السبب في عدم ذكره بالنصّ في القرآن :
السؤال : لماذا لم يذكر القرآن صراحة اسم الإمام علي (عليه السلام) ؟ ولم يذكر أنّ الخلافة تؤول له مباشرة بعد الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) ؟
الجواب : أنّ القرآن الكريم ذكر بعض الأحكام بشكل مجمل وترك بيان تفاصيلها إلى النبيّ الأكرم (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته (عليهم السلام) ، وخذ مثالاً في ذلك : إنّ القرآن قد أمرنا بوجوب الصلاة ، إلاّ أنّه لم يذكر تفاصيلها ، وعدد ركعاتها ، بل ترك تفصيل ذلك إلى الرسول (صلى الله عليه وآله) .
وهكذا أوجب الصوم ، إلاّ أنّه لم يبيّن أحكامه ، وهكذا باقي الأحكام كالحجّ والخمس والزكاة وغير ذلك ، فإنّ تفاصيلها متروكة إلى النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، وذلك لمصلحة لا يعلمها إلاّ الله تعالى .
ومن ذلك الإمامة ، فإنّ القرآن أشار إلى صفة الإمام ، وأعرض عن اسمه ، تاركاً ذلك إلى تصريح النبيّ (صلى الله عليه وآله) والنصّ عليه من قبله ، تماماً كما أشار إلى الصلاة وترك باقي تفاصيلها إلى النبيّ (صلى الله عليه وآله) .
|
الصفحة 18 |
|
ففي معرض إشارته إلى الإمام قال تعالى : { إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ } (1) ، فأشار القرآن إلى صفة الإمام دون ذكر اسمه ، وعلمنا من الخارج ـ أي من الروايات الصحاح ـ أنّ المؤمنين الذين صفتهم هكذا ينحصرون في الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) .
كما نقل ذلك السيوطي في الدرّ المنثور في تفسيره للآية عن الخطيب البغدادي في المتّفق عن ابن عباس قال : تصدّق علي بخاتمه وهو راكع ، فقال النبيّ (صلى الله عليه وآله) للسائل : " من أعطاك هذا الخاتم " ؟ قال : ذاك الراكع ، فأنزل الله { إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ ... } .
وأخرج عبد الرزاق ... عن ابن عباس في قوله تعالى : { إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ ... } قال : نزلت في علي بن أبي طالب .
وأخرج الطبراني في الأوسط ، وابن مردويه عن عمّار بن ياسر ، قال : وقف بعلي سائل ، وهو راكع في صلاة تطوّع ، فنزع خاتمه فأعطاه السائل ، فأتى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأعلمه ذلك ، فنزلت على النبيّ (صلى الله عليه وآله) هذه الآية : { إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ }، فقرأها رسول الله (صلى الله عليه وآله) على أصحابه ، ثمّ قال : " من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه " (2) .
وهكذا تعهّد النبيّ (صلى الله عليه وآله) النصّ على اسم الإمام علي (عليه السلام) دون أن يتعرّض القرآن الكريم إلى ذلك ، لمصلحة لا يعلمها إلاّ الله تعالى ، ومن يدري فلعلّ مصلحة عدم التعرّض إلى اسم الإمام كانت خوفاً على القرآن من أن يتعرّض إلى التحريف ، أو الإنكار من قبل قومٍ أنكروا مئات الأحاديث في النصّ على
____________
1- المائدة : 55 .
2- الدرّ المنثور 2 / 293 .
|
الصفحة 19 |
|
إمامته (عليه السلام) ، وكانوا شهوداً في ذلك ، ولعلّهم ينكرون أنّ هذا القرآن قد نزل من قبل الله تعالى؛ لمصالحهم السياسية التي دفعتهم إلى إنكار ما شاهدوه ، ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله العليّ العظيم .
(... . ... . ... )