ما الفرق بين الشيعة والسنّة ؟

 
user comment