وهي على انواع :
النوع الاول:
ما يتعلق بالنجاة من العقاب والاهوال، وتفصيله في امور:
الامر الاول: خروج الروح عقبة عظيمة وهول شديد وعذاب أليم قال الامام علي عليه السلام: " وان للموت لغمرات هي افظع من ان تُستغرق بصفة، او تعتدل على عقول اهل الدنيا "، والبكاء على الحسين عليه السلام ينجي منه. قال الصادق عليه السلام قال لمسمع بن عبد الملك: يا مسمع انت من اهل العراق، اما تأتي قبر الحسين عليه السلام؟ قلت: لا، لان اعدائي النواصب كثيرون، فأخاف ان يرفعوا حالي عند الوالي فيمثلون بي. قال عليه السلام: أفما تذكر ما صُنع بالحسين عليه السلام؟ قلت: نعم، قال عليه السلام " أفتجزع؟ " قلت: اي والله وأستعبر، ويرى اهلي اثر ذلك عليّ، وامتنع من الطعام، قال عليه السلام: اما انك سترى عند موتك حضور آبائي لك، ووصيتهم ملك الموت بك ما تقرّ به عينك. " آه يا الله فارزقنا ذلك وهنئنا يا الله ربنا.
الامر الثاني: مشاهدة ملك الموت هول شديد وعقبة عظيمة مخوفة موحشة خصوصا لاهل المعصية. والبكاء على الحسين عليه السلام ينجي من هذا، فإن الصادق عليه السلام قال بعد ذلك القول لمسمع، فملك الموت ارق عليك من الام الشفيقة على ولدها، فهل تكون رؤية الام الشفيقة موحشة؟
الامر الثالث: النزول في القبر عذاب اليم، ومصيبة عظيمة، وعقبة مهولة، ولذا يستحب ان ينقل الميت بثلاث دفعات ليأخذ اُهبته. والبكاء على الحسين عليه السلام ينجي من ذلك لانه قد ورد في الروايات الكثيرة: ان السرور الذي تدخله في قلب المؤمن يخلق الله تعالى منه مثالا حسنا ليتقدم على الشخص في القبر ويتلقاه فيقول له: ابشر يا ولي الله بكرامة من الله تعالى ورضوان، ويؤمنه ويؤنسه حتى ينقضي الحساب. فإذا ادخلنا السرور على قلب نبي المؤمنين صلوات الله تعالى عليه واله، وعلى قلب امير المؤمنين عليه السلام، وعلى قلب الزهراء فاطمـة عليها السلام، وعلى قلب المجتبى الحسن عليه السلام، وعلى قلب سيد الشهداء الحسين عليه السلام ببكائنا، وسررناهم بذلك فانهم قد قالوا: ان ذلك صلة منكم لنا واحسان واسعاد، فكيف يكون حسن صورة المعاد الذي يُخلق من سرورهم؟! وكيف يكون جمال صورة خلقت من صفاتهم تلقانا عند دخول قبرنا وتؤنسنا؟!
الامر الرابع: البقاء في القبر والبرزخ عذاب أليم، ومصيبة عظيمة، وعقبة مهولة، أوما سمعت ما نقله امير المؤمنين عليه السلام عن لسان حال اهل القبور؟ كل آن: " تكاءدنا ضيق المضجع وتوارثنا الوحشة، وتهكمت علينا الربوع فانمحت محاسن اجسادنا، وتنكّرت معارف صورنا، وطالت في مساكن الوحشة اقامتنا، ولم نجد من كرب فرجا، ولا من ضيق متسعاً!....... ". الخ
والبكاء على الامام الحسيـن عليه السلام يُفرح الباكي عند الموت فرحة تبقى في قلبه الى يوم القيامة.
الامر الخامس: الخروج من القبر مصيبة عظيمة، وهول عظيم، وعقبة مهولة، قد بكى سيد الساجدين عليه السلام. فكان يبكي عليه السلام ويقول " ابكي لخروجي من قبري عريانا ذليلا حاملا ثقلي على ظهري، أنظر مرة عن يميني وأخرى عن شمالي، اذ الخلائق في شأن غير شأني، وجوه يومئذ مسفرة ضاحكة مستبشرة، ووجوه يومئذ عليها غبرة ترهقها قترة وذلة ". والبكاء على الامام الحسين الشهيد صلوات الله تعالى عليه، يوجب الستر والعفة، وخفة الظهر من الثقل، فإذا كان الخوف من كون الوجه عليه غبرة ترهقه قترة وذلة. فقد ورد في الباكي على الحسين عليه السلام انه يخرج من قبره والسرور على وجهه والملائكة تتلقاه بالبشارة لما أعد الله تعالى له.
الامر السادس: إن زلزلة الساعة شيء عظيـم (، وهي الداهيـة العظمى، ولها مواطن ومواقف وحالات وشدائد، ولها اسماء عدة، على حسب الحالات التي فيها. فهي القيامة في حالة، والغاشية في اخرى، والساعة في حالة، والزلزلة في اخرى، والحاقة في صفة، والقارعة في اخرى، وهي يوم الفصـل في حالة، ويوم الدين في اخرى، ويوم العرض الاكبر، يوم الحساب، هي الطامة الكبرى، وهي الصاخة، هي الواقعة، هي يوم الفرار، هي يوم البكاء، يوم التناد، يوم التغابن، هي يوم الآزفة، هي يوم يكون الناس كالفراش المبثوث، ولا يسأل حميم حميما. والخلاص من كل هذه العقبات والمواقف يحتاج الى اعمال وصفات واحوال واخلاق ومجاهدات صعبة، وبذل للنفوس والاموال، وتهجدات وعبادات، وترك للراحة، وزهد في الدنيـا. والبكاء على الحسين عليه السلام يجيء بكل هذا، فإن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قال لفاطمة الزهراء عليها السلام لما سألته عمن يبكي على ولدها الامام الحسين عليه السلام ومن يقيم عزاء له فأخبرها صلى الله عليه واله فقال لها " انه اذا كان يوم القيامة فكل من بكى على مصائب الحسين عليه السلام أخذنا بيده وأدخلناه الجنة. فمن أخذ بيد رسول الله المصطفى صلى الله عليه واله لا تقرعه القارعة، ولا تطّمه الطامة، ولا تجري عليه تلك الصفات، فهو ضاحك ولا تكون القيامة يوم بكائه. وهو مستبشر بنعيم الجنة ليست القيامة يوم حزنه او خوفه، وهو آمن في يوم الفزع الاكبر وهو مرتاح في يوم التغابن - وهو في مجمع الحسين عليه السلام فلا يكون كالفراش المبثوث. والحسين عليه السلام يتفقد حاله فهو ذلك الحامي الحميم يسأل عن الباكي عليه والموالي والمتبع له والمحب والصادق معه، والمتعب نفسه لأجله قربة لله تعالى والخادم له عليه السلام.........الخ. فهو عليه السلام يسأل عليه وعن احواله، رحمة من رب العالمين.
الامر السابع: قراءة الكتب عند الحساب هول عظيم، فإن امام المتقين وسيد الصدّيقين عليا عليه السلام كان يخرج الى البراري في نصف الليل فينوح ويبكي عند تصور هذه الحالة.
ويقول: آه إن أنا قرأت في الصحف سيئة أنت محصيها وأنا ناسيها، فتقول: خذوه، فياله من مأخوذ لا تنجيه عشيرته، فيبكي ويتململ تململ السليم، اي: الملدوغ *، حتى يقع مغشيا عليه صلوات الله تعالى عليه، كالخشبة اليابسة. والبكاء على الحسين عليه السلام ينفع عند قراءة الصحف، ونداء إقرأ كتابك، فإن الباكين عليه عليه السلام يكونون في ظل العرش مشغولين بحديث امامهم الحسين عليه السلام، والناس في الحساب.
الامر الثامن: العبور على الصراط هول عظيم، ولا بد من المرور عليه، فإنه (كان عل ربك حتماً مقضياً) والناس يمرون عليه مختلفين. فمنهم كالبرق، ومنهم حبواً سالماً، ومنهم الواقع في النار عند العبور عليه، والناس يتهافتون فيه كتهافت الفراش * (الفراش بالفتح جمع فراشة، وهو صغار البق يتهافت على النار) مع ان النبي المصطفى صلوات الله تعالى عليه وآله واقف يستغيـث بالله عز وجل: يا رب سلّم سلّم، لكن الباكي على الحسين عليه السلام يأخذ النبي صلى الله عليه واله بيده فيعبره وينجيه من عقباته كما في الروايات المعتبره.
الامر التاسع: الاخذ الى جهنم اعظم الاهوال، واشد افراد العقبات، وهوالفزع الاكبر. والبكاء على الحسين عليه السلام يدفعه، كما في الروايات المعتبرة.
الامر العاشر: الوقوع في النار اعظم البليات، وافظع العقوبات، وهو مما لا تقوم له السماوات والارض. لكن البكاء على الامام الحسين الشهيد عليه السلام ينجي منه، والقطرة منه مطفئة لحرها، كما في الرواية. وهو كناية عن خروج الباكي المستحق للنار منها.
النوع الثاني:
ما يتعلق بتكفير الخطيئات وفي الروايات الكثيرة ان القطرة تكفر ما كان بقدر زبد البحر وعدد النجوم.
النوع الثالث:
ما يتعلق بحسن الحالات، ولا حالة احسن من ان يُنال دعاء النبي محمداً صلى الله عليه وآله وسلّم، والوصي المرتضى علي، والزهراء البتول، والحسن والحسين عليهم السلام اجمعين، وهذه حالة تحصل بالبكاء على الحسين الغريب الشهيد عليه السلام.
النوع الرابع:
ما يتعلق بحصول اجر الجنات، وقد ورد في الروايات ان اجر كل قطرة ان يبوءه الله تعالى بها الجنة حقبا، كناية عن الدوام والخلـود.
النوع الخامس:
ما يتعلق برفع الدرجات، ولا درجة اعلى من درجة افضل المخلوقات، واهل بيته الائمة الهداة صلوات الله تعالى عليهم اجمعين.
وقد ورد في الباكي على الامام الحسين عليه السلام انه يكون معهم في درجتهم، والى مثل ذلك فليرغب الراغبون، وليتنافس المتنافسون، ولنستبق الى الخيرات هذه الواضحة الطريق .