برغم تقدّمنا الكبير في كثير من فروع المعرفة كعلم الفلك ، و تكنولوجيا المعلومات ، و سفن الفضاء ، إلا أننا لا نعلم على وجه اليقين حتى الآن بوجود كائنات أخرى في كواكب أخرى في جهة ما من الكون .. ، هذه الحقيقة قد تدفع الكثيرين إلى التشاؤم .. ، إن خبرة العلماء في هذه العلوم ، توضح مدى الصعوبة الكامنة وراء إثبات وجود حضارات أخرى غير أرضية .. هذا من ناحية ،
و من ناحية أخرى يوجد أيضاً ما يدفع إلى التفاؤل ، ذلك أن التساؤل عن وجود كائنات حية في أماكن أخرى من الكون ليس وليد أيامنا هذه ، لكنه كان مثار أبحاث عديدة و مناقشات مستفيضة لكثير من المفكرين العظماء فيما مضى .. ، و مبعث هذا التفاؤل ، هو وجود امكانيات تساعده في اتخاذ اجراءات عملية للإجابة على هذا السؤال تجاه هذه المشكلة .. ، و أبسط هذه الاجراءات ، هو هذه المنطق الفكري الذي يجيب على التساؤل بشأن وجود مياه في أماكن أخرى من الكون بتساؤل آخر هو :و لِمَ لا ؟ ،
الإجابة على هذا التساؤل ، تتطلب إجراء بحوث مستفيضة ، تلعب فيها العلوم الطبيعية ( الرياضة ، الفلك ، الفيزياء ، الجيولوجيا ، الكيمياء ، البيولوجيا ) الدور الأول ، أما العلوم الأخرى فتساهم بنصيب وافر في حل هذه المشكلة .. ، إن الإجابة على هذا التساؤل ، تتطلب إتباع طريق علمي منطقي بحت .. ، لكن التغاضي عن طريق كهذا ، سيقودنا بلاشك إلى مسالك غاية في الوعورة ، منها أنه يقودنا ـ و في هذا المجال بالذات ـ إلى خيالات و أوهام لها فروعها في الأدب العلمي الخيالي .. ، و يوجد الكثيرون الذين روجوا لهذه البضاعة ، و حققوا من ورائها نجاحاً أدبياً و أرباحاً مادية طائلة .. ، و في المستقبل ، فانه من المنتظر من بعض الحضارات الغير أرضية ، التي قطعت شوطاً كبيراً في التقدم التكنولوجي ، و التي استطاعت أن تمتلك مصادر للطاقة كبيرة و كافية ، أن تعلن عن نفسها كذلك .. ، و من المنتظر أيضاً من بعض الحضارات الغير أرضية ، التي قطعت شوطاً أكبر من التطور التكنولوجي ، و تملكت كل مصادر الطاقة ، بل و استطاعت تطويع طاقة شمسية لصالحها ، أن تعبر المحيط الفضائي العملاق ، بل و تعزو حضارات أخرى تعلم هي بوجودها .. ، هذه كلها توقعات لكنها في نفس الوقت تمثل حوافز علمية.
و يعد كار ساجان ، العالم الفلكي الأمريكي المعروف، ذو الأصل الهندي، من أشد المعارضين لفكرة محورية الانسان في الكون ، أو أن يكون هذا الكون الرحب الفسيح اللامتناهي ، و الذي تبدو فيه الأرض كهباءة ألقيت بين ظهري فلاة ، مصنوع فقط من أجل الانسان .. ، و هو ما حاول ساجان أن يظهره في كتابه المعنون ( كوكب الأرض : نقطة زرقاء باهتة ، رؤية لمستقبل الانسان في الفضاء ) .. ، حيث اختار من عناوينه مثلاً : كون غير مصنوع من أجلنا .. ، تسلق السماء .. ، إلى السماء .. ، التحرك بحذر عبر درب التبانة .. ، و غيرها من الموضوعات التي تدلل على إيمانه العميق بعدم فكرة محورية الأرض في الكون ، أو فكرة محورية الانسان ذاته في الكون ! ، و يقينه بأنه سوف يأتي اليوم الذي يبرهن على كلامه ، تماماً كما كان لاكتشاف حركة الكواكب حول الشمس الدور الفاعل في إلغاء فكرة مركزية الأرض في المجموعة الشمسية ..
ليس هذا فحسب ..
بل إن ساجان يتصور بأنه سوف يأتي اليوم ، الذي يتوطن فيه أخلافنا على الكويكبات السيارة القريبة من الأرض ، و يتصور كذلك بأن الأمر لن يكون آمناً تماماً ..
و المعارضون لساجان ، يقولون فكرة ساجان في البحث عن مخلوقات ذكية في الكون و إمكانية الاتصال بها تقوم على المعتقدات الهندوسية و البوذية ، و التي لاتقيد البحث عن مخلوقات أخرى ، بينما الديانات السماوية ( الاسلام ، و المسيحية و اليهودية ) ، تمنع التفكير في مخلوقات ذكية أخرى في الكون بخلاف الإنسان!
أما قسطنطين تشيكلوفسكي ، فيرى: ( أن هنالك عدد لا يحصى من الكواكب مثل الجزر الكثيرة في كوكب الأرض .. ، كواكب مماثلة لكوكب الأرض .. ، و يحتل الانسان إحداها .. ، و يتساءل ، لماذا لا يستطيع الاستفادة من الكواكب الأخرى و من الشموس التي لاتعد و لاتحصى .. ، و عندما تستنفد الشمس طاقتها ، يصبح من المنطقي هجرها ، و البحث عن شمس أخرى حديثة التوهج ، نجم لا يزال في ريعان شبابه ! ، و قد اقترح القيام بذلك مبكراً قبل أن تحمد الشمس بفترة طويلة ، من خلال أولئك المغامرين الباحثين عن عوالم جديدة لإخضاعها ) .
و مع التسليم الكامل بأننا لسنا بصدد الدفاع عن ساجان أو تبني رأيه ، كما أننا لسنا بمعرض الهجوم على معارضيه .. ، فإننا نقول إن فكرة وجود مخلوقات ذكية على كواكب أخرى غير الأرض أشار إليها القرآن الكريم منذ أكثر من 1400 عام ، في غير موضع ، يقول الله تعالى : ( و لله يَسجدُ ما في السّموات و ما في الأرض من دابّة و الملائكة و هم لا يستكبرون ) ، ( النحل/ 49) .
فسّر الغمراوي(ره) هذه الآية بقوله : ( هنا ذكر الاسم الموصول مرتين لا مرة واحدة كما في آية الشورى ، مرة متعلقة بالسماء ، و مرة متعلقة بالأرض ، ليذهب (سبحانه) بكل شك من أن قوله (من دابّة) بيان لما في السماء ، و لما في الأرض .. ، و يكون ذكر الملائكة بعد ذلك فيما يسجد مانعاً من تأويل دواب السماء بالملائكة ، عند مَن لايدركون أن الملائكة لايليق بهم أن يعبر عنهم بالدواب .. ، و لعل ما يؤكد صحة هذا التفسير أيضاً ، هو قوله تعالى : (و لله يسجد مَن في السّموات و الأرض طوعاً و كرهاً و ظلالهم بالغُُدُوِّ والآصال ) ،( الرعد/ 15 ) .. ، فالغدو هنا بمعنى غداة ، و تعني صبيحة اليوم التالي ، والآصال جمع أصيل .. ، و الأصل جمع أصيل ، و هو ما بين العصر و المغرب ، و من المعلوم أن الغدو و الآصال ، هما كلمتان تعبران عن حركة الأرض المحورية حول نفسها أما الشمس ، و التي ينتج عنها ليل و نهار ، و تغير في الأوقات .. ، و هذا يعني أن تلك المخلوقات التي في السماوات ، إنما تعيش مثلنا على كوكب مثل كوكب الأرض ، و لها نفس النظام الفلكي الذي لنا أو ما يشبه نظامنا ، لأن ظهور الظلام لا يتم إلا بتحقيق شرطين اثنين:
1 ـ أن تكون تلك المخلوقات مشخصة لنا ، أي لها طول و عرض و ارتفاع.
2 ـ أن تكون تلك المخلوقات في مكان مواجه للشمس ، لأنه دون وجود ضوء لا يظهر ظلال شيء .. ، و هذا ما أكده تعالى بقوله
: ( ألم ترَ إلى ربك كيف مدّ الظلَّ ولو شاء لجعله ساكناً ثم جعلنا الشمس عليه دليلاً) ، ( الفرقان/ 45).
كما أن القرآن الكريم ، يشير إلى أن طلاقة القدرة الإلهية هي التي سوف تجمع يوماً في الحياة الدنيا هذه الدواب المبثوثة بالعوالم و الأفلاك المختلفة : ( و مِن آياته خلقُ السّموات والأرض وما بثّ فيهما من دابّة و هو على جَمعِهِم إذا يشاء قدير ) ، ( الشورى/ 29) . و يرجح البعض إلى حدوث هذا الملتقى في الحياة الدنيا استناداً إلى أن آيات الحشر و الجمع يوم القيامة تأتي واضحة و محددة ، ( و كلُّهم آتِيهِ يوم القيامة فَرداً ) ، ( مريم/ 95) . (و نُفخَ في الصُّورِ فَصعِقَ مَن في السّموات و مَن في الأرض إلاّ مَن شاء الله ثم نُفخَ فيه أخرى فإذا هم قيامٌ ينظرون * و أشرقت الأرض بنور ربّها و وُضعَ الكتاب وجيءَ بالنبيين و الشهداء و قُضي بينهم بالحق وهم لا يُظلمون) ، ( الزمر/ 68-69) . ( يوم يجمعُكُم ليوم الجمع ذلك يوم التغابن و مَن يؤمن بالله و يعمل صالحاً يُكفِّر عنه سيِّئاته و يُدخلهلإ جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً ذلك الفوز العظيم ) ، ( التغابن/ 9) .
و قد أورد الأستاذ عبد الرزاق نوفل (ره) بعض الأقاصيص في كتابه ( الله و العلم الحديث ) ، و التي توضح سصعي الانسان الدؤوب للتأكيد على وجود حياة على كواكب أخرى .. ، و لابأس أن نسرد بعضاً منها:
1 ـ جاء في كتاب للماجور ( دونالد كيهو ) القومندون في سلاح البحرية الأمريكية ، أنه في يوم 20 يونيو 1908م حدث في أواسط سيبيريا ، أن سقط ما سمى في ذلك الوقت شهاباً جباراً .. ، و قد بلغ من الدمار الذي أحدثه أنه اعتبر من أعظم الكوارث الطبيعية ، التي حلّت بكوكبنا و أشدها هولاً .. ، و قد كانت الصدمة على درجة كبيرة من العنف ، حتى إن جميع محطات الزلازل في العالم سجلتها .. ، و قد أثبت عالم روسي هو البروفيسور ليابونوف في عام 1953م أي بعد دراسة 45 عاماً ، أن ذلك الحادث لم يكن جرماً سماوياً إطلاقاً ، و إنما سفينة كوكبية آتية من كوكب و ارتطمت بالأرض و تفتت ! ، و في 6 مارس 1959م أذاعت الجهات العلمية الرسمية في روسيا أنه صدر كتاب ، يثبت بالأدلة أن هذا الحادث هو بسبب سفينة قادمة من كوكب الزهرة .. ، و أن مَن مات من الأهالي بسبب الحادث كان موتهم بأعراض مرض غامض ، ينطبق على مَن يموت بالإشعاع الذري ..
2 ـ في عام 1976م أعلنت العقول الالكترونية ، أن الأطباق الطائرة حقيقة وأنها آتية من مخلوقات أخرى و بها مخلوقات .. ، و قد تساءل عالم الفضاء الفرنسي كلود بهلر من أين تأتي هذه الأطباق ؟ ، و قد ردّ على السؤال العالم الأمريكي روبرت سامبل بأن هذه الكائنات هبطت الأرض لأول مرة منذ خمسة آلاف سنة .. ، و أنها من كوكب صغير يبعد آلاف الملايين من الأميال!
3 ـ في 14 فبراير 1969م أعلنت الجهات الرسمية بالبرازيل ، أن سلاح الطيران يحقق في وجود جسم طائر يحمل أربعة رجال صغار الحجم لونهم أخضر ، هبط بالقرب من بلدة بيراسونونجا في ولاية سان باولو