برای پاسخ به نیاز جامعه مسلمانان درحال رشد شهر اینوویک در شمال کانادا و منطقه قطب شمال قرار است یک ساختمان پیشساخته بهعنوان مسجد پس از طی 4 هزار کیلومتر از راه زمینی و دریایی وارد این شهر شود.
به گزارش خبرگزاري مهر، شهر اینوویک دارای جمعیت 4 هزار نفری است که جامعه مسلمانان آن طی سالهای اخیر رشد کرده و تعداد مسلمانان آن به 80 نفر رسیده است، اما این تعداد نیاز به محلی برای اقامه نماز جماعت خود دارند که از واگن سه در هفت متری که اکنون در آن نماز میخوانند بزرگتر باشد.
از آنجا که مسلمانان توانایی ساخت مسجد جدید در شهر را نداشتند و هزینه های نیروی کار و مواد لازم برای ساخت مسجد بسیاری بیشتر از بخشهای جنوبی کانادا بود از یک شرکت ساختمانی ساختمانهای پیش ساخته در مانیتوبا ساختمانی خریداری کرده و قرار است با نصف قیمت ساخت یک مسجد از مرحله طراحی تا تکمیل ساختمان آن را به شهر اینوویک منتقل کند.
سازمان خیریه "زبیده طالب" در مانیتوبا نیز بخش قابل توجهی از هزینه انتقال ساختمان مسجد 140 متر مربعی را تقبل کرده است.
انتقال این ساختمان از پایان ماه آگوست آغاز شده و انتظار میرود تا 24 سپتامبر (2 مهر) ساختمان مسجد جدید مسلمانان به شهر اینوویک برسد. این مسجد روی زمینی مستقر میشود که مسلمانان در منطقه مسکونی شهر آن را خریداری کردهاند.
001 01 دعاوه عليه السلام بالتحميد لله عز و جل
001 01 «الحمد لله»
روى الكلينى باسناده عن ابى عبدالله عليه السلام، ما انعم الله على عبد بنعمه صغرت او كبرت، فقال الحمد لله، الا ادى شكرها، و روى باسناده الى عثمان، قال خرج ابوعبدالله عليه السلام و قد ضاعت دابته، فقال لئن ردها الله تعالى على لاشكرنه حق شكره، قال فلما اتى بها فقال الحمد لله، فقال قائل جعلت فداك اليس قلت لاشكرن الله حق شكره، قال فقال ابوعبدالله عليه السلام، يعنى قلت الحمد لله، و فى خبر آخر، انه ما من احد الا و هو يدعو لك بقوله سمع الله لمن حمده، و اللام اما للجنس، و اما للاستغراق، و هما عند التحقيق متلازمان فى افاده الانحصار، و يجوز كونها للعهد، و المراد به الحمد الذى حمد به نفسه، لان الحمد هو اظهار صفات الكمال لاحد، و قد بسط بساط الوجود على ممكنات لا تعد و لا تحصى، و وضع عليه موائد كرمه التى لا تتناهى، فقد كشف عن صفات كماله بدلالات قطعيه تفصيليه غير متناهيه، فان كل ذره من ذرات الوجود تدل عليه، و لا يتصور مثل هذه الدلالات فى الالفاظ و العبارات، و من ثم قال صلى الله عليه و آله و سلم: رب لا احصى ثناء عليك، انت كما اثنيت على نفسك، و يجوز ان يكون هذا المعهود عباره عما روى، من انه تعالى يخلق صوتا فى عالم الملكوت، فيمجد نفسه فى الليل و النهار ثلاث ساعات، و قيل هو ما حمده به انبياوه المرسلون، و ملائكته المقربون، لانه الذى عرفهم حمده، و الله مشتق اما من اله بمعنى عبد بفتح العين لانه المعبود، او من الهت الى فلان اذا سكنت اليه، اذ القلوب تطمئن بذكره، او من اله اذا تحير، اذ العقول تتحير فى معرفته، و كلما ازدادت معرفه ازدادت حيره لمشاهدتها لاثار العظمه و الجبروت، و ملاحظتها لعالم اللاهوت، كما قال صلى الله عليه و آله و سلم: اللهم زدنى فيك تحيرا، و قوله: اللهم زدنى فيك معرفه، و ههنا سوال مشهور، هو ان قول اميرالمومنين عليه السلام و سيد الموحدين. لو كشف الغطاء لما ازددت يقينا، دال على بلوغه فى المعرفه غايه لا يتصور عليها الزياده، فيلزم ان يكون اكمل فيها من
001 01 النبى صلى الله عليه و آله و سلم مع انه خلاف الاجماع، و الجواب عنه من وجوه، الاول: ان كلام اميرالمومنين عليه السلام منزل على امور الاخره، من الجنه و النار و الصراط و الميزان، يعنى لو كشف الغطاء عن الامور الاخرويه لم ازدد يقينا، كما قال عليه السلام: كانى انظر الى اهل جهنم و زفيرها على اهل المعاصى، و كانى انظر الى الناس يساقون الى عرصات القيامه، و كانى انظر الى اهل الجنه متكئين فيها على ارائكهم، و نحو ذلك، الثانى: ان يكون نصب يقينا على المفعول به لازددت لا على الظرفيه و التمييز، و حاصل المعنى ان لى علما و معرفه بوجود الصانع حتى لو كشف الغطاء لما حصلت علما يغاير ما علمته به، ككونه فى مكان او فى زمان، مما يغاير العلم الاول، لا ان العلم الذى عندى لا يحصل له الزياده، بل يحصل له الزياده، لان العيان ابلغ من المعرفه القلبيه، الثالث: ان النبى صلى الله عليه و آله و سلم كانت مراتب علومه و معارفه تتزايد يوما فيوما، حتى انه ربما عد مرتبته امس تقصيرا او ذنبا بالنسبه الى مرتبته فى يومه، و عليه نزل قوله عليه السلام انى لاستغفر الله كل يوم سبعين مره من غير ذنب، و لما تكامل عمره الشريف تكاملت معرفته اللائقه بالماده النبويه، و قد سلم تلك العلوم التى حصلت له مدى عمره الشريف لعلى عليه السلام، فى ساعه واحده، بحكم قوله: علمنى الف باب ينفتح من كل باب الف باب، و كلام على عليه السلام انما هو بعد موت الرسول، فلا منافاه بين طلب الرسول صلى الله عليه و آله و سلم زياده المعرفه ايام حياته، و بين كلام على عليه السلام بعد مماته، لانه انما حصل هذه المرتبه من ذلك العلم الذى افاضه عليه، فلا يلزم زياده علمه على علمه صلى الله عليه و آله و سلم، و قيل هو علم للذات المخصوصه، فلا اشتقاق حينئذ، و الواضع له اما الله تعالى و ان كان واضع غيره، او انه موضوع لغيره، و لكن يكفى فى الوضع التصور بوجه ما.
«الاول بلا اول كان قبله»
فى الاصل اعراب اول الثانى بالكسر و التنوين، و فى س بالفتح وحده، و لا بد لهما من مقدمه، و هى انه قد اختلف فى الاشتقاق الاول، فالكوفيون على انه فوعل من و ال اى نجا، لان النجاه فى السبق، فنقلت الهمزه الى موضع الفاء، او قلبت الواو الاولى همزه، و البصريون على انه افعل، لكنهم اختلفوا فى الاشتقاق فبعض على انه من وول، و آخرون على انه من آل اى رجع، لان كل شى ء يرجع الى اوله، فهو بمعنى
001 01 المفعول كاشهر، و من تمامها قول نجم الائمه ان اول كاسبق معنى و تصريفا و استعمالا، تقول فى الاستعمال زيد اول من غيره، و لما لم يكن لفظ اول مشتقا من شى ء مستعمل على الوجه الصحيح خفى فيه معنى الوصفيه، اذ هى انما تظهر باعتبار المشتق منه و اتصاف ذلك المشتق به، و انما تظهر وصفيه اول بسبب تاويله بالمشتق، و هو اسبق فلا جرم لم يعتبر وصفيته الا مع ذكر الموصوف قبله ظاهرا، نحو يوما اول، او ذكر من التفضيليه بعده ظاهره، اذ هى دليل على ان افعل ليس اسما صريحا، فان خلا منهما و لم يكن مع اللام و الاضافه دخل فيه التنوين مع الجر لخفاء وصفيته، كقول على عليه السلام احمده اولا باديا، و من تمامها ايضا ان الجار اذا دخل على لا التبرئه منع من بناء المنفى بعدها، لتعذر تقدير من حينئذ، و منهم من فتح نظرا الى لفظ لا، اذا تحققت هذا، فاعلم ان مبنى نسخه الاصل اما على ان اول فوعل او افعل، لكنه منسلخ عن معنى الوصفيه، مع تخطى عمل الجار، فمعنى بلا اول حينئذ، اى بلا ابتداء او مبدا، و مبناه على نسخه س اما على انه افعل تفضيل بمعنى اسبق، و اعتبار من و المفضل عليه، لكنهما حذفا للعلم بهما، او على انه افعل الصفه مع اعتبارك المعنى الوصفى فيه، كقولك حججت عام اول، اى السابق، ففيه الوصف و الوزن، او يكون منسلخا عن هذا المعنى و ناصبه لا بدون تخطى عمل الجار، و اما بمعنى اوليته تعالى، فقيل المراد بها الاسبقيه بحسب الزمان التقديرى، اى لو فرض قبل حدوث الزمان زمان لكان الواجب تعالى اسبق و اقدم، و قيل المراد بالاول القديم لا الاسبق، و بالاخر الابدى، و عليه اكثر المحققين، و قيل المراد الاوليه و الاخريه بحسب العليه، لانه اول المبادى و غايه الغايات، و قيل المراد انه اول سلوك العارف و منتهاه، فانه بتوفيقه يبتدا و اليه ينتهى، و قيل المراد بها الاوليه الذاتيه، و الحق اراده هذه المعانى كلها من هذا اللفظ، و اما فائده قوله بلا اول، انتهى. فدفع الاضافيه و اثبات الحقيقيه.
«و الاخر بلا آخر يكون بعده»
فى الاصل بالتنوين، بناء على ما هو المشهور من تخطى العامل، و على س مبناه على الغائه و اعمال لا، و فى بعض نسخ س فتح الخاء بلا تنوين، و لا وجه ظاهر لمنع صرفه، لانه تجرد عن الوصفيه و صار بمعنى غير، الا ان يعتبر الوصفيه الاصليه، اوثق بدخول لاء النافيه اولا ثم دخول الجار بعدها، و معنى الاخر الباقى بعد فناء الخلق، و روى انه الذى ليس له نهايه، و فى صحيحه ابن ابى يعفور قال سالت ابا
001 01 عبدالله عليه السلام، عن قول الله عز و جل، الاول و الاخر، فقلت اما الاول فقد عرفناه، و اما الاخر فبين لنا تفسيره، فقال: انه ليس شى ء الا يبيد او يتغير او يدخله التغير من لون الى لون، و من هيئه الى هيئه، و من صفه الى صفه، و من زياده الى نقصان، و من نقصان الى زياده، الا رب العالمين، فانه لم يزل و لا يزال، بحاله واحده، هو الاول قبل كل شى ء، و هو الاخر على ما لم يزل، لا تختلف عليه الصفات و الاسماء كما تختلف على غيره، مثل الانسان الذى يكون ترابا مره، و مره لحما، و مره رفاتا و رميما، الحديث، و هو دال على معنى آخر للاخر.
002 01 «ابصار الناظرين»
اى الرائين او المتفكرين، و حينئذ فالابصار اما جمع بصر، او جمع بصيره، و جمعيه البصر مع كونه مصدرا لقصد الانواع المختلفه، و قيل بعدم مصدريته فلا اشكال حينئذ.
«و عجزت عن نعته اوهام الواصفين»
اى قواهم الباطنه، لان التخصيص بهذا المشعر المخصوص اصطلاح حكمى، و يمكن ان يقال فى نكته التعبير به الاشاره الى ان العقل لكماله و شرافته لا يحوم حول هذا الحمى، لانه لا يتعرض الا لادراك ما يمكن، بخلاف الوهم فانه هو الذى يدرك ما لا يمكن و لا حقيقه له خارجا، كانسان ذى راسين او جناحين، و مع هذا فهو عاجز عن الوصول الى حقيقه الصفات، لانها عين الذات، او عن الاحاطه بها لتكثرها، و قيل المراد انها عجزت عن نعته بغير ما نعت به نفسه، او عن نعت ذاته بمعرفتها بغير الصفات التى وصف بها، و ارادتهما بعيده من اللفظ، و فيه و فى ما قبله رد على ما زعمه مخالفونا، من انه يرى فى الاخره بحس البصر، و فى الدنيا بحاسه العقل، و لا ينافى هذا قول على عليه السلام انى لم اعبد ربا لم اره، و قوله بل راته القلوب بحقائق الايمان، فان المراد به الانكشاف التام الحاصل له عليه السلام فى الدنيا، و لغيره فى الاخره، و هو غير احاطه العقل به.
003 01 «ابتدع بقدرته الخلق ابتداعا، و اخترعهم على مشيته اختراعا»
الابتداع لغه الاختراع لا على مثال، و الاختراع الشق، و فى الاصطلاح الاختراع الاحداث لا على مثال سبق، و الابتداع الاحداث لا عن ماده، و لا ينافيه ما ورد، من
003 01 ان النطفه اذا وقعت فى الرحم قال الله تعالى لملائكه التصوير احضروا صور آبائه الى آدم، و صوروا صورته مثل واحده منها، لان ذلك التصوير السابق ايضا منه تعالى، و بالاخره تنتهى الى آدم و لم يسبق له تصوير، و هذا هو احد المعانى التى خطرت بالبال فى تفسير الحديث المشهور. و هو قوله عليه السلام ان الله خلق آدم على صورته، لانه ليس له اب حتى يخلقه على صورته، و من المعانى التى خطرت بالبال ايضا، ان آدم لم يتخلق بالصور المختلفه، ككونه تاره نطفه، و اخرى علقه، و اخرى مضغه و عظاما، بل خلق على هذه الصوره التى هو عليها، و قيل المراد الصوره المعنويه، و حينئذ فالضمير راجع الى الله تعالى كقوله عليه السلام تخلقوا باخلاق الله، و فى الحديث القدسى، اذا تقرب عبدى الى بالنوافل كنت سمعه الذى به يسمع، و يده التى بها يبطش، و رجله التى بها يمشى، الحديث، و قال المرتضى ان على بمعنى مع، اى انه خلق مادته مع صورته، ردا على ما زعمه الطبيعيون من ان الصوره من مقتضيات الماده، و قد روى انه صلى الله عليه و آله و سلم مر برجل يضرب رجلا، فقال له لا تضربه، ان الله خلق آدم على صورته. و روى ايضا محمد بن يعقوب باسناده الى محمد بن مسلم قال سالت اباجعفر عليه السلام، عما يروون من ان الله خلق آدم على صورته، فقال هى صوره مخلوقه، اصطفاها الله و اختارها على باقى الصور المختلفه، فاضافها الى نفسه، كما اضاف الكعبه الى نفسه، و الروح الى نفسه، فقال بيتى، و نفخت فيه من روحى، و لو ثبت هذا لم يكن فيه اشكال، و نصب ابتداعا و اختراعا على المفعول المطلق النوعى، اى شديدا عظيما.
004 01 «ثم سلك بهم طريق ارادته، و بعثهم فى سبيل محبته، لا يملكون تاخيرا عما قدمهم اليه، و لا يستطيعون تقدما الى ما اخرهم عنه»
ثم هنا اما لتراخى الزمان او الرتبه، و سلك يتعدى بنفسه و بالحرف، و على الاول ما وجد فى بعض النسخ القديمه، ثم سلكهم فى طرق ارادته، و بعثهم على سبيل محبته، و قد تحصل لهذه الفقرات معان ثلاثه، الاول انه تعالى بعد الاختراع و الابتداع، ادخلهم و بعثهم فى الطريق الذى اراده و احبه من مراتب التكليف، بواسطه الرسل و العقول، فكلفهم ما اراد، لا ما ارادوا و احبوا، فلا يملكون و لا يقدرون على تاخير التكاليف عن اوقاتها الموقته لها، كما كانت تفعله العرب من النسى ء فى الحج، و كذا لا يستطيعون تقدما و لا تاخرا فى الاحكام، بان يقدموا منها ما اخر و يوخرون ما قدم،
004 01 كجعل الحرام واجبا و الواجب حراما، الثانى: انه ادخلهم و خلقهم على ما اراد من تفاوت مراتبهم فى الاستعداد، فجعل ماده بعضهم مستعده للنبوه، و البعض الاخر للامامه، و الثالث للفضيله، و الرابع للتقليد، على حسب ما اقتضته الحكمه الكامله، فالنبى لا يقدر ان يتخلف عما قدم اليه من تلك المرتبه فيصير مقلدا لغيره، و المقلد من الرعيه لا يمكنه التقدم عما خلق له بان يصير نبيا او اماما لعدم اعطاء مادته لذلك الاستعداد، و من جمله اسمائه تعالى المقدم و الموخر، و قد قيل فيهما هذا المعنى، كما سياتى ان شاء الله تعالى، الثالث: ان السالك اذا صرف شراشره و همته فى خدمه مطلوبه ادخله ذلك المطلوب فى الطريق المراد له، حتى ان كل ما يصدر منه يكون على وفق اراده ذلك المطلوب، فيتخلى عن ارادات نفسه، و يتحلى بارادات قدسه، كما مر من قوله: اذا تقرب العبد الى بالنوافل، الحديث، و تسمى هذه المرتبه عند السالكين، الفناء فى الله، و اليه اشار عليه السلام بقوله: قلب المومن بين اصبعين من اصابع الرحمن، يقلبه كيف شاء، و بعد ان عمل بقوله عليه السلام، موتوا انفسكم قبل ان تموتوا، و بعد هذا الموت يحبه الله تعالى و يبعثه و يويده بالقوه الالهيه، و لذا قال، ثم بعثهم فى سبيل محبته، و الى هذه المرتبه اشار سيد الموحدين عليه السلام بقوله ما قلعت باب خيبر بقوه جسمانيه، بل بقوه ربانيه، فانه افنى قوته الجسمانيه فى جنب الله، فافاض الله عليه من قوته، و كذا قوله فى صفه المتهجدين،انهم خلوا بربهم فكساهم من نوره، فانهم افنوا حسهم البشرى بالفكر و السهر، و اصفرت وجوههم منه، و بعد هذا افاض الله عليهم من حسنه و انواره، و تسمى هذه المرتبه البقاء فى الله، و قوله لا يملكون تاخيرا، انتهى. كالتاكيد له، فانهم قد تخلقوا باخلاق الله فلا يستطيعون مخالفته، لانه هو المتصرف فى قلوبهم و امورهم، و هم كالالات التى يقع بها الفعل.
005 01 «و جعل لكل روح منهم قوتا معلوما (مقسوما) من رزقه، لا ينقص من زاده ناقص، و لا يزيد من نقص منهم زائد»
الظاهر ان المراد ذى روح، و يجوز ان يراد نفس الارواح، فيكون اما عباره عما تضمنه حديث جابر، من تعداد ارواح الانسان، و هى روح الحيوان، و روح المدرج، و روح الشهوه، و روح الايمان، و روح القدس، فانه جعل لكل روح رزقا يناسبه، و يتغذى به، من الارزاق الحسيه او المعنويه من الحكم و المعارف، و اما ان يكون
005 01 عباره عن الروح الحيوانيه و الروح النفسانيه و الطبيعيه النباتيه و الناطقه ، و فى س زوج، و المراد به اما الصنف و النوع او ما قابل الفرد، فانه تعالى خلق الاشياء ازواجا، ليعرف ان لا ثانى له فيكون معه زوجا، او لان كل ممكن مزدوج التركيب، و اقله ان يحلله العقل الى مهيه و وجود، او روح مع بدن، و لا يتوهم من هذا و اضرابه عدم وجوب السعى و عدم الفائده فيه، لانه تعالى قسم الارزاق معلقه على الاسباب و الشروط التى من اعظمها السعى، و لو تركره فهل يجب على الله تعالى ايصال الرزق اليه، فيه خلاف، فقيل ان الواجب هو ايصال القدر الضرورى، الذى لا يمكن التعيش الا به، و قيل انما يجب ايصال هذا القدر على من عظم توكله على رازقه، لقوله تعالى: (و من يتوكل على الله فهو حسبه)، و الخلف فى الوعد لا يجوز عليه تعالى، و الحق ان ايصال هذا القدر كغيره غير واجب الا بالسعى، لعموم الايات و الاخبار، و آيات التوكل غير منافيه له، لانه كما قال عليه السلام التوكل ان تعقل بعيرك و تقول توكلت على الله فى حفظه لا على العقال، و ايصال القدر الضرورى و غيره الى عديم السعى، انما هو من باب التفضل لا من باب الوجوب عليه تعالى، و اما زاد و نقص، فوردا فى اللغه متعديين و لازمين، و لذا كان فى نسخه الاصل ينقص بوزن ينصر.
006 01 «ثم ضرب له فى الحياه اجلا موقوتا، و نصب له امدا محدودا»
جعل بعض الاعلام ثم هنا للتراخى فى الرتبه لا غير، لان ضرب الاجل مقدم على سلوك طريق الاراده و ما بعده، و هو كما ترى، فان ثم هنا للعطف على قوله و جعل، و هو متراخ عنه فى الزمان، لما روى انه اذا استتم خلق الانسان فى بطن امه كتب على جبهته سعادته و شقاوته و رزقه و اجله و سائر ما يصير اليه حاله، و على هذا لو عطف على قوله ثم سلك لكانت ثم ايضا للتراخى فى الزمان كما لا يخفى، و الاجل اتى تاره بمعنى المده، و اخرى بمعنى نهايتها، و يويد اراده الاول هنا قوله فى الحياه، لان نهايه الاجل انما يكون عند الموت، و ان امكن ان يقال ان الظرف فى محل الحال، اى ضرب له اجلا عند موته، حال كونه متلبسا فى الحياه، و ترجيح التاسيس على التاكيد و لفظ ضرب و النصب، فان الضرب لغه بمعنى السير، يقال ضرب فى الارض اى سار، اى انه سيره فى الحياه مده ذات وقت، فهو يناسب الاجل بمعنى المده، و الغايه لما كانت معترضه فى طريق العمر علامه لانتهاء تلك المسافه كانت
006 01 كالمنائر الموضوعه على ظهر الطريق يعلم به حدود المسافه ناسبها النصب، و هذه الفقار كالصريحه فى نفى الاجل المخروم و عدم صحه القول به، و ما قيل من انه موقوت ايضا بشرط لا يخفى ما فيه، فتدبر.
«يتخطى اليه بايام عمره»
بالهمزه، اما من الخطوه، و هى ما بين القدمين، قلبت الالف همزه هنا على غير قياس، و لعل فائدته كما قيل، التنبيه على تضمين معنى الخطاء، و المعنى يتخطا اليه بايام عمره متخطيا، اى من غير تعمد و قصد، و اما من الخطاء بالهمزه بمعنى الاستعجال و مجاوزه الحد، لعدم خلو السرعه عن الخطاء و الغلط، و يويد هذا عدم احتياج الفعل الى تضمين معنى الذهاب و الاستعجال و نحوهما، او جعل الظرف حالا، اى منتهيا اليه كما يحتاج اليهما على الاول، لانه بذلك المعنى متعد بنفسه، كما يويد الاول ما وجد فى بعض النسخ القديمه من عدم الهمزه، و لا يخفى ما فى هذه الفقره و فيما اكتنفاها من انواع الاستعارات اللطيفه.
«و يرهقه» اى يدنو اليه بسرعه.
«حتى اذا بلغ اقصى اثره»
و هو الامد المحدود، فهو من باب اقامه الظاهر مقام المضمر، للدلاله على انه لا يمكن ان يبلغ تلك الغايه و قد بقى لقدمه فى الدنيا موضع اثر، لان الانسان ما دام حيا يلزمه الاثر الذى يضع قدمه فيه، و منه قولهم قطع الله اثرك اى اماتك، لان الحى لا يكون مقطوع الاثر، و اعلم ان الكلام فى الاجل مما كثر بين العامه و الخاصه، و قد بسطنا الكلام فيه فى حواشينا على كتاب التوحيد للصدوق (ره)، و فى كتابنا نوادر الاخبار، و لا باس بالاشاره هنا الى نبذه من تحقيقه، و هو ان الاخبار قد تظافرت بان صله الارحام تزيد فى العمر، و قد اشكل هذا المعنى على كثير من العلماء باعتبار ان المقدورات فى الازل و المكتوبات فى اللوح المحفوظ لا يتغير بالزياده و النقصان، لاستحاله خلاف معلوم الله تعالى، و قد سبق العلم بوجود كل ممكن اراد وجوده و بعدم كل ممكن اراد بقاءه على حاله العدم الاصلى او اعدامه بعد ايجاده، فكيف يمكن الحكم بزياده العمر او نقصانه بسبب من الاسباب، و اضطربوا فى الجواب، فتاره قالوا ان هذا على سبيل الترغيب، و اخرى بان المراد الثناء الجميل بعد الموت.
006 01 و قد قال الشاعر:
ذكر الفتى عمره الثانى و غايته
ما فاته و فضول العيش اشغال
و قال آخر:
ماتوا فعاشوا بحسن الذكر بعدهم
و نحن فى صوره الاحياء اموات
و قيل المراد زياده البركه فى الاجل، اما فى نفس الاجل فلا، قال شيخنا الشهيد طاب ثراه، و هذا الاشكال ليس بشى ء، اما اولا، فلوروده فى كل ترغيب مذكور فى القرآن و السنه، حتى الوعد بالجنه و بجواز الصراط و الحور و الغلمان، و كذلك التوعد بالنيران، ثم قال و الجواب عن الجميع واحد، و هو ان الله تعالى كما علم كميه العمر علم ارتباطه بسببه المخصوص، و كما علم من زيد دخول الجنه جعله مرتبطا باسبابه المخصوصه من ايجاده، و خلق العقل له و بعث الانبياء و نصب الالطاف و حسن الاختيار و العمل بموجب الشرع، فالواجب على كل مكلف الاتيان بما امر فيه و لا يتكل على العلم، فانه مهما صدر منه فهو المعلوم بعينه، فاذا قال الصادق: ان زيدا اذا وصل رحمه زاد الله فى عمره ثلاثين سنه ففعل ذلك اخبارا بان الله تعالى علم ان زيدا يفعل ما يصير به عمره ثلاثين سنه زيدا، كما انه اذا اخبر ان زيدا اذا قال لا اله الا الله دخل الجنه، فان قلت قد قال الله تعالى: (و لكل اجل فاذا جاء اجلهم لا يستاخرون ساعه و لا يستقدمون)، و قال تعالى: (و لن يوخر الله نفسا اذا جاء اجلها)، قلت صادق على كل ما يسمى اجلا موهبيا، او اجلا مسببيا، فيحمل على الموهبى و يكون وقته وفاء لحق الحفظ، و يجاب ايضا بان الاجل عباره عما يحصل عنده الموت لا محاله، سواء كان بعد العمر الموهبى او المسببى، و نحن نقول كذلك لانه عند حصول اجل الموت لا يقع التاخير، و ليس المراد به العمر اذا الاجل مجرد الوقت، و ينبه على قبول العمر للزياده و النقصان- بعدما دلت عليه الاخبار الكثيره- قوله تعالى: (و ما يعمر من معمر و لا ينقص من عمره الا فى كتاب)، انتهى، و هو تحقيق حسن، نعم يظهر من جوابه ان الاجل ضربان موهبى و مسببى، و هذا هو مذهب المعتزله حيث قالوا ان المقتول لو لم يقتل لعاش الى امد هو اجله الذى قدره الله له، فالقاتل عندهم غيريا لتقديم الاجل الذى قدره الله تعالى، و ادعوا فيه الضروره، و استشهدوا عليه بذم القاتل، و لو كان المقتول باجله الذى قدره الله له لمات و ان لم يقتله، فالقاتل لم يجلب بفعله امرا لا مباشره و لا توليدا، و كان لا يستحق الذم عقلا و لا شرعا، و الجواب انه يستحقه
006 01 من حيث النهى، و انه الذى اوصل الالم اليه، و كان الواجب عليه ان يترك المقتول مع ربه حتى يوصل اليه الم الهلاك و يثيبه عليه، فقد صار شريكا لله تعالى كما صرح به الصدوق (ره)، و المسببى راجع الى الموهبى بل هو عينه، و التحقيق فى هذا المقام يبلغ مقامات، و قد ورد النهى عن الدخول فيها، و ليس الواجب الا هذا القدر و اقل، و الله العالم.
«موفور ثوابه»
من باب اضافه الصفه الى الموصوف، و كذا ما بعده، و موفور اما بمعنى وافر، كمدفوق بمعنى دافق، عبر به للمشاكله، او الذى وفر على طريقه المجهول.
«بما عملوا» الباء للسببيه او للصله.
«بالحسنى» اى بالمثوبه الحسنى و هى الجنه، او باحسن من اعمالهم، او بسب الاعمال الحسنى.
007 01 «عدلا»
اما مفعول له او تمييز، و نقل عن شيخنا البهائى (قده)، انه قال بالنصب على الحال و هو كما ترى، لان الظرف يمنعه.
«تقدست اسماوه»
اى تنزهت عن ان يجوز اطلاقها على غيره كما اطلقوها على آلهتهم، و لا يحتاج الى تاويله بالمسمى او القول باقحامه، كما قيل زعما منه ان المقصود انما هو تنزه الذات و تقدسها، لان تنزيه الاسم مستلزم لتنزيهها كما لا يخفى.
«و تظاهرت آلاوه»
تتابعت نعماوه، و قيل آلالاء النعم الباطنه و النعماء النعم الظاهره.
«لا يسال عما يفعل» لانه حكيم على الاطلاق.
«و هم يسالون»
لانه يجوز عليهم الخطا و الغفله، و قيل فى الايه ضروب من التفسير، الاول: انه
007 01 لا يسال عن ادعاء الربوبيه، و هم يسالون اذا ادعوها، الثانى: انه لا يحاسب على افعاله، و هم يحاسبون على افعالهم، الثالث: انه لا يساله الملائكه و المسيح عن فعله، و هو يسالهم و يجازيهم، فلو كانوا آلهه لم يسالوا عن افعالهم.
008 01 «ابلاهم» البلاء يكون محنه و يكون منحه و هو المراد هنا.
009 01 «من حدود الانسانيه الى حد البهيميه»
و جمعيه الحدود الاولى و افراد الثانيه للدلاله على تعدد حدود الانسان فى مراتب الكمال، فان اعلى المراتب مراتب الانبياء، ثم الاوصياء، ثم الاولياء، ثم الادنى فالادنى، و اما البهيميه فليس لها الا حد واحد، و هو عدم الشعور و كون همها علفها، و فيه تعبير بليغ للانسان الخارج من الحدود الكثيره المخلوق لها، الداخل فى حد واحد لم يخلق له، و فى بعض النسخ، و لدخلوا فى حريم البهيميه.
«محكم كتابه»
اى كتابه المحكم المتقن الواضح الدلاله، او غير المنسوخ.
«بل هم اضل سبيلا»
اما لعدم قابليه الانعام، او انها عرفت الضار فاحترزت منه و عرفت النافع فاقبلت اليه، و هم بالعكس، او لانها تطيع ربها و من احسن اليها و تفر ممن يضربها و يسى ء اليها، و هم ايضا بعكسها حيث اطاعوا الشيطان و خالفوا الرحمن، او ان جهاله الانعام لم يسر ضررها الى احد، و جهاله هولاء اضلت العالمين و اثارت الفتن بينهم و بين المسلمين.
010 01 «على ما عرفنا من نفسه»
اى على الذى عرفناه، و من اما للابتداء، او للبيان، او البعضيه، فان ما عرفناه جزء مما لم يعرفناه، و هذا التعريف اما بواسطه الرسل، او باقامه الدلائل فى الافاق و الانفس، او بواسطه العقول، او بخلقه لهم على فطره التوحيد فان من عرف نفسه فقد عرف ربه، و لمعرفته تعالى مراتب شتى اشار الى بعضها المحقق الطوسى حيث قال: مراتب معرفه الله تعالى مثل مراتب معرفه النار مثلا، فان ادناها من سمع ان فى الوجود شيئا يعدم كل شى ء يلاقيه، و يظهر اثره فى كل شى ء يحاذيه، و اى شى ء اخذ منه لم
010 01 ينقص منه شى ء، و يسمى ذلك الموجود نارا، و نظير هذه المعرفه فى معرفه الله معرفه المقلدين الذين صدقوا بالدين من غير وقوف على الحجه، و اعلى منها مرتبه من وصل اليه دخان النار و علم انه لا بد له من موثر، فحكم بذات لها اثر هو الدخان، و نظير هذه المرتبه فى معرفه الله تعالى معرفه اهل النظر و الاستدلال، الذين حكموا بالبراهين القاطعه على وجود الصانع، و اعلى مرتبه مرتبه من احس بحراره النار بسبب مجاورتها، و شاهد الموجودات بنورها، و انتفع بذلك الاثر، و نظير هذه المرتبه فى معرفه الله تعالى معرفه المومنين الخلص، الذين اطمانت قلوبهم بالله، و تيقنوا ان الله نور السموات و الارض كما وصف به نفسه، و اعلى منها مرتبه مرتبه من احترق بالنار بكليته، و تلاشى فيها بجملته، و نظير هذه المرتبه فى معرفه الله تعالى معرفه اهل الشهود و الفناء فى الله، و هى الدرجه العليا، المرتبه القصوى، رزقنا الله الوصول اليها و الوقوف عليها بمنه و كرمه.
«و الهمنا من شكره»
اى الذى هو شكره، او من بعض شكره، و الشكر فى اللغه فعل ينبى ء عن تعظيم المنعم، و مورده الثلاثه، و فى الاصطلاح صرف العبد جميع ما انعم الله عليه الى ما خلق لاجله، كصرف النظر الى مطالعه مصنوعاته، و السمع الى تلقى ما ينبى ء عن مرضاته، و عليه ورد قوله تعالى: (و قليل من عبادى الشكور)، و المفهوم من تتبع الاخبار هو المعنى الاول.
«و فتح لنا من ابواب العلم بربوبيته»
الظرف و هو قوله بربوبيته، اما ان يتعلق بقوله فتح، فان الرب ماخوذ من التربيه، و هى تبليغ الشى ء الى كماله شيئا فشيئا، و لا ريب فى ان العلم من اشرف الكمالات، فلا بد للمربى من ان يبلغ المربى الى مراتب العلوم المختلفه، من علوم الشرائع و الاحكام، و العلم باحوال العقول و النفوس و الاجرام، و اما ان يتعلق بالعلم، اى بسبب العلم و المعرفه بكونه ربا فتح لنا ابواب العلم و عرفناه، و يجوز ان يراد بالابواب الائمه عليهم السلام، فانهم الباب المامور بالدخول منه بقوله تعالى: (و اتوا البيوت من ابوابها)، و قوله عليه السلام انا مدينه العلم و على بابها.
010 01 «و دلنا عليه من الاخلاص فى توحيده»
من ههنا مثلها فيما تقدم، و قال الشيخ حسين بن عبدالصمد الحارثى انها للتعليل، مثلها فى قوله تعالى: (مما خطيئاتهم اغرقوا)، اى دلنا على ابواب العلم لاجل اخلاصنا له التوحيد، او لكى نخلص له التوحيد، و الاخلاص فى الطاعه ترك الرياء، و فى التوحيد ترك الشرك بقسميه الجلى و الخفى، و له مراتب شتى، اعلاها امتثال قوله تعالى: (اياك نعبد و اياك نستعين)، الذى نكذب فيه كل يوم مرارا، و كل مرتبه انحط المكلف منها الى ما هو ادون منها دخل فيما يقابلها من مراتب الشرك، بحكم قوله تعالى: (افرايت من اتخذ الهه هواه)، و قوله تعالى: (الم اعهد اليكم يا بنى آدم ان لا تعبدوا الشيطان)، و ما رواه ابوبصير عن الصادق عليه السلام، فى قول الله عز و جل: (اتخذوا احبارهم و رهبانهم اربابا من دون الله)، فقال و الله ما صاموا لهم و لا صلوا لهم، و لكن احلوا لهم حراما و حرموا عليهم حلالا فاتبعوهم، فاذا كان اطاعه الغير شركا فما ظنك بباقى المعاصى، روى انه جاء جبرئيل الى النبى صلى الله عليه و آله و سلم فقال له النبى يا جبرئيل ما تفسير الاخلاص، فقال المخلص الذى لا يسال الناس شيئا اذا لم يجد، و اذا وجد رضى، و اذا بقى عنده شى ء اعطاه، فان من لم يسال المخلوق اخلص لله عز و جل بالعبوديه، و اذا وجد فرضى و هو عن الله راض، و الله تبارك و تعالى عنه راض، و اذا اعطى لله عز و جل فهو على حد الثقه بربه عز و جل.
«و جنبنا من الالحاد و الشرك فى امره»
من هنا اما للبيان او زائده، و الالحاد الميل، و هو يشمل الالحاد فى الذات و الصفات و الافعال و الاسماء، فالالحاد فى الذات يشمل القول بالشريك، و فى الصفات يشمل القول بزيادتها على الذات، و فى الافعال يشمل نسبه افعاله الى غيره و افعال غيره اليه، و اما الالحاد فى الاسماء فقد اشار اليه بقوله: (و ذر الذين يلحدون فى اسمائنا)، اى يسمونه بما لا توقيف فيه، او بما يوهم معنى فاسدا، كقولهم يا اباالمكارم يا ابيض الوجه، او انكارهم ما سمى به نفسه، كقولهم ما نعرف الا رحمن اليمامه، او اطلاقها على الاصنام و اشتقاق اسمائها منها، كاللات من الله و العزى من العزيز.
011 01 «حمدا نعمر به فيمن حمده من خلقه»
نعمر بالعين المهمله من باب التفعيل، و الباء للملابسه، اى تنقضى اعمارنا بين حامديه متلبسين بحمده، او للسببيه، اى نعطى العمر و يزاد فى اعمارنا بسببه، كما قال تعالى: (لئن شكرتم لازيدنكم)، و يجوز ان يراد بالتعمير استمرار الذكر الجميل على صفحات الايام، كقوله:
كم مات قوم و ما ماتت محاسنهم
و عاش قوم و هم فى الناس اموات
و فى س يغمر من حمده بالياء التحتانيه و الغين المعجمه، بوزن ينصر، و الغمر اتى بمعنى العلو و بمعنى الانغماس و بمعنى الكثره، و كلها يناسب المقام، اى يعلو و ينغمس فى رحمته و يكثر عددا بسببه، و فى بعض النسخ نغمر بالنون و الغين المعجمه ايضا على صيغه المتكلم بوزن ننصر، اى نكثر و ننغمس بهذا الحمد فيما بين الحامدين، و ان اردت معنى العلو فاجعل فى هنا مثلها فى قوله تعالى: (و لاصلبنكم فى جذوع النخل)، و يويده اسقاط فى من هذه النسخه، و فى بعض النسخه القديمه حمده بوزن فرحه للمبالغه افرادا او زمانا.
«و نسبق به من سبق الى رضاه و عفوه»
قد يتوهم ان هذا اسراف فى الدعاء، فان السابقين هم الانبياء و الائمه عليهم السلام، و يمكن التفصى اما بان يقصد الداعى فى امثاله فى الرتبه، او يكون هذا من قبيل الانشاء لا الاخبار.
012 01 «حمدا يضى ء لنا به ظلمات البرزخ»
قال الجوهرى الاضاءه تتعدى و لا تتعدى، و لذا كان فى النسخ رفع الظلمات و نصبها على ان الفاعل هو الله تعالى، و البرزخ لغه هو الحاجز بين الشيئين، و الدائر على السنه الاصحاب اخذا من القرآن و متواتر الاخبار اطلاقه على ما بين الدنيا و الاخره، فمن مات فقد دخل البرزخ، اى القبر لانه بين الدنيا و الاخره، و جمع الظلمات اما باعتبار شدتها حتى كانها ظلمات، و اما باعتبار ظلمه القبر و ظلمه الوحشه و ظلمه العمل، و قيل فى موضع ظلمه الوحشه ظلمه البدن الهيولانى، لانه انقطع عنه نور النفس المجرده، و استعد للرجوع الى الماده الاصليه، قال استاذنا العلامه اطال الله
012 01 ايامه: و الظلمات اما عباره عن شدائد الروح فى عالم البرزخ، او كنايه عن ناره فانها مظلمه كنار القيامه، او ظلمه الموضع الذى فيه جسده المثالى، انتهى، و ما ذكرناه اظهر، اذا تحققت هذا فاعلم ان بعض الاعلام بعد ان ذكر هذا الكلام قال: لا يبعد ان يحمل البرزخ على الوجود فى عالم الشهود، اعنى الوجود الحسى كما يطلق عليه المحققون من الصوفيه، كما يقولون الموجودات فى غواسق برزخيه، و وجه الاطلاق انهم ارتقوا عن فناء العدم الصرف، و ما اتصلوا بالوجود البحت، فكانوا بين بين، و تعدد الظلمات حينئذ باعتبار ظلمه الامكان و الاحتياج و الماده و بقيه آثار ظلمه العدم الصرف الى غير ذلك، و زعمى ان حمل كلام المعصوم على هذا الوجه اللطيف ابهى و احرى من حمله على المعنى السابق، و لا سيما بقرينه ما سيذكره عليه السلام فى الفقره التى تليه من تسهيل سبيل المبعث الشامل للقبر، بل هو مساوق له، و فى الفقره التى بعدها من شرف المنازل الحاصل فى يوم المبعث، لئلا يكون فيه شائبه من التكرار، فاستقم كما امرت، انتهى.
اقول: اما اطلاق البرزخ على هذا فغير معهود لا فى عرف الشرع و لا فى عرف المتشرعه، بل هو من اصطلاحات الصوفيه كما اعترف به، و سنتلو عليك حالهم، و الاخبار الوارده فى ذمهم، و وجوب لعنهم و البراءه منهم، و ان من زار احدا منهم كان كمن زار الشيطان، و عبده الاوثان، و زار ابابكر و عمر و عثمان، و اما ما اقامه عليه من القرينه فغير جيد، لان سبيل المبعث ليس شاملا و لا مساوقا للبرزخ، لانه عباره عن بعث الاجساد من القبور يوم القيامه للجزاء، و مواقف الجزاء فيه ايضا كما ستعرف، و العجب من هذا الفاضل كيف جعل هذا الوجه السخيف ابهى و احرى، مع دعواه التشرع فى دين الاسلام، و لكن لا عجب، لان بعضهم انكره راسا، و اوله بالانكشاف العلمى التام الذى يحصل لهم فى ذلك الوقت، و اخرى بحصول صور الاشياء فى الحس المشترك، استنادا الى ان القول بظاهر البرزخ يستلزم القول بالتناسخ، لان الروح تنتقل من هذا البدن الى البدن المثالى و هو خلاف اجماع المسلمين، و هو كما ترى فان ما اجمع عليه المسلمون غير هذا، قال الامام الرازى ان المسلمين يقولون بحدوث الارواح و ردها الى الابدان لا فى هذا العالم، و التناسخيه يقولون بقدمها و ردها فى هذا العالم و ينكرون الاخره و الجنه و النار، انما كفروا من اجل هذا الانكار، اذا عرفت هذا فاستقم عكس ما امرت.
012 01 «و يسهل علينا به سبيل المبعث»
فى الجمهره يسهل بوزن يعلم، و هو غلط، اذ لم يرد فى اللغه بالتخفيف الا بوزن حسن يحسن، و سبيل المبعث قد عرفت انه عباره عن الطريق من القبر الى العرصات، و قد روى ان الناس فى ذلك الطريق على احوال شتى، فبعضهم يحشر بصوره الذر يطاهم الخلائق و كل ذى ظلف و حافر، و هم المتكبرون و من منع زكاه الانعام، و من غصب ارضا يكلف بحمل ترابها الى المحشر و انى له، و من منع زكاه الاجناس يكلف بحمل ارضها الى المحشر، و بعضهم يوتى له بنوق من نوق الجنه يركبون عليها تطير بهم الى الجنه.
«مواقف الاشهاد»
جمع شهد بفتح الفاء و سكون العين، و هو جمع شاهد كصحب و صاحب، قيل المراد بهم اهل القيامه، لانهم يشاهدون فيه الافعال القبيحه التى كانت مستوره عنهم فى الدنيا، و قيل هم الملائكه الشاهدون على افعال العباد القيمون بالشهاده فى يوم المبعث، و قيل هم الامنون من العذاب، و قيل هم الائمه عليهم السلام فانهم الشهداء على اعمال الخلائق، بحكم قوله تعالى: (و كذلك جعلناكم امه وسطا لتكونوا شهداء على الناس و يكون الرسول عليكم شهيدا)، و هى على قراءه اهل البيت، و قوله تعالى: (قل اعملوا فسيرى الله عملكم و رسوله و المومنون) و هم الائمه عليهم السلام بحكمهم، و لا ارضى بهذه التفاسير بعد ان فسره عليه السلام فى دعائه بعد الفراغ من صلاه الليل حيث قال: فاجرنى من فضيحات دار البقاء عند مواقف الاشهاد من الملائكه المقربين و الرسل المكرمين و الشهداء و الصالحين، من جار كنت اكاتمه سيئاتى، و من ذى رحم كنت احتشم منه فى سريراتى، انتهى، و روى على بن ابراهيم فى الصحيح، عن ابى عبدالله عليه السلام فى حديث ليله المعراج، انه صلى الله عليه و آله و سلم قال مضيت فرايت رجلا آدما جسيما، فقلت من هذا يا جبرئيل، فقال هذا ابوك آدم، فاذا هو تعرض عليه ذريته فيقول، روح طيب و ريح طيبه من جسد طيب، ثم تلا: (ان كتاب الابرار لفى عليين و ما ادراك ما عليون كتاب مرقوم يشهده المقربون) الايه.
012 01 «يوم تجزى كل نفس بما كسبت و هم لا يظلمون يوم لا يغنى مولى عن مولى شيئا و هم لا ينصرون»
اليومان ظرف ليشرف اوله و لما قبله على طريق التنازع، قيل لا يبعد ان يكون اعطاء الجزاء بسبب الكسب اشاره الى اعطاء الحسنات بسبب الطاعات، و قوله و هم لا يظلمون اشاره الى ان التعذيب بسبب المعاصى لا يستلزم الظلم بل هو عين العدل، و المولى ورد بمعنى الحليف و الرب و المالك و السيد و المنعم و المعتق و الناصر و المحب و النافع و الجار و ابن العم و العقيد و العبد و الصهر و المنعم عليه و الشريك، و كلها يناسب المقام، و جمع الضمير باعتبار تنكير المولى، او باعتبار تعدد معانيه، و الضمير راجع الى المولى الاول، و يجوز رجوعه الى الثانى و اليهما معا.
013 01 «الى اعلى عليين فى كتاب مرقوم يشهده المقربون»
قيل العليين اسم لاعلى مكان فى الجنه، و هو المفهوم من كثير من الاخبار، و قيل هو اسم ديوان الخير الذى دون فيه كل ما عملته الملائكه و صلحاء الثقلين، جمع على معنى العلو، سمى به بسبب الارتفاع الى اعالى الدرجات فى الجنه، او لانه مرفوع فى السماء السابعه حيث يسكن الكروبيون تكريما له و تعظيما، و روى ان الملائكه لتصعد بعمل العبد فيستقلونه، فاذا انتهوا الى ما شاء الله من سلطانه اوحى اليهم، انتم الحفظه على عبدى و انا الرقيب على ما فى قلبه و انه اخلص عمله فاجعلوه فى عليين فقد غفرت له، و انها لتصعد بعمل العبد فيزكونه، فاذا انتهوا الى ما شاء الله اوحى اليهم، انتم الحفظه على عبدى و انا الرقيب على قلبه و انه لم يخلص لى عمله فاجعلوه فى سجين، و قيل المراد بعليين سدره المنتهى التى ينتهى كل شى ء من امر الله تعالى، و قيل هو لوح من زبرجده خضراء معلق تحت العرش اعمالهم مكتوبه فيها، هذا و المراد بالمرقوم ما كتب فيه جميع الطاعات، او ما يرقم فيه كل الاشياء، و قيل هو تفسير لقوله عليين، و المراد بالمقربين الكروبيون المقيمون فى عليين، او يحضرون الكتاب.
014 01 «حمدا تقر به عيوننا اذا برقت الابصار»
ماخوذ من القر و هو البرد، و العرب تكنى عن سرور القلب بقر العين، و عن سوء
014 01 ذلك الحال بسخونها، و ذلك لما ثبت فى علم الطب من ان دمع السرور بارد، لما يتحرك الروح فيه الى خارج بتفصيل اجزاء الشوون و المفاصل بعضها من بعض، فيخرج بعض الاجزاء و الرطوبات البارده المحتبسه فى الدماغ، و فى الحزن لما يتحرك الابخره الحاره الى الدماغ فتنعصر ما كانت باقيه على سخونتها السابقه، و قيل قرار العين بمعنى سكونها، اى سكنت بحيث لا تطمح الى فوق، و ذلك لا يكون الا فى البهجه و السرور، و برق فى الاصل بوزن علم، بمعنى تحير، و بوزن فتح بالحمره بمعنى شخص، و هو عند معاينه ملك الموت و فى القيامه، و ما قيل من انه كنايه عن شده الحال و كثره الاهوال فيهما فبعيد.
«و تبيض به وجوهنا اذا اسودت الابشار»
جمع بشره، و هو ظاهر الجلد، و المراد هنا اما بشره الوجه خاصه، بقرينه المقابله، او جميع البدن، و البياض و السواد اما حقيقه، او كنايه عن حسن الاعمال و قبحها، و بهما فسر قوله تعالى: (يوم تبيض وجوه و تسود وجوه).
015 01 «حمدا نعتق به من اليم نار الله الى كريم جوار الله»
اليم بمعنى آلم و هو الشخص المتالم، اى نعتق بسببه من مجاوره الشخص المتالم من نار الله، صايرين الى جواره الكريم، و ان النار لشده حرارتها كانها هى المتالمه، فيكون التالم مجازا، و يمكن حمله على الحقيقه لقوله عليه السلام فى الدعاء الثانى و الثلاثين، اللهم انى اعوذ بك من نار ياكل بعضها بعضا، و يصول بعضها على بعض، و قال الصادق عليه السلام ان النواويس و هى طبقه من طبقات النار شكت الى الله عز و جل شده حرها، فقال لها اسكنى فان مواضع القضاه اشد حرا منك. و روى فى تفسير قوله تعالى: (قل اعوذ برب الفلق) ان الفلق جب فى النار، فيه سبعون الف دار، و فى كل دار سبعون الف بيت، فى كل بيت سبعون الف اسود، و فى كل اسود سبعون الف جزوء من السم، لا بد لاهل المحشر ان يمروا عليها، و ان اهل النار يستغيثون من شده حره، فيسال الله ان ياذن له ان يتنفس فاذن له فاحرق جهنم، و فى ذلك الجب صندوق من نار ينعق تلك الجب من حر ذلك الصندوق، و فى ذلك التابوت سته من الاولين و سته من الاخرين، فاما السته من الاولين ابن آدم الذى قتل اخاه و نمرود و فرعون و السامرى و الذى هود اليهود و الذى نصر النصارى، فاما السته
015 01 من الاخرين الاول و الثانى و الثالث و الرابع و صاحب الخوارج و ابن ملجم، و هذا كله مبنى على عدم مجى ء فعيل بمعنى مفعل كما ذهب اليه صاحب الكشاف و اضرابه، و ذهب بعضهم الى مجيئه بمعناه، و قد حققنا فى حواشينا على تفسير القاضى انه الحق لمجيئه فى افصح الكلام، كقوله تعالى: (بديع السموات و الارض)، و (من عذاب اليم)، و من ريحانه الداعى السميع، و قوله: «تحيه بينهم ضرب وجيع».
016 01 «حمدا نزاحم به ملائكته المقربين، و نضام به انبياءه المرسلين»
المقربين اما صفه كاشفه او موضحه، و نضام بمعنى ننضم، فنصب المفعول حينئذ اما على تضمينه معنى المضايقه و نحوها، او على حذف الخافض، اى معهم، و لا يتوهم هذا من خواصه عليه السلام لانك قد عرفت ان هذا و امثاله انما هو من باب الانشاء، و ان ابيت الا الاخبار فاحمل مكان المزاحمه على الجنه، لانهم بالاصاله استحقوها باعمالهم، فاذا دخلها غيرهم فكانه قد زاحمهم على مكانهم، لا على اعالى درجاتهم المخصوصه بهم عليهم السلام.
«فى دار المقامه»
بالضم و الفتح معا، قال الجوهرى المقامه بالضم الاقامه، و بالفتح المجلس و الجماعه من الناس.
017 01 «و الحمد لله الذى اختار لنا محاسن الخلق»
بفتح الخاء و ضمها، و على الاول يكون الضمير راجعا الى نوع الانسان، فانه تعالى منحهم استقامه القامه و اطلاق اللسان، فانه احسن مراتب الخلقه بحكم قوله تعالى: (لقد خلقنا الانسان فى احسن تقويم)، و قال ايضا:(و صوركم فاحسن صوركم) و يجوز ان يكون راجعا الى معاشر الائمه عليهم السلام، فانهم هم الذين خصهم الله تعالى بالصور الحسان، حتى ان النبى صلى الله عليه و آله و سلم اذا ذكر حسن يوسف عليه السلام قال و انا املح، و يعضده الدليل العقلى من انه يجب ان يكون الامام احسن الناس و اكملهم خلقا و خلقا، لما تقرر فى محله، و اما استشهاد يوسف عليه السلام بهذه الصفه دونهم عليهم السلام فلوجهين: الاول: انه تعالى منحهم من الاوصاف ما يكون ذكر الحسن بالنسبه اليه نقصا، بخلاف يوسف عليه السلام فانه كان نبيا و النبوه اعظم و ارفع، الا انه كان له فيها
017 01 شركاء كثيرون، و لم يشاركه احد منهم فى صفه الحسن. الثانى: و هو سر غريب يظهر من امعان النظر فى اخبارهم المشتمله على بيان اسرارهم، و حاصله انك قد عرفت بحكم الدليل العقلى و النقلى انه يجب ان يكونوا احسن مما عداهم، مع انه قد نقل ان الباقر و الرضا عليهماالسلام كانا اسمرى اللون، و سره انهم عليهم السلام كانوا يظهرون انفسهم لاحاد شيعتهم و لسائر الناس على انحاء شتى فى سائر الاوصاف على قدر ما تحتمله عقولهم، فيظهرون لخواصهم انهم يعلمون ما كان و ما يكون الى يوم القيامه، و لغيرهم انهم لا يعلمون اين يكون ما ضاع منهم من دابه او امه و نحوهما، و كذلك مراتب حسن صورهم عليهم السلام، فانه قد روى فى كثير من الاخبار ان بعض خواصهم قد شاهد من النظر اليهم انوارا علت على الحيطان، و اشتملت على البنيان، حتى روى ان بنات الملوك كن يعشقن الحسن عليه السلام و يفدينه بارواحهن و يطلبن منه ان يجعلهن فى عداد زوجاته، و انه عليه السلام قد راى يوسف عليه السلام فى المنام، فقال له ما فعل حسنك باهل مصر، و اى فتنه افتتنوا به، فقال له و انت يابن رسول الله فلا تنسى نفسك فان بنات العرب قد افتتن بك. و قد نقل ان هذا من بعض اسرار تغشيه النبى صلى الله عليه و آله و سلم نفسه بثوب حال نزول الوحى، لان الصحابه ما كانوا يحتملون النظر الى انواره فى ذلك الحال، و لو نظروا اليه لعميت ابصارهم من شدتها، و اما كون الباقر و الرضا عليهماالسلام اسمرى اللون، فانما هو باعتبار رويه العامه من الناس، و اما الخواص من الشيعه فقد راوا من جمالهم ما يدهش العقول و الالباب، و السر فى هذا ملاحظه ان يظنوا بهم الربوبيه كما قد وقع لعدم احتمال عقولهم لما راوه، مع انه قليل من كثير بحكم قوله عليه السلام قولوا فينا ما شئتم الا الربوبيه، و ان يظنوا بهم عكسه، كما روى ان زوجه المامون احبت ان ترى الجواد عليه السلام جالسا مع بنتها ام الفضل، فلما دخل عليه السلام على ام الفضل القت بنفسها و اتاها الحيض فى ذلك الوقت، و قالت لامها زوجتنى برجل ساحر، يظهر نفسه على و يزينها فى كل وقت على هيئه من هيئات الحسن و الجمال، فخرج عليه السلام و هو يقول: (فلما راينه اكبرنه و قطعن ايديهن) الايه، و كذا فى مراتب الاصوات و الالحان، فانه قد نقل ان سيد الساجدين عليه السلام كان اذا تلا القرآن فى بعض الاحيان تتحير من حسن صوته العقول، و ربما وقفت السقايه استماعا له حتى يمضى عامه اليوم، و روى الكلينى باسناده الى ابى الحسن عليه السلام قال: ذكر الصوت الحسن، فقال: ان على بن الحسين عليهماالسلام كان يقرا فربما يمر به المار فصعق من حسن صوته، و ان
017 01 الامام عليه السلام لو اظهر من ذلك شيئا لما احتمله الناس من حسنه، قلت و لم كان رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم يصلى بالناس و يرفع صوته بالقرآن، فقال: ان رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم كان يحتمل الناس من خلفه ما يطيقون، و عند التحقيق يظهر ان ما تلوناه عليك هو السر فى طعن اصحابنا الرجاليين على كثير من رواه اسرار اخبار الائمه عليهم السلام، كمحمد بن سنان و الجعفى و المفضل و اضرابهم، فانهم كانوا يحتملون ما لا يحتمله غيرهم، فهم ارفع قدرا و اجل رتبه من ان يظن بهم الغلو و ارتفاع القول، و ما احسن ما قال السيد الزاهد ابن طاووس ان بعض الاجلاء من الشيعه الذين رووا اسرار الائمه عليهم السلام كان علو قدرهم و جلاله مرتبتهم سببا فى انحطاطها عند اصحابنا حتى نسبوهم الى ما لا يليق بجنابهم، وعد منهم محمد بن سنان، مع ان حديثه فى الضعف عند اصحابنا اشهر من ان يذكر، و حينئذ فلا بد من امعان النظر فى احوال الرواه، و ان لا يعتمد على ما دونه اهل الرجال، فانا قد شاهدنا من كتبهم ما يقضى منه العجب، و قد ذكرناه فى كتابنا الموسوم بغايه المرام فى شرح تهذيب الاحكام، و اما على تقدير ضم الحاء فظاهر، فانهم عليهم السلام كانوا مجمع اخلاق سائر الانبياء، و كان يوجد فيهم مجتمعا ما يوجد فى غيرهم متفرقا، بحكم قوله تعالى فى خطاب نبيه صلى الله عليه و آله و سلم: (فبهداهم اقتده) اى اقتد بكل الانبياء، فى سائر صفاتهم الحميده و خصالهم المجيده، و نحن اذا تلونا هذه الفقره امكننا تحصيل معنى صحيح منها يوافق حالنا كما لا يخفى، و لا يحتاج الى تخصيص محاسن الاخلاق بولايه اهل البيت عليهم السلام و ان كان من اعظم افرادها و اشرفه.
«و اجرى علينا طيبات الرزق»
اجرى هنا ماخوذ من قولهم اجريت الماء على الارض، و لا يخفى ما فيه من الدلاله على التوسعه فى الرزق، و على كوننا معاشر المرزوقين كالجمادات و الاراضى التى لا تملك لنفسها نفعا و لا ضرا، بل هى محتاجه فى اجراء الماء عليها الى الزارع و العامر، و الطيب اما ما هو اطيب الارزاق طعما و لطافه لا كالتبن و الحشيش، او هو الحلال كما فسر به قوله تعالى: (احل لكم الطيبات) و الحلال ايضا قسمان، منه ما هو حلال فى الظاهر و منه ما هو حلال فى الواقع، و لعله عليه السلام قد قصده، كما روى ان رجلا قال بحضره الامام عليه السلام اللهم ارزقنى رزقا حلالا، فقال له عليه السلام الحلال رزق النبيين فكيف تطلبه، و لكن اطلب الرزق الواسع، و اما نحن فنقصد منه الفرد
017 01 الاول الذى كلفنا تحصيله، و قيل بناء على قاعده الحسن العقلى، طيب الرزق ما فيه صفه محسنه موجبه للمدح عاجلا و الثواب آجلا، و ان لم يستقل بمعرفتها العقل وحده من دون كشف الشرع لها، و فيه على التفسير الثانى دليل على ما ذهب اليه اصحابنا من تخصيص الرزق بالحلال، لانه عليه السلام فى مقام بيان النعم، و فى قوله اجرى ايضا دليل على انه كله منه سبحانه سواء حصل بواسطه سعينا و كدنا ام لا، كما هو مذهب محققى المتكلمين خلافا لما ذهب اليه بعضهم، من ان العبد اذا حصل بسعيه فهو الرازق لنفسه و هو كما ترى، فان الايات و الاخبار تاباه، مع ان التوكل عليه سبحانه من اعظم درجات السعى حيث انه جهاد مع النفس بان تنقطع عن كل احد الا عنه سبحانه، و من الدلائل الواضحه على تخصيص الرزق بالحلال قوله عليه السلام فى خطبه الوداع المستفيضه بين جماهير المسلمين: ان الله تعالى قد قسم الارزاق حلالا و لم يقسمها حراما، و الاشاعره لما جعلوا الرزق متناولا للحرام ايضا فسروه بما ساقه الله تعالى الى الحيوان فانتفع به، و من اقوى دلائلهم انه لو لم يكن الحرام رزقا لم يكن المنتفع بطول عمره مرزوقا، و ليس كذلك لقوله تعالى: (و ما من دابه فى الارض الا على الله رزقها).
و اجاب عنه شيخنا البهائى (قده)، بانا لا نخص الرزق بالغذاء، بل نريد به مطلق الانتفاع، و لم نرد الانتفاع بالفعل بل بالتمكن منه، و كون ذلك الشخص لم ينتفع به من وقت ولادته الى وقت وفاته بشى ء انتفاعا محللا لا رضعه من ثدى مباح و لا شربه من ماء قراح و لا نظره محبوب و لا وصله الى مطلوب، بل و لا تمكن من ذلك وقتا من اوقات عمره، و لا ريب ان العاده تقضى بعدم وجوده، و لو جوزنا وجود هذا المولود المبارك لقلنا ان ذلك ليس محرما عليه، لقوله تعالى: (فمن اضطر غير باغ و لا عاد فلا اثم عليه)، و ايضا فهو من وقت و لوج الروح فيه فى بطن امه مرزوق البته، بما ليس محرما عليه، و يلزمكم النقص بحيوان عاش يوما ما مثلا ثم مات قبل ان يتناول شيئا محللا و لا محرما فما هو جوابكم فهو جوابنا، و اقصى ما دلت عليه دلائلكم من الايات و الاخبار انه تعالى يسوق الرزق الى العبد و يمكنه من الانتفاع به، فاذا اعرض العبد عن الحلال و عدل الى الحرام لم يكن ذلك قادحا فى تحقيق رازقيته جل و علا، انتهى.
018 01 «و جعل لنا الفضيله بالملكه على جميع الخلق»
الملكه القدره و السلطنه و احتمال اراده الكيفيه الراسخه القائمه بمحلها، و حينئذ
018 01 فالباء للالصاق او للسببيه، اى جعل لنا الفضليه على جميع الخلق بالكيفيه الراسخه الذاتيه لنا من غير تجشم كسب، بعيدا جدا، فان اطلاق الملكه على ما ذكر اصطلاح طارى ء، و الانسان منا اذا قرا مثل هذه الفقره ينبغى ان يقصد ملكه هذه الامه المرحومه على جميع الامم، فان منها الائمه عليهم السلام و قد جعل الله سلطنتهم و وجوب طاعتهم شاملا لجميع الامم، بل لسائر المخلوقات، كما دلت عليه الاخبار المستفيضه من انه تعالى عرض ولايه اهل البيت على المياه و الجبال و الاراضى و الاشجار و الطيور و السباع و سائر الحيوانات و الموجودات، فقبلها بعض المياه فاحلولت، و اباها البعض الاخر فصارت مالحه، و كذلك الاراضى الطيبه و الخبيثه، و كذلك الاشجار ذى الثمار الحلوه و المره و عديمها، و اما الطيور فقد اباها منها العصفور و قد كان يحب الجبت و الطاغوت، و الفاخته، و قبلها اكثر الطيور، و قد تفاوتت مراتب القابلين بتفاوت مراتب حبهم و ولايتهم لاهل البيت عليهم السلام.
«فكل خليقته منقاده لنا بقدرته»
الخليقه فعيل بمعنى مفعول، و الحاق التاء به لصيرورته اسما كالذبيحه، و نحن اذا قراناه ينبغى ان نقصد ما مر من نسبه الحكم الى الكل باعتبار البعض، كما يقال بنوتميم قتلوا زيدا و انما قتله واحد منهم، و يمكن اجراوه على ظاهره فان الله تعالى قد جعل جميع المخلوقات من العالم العلوى و السفلى منقاده لابن آدم، متمنطقه لخدمته، فان من اشرفها الانبياء، و الملائكه، و الانبياء يخدمونهم فى تبليغ الرسالات اليهم و هداياتهم، و اما الملائكه فبعضهم موكل بايصال السحاب و الامطار و الارزاق اليهم، و بعضهم موكل بالاستغفار للمومنين منهم، بحكم قوله تعالى: (الذين يحملون العرش و من حوله يسبحون بحمد ربهم و يومنون به و يستغفرون للذين آمنوا) و اذا كان حال الانبياء و الملائكه فما ظنكم بغيرهم.
019 01 «و الحمد لله الذى اغلق عنا باب الحاجه الا اليه»
حذف صله الحاجه لقصد التعميم، اى لم يحوجنا فى كل امورنا الى احد، او لم يجوزه لنا الا اليه، و اما احتياج الناس بعضهم الى بعض، الاحتياج الذى يتوقف
019 01 عليه النظام لتحصيل المرام فهو بالاخره راجع اليه كما لا يخفى، قال الفاضل الداماد و بيان الاحتياج اليه تعالى فقط، و ذلك لما قد استبان فى العلم الذى فوق الطبيعه ان المعلول الصدورى انما يحتاج بالذات الى العله الفاعله، و اما ما سوى الفاعل من سائر العلل، فانما الاسناد اليه فى تصحح الاسناد الى الفاعل، و التهيو لقبول الفيض، ثم النظر الادق عرف و حقق و افاد و اعطى ان طباع الامكان عله فى الحقيقه الى الواجب بالذات، فالعله الفاعله التى يكون المعلول حائجا اليها بالذات فى حصوله و صدوره عنها يجوز ان تكون هى الفاعل الحق القيوم الواجب بالذات جل ذكره، فاما ما عدا، من الفواعل و الاسباب فمصححات الصدور عنه و مهيئات الاستناد اليه لا غير، و قوله عليه السلام: اغلق، انتهى، معناه و مغزاه: علمنا انغلاق باب الحاجه الا اليه، و الهمنا صدق التوكل فى كل الامور عليه، و اوزعنا شخوص النظر الا الى جنابه، انتهى. و كانه (قده) اراد ادخال العقول العشره فى الاسباب و العلل، و الادله العقليه قاصره عن اثباتها، و النقليه بعمومها قائمه على نفيها، و العجب كل العجب ان الائمه عليهم السلام قد علمونا آداب بيت الخلا و لم يغفلوه و سكتوا عن اثبات العقول، مع انها من مسائل الاصول فهو دليل قاطع على نفيها، فلا تصغ الى من قال بها فانه يحدث عن الشيطان ليضل الانسان.
«فكيف نطيق حمده، ام متى نودى شكره»
الفاء تفريعيه او فصيحه، و كيف هنا للاستفهام التعجبى، و ام للاضراب، و صله لا و متى محذوفه، اى لا نطيق حمده و متى نودى شكره، و هذا ما يسمى فى اصطلاح البديعيين بصنعه الاكتفاء، و هو ان يكتفى المتكلم عن بعض الكلام عن بعض آخر لدلاله القرائن على ذلك المحذوف، مثل قوله تعالى: (و لو انهم رضوا ما آتاهم الله و رسوله)، التقدير لكان خيرا لهم، و ينبغى الوقف على كل من شكره و لا و متى، و لهذا يرقم ط بالحمره فوقها علامه للوقف المطلق، حتى يعلم ان ههنا شيئا محذوفا، و قيل معناه لا يقال متى، فانه يتوهم منه امكان وقوعه، و هو بعيد جدا.
020 01 «و الحمد لله الذى ركب فينا آلات البسط، و جعل لنا ادوات القبض»
الظاهر ان المراد بالات البسط من الاعصاب و العضلات و الاوتار و الرباطات و نحوها على كيفيه مخصوصه من الطول و العرض و حركات مخصوصه الى جهات
020 01 مخصوصه، و آلات القبض هذه بعينها، الا انها على غير تلك الهيئه و على غير تلك الحركات، و يناسب الاول لفظ التركيب و الثانى لفظ الجعل، لان الاعصاب و العضلات انما كانت حين التركيب على هيئه البسط، لكن بمنته تعالى جعل فى تلك الاعضال الموضوعه على هيئه البسط القدره على هيئه القبض، و قيل المراد بهما الماسكه و الدافعه المودعتان فى كل عضو، و قيل الفرح و الحزن و يناسبه ما قيل ان المراد بهما حالتا القلب، كما روى عن على عليه السلام انه قال: ان للقلوب اقبالا و ادبارا، فاذا اقبلت فاقبلوا على النوافل و اذا ادبرت فدعوها، و روى عن الصادق عليه السلام انه كان يقول تاره يبسط لنا فنعرف و تاره يقبض عنا فلا نعرف.
«و متعنا بارواح الحياه»
الظاهر ان جمع الارواح اشاره الى ما تضمنه حديث جابر عن الباقر عليه السلام قال فيه خمسه ارواح للمقربين: روح القدس و به علموا جميع الاشياء، و روح الايمان و به عبدوا الله، و روح القوه و به جاهدوا العدو و عالجوا المعاش، و روح الشهوه و به اصابوا لذه الطعام و النكاح، و روح البدن و به يدبون و يدرجون، و اربعه لاصحاب اليمين لفقد روح القدس منهم، و ثلاثه لاصحاب الشمال لفقد روح الايمان منهم، و قيل المراد بها الارواح الثلاثه التى يقول بها الاطباء، احدها روح الحيوانيه التى تقوم بها القوه الحيوانيه المنبعثه من القلب، و ثانيها الروح النفسانيه التى تقوم بها القوه المدركه و المحركه، اعنى القوه الشوقيه و الفاعله للحركه فى العضلات المنبعثه من الدماغ، و ثالثها الروح الطبيعيه التى تقوم بها القوه الطبيعيه من التغذيه و التنميه المنبعثه من الكبد، فالنفس الناطقه الواحده قد تعلقت بهذه الارواح الثلاثه باسرها، من حيث تعلقت اولا بالروح الحيوانيه القلبيه و يتوسطها بالاخيرين، و نازع بعض الحكماء فى ذلك، فاذعنوا بتعدد النفوس المجرده و تثليثها بتعدد الارواح المتعلقه بالاعضاء الرئيسيه الثلاثه، فيلزم عليهم ان يشير كل شخص الى نفسه بنحن لا بانا، و قد مشى بعض المفسرين فى اثرهم فزعم ان ايثاره تعالى النون فى اياك نعبد و اياك نستعين مع كونها داله على التكثير الموهم لتعظيم العابد و المستعين نفسه على الالف الداله على الوحده الناصه على التحقير انما هو لاجل تعدد النفوس المتعلقه بتلك الاعضاء الثلاثه فى كل شخص، فكانه تعالى يقول بلسان الخلق: انا بشراشر النفوس المجرده من الحيوانيه و النفسانيه و الطبيعيه و جميع القوى المتعلقه بها نعبد الله، و لا يخفى بعده ،
020 01 و يجوز ان يراد بروح الحياه ما امتاز به الاحياء عن الاموات، و تسمى ايضا فى الشرع بروح الحياه، و الجمعيه باعتبار تكثرها بتكثر الاشخاص، و قيل ان الارواح هنا جمع روح بفتح الراء اما بمعنى الراحه او النسيم، و لا يخفى بعده.
«و اثبت فينا جوارح الاعمال»
و فى س انبت بالنون، و حاصل المعنى انه تعالى اثبت فينا الاعضاء الجارحه الكاسبه للاعمال بوساطه الادوات المذكوره المتوسطه، لتحريك الاعضاء الجارحه و صدور الاعمال منها.
«و اغنانا بفضله، و اقنانا بمنه»
اشاره الى قوله تعالى: (هو اغنى و اقنى)، و قد قيل فيه ضروب من التفسير، احدها ان المراد بالغنى الغنى بالاموال، و القنى اصول الاموال و ما يدخرونه بعد الكفايه فيها، و ان معنى اغنى مول، و اقنى ارضى بما اعطى، و ثالثها انه اغنى بالقناعه و اقنى بالرضا، و رابعها ان المراد اغنى من شاء و اقنى اى افقر و حرم من شاء، و قيل المراد انه اقنانا، اى اعطانا القينه اى الذخيره من العلوم الربانيه او راس المال الذى به نستفيد المزيد و هو العقل و الفهم.
021 01 «ثم امرنا ليختبر طاعتنا، و نهانا ليبتلى شكرنا»
الاختبار التجربه، و الابتلاء الامتحان، و المعنى ليعاملنا معامله من اراد ان يجرب عبده و يمتحنه باجتناب ما يكره و امتثال ما يحب، و المراد بالشكر هنا معناه الاصطلاحى، و يجوز اراده اللغوى ايضا، و روى عن ابى عبدالله عليه السلام انه قال: شكر النعمه اجتناب المحارم، و تمام الشكر قول الرجل الحمدلله رب العالمين، و قال عليه السلام: شكر كل نعمه و ان عظمت ان يحمد الله عز و جل، و فى خبر آخر ان الشكر هو الولايه و المعرفه، و قال عليه السلام: اوحى الله عز و جل الى موسى، يا موسى اشكرنى حق شكرى، فقال يا رب كيف اشكرك حق شكرك، و ليس لى من شكر اشكرك به الا انت انعمت به على، قال يا موسى الان شكرتنى حين علمت ان ذلك منى.
«فخالفنا» ضمن معنى الميل.
021 01 «متون زجره» اى عظائم مناهيه.
«بل تانانا برحمته تكرما»
التانى الرفق، و التكرم المبالغه فى الكرم، و فى القاموس تكرم عنه اى تنزه و هو يناسب المقام ايضا.
«و انتظر» اى عاملنا معامله من انتظر صاحبه.
«حلما منه»
و فى بعض النسخ تحلما، و كان النكته فيه الاشعار بان اعمالنا ليست مظان الحلم، بل الحليم عنها يحتاج الى ان يتكلفه.
022 01 «لم نفدها»
بكسر الفاء و فتحها، قال فى القاموس افدت المال استفدته و اعطيته ضد، فعلى روايه كسر الفاء يكون ماخوذا من الافاده بمعنى الاستفاده، و على روايه الفتح يكون بمعنى الاعطاء، و فى س نعتدها اى نعددها من العد.
«لقد حسن»
هو جواب لو، لانه بمعنى قوله لكان كثيرا، و قيل الجواب محذوف و التقدير لكفانا.
«بلاوه» اى نعمته.
023 01 «لمن كان قبلنا»
اذ كانت توبه بعض الامم السالفه قطع العضو الجانى او احراقه بالنار، و فى بنى اسرائيل كانت توبتهم قتل نفوسهم، بحكم قوله تعالى: (فتوبوا الى بارئكم فاقتلوا انفسكم). روى ان موسى عليه السلام امرهم ان يقوموا صفين، فاغتسلوا و لبسوا اكفانهم، و جاء هرون باثنى عشر الفا ممن لم يعبدوا العجل، و معهم الشفار المرهفه، فلما قتلوا سبعين الفا تاب الله على الباقى، و جعل قتل الماضين شفاعه لهم، و روى ان الرجل كان يبصر ولده و والده و جاره و قريبه فلم يمكنه المضى لامر الله، فارسل الله ضبابه او سحابه سوداء لا يتباصرون تحتها و امروا ان يحتبوا بافنيه بيوتهم، و ياخذ
023 01 الذين لم يعبدوا العجل سيوفهم، و قيل لهم اصبروا فلعن الله من مد طرفه، او حل حبوته و اتقى بيد او رجل، فيقولون آمين، فقتلوهم الى المساء، حتى دعا موسى و هرون و قالا، يا رب هلكت بنواسرائيل، البقيه، البقيه، فكشفت السحابه و نزلت التوبه فسقطت الشفار من ايديهم، و كانت القتلى سبعين الفا، و كانوا ايضا يقرضون لحومهم بالمقاريض عند اصابه البول لها.
«ما لا طاقه لنا» و هم كانوا يطيقونه بمشقه.
«يجشمنا» اى يكلفنا.
024 01 «هلك عليه»
قيل ان الظرف فى موضع الحال، و على للضرر، اى ليس الهالك على الحقيقه المستحق للعقاب الدائم الا من هلك حال كونه خصما عليه، كمن قابله فى ادعاء الربوبيه و المذنبين المقرين بذنوبهم، و الاظهر ان معنى عليه على يديه و على بابه، كما يقال هلك زيد على عمرو، اى كان هو المهلك له، او السبب فى اهلاكه، و حاصل المعنى ان الذى يستحق اطلاق اسم الهالك عليه هو الذى تهلكه انت، اما لشده ذلك الهلاك، او لانك اكرم الاكرمين فالويل لمن تهلكه، و اعلم ان الهالكين هم اهل الدرجه الاولى من درجات الاخره، لانها اربع درجات، الهالكون، و المعذبون، و الناجون، و الفائزون، و مثاله من الدنيا ان يستولى سلطان على اقليم، فيقتل بعضهم فهم الهالكون، و يعذب بعضهم و لا يقتلهم فهم المعذبون، و يخلى بعضهم فهم الناجون، و يخلع على بعضهم فهم الفائزون، فان كان الملك عادلا لم يقسمهم كذلك الا بالاستحقاق، فلا يقتل الا من عانده فى الدوله، و لا يعذب الا من قصر فى الخدمه مع اعترافه باستحقاق السلطان لها، و لا يخلى الا من اعترف له برتبه الملك لكنه لم يقصر فيعذب، و لم يخدم فيخلع عليه، و لا يخلع الا على من خدم، ثم ان مراتب الفائزين تتفاوت بحسب تفاوت خدماتهم كتفاوت درجات الهالكين و المعذبين، فاما الرتبه الاولى فهم الايسون من رحمته تعالى، اذ الذى قتله السلطان فى ذلك المثال آيس من رضى الملك و اكرامه، و هذه الدرجه لا تكون الا للجاحدين المكذبين بالله و رسوله، و هم عن ربهم يومئذ لمحجوبون، فهم محترقون مع نار جهنم بنار الفراق التى هى اشد، فانها نار الله الموقده المطلعه على الافئده، فنار جهنم تحرق الاجساد
024 01 و هى تحرق الفواد، و لذلك قال بعض اهل العرفان:
ففى فواد المحب نار هوى
احر نار الجحيم ابردها
و له نظير فى عالم الشهود، فقد راينا من غلب عليه الوجد يعدو على الشوك و لا يبالى، و يقطع لحم نفسه بالسكاكين و لا يحس بالالم، و الغضبان فى الحرب ربما جرح و لم يحس، لان هذه الامور مهيجه لنار القلب التى هى اشد من نار الابدان الظاهره، و ذلك لان المك من السيف من حيث انه يفرق بين جزئين متلائمين، و التفرق بين القلب و محبوبه اشد من كل تفرق، و الجاهل لا يدرك هذا الالم، فان الصبى لو خير بين الم الحرمان من الصولجان و بين الحرمان من رتبه السلطان لم يحس بالثانى و لم يعده الما، و كذا عبد البطن لو خير بين الهريسه و بين مصاحبه يوسف الصديق لاختار الهريسه، و ذلك لانه قد استرقته صفات البهائم و السباع، و لم تظهر فيه الصفات الملكيه التى لا يستلذ الا من القرب، و لا تتالم الا من البعد، و ذلك لعقد القلب كما قال سبحانه: (ان فى ذلك لذكرى لمن كان له قلب)، فجعل من لم يتذكر بالايات خاليا من القلب، و ليس المراد به اللحم المحيط به الصدر، بل المراد به السر الذى هو من عالم الامر، و هذا اللحم الذى هو من عالم الخلق عرشه، و الصدر كرسيه، و سائر الاعضاء جنوده و عالمه، و لله الخلق و الامر جميعا، و لكن ذلك السر الذى قال الله تعالى فيه: (قل الروح من امر ربى) هو الملك و الامير، لان بين عالم الامر و عالم الخلق ترتيبا و عالم الامر امير على عالم الخلق، و هى اللطيفه التى اذا صلحت صلح لها سائر الجسد، من عرفها فقد عرف نفسه، و من عرف نفسه فقد عرف ربه، و عند ذلك يعرف حقيقه قوله صلى الله عليه و آله و سلم ان الله خلق آدم على صورته، ان لم يكن لنزوله شان.
الرتبه الثانيه: رتبه المعذبين، و هى رتبه من تحلى باصل الايمان و قصر فى الوفاء بمقتضاه، فان راس الايمان هو التوحيد، و هو ان لا يعبد الا الله، و من اتبع هواه فقد عبد غير الله، و قد قال سبحانه: (لا تتخذوا الهين اثنين انما هو اله واحد)، قال ابن عباس: نهاك ربك ان تتخذ الهين فاتخذت آلهه، عبدت نفسك و هواك و دنياك و مرادك و الخلق فانى تكون موحدا، و قال سبحانه: (ان الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا)، و لما كان صراط التوحيد ادق من الشعر و احد من السيف مثل صراط الاخره، فلا ينفك عن ميل عن الاستقامه و عن اتباع هواه، هو قادح فى التوحيد بقدر ذلك الميل، و هو يقتضى نقصانا فى درجه القرب، و مع كل نقصان نار الفراق لذلك الكمال الفائت
024 01 بالنقصان و نار جهنم، فكل مايل عن الصراط القويم معذب مرتين من وجهين، و لكن تفاوت ذلك العذاب بحسب طول المده انما هو بامرين، احدهما قوه الايمان و ضعفه، و كثره اتباع الهوى و قلته، و ان لا يخلو فى غالب الامر من احدهما، (ان منكم الا واردها) (كان على ربك حتما مقضيا) (ثم ننجى الذين آمنوا و نذر الظالمين فيها جثيا).
الرتبه الثالثه: رتبه الناجين، و هى النجاه فقط دون السعاده، و هم قوم لم يخدموا ليخلع عليهم و لم يقصروا، و يشبه ان يكون هذا حال المجانين و السفهاء الذين تبلغهم الدعوه فى اطراف البلاد و عاشوا على السفه و الجنون.
الرتبه الرابعه: الفائزون، و هم المقربون، فلا تعلم نفس ما اخفى لهم من قره اعين، و هم الذين كفوا انفسهم عن ان يكون مطاعم الجنه و ملاذها مطلبا لهم فلا يطلبون الا لذه القرب، كما قال سيد الموحدين: ما عبدتك خوفا من نارك. و ما احسن قول رابعه العدويه حين سئلت ما رغبتك فى الجنه، فقالت: الجار ثم الدار، و هولاء قوم مستهترون بالعشق، فد غرقوا فيه و غفلوا عن نفوسهم فهم لا يحسون بالامها. روى الصدوق (ره) فى كتاب علل الشرائع و الاحكام مسندا الى انس، قال قال رسول الله (ص) بكى شعيب من حب الله عز و جل حتى عمى، فرد الله عز و جل عليه بصره، ثم بكى حتى عمى، فرد الله عز و جل عليه بصره، ثم بكى حتى عمى فرد الله عز و جل عليه بصره، فلما كانت الرابعه اوحى الله اليه يا شعيب الى متى يكون هذا ابدا منك، ان يكن هذا خوفا من النار فقد اجرتك، و ان يكن شوقا الى الجنه فقد ابحتك، قال الهى و سيدى انت تعلم انى ما بكيت خوفا من نارك و لا شوقا الى جنتك و لكن عقد حبك على قلبى فلست اصبر او اراك، فاوحى الله جل جلاله اليه اما اذا كان هذا هكذا فمن اجل هذا ساخدمك كليمى موسى بن عمران. و روى الصدوق (ره) ايضا عن الصادق عليه السلام، انه سئل ما سبب العشق، فقال: تلك قلوب خلت من محبه الله فاذاقها الله حلاوه غيره، و الاخبار الوارده فى هذا المعنى كثيره و الله الموفق للصواب.
025 01 «ادنى» اى اقرب.
«و اكرم و ارضى فعلا»
تفضيل بمعنى المفعول على خلاف المشهور، و قد حققنا فى حواشينا على شرح
025 01 الجامى انه قياس، و حاصل الفقره انى احمدك و اقول لك الحمد بمحامدهم التى ذكروها فى حمدك، و ان لم اصل اليها كما و لا كيفا، و لكن اقول هكذا لعل الله يتفضل على بادخالى فى زمرتهم، كما نحمده تعالى بالمحامد التى حمد بها نفسه.
026 01 «سائر الحمد»
قال الجوهرى سائر بمعنى جميع، و غلطه الحريرى فى دره الغواص الموضوعه لتغليط الخواص، و قال انه بمعنى البقيه، كقوله عليه السلام لغيلان و قد اسلم على عشر، امسك اربعا و فارق سائرهن، و ايضا يلزم على معنى الجوهرى افضليه الجزء على الكل.
027 01 «و على جميع عباده الماضين»
يجوز ان يكون الغرض منه كثره افراد الحمد، او يكون عباره عن بعض افراد المحمود عليه، لان النعمه على الماضين و الباقين نعمه عليه و على آبائه من حيث ان الانسان مدنى الطبع يحتاج الى بنى نوعه.
«عدد ما احاط به علمه»
منصوب على انه صفه مصدر محذوف، اى نحمده حمدا عدد معلوماته، و قيل لفظ مكان فيما سبق و لفظ عدد ههنا منصوبان بنزع الخافض، و حاصلهما انه حمد الله تعالى بالعدد الحاصل من ضرب عدد معلوماته الغير المتناهيه فى عدد نعمه الغير المتناهيه، فانظر الى صاحب الضرب كيف يكون.
«و مكان كل واحده»
اى احمده مكان كل نعمه من تلك النعم عددها، و هو خبر عددها على تقدير رفعه، و على تقدير النصب يكون مفعول فعل محذوف اى اعد عددها.
«اضعافا»
صفه للعدد على تقدير نصبه، و على المصدريه على تقدير رفعه، و هو قيد للمضاعفه لا لاصل الحمد.
«ابدا سرمدا»
الابد عباره عن تقدير اوقات لا نهايه لها فى المستقبل، و السرمد الدائم، و فى
027 01 كتاب الفروق ان الابدى هو المصاحب لجميع الازمنه محققه كانت او مقدره فى جانب المستقبل الى غير النهايه، و السرمدى هو المصاحب لجميع الثابتات المستمره الوجود فى الزمان.
028 01 «لغايته»
الغايه بمعنى النهايه و بمعنى المدى كالامد، الا ان الغايه تستعمل فى الزمان و المكان، و الامد لا يستعمل الا فى الزمان و المراد بهما هنا المدى، قال الراغب: الامد و الابد متقاربان، لكن الابد عباره عن مده الزمان الذى لها حد محدود، فلا يقال ابد كذا لمده مجهوله اذا اطلق، و ينحصر نحو امد كذا، و الفرق بين الزمان و الامد ان الامد يقال باعتبار الغايه، و الزمان عامه فى المبدا و الغايه، و لذلك قالوا المدى و الغايه متقاربان، انتهى.
029 01 «و خفيرا» اى مجيرا.
«و ظهيرا» اى معينا.
«و عونا على تاديه حقه و وظائفه»
المراد بهما مطلق الاحكام، و قيل المراد بالحق الواجبات و بالوظائف المستحبات، قال بعض الاعلام و لعل فى هذه الفقرات الانيقه الشريفه اشاره لطيفه، باعتبار توصيف الحمد بهذه الصفات، الا انه لا يشترط فى القربه التى هى فى غايه العبادات ان يكون المقصود مجرد موافقه ارادته تعالى حتى انه لا يجوز ان يكون الغايه طلب الرفعه عنده تعالى بواسطه الثواب و الهرب من العقاب، كما نقل الشهيد طاب ثراه فى قواعده، عن الاصحاب بطلان العباده بهاتين الغايتين، و به قطع ابن طاووس محتجا بان قاصد ذلك انما قصد الرشوه و البرطيل، و لم يقصد به الرب الجليل، و هو دال على ان عمله سقيم، و انه عبدلئيم، و لكن اختار فى القواعد و الذكرى الصحه محتجا بان قصدهما لا يخرج عن ابتغاء الله تعالى لان الثواب من عنده تعالى فمبتغيه بمنزله مبتغى وجه الله سبحانه، بل يلوح من هذه الفقرات جعلهما غايتين، انتهى. اقول اما المدعى فحق لما سنبر هن عليه، من انه لا ينافى الاخلاص الا الرياء و السمعه، و اما رجاء الثواب و الهرب من العقاب فهما من مراتب الاخلاص، و ان كان فوقهما ما هو اعظم منهما و هو موافقه ارادته تعالى التى قصدها سيد الموحدين عليه السلام، و لكن
029 01 الاستدلال عليه فى هذه الفقرات غير جيد، لان اقصى ما استفيد منها طلب كون الحمد سببا لها، و هو لا ينافى اشتراط موافقه الاراده عند مشترطيه، غايته انه من تلك الفوائد المترتبه على ذلك القصد، و لا ضير فيه، الا ترى ان سيد الموحدين عليه السلام مع كون غايته من العباده الغايه القصوى، كان يطلب مراتب الجنان و الخلاص من النيران، نعم لو قال لاجل جنته لكان نصا فى المطلوب.
030 01 «فى نظم الشهداء»
جمع شهيد و هو المقتول فى سبيل الله و ان لم يكن بمعركه الامام عليه السلام، كما نطق به كثير من الاخبار، سمى به اما لان الله تعالى و ملائكته شهدوا له بالجنه، و اما لان ملائكه الرحمه تشهده، فهو فعيل بمعنى مفعول اى مشهود له، و اما لانه حى عند ربه فكانه شاهد اى حاضر، كما قال تعالى: (و لا تحسبن الذين قتلوا فى سبيل الله امواتا بل احياء)، و اما لانه قام بشهاده الحق فى امر الله تعالى حتى قتل، و اما لانه يشهد ما اعد الله له من الكرامه بالقتل ، و حينئذ ففعيل بمعنى فاعل، و حاصله اما طلب ان يقتل فى سبيل الله حتى يصيره منهم لان الاعمال الصالحه تنتهى اليه اذ لا عمل فوقه، كما ورد به الخبر، و اما طلب ان يعطيه الله تعالى مثل ثوابهم و يحشر فى زمرتهم و ان لم يقتل بالسيوف، كما روى ان شيعتنا هم الشهداء و ان ماتوا على فراشهم، و كان الامام عليه السلام يقول: انى لا اعد ثوابى اقل من ثواب شهداء كربلاء، لان من نيتى ان لو كنت معهم لجدت بنفسى معهم، و كان عليه السلام يقول: من وطن نفسه على انتظار القائم عليه السلام و كان من نيته نصرته كتب الله له ثواب من استشهد بين يديه عليه السلام.
«ولى حميد»
الولى الناصر و قد يكون بمعنى الاولى، و منه قوله عليه السلام: الست اولى بكم من انفسكم، و قد يكون بمعنى المتولى للامر القائم به، و منه ولى الطفل، و الحميد المحمود الذى استحق الحمد بفعاله او الحامد لمن اطاعه.
001 02 و كان من دعائه الصلاه على رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم
قد يختلج فى البال ذكر تحقيقات فى هذا المقام فلنذكرها فنقول: المقام الاول : فى بيان فائده تصدير الحوائج منه تعالى بالتصليه كما فعل عليه السلام، و قد ذكر له وجوه، احدهما ما روى عن الصادق عليه السلام انه قال:
من كانت له الى الله حاجه فليبدا بالصلاه على محمد و آل محمد ثم يسال حاجته ثم يختم بالصلاه على محمد و آل محمد، فان الله عز و جل اكرم من ان يقبل الطرفين و يدع الوسط اذ كانت الصلاه على محمد و آله لا تحجب عنه، و ثانيها انهم مقربو حضره هذا السلطان الاعظم، و لا بد لمن كان له حاجه الى مثله من ان يمد الهدايا الى وزرائه و مقربى حضرته، و ثالثها انهم عليهم السلام هم المقصود بايجاد الكونين كما تضافرت به الاخبار، و هم القابلون للفيوض الربانيه بالذات، و غيرهم بالعرض و بوساطتهم، لان موائد كرمه لو افيضت علينا اولا لكان مثل ان يصنع سلطان عظيم الشان مضيافه عاليه المقدار لرجل من اراذل الناس، و لا ريب فى ان العقول تابى مثله، اما لو كان المقصود بها احد مقربيه و اكل منها جميع الرعيه و اهل البلد لكان مستحسنا فى العقول.
المقام الثانى: فى بيان الصلاه هل تزيد فى مراتبهم عليهم السلام ام لا، ذهب طائفه الى الثانى، زعما منهم ان الله سبحانه اعطى نبيه و اهل بيته اكمل المنازل اللائقه بنوع الانسان، فلا زياده حينئذ، نعم فائدتها ترجع الى المصلى، و الاخبار على الاول، لوجود القابل و الفاعل، لان مراتب فيضه تعالى لا تقف الى حد، كيف لا و هو عليه السلام كان يلتمس من صلحاء امته الدعاء له و يقول: ان ربى و عدنى مرتبه الشفاعه و الوسيله و لا تنال الا بالدعاء، و لو لم تكن الفائده الراجعه اليهم الا ما روى فى تفسير السلام عليهم من ان معناه سلامتهم و سلامه دينهم و شيعتهم فى زمن القائم عليه السلام لكفى، و ايضا امته له و لاهل بيته، و صلواتهم من جمله اعمالهم صلوات الله عليهم الهادون للخلق الى الحق، و من سن سنه حسنه كان له مثل ثواب من يعمل بها الى يوم القيامه.
001 02 بقى الكلام فى اللعن على اعدائهم، فقيل ايضا لا يزيد فى عذابهم و الحق خلافه بالتقريب المذكور، و اما ما يترائى من منافاته لقاعده العدل لانه كيف يكون فعل شخص سببا لزياده عذاب غيره مع انه لا اختيار له فيه، فالجواب عنه من وجهين:
الاول: انه تعالى قرر لهم عذابين عذابا بازاء افعالهم و آخر بازاء لعن اللاعنين، و اسمعهم ان هم فعلوا ذلك الفعل القبيح ان يعذبهم بهما، و بعد هذا فاين الظلم.
الثانى: ان لعنهم من باب شكايه المظلوم من ظالمه، فانهم ظلموا جميع المسلمين لان منهم قد ثارت الفتن اولا، و منهم استتر الامام العدل و بقى الناس فى ظلم الجهاله، فهم قد ظلمونا معاشر المسلمين و لعمرى ان ظلمهم علينا اشد من ظلمهم على اهل البيت عليهم السلام، لان فوائدهم كانت تصل الينا، و انى كلما اشكلت على مساله اوجبت على نفسى لعنهم و البراءه منهم، لانهم سبب فى استتار الحجه بل و فى كل فساد وقع، و فى الخبر ان القائم عليه السلام اذا ظهر يحييهم و يلزمهم بكل ذنب و فساد وقع فى الدنيا حتى قتل قابيل هابيل و رمى اخوه يوسف عليه السلام له فى الجب و رمى ابراهيم فى النار و سائر ما وقع، و لذا روى عن الصادق عليه السلام انه ما ازيل حجر عن موضعه و لا اريقت محجمه دم الا و هو فى اعناقهما، يعنى الخليفه الاول و الثانى، و قد روى جابر عن ابى جعفر عليه السلام، قال سمعته يقول: ان من وراء شمسكم هذه اربعين عين شمس، ما بين شمس الى شمس اربعون عاما فيها خلق كثير، ما يعلمون ان الله خلق آدم او لم يخلقه، و ان من وراء قمركم هذا اربعين قمرا، ما بين قمر الى قمر مسيره اربعين يوما، فيها خلق كثير، ما يعلمون ان الله خلق آدم او لم يخلقه، قد الهموا كما الهمت النحل لعن الخليفه الاول و الثانى فى كل وقت من الاوقات، و قد وكل بهم ملائكه متى ما لم يلعنوهما عذبوا، و فى تفسير العياشى عن ابى بصير عن ابى عبدالله عليه السلام انه قال: اذا كان يوم القيامه يوتى بابليس فى سبعين غلا و سبعين كبلا، فينظر الاول الى زفر فى عشرين و مائه كبل و عشرين و مائه غل، فينظر ابليس فيقول من هذا الذى اضعف الله له العذاب و انا اغويت هذا و الخلق جميعا، فيقال هذا زفر ببغيه على على عليه السلام، فيقول له ابليس ويل لك و ثبور لك، اما علمت ان الله امرنى بالسجود لادم فعصيته و سالته ان يجعل لى سلطانا على محمد و اهل بيته و شيعته فلم يجبنى الى ذلك و قال: (ان عبادى ليس لك عليهم سلطان الا من اتبعك من الغاوين) و اما ما يقع من الشيعه من الاعمال القبيحه فليس بداخل فى التسلط، لما رواه الصدوق
001 02 عن على بن النعمان عن بعض اصحابنا رفعه الى ابى عبدالله عليه السلام، فى قوله: (ان عبادى ليس لك عليهم سلطان)، قال ليس على هذه العصابه خاصه سلطان، قال قلت و كيف جعلت فداك و فيهم ما فيهم، قال ليس حيث تذهب انما قوله ليس لك عليهم سلطان، ان يحبب اليهم الكفر و يبغض اليهم الايمان. و روى عن العسكرى عليه السلام ان رجلا قال للصادق عليه السلام يابن رسول الله انى عاجز بيدى عن نصرتكم، فلم املك غير البراءه من اعدائكم و اللعن، فكيف حالى، فقال الصادق عليه السلام حدثنى ابى عن ابيه عن جده رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم قال: من ضعف عن نصرتنا اهل البيت، فلعن فى صلاته اعداءنا بلغ الله صوته جميع الاملاك من الثرى الى العرش، و كلما لعن هذا الرجل اعداءنا ساعدوه فلعنوا من يلعنه ثم ثنوا و قالوا اللهم صل على عبدك هذا فانه بذل ما وسعه، فقال الله تعالى جعلته من الاخيار.
المقام الثالث: فى بيان وجوب التصليه و استحبابها فى غير الصلاه، المشهور بين اصحابنا الثانى، و بعض على الاول و هو الحق، لدلاله الاخبار المتكثره عليه مثل قوله عليه السلام: من ذكرت عنده فلم يصل على فدخل النار فابعده الله، الى غير ذلك من الاخبار المشتمله على الوعيد و الترغيب، و الظاهر ان الذكر متناول لما كان باسمه الشريف او بكنيته او بلقبه او بالضمير الراجع اليه، و بعضهم خص الوجوب بالاول لتبادره من الاطلاق، و ذهب الفاضل الاردبيلى الى وجوبها فى كل مجلس مره ان صلى آخرا و ان صلى عليه ثم ذكر عنده وجبت التصليه، و منهم من اوجبها عند حصول الفاصله العرفيه، و قد عرفت ان الاقوى هو الوجوب مطلقا و هو ظاهر الصدوق (قده).
المقام الرابع: فى كيفيتها، بعض من ذهب الى وجوبها ذهب الى ان الواجب هو الصلاه عليه وحده، و اما ضم الال اليه فللكمال و الفضل، و الاخر على وجوب ضم الال اليه و هو الصواب، للاخبار المستفيضه من الطرفين التى فيها بيان التصليه عند تفسير قوله تعالى: (ان الله و ملائكته يصلون على النبى) الايه، فان فيها قولوا اللهم صل على محمد و آل محمد كما صليت على ابراهيم و آل ابراهيم انك حميد مجيد، و قال صلى الله عليه و آله و سلم: لا تصلوا على الصلاه البتراء، فقالوا يا رسول الله و ما الصلاه البتراء، قال: ان تقولوا اللهم صل على محمد. و روى ايضا فى صحيح اخبارنا انه قال: من صلى على و لم يصل على آلى لم يجد ريح الجنه، و ان ريحها ليوجد من مسيره خمسمائه عام. و فى الصحيح ايضا انه قال اذا صلى على و لم يتبع بالصلاه على اهل
001 02 بيتى كان بينها و بين السماء سبعون حجابا، يقول الله عز و جل لا لبيك و لا سعديك، لا تصعدوا دعاءه الا ان يلحق بنبيى عترته، فلا يزال محجوبا حتى يلحق بى اهل بيتى، و قد تمسك الاولون بما رواه ابوبصير عن ابى عبدالله عليه السلام قال: اذا ذكر النبى فاكثروا الصلاه عليه، فانه من صلى على النبى صلى الله عليه و آله و سلم صلاه واحده صلى الله عليه فى الف صف من الملائكه و لم يبق شى ء مما خلقه الله الا صلى على ذلك العبد لصلاه الله عليه و صلاه ملائكته، فمن لم يرغب فى هذا فهو جاهل مغرور و قد برى ء الله منه و ملائكته و رسوله.
و الجواب ان هذا اللفظ قد صار علما على تلك الجمله، او انه اشاره الى ان الصلاه عليه لا تتم بدون الصلاه عليهم، او انه اشاره الى كونهم عليهم السلام نفسه فاكتفى عن احد الجزاين بذكر الاخر.
المقام الخامس: هل يجوز الصلاه على طوائف المومنين و على الال بدون التبعيه له عليه و آله و السلام، اصحابنا على الجواز للايات و للاخبار، لكن قال فخر المحققين اللائق و اللاحق و الاولى بالوجوب اختصاص هذه الصيغه بالنبى و آله بتبعيته و منفردين اجمالا و تفصيلا، و ذهب علامه زمخشر الى جواز الصلاه على كل مومن لقوله تعالى: (هو الذى يصلى عليكم و ملائكته)، و على الال على سبيل التبع، اما على سبيل الانفراد فلا، لانه صار شعار الروافض، فتهم فاعله بالرفض، فانظر الى دليل هذا الفاضل و الى دينه الحق الذى يخاف عليه، و مما يتعلق بهذه المقامات انه ينبغى ان تكتب التصليه صريحا لا بلفظ صلعم و اشباهه كما يفعله المحرومون من الثواب، فانه خلاف الاولى و المنصوص، بل قال بعض العلماء ان اول من كتب صلعم قطعت يده، و اقل ما فى الاخلال بها تفويت الثواب العظيم عليها، فقد ورد عنه صلى الله عليه و آله و سلم انه قال: من صلى على فى كتاب لم تزل الملائكه تستغفر له ما دام اسمى فى ذلك الكتاب، كيف لا و الصلاه عليهم قد جعل مهرا لحواء. روى انه كلما نظر آدم الى حواء قال يا رب زوجنى منها، فقال جل اسمه هات مهرها، فقال يا رب انت اعلم، قال يا آدم صل على محمد و آله عشر مرات، فصلى آدم كما امره الله جل جلاله، فزوجه بها، فاذا كانت مهر حواء فكيف لا تكون مهر حور العين.
001 02 «و الحمد لله الذى من علينا بمحمد صلى الله عليه و آله و سلم دون الامم الماضيه و القرون السالفه»
الظاهر ان الواو للعطف على ما فى الدعاء السابق، لان الظاهر انه عليه السلام كان يدعو بهما فى مجلس واحد، و يويده انه فى بعض النسخ القديمه خال من العنوان، و ان ابيت هذا فاجعله اما للاستئناف او للعطف على مقدر، و فى قوله و آله بالجر كما هو المتفق عليه فى النسخ دليل قاطع على ما ذهب اليه الكوفيون من جواز العطف على الضمير المجرور بدون اعاده الجار فى سعه الكلام، و قراءه حمزه و الارحام بالجر، و قوله فاذهب فما بك و الايام من عجب و غيرهما دليل عليه، و منعه البصريون اختيارا لان فيه العطف على جزء الكلمه، و لا يسمع هذا بعد الورود، قال الفاضل الداماد: صلى الله عليه و آله بالجر على ما قد بلغنا بالضبط على النسخ المعول على صحتها جميعا رويناه بالنقل المتواتر فى سائر العصور الى عصرنا هذا، و ما فى حواشى جنه الامان للشيخ الكفعمى ان الصواب صلى الله عليه و على آله لا صلى الله عليه و آله الا على تقدير ان يكون الال بالعطف على موضع الهاء من عليه ففاسد، و افسد منه جعل الواو للمعيه كما لا يخفى، انتهى. اقول و على تقدير تصحيح مذهب البصريين يمكن ان يقال النكته فى ترك الجار ههنا توافق الاتصال اللفظى مع الاتصال المعنوى حتى كان الفاصل اللفظى لا ينبغى ان يكون، و اما ما توهم من ان ترك الجار ههنا للحديث المروى عند الشيعه و هو قوله صلى الله عليه و آله و سلم من فصل بينى و بين آلى بعلى لم ينل شفاعتى، فخطا لان هذا الحديث لم نجده فى شى ء من كتبنا، كيف لا و قد وجدنا الفصل فى الادعيه الماثوره و المصنفات المشهوره، بل قد وجد فى دعاء ختم القرآن من هذه الصحيفه الشريفه، نعم نقل استاذنا العلامه سلمه الله تعالى عن شيخنا بهاء المله و الدين انه راه فى احاديث الاسماعيليه و كتبهم، و قد تكلف بعض اصحابنا لاصلاحه فصحف لفظ على بعلى عليه السلام، اى يكون الفصل ببغضه و باعتقاده انه ليس من الال، بل من الصحابه كما ظنه بعض الاشاعره و بعض المعتزله، فقالوا ينبغى فى التصليه ان يقال اللهم صل على محمد و على و ال محمد، و لفظ دون بمعنى غير، و قيل بمعنى وراء او بعد و نصبها على الظرفيه و القرون جمع قرن، قال فى النهايه القرن اهل كل زمان و هو مقدار التوسط فى اعمارهم، ماخوذ من الاقتران فكانه المقدار الذى يقترن فيه اهل ذلك الزمان فى اعمارهم و احوالهم، و قيل القرن اربعون سنه و قيل ثمانون و قيل مائه و قيل مطلق من الزمان، و القرن اخص من الامه، اذ كل امه مشتمله على قرون.
001 02 «و لا يفوتها شى ء و ان لطف»
فاته الامر ذهب عنه، و لطف بمعنى صغر و دق، و فيه و فيما قبله بان الممتنعات لا حظ لها فى الشيئيه، بل الشى ء هو ما امكن وجوده فى الاعيان.
002 02 «فختم بنا على جميع من ذرا»
الباء اما للصله او للسببيه او للزياده فان ختم جاء متعديا و لازما، اى جعلنا خاتما على جميع المخلوقات و زينه لهم، كما ان الخاتم زينه اليد، و فيه اثبات احتياج جميع المخلوقات اليهم كاحتياج الكتابه الى الخاتم، و خاتمه لهم و فى آخرهم ناسخين لجميع شرائعهم و احكامهم، قد اوجب على من بقى منهم الرجوع الى ديننا و كتابنا، و هذا كما انه اثبات لشرفهم عليهم السلام بالنسبه الى سائر الانبياء اثبات لفضيلتنا ايضا بالنسبه الى سائر الامم، لان شرف الرعيه بشرف سيدها. روى جابر عنه صلى الله عليه و آله و سلم انه قال: انما مثلى فى الانبياء كمثل رجل بنى دارا فاكملها و حسنها الا موضع لبنه، و كان الداخل اليها يقول ما احسنها الا موضع هذه اللبنه، و انا موضع تلك اللبنه، و ذرا بمعنى خلق.
«و جعلنا شهداء على من جحد»
اشاره الى قوله تعالى: (و كذلك جعلناكم امه وسطا لتكونوا شهداء على الناس و يكون الرسول عليكم شهيدا)، يجوز ان يكون الضمير فى كلامه عليه السلام راجعا الى الامه كما هو مقتضى ظاهر الايه، و مقتضى ما روى عن الصادق عليه السلام ايضا انه قال اذا كان يوم القيامه و جمع الله الخلائق للحساب فاول من يدعى له نوح عليه السلام، فيقال له هل بلغت؟ فيقول نعم، فيقال له من يشهد لك، فيقول محمد بن عبدالله صلى الله عليه و آله و سلم. قال فيخرج نوح فيتخطى رقاب الناس حتى يجى ء الى محمد صلى الله عليه و آله و سلم و هو على كثيب من مسك و معه على عليه السلام، و هو قول الله عز و جل: (فلما راوه زلفه سيئت وجوه الذين كفروا)، فيقول نوح لمحمد صلى الله عليه و آله و سلم ان الله تبارك و تعالى سالنى هل بلغت فقلت نعم فقال من يشهد بذلك فقلت محمد، فيقول يا جعفر و يا حمزه اذهبا و اشهدا له انه قد بلغ، فقال ابوعبدالله عليه السلام فجعفر و حمزه هما الشاهدان للانبياء، بما بلغوا، فقلت جعلت فداك فعلى عليه السلام اين هو؟ فقال هو اعظم منزله من ذلك، و فى روايات العامه
002 02 ان الامم يوم القيامه يجحدون تبليغ الانبياء، فيطالب الله تعالى بشاهد التبليغ، فيوتى بهذه الامه فيشهدون لهم بالتبليغ، فتقول لهم الامم من اين عرفتم هذا، فيقولون علمنا ذلك باخبار الله فى كتابه الناطق بلسان نبيه الصادق، فيوتى بالنبى صلى الله عليه و آله و سلم فيشهد بعداله امته، و يجوز ان يكون الضمير راجعا اليهم عليهم السلام بل هو الظاهر، لما روى عن الصادق عليه السلام فى تفسير قوله تعالى: (فكيف اذا جئنا من كل امه بشهيد و جئنا بك على هولاء شهيدا) انها نزلت فى امه محمد صلى الله عليه و آله و سلم خاصه، فى كل قرن منهم امام شاهد عليهم، و محمد شاهد علينا، و يويده فى ان قراءه اهل البيت عليهم السلام ائمه مكان امه، و كان الصادق عليه السلام يبالغ فى انكار هذه القراءه و يقول كيف يكون هذه الامه وسطا و عدلا و احسن الامم و هم قتلوا ابن رسول الله عليه السلام، ليس هكذا نزلت بل هى ائمه و قد حرفت، و ليس هو اول قاروره كسرت فى الاسلام، كيف لا و قد سئل عليه السلام عن الربط بين الجزاء و الشرط فى قوله تعالى: (و ان خفتم الا تقسطوا فى اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى و ثلاث و رباع) اذ الربط منتف ظاهرا، فقال عليه السلام قد سقط بينهما اكثر من ثلث القرآن و اخبارنا متواتره بوقوع التحريف و السقط منه بحيث لا يسعنا انكاره، و العجب العجيب من الصدوف و امين الاسلام الطبرسى و المرتضى فى بعض كتبه كيف انكروه و زعموا ان ما انزله الله تعالى هو هذا المكتوب، مع ان فيه رد متواتر الاخبار و ما قيل من طرفهم انه يلزم عليه ارتفاع الوثوق بالايات الاحكاميه، و ينتفى جواز الاستدلال بها لمكان جواز التحريف عليها، فجوابه انهم عليهم السلام امرونا فى هذه الاعصار بتلاوه القرآن و العمل بما تضمنته آياته، لانه زمن هدنه فاذا قامت دولتهم و ظهر القرآن كما انزل، الذى الفه اميرالمومنين عليه السلام بعد وفاه رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم و شده فى ردائه و اتى الى ابى بكر و عمر و هما فى المسجد فى جماعه من الناس فعرضه عليهم فقالوا لا حاجه لنا فى قرآنك و لا فيك، عندنا من القرآن ما يكفينا، فقال لن تروه بعد اليوم حتى يقوم قائمنا، فعند ذلك يكون ذلك القرآن هو المتداول بين الناس، مع ان ما وقع من التحريف فى الايات الاحكاميه اظهروه عليهم السلام، فيقوم الظن بان ما لم يعرفونا تحريفه لم يكن فيه تحريف، و من هذا يظهر عدم تحقق تواتر القراءات السبعه كما لا يخفى، و قد بسطنا الكلام فيه فى شرح تهذيب الحديث بما لا مزيد عليه، و لنرجع هنا الى سابق كلامنا فنقول على تقدير صحه قراءه الامه يكونون عليهم السلام هم المراد منها، لما روى عن الباقر عليه السلام انه قال نحن
002 02 الامه الوسط و نحن شهداء الله على خلقه و حجته فى ارضه، و رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم الشهيد علينا بما بلغنا عن الله و نحن الشهداء على الناس فمن صدق يوم القيامه صدقناه و من كذب كذبناه.
«و كثرنا على من قل»
التكثير جاء بمعنى العزه و الغلبه كقول الشاعر:
و انما العزه للكاثر
و جاء ايضا بمعنى تكثير العدد، و بهما فسر قوله تعالى: (و اذكروا اذ كنتم قليلا فكثركم)، و يقابله القله بالمعنيين و على التقديرين، فالظرف اما ان يتعلق بالفعل او بالمصدر، و حاصل معناه على الثانى انه سبحانه كثر عددنا او اعزنا معاشر آل الرسول او امته بمنته على الجماعه القليله الذين هم اصول الاسلام اى المسلمين، لانهم كانوا جماعه معدودين، او الرسول صلى الله عليه و آله و سلم لان الكفار كانوا يقولون ان محمدا ابتر لا عقب له فاذا مات رجع المسلمون الى ديننا، و كذلك قد من الله تعالى على على بن الحسين عليهماالسلام، و اخرج هذه الذريه الطيبه الحسينيه من صلبه، مع كونه واحدا مستضعفا ذليلا فى اعين الناس، بل الائمه كلهم كما قال تعالى: (و نريد ان نمن على الذين استضعفوا فى الارض و نجعلهم ائمه و نجعلهم الوارثين)، و لعل فى كلامه عليه السلام اشاره الى هذا، و اما على الاول فقد توهم ان فيه اشكالا حيث انه خال عن الفائده، و هذا التوهم مدفوع، لان حاصل الكلام و مغزاه و كثر عدد هذه الامه او آل الرسول و اعزهما و غلبهما على غيرهما، فانه اوجب على جميع الامم اتباع هذه الامه، و قد روى ان صفوف يوم القيامه مائه و عشرون الف صف ثمانون الفا من امه محمد صلى الله عليه و آله و سلم و اربعون الفا من سائر الامم، الا انه عبر بهذا اللفظ للمبالغه فى قلتهم و ذلتهم، اذ لو قال و كثرنا على غيرنا لتوهم ان ذلك الغير ايضا له كثره و عزه الا اننا اكثر منه و اعز، كما يدل عليه صيغه التكثير، و قيل التكثير اشاره الى ان امامتهم شامله للعرب و العجم، او للانس و الجن، او باعتبار بقائها الى قيام الساعه، و الكل تكلف.
003 02 «اللهم فصل على محمد»
اصله يا الله حذف حرف النداء و عوض عنه الميم المشدده، و قال الفراء اصله يا الله امنا بالخير فخفف لكثره الاستعمال، و اعترضه الفاضل الرضى بقولهم اللهم لا
003 02 تومهم بالخير، ورده شيخنا البهائى (قده) بانه يجوز ان يكون الاصل يا الله امنا بالخير لا تومهم بالخير، ثم قال نعم يتجه كلام الرضى لو سمع منهم اللهم لا تومنا بالخير، و قد رد هذا الرد استاذنا العلامه (قده) بان مراد الفاضل الرضى هو هذا، لان التعبير عنه بضمير الغائب مثل التعبير فى آيه اللعان لئلا ينسب المكروه الى المتكلم، او بان ما اورده الفاضل الرضى كان فى رد ما ذهب اليه الفراء لانه لو كان الحال على ما قال لناسب توسط حرف العطف لوجود التناسب، و الامين بمعنى المامون، و حمله على معنى الامن كما نقل عن الاخفش بعيد.
«و نجيبك»
اى مختارك، و فى س نجيك ماخوذ اما من نجا اى خلص، و اما من ناجاه اى ساره و خاطبه، و الاسم منه النجوى فالنجى بمعنى المناجى.
«و صفيك» اى حبيبك.
«امام الرحمه»
الاضافه هنا اما لاميه لان الرحمه جاءت معه و بسببه فهو امامها و قائدها، او بيانيه كقوله تعالى: (و ما ارسلناك الا رحمه للعالمين) و اما تقدير المضاف اى اهل الرحمه كما قيل فبعيد.
«و قائد الخير» اى الى الخلق لا قائد الناس اليه كما قيل.
«و مفتاح البركه» محركه النماء و السعاده.
004 02 «كما نصب لامرك نفسه»
ماخوذ اما من نصب الخشبه اى اقامها، و اما من النصب، بمعنى التعب و الكاف للتعليل، و على الاول ان يكون المراد بنفسه على بن ابيطالب عليه السلام فانه نفسه بحكم الله و حكم الرسول، قال تعالى: (و انفسنا و انفسكم) فى آيه المباهله، و المراد به على عليه السلام اجماعا، و قوله صلى الله عليه و آله و سلم يا على نفسك نفسى و نفسى نفسك، لاننا خلقنا من نور واحد، و قد استفاض عن الصادق عليه السلام فى تفسير قوله تعالى: (فاذا فرغت فانصب) اى اذا فرغت من نبوتك او من حجه الوداع فانصب عليا للخلافه، و قوله لامرك اى لاجل مصالح دينك فان به كان تمام دين الاسلام، بحكم قوله تعالى:
004 02 (اليوم اكملت لكم دينكم) و لانك امرته به بقولك: يا ايها الرسول بلغ ما انزل اليك فى على فان لم تفعل فما بلغت رسالته، و هى قراءه اهل البيت عليهم السلام، و يجوز ان يراد به هو عليه السلام على المعنى الثانى ايضا، فان بسيفه عليه السلام قد شيدت اركان الدين، و علت كلمه المسلمين، و قد جازاه صاحب الانصاف علامه زمخشر فى تفسيره حيث قال و من البدع ما روى عن بعض الرافضه انه قرا فانصب بكسر الصاد، اى فانصب عليا للامامه، و لو صح هذا للرافضى لصح للناصبى ان يقرا هكذا و يجعله امرا بالنصب الذى هو بغض على و عداوته، و لعمرى ان هذا الفاضل هو الذى ابدع، لان الرافضى قد اورد روايات عن ائمته عليهم السلام فيما قرا فكيف يصح للناصبى ان يفعل ما ذكره من غير روايه، لكن هذا الفاضل اراد ابراز ما كان كامنا فى سريرته، و كان اعورا فعمى و لم يستبصر.
005 02 «و عرض فيك للمكروه بدنه»
اى فى رضاك، قيل مناسبه الكراهه مع النفس و مناسبه التعب مع البدن انسب من العكس، لكن فى كلامه عليه السلام اشاره لطيفه الى ان كراهه النفس وصلت الى حد وصلت الى البدن و تعب البدن وصل الى حد اثر فى النفس، انتهى. اقول: و لعل المراد بالمكروه هنا غير التعب الذى يصل الى البدن و هو على حاله، بل المراد ما وصل الى بدنه الشريف من الجراحه وشج راسه يوم احد و كسر ثنيته و تاثير السم الذى وضعته اليهوديه فى عنزه مطبوخه حتى اكل منها و اثر فى جسده الشريف، و كان يهيج به كل سنه، و هو الذى مات به كما قال عليه السلام ما زالت تلك الاكله توذينى حتى قطعت نياط قلبى، و قول الصادق عليه السلام ما منا الا شهيد او مسموم، و روى العياشى فى تفسيره عن الصادق عليه السلام ان عائشه و حفصه لما اسر اليهما ان ابويهما يملكان امر هذه الامه بعده حملهما ابواهما على ان يسقياه السم، تعجيلا منهما على الخلافه، فسقتاه السم، و كان مع سم اليهوديه سببا فى شهادته صلى الله عليه و آله و سلم و مثل هذا لا يقال له تعب عرفا بل مكروه و صل الى البدن.
006 02 «و كاشف فى الدعاء اليك حامته»
اى اظهر العداوه فى الدعوه الى دينك، و بسببها خاصته و عشيرته، و فى بعض النسخ لحمته اى اقاربه.
007 02 «اسرته» هم رهط الرجل و عشيرته و اهل بيته.
009 02 «و اقصى الادنين»
ابعدهم و هو و الاقصين بعده جمع كسر ما قبل يائه اصلا، اذ الاصل ادنيين و اقصيين كالمصطفين و المرتضين.
010 02 «على استجابتهم»
على هنا و فى السابق مثلها فى قوله تعالى: (و لتكبروا الله على ما هداكم)، و يحتمل الاستعلاء المجازى اى حال كونهما ركوبا عليهما اشعارا بالملابسه و الملازمه للشيئين.
011 02 «و والى فيك الابعدين، و عادى الاقربين»
هو كالتاكيد لما سبقه، و يمكن الفرق بحمل الاوليين على الاقصاء و القرب المكانيين، و هذين على المحبه و العداوه القلبيين و ان كانا سواء فى المكان.
012 02 «و والى فيك الابعدين، و عادى الاقربين»
هو كالتاكيد لما سبقه، و يمكن الفرق بحمل الاوليين على الاقصاء و القرب المكانيين، و هذين على المحبه و العداوه القلبيين و ان كانا سواء فى المكان.
013 02 «و اداب نفسه فى تبليغ رسالتك»
اى اتعبها، و قد حصل لنفسه الشريفه التعب فى مواضع، احدها: الغزوات و المنازعات مع الكفار، و ثانيها: تفهيم المطالب الدقيقه الالهيه، و ايصالها الى العقول الناقصه الحيوانيه، و ثالثها: التكلم مع كل شخص يما يليق بحاله، كقوله صلى الله عليه و آله و سلم انا معاشر الانبياء امرنا ان نكلم الناس على قدر عقولهم، و فيه تعب عظيم، لان منه يثار تكذيبهم و الطعن عليهم و نسبتهم الى الجهاله و النسيان، حيث انهم اخبروا هذا بغير ما اخبروا به ذاك، كما يظهر من تتبع احوال الائمه عليهم السلام و ما نالهم من المخالف و الموالف على مثل هذا، و رابعها: التعب الذى حصل له عليه السلام بسبب تنزله من مراتب القرب الذى منه قوله تعالى: (فكان قوب قوسين او ادنى) الى هذه المراتب السفليه البشريه المشار اليها بقوله تعالى: (ان هو الا بشر مثلكم ياكل مما تاكلون منه) الايه، فانه تعالى رباه و غذاه بالكمالات و العلوم و الاداب من ولادته الى مده اربعين سنه، و قد رقاه على جميع مراتب الاداب و القرب، ثم نزله عنه الى رساله مثل هذه الانعام بل هم اضل سبيلا، و ليس هذا الا من قبيل سلطان عظيم يكون عنده وزير مقرب قد حلاه و توجه بتاج القرب و الالتفات و يكون فى مملكته رعايا و اقوام لا يعرفون عظمه السلطان
013 02 و لا طرق التقرب اليه، قد سلكوا طرق التجبر و العناد، فيبعث السلطان ذلك الوزير بريدا الى تلك الرعايا، و ينزله عن مراتبه الجليله لعلمه بانه لا يسعهم خلقا و طباعا الا هو، و بعد ان اتى اليهم لم ينقد لرسالته الا اقلهم، فيحصل له من هذا الم عظيم و تاسف جسيم، حيث لم يمتثلوا رسالته ليكون وجيها عند ذلك السلطان، و قد حزن عليه السلام لمثل هذا حزنا عظيما كاد يهلكه، كما قال تعالى: (فلعلك باخع نفسك على آثارهم)، اى اتهلك نفسك على انهم لم يقبلوا رسالتك و لم يصدقوك، فسلاه فى كثير من الايات بقوله: (و ما على الرسول الا البلاغ المبين)، و بقوله: (و ما انت بهادى العمى عن ضلالتهم)، و بقوله: (انك لا تهدى من احببت)، و نظائرها من الايات، و على هذا التحقيق ينزل قوله تعالى: (انا انزلنا اليكم ذكرا رسولا)، فانه صلى الله عليه و آله و سلم لم يكن فى موضع مرتفع بحسب الحس ثم نزل عنه كما هو مقتضى هذه الصيغه، بل المراد تنزيله من تلك المراتب العليه الى هذه المراتب البشريه، و كذا قوله تعالى للعقل حين خلقه: اقبل فاقبل، ثم قال له ادبر فادبر، على تقدير ان يراد منه هو صلى الله عليه و آله و سلم، فيكون الاقبال كنايه عن ترقيه الى تلك المراتب العاليه، و الادبار كنايه عن تنزله منها الى هذه المراتب السافله.
015 02 «و شغلها بالنصح لاهل دعوتك»
اى الذين دعوتهم الى جنتك، بقولك و الله يدعو الى دار السلام، اى كل احد، و قيل اضافه الدعوه اليه سبحانه اما باعتبار انتسابها اليه تعالى باللام التخصيصيه التعليليه، اى اهل الدعوه اليه سبحانه بمحض ذاته و القرب منه تعالى فتكون اضافته مقدره باللام المفيده للاختصاص و الارتباط الخاص، و لهذا صرح المحققون من النحاه بان الاضافه اللاميه تشمل الاضافه الظرفيه ايضا كضرب اليوم، او باعتبار اضافه اهل الدعوه حقيقه لا نفس الدعوه اليه سبحانه كما قيل فى مثل هذا حب رمانك، انتهى. و لا يخفى ما فيه من التكلف، و اشد منه تكلفا ما قيل فى الفرق بين هذه الفقره و ما قبلها ان المراد بتبليغ الرساله تبليغ مطلق الرساله منه سبحانه، من دون تبيين الاحكام التى تتعلق باصول الدين و فروعه، فان فى هذا التبليغ مع فرط تهالك المعاندين فى جحده و رفعه اتعابا عظيما لنفسه صلى الله عليه و آله و سلم، و يراد بالدعاء الى المله تبليغ الاحكام الاصوليه، كما يشعر به لفظ المله، و بالنصح لاهل الدعوه تبليغ الاحكام المفصله الفرعيه الشرعيه كما يشعر لفظ النصح، انتهى.
016 02 «و هاجر الى بلاد الغربه»
اى المدينه و ان كانت واحده لانه مجاز شائع، و قد تكلف لتصحيح الجمعيه بشمول المهاجره للامر بها لدخول جعفر و اضرابه الذين هاجروا الى بلاد الحبشه، و قال بعض المحققين يمكن ان تحمل المهاجره على مهاجره نفس النبى صلى الله عليه و آله و سلم المجرده عن شوائب التعلقات الماديه من موطنها الاصلى، اعنى شراشر اعضائه الجسمانيه الى عوالم الملكوت و اللاهوت الذى هو غريب بالنسبه الى هذا الموطن الذى نشات منه حركه نفسه المجرده الى عوالم المجردات، و هبطت نفسه الشريفه بقواه الدراكه حين الوقوع و النزول على هذه الاعضاء الشريفه، و اتعب نفسه فى مبادى ء حالاته الى هذا الموطن، فيكتسب بهذه المهاجره الروحانيه الى عوالم الجبروت بالوحى و الالهام الربانى و الاحكام الالهيه و الشرائع الدينيه التى بها يعز الدين المبين، انتهى، و هو قريب من تحقيقنا السابق.
«و محل الناى عن موطن رحله»
الناى مصدر بوزن النصر، و فى ش النائى اسم فاعل اى الشخص البعيد، و الرحل مسكن الرجل و المراد به مكه شرفها الله تعالى.
«و مسقط راسه»
بفتح القاف و كسرها و هو الشائع، لان مضموم العين فى المضارع يجوز فيه الفتح ايضا و ان لم يسمع، و هو كنايه عن موضع الولاده، لما استفاض فى الاخبار من ان النبى و اهل بيته عليهم السلام ينزلون من بطون الامهات مستقبلين الارض بارجلهم المباركه، لا انهم يسقطون على رووسهم كغيرهم لان فيه تحقيرا لشانهم، و لان سببه زجر الملك للمولود و هو فى بطن امه حتى يصير منكوسا بعد ان كان واقفا فى بطن امه، و ذلك لامتناعه من الخروج، و اى ملك يقدر ان يزجرهم عليهم السلام.
«و مانس نفسه»
و قد استدل بهذه الفقار على اشرفيه مكه على سائر البقاع، و ظاهر الشهيد طاب ثراه دعوى الاجماع عليه و ليس هو فى محله، لان بعض الاصحاب قد ذهب الى اشرفيه ارض قبور الائمه عليهم السلام على غيرها، و هو الحق عندى لدلاله الاخبار عليه،
016 02 بل يظهر من بعضها اشرفيه الغريين و كربلاء على سائر البقاع، و روى انه لما خلق الله الكعبه ابتهجت فرحا فقال الله لها قرى كعبه، لو لا بقعه تسمى كربلاء ما خلقتك، فلما ابتهجت كربلاء قال لها قرى كربلا لو لا من يدفن فيك ما خلقتك.
«و استنصارا على اهل الكفر بك»
الظرف الثانى اما ان يتعلق بالمصدر الثانى، و حاصل معناه حينئذ انه هاجر الى المدينه طالبا النصر من اهلها على من كفر بربوبيتك، و اما ان يتعلق بالمصدر الاول بل هو ابلغ من حيث المعنى لدلالته على انه صلى الله عليه و آله و سلم لم يعتمد فى طلب النصره على احد من المهاجرين و الانصار.
017 02 «حتى استتب له ما حاول فى اعدائك»
استتب الامر اى استقام، و فى بعض النسخ استنم من السنام، اى ظهر و ارتفع له الامر الذى حاوله من مقهوريه الاعداء كارتفاع سنام الجمل على سائر اعضائه.
018 02 «و استتم له ما دبر فى اوليائك»
استتم كما قال اللغويون بمعنى اتم فهو متعد الا انه ضمن معنى كمل فعدى بالحرف، فقول بعضهم ان الفعل المعلوم تصحيف الفعل المجهول على غير محتاج اليه.
019 02 «فنهد اليهم مستفتحا بعونك»
النهود النهوض، و الباء اما للصله و اما للسببيه اى افتتح فى اول جهاده بقوله اللهم اعنى عليهم، او طالبا الفتح و هو فتح مكه بسبب توفيقك و اعانتك له.
«و متقويا على ضعفه بنصرك»
و الباء اما للصله او للسببيه، من قولهم تقويت بزيد على عمرو، اى استعليت عليه بسببه فعلى للاستعلاء، فقول بعض الافاضل ان على للمجاوزه او الظرفيه كقوله تعالى: (و دخل المدينه على حين غفله)، فانه عليه السلام حين كونه ضعيفا بحسب الظاهر من قله انصاره من الناس صار متقويا بجنوده الاقدسين من الملائكه الكروبيين، او للتعليل تكلف لا يحتاج اليه.
020 02 «عقر ديارهم» العقر بالضم و الفتح الاصل.
021 02 «بحبوحه قرارهم» اى وسطها.
«و علت كلمتك و لو كره المشركون»
اى كلمه الاسلام، و الظاهر ان المراد به فتح مكه، و يحتمل الاعم، و هذا اشاره الى الايه، و قد روى ان تمام هذا الوعد بحيث تنمحى جميع الاديان و لا يبقى الا دين الاسلام كما هو ظاهر اللفظ، انما يكون فى زمن القائم عليه السلام، كما روى عن الباقر عليه السلام فى تفسير قوله تعالى: (يا ايها المدثر قم فانذر) يعنى محمدا صلى الله عليه و آله و سلم و قيامه فى الرجعه ينذر فيها، و هو قوله: ( هو الذى ارسل رسوله بالهدى و دين الحق ليظهره على الدين كله و لو كره المشركون)، قال يظهره الله عز و جل فى الرجعه، و عن ابى عبدالله عليه السلام قال: ان لعلى عليه السلام كره مع الحسين ابنه عليهماالسلام، حتى ينتقم له من بنى اميه و معاويه و آل معاويه و من شهد حربه، الى قوله، ثم اخرى مع رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم حتى يكون خليفته فى الارض و يكون الائمه عليهم السلام عماله، و حتى يبعثه الله علانيه فتكون عبادته علانيه فى الارض كما عبدالله سرا فى الارض، ثم قال و الله و اضعاف ذلك، ثم عقد بيده اضعافا، يعطى الله نبيه ملك جميع اهل الدنيا منذ خلق الله الدنيا الى يوم يفنيها، و حتى ينجز له موعده فى كتابه كما قال: (و يظهره على الدين كله و لو كره المشركون)، و روى الصدوق فى كتاب اكمال الدين باسناده الى ابى بصير قال قال ابوعبدالله عليه السلام فى قوله عز و جل: (هو الذى ارسل رسوله بالهدى و دين الحق ليظهره على الدين كله و لو كره المشركون)، قال و الله ما نزل تاويلها بعد، و لا ينزل تاويلها حتى يخرج القائم عليه السلام، فاذا خرج القائم لم يبق كافر بالله العظيم و لا مشرك بالامام الا كره خروجه حتى لو كان كافرا او مشركا فى بطن صخره لقالت يا مومن فى بطنى كافر فاكسرنى و اقتله، قال بعض الافاضل معنى هذه الفقرات الشريفه بحسب البادى من النظر واضح، لكن يخطر بقريحتى وجه لطيف بهى لتقديم الاعزاز على الاستنصار فى الفقره السابقه على هذه الفقار و تاخير استتمام تدبير الاولياء من تهيو ما حاول فى الاعداء، و هو ان الغايه الاصليه من الجهاد تدبير اولياء الله تعالى و كمال تعظيمهم و تبجيلهم، و هذا انما يتحقق بعد مغلوبيه الكفار و الاستنصار عليهم و خذلانهم و قمعهم و قتلهم، و انما يتحقق هذا بعد شوكه الاسلام و اعزازه و غلبه
021 02 المسلمين و قوتهم على دفع الكفار، و لا جرم انما يتحقق كمال تعظيم المسلمين و وفور شوكتهم بعد تحقق شوكتهم و اعزازهم، و ليس هذا دورا باطلا كما يمكن ان يتوهم بل كل اعزاز الاسلام و تعظيم الاسلام و اهله معد لوفوره و ازدياده و استكماله، فمغلوبيه الكفار و قتلهم متوسط فى المرتبه بين مطلق اعزاز الاسلام و اهله و بين وفور شوكه الاسلام و كمال تعظيم اهله، فللاشاره الى هذه المراتب قدم فى الفقره السابقه مطلق الاعزاز على الاستنصار الذى هو حقيقه مغلوبيه الكفار و انقهارهم و قتلهم فى هذه الفقره على ما هو المقصود الاصلى من الجهاد اعنى تدبير اولياء الله و ازدياد شوكتهم و تبجيلهم، فما دبره عليه السلام فى الاولياء متاخر عن الاعزاز بمرتبتين.
023 02 «بما كدح»
اى اتعب نفسه و لا يكافا رفعه كما فى بعض النسخ على ان واوه للاستئناف او من باب عطف الجمله على الجمله.
025 02 «و عرفه فى اهله الطاهرين و امته المومنين من حسن الشفاعه اجل ما وعدته»
التعريف بمعنى الاعلام، اى اعلمه و حقق له قبل يوم القيامه ما وعدته من شفاعته لهما او من شفاعتهما لباقى الامه، كما روى ان المومن يشفع فى مثل ربيعه و مضر، و عن النبى صلى الله عليه و آله و سلم قال ان الله تعالى اذا بعث الخلائق من الاولين و الاخرين نادى منادى ربنا من تحت عرشه يا معشر الخلائق غضوا ابصاركم لتجوز فاطمه بنت محمد سيده نساء العالمين على الصراط، لا يبقى احد فى القيامه الا غض بصره عنها الا محمد و على و الحسن و الحسين و الطاهرين من اولادهم فانهم محارمها، فاذا دخلت الجنه بقى مرطها ممدودا على الصراط طرف منه بيدها و هى فى الجنه و طرف فى عرصات القيامه فينادى منادى ربنا يا ايها المحبون لفاطمه تعلقوا باهداب مرط فاطمه سيده نساء العالمين، فلا يبقى محب لفاطمه الا تعلق بهدبه من اهداب مرطها حتى يتعلق بها اكثر من الف فئام و الف فئام و الف فئام قالوا و كم فئام واحد يا رسول الله قال: الف الف و ينجى بها من النار، و قد استفاض فى الاخبار انه لا يجوز احد على الصراط الا من كان معه كتاب من على بن ابيطالب، و قال عليه السلام: لا ازال واقفا على الصراط ادعو و اقول رب سلم شيعتى و محبى و انصارى و من تولانى فى دار الدنيا، فاذا النداء من بطنان العرش قد اجبت دعوتك و شفعت فى شيعتك، و يشفع كل
025 02 رجل من شيعتى و محبى و انصارى و من تولانى و حارب من حاربنى بفعل او قول فى سبعين الف من جيرانه و اقربائه. و روى الشيخ فى الامالى باسناده قال دخل سماعه بن مهران على الصادق عليه السلام، و قال يابن رسول الله نحن عند الناس شر الناس كفارا و رافضه، فنظر الى ثم قال: اذا سيق بكم الى الجنه فينظرون اليكم فيقولون ما لنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الاشرار، يا سماعه بن مهران انه من اساء منكم اساءه مشينا الى الله يوم القيامه باقدامنا فنشفع فيه فنشفع، و الله لا يدخل النار منكم عشره رجال، و الله لا يدخل النار منكم خمسه رجال، و الله لا يدخل النار منكم ثلاثه رجال، و الله لا يدخل النار منكم رجل واحد، و نظائره كثيره، و انما طلب تحقق هذا الامر لانه تعالى صدر وعده له بعسى و سوف فى قوله تعالى: (عسى ان يبعثك ربك مقاما محمودا)، و قوله: (و لسوف يعطيك ربك فترضى)، و ان ورد انهما فى كلامه تعالى للتحقيق كلعل، و قال الفاضل الداماد و عرفه فى اهله، اى اذقه اجل ما وعدته منهم، و هو معنى ما قلنا، و قيل من التعريف بمعنى التطييب من العرف اى الريح، فكان هذه الشفاعه بمنزله تطييب له صلى الله عليه و آله و سلم، و قيل بمعنى الحمل على العرف و هو المعروف اى الخير و الاحسان، اعنى الشفاعه، و قيل من العريف و هو رئيس القوم سمى به لانه عرف بذلك، او النقيب و هو دون الرئيس اى اجعله رئيسا لهم، و على هذه الاحتمالات يكون اجمل منصوبا بنزع الخافض.
026 02 «يا نافذ العده»
نفذ الامر قضاه، و العده هو ما تقدم فى الايتين و هو مقام الشفاعه، و تفصيله ما روى فى كتاب الاحتجاج باسناده الى الحسين عليه السلام، قال ان يهوديا من يهود الشام و احبارهم قال لاميرالمومنين عليه السلام فان هذا سليمان اعطى ملكا لا ينبغى لاحد من بعده، فقال له عليه السلام لقد كان كذلك و محمد صلى الله عليه و آله و سلم اعطى ما هو افضل من هذا، انه اهبط اليه ملك لم يهبط الى الارض قبله و هو ميكائيل فقال له يا محمد عش ملكا منعما، و هذه مفاتيح خزائن الارض معك، و يسير معك جبالها ذهبا و فضه، و لا ينقص لك فيما ادخر لك فى الاخره شى ء، فاوحى الى جبرئيل عليه السلام و كان خليله من الملائكه، فاشار له ان تواضع، فقال بل اعيش نبيا عبدا آكل يوما و لا آكل يومين و الحق باخوانى من الانبياء، فزاده الله تعالى الكوثر، و اعطاه الشفاعه، و ذلك اعظم من ملك الدنيا من اولها الى آخرها سبعين مره، و وعده المقام المحمود، فاذا كان يوم
026 02 القيامه اقعده الله تعالى على العرش، فهذا افضل مما اعطى سليمان عليه السلام، مع ان الذى طلبه سليمان انما كان لله، كما رواه على بن يقطين قال قلت لابى الحسن موسى بن جعفر عليهماالسلام، ايجوز ان يكون نبى الله بخيلا، فقال لا، فقلت له فقول سليمان عليه السلام رب اغفر لى وهب ملكا لا ينبغى لاحد من بعدى ما وجهه؟ فقال الملك ملكان ملك ماخوذ بالغلبه و الجور و اجبار الناس، و ملك ماخوذ من قبل الله تعالى ذكره كملك ابراهيم و ملك طالوت و ذى القرنين، فقال سليمان عليه السلام هب لى ملكا لا ينبغى لاحد من بعدى، انه يقول انه ماخوذ بالغلبه و الجور و اجبار الناس فسخر له الريح تجرى بامره رخاء حيث اصاب، و سخر له الشياطين، و علم منطق الطير، فعلم الناس فى وقته ان ملكه ليس ملك الملوك المالكين بالظلم و الجور، قال فقلت لم قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم: رحم الله اخى سليمان ما كان ابخله، قال له و جهان احدهما ما كان ابخله بعرضه و سوء القول فيه، و الاخر يقول ما كان ابخله ان كان اراد ما كان يقوله الجهال، و لا خلاف فى ثبوت الشفاعه، الا ان المعتزله على انها تكون فى زياده جزاء المومنين لا فى دفع جرائمهم.
«يا مبدل السيئات باضعافها من الحسنات»
يجوز ان يكون اشاره الى ما ورد فى تفسير قوله تعالى: (ان الحسنات يذهبن السيئات)، اى الصلوات الخمس تكفر ما بينها من الذنوب، كما روى عن على عليه السلام قال سمعت رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم يقول: ارجى آيه فى كتاب الله تعالى:(اقم الصلاه طرفى النهار) و قرا الايه كلها، يا على و الذى بعثنى بالحق بشيرا و نذيرا ان احدكم ليقوم فى وضوئه فتساقط عن جوارحه الذنوب، فاذا استقبل الله بوجهه و قلبه لم ينفتل و عليه من ذنوبه شى ء كما ولدته امه، فان اصاب شيئا بين الصلاتين كان له مثل ذلك، حتى عد الصلوات الخمس، ثم قال يا على انما منزله الصلوات الخمس لامتى كنهر جار على باب احدكم فما يظن احدكم لو كان فى جسده درن ثم اغتسل من ذلك النهر خمس مرات اكان يبقى فى جسده درن، فكذلك و الله الصلوات الخمس لامتى، و يجوز ان يكون اشاره الى ما رواه محمد بن مسلم فى الصحيح عن ابى ذر فى تفسير قوله تعالى: (الا من تاب و آمن و عمل صالحا فاولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات). قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم يوتى بالرجل يوم القيامه فيقال اعرضوا عليه صغار ذنوبه و نحوا عنه كبارها، فيقال له عملت يوم كذا و كذا كذا و كذا و هو مقر لا ينكر و هو مشفق من
026 02 الكبار، فيقال اعطوه مكان كل سيئه عملها حسنه، فيقول ان لى ذنوبا ما اراها ههنا، قال و لقد رايت رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم ضحك حتى بدت نواجذه.
و يجوز ان يكون اشاره الى ما رواه الصدوق طاب ثراه فى علل الشرائع باسناده الى ابى اسحق الليثى قال قلت لابى جعفر محمد بن على الباقر عليهماالسلام يابن رسول الله اخبرنى عن المومن المستبصر اذا بلغ فى المعرفه هل يزنى، قال لا، قلت فيلوط، قال لا، قلت فيسرق، قال لا، قلت فيشرب الخمر، قال لا، قلت فيذنب ذنبا، قال نعم هو مومن مذنب ملم، قلت ما معنى ملم؟ قال الملم بالذنب الذى لا يصر عليه، قال فقلت سبحان الله ما اعجب هذا لا يزنى و لا يلوط و لا يسرق و لا يشرب الخمر و لا ياتى بكبيره من الكبائر، فقال لا عجب من امر الله سل و لا تستنكف، قلت يابن رسول الله انى اجد من شيعتكم من يشرب الخمر و يرتكب الفواحش، فقال هل يختلج فى صدرك شى ء غير هذا، قلت نعم يابن رسول الله اخرى اعظم من ذلك و هو انى اجد من اعدائكم و مناصبيكم من يكثر الصلاه و الصيام و جميع افعال الخير فلم ذاك يابن رسول الله فقد كثر فكرى و ضاق ذرعى، قال فتبسم صلوات الله عليه ثم قال خذ اليك بيانا شافيا فيما سالت، و علما مكنونا من خزائن علم الله، اخبرنى يا ابراهيم كيف تجد اعتقادهما، قلت يابن رسول الله اجد محبيكم و شيعتكم على ما هم عليه مما وصفته من افعالهم لو اعطى احدهم ما بين المشرق و المغرب ذهبا و فضه ان يزول عن ولايتكم الى موالاه غيركم ما زال و لو ضربت خياشيمه بالسيوف، و ارى الناصب على ما هو عليه مما وصفته من افعالهم لو اعطى احدهم ما بين المشرق و المغرب ذهبا و فضه ان يزول عن محبه الجبت و الطاغوت و موالاتهم الى موالاتكم ما زال و لو ضربت خياشيمه بالسيوف، قال فتبسم الباقر عليه السلام ثم قال: يا ابراهيم من ههنا هلكت العامله الناصبه تصلى نارا حاميه تسقى من عين آنيه، و من اجل ذلك قال الله تعالى: (و قدمنا الى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا) و يحك يا ابراهيم اتدرى ما السبب و القصه فى ذلك؟ قلت اشرحه لى، قال يا ابراهيم ان الله عز و جل خلق ارضا طيبه ثم فجر منها عذبا زلالا فعرض عليها ولايتنا اهل البيت فقبلتها فاجرى عليها ذلك الماء سبعه ايام حتى طبقها و عمها، ثم نضب منها ذلك الماء فاخذ من صفوه ذلك الطين طينا فجعله طين الائمه عليهم السلام، ثم اخذ ثفل ذلك الطين فخلق منه شيعتنا، و لو ترك طينتكم يا ابراهيم على حالها كما ترك طينتنا لكنتم انتم و نحن شيئا واحدا، قلت يابن رسول الله
026 02 فما فعل بطينتنا؟ قال اخبرك يا ابراهيم خلق الله عز و جل بعد ذلك ارضا سبخه خبيثه منتنه ثم فجر منها ماء اجاجا آسنا ملحا فعرض عليها ولايتنا اهل البيت فلم تقبلها، فاجرى عليها ذلك الماء سبعه ايام حتى طبقها و عمها ثم نضب ذلك الماء عنها، ثم اخذ من ذلك الطين طينا فخلق منه الطغاه و ائمتهم ثم مزجه بثفل طينتكم، و لو ترك طينتهم على حالها و لم يمزجها بطينتكم لم يشهدوا الشهادتين و لا صلوا و لا صاموا و لا زكوا و لا حجوا و لا ادوا امانه و لا اشبهوكم فى الصوره، قلت يابن رسول الله فما فعل بالطينتين؟ قال مزج بينهما بالماء الاول و الماء الثانى ثم عركهما عرك الاديم ثم اخذ من ذلك قبضه فقال هذه الى الجنه و لا ابالى، و اخذ قبضه اخرى و قال هذه الى النار و لا ابالى ثم خلط بينهما فوقع من سنخ المومن و طينته على سنخ الكافر و طينته، و وقع من سنخ الكافر و طينته على سنخ المومن و طينته فما رايته من شيعتنا من زنى او لواط او ترك صلاه او صيام او حج او خيانه او كبيره من الكبائر فهو من طينه الناصب و عنصره الذى قد مزج فيه، لان من سنخ الناصب و طينته اكتساب الماثم و الكبائر، و ما رايت من الناصب و مواظبته على الصلاه و الصيام و سائر اعمال الخير فهو من طينه المومن و سنخه الذى قد مزج فيه لان سنخ المومن و عنصره اكتساب الحسنات و استعمال الخير و اجتناب الماثم، فاذا عرضت هذه الاعمال كلها على الله عز و جل قال انا عدل لا اجور و منصف لا اظلم الحقوا الاعمال السيئه التى اجترحها المومن بسنخ الناصب و طينته، و الحقوا الاعمال الحسنه التى اكتسبها الناصب بسنخ المومن و طينته، ردوها كلها الى اصلها فانى انا الله لا اله الا انا عالم السر و اخفى و انا المطلع على قلوب عبادى لا احيف و لا اظلم و لا الزم احدا الا عرفته من قبل ان اخلقه.
ثم قال الباقر عليه السلام اقرا هذه الايه، قلت يابن رسول الله ايه آيه؟ قال قوله تعالى: (قال معاذ الله ان ناخذ الا من وجدنا متاعنا عنده انا اذا لظالمون)، هو فى الظاهر ما تفهمونه و هو و الله فى الباطن هذا بعينه، يا ابراهيم ان للقرآن ظاهرا و باطنا و محكما و متشابها و ناسخا و منسوخا، ثم اخبرنى يا ابراهيم عن الشمس اذا طلعت و بدا شعاعها فى البلدان اهو باين من القرص، قلت هو فى حال طلوعه باين، قال اليس اذا غابت الشمس يرجع اليها كما بدا منها و يعود كل شى ء الى سنخه و جوهره و اصله، فاذا كان يوم القيامه نزع الله طينه الناصب مع اثقاله و اوزاره من المومن فيلحقها كلها بالناصب، و ينزع سنخ المومن و طينته مع حسناته و ابواب بره و اجتهاده من الناصب
026 02 فيلحقها كلها بالمومن افترى ههنا ظلما و عدوانا، فقلت يابن رسول الله ما اعجب هذا توخذ حسنات اعدائكم فترد على شيعتكم و توخذ سيئات محبيكم فترد على مبغضيكم، قال اى و الله الذى لا اله الا هو فالق الحبه و بارى ء النسمه و فاطر الارض و السماء ما اخبرتك الا بالحق و ما انباتك الا بالصدق، و ما ظلمهم الله و ما الله بظلام للعبيد، و ان ما اخبرتك موجود فى القرآن كله، قلت هذا بعينه يوجد فى القرآن؟ قال نعم يوجد فى اكثر من ثلاثين موضعا فى القرآن، افتحب ان اقرا ذلك عليك، قلت بلى يابن رسول الله، فقال: قال الله عز و جل: (و قال الذين كفروا للذين آمنوا اتبعوا سبيلنا و لنحمل خطاياكم و ما هم بحاملين من خطاياهم من شى ء انهم لكاذبون و ليحملن اثقالهم و اثقالا مع اثقالهم)، الا ازيدك يا ابراهيم، قلت بلى يابن رسول الله، قال: (ليحملوا اوزارهم كامله يوم القيامه و من اوزار الذين يضلونهم بغير علم الا ساء ما يزرون)، الا ازيدك؟ قلت بلى يابن رسول الله، قال: (فاولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات و كان الله غفورا رحيما)، يبدل الله سيئات شيعتنا حسنات و يبدل الله حسنات و يبدل الله حسنات اعدائنا سيئات، يا ابااسحق و لا تطلع على سرنا احدا الا مومنا مستبصرا، فانك اذا اذعت سرنا بليت فى نفسك و اهلك و مالك و ولدك. و الاشكال على هذا الحديث و اضرابه من احاديث الطينه مشهور، لان الاعمال اذا كانت بمقتضى الماده ساغ للناصبى ان يقول لو جعلت طينتى مثل طينه المومن لكنت انا و هو سواء، و قد تصدى اصحابنا للقول فيها فقال علم الهدى (قده) انها اخبار آحاد مردوده لا تصلح لاثبات هذه المطالب الجليله، و آخرون صاروا الى حملها على المجاز، يعنى لما اتصف المومنون بحب اهل البيت و ودادهم فكان طينتهم خلقت من عليين، و النواصب بالعكس، و بعضهم قالوا انها اخبار متشابهه يجب تسليم القول فيها اليهم عليهم السلام.
و اما الجواب المشهور فهو انه سبحانه لما علم انهم سيصير حالهم بعد التكليف الى النصب و العداوه لاهل البيت عليهم السلام، فلذلك خلقهم من الطينه المالحه المنتنه، و قد علم من المومنين عكس ما علم من هولاء فلذلك خلقهم من تلك الطينه المباركه، و العلم ليس عله للمعلوم بل العلم تابع له و هو كاشف عنه، و عندى ان هذه الاجوبه كلها لا تحسم ماده النزاع بحيث تدحض حجه الخصم و اعتراضه، بل الجواب الصواب هو ان يقال انه قد استفاض بل تواتر ان الله تعالى خلق الارواح قبل الاجساد باربعين الف عام، او اثنى عشر الف عام، او الفين عام، على اختلاف الروايات، و بعد ان
026 02 خلقها اجج نارا فكلفها الدخول فدخلها اهل اليمين، فجعلها عليهم بردا و سلاما، و ابى اهل الشمال و قالوا لا طاقه لنا بحرها، فقال الى نارى و لا ابالى، و كذلك خاطبهم تكليفا بقوله الست بربكم و محمد نبيكم و على و الائمه الراشدون ائمتكم، و بعضهم قال بلى عاقدا عليه قلبه، و انكره آخرون بقلوبهم، فكتب الله سبحانه شيعه على بن ابيطالب عليه السلام فى ذلك اليوم و اودعها عندهم، و هى الان عند امام زماننا صاحب الزمان عليه السلام، و لذا كان الائمه عليهم السلام ينكرون بعض من يدعى التشيع، و يقولون له ان اسمك ليس مكتوبا فى الصحيفه التى فيها اسماء شيعتنا، فلما وقع ذلك التكليف و امتثله البعض باختيارهم ناسب تلك الارواح المباركه طينه طيبه تكون ماده لهم، و لتلك الارواح العاصيه تلك الطينه الخبيثه، و حينئذ فلا اعتراض للناصبى لان الماده لا دخل لها فى الايمان و الكفر، و هذا الجواب يستفاد من تعمق الانظار فى الاخبار، بل رواه اصحابنا رضوان الله عليهم صريحا عن الصادق عليه السلام فى تفسير قوله تعالى: (و ان لو استقاموا على الطريقه لاسقيناهم ماء غدقا)، يعنى به انهم لو استقاموا فى عالم الارواح على التصديق بامامه اميرالمومنين عليه السلام لجعلنا ماء طينتهم من العذب الزلال لا من الملح الاجاج، و لعل فى قوله فى هذا الحديث و لا الزم احدا الا عرفته منه قبل ان اخلقه اشاره اليه كما لا يخفى، و اعلم ان هذا الحديث اصل من الاصول يبتنى عليه قواعد كثيره، منها ما ورد عنهم عليهم السلام من ان المومن اذا صلى مع المخالفين خرج بحسناتهم و بقى لهم جرائمه و ذنوبه، و لا يحتاج الى ما اجاب به بعض المحققين من ان المراد به حسناتهم التقديريه، لاستفاضه الاخبار ببطلان اعمالهم، و هو كما ترى، فان من عمل عملا انتفع به غيره لا ريب فى صدق البطلان عليه بالنسبه الى ذلك العامل، و لذا روى فى تفسير قوله تعالى: (يوم يرون اعمالهم حسرات)، ان المخالفين يرون حسناتهم فى موازين الشيعه فيندمون، و سنذكر فى تفسير قوله تعالى: (الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون). عن الصادق عليه السلام ان الله تعالى يورث المومنين منازل المخالفين التى اعدت لهم فى الجنه، و يورث المخالفين منازل المومنين فى النار، و منها ما ورد عنهم عليهم السلام من ان المومن لا يصير مخالفا، و كذا المخالف لا يصير مومنا، و اما المستبصر فقد صده الشيطان عن اصله الازلى ثم تداركته الالطاف الالهيه فيرجع الى اصله، و لنرجع نحن ايضا الى ما نحن بصدد شرحه فنقول يجوز ان تكون هذه الفقره الشريفه اشاره منه الى قوله تعالى:
026 02 (من جاء بالحسنه فله عشر امثالها و من جاء بالسيئه فلا يجزى الا مثلها)، كما ورد فى بعض الاخبار، و اكثر ما نقلنا فى شرح هذه الفقره من الاخبار و ان لم يفهم منه التضعيف صريحا، لكنه معلوم الاراده منها كما لا يخفى، و قال بعض الافاضل و اما حمل تبديل السيئه بالحسنه على الاحباط و التكفير كما ذهب اليه جماعه من المعتزله ففاسد لان الاحباط باطل، انتهى.
اقول يجوز ان يكون اشاره الى الاحباط، و اما قول هذا الفاضل انه باطل فباطل ، و قبل الخوض فى اثباته لا بد من تعريفه، فاكثر المعتزله على ان معناه اسقاط الثواب المتقدم بالمعصيه المتاخره، و تكفير الذنوب المتقدمه بالطاعات المتاخره، و الجبائى على ان المتاخر يسقط المتقدم و يبقى هو على حاله، و قال ابوهاشم: الاحباط الموازنه و هو انه ينتفى الاقل بالاكثر و ينتفى من الاكثر بالاقل و ساواه و يبقى الزائد مستحقا و ان تساويا صار كان لم يكن، اذا عرفت فنقول لا ريب ان الاحباط بالمعنى الاول و الثانى باطل على قواعد العدليه، و اما بالمعنى الثالث فلا ينبغى ان يرتاب فى صحته لدلاله الايات و الاخبار عليه، و كان اصحابنا المتاخرين تابعوا المحقق الطوسى فى هذا فانه قد نفاه مطلقا، استدلالا بقوله تعالى: (فمن يعمل مثقال ذره خيرا يره، و من يعمل مثقال ذره شرا يره) و نظائرها من الايات و الاخبار، و انت عند التامل ترى طباق هذه الايات مع تلك، فان رويه ما عمل لا ينافى الاحباط بذلك المعنى لتحققها معه، لانه يرى خير ما عمل حيث انه دفع عنه جزاء من العذاب الذى استحقه بفعل المعاصى، و يرى شر ما عمل حيث انه منعه عن الترقى الى درجات الصالحين و مجاوره المقربين، و اما فائده وضع الموازين و وزن اعمال الصالحين و الفاسقين، فلعل من فوائده اطلاعهم على كميه اعمالهم و كيفياتها حتى لا يظن احد الظلم على ذلك الجناب، و بعد ما يرون الاعمال باعينهم يعاملهم بالاحباط بما قلناه، و قد استدلوا على بطلان الاحباط بدلائل عقليه ابطلناها فى شرحنا الكبير، و لعمرى ان جل ما حداهم على هذا ما استفاض بينهم من انه اذا تعارض الدليلان العقلى و النقلى وجب تاويل الثانى او طرحه ان لم يمكن التاويل، و قد ضقت بهذه المساله ذرعا حتى ظهر لى بفضل الله ان هذا لا يتمشى الا فيما اذا كانت مقدماته بديهيه، او ما اذا كانت مقدماته ماخوذه من الدليل النقلى، اما فى غيرهما فلا ينبغى لعاقل فضلا عن فاضل ان يرتاب فى بطلان ما اشتهر، بل يجب عليه ان يجزم بعكسه لانها عند التحقيق لا تفيد
026 02 الا ظنا، كيف و لو صح ما اشتهر لوجب علينا ان لا نكفر من كفر من آحاد الفلاسفه، و لا نحكم بفسق من فسق من آحاد المسلمين فى المسائل التى صارت سببا لحكمنا عليهم بهما، لان الدليل حداهم الى ما صاروا اليه، و ان قلت ان الدليل العقلى المقدم هو ما اذعنت له عامه العقول، قلنا وجود مثل هذا نادر جدا بل لا يكاد يوجد لتوارد الانظار و الابحاث على كل دليل دليل، و نحن نرى هولاء الافاضل يختلفون كثيرا فى المسائل و يستندون الى الادله العقليه، فما بال تلك الادله العقليه قد تعارضت فى انظارهم مع ان كلا منها يفيد القطع و اليقين بزعمهم، و العجب كل العجب من اعاظم فقهائنا رضوان الله عليهم كيف عولوا على هذه المساله و قبلوها راسا و جعلوها اساسا، و بنوا عليها الاحكام الشرعيه و المسائل الفرعيه، و قد اشبعنا الكلام فى هذه المساله فى شرحنا الموسوم بغايه المرام فى شرح تهذيب الاحكام.
001 03
فى الصلاه على حمله العرش و كل ملك مقرب
و انما خص هذين النوعين بالدعاء لما لهم من المزيه على سائر الملائكه، اما النوع الاول فلانهم مع ما هم فيه من الشغل العظيم الذى لا يقدر عليه غيرهم كما ستعرف، يستغفرون للشيعه كما قال تعالى: (الذين يحملون العرش و من حوله يسبحون بحمد ربهم و يومنون به و يستغفرون للذين آمنوا).
و اما النوع الثانى فلانهم مع ما هم فيه من الخدمات التى يعود نفعها الى العباد قد اقروا بولايه آل محمد صلى الله عليهم، كما قد ورد فى الخبر ان ولايتنا عرضت على الملائكه فمن قبلها صار من الملائكه المقربين، بل قد روى فى كثير من الاخبار عن ابى حمزه الثمالى ان على بن الحسين عليهماالسلام دعا حوت يونس بن متى فاطلع الحوت راسه من البحر مثل الجبل العظيم و هو يقول لبيك لبيك يا ولى الله، فقال من انت؟ فقال حوت يونس يا سيدى ان الله تعالى لم يبعث نبيا من آدم الى ان صار جدك محمد صلى الله عليه و آله و سلم الا و قد عرض عليه ولايتكم اهل البيت، فمن قبلها من الانبياء سلم و تخلص، و من توقف عنها و تتعتع فى حملها لقى ما لقى آدم من المصيبه، و ما لقى نوح من الغرق، و ما لقى ابراهيم من النار، و ما لقى يوسف من الجب، و ما لقى ايوب
001 03 من البلاء، و ما لقى داود من الخطيئه، الى ان بعث الله يونس فاوحى الله اليه ان تول اميرالمومنين عليا و الائمه الراشدين من صلبه، فى كلام له، قال و كيف اتول من لم اره و لم اعرفه، و ذهب مغاضبا فاوحى الله الى ان التقمى يونس و لا توهنى له عظما، فمكث فى بطنى اربعين صباحا يطوف معى فى البحار فى ظلمات ثلاث ينادى ان لا اله الا انت سبحانك انى كنت من الظالمين قد قبلت ولايه على بن ابيطالب و الائمه الراشدين من ولده عليهم السلام، فلما ان آمن بولايتكم امرنى ربى فقذفته على ساحل البحر، فقال زين العابدين عليه السلام ارجع ايتها الحوت الى وكرك، فرجع الحوت و استوى الماء.
001 03 «و حمله عرشك»
الواو اما للعطف على الجمل السابقه او للاستئناف و الخبر، قوله فصل عليهم و هو من اقوى الدلائل على جواز وقوع الانشاء خبرا، و على ما ذهب اليه الاخفش من جواز دخول الفاء على الخبر و ان لم يتضمن المبتدا معنى الشرط و ما تكلف له بعضهم من تقدير الخبر اى هم مستحقون لان تصلى عليهم فلا حاجه اليه، اذا تحققت هذا فاعلم ان العرش فى اصطلاح المحدثين يقال على معان.
اولها: الجسم العظيم المحيط بالسموات بل و الكرسى ايضا على المشهور، و هو المراد بما روى عن النبى صلى الله عليه و آله و سلم انه لما خلق الله تعالى العرش خلق له ثلاثمائه و ستين الف ركن و خلق عند كل ركن ثلاثمائه و ستين الف ملك، لو اذن الله لاصغرهم التقم السموات السبع و الارضين السبع ما كان ذلك بين لهاته الا كالرمله فى المفازه الفضفاضه، فقال الله تعالى لهم يا عبادى احتملوا عرشى هذا، فتعاطوه فلم يطيقوا حمله و لا تحريكه، فخلق الله تعالى مع كل واحد واحدا فلم يقدروا ان يزعزعوه، فخلق الله مع كل واحد عشره فلم يقدروا ان يحركوه، فخلق بعد لكل واحد منهم مثل جماعتهم فلم يقدروا ان يحركوه فقال عز و جل خلوه على امسكه بقدرتى فامسكه بقدرته، ثم قال لثمانيه منهم احملوه انتم، فقالوا ربنا لم نطقه نحن و هذا الخلق العظيم الجم الغفير فكيف نطيقه الان دونهم، فقال الله عز و جل لانى انا المقرب للبعيد و المذلل للعنيد و المخفف للشديد و المسهل للعسير، افعل ما اشاء و احكم ما اريد، اعلمكم كلمات تقولون بها تخفف عنكم، قالوا و ما هى يا ربنا؟ قال تقولون بسم الله
001 03 الرحمن الرحيم و لا حول و لا قوه الا بالله العلى العظيم و صلى الله على محمد و آله الطيبين، فقالوها فحملوه و خف على كواهلهم كشعره نابته على كاهل رجل جلد قوى، فقال الله لسائر تلك الاملاك خلوا على هولاء الثمانيه عرشى ليحملوه و طوفوا انتم حوله و سبحونى و مجدونى و قدسونى فانى انا الله القادر على ما رايتم و على كل شى ء قدير.
و روى عن الصادق عليه السلام ان حمله هذا العرش اربعه، احدهم على صوره ولد آدم يسترزق الله لولد بنى آدم.
و الثانى: على صوره الديك يسترزق الله للطير.
و الثالث: على صوره الاسد يسترزق الله للسباع.
و الرابع: على صوره الثور يسترزق الله للبهائم، و نكس الثور راسه منذ عبد بنواسرائيل العجل، فاذا كان يوم القيامه صاروا ثمانيه، و لا تنافى بينهما لجواز انهم كانوا ثمانيه فى ابتداء خلق العرش، ثم صاروا اربعه، و سيعودون فى القيامه الى ذلك العدد السابق، و العرش بهذا المعنى لا تكاد العقول تحوم حول عظمته، كيف لا و قد روى عن سيد الساجدين عليه السلام انه قال: ان لله ملكا يقال له خرقائيل له ثمانيه عشر الف جناح ما بين الجناح الى الجناح خمسمائه عام، فخطر له خاطر هل فوق العرش شى ء، فزاده الله تعالى مثله اجنحه اخرى فكان له سته و ثلاثون الف جناح ما بين الجناح (الى الجناح) خمسمائه عام، ثم اوحى الله اليه ايها الملك طر، فطار مقدار عشرين الف عام لم ينل راس قائمه من قوائم العرش، ثم ضاعف له فى الجناح و القوه و امره ان يطير فطار مقدار ثلاثين الف عام، لم ينل ايضا، فاوحى الله اليه ايها الملك لو طرت الى نفخ الصور مع اجنحتك و قوتك لم تبلغ الى ساق العرش، فقال الملك سبحان ربى الاعلى.
و ثانيها: علمه تعالى فانه محيط بكل شى ء احاطه ذلك الجسم، روى عن الصادق عليه السلام فى قوله عز و جل: (وسع كرسيه السموات و الارض و ما بينهما) فى الكرسى، و العرش هو العلم الذى لا يقدر احد قدره، و هذا العرش يحمله اربعه من الاولين و اربعه من الاخرين محمد و على و الحسنان و نوح و ابراهيم و موسى و عيسى عليهم السلام، و الا فهم عن حمل هذا الجسم العظيم بمكان من الشغل.
001 03 و ثالثها: الملك كما روى عن ابن سدير قال سالت اباعبدالله عليه السلام عن العرش و الكرسى، فقال: ان للعرش صفات كثيره مختلفه له فى كل سبب وضع فى القرآن صفه على حده، فقوله: (رب العرش العظيم) يقول الملك العظيم.
و رابعها: علم الامكان و هو ما سواه تعالى كما روى فى تفسير قوله تعالى: (الرحمن على العرش استوى)، قال على كل شى ء فليس شى ء اقرب اليه من شى ء، لان عرش السلطان يجلس عليه و يظهر عظمته عليه، و لا ريب ان كل ذره من ذرات الوجود تنادى بلسان الحال بل بلسان المقال بعظمه خالقها و جبروته.
و خامسها: صفات الكماليه و الجلاليه كالرحيم و الجبار.
و سادسها: قلوب المومنين فانها مستقر عظمته و معرفته كما روى ان قلب المومن عرش الرحمن، و فى الحديث القدسى لا تسعنى ارضى و لا سمائى و لكن وسعنى قلب عبدى المومن، و له معان اخر لا نطول الكتاب بذكرها، و قد رويت عن استاذنا العلامه صاحب التفسير الموسوم بنور الثقلين ان العرش فى الاخبار يطلق على سبعين معنى.
«و لا يسامون من تقديسك»
لما روى ان طعامهم التسبيح و شرابهم التقديس، و حمل الاول على تنزيه الذات، و الثانى على الصفات و الافعال، قال اميرالمومنين عليه السلام فى وصف الملائكه: فهم سجود لا يركعون، و ركوع لا ينتصبون، و صافون لا يتزايلون، و مسبحون لا يغشاهم نوم العيون، و لا سهو العقول، و لا فتره الابدان، و لا غفله النسيان، و منهم امناء على وحيه، و السنه الى رسله، و مختلفون بقضائه و امره، و منهم الحفظه لعباده و السدنه لابواب جنانه، و منهم الثابته فى الارضين السفلى اقدامهم، و المارقه من السماء العليا اعناقهم، و الخارجه من الاقطار اركانهم، و المناسبه لقوائم العرش اكتافهم، ناكسه دونه ابصارهم، متلفعون تحته باجنحتهم، مضروبه بينهم و بين من دونهم حجب العزه، و استار القدره. الحديث. و قال عليه السلام: ان لله تبارك و تعالى ملائكه لو ان ملكا منهم هبط الى الارض ما وسعته لعظم خلقه و كثره اجنحته، و منهم من لو كلفت الانس و الجن ان يصفوه ما وصفوه لبعد ما بين مفاصله و حسن تركيب صورته، و كيف (يوصف من ملائكته من سبعمائه عام) ما بين منكبه و شحمه اذنيه، و منهم من يسد الافق بجناح من
001 03 اجنحته دون عظم بدنه، و منهم من السموات الى حجراته، و منهم من قدمه على غير قرار فى جو الهواء الاسفل و الارضون الى ركبتيه، و منهم من لو القى فى نقره ابهامه جميع المياه لوسعتها، و منهم من (لو) القيت السفن فى دموع عينيه لجرت دهر الداهرين، فتبارك الله احسن الخالقين.
«و لا يستحسرون» اى لا يكلون.
«على الجد»
بكسر الجيم و فتحها، فعلى الاول هو بمعنى الاجتهاد، و على الثانى هو بمعنى النصيب و الشرف، و الالف و اللام عوض المضاف اليه، اى نصيبهم فى الامر الذى امرتهم به، و لفظ التقصير يويد الاول.
«عن الوله»
اى التحير و الخوف، و عدى بالى المتضمنه معنى الاشتياق، و الوله و التحير انما يكونان لكمال المعرفه بحكم قوله صلى الله عليه و آله و سلم اللهم زدنى فيك تحيرا.
002 03 «صاحب الصور» و هو قرنه الذى ينفخ فيه.
«الشاخص» اى الرافع بصره لانتظار امرك، كما روى انه جعل الصور فى فمه من حين خلقه الله الى يوم القيامه شاخصا ببصره منتظرا الامر.
«فينبه بالنفخه صرعى رهائن القبور»
الصريع المطروح، و ارهن الميت القبر ضمنه اياه، و كل ما احتبس به شى ء فهو رهينته، و اضافه الرهائن الى القبور اما معنويه او لفظيه، و على الاول يكون بمعنى فى او اللام، اى انهم رهائن فى هذه الامكنه بازاء اعمالهم، فالاعمال بمنزله المال المرهون عليه، و بعد وزن الاعمال ان رجحت حسناتهم فقد فكوا ابدانهم من الرهانه، و ان رجحت سيئاتهم فقد مضى الرهن بما فيه، كما قال تعالى: (كل نفس بما كسبت رهينه)، و على الثانى يكون معناه انهم رهائن للقبور يعنى انه رهنهم، فهم فى قيد رهانته حتى يخرجوا منها بفعل الاعمال، و اذا كانت الاضافه لفظيه يكون الرهائن
002 03 بمعنى المرهونين، اى ينبه مرهونى القبور، فهو من قبيل قولهم الدار مرهونه زيد، و نصب رهائن اما على البدليه على الاحتمالين، او على الوصفيه على الاحتمال الثانى.
قال الفاضل الداماد: صرعى مضافه الى رهائن المضافه الى القبور، و لعله كان فى نسخته جر رهائن كما فى نسخه ابن اشناس البزاز، و النفخ مرتان بحكم القرآن، و كانه عليه السلام قصد الجنس، و تفصيله ما رواه على بن ابراهيم عن على بن الحسين عليهماالسلام قال سئل عن النفختين كم بينهما، قال ما شاء الله، و فى خبر آخر اربعين سنه، فقيل له فاخبرنى يابن رسول الله كيف ينفخ فيه، فقال اما النفخه الاولى فان الله جلا جلاله يامر اسرافيل فيهبط الى الدنيا و معه الصور، و الصور راس واحد و طرفان و بين طرفى كل راس منهما ما بين السماء الى الارض، قال فاذا رات الملائكه اسرافيل و قد هبط الى الدنيا و معه الصور قالوا قد اذن الله فى موت اهل الارض و فى موت اهل السماء، قال فيهبط اسرافيل عليه السلام بحضره بيت المقدس و يستقبل الكعبه فاذا رآه اهل الارض قالوا قد اذن الله فى موت اهل الارض، قال فينفخ فيه نفخه فيخرج الصوت من الطرف الذى يلى الارض فلا يبقى ذو روح الا صعق و مات ثم ينفخ فيه نفخه فيخرج الصوت من الطرف الذى يلى السماء فلا يبقى فى السماء ذو روح الا صعق و مات الا اسرافيل. قال فيقول الله تعالى لاسرافيل يا اسرافيل مت فيموت اسرافيل، فيمكثون فى ذلك ما شاء الله تعالى ثم يامر الله تعالى السموات فتمور و يامر الجبال فتسير و هو قوله تعالى: (يوم تمور السماء مورا و تسير الجبال سيرا)، يعنى تبسط و تبدل الارض يعنى بارض لم يكتسب عليها الذنوب بارزه ليس عليها جبال و لا نبات كما دحاها اول مره، و يعيد عرشه على الماء كما كان اول مره، و فى خبر آخر تبدل بارض خبزه نقيه بيضاء ياكل منها اهل المحشر حتى يفرغوا من الحساب، و فى خبر آخر ايضا انها تبدل بارض من فضه حاره احر من الجمر، و فى روايه اخرى انها تبدل بارض من نار يمشون عليها، و يمكن الجمع بحمل كل حديث على قطعه من قطعات تلك الاراضى، او يكون اختلافه منزلا على اختلاف الاشخاص، قال فعند ذلك ينادى الجبار جل جلاله بصوت له جهورى يسمع اقطار السموات و الارض: اين الجبارون و اين الملاك؟ فلا يجيبه مجيب، فعند ذلك يقول الجبار عز و جل مجيبا لنفسه، لله الواحد
002 03 القهار و انا قهرت الخلائق كلهم و اميتهم، انى انا الله لا اله الا انا وحدى لا شريك لى و لا وزير و انا خلقت خلقى و اميتهم بمشيئتى، و انا احييهم بقدرتى، قال فنفخ الجبار نفخه فى الصور يخرج الصوت من احد الطرفين الذى يلى السموات فلا يبقى فى السموات احد الا يحيا و قام كما كان و تعود حمله العرش و تحضر الجنه و النار و يحشر الخلائق للحساب، قال فرايت على بن الحسين صلوات الله عليهما يبكى عند ذلك بكاء شديدا.
003 03 «و ميكائيل ذو الجاه عندك»
من الكيل لانه يكيل مياه السحاب، كما روى انه ما خرج ماء قط الا بمكيال، الا فى زمن نوح عليه السلام فانه عتى على خزانه فخرج مثل خرق الابره فاغرق الدنيا كلها، او لانه يكيل ارزاق الخلائق، و روى انه قال جبرائيل اقرب الخلق الى الله انا و اسرافيل.
«من طاعتك» من هنا للابتداء، و يحتمل التبيين و التبعيض مثلها فى قولك لزيد مكان رفيع من الدار.
004 03 «و جبريل الامين على وحيك»
و كيفيه تلقيه الوحى على ما ورد فى بعض الاخبار انه قال جبرئيل لرسول الله صلى الله عليه و آله و سلم فى وصف اسرافيل: ان هذا حاجب الرب و اقرب خلق الله منه، و اللوح بين عينيه من ياقوته حمراء فاذا (امر) تبارك و تعالى بالوحى ضرب اللوح جبينه فنظر فيه ثم القى الينا نسعى به فى السموات و الارض، و فى بعضها انه قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم لجبرئيل من اين تاخذ الوحى؟ قال آخذه من اسرافيل و قال من اين ياخذه اسرافيل؟ قال ياخذه من ملك فوقه من الروحانيين، قال فمن اين ياخذه ذلك الملك؟ قال يقذف فى قلبه قذفا، و فى بعض الاسانيد هكذا، رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم عن جبرئيل عن ميكائيل عن اسرافيل عن اللوح عن القلم عن الله تبارك و تعالى: ان ولايه على بن ابيطالب حصن من حصونى من دخله امن من عذابى، و اختلاف هذه الاخبار منزل على تعدد مراتب الوحى.
«المكين» صاحب المكانه و المنزله.
005 03 «ملائكه الحجب»
بضم العين و سكونها معا، و الموافق اللغه هو الاول، و الحجب هو ما رواه
005 03 الصدوق باسناده عن وهب قال سئل اميرالمومنين عليه السلام عن الحجب، فقال: اول الحجب سبعه غلظه كل حجاب منها مسيره خمسمائه عام، و طوله خمسمائه عام حجبه كل حاجب منها سبعون الف ملك، قوه كل ملك منها قوه الثقلين، منها ظلمه، و منها نور، و منها نار، و منها دخان، و منها سحاب، و منها برق، و منها رعد، و منها ضوء، و منها رمل، و منها جبل، و منها عجاج، و منها النهار، و هى حجب مختلفه، غلظه كل حجاب مسيره سبعين الف عام ثم سرادقات الجلال و هى ستون سرادقا، فى كل سرادق سبعون الف ملك، بين كل سرادق و سرادق مسيره خمسمائه عام ثم سرادق الفخر، ثم سرادق الكبرياء، ثم سرادق العظمه، ثم سرادق القدس، ثم سرادق الجبروت، ثم سرادق النور الابيض ثم سرادق الوحدانيه و هى مسيره سبعين الف عام، ثم الحجاب الاعلى، و انقضى كلامه و سكت عليه السلام، ثم قال عمر لا بقيت ليوم لا اراك فيه يا اباالحسن.
و قال الفاضل الداماد: الحجب اما المعنى بهم موالينا الطاهرين صلوات الله و سلامه عليهم، و بالملائكه الملائكه الموكلين عليهم و لهم، و اما صفه للملائكه المضافه اليها او على طريقه اضافه البيان، و الاول اولى لما فى الاحاديث عنهم عليهم السلام من ان الحجج صلوات الله عليهم يتجلون لمن يعرف هذا الامر حين موته فيحجبون بينه و بين ما يسووه من هول الموقف، انتهى.
اقول اطلاق الحجب على الائمه عليهم السلام و ان ورد فى الاخبار كثيرا اما لما قال هذا العالم، او لانهم معبرون عنه تعالى و وسائط بيننا و بينه تعالى فى تاديه الشرائع كما ان الحجاب واسطه بين الرائى و المرئى، الا ان ارادته هنا بعيده جدا كما لا يخفى، بل يجب الجزم باراده ما ذكرنا، و كذا فيما روى من قوله عليه السلام ان لله سبعين الف حجاب من نور و ظلمه لو كشف منها حجاب واحد لاحرقت سبحات جلاله ما فى الكونين، و قد عرج بعضهم على تاويله بالعلائق النفسانيه التى كل واحد منها حجاب يمنع من الاطلاع على مشاهده اسرار الملكوت.
006 03 «و الروح الذى هو من امرك»
اشاره الى قوله تعالى: (يسالونك عن الروح قل الروح من امر ربى و ما اوتيتم من العلم الا قليلا)، و للمفسرين فيه آراء و الصواب فيه ما رواه الصفار بسند صحيح
006 03 عن هشام بن سالم، قال سمعت اباعبدالله عليه السلام يقول (يسالونك عن الروح قل الروح من امر ربى)، قال خلق عظيم اعظم من جبرئيل و ميكائيل لم يكن مع احد ممن مضى غير محمد صلى الله عليه و آله و سلم و هو مع الائمه يوفقهم و يسددهم و ليس كلما طلب وجده. و عن اميرالمومنين عليه السلام ان له سبعين الف وجه، و لكل وجه سبعون الف لسان، لكل لسان سبعون الف لغه، يسبح الله تعالى بتلك اللغات كلها يخلق الله تعالى بكل تسبيحه ملكا يطير مع الملائكه الى يوم القيامه، و لم يخلق الله خلقا اعظم من الروح غير العرش، و لو شاء ان يبلع السموات السبع و الارضين السبع بلقمه واحده لفعل. و عن الصادق عليه السلام ان الملائكه تقف كلها فى صف واحد يوم القيامه و يقف هو وحده فى صف، و بالجمله هو خلق غير الملائكه، و حينئذ فيجوز ان يكون الوصفان لموصوف واحد، و يجوز ان يكون نوعا تحته افراد بعضها روساء على ملائكه الحجب و بعضها قائم بخدمه الائمه عليهم السلام و تسديدهم.
«و الذين من دونهم من سكان سمواتك»
اى دونهم فى المكانه و المنزله، او المكان، او الاعم منهما، و سئل ابوعبدالله عليه السلام عن الملائكه اهم اكثر ام بنوآدم؟ فقال و الذى نفسى بيده لملائكه الله فى السموات اكثر من عدد التراب فى الارض، و ما فى السماء موضع قدم الا و فيها ملك يسبحه و يقدسه، و لا فى الارض شجر و لا مدر الا و فيها ملك موكل فيها ياتى الله كل يوم بعملها، و ما منهم احد الا و يقر كل يوم بولايتنا اهل البيت و يستغفر لمحبينا و يلعن اعداءنا و يسال الله ان ينزل عليهم العذاب.
007 03 «و الذين لا تدخلهم سامه من دووب و لا اعياء من لغوب و لا فتور»
السامه الملال، و الدووب الجد و التعب، و الاعياء الكلال، و اللغوب التعب، و اثبات هذه الاوصاف لبعض الملائكه لا تنافى فى ثبوته للبعض الاخر.
«و لا تشغلهم عن تسبيحك الشهوات»
لعدمها، و قال استاذنا العلامه يمكن ان يكون لهم شهوات و دواعى و يجبرون انفسهم على خلافها تحصيلا للمثوبات العظمى.
«سهو الغفلات» من اضافه المسبب الى السبب.
008 03 «الخشع الابصار» يقال خشع ببصره الى الارض اذا لم يرفع طرفه.
«النظر اليك» الى عرشك او عظمتك.
«النواكس»
جمع ناكس و هو المتطاطى ء راسه، روى فى الصحيح عن الصادق عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم مررنا ليله المعراج بملائكه من ملائكه الله عز و جل خلقهم الله كيف شاء، و وضع وجوههم كيف شاء، ليس شى ء من اطباق وجوههم الا و هو يسبح الله و يحمده من كل ناحيه باصوات مختلفه، اصواتهم مرتفعه بالتسبيح و البكاء من خشيه الله، فسالت جبرئيل عنهم فقال كما ترى خلقوا، ان الملك منهم الى جنب صاحبه ما كلمه قط، و لا رفعوا رووسهم الى ما فوقهم، و لا خفضوها الى ما تحتهم، خوفا من الله و خشوعا، فسلمت عليهم فردوا على ايماء برووسهم لا ينظرون الى من الخشوع، فقال لهم جبرئيل هذا محمد نبى الرحمه ارسله الله الى العباد رسولا و نبيا و هو خاتم الانبياء و سيدهم افلا تكلمونه، قال فلما سمعوا ذلك من جبرئيل اقبلوا على بالسلام و بشرونى و اكرمونى بالخير لى و لامتى.
«المستهترون» المولعون.
«دون عظمتك» اى عند النظر اليها، او قبل الوصول اليها.
009 03 «تزفر» اى تصوت و الزفير اول نهيق الحمار.
«سبحانك ما عبدناك حق عبادتك»
صدوره منهم على سبيل التعجب، و هو اما تعجب من جهنم و اهوالها، و اما من ارتكاب اهل المعاصى للاعمال القبيحه الموجبه لذلك العذاب، و يجوز ان يكون هذا الكلام تنزيها له تعالى عن ان يكون قد عبده الملائكه العباده اللائقه بذاته حتى تكون نجاتهم من النار بازائها، و قيل هو تنزيه له تعالى عن ان يكون جائرا او ظالما فى عذاب اولئك.
010 03 «و على الروحانيين»
نسبه الى الروح و هو نسيم الريح و الالف و النون من زيادات النسب، سمى به
010 03 هذا النوع من الملائكه لانهم اجسام لطيفه لا يدركها البصر، و هو لا ينافى التجسم و الماده، فان الادله النقليه قد تعاضدت بنفى التجرد عن كل الملائكه، و قال كثير من الافاضل تبعا للمحقق الداماد المراد بالملائكه الروحانيين الجواهر المجرده العقليه و النفسيه، و دون اثبات ما قال خرط القتاد فضلا عن ان يكون مرادا هنا.
«و اهل الزلفه»
اى القرب الكامل، و قد روى فى مستفيض الاخبار ان الله سبحانه عرض ولايه الائمه عليهم السلام فى عالم الذر و الارواح على جميع المخلوقات فمن بادر اليها و عقد قلبه عليها من الانبياء انتظم فى سلك اولى العزم، بحكم قوله تعالى فى باب آدم: (فنسى و لم نجد له عزما) اى ترك ولايتهم و لم يعقد قلبه عليها عقدا جازما، و كذا من بادر اليها من الملائكه صار من اهل الزلفى، و من نوع الانسان صار من اهل اليمين، و من الشجر صار ذا ثمر حلو حسن، و من قطعات الارض صار قابلا للزراعه، و من البهائم كان من البهائم الممدوحه، الا ترى الى الاخبار الوارده فى مذمه العصفور انه كان يحب فلانا و فلانا، و قد سبق له تحقيق آخر.
011 03 «اختصصتهم لنفسك» بش غلهم بعبادتك و لم يكلفهم العروج و النزول و خدمه الخلائق.
«اطباق سمواتك»
يدل كغيره من الاخبار على ان ما بين السموات فرج واسعه، فقول الرياضيين بالمماسه بين محدب كل واحد مع مقعر الاخر باطل، و تاويل الاخبار للانطباق على ذلك القول اشد بطلانا.
012 03 «و الذين على ارجائها اذا نزل الامر»
اشاره الى قوله تعالى: (و انشقت السماء فهى يومئذ واهيه و الملك على ارجائها)، و حاصله ان الله تعالى اذا اذن بخراب الدنيا شق السماء فيتفرق عند ذلك سكانها من الملائكه على اطرافها بعدما كانوا فى وسطها خوفا، كالبيت المنهدم فان ساكنيه يقومون فى اطرافه و نواحيه خوفا من الضرر، و قيل: ان الملائكه على جوانب السماء تنتظر فيما يومر به فى اهل النار من السوق اليها، و فى اهل الجنه من التحيه و التكرمه فيها.
013 03 «و خزان المطر» الموكلون بتقدير آياته و الخازنون لمائه.
«و زواجر السحاب»
و هم الملائكه التى تسوق السحاب، و به فسر قوله تعالى: (فالزاجرات زجرا).
014 03 «و الذى بصوت نصره يسمع زجل الرعود»
يجوز ان يكون هذا عين سابقه، و تعدد الزواجر بتعدد السحب، و يجوز ان يكون اخص منه، و حاصل المعنى ان بسبب زجره يسمع صوت الرعد مع ان الصوت انما هو له لا للرعود، و روى الصدوق عن ابى بصير، قال سالت اباعبدالله عليه السلام عن الرعد اى شى ء يقول؟ قال انه بمنزله الرجل يكون فى الابل يزجرها فيقول هاى هاى كهيئه ذاك، و قال عليه السلام الرعد صوت ملك اكبر من الذباب و اصغر من الزنبور فينبغى لمن سمع صوت الرعد ان يقول سبحان من يسبح الرعد بحمده و الملائكه من خيفته، و بعض المفسرين على ان ذلك الصوت هو صوت اصطكاك اجرام السحاب خوفا من ذلك الملك الزاجر، و قد عرفت الصواب من انه صوت ذلك الملك لزجرها، و ان كان الوهم يتبادر من هذه العباره الى بعض اقوال المفسرين.
«و اذا سبحت به حفيفه الرياح التمعت صواعق البروق»
بتخفيف سبحت، و حفيفه بحاء مهمله و فائين، ماخوذ من السباحه فى الماء و هو الجرى فيه، و الحفيفه السحابه ذات الصوت، من الحف و هو الركض و الصوت، و حاصله وصف ذلك الملك بانه كلما جرت بسبب زجره السحاب ذو و الاصوات ظهرت صواعق من البروق، و فى س تشديد سبحت و خفيفه بخاء معجمه و فاء و قاف، من التسبيح و الخفقان و هو الاضطراب و التصويت، و ظاهره ان تلك السحب تسبح الله تعالى عند زجر الملك لها خوفا من جبروته الذى منه انقياد تلك الاجرام العظيمه السحابيه لذلك الملك الصغير، و اضافه الصواعق الى البروق من باب اضافه المسبب الى السبب، لما روى من ان البرق هو سوط ذلك الملك و الصاعقه نار تتكون بسبب ذلك الضرب، و قيل من باب اضافه الموصوف الى الصفه او بالعكس، و قيل هى مثلها فى لجين الماء، و هى جسم كثيف اذا وقع على الارض شقها، و لا يسكن الا اذا وصل الى الماء، و من خواصه انه اذا نزل على ذهب او فضه فى معدن اذابه، و اذا جعل ذلك
014 03 الذهب فى كيس او نحوه فلا يغير جوهره و لا يذيبه، و محققو الحكماء على ان الصاعقه تحصل من احتراق اجرام كثيفه ارضيه دخانيه تكون بين السحاب كما ان البرق عندهم احتراق اجزاء لطيفه دخانيه متولده فى السحاب، و استدل عليه ابن سينا فى شفائه بانها اذا خرجت من الارض فهى تاره تشبه الحجر و تاره تشبه الحديد و تاره تشبه النحاس و نحو ذلك، و زعم ان السيوف التى تمدحها الشعراء متخذه من حديد الصواعق، و ذهب فى اشاراته الى ان جوهر النار اذا برد و جمد حصلت الصاعقه مع قطر المطر. قال الصادق عليه السلام ما من قطره تنزل من السماء الا و معها ملك يضعها الموضع الذى قدرت له، و ذهب افلاطون و متابعوه الى ان لكل قطره من المطر و الثلج و كل حبه من حب الغمام و كل شجره و كل نبت و كل حيوان عقلا مربيا له فى العالم العلوى يحصل منه نماه و نشووه، و تفاضلها فى هذا العالم لونا و طعما و رائحه انما هو باعتبار تفاوت مراتب تلك العقول المربيه، و بالغ متابعوه فى تحقيق هذا المعنى حتى انهم ذهبوا الى ان لكل ريشه من الطاووس عقلا يستند اليه اختلاف الوان الريش، و قد رام بعض افاضل العصر الجمع بين الاخبار و هذا القول فحمل الملائكه المشيعين على هذه العقول، و هو عن دين الاسلام بمراحل.
015 03 «و القوام على خزائن الرياح»
بهمز خزائن، و ياوها بالحمره، و هو الموافق لقواعد علم الاشتقاق فان الواو و الياء الواقعتين بعد الف باب مساجد لا يقلبان همزه الا اذا كان قبل الالف واو او ياء كما فى اوائل و جنائز، فقلبها همزه على خلاف القياس مثلها فى مصائب، و ان صح القلب هنا عنه عليه السلام فهو من اقوم الحجج على جوازه، و هذه الفقره و ما قبلها اشاره الى ما روى عنه صلى الله عليه و آله و سلم انه قال ما نزل قطر قط الا بمكيال الا فى زمن نوح عليه السلام فانه عتا على خزانه فخرج مثل خرق الابره فغرق قوم نوح، و ما خرجت ريح قط الا بمكيال الا فى زمن عاد فانها عتت على خزانها فخرجت مثل خرق الابره فاهلكت قوم عاد، و تعبيره عليه السلام بلفظ الجمع لانه خير و منه علينا و يستحق القائمين به منا الصلاه، قال صاحب الغريبين لم يات لفظ الريح الا بالشر، و الرياح الا فى الخير، و قال الله تعالى:
(و عاد اذ ارسلنا عليهم الريح العقيم).
016 03 «لواعج الامطار» اى المطر الشديد.
016 03 «و عوالجها» اى المتلاطم منها.
017 03 «و رسلك» فى بعض النسخ بسكون السين و هو تخفيف الجمع لا انه جمع على حياله لعدم وروده.
018 03 «و السفره الكرام البرره»
هم الملائكه يسفرون بين الله تعالى و بين انبيائه بتبليغ الاحكام و الاخبار، و صاحب القاموس و تبعه بعضهم على ان المراد بهم الملائكه الذين يحصون الاعمال.
«و الحفظه الكرام الكاتبين»
اى حافظ الاعمال او الابدان عن التردى فى الابار و المهالك، فاذا جاء حكم الله خلوا بينه و بينه، بل روى ان على كل شجره مثمره (حفظه) يحفظونها من الحيوانات الاكله لثمرها، و لذا ورد ان لها انسا وقت الثمره لمكان الملائكه، و بعض الاعلام جعل الحفظه و السفره طائفه واحده، و بعضهم فرق بينهما بحمل الحفظه على كتبه الالواح بعد ان نقلوها من صحائف السفره، و بعضهم اطال فى الفرق و الكل لا يخلو من التعسف.
«و ملك الموت و اعوانه»
فى قبض الارواح الا انهم يعرضونها عليه بعد القبض، و هو ايضا يقبض الارواح، و عن الحديث ان ابراهيم عليه السلام لقى ملكا فقال له من انت؟ قال انا ملك الموت، فقال اتستطيع ان ترينى الصوره التى تقبض بها روح المومن، قال نعم اعرض عنى، فاعرض عنه، فاذا هو شاب حسن الصوره، حسن الثياب، حسن الشمائل، طيب الرائحه، فقال يا ملك الموت لو لم يلق المومن الا حسن صورتك لكان حسبه، ثم قال له هل تستطيع ان ترينى الصوره التى تقبض فيها روح الفاجر، فقال لا تطيق، فقال بلى، قال اعرض عنى، فاعرض عنه ثم التفت اليه، فاذا رجل اسود قائم الشعر منتن الرائحه اسود الثياب يخرج من مناخره النيران و الدخان، فغشى على ابراهيم ثم افاق و قد عاد ملك الموت الى حالته الاولى، فقال يا ملك الموت لو لم يلق الكافر الا صورتك هذه لكفى.
018 03 «و منكر و نكير»
قيل هما نوعان و قيل هما شخصان يجيئان الى المومن بصوره مبشر و بشير، و الى الكافر بصوره منكر و نكير، و قيل ان منكر و نكيرا ياتيان الى الميت ليسالاه عن اصول دينه فان عرفها شخصا عنه و جاء اليه مبشر و بشير يبشرانه بما اعد الله له من الثواب العظيم، و هذا اقرب لوجوده معطوفا فى اكثر النسخ.
«و رومان فتان القبور»
روى عن عبدالله بن سلام انه قال سالت رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم عن اول ملك يدخل فى القبر على الميت قبل منكر و نكير، فقال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم ملك يتلالا وجهه كالشمس اسمه رومان يدخل على الميت، ثم يقول له اكتب ما عملت من حسنه و من سيئه، فيقول له باى شى ء اكتب اين قلمى و دواتى و مدادى فيقول له ريقك مدادك و قلمك اصبعك، فيقول على اى شى ء اكتب و ليس معى صحيفه، قال صحيفتك كفنك فاكتبه، فيكتب ما عمله فى الدنيا خيرا، فاذا بلغ سيئاته يستحيى منه فيقول له الملك يا خاطى ء ما تستحى من خالقك حين عملتها فى دار الدنيا و تستحى الان، فيرفع الملك العمود ليضربه، فيقول العبد ارفع عنى حتى اكتبها، فيكتب فيها جميع حسناته و سيئاته، ثم يامره ان يطوى و يختم، فيقول باى شى ء اختمه و ليس معى خاتم، فيقول اختمه بظفرك و علقه فى عنقك الى يوم القيامه، كما قال تعالى: (و كل انسان الزمناه طائره فى عنقه و نخرج له يوم القيامه كتابا يلقاه منشورا) و قد روى ايضا انه ياتى الى القبر فيشم الميت فان عرف حسن الاعتقاد منه اخبر منكرا و نكيرا حتى يرفقا به وقت السوال، و ان علم منه ضدها اخبرهما ايضا فيسلطان عليه الحيات و العقارب تنهشه الى يوم القيامه، و لا منافاه بين هاتين الروايتين لجواز صدور الامتحان، و هذا الشم منه، و حينئذ ففتان مشتق من الفتنه بمعنى الامتحان، و نصبه على المدح، و قيل هو مشتق من الفت بمعنى الكسر لانه يهدم القبر و يكسره، و حينئذ فالنصب على انه غير منصرف، و بناء نسخه الاصل و هو الكسر على الاحتمال الاول لا غير.
«و الطائفين بالبيت المعمور»
و هو بيت فى السماء الرابعه بجبال الكعبه تعمره الملائكه بالطواف مثل الكعبه، و هو المروى عن اميرالمومنين عليه السلام، و فى حديث صحيح عن الصادق عليه السلام انه
018 03 فى السماء السابعه يدخله كل يوم سبعون الف ملك لا يعودون اليه ابدا، و عن النبى (ص) انه فى السماء الدنيا، و فى السماء الرابعه نهر يقال له الحيوان يدخل فيه جبرئيل كل يوم طلعت فيه الشمس و اذا خرج انتفض انتفاضه جرت منه سبعون الف قطره فيخلق الله من كل قطره ملكا يومرون ان يوموا البيت المعمور فيصلون فيه ابدا، و هو اول مسجد وضع للعباده فى الارض فلما خلقت الكعبه شرفها الله تعالى رفع الى حيالها.
«و الخزنه»
اى خزنه النار و خدامها و ملكهم مالك، كما ان رضوان ملك سدنه الجنان.
020 03 «و الذين يقولون سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار»
اشاره الى قوله تعالى: (و الذين صبروا ابتغاء وجه ربهم و اقاموا الصلاه و انفقوا مما رزقناهم سرا و علانيه و يدروون بالحسنه السيئه اولئك لهم عقبى الدار جنات عدن يدخلونها و من صلح من آبائهم و ازواجهم و ذرياتهم و الملائكه يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار)، اى الذين صبروا على القيام بما اوجبه الله عليهم و على بلاء الله من الامراض و العقوبات و غير ذلك لطلب ثواب الله تعالى و اقاموا الصلاه، ادوها بحدودها، و يدروون بالحسنه السيئه اى يدفعون بفعل الطاعه المعصيه، و قيل معناه يدفعون اساءه من اساء اليهم بالاحسان و العفو، اولئك يعنى هولاء الذين هذه صفاتهم لهم عقبى الدار اى ثواب الجنه، ثم وصف الدار جنات عدن (انها) بساتين اقامه تدوم و لا تفنى، و قيل هى الدرجه العليا و سكانها الشهداء و الصديقون، و قيل هى مدينه الجنه فيها الانبياء و الائمه و الشهداء، و قيل قصر من ذهب لا يدخله الا نبى او صديق او شهيد او حكم عدل، و هو المروى عن الائمه عليهم السلام. ثم بين سبحانه ما يتكامل به سرورهم من اجتماع قومهم معهم فقال يدخلونها و من صلح من آبائهم، انتهى. يعنى من آمن معهم و صدق بما صدقوا به، و ذلك ان الله سبحانه جعل من ثواب المطيع سروره بما يراه فى اهله من الحاقهم به فى الجنه كرامه له، كما قال: الحقنا بهم ذرياتهم و الملائكه يدخلون عليهم من كل باب، قيل من كل باب من ابواب الجنه الثمانيه، و قيل من كل باب من ابواب البر كالصلاه و الصوم،
020 03 و تفصيل هذا المقام ما روى عن ابى جعفر عليه السلام قال سال على عليه السلام رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم عن تفسير قوله تعالى: (لكن الذين اتقوا ربهم لهم غرف من فوقها غرف)، بماذا بنيت هذه الغرف يا رسول الله؟ فقال يا على تلك غرف بناها الله لاوليائه بالدر و الياقوت و الزبرجد سقوفها الذهب محبوكه بالفضه، لكل غرفه منها الف باب من ذهب على كل باب منها ملك موكل به، و فيها فرش مرفوعه بعضها فوق بعض من الحرير و الديباج بالوان مختلفه، وحشوها المسك و العنبر و الكافور، و ذلك قول الله تعالى: (فرش مرفوعه) فاذا دخل المومن الى منازله فى الجنه وضع على راسه تاج الملك و الكرامه و البس حلل الذهب و الفضه و الياقوت و الدر منظوما فى الاكليل تحت التاج و البس سبعين حله حرير بالوان مختلفه منسوجه بالذهب و الفضه و اللولو و الياقوت الاحمر، و ذلك قوله: (يحلون فيها من اساور من ذهب و لولوا و لباسهم فيها حرير) فاذا جلس المومن على سريره اهتز سريره فرحا، فاذا استقرت بولى الله منازله فى الجنه استاذن عليه الملاك الموكل بجناته ليهنيه بكرامه الله اياه، فيقول له خدام المومن و وصفاوه مكانك فان ولى الله قد اتكى على اريكته و زوجته الحوراء العيناء قد ذهبت اليه فاصبر لولى الله حتى يفرغ من شغله، قال فتخرج عليه زوجته الحوراء من خيمتها تمشى مقبله و حولها و صفاوها، و عليها سبعون حله منسوجه بالياقوت و اللولو و الزبرجد قد صبغن بمسك و عنبر و على راسها تاج الكرامه و فى رجلها نعلان من ذهب مكللان بالياقوت و اللولو شراكهما ياقوت احمر فاذا دنت من ولى الله و هم يقوم اليها شوقا تقول يا ولى الله ليس هذا يوم تعب و لا نصب و لا تقم انا لك و انت لى فيعتنقان قدر خمسمائه عام من اعوام الدنيا لا تمله و لا يملها، قال فينظر الى عنقها فاذا عليه قلاده من قصب ياقوت احمر وسطها لوح مكتوب انت يا ولى الله حبيبى و انا الحوراء حبيبتك، اليك تتاهب نفسى و الى تتاهب نفسك، ثم يبعث الله الف ملك يهنونه بالجنه و يزوجونه الحوراء، قال فينتهون الى اول باب من جناته فيقولون للملك الموكل بابواب الجنان استاذن لنا على ولى الله فان الله بعثنا مهنين له، فيقول الملك حتى اقول للحاجب فيعلم مكانكم قال فيدخل الملك الى الحاجب و بينه و بين الحاجب ثلاث جنان حتى ينتهى الى اول باب فيقول للحاجب ان على باب العرصه الف ملك ارسلهم رب العالمين جاووا يهنون ولى الله و قد سالوا ان يستاذن لهم عليه، فيقول الحاجب انه ليعظم على ان استاذن لاحد على ولى الله و هو مع زوجته، قال و بين الحاجب و بين
020 03 ولى الله جنتان، فيدخل الحاجب على القيم فيقول له ان على باب العرصه الف ملك ارسلهم رب العالمين يهنون ولى الله فاعلموه مكانهم، قال فيعلمون الخدام مكانهم، قال فيوذن لهم فيدخلون على ولى الله و هو فى الغرفه و لها الف باب و على كل باب من ابوابها ملك موكل به، فاذا اذن للملائكه بالدخول على ولى الله فتح كل بابه الذى و كل به فيدخل كل ملك من باب من ابواب الغرفه فيبلغونه رساله الجبار، و ذلك قول الله: (و الملائكه يدخلون عليهم من كل باب) يعنى من ابواب الغرفه (سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار) و ذلك قوله (و اذا رايت ثم رايت نعيما و ملكا كبيرا)، يعنى بذلك ولى الله و ما هم فيه من الكرامه و النعيم و الملك العظيم، و ان الملائكه من رسل الجبار ليستاذنون عليهم فلا يدخلون عليه الا باذن فذلك الملك العظيم.
بقى الكلام فى الصبر و تحقيقه و بيان حده و فضله و تعداد اسمائه و الاوقات التى يحتاج فيها اليه و نبذه من توابعه، اما ما ورد فى فضله من الايات و الاخبار فاكثر من ان تحصى و لو لم يكن سوى قوله تعالى: (اولئك عليهم صلوات من ربهم و رحمه و اولئك هم المهتدون) لكفى فى الثناء عليهم، مع قوله صلى الله عليه و آله و سلم الصبر نصف الايمان، و هو مقام من مقامات الدين، و منزل من منازل السالكين، و هو من خواص الانسان، و لا يتصور فى البهائم و الملائكه، اما فى البهائم فلانها قد سلطت عليها الشهوات فلا باعث لها على حركاتها و سكناتها الا الشهوه، و ليس فيها ما يصادم الشهوه حتى يسمى ذلك صبرا، و اما الملائكه فعلى العكس، اما الانسان فقد كان فى ابتداء الصبا ناقصا مثل البهيمه ليس فيه الا شهوه الغذاء ثم ركب فيه شهوه اللعب و الزينه، ثم شهوه النكاح ثم من الله عليه بنور العلم و الهدايه و رزانه العقل حتى يقابل جنود الجهل، فالجنودان متقابلان دائما فى البراز، و ميدان حربهما القلب، فالصبر عباره عن ثبات باعث الدين فى مقابله باعث الشهوه، فتاره يغلب (هذا) و تاره اخرى (يغلب) ذاك فيكونان فى العراك حتى تاتى القيامه الصغرى و هى الموت كما قال صلى الله عليه و آله و سلم من مات فقد قامت قيامته، و فى هذه القيامه يكون العبد وحده كما قال سبحانه: (و لقد جئتمونا فرادى) اى كما خلقناه اول مره، و اما القيامه الكبرى فهى لا تغادر صغيره و لا كبيره الا احصاها، و يجرى فى الصغرى بالخصوص ما يجرى فى الكبرى بالعموم فان بدن
020 03 الانسان ارضه و عظامه جبال تلك الارض و راسك سماء ارضك و قلبك شمس ارضك و سمعك و سائر حواسك نجومها، و مفيض العرق من ارضك بحر ارضك و شعورك نبات ارضك و اطرافك اشجار ارضك و هكذا جميع اجزائك، فاذا انهدمت بالموت اركان بدنك فقد زلزلت الارض زلزالها و اذا انفصلت العظام من اللحوم فقد حملت الارض و الجبال فدكتا دكه واحده فاذا رمت العظام فقد نسفت الجبال نسفا فاذا اظلم قلبك عند الموت فقد كورت الشمس تكويرا و اذا بطل سمعك و بصرك و سائر حواسك فقد انكدرت النجوم انكدارا فاذا انشق دماغك فقد انشقت السماء انشقاقا فاذا انفجر من هول الموت عرق جبينك فقد فجرت البحار تفجيرا و اذا التفت احدى ساقيك بالاخرى و هما مطيتاك فقد حملت الارض و هدت حتى القت ما فيها و تخلت، و هذا تمثيل لاحوال هذه القيامه بتلك القيامه لان معنى هذه الايات هو هذا المذكور، و اما كون الصبر نصف الايمان فلان الايمان عن العقائد و الاعمال، و العمل لا يحصل الا بتوطين النفس على الطاعات و على ترك المنهيات، و هذا هو الصبر، و اما تعداد اسمائه فهو ان كان صبرا عن شهوه البطن و الفرج سمى عفه، و ان كان على احتمال مكروه سمى صبرا، و يضاده حاله الجزع، و ان كان فى احتمال الغنى، سمى ضبط النفس، و يضاده حاله تسمى البطر، و ان كان فى حرب و مقاتله سمى شجاعه، و يضاده الجبن، و ان كان فى كظم الغيظ سمى حلما، و ان كان فى نائبه سمى سعه الصدر، و ان كان فى اخفاء كلام سمى كتمان السر، و صاحبه كتوما، و ان كان عن فضول العيش سمى زهدا، و يضاده الحرص، و ان كان صبرا على قدر يسير من الحظوظ سمى قناعه، و يضاده الشره، فاكثر اخلاق الايمان داخله فى الصبر، و لذلك لما سال صلى الله عليه و آله و سلم عن الايمان قال: هو الصبر، كما قال: الحج عرفه، و قد جمع الله اقسام ذلك و سمى الكل صبرا فقال تعالى: (و الصابرين فى الباساء اى المصيبه (و الضراء) اى الفقر (و حين الباس) اى المحاربه اولئك الذين صدقوا و اولئك هم المتقون)، و بعضهم ظن ان هولاء احوال متخالفه فى ذواتها و حقائقها، و اما الاحوال التى يحتاج فيها الى الصبر فمنها الطاعات، و الصبر عليها شديد لان النفس تنفر عن العبوديه و تشتهى الربوبيه، و لذلك قال بعض اهل التحقيق ما من نفس الا و هى مضمره ما اظهر فرعون من قوله (انا ربكم الاعلى) و لكن فرعون وجد له مجالا و قولا فاظهر اذ استخف قومه فاطاعوه، و ما من واحد الا و هو يدعى ذلك مع خادمه و عبده و اتباعه و كل من هو تحت قهره و اطاعته،
020 03 و ان كان ممتنعا من اظهاره فان غيظه عند تقصيرهم فى خدمته و استبعاده ذلك ليس يصدر الا من اضمار الكبر و منازعه الربوبيه فى رداء الكبرياء، فان العبوديه شاقه على النفس، ثم من العبادات ما يكره بسبب الكسل كالصلاه، و منها ما يكره بسبب البخل كالزكاه، و منها ما يكره بجميعها كالحج و الجهاد، فالصبر على الطاعه صبر على الشدائد.
الحاله الثانيه: حاله العمل كيلا يغفل عن ذكر الله فى حال عمله و لا يتكاسل عن تحقيق آدابه و يدوم على شروط الاداب الى آخر العمل.
الحاله الثالثه: بعد الفراغ من العمل اذ يحتاج الى الصبر عن افشائه و التظاهر به للسمعه و الرياء، كما قال سبحانه: (و لا تبطلوا صدقاتكم بالمن و الاذى).
الحاله الرابعه: المعاصى و الصبر عنها مشكل جدا، لالف النفس بها معاونه لشياطين الجن و الانس، و توفر الدواعى الباطله عليها.
الحاله الخامسه: الصبر على المصائب مثل موت الاعزه و هلاك الاموال و فساد الاعضاء، و لذا ورد ان الصبر فى القرآن على ثلاثه اوجه صبر على اداء فرائض الله تعالى فله ثلاثمائه درجه، و صبر على محارم الله (فله) ستمائه درجه، و صبر على المصيبه عند الصدمه الاولى فله تسعمائه درجه، و فضل على المرتبتين لما فيه من الكلفه على النفس، و روى انه قال صلى الله عليه و آله و سلم قال الله عز و جل اذا وجهت الى عبد من عبيدى مصيبه فى بدنه او ماله او ولده ثم استقبل ذلك بصبر جميل استحييت منه يوم القيامه ان انصب له ميزانا او انشر له ديوانا، فان قلت الصبر على المصيبه ما معناه، قلنا اما البكاء و حزن القلب فهو غير مناف للصبر، فقد بكت الانبياء و الائمه عليهم السلام على موتاهم، و ناهيك بواقعه الطفوف، فلقد احرقت الاكباد، و بعدت عن العين الرقاد، و بكى السجاد عليه السلام خمسا و عشرين سنه فى ليله و نهاره، و كان يقول كلما ذكرت مصارع اولاد فاطمه خنقتنى العبره، اما منافى الصبر و محبط الاجر فهو ما روى عنه صلى الله عليه و آله و سلم انه قال الضرب على الفخذ عند المصيبه يحبط الاجر، و من استرجع بعد المصيبه جدد الله له اجرها كيوم اصيب بها، و سال رجل النبى صلى الله عليه و آله و سلم فقال ما يحبط الاجر فى المصيبه؟ فقال تصفيق الرجل بيمينه على شماله، و منه شق الجيوب و خمش
020 03 الوجوه و المبالغه فى الشكوى، و اظهار الكابه، و تغير العاده فى الملبس و المشرب و المفرش و المطعم، بل يبقى مستمرا على عادته معتقدا ان ذلك كانت وديعه فاسترجعت.
روى صاحب عيون المجالس عن معاويه بن قره قال كان ابوطلحه يحب ابنه حبا شديدا، فمرض فخافت ام سليم على ابى طلحه الجزع حين قرب موت الولد، فبعثته الى النبى صلى الله عليه و آله و سلم فلما خرج ابوطلحه من داره توفى الولد، فسجته ام سليم بثوب و عزلته فى ناحيه البيت ثم تقدمت الى اهل بيتها فقالت لهم لا تخبروا اباطلحه بشى ء، ثم انها صنعت طعاما ثم مست شيئا من الطيب، فجاء ابوطلحه من عند رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم فقال لها ما فعل ابنى؟ فقالت هدات نفسه، ثم قال لها هل لنا ما ناكل، فقامت فقربت اليه الطعام ثم تعرضت له فوقع عليها، فلما اطمان قالت له يا اباطلحه اتغضب من وديعه كانت عندنا فرددناها الى اهلها؟ فقال سبحان الله لا، فقالت كان ابنك عندنا وديعه فقبضه الله تعالى، فقال ابوطلحه فانا احق بالصبر منك، ثم قام من مكانه فاغتسل و صلى ركعتين ثم انطلق الى النبى صلى الله عليه و آله و سلم فاخبره بصنيعتها فقال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم بارك الله لكما فى وقيعتكما، فولدت غلاما، فقال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم الحمد لله الذى جعل فى امتى مثل صابره بنى اسرائيل، فقيل يا رسول الله ما كان من خبرها، فقال: كان فى بنى اسرائيل امراه و كان لها زوج و لها منه غلامان، فامرها بطعام ليدعو عليه الناس ففعلت و اجتمع الناس فى داره، و انطلق الغلامان يلعبان فوقعا فى بئر كان فى الدار، فكرهت ان تنغص على زوجها الضيافه فادخلتهما البيت و سجتهما بثوب فلما فرغوا دخل زوجها فقال اين ابناى؟ قالت هما فى البيت، و انها كانت تمسحت بشى ء من الطيب و تعرضت للرجل حتى دخل عليها، ثم قال اين ابناى؟ قالت هما فى البيت، فناداهما ابوهما فخرجا يسعيان، فقالت المراه سبحان الله و الله لقد كانا ميتين و لكن الله احياهما ثوابا لصبرى. و اسند ابوالعباس بن مسروق عن الاوزاعى قال حدثنى بعض الحكماء قال خرجت و انا اريد الرباط حتى اذا كنت بعريش مصر، و اذا انا بمظله و فيها رجل قد ذهبت عيناه و استرسلت يداه و رجلاه و هو يقول لك الحمد سيدى و مولاى، اللهم انى احمدك حمدا يوافى محامد خلقك كفضلك على سائر خلقك اذ فضلتنى على كثير ممن خلقت تفضيلا، فقلت و الله لاسالنه فدنوت منه و سلمت عليه فرد على السلام، فقلت رحمك الله انى اسالك عن شى ء تخبرنى به ام لا فقال ان كان عندى منه علم اخبرتك به فقلت رحمك الله على اى فضيله من فضائله تشكره فقال او ليس ترى ما صنع بى،
020 03 قلت بلى فقال و الله لو ان الله تبارك و تعالى صب على نارا تحرقنى و امر الجبال فدمرتنى و امر البحار فغرقتنى و امر الارض فخسفت بى ما ازددت له الا شكرا، و ان لى اليك حاجه افتقضيها لى؟ قلت نعم قل ما تشاء فقال: ابن لى كان يتعاهدنى اوقات صلاتى و يطعمنى عند افطارى و قد فقدته منذ امس فانظر هل تجده لى، قال فقلت فى نفسى ان فى قضاء حاجته لقربه الى الله تعالى، و قمت و خرجت فى طلبه حتى اذا صرت بين كثبان الرمال اذا انا بسبع قد افترس الغلام ياكله، فقلت انا لله و انا اليه راجعون كيف آتى هذا العبد الصالح بخبر ابنه، قال فاتيته فسلمت عليه فرد على السلام فقلت رحمك الله ان سالتك عن شى ء اتخبرنى به، فقال ان كان عندى منه علم اخبرتك، فقال قلت انت اكرم على الله تعالى و اقرب منزله او نبى الله تعالى ايوب صلوات الله و سلامه عليه، فقال بل ايوب اكرم على الله تعالى منى و اعظم عند الله تعالى منزله منى، فقلت انه ابتلاه الله تعالى فصبر حتى استوحش منه من كان يانس به و كان غرضا لمرار الطريق، اعلم ان ابنك الذى اخبرتنى به و سالتنى اطلبه لك افترسه الاسد فاعظم الله اجرك، فقال الحمد لله الذى لم يجعل فى قلبى حسره من الدنيا، ثم شهق شهقه و سقط على وجهه، فجلست ساعه ثم حركته فاذا هو ميت فقلت انا لله و انا اليه راجعون كيف اعمل فى امره و من يعيننى على غسله و كفنه و حفر قبره و دفنه فبينا انا كذلك اذا انا بركب يريدون الرباط فاشرت اليهم فاقبلوا نحوى حتى وقفوا على، فقالوا ما انت و هذا فاخبرتهم بقصتى فعقلوا رواحلهم و اعانونى حتى غسلناه بماء البحر و كفناه باثواب كانت معهم و تقدمت و صليت عليه مع الجماعه و دفناه فى مظلته، و جلست عند قبره آنسا اقرا القرآن الى ان مضى من الليل ساعات فغفوت غفوه فرايت صاحبى فى احسن صوره و اجمل زى فى روضه خضراء عليه ثياب خضر قائما يتلو القرآن، فقلت له الست صاحبى؟ قال بلى قلت فما الذى صيرك الى ما ارى فقال اعلم انى وردت مع الصابرين لله عز و جل لم ينالوها الا بالصبر و الشكر عند الرخاء و انتبهت.
بقى الكلام فى دواء الصبر و ما يستعان به عليه، اعلم ان الذى انزل الداء هو الذى انزل الدواء و وعد الشفاء و له علاجات مختلفه كاختلافه، فنقول اذا نازعته النفس الاماره الى الزنى و لم يجد الصبر فليستعن على تحصيله بامور: منها ان ينظر الى ماده قوتها و هى الاغذيه الطيبه المحركه للشهوه من حيث النوع و الكثره فيقطعها بالصوم الدائم مع الاقتصاد عند الافطار فى اكل الطعام، و منها قطع المهيجات كالنظر فانه
020 03 محرك القلب و الشهوه و هذا يحصل بالاحتراز عن مظان وقوع البصر على الصور المشتهاه، قال صلى الله عليه و آله و سلم النظره سهم مسموم من سهام ابليس، يسدده الملعون و لا ترس يمنع منه الا تغميض الاجفان او الهرب من صوب رميه، و منها تسليه النفس بالمباح من الجنس الذى يشتهيه، و ذلك بالنكاح، فان كل ما يشتهيه الطبع ففيه ما يغنى عن المحرمات، و لذا قال صلى الله عليه و آله و سلم عليكم بالباه فمن لم يستطع فعليه بالصوم فان الصوم له و جاء، فهذه ثلاث علاجات فالاول منها قطع العلف عن الدابه الجموح فتسقط قوتها، و الثانى يضاهى تغييب الشعير عنها حتى لا تتحرك بواطنها بسبب مشاهدته، و الثالث يضاهى تسكينها بشى ء قليل مما يميل اليه الطباع، حتى يبقى معه من القوه ما يصبر معه على التاديب، و ان اراد اضافه التقويه فهنا امران:
احدهما اطماعه فى فوائد المجاهده و ثمراتها فى الدين و الدنيا، و ذلك بان يكثر فكره فى حسن عواقب الصبر و فيما وعد الله الصابرين، و ثانيهما ان يعود النفس مصارعه الشهوات و الغلبه تدريجا قليلا قليلا حتى يدرك لذه الظفر فتجرى عليها، فان الممارسه للاعمال الشاقه توكد القوى، و لذلك تزيد قوه الحمالين و الفلاحين.
فالفلاح الاول يضاهى اطماع المصارع فى الخلعه عند الغلبه كما وعد فرعون سحرته بقوله (انكم من المقربين).
و الثانى يضاهى تعويد الصبى الذى يراد منه المصارعه مباشره اسباب ذلك فى مبدا الصبا حتى انس به، و صاحب هذه المقامات يحتاج الى فراغ بال حتى يتعرض لقوله صلى الله عليه و آله و سلم لله تعالى فى ايام دهركم نفحات فتعرضوا لها، و ذلك لان تلك النفحات لها اسباب سماويه، و قال سبحانه: (و فى السماء رزقكم و ما توعدون)، و الامور السماويه غائبه عنا فلا ندرى متى ييسر الله تعالى اسباب الرزق فما علينا الا تفريغ المحل و الانتظار لنزول الرحمه، كالذى يصلح الارض و ينقيه من الحشيش و ينبت البذور و كل ذلك لا ينفعه الا بالمطر و لا يعلم متى يكون الا انه يثق بفضل الله انه لا يخلو سنه عن مطر، فكذلك لا يخلو سنه و شهر و يوم عن جذبه من الجذبات و نفحه من النفحات، فينبغى للعبد ان يطهر القلب من حشيش الشهوات، و يبذر فيه بذور الاخلاص و يتعرض لمهاب رياح الرحمه، و كما يقوى انتظار الامطار فى اوقات الربيع و عند ظهور الغيم. فكذا يقوى انتظار النفحات فى الاوقات الشريفه و عند اجتماع
020 03 الهمم و تساعد القلوب كما فى يوم عرفه و يوم الجمعه و ايام شهر رمضان، فان الهمم والانفاس اسباب بحكم تقدير الله عز و جل لاستبذار رحمته فانها يستدر بها الامطار فى اوقات الاستسقاء، فهى لاستدرار لطائف المعارف من خزائن الملكوت اشد مناسبه منها لاستدرار قطرات الماء و استجرار الغيوم من اقطار الجبال و البحار، فلذا قال سبحانه: (و لقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر)، و المقصود من هذا فتح باب هذه المقامات، فلنقتصر على ما ذكرناه.
021 03 «و الزبانيه»
ماخوذ من الزبن و هو الدفع، و عنه صلى الله عليه و آله و سلم كان اعينهم البرق و كان افواههم الصياصى يجرون اشعارهم، لاحدهم مثل قوه الثقلين، يسوق احدهم الامه و على رقبته جبل فيرمى بهم فى النار و يرمى بالجبل عليهم، و هم تسعه عشر.
«خذوه فغلوه»
اى اوثقوه بالغل، و هو ان تشد احدى يديه او رجليه الى عنقه.
«ثم الجحيم صلوه»
اى ثم ادخلوه النار العظيم لانه كان يتعظم على الناس، ثم يدخلوه فى سلسله لو ان حلقه منها وضعت على جبل لذاب من حرها.
«سراعا» مصدر من غير لفظ الفعل.
«و لم ينظروه» اى لم يمهلوه.
022 03 «او همنا» اى تركنا.
«و لم نعلم مكانه منك» اى موضعه و مرتبته.
023 03 «و من منهم على الخلق»
اى موكلين على الخلق لحفظ ابدانهم او لحفظ اعمالهم، قال الفاضل الداماد لا يبعد ان يكون مراده صلوات الله عليه بمن منهم على الخلق الملائكه الذين هم من المجردات المحضه و المفارقات الصرفه، و المعنى انهم فى عالم الامر يشرفون على عالم الخلق، فان الملائكه حسب ما حقق عند علماء الشريعه القديمه ضروب متخالفه
023 03 و انواع متباينه منها الجسمانيات و منها المفارقات الصرفه و منها المجردات المتعلقه بالجسمانيات، و قد ذكر عليه السلام المجردات المتعلقه بالجسمانيات من قبل بالتوكيل على الامطار و الجبال و غيرها او بالسكون فى الهواء و الارض فذكر هنا المفارقات المحضه، انتهى. و لا يخفى بعده، و ابعد منه ما قيل فى حده ما يوجد فى اكثر النسخ: و «من منهم فى النجوم السفلى» بدل هذه الفقره، من ان المراد بتلك النجوم ما يحدث فى كره النار من النيازك و الشهب و ذوات الاذناب بسبب تصاعد الادخنه و الابخره الى كره النار فتحترق و يحدث منها هذه الاشياء و تسمى فى اصطلاحهم ثوانى النجوم، فان المفهوم من الاخبار الوارده فى تفسير آيات الشهب انها اعمده من نار و نور ترمى الملائكه بها الشياطين المسترقين للسمع، و المقارنه بعيده جدا، بل المراد بتلك النجوم ما تحت فلك الثوابت كزحل و المشترى و المريخ و الزهره و عطارد، و الظرفيه اما حقيقه لان كل كوكب كالقبه العظيمه، او على حذف المضاف اى فى تدبير النجوم و حركاتها.
024 03 «سائق و شهيد»
من الملائكه يسوقها الى الحساب، و شهيد من الملائكه يشهد عليها بما يعلم من حالها، و قيل السائق من الملائكه و الشهيد الجوارح تشهد عليه، و قيل السائق كاتب السيئات و الشهيد كاتب الحسنات، و قيل السائق له نفسه و الشهيد عليه اعضاوه، و يفهم من بعض الاخبار ان الله تعالى يامر الملائكه بان يضربوا سرادقات من نار وراء الناس لسوقهم الى عرصات القيامه و امامهم ظلمه يزدحمون فيها، و فى نسخه الشهيد بدل شهيد قائم و كانه بمعناه.
025 03 «على كرامتهم»
على هنا للاستعلاء المعنوى نحو (فضلنا بعضهم على بعض)، و قيل انها بمعنى مع .
001 04 الصلاه على الال
لم يوجد هذا الدعاء فى النسخ المعتبره، الا ان الشيخ الفاضل الزاهد شيخنا الشيخ حسين بن عبد الصمد الحارثى ذكر انه نقلها من نسخه بخط الشهيد (قده)، و ذكر ايضا انه وجدها بخط الشيخ الكفعمى (ره)، و قد كانت نسخه الشهيد فى خزانه سيدنا المحقق الداماد و لم يكن فيها هذا الدعاء، و الظاهر انه (ره) كتب نسختين.
«و جعل افئده من الناس تهوى اليهم»
و انما فعل تعالى ذلك اجابه لدعوه الخليل حيث قال: (رب انى اسكنت من ذريتى بواد غير ذى زرع- الى قوله- و اجعل افئده من الناس تهوى اليهم)، قاله عند وضعه اسماعيل و امه هاجر فى الحرم، و قال الباقر عليه السلام نحن بقيه تلك العتره، و كانت دعوه ابراهيم لنا خاصه فقلوب شيعتنا تهوى الينا.
الصلاه على اتباع الرسل و مصدقيهم
001 04 «و اتباع الرسل»
مبتدا و الخبر قوله فاذكرهم، و قيل هو محذوف و قد تقدم الكلام عليه، و يجوز ان يكون بالواو للعطف لما عرفت من ان الظاهر انه عليه السلام كان يوالى بين هذه الادعيه فى القراءه.
«و مصدقوهم بالغيب»
يتعلق بالتصديق او باتباع، و الغيب بمعنى الغائب و هو يحتمل معانى سبعه.
الاول: ان المراد بها جميع الاحكام فانها غائبه عنا وقت الوحى.
الثانى: ان المراد بها الجنه و النار الغائبتين عن حواسنا.
001 04 الثالث: ان المراد ما غاب عنا علمه و هو المهم منهما و يدخل فيه الاخبار عن المهدى عليه السلام.
الرابع: ان المراد به القرآن لان معانيه غائبه عن علمنا لا يعلمها الا الله و الراسخون فى العلم.
الخامس: ان المراد به الرسول الغائب اى يصدقوه مع كونه غائبا عن اعينهم لتاخر زمانهم عن زمانه.
السادس: ما قيل ان المراد به ما ادرك بالدلائل و الايات مما يلزم معرفته كوجود الصانع و اثبات صفاته.
السابع: ان المراد به القلب يعنى ان تصديقهم ليس باللسان وحده.
«و الاشتياق»
معطوف اما على الارض او على معارضه او على الغيب و عطفه على التكذيب كما قيل بعيد معنى، و يجوز عطفه على قوله و اتباع اما بتقدير المضاف و بقاء المضاف اليه على اعرابه اى اهل الاشتياق، و اما بجعل المصدر بمعنى اسم الفاعل.
«بحقائق الايمان»
يتعلق اما بالمرسلين اى الذين ارسلوا بتبليغ الحق الخالص و اما بالاشتياق يعنى اشتياقهم بسبب حقائق ايمانهم و خالصها.
002 04 «فى كل دهر» يحتمل تعلقه باتباع و يحتمل تعلقه بالاشتياق.
«آدم» سمى به لانه خلق من اديم الارض اى وجهها.
«ائمه» بالهمزه و بالياء و هو الاوفق بقولهم اذا اجتمع همزتان متحركتان قلبت الثانيه ياء ان انكسرت او انكسر ما قبلها.
«التقى» بمعنى التقوى ماخوذ من الوقايه ابدلت واوه بتاء.
003 04 «و اصحاب محمد صلى الله عليه و آله و سلم خاصه»
اصحاب جمع صاحب بمعنى الصحابى و قيل ان فاعلا لا يجمع على افعال بل
003 04 هو اما جمع لصحب مسكن الحاء او مكسورها مخفف صاحب، و الصحابى على ما هو المشهور بين الجمهور كل مسلم راى الرسول صلى الله عليه و آله و سلم، و قيل و طالت صحبته، و قيل روى عنه، و كان اهل الروايه عند وفاته صلى الله عليه و آله و سلم مائه و اربعه عشر الفا، و عندنا مع ما تقدم ان يموت على دين الاسلام، و نصب خاصه اما على الحاليه من المبتدا كما ذهب اليه ابن مالك، و اما على المصدريه، و معناه على الاول طلب عدم النسيان على الاصحاب حال كونهم مخصوصين بالنسبه الى سائر اصحاب الانبياء عليهم السلام، و على الثانى طلبه لاصحاب الرسول صلى الله عليه و آله و سلم خصوصا هولاء الجماعه منهم.
«ابلوا البلاء الحسن»
الاحسان و الانعام، و يجوز ان يكون من باب التعريض او الصيروره مثل اتعب الجاريه و احصد الزرع، و البلاء الحسن الجهاد و قيل هو كل محنه يجب الصبر عليها.
«و كانفوه»
عاونوه «و اسرعوا الى وفادته» يقال وفد فلان الى فلان اى ورد رسولا، و هى اما من باب اضافه المصدر الى الفاعل اى انهم اسرعوا الى قبول رسالته التى ارسل بها، و اما من باب الاضافه الى المفعول اى وفادتهم اليه و الهجره نحوه ، و قيل الوفاده هنا بمعنى الوفد اى الرسول يعنى انهم اسرعوا الى اجابه رسوله لما بعثه اليهم يدعوهم الى نصرته و التصديق به.
«حجه رسالاته» المعجزات، و قيل القرآن.
004 04 «كلمته»
و هى كلمه التوحيد نسبت اليه لانه هو الذى تلفظ بها مع على بن ابيطالب و الائمه عليهم السلام قبل الكائنات، كما قال صلى الله عليه و آله و سلم سبحنا و سبحت الملائكه، و هللنا و هللت الملائكه، و كبرنا و كبرت الملائكه، و كانت لا تعرف تسبيحا و لا تهليلا و لا تكبيرا، و كان جبرئيل عليه السلام كثيرا ما يكرم اميرالمومنين عليه السلام و يجلسه مجلسه و يقول هو معلمى لان الله تعالى خلقنى و سالنى من انت و من انا فلم ادر ما اقول فاتانى اميرالمومنين فى ذلك العالم و قال لى قل انا الحقير جبرئيل و انت الرب الجليل، فساله النبى صلى الله عليه و آله و سلم عن عمره فقال ان فى العرش كوكبا يظهر فى كل ثلاثين الف سنه و قد رايته ظاهرا ثلاثين الف مره، و يجوز ان تكون النسبه باعتبار انه امر بها، و يجوز ان يراد
004 04 بالكلمه الدين مجازا من باب اطلاق الجزء على الكل.
«و انتصروا به»
اى به صلى الله عليه و آله و سلم او بمقاتله الاباء و الابناء منطوين على محبته، يقال فلان يطوى بطنه عن جاره اى يجيع نفسه و يوثر جاره بطعامه، و المنطوى ايضا المضمر لمحبته، و على بمعنى اللام على الاول اى انهم يجوعون لاجل محبته لان الاسلام كان يفقر صاحبه، و يجوز ان يكون الظرف حالا اى كانوا جائعين حال كونهم مستقرين على محبته، و المعنى على الثانى ان محبته صلى الله عليه و آله و سلم قد اضمروها فى قلوبهم و اشربوها عرق ابدانهم.
005 04 «لن تبور» لن تهلك و لن تكسد.
007 04 «فلا تنس لهم»
من النسيان بمعنى الترك، و منه قوله تعالى: (و لا تنسوا الفضل بينكم)، و ان جعل نقيض الذكر فالمعنى لا تعاملهم معامله الناسين.
«و فيك» اى فى رضاك من العشائر و الازواج.
«و بما حاشوا»
لعله معطوف على مقدر اى بسبب تركهم و بما حاشوا اى ضحوا و جمعوا الخلق على نصرتك، و قيل معناه انهم صاروا على حاشيه من الناس و اعتزلوهم لاجل محبتك و هو بعيد منه، و ابعد منه انه من حاشى بمعنى استثنى اى انهم استثنوا الخلق فكل من الفوه و حبوه انما هو لاجلك، و يويد ما قلنا ما فى دعاء العسكرى عليه السلام من قوله و وفقنا للدعاء اليه و حياشه اهل الغفله عليه.
008 04 «و اشكرهم» اجزهم الجزاء الاكمل.
«و من كثرت فى اعزاز دينك من مظلومهم»
من مشكلات الفقار و تحتمل وجوها من الاقوال: الاول: ان يكون العطف على اصحاب محمد و ان بعد لفظه لاستقامه معناه. الثانى: عطفه على ضمير لهم من قوله فلا تنس لهم. الثالث: ان يكون معطوفا على ضمير اشكرهم البارز. الرابع: العطف
008 04 على ضيقه، و يراد بالموصول هنا الانصار كما يراد به المهاجرين على التقادير كلها لانه من باب عطف الصفات بعضها على بعض. الخامس: ان يكون مبتدا محذوف الخبر بقرينه ما تقدم، و من «مظلومهم» متعلق بالتكثير على التقادير كلها، و ذكر الفاضل الداماد على الثالث جواز ان تكون من بيانيه تبين من و التقدير: من كثرتهم من مظلومى الدعاه اليك مع رسولك فى اعزاز دينك، ان تكون ابتدائيه متعلقه بالاعزاز، و الضمير المجرور عائد الى من كثرتهم فى اعزاز دينك الناشى ء من قبل مظلومهم، و ذكر انها ايضا فى الاحتمال الرابع تحتمل التبيين اى خروج الدعاه المظلومين المهاجرين الى من كثرتهم لاعزاز الدين و هم الانصار، و الابتدائيه على ان يكون المظلوم بمعنى البلد الذى لا رعى و لا مرعى فيه للدواب و الارض التى لم تعاهد للزرع قط اعنى مكه شرفها الله تعالى، و لا يخفى ما فى الذى تفرد به هذا الفاضل من التكلف. السادس: ان يكون معطوفا على الذين هجرتهم العشائر و هو وجه حسن.
009 04 «التابعين»
و هم الذين لم يروه صلى الله عليه و آله و سلم و لكن راوا اصحابه و اخذوا عنهم و قد نزلت هذه الايه فى شانهم.
«و الى يوم الدين»
و فائده هذه الواو الاعلام بان المطلوب من هذا الاستمرار هو الصلاه على التابعين فى هذا اليوم، لا التابعين فى كل هذا الزمان، فكانه قال: و صل على هولاء التابعين فى هذا اليوم صلاه مستمره الى يوم الدين، فيوم الدين بتقدير «وصل عليهم الى يوم الدين»، و قيل الاتيان بالواو لاراده التابعين الذين بقيت متابعتهم، اى ما ترتب لهم على المتابعه من الثواب الى يوم الدين و لم يغيرهم مغير و لا مبدل.
«و لاخواننا»
قيل: ان الاخ الحقيقى جمعه اخوه و الاخ الايمانى جمعه اخوان و المشهور عدم الفرق.
010 04 «و تحروا وجهتهم» اى قصدوا الناحيه التى قصدها اولئك.
«شاكلتهم» طريقتهم.
011 04 «لم يثنهم» لم يعطفهم و لم يزعجهم.
«منارهم»
فى الاصل هو علامات الطريق يعرف بها فراسخه، و ربما وضع فوقها نار فى الليل ليهتدى بها الماره الى الطريق او الى صاحب المنزل للاكرام و الضيافه، و هو هنا عباره عن العالم الهادى فى ظلم الجهالات الى نور الطريق المستقيم، و لذا قالوا عليهم السلام نحن منار الطريق.
012 04 «مكانفين» معاونين.
«و موازرين» متحملين لاوزارهم و اثقالهم، و منه وزير الملك لتحمله وزره و ثقله.
«بهديهم» بطريقتهم.
«يتفقون عليهم»
من الاتفاق افتعال من وفق يوفق و اصله اوتفاق قلبت الواو تاء و ادغمت ثم لما كثر استعماله زعموا ان التاء فيه اصليه فبنوا منه تفق يتفق كعلم يعلم، فتاوه حينئذ زائده ذهب اليه الكوفيون و البصريون و الزمخشرى على انه ماخوذ من تفق يتفق ادغمت احدى التائين فى الاخرى فتاوه حينئذ اصليه بمعنى الموافقه، و فى بعض النسخ يتفقون و كانه مخفف ما فى الاصل، و فى بعضها يتفقون من الاتفاق و اصله اوتفاق و هو موافق لنسخه يقفون.
013 04 «و الى يوم الدين» فى بعض النسخ اى و صل عليهم الى يوم الدين.
014 04 «و تفسح» اى توسع.
«طوارق الليل و النهار»
الوارد فى احداهما بشر جمع طارق و هو فى الاصل من الطرق بمعنى القرع لان الاتى ليلا يقرع الباب فاستعير لكل نائله.
015 04 «و ترك التهمه فيما تحويه ايدى العباد»
فى بعض النسخ سكون هاء التهمه و كانه مخفف الفتح، و لهذه الفقره معان:
015 04 الاول: انا لا نتهمك فى الذى اعطيته عبادك، كان نقول لو منحتنا مثلهم لكان خيرا لنا لانه خلاف الحكمه، بحكم قوله تعالى فى الحديث القدسى و ان من عبادى من لا يصلحه الا الفقر و لو اغنيته لفسد عليه دينه، و ان من عبادى من لا يصلحه الا الغنى و لو افقرته لفسد عليه دينه.
الثانى: ترك التهمه للعباد بانهم لم يجوزوه لانه من المذاهب المحظوره، او انهم لم يودوا الحقوق الواجبه منه.
الثالث: ان لا نضيف ما فى ايدى العباد اليهم لان النعمه لها رشحه من رشحات جوده و خير الامور اوسطها، و فى بعض النسخ التهمه بمعنى الحرص.
016 04 «لتردهم الى الرغبه اليك و الرهبه منك»
و هذا هو الخوف و الرجاء المشار اليه فى الايات القرآنيه و الاخبار النبويه، و كان الصادق عليه السلام يقول فى وصيه لقمان لابنه الاعاجيب، كان يقول يا بنى خف الله خيفه لو جئته بعمل الثقلين لعذبك، و ارج الله رجاء لو جئته بذنوب الثقلين لرحمك، و قد شك فى هذه المقدمه بعض الاعلام بما حاصله ان الكريم على الاطلاق، الرحيم على سائر العباد لا ينبغى ان يخاف منه، بل الخوف انما هو من النفس الاماره، و يويده ما روى عن على عليه السلام انه كان يقول: انى لا اخاف من الكريم الرحيم، بل انما اخاف من نفسى على نفسى، و لا يعجبنى ما ذهب اليه هذا الفاضل فان له تعالى جهتين جهه رحمه و جهه قهر يرجى فى احداهما و يخاف فى الاخرى، كالوالد الغضوب، كما قال: (نبى ء عبادى انى انا الغفور الرحيم و ان عذابى هو العذاب الاليم).
«و تزهدهم فى سعه العاجل»
اى ترغبهم فى ترك الدنيا و زينتها.
«للاجل» و فى س الاجل اى العمل الذى ينفع فى الاجل.
018 04 «من محذوراتها»
اى مضلاتها، و قال اميرالمومنين عليه السلام فى النهج: لا يقولن احدكم اللهم انى اعوذ بك من الفتنه، لانه ليس احد الا و هو مشتمل على فتنه، و لكن من استعاذ فليستعذ من مضلات الفتن، فان الله سبحانه يقول: (و اعلموا انما اموالكم و اولادكم
018 04 فتنه)، و كان رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم يخطب على المنبر فجاء الحسن و الحسين عليهماالسلام و عليهما قميصان احمران يمشيان و يعثران، فنزل رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم من المنبر فحملهما و وضعهما على يديه ثم قال صدق الله حيث قال (انما اموالكم و اولادكم فتنه)، لقد قمت اليهما و ما معى عقلى.
«و كبه النار»
اى الكبه فيها فالاضافه بمعنى فى، او الكبه و الصرعه عليها فالاضافه تلبسيه، و قال فى النهايه الكبه الشده و حينئذ فكبه النار شده لهبها، فهى اما من باب اضافه الصفه الى الموصوف و اما من باب غلام زيد.
019 04 «من مقيل المتقين»
بيان للامن و المقيل اسم زمان او مكان او مصدر ميمى من القيلوله و هى النوم فى الظهيره.
001 05
دعاوه عليه السلام لنفسه و اهل ولايته
بكسر الواو و فتحها، فالفتح على المصدريه، و بالكسر على المعنى الحاصل بالمصدر مثل الاماره و النقابه و المراد بها القرب و المحبه و النصره.
001 05 «يا من لا تنقضى عجائب عظمته»
اى لا يفرغ من خلق الامور العجيبه كما زعمت اليهود من انه تعالى قد قدر الامور و فرغ منها يوم السبت فيده مقبوضه عن الخلق، تعالى عما يقول الكافرون علوا كبيرا بل هو كل يوم فى شان، و قيل ان المراد ان التفكر فى مصنوعاته العجيبه الصادره عن كمال عظمته لا تنقضى، بل و لو فكر المفكرون فى عجائب مصنوع واحد دهر الداهرين لم يفرغوا من الافكار لما اودعه فيه من عجائب الصنع.
«عن الالحاد فى عظمتك»
الالحاد ورد بمعنى الميل و العدول، و بمعنى المماراه و المجادله، و بمعنى الانكار للامور البديهيه، و كلها يناسب المقام لان المعنى الاول: امنعنا عن العدول فى
001 05 عظمتك اما بان نضيف ما يصدر منها لغيرك كعقل فعال الفلاسفه، او نشركه معك او نصفك بضدها، و على الثانى و الثالث: يكون معناه امنعنا عن المماراه و الانكار لعظمتك الظاهره ظهور الشمس فى رابعه النهار، اذا تحققت هذا فقول الفاضل الكاشى لا يجوز ان يراد بالالحاد هنا الميل و العدول بل المماراه و المجادله ليس على ما ينبغى، و ربط التفريع ظاهر لان عجائب مخلوقاتك اذا لم تتم فاحتجبنا عن ان نضيف شيئا منها الى غيرك.
002 05 «و اعتق رقابنا»
لان سلطانك لو كان له مده معينه لصبرنا على نقمتك حتى تزول تلك المده.
004 05 «دون رويته الابصار»
اى عندها او قبل الوصول اليها او عندما هو ادون منها، كما قال عليه السلام لن تستطيع النظر الى الشمس و نورها جزء من سبعين الف من نور العرش فكيف تستطيع النظر الى خالقها، و الابصار جمع البصيره او البصر.
«و ادننا الى قربك»
لانا لا نقدر على رويتك حتى نقرب بسببها اليك كما يقرب بعضنا الى بعض.
005 05 «عند خطره الاخطار»
الخطر يجى ء بمعنى القدر و المنزله، و بمعنى الخوف و الاشراف على الهلاك، و بمعنى السبق الذى تراهن عليه، و بمعنى العوض و المثل، و بمعنى الحظ و النصيب، و الاضافه على الاول اما بمعنى اللام او بمعنى من، و ان كان بمعنى السبق فهو عباره عن الجنه، كما قال اميرالمومنين عليه السلام الا و ان اليوم المضمار و السباق غدا الا و ان السبقه الجنه و الغايه النار.
«و كرمنا عليك»
اى امنحنا الكرامه و الزلفى حال ورودنا عليك لانه لو كان يحصل من غيرك المنزله الرفيعه لطلبناها منه، و هذا ربما اراده المعنى الاول للخطر.
007 05 «عن هبه الوهابين» فضلا عن هبه الواهبين.
007 05 «وحشه القاطعين»
اى الوحشه الحاصله لنا بسبب قطع القاطعين لنا، و قيل المراد وحشتهم منا، و تجنبهم و بعدهم عنا، اى اكفناها بعطيتك حتى لا يستوحش احد منا، او حتى يكون انسا لنا بدل الانس بهم، و قوله عليه السلام «و حتى لا نرغب و لا نستوحش» لف و نشر مرتب لقوله اغننا و اكفنا.
008 05 «و لا تكد علينا»
اى لا تعاملنا معامله اهل الكيد و المكر، و حاصله لا تكد لغيرنا حال كونك مستعليا علينا، و قيل المراد لا تجازينا على كيدنا على غيرنا بل اعف عنه و اصفح و هو كما ترى.
«و امكر لنا»
المكر من الناس الاحتيال، و منه تعالى المجازاه عليه، سمى به على طريق المشاكله، او المراد به الاستدراج فانه شبيه بالمكر ايضا.
«و ادل لنا و لا تدل منا»
الدوله بالضم ما يتداول من المال يكون تاره لهذا و اخرى لذاك، و بالفتح الغلبه و النصره، اى اصرف الدوله من عدونا الينا لا منا اليه، و يجوز ان يكون من باب الافعال هنا للسلب كاشتكيت زيدا، و معناه حينئذ سلب الدوله و الغلبه من اعدائنا لنفعنا و لا تسلبها منا لهم.
009 05 «و احفظنا» كسر الفاء بالحمره و لم يوافق القواعد.
«ان من تقه يسلم»
و فى ش تقيه و الاختلاف جزما و رفعا بناء على ان المبتدا المتضمن معنى الشرط اذا تقدمت عليه ان المكسوره فهل يخرج عن مشابهه الشرط و تسلب عنه احكامه كجزم شرطه و جزائه و دخول الفاء فى خبره ام لا، سيبويه على الاول لفوت الصداره و بناء ما فى س عليه، و الاخفش على الثانى و عليه نسخه الرفع، و قد عرجنا فى مولفاتنا النحويه على هذا لوروده فى افصح الكلام.
010 05 «حد نوائب الزمان» اى حدتها و شدتها و النوائب المصائب.
«مصائد الشيطان»
اما جمع مصيد مصدر ميمى، او اسم مكان، و اما جمع مصيده اسم للاله، و من اعظم مصائده العباده، روى الكلينى باسناده الى ابى عبدالله عليه السلام، قال كان عابد فى بنى اسرائيل لم يقارف من امر الدنيا شيئا، فنخر ابليس نخره فاجتمع جنوده، فقال من لى بفلان بن فلان، فقال بعضهم انا له، فقال من اين تاتيه؟ قال من ناحيه النساء، قال لست له لم يجرب النساء، قال آخر فانا له من ناحيه الشراب و اللذات، قال آخر فانا له من ناحيه البر، قال انطلق فانت صاحبه، فانطلق الى موضع الرجل فقام حذاه يصلى، قال و كان الرجل ينام و الشيطان لا ينام، و يستريح و الشيطان لا يستريح، فتحول اليه الرجل و قد تقاصرت اليه نفسه و استصغر عمله، فقال يا عبدالله باى شى ء قويت على هذه الصلاه فلم يجبه، ثم اعاد عليه، فقال يا عبدالله انى اذنبت ذنبا و انا تائب منه فاذا ذكرت الذنب قويت على الصلاه، قال فاخبرنى عن ذنبك حتى اعمله و اتوب فاذا فعلته قويت على الصلاه، قال ادخل المدينه وسل عن فلانه البغيه فاعطها درهمين ونل منها، قال و من اين لى درهمان، ما ادرى ما الدرهمين، فتناول الشيطان من تحت قدمه درهمين فناوله اياهما، فقام فدخل المدينه بجلابيبه فسال عن منزل فلانه البغيه فارشده الناس و ظنوا انه جاء يعظها فارشدوه، فجاء اليها فرمى اليها بالدرهمين و قال قومى، فقامت و دخلت منزلها و قالت ادخل، و قالت انك جئتنى فى هيئه ليس ياتى مثلى فى مثلها فاخبرنى بخبرك، فاخبرها، فقالت له يا عبدالله ان ترك الذنب اهون من طلب التوبه، و ليس كل من طلب التوبه وجدها، و انما ينبغى ان يكون هذا شيطانا مثل (لك) ذلك فانصرف فانك لا ترى شيئا، فانصرف و ماتت فى ليلتها فاصبحت فاذا على بابها مكتوب احضروا فلانه فانها من اهل الجنه، فارتاب الناس فمكثوا ثلاثا لا يدفنوها ارتيابا فى امرها، فاوحى الله عز و جل الى نبى من الانبياء لا اعلمه الا موسى بن عمران ان ائت فلانه فصل عليها و مر الناس ان يصلوا عليها، فانى قد غفرت لها و اوجبت لها الجنه بتثبيطها فلان عبدى عن معصيتى.
011 05 «المكتفون» اى المانعين جور الجائرين ان يصل اليهم.
«جدتك»
(يجوز فيها امران بالكسر لانها مجروره و بالضم على انها مبتدا) عطيتك مصدر وجد يجد اى استغنى او اغنى لا جاد يجود.
«بنور وجهك»
اى ذاتك او الجهه الموصله الى القرب منك، و قال الصادق عليه السلام نحن وجه الله، و وجه التجوز ظاهر فانا نواجه الله بهم.
012 05 «من واليت» اى احببته او توليت امره و نصرته.
«خذلان» يقال خذله خذلانا اذا ترك نصرته.
«لم يغوه» اى لم يجعله ضالا، و فى س بفتح ياء المضارعه و هو غلط.
013 05 «بعزتك» غلبتك.
«من عبادك»
القاصدين لنا بمكروه، او عن الالتجاء اليهم فى حوائجنا بان تتولى قضاءها.
«بارفادك» اعطائك.
«و اسلك بنا طريق الحق»
اى اسلكنا فيه، او اسلك مصاحبا لنا فى طريق الحق و هو ابلغ من سابقه.
014 05 «و اجعل سلامه قلوبنا فى ذكر عظمتك»
اى اجعل سلامه قلوبنا من الافات حال كونها مشغوله بذكر عظمتك، فهو طلب التحليه بعد طلب التخليه، و يجوز ان يكون المعنى اجعل سلامه قلوبنا و دواءها فى ذكر عظمتك، يعنى ان يكون ذكر العظمه دواء لسلامه قلوبنا من الالام.
015 05 «الخاصين» شديدى الخصوصيه.
001 06 دعاوه عليه السلام عند الصباح و المساء
001 06 «خلق الليل و النهار بقدرته»
الخلق يجى ء تاره بمعنى الايجاد و اخرى بمعنى التقدير، كقوله تعالى: (الذى خلق الموت و الحياه)، و النهار لكونه امرا وجوديا يصح اطلاق الخلق عليه بالمعنى الاول، و اما الليل فالمحققون على ان الخلق الواقع عليه يكون بالمعنى الثانى لانه عباره عن عدم الضوء، و الايجاد لا يتعلق بالمعدوم، و بعضهم على صحه اطلاقه عليه حيث انه مسبب عن امر وجودى اعنى استتار الشمس، و قول الصادق عليه السلام ان الله تعالى ضاد بين النور و الظلمه، مما يدل على انه امر وجودى، و التعبير عنه بمفهوم عدمى لا يدل على عدميته، فان كل الامور الوجوديه يمكن التعبير عن كل واحد منها بمفهوم عدمى، و قوله بقدرته معناه بلا معاون و نصير، و يجوز ان يكون اشاره الى عظمتهما فان الامور العظيمه الغريبه تنسب اليه غالبا، كقوله تعالى: (قل الروح من امر ربى)، و قوله صلى الله عليه و آله و سلم طوبى شجره فى الجنه غرسها الرحمن بيده، و يجوز ان يكون اشاره الى انه من خلق الله تعالى لا من خلق الملائكه الخلاقين الذين يامرهم الله تعالى بالخلق و التصوير، كما عرفت، اذا تحققت هذا. فاعلم انه قد روى عن الرضا عليه السلام انه قال: سالنى رجل بالمدينه فقال: النهار خلق ام الليل؟ و كان الفضل بن سهل و المامون حاضرين، فقلت لهم فما عندكم؟ فقال الفضل للرضا عليه السلام اخبرنا بها، قال من القرآن ام من الحساب؟ قال له الفضل من جهه الحساب، فقال قد علمت يا فضل ان طالع الدنيا السرطان و الكواكب فى موضع شرفها فزحل فى الميزان و المشترى فى السرطان و الشمس فى الحمل و القمر فى الثور فذلك يدل على كينونه الشمس فى الحمل فى العاشر من الطالع فى وسط الدنيا فالنهار خلق قبل الليل، و فى قوله تعالى: (لا الشمس ينبغى لها ان تدرك القمر و لا الليل سابق النهار) اى قد سبقه النهار، و حينئذ فتقديم الليل هنا يمكن ان يكون اشاره الى الاصطلاح الشرعى فى تحديدهما و هو من غروب الشمس الى غروبها، و الليل مقدم فيه على النهار، و العرف و اللغه على
001 06 تحديدهما من طلوع الشمس الى طلوعها، و المنجمون على انهما من الزوال الى الزوال، و اهل خطا و ايغور على انهما من نصف الليل الى النصف الاخر، كذا قيل و هو بعيد، بل الوجه فيه ان القدره على خلق الليل اكمل منها على خلق النهار، حيث انه تعالى نور، فصدور النور منه اسهل من صدور نقيضه منه.
002 06 «خلق الليل و النهار بقدرته»
الخلق يجى ء تاره بمعنى الايجاد و اخرى بمعنى التقدير، كقوله تعالى: (الذى خلق الموت و الحياه)، و النهار لكونه امرا وجوديا يصح اطلاق الخلق عليه بالمعنى الاول، و اما الليل فالمحققون على ان الخلق الواقع عليه يكون بالمعنى الثانى لانه عباره عن عدم الضوء، و الايجاد لا يتعلق بالمعدوم، و بعضهم على صحه اطلاقه عليه حيث انه مسبب عن امر وجودى اعنى استتار الشمس، و قول الصادق عليه السلام ان الله تعالى ضاد بين النور و الظلمه، مما يدل على انه امر وجودى، و التعبير عنه بمفهوم عدمى لا يدل على عدميته، فان كل الامور الوجوديه يمكن التعبير عن كل واحد منها بمفهوم عدمى، و قوله بقدرته معناه بلا معاون و نصير، و يجوز ان يكون اشاره الى عظمتهما فان الامور العظيمه الغريبه تنسب اليه غالبا، كقوله تعالى: (قل الروح من امر ربى)، و قوله صلى الله عليه و آله و سلم طوبى شجره فى الجنه غرسها الرحمن بيده، و يجوز ان يكون اشاره الى انه من خلق الله تعالى لا من خلق الملائكه الخلاقين الذين يامرهم الله تعالى بالخلق و التصوير، كما عرفت، اذا تحققت هذا. فاعلم انه قد روى عن الرضا عليه السلام انه قال: سالنى رجل بالمدينه فقال: النهار خلق ام الليل؟ و كان الفضل بن سهل و المامون حاضرين، فقلت لهم فما عندكم؟ فقال الفضل للرضا عليه السلام اخبرنا بها، قال من القرآن ام من الحساب؟ قال له الفضل من جهه الحساب، فقال قد علمت يا فضل ان طالع الدنيا السرطان و الكواكب فى موضع شرفها فزحل فى الميزان و المشترى فى السرطان و الشمس فى الحمل و القمر فى الثور فذلك يدل على كينونه الشمس فى الحمل فى العاشر من الطالع فى وسط الدنيا فالنهار خلق قبل الليل، و فى قوله تعالى: (لا الشمس ينبغى لها ان تدرك القمر و لا الليل سابق النهار) اى قد سبقه النهار، و حينئذ فتقديم الليل هنا يمكن ان يكون اشاره الى الاصطلاح الشرعى فى تحديدهما و هو من غروب الشمس الى غروبها، و الليل مقدم فيه على النهار، و العرف و اللغه على
002 06 تحديدهما من طلوع الشمس الى طلوعها، و المنجمون على انهما من الزوال الى الزوال، و اهل خطا و ايغور على انهما من نصف الليل الى النصف الاخر، كذا قيل و هو بعيد، بل الوجه فيه ان القدره على خلق الليل اكمل منها على خلق النهار، حيث انه تعالى نور، فصدور النور منه اسهل من صدور نقيضه منه.
003 06 «حدا محدودا» نهايه معينه.
«و امدا ممدودا»
غايه ممتده، و يجوز ان يكون الوصف فيهما للمبالغه كليل اليل.
004 06 «يولج كل واحد منهما فى صاحبه و يولج صاحبه فيه»
اى ينقص من كل منهما ما يجعله زياده فى الاخرى، او انه تعالى يدخل احدهما فى الاخر باتيانه بدلا منه فى مكانه، و المعنيان يستفادان من الجمله الاولى فما فائده الثانيه؟
قال شيخنا البهائى (قده) هو التنبيه على امر مستغرب، و هو حصول الزياده و النقصان معا فى كل منهما فى آن واحد، و ذلك بحسب اختلاف البقاع، كالشماليه عن خط الاستواء و الجنوبيه عنه، سواء كانت مسكونه او لا، فان صيف الشماليه شتاء الجنوبيه و بالعكس، فزياده النهار و نقصانه فى واحد لكن فى بقعتين، و كذا زياده الليل و نقصانه، و لو لم يصرح عليه السلام بقوله و يولج صاحبه فيه لم يحصل التنبيه على ذلك، بل كان الظاهر من كلامه عليه السلام وقوع زياده النهار فى وقت و نقصانه فى آخر، و كذا الليل كما هو محسوس معروف للخاص و العام، فالواو فى قوله عليه السلام و يولج صاحبه فيه واو الحال باضمار مبتدا، كما هو المشهور بين النحاه، انتهى، و هذا و ان كان تحقيقا لطيفا لم يسبق اليه الا ان تكرار المعانى بتغيير العبارات شائع ذائع فى مقام الدعاء.
005 06 «و نهضات النصب»
و المراد الترددات البدنيه الموجبه للنصب، و فى بعض النسخ بالباء التحتانيه من بهظه اثقله و عجز عنه.
005 06 «جماما» اى راحه.
«لذه» اما راحه النفس، او لذه الجماع، او الاعم منهما.
006 06 «مبصرا»
مضيئا، او مضيئا للناس من ابصره فبصر، او مبصرا اهله كاجبن الرجل اذا صار اهله جبناء، او مجازا من باب صام نهاره.
«و يسرحوا فيه» استعاره مكنيه و تخييليه و ما احسنهما.
007 06 «و يبلو اخبارهم»
يختبرها كقوله تعالى: (يوم تبلى السرائر)، و فى نسخه الشهيد (قده) فتح واو يبلو مع انه معطوف على مرفوع، و اعتذر عنه شيخنا البهائى (قده) انه على طريق الحكايه من الايه كاثبات الالف كتابه مع انها واو افراد لان اثباتها فى القرآن من اغاليط عثمان، و يجوز ان يكون يصلح فى موضع فعل منصوب بلام كى و قد حذف لصحه اراده المعنيين، كما قاله الاخفش فى جزم و اكن، فى قوله تعالى: (فاصدق و اكن من الصالحين) من ان المنصوب فى موضع مجزوم كانه قال اخر لى اصدق، و مثله قوله تعالى: (و من يضلل الله فلا هادى له و يذرهم) لان لا هادى فى موضع مجزوم، و مثله قول الشاعر:
و ابلونى بليتكم لعلى
اصالحكم و استدرج نويا
و قوله:
ايا سلكت فاننى لك كاشح
و على انتقاصك فى الحياه و ازدد
«و منازل فروضه و مواقع احكامه»
و فى بعض النسخ فتحها او كانه معطوف على قوله كيف هم لانه بمعنى حالهم، و ينظر منازل فروضه و المراد بالمنازل هنا اوقات الواجبات كالصبح و الظهر مثلا تشبيها لها بمنازل المسافر التى يقطعها بسيره بجامع الوصول الى المطلوب و بمواقع الاحكام التكاليف فان الوجوب و الاستحباب و الحرمه و الكراهه واقعه عليها.
007 06 «ليجزى الذين اساووا بما عملوا و يجزى الذين احسنوا بالحسنى»
اللام اما ان يتعلق بخلق السابق اى خلقهما و جعلهما ظرفا للتكليف لغرض الجزاء، و اما ان يتعلق بيصلح و ما عطف عليه و اللام للعاقبه لانه كان عاقبه اختبارهم، و الاساءه فسرت تاره بالشرك كما فسر الاحسان بالتوحيد و الحسنى بالمثوبه الحسنى و هى الجنه، و اخرى بان المعنى بسبب ما عملوا من السوء و بسبب الاعمال الحسنى و جاء تفسيرها فى الاخبار انه تعالى يجازى المسيئين بازاء اعمالهم من غير زياده، بل الواحده بواحده و يجازى المحسنين بما هو احسن من اعمالهم و ازيد من جزائه، كان يجازى بالحسنه عشره او سبعمائه، او انه يضاعف لمن يشاء كما اشار اليه فى الكتاب العزيز بناء على اختلاف مراتب الاعمال و العاملين.
008 06 «فقلت لنا من الاصباح»
اى شققت عمود الصبح عن ظلمه الليل، او شققت ظلمه الاصباح و هو الغبش الذى يليه، و الاصباح فى الاصل مصدر اصبح اذا دخل فى الصباح سمى به الصبح.
«و متعتنا»
اى جعلتنا منتفعين به من ضوء النهار، من فيه و فى مكتنفيه للبيان، و فيه دليل على ما اجمع عليه علماء الاماميه بل علماء الاسلام من ان اول النهار طلوع الفجر، حتى انتهت النوبه الى بعض المحدثين من المعاصرين فذهب الى ان اول النهار طلوع الشمس تبعا للاعمش من العامه، استنادا الى امارات لا تفيد ظنا فضلا عن افادتها علما، و قد اشبعنا الكلام معه فى كتابنا الموسوم ب«غايه المرام قى شرح تهذيب الاحكام».
«مطالب» جمع مطلب مصدر ميمى او اسم مكان.
009 06 «لك سماوها»
قيل هى جمله استئنافيه، و قيل هى حاليه رابطها الضمير وحده على ضعف كما فى كلمته فوه الى فى، او بتقدير فعل ماض مع قد، وظنى ان هذا كله تكلف، بل الظاهر ان سماوها و ما عطف عليه مجرور عطف بيان للاشياء.
009 06 «بثثت»
فرقت و نشرت. ساكنه مع ما عطف عليه مرفوعا و مجرورا فالرفع على انه عطف بيان او بدل لقوله و ما بثثت، و الجر على البدليه من كل واحد و ركاكه المعنى تاباه.
«و شاخصه» و هو ضد المقيم.
«و ما كن تحت الثرى»
بفتح الكاف من كن اى ستر، و هو متعد و حاصله ستره الله، و فى س ضمها من الكن بمعنى الستر او الكون، و الثرى التراب الندى، و ما تحته قيل هو الكنوز و الاموات، و قيل ما هو اعم منه، و الظاهر ان المراد به ما تضمنته اخبار الصادقين عليهم السلام من ان قرار الارض على عاتق ملك، و قدما ذلك الملك على صخره، و الصخره على قرن ثور، و الثور قوائمه على ظهر الحوت فى اليم الاسفل، و اليم على الظلمه، و الظلمه على العقيم، و العقيم على الثرى، و ما يعلم تحت الثرى الا الله تعالى.
010 06 «اصبحنا»
اى دخلنا فى الصباح، او صرنا ذوى صباح، و اذا قرى ء عند المساء فينبغى ان يبدل لفظ الصباح بالمساء كما ذكره الشيخ الكفعمى فى حواشى المصباح.
«و سلطانك» مصدر كغفران اى تسلطك.
«عن امرك»
اى ناشيا عنه فانك امرتنا بالسعى و التصرف، و يجوز ان يراد بالامر هنا القضاء و القدر، من الامر اى النفع او ما يصل الينا او يكون علينا.
012 06 «و هذا يوم حادث جديد»
هذه الفقار تدل على اختصاص هذا الدعاء فى وقت الصباح، و يويده عدم ذكر المساء فى بعض الصحائف المعتبره، و على ما فى الاكثر من وجود لفظ المساء فالظاهر ان هذه الفقار لا تاباه ايضا، لان المساء هو آخر النهار كما ان الصباح اوله، فيصح الاشاره اليه بهذا، لان معناه ان هذا اليوم الجديد بالنسبه الى ما تقدمه من الايام
012 06 الذى نحن فى آخره شاهد علينا فاعصمنا من الذنوب فى تعيينه بعدم الارتكاب، و فيما مضى منه بتبديل السيئات التى صدرت منا فيه حسنات، كقوله عليه السلام و اجعل ما مضى من اعمارنا فى طاعتك، و ان قرى ء ايضا عند خروج النهار باجمعه فيمكن فيه هذا التاويل ايضا بنوع من التقريب، و هو احسن من تغيير هذه الفقار بغيرها كما زعمه بعضهم.
«و هو علينا شاهد عتيد»
بسكون الهاء مخفف الضم كما فى س تشبيها له بعضد الكتف، و بالجمله فتسكين الهاء فصيح مع الواو و الفاء و اللام لانها صارت كالجزء مع كثره الاستعمال، و لذا لم يوت بهمزه الابتداء حال السكون، و شبه بالمذكورات ما فيه الهمزه لانها و ان لم تكثر كثرته لكنها على حرف واحد مثله، و كذا ما فيه ثم لكونها للعطف مثل الواو و الفاء، و عتيد بمعنى حاضر، و قد قيل فى شهاده الايام و نحوها ضروب من التاويل:
الاول: انه من باب الكنايه، كما يقول من يدعى امرا ظاهرا يشهد لى السقوف و الجدران.
الثانى: من باب المجاز العقلى فان الشهاده حقيقه انما تصدر من الملائكه الحافظين للاعمال فى ذلك اليوم، فاسنادها الى اليوم مجاز من باب انبت الربيع البقل.
الثالث: انه تعالى يخلق بكل عباده و كل عمل صوره حسنه او قبيحه تشهد على فاعل ذلك الفعل بما فعل، و هذه طريقه استاذنا العلامه مد ظله العالى، و عليها حمل الاخبار الداله على تجسم الاعمال.
الرابع: و هو الذى اذهب اليه فى معنى هذه الادعيه الماثوره و الاخبار المشهوره، من القول بتجسم الاعمال فى تلك النشاه، و الاخبار فيه مستفيضه، قال اميرالمومنين عليه السلام ما من يوم يمر على ابن آدم الا قال له ذلك اليوم، انا يوم جديد و انا عليك شهيد فقل فى خيرا او اعمل فى خيرا اشهد لك به يوم القيامه فانك لن ترانى بعدها ابدا، و هذا هو احد معانى الحديث المشهور عنه صلى الله عليه و آله و سلم لا تعادوا الايام فتعلديكم، و من معانيه ايضا ما رواه الصقر بن ابى دلف عن ابى الحسن العسكرى عليه السلام انه عليه السلام قال، نحن الايام، فالسبت اسم رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم و الاحد
012 06 اميرالمومنين عليه السلام و الاثنين الحسن و الحسين عليهماالسلام و الاربعاء موسى بن جعفر و على بن موسى و محمد بن على و انا و الخميس ابن الحسن و الجمعه ابن ابنى و اليه تجمع عصابه الخلق، فهذا معنى الايام فلا تعادوهم فى الدنيا فيعادوكم فى الاخره، و هذا من غرائب التفسير مثل الذى رواه جابر عن ابى جعفر عليه السلام فى قول الله عز و جل: (ان عده الشهوه عند الله اثنا عشر شهرا فى كتاب الله يوم خلق السموات و الارض منها اربعه حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن انفسكم)، قال فتنفس سيدى الصعداء ثم قال يا جابر اما السنه فهى جدى رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم و شهورها اثنى عشر شهرا فهم الائمه عليهم السلام و الاربعه الحرم اربعه يخرجون باسم واحد على اميرالمومنين و ابى على بن الحسين و على بن موسى و على بن محمد و الاقرار بهولاء الاربعه هو الدين القيم فلا تظلموا فيهن انفسكم اى تولوا بهم جميعا تهتدوا، و من معانى الحديث ايضا انه يتضمن الرد على المنجمين و الحساب فى قولهم هذا يوم حسن و هذا يوم نحس، و اما ما ورد عن الائمه عليهم السلام فى الاحتراز عن بعض الايام و قضاء الحوائج فيه كيوم الاثنين لانه عيد بنى اميه، فغير دال على معاداه ذلك اليوم، بل على معاداه الترددات و قضاء الحاجات فيه لان الزمان لا ينبغى سبه و معاداته، لما روى من انه صلى الله عليه و آله و سلم قال لا تسبوا الدهر فان الدهر هو الله، و معناه انه تعالى الذى خلقه و جلب الحوادث فيه، فتناول الزمان يرجع الى تناوله تعالى.
«بحمد» اى متلبسا بحمدنا.
013 06 «بارتكاب جريره»
متعلق بسوء لا بمفارقه، و الجريره الجنايه و منه ضمان الجريره و المراد بها هنا الخطيئه لانها جنايه على النفس.
014 06 «و اجرا و ذخرا» اى ما يوجبهما من الطاعات.
015 06 «مونتنا»
لانهم ملائكه كرام يشق عليهم عصيان مولاهم، و يمكن ان تكون المشقه عليهم باعتبار ما رواه عبدالله بن موسى بن جعفر عن ابيه عليه السلام، قال سالته عن الملكين هل يعلمان بالذنب اذا اراد العبد ان يفعل السيئه و الحسنه، فقال ريح الكنيف و الطيب واحد؟ قلت لا، قال ان العبد اذا هم بالحسنه خرج نفسه طيب الريح فقال صاحب
015 06 اليمين لصاحب الشمال قم فانه قد هم بالحسنه، فاذا فعلها كان لسانه قلمه و ريقه مداده فاثبتها، و اذا هم بالسيئه خرج نفسه منتن الريح فيقول صاحب الشمال لصاحب اليمين قف فانه هم بالسيئه فاذا هو فعلها كان لسانه قلمه و ريقه مداده و اثبتها عليه، و حينئذ فالمشقه عليهم باعتبار تلك الرائحه المنتنه، و اما وصفهم بالكرام فلما روى انهم اذا كتبوا حسنه يصعدون الى السماء و يعرضون على الله تعالى و يشهدون على ذلك فيقولون ان عبدك فلانا عمل حسنا كذا و كذا، و اذا كتبوا من العبد سيئه يصعدون بها الى السماء مع الغم و الحزن، فيقول الله تبارك و تعالى ما فعل عبدى؟ فيسكتون حتى يسال الله ثانيا و ثالثا، فيقولون الهى انت ستار و امرت عبادك ان يستروا عيوبهم استر عيوبهم و انت علام الغيوب، و لذا يسمون كراما كاتبين.
«و لا تخزنا عندهم»
بان لا نعمل قبيحا او اذا عملناه فلا تطلعهم عليه، كما روى انه ما من احد الا و له مثال و شبح فى السموات فاذا ركع العبد و سجد و صنع شيئا من افعال البر نظر الملائكه الى مثاله يفعل مثله فاستغفروا له و اذا عمل معصيه ارخى الله تعالى الستر على ذلك المثال حتى لا ينظروا اليه، و هو معنى قوله عليه السلام يا من اظهر الجميل و ستر القبيح.
016 06 «من عبادك»
اى من دعائهم و علومهم الواصله الى منهم، و فى بعض النسخ عبادتك و هو انسب بما بعده، بل يمكن ارجاع ما فى الاصل اليه، قال الفاضل الرضى و قد يحذف هاء التانيث من المضاف اذا امن اللبس كقوله تعالى: (اقام الصلاه)، و قولهم ابوعذرها و لا يقاس على ذلك، و قالوا ان الفراء يقيس.
«و شاهد صدق»
اى بصدق اعمالى و انها لك لا اشرك احدا معك فيها.
017 06 «و احفظنا من بين ايدينا، انتهى».
اقتباس مما حكاه الله سبحانه عن الشيطان فى قوله: (لاقعدن لهم صراطك المستقيم ثم لاتينهم) الايه، و قيل فيه ضروب من التفسير.
017 06 احدها: ان المعنى من قبل دنياهم و آخرتهم و من جهه حسناتهم و سيئاتهم، اى ازين لهم الدنيا و اخوفهم الفقر و اقول لهم لا بعث و لا حساب، و اثبطهم عن الحسنات و احثهم على المعاصى، و لم يقل من فوقهم لانها جهه نزول الرحمه من السماء فلا سبيل له الى الله، و لم يقل من تحت ارجلهم لان الاتيان منه يوحش.
و ثانيها: ان معنى من بين ايديهم و عن ايمانهم من حيث يبصرون، و من خلفهم و عن شمائلهم من حيث لا يبصرون.
و ثالثها: ما روى عن ابى جعفر عليه السلام قال لاتينهم من بين ايديهم اهون عليهم امر الاخره و من خلفهم آمرهم بجمع الاموال و البخل بها عن الحقوق لتبقى لورثتهم، و عن ايمانهم افسد عليهم امر دينهم بتزيين الضلاله و تحسين الشبهه، و عن شمائلهم بتحبيب اللذات و تغليب الشهوات على قلوبهم.
و رابعها: انه كنايه عن الاحاطه التامه و الاقتدار العام، و ما هنا عكس ما فى الايه لان هناك الاخبار عن اغوائه، و المقصود هنا طلب الحفظ منه، و انما دخلت من فى القدام و الخلف و عن فى اليمين و الشمال لان فى القدام و الخلف معنى طلب النهايه و فى اليمين و الشمال الانحراف عن الجهه.
«مستعملا لمحبتك»
اى تستعمله العباد لتحصيل محبتك لهم او محبتهم لك، و فى س على صيغه الفاعل فاللام على الاول للتعليل و على الثانى للتعديه.
018 06 «و اتباع السنن»
السنه اصطلاح الاخباريين على معان، احدها ان المراد به ما يقابل الواجب.
و ثانيها: ان المراد به المستحب الذى داوم على فعله النبى (ص) و يقابله التطوع و هو ما لم يداوم (ص) على فعله كصوم رجب و شعبان، فان صوم الاول تطوع و الثانى سنه.
و ثالثها: الواجب الذى علم وجوبه من سنه النبى صلى الله عليه و آله و سلم و يقابله الفرض و هو ما علم وجوبه من القرآن لقوله عليه السلام الاختتان سنه و غسل الجنابه فرض.
و رابعها: اطلاقها على ما ثبت جوازه من الدين و امر به فيتناول المباح، و اراده كل من هذه المعانى هنا جائزه.
018 06 و اما تسميه المخالفين انفسهم باهل السنه و الجماعه، فروى ابن بطه فى كتابه المعروف بالابانه: قال الحجاج: تسميه السنه و الجماعه كانت سنه اربعين، اى كان الاجتماع على معاويه، و من ذلك ما رواه الكرابيسى و هو من اهل الظاهر فقال انما سمى هذا زيد بن معاويه لما ادخل راس الحسين عليه السلام و كان اول من دخل ذلك الباب سمى سنيا، و روى الشيخ العكبرى فى كتاب الزواجر قال ان معاويه سمى ذلك العام عام السنه، و هذه الروايات كلها من طرقهم، فانظر الى اصل تسميتهم بهذا الاسم الذى صاروا يفتخرون به على الروافض و يعيرونهم بهذا الاسم مع ان الشيخ الكلينى (قده) روى حديثا مسندا عن سليمان و فيه قلت لابى عبدالله عليه السلام جعلت فداك انا نبزنا بنبز انكسرت له ظهورنا و ماتت له افئدتنا و استحلت له الولاه دماءنا فى حديث رواه لهم فقهاوهم، فقال ابوعبدالله عليه السلام الرافضه؟ قلت نعم، قال لا و الله ما هم سموكم بل الله سماكم به، اما علمت يا ابامحمد ان سبعين رجلا من بنى اسرائيل رفضوا فرعون و قومه لما استبان لهم ضلالهم فلحقوا بموسى عليه السلام لما استبان لهم هداه فسموا فى عسكر موسى عليه السلام الرافضه، لانهم رفضوا فرعون و كانوا اشد ذلك العسكر عباده و اشدهم حبا لموسى و هرون و ذريتهما عليهماالسلام، فاوحى الله عز و جل الى موسى عليه السلام ان اثبت لهم هذا الاسم فى التوراه فانى قد سميتهم به و نحلتهم اياه، فاثبت موسى عليه السلام الاسم لهم، ثم ذخر الله عز و جل لكم هذا الاسم حتى نحلكموه. يا ابامحمد رفضوا الخير و رفضتم الشر، الحديث.
«و مجانبه البدع»
جمع بدعه و هو ما لم يثبت جواز فعله من الشريعه، و تقسيم بعض الاصحاب لها الى الاحكام الخمسه و جعلوا من البدع المستحبه بناء الرباطات و المدارس لانه لم يكن فى عصره عليه السلام غير جيد، فان عمومات الاحاديث تشمل هذا و امثاله، و تعريف البدع هنا و جمعيته و قوله عليه السلام كل بدعه ضلاله و كل ضلاله سبيلها الى النار يويد ما ذكرناه.
«و الامر بالمعروف و النهى عن المنكر»
لعل المراد بالمعروف الحسن المشتمل على نوع ارجحيته، فيختص بالواجب و المندوب، و بالمنكر القبيح اعنى الحرام، و فى وجوبهما كفايه او على التعيين خلاف
018 06 اشهرهما الاول، لما رواه مسعده بن صدقه قال سمعت اباعبدالله عليه السلام و (قد) سئل عن الامر بالمعروف و النهى عن المنكر اواجب هو على الامه جميعا، فقال لا، فقيل و لم؟ قال انما هو على القوى المطاع العالم بالمعروف من المنكر، لا على الضعفاء الذين لا يهتدون الى اى من اى من الحق الى الباطل، و الدليل على ذلك قول الله عز و جل: (و لتكن منكم امه يدعون الى الخير و يامرون بالمعروف و ينهون عن المنكر)، فهذا خاص غير عام، و الشيخ على الثانى، و هو الذى اذهب اليه لعمومات الايات و الاخبار بل و منها هذا الخبر فانه انما دل على سقوطه عن فاقد الشرائط و وجوبه على غيره، و هذا بعينه هو الوجوب العينى لان من قال به قيده بهذه الشروط و غيرها مثل اصرار المامور و المنهى عليهما و ان لا يلحق الامر او بسببه ضرر، و حينئذ ففائده الخلاف ظاهره فيما لو كان فى بلد شخص مصر على ترك العباده و فى ذلك البلد جماعه مستجمعون لتلك الشرائط فبمجرد نهى احدهم له قبل التاثير هل يسقط عن الباقين ام يجب مبادرتهم كلهم الى نهيه حتى يحصل ذلك الاثر، فعلى الاول ثبت الاول و على الثانى ثبت الثانى، اذا تحققت هذا.
فاعلم ان ظاهر المنكر و ان كان ما ذكرناه الا ان له باطنا رواه العياشى فى تفسير قوله تعالى: (ان الله يامر بالعدل و الاحسان و ايتاء ذى القربى و ينهى عن الفحشاء و المنكر و البغى)، قال شهاده ان لا اله الا الله و ان محمدا رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم و الاحسان اميرالمومنين عليه السلام و القربى الائمه عليه السلام و الفحشاء و المنكر و البغى فلان و فلان و فلان.
«و حياطه الاسلام»
حفظه و حراسته من جميع النواحى، و فى بعض النسخ فتح الحاء و لم يثبت فى اللغه.
«و انتقاص» و فى بعض النسخ بالمعجمه من النقض بمعنى الكسر.
«اللهيف» اى المضطر او المظلوم.
019 06 «ايمن» اشده يمونيه اى بركه من سائر الايام فاسم التفضيل هنا بمعنى المفعول على خلاف المشهور.
019 06 «عهدناه» ادركناه.
«ظللنا فيه»
اى دمنا على العمل فيه، و يجوز ان يكون ماخوذا من الظل، فمعنى ظللنا فيه اى جلسنا تحت الظلال فيه و هو كنايه عن سائر الايام و الاول هو الاقرب.
020 06 «اشكرهم»
بنصبه مع عطف عليه على المدح و جره مع ما عطف عليه ش على البدليه من ارضى او على انه عطف بيان لخلقك.
«اوليت» اعطيت.
«و اقومهم» اكثرهم قياما بشرائعك.
021 06 «و كفى بك شهيدا» و فائده هذه الجمله دفع ما يتوهم من (ان) اشهاده تعالى ليس كافيا فى هذه الدعوى بل لا بد من اشهاد ما اشهد.
«و اشهد سماءك»
اى اهلهما او انه كنايه عن شهاده كل شى ء كما قيل، و الاظهر بقاوه على ظاهره فان لمثل هذه الجمادات شعورا فى الجمله كما تدل عليه الاخبار المستفيضه.
«و سائر»
بالنصب عطفا على ارضك، و بالجر عطفا على من ملائكتك بمعنى البقيه، ماخوذ من سور الاناء لما بقى منه، و قولهم سائر اليوم لجميعه من اغلاط الخواص قاله فى دره الغواص.
022 06 «عبدك و رسولك»
قدم الصفه الاولى لاشرفيتها على الثانيه لانها نسبه بينه صلى الله عليه و آله و سلم و بين ربه بخلاف الثانيه فانها نسبه بينه و بين المرسل اليهم، و لذا لقبه تعالى بهذه الصفه فى تمام المدح
022 06 العالى فقال: (سبحان الذى اسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام الى المسجد الاقصى)، و ايضا روى عن الصادق عليه السلام فى شرف العبوديه ان عين العبد عباره عن العلم بالله، و باوه من البون و البعد عن غيره، و الدال ماخوذ من الدنو منه سبحانه.
«و خيرتك» مختارك.
024 06 «الغافر» نصب على المدح و معناه الساتر، و منه المغفر لانه يغطى الراس.
«الاخيار»
جمع خير بالتشديد بمعنى كثير الخير او بالتخفيف بمعنى اخير اسم التفضيل.
001 07
و كان من دعائه عليه السلام اذا عرضت له مهمه او نزلت به ملمه عند الكرب
مهمه مشتقه من الهم اى الحزن، فالمهمه ما يوجبه و الملمه من قولهم الم اى قصد و المراد النازله التى تقصد الانسان.
001 07 «يفثا» يكسر و يسكن و يغل من الغلال بمعنى النقض.
«حد الشدائد» حدتها و صولتها.
«روح الفرج» اى الرائحه و النسيم و الاضافه لاميه او بيانيه.
002 07 «و تسببت» اى صارت الاسباب اسبابا بلطفك او صار لطفك سببا للاسباب.
«القضاء» المقضى من الامور.
003 07 «دون قولك»
اى بلا قول و حينئذ فقوله كن فيكون كنايه عن سرعه الايجاد، او عند قولك، و يويده قول على عليه السلام لما اراد كونه كن فيكون لا بصوت يقرع و لا نداء يسمع، و انما كلامه سبحانه فعل انشاوه منه و مثله، لم يكن من قبل ذلك كائنا و لو كان قديما لكان الها ثانيا يقول و لا يلفظ، و قال الرضا عليه السلام فى حديث طويل ثم جعل الحروف بعد
003 07 احصائها و احكام عدتها فعلا منه كقوله عز و جل: (كن فيكون) و كن منه صنع، و ما يكون به المصنوع.
004 07 «فى الملمات»
اما من لم اذا نزل، و الملمه النازله من نوازل الدنيا، و اما من اللمم كما فى قوله تعالى: (الذين يجتنبون كبائر الاثم و الفواحش الا اللمم) و هو كما ترى، قال الصادق عليه السلام العبد يلم بالذنب بعد الذنب ليس من سليقته، اى طبعه.
005 07 «يا رب»
بكسر الباء و ضمها للدلاله على الياء المحذوفه او لانه منادى مفرد معرفه و هما وجهان من خمسه اوجه فى المنادى المضاف الى ياء المتكلم، و ما بقى هو يا ربى باسكان ياء المتكلم و يا رباه بالهاء الساكنه للسكته وقفا و وصلا، و يا ربى بفتح ياء المتكلم.
«تكادنى»
من باب التفعل او التفاعل من الكوده بمعنى المشقه، و قد نسب الى نسخه الشهيد (قده) تكادنى بتشديد الدال بعد الالف على ادغام الهمزه فى الدال على التفعل او التفاعل من الكد بمعنى التعب و هو تصحيف و نسخته (قده) صفر منه.
«بهظنى» بالضاد و الظاء و كلاهما بمعنى شق على.
007 07 «فلا مصدر» اى مخرج.
008 07 «بطولك» باحسانك او بقدرتك.
«و انلنى حسن النظر فيما شكوت»
اى اعطنى النظر الحسن فيما شكوته اليك من توارد الهموم بان تكشفها عنى حتى انظر اليها نظرا حسنا، و قيل المراد وفقنى للنظر فيما شكوته اليك و التامل فيه لان المصلحه ربما كانت فى خلافه و كانت فى الصبر عليه، و قيل المراد انلنى حسن نظرك لى فيما شكوته اليك و هو كنايه عن قضاء المقصود بسهوله.
«الصنع» الاحسان فيما سالتك من رفع البلاء.
008 07 «من لدنك»
اى من خاص رحمتك للفرق الذى ذكره اهل العربيه بين عند ولدى من انه يصح ان تقول المال عند زيد بمجرد كونه ملكا له و ان لم يكن حاضرا عنده و لا يصح فى لدى الا حال حضوره.
«مخرجا» مصدر ميمى او اسم مكان.
«وحيا» قريبا سريعا.
009 07 «بالاهتمام» افتعال من الهم و الغم لا من هم بالامر اذا قصده و جد فيه.
«تعاهد فروضك» رعايتها و المداومه عليها.
«و استعمال سنتك»
المداومه عليها و ينبغى ترك النوافل عند الاعذار، و منها الهم و الغم لروايه على بن اسباط عن عده من اصحابنا ان الكاظم عليه السلام اذا اهتم ترك النافله، و عن الرضا عليه السلام مثله، و قال اميرالمومنين عليه السلام ان للقلوب اقبالا و ادبارا فاذا اقبلت فاقبلوا على النوافل و اذا ادبرت فدعوها، و صاحب المدارك لم يعمل بهذه الاخبار و هو غير جيد.
010 07 «فقد ضقت لما نزل بى يا رب ذرعا»
اى ضعفت طاقتى و لم اجد منه مخرجا، و اصل الذرع بسط اليد كانه قال مددت اليه يدى فلم تنله، و ضيق الذرع و الذراع قصرها كما ان سعتها طولها و وجه التمثيل ان قصير الذراع لا ينال ما يصل اليه طويله، و لام لما بمعنى الباء لانه لم يتعد فى اللغه الا بها، و يجوز كونها للتعليل.
«منيت» اى ابتليت به.
«العظيم»
و فى روايه ابن طاووس بعده و انت قادر يا ارحم الراحمين آمين رب العالمين.
001 08 دعاوه عليه السلام فى الاستعاذه
001 08 «هيجان الحرص»
كثرته و استعماله و الا فالحرص اصله من الطبائع الغريزيه التى لا يمكن الاستعاذه منها بل قدر منه ضرورى لا يمكن التعيش فى الدنيا و لا كسب بعض الكمالات الاخرويه الا به.
«و سوره الغضب»
شدته و التقريب ما مر، و سبب الحده الموجوده فى المومن امران:
احدهما: ما رواه الصدوق عن ابن اذينه عن ابى عبدالله عليه السلام، قال كنا جلوسا عنده فذكرنا رجلا من اصحابنا فقلنا فيه حده، فقال من علامه المومن ان يكون فيه حده، قال فقلنا له ان عامه اصحابنا فيهم حده، فقال ان الله تبارك و تعالى فى وقت ما ذراهم امر اصحاب اليمين و انتم هم ان يدخلوا النار فدخلوها فاصابهم وهج فالحده من ذلك الوهج، و امر اصحاب الشمال و هم مخالفوكم ان يدخلوا النار فلم يفعلوا فمن ثم لهم سمت و وقار.
و ثانيهما: ما روى عن ابى عبدالله عليه السلام فى حديث طويل يقول فيه: و ما رايت من نزق اصحابك و خرقهم فهو مما اصابهم من لطخ اصحاب الشمال، و ما رايت من حسن شيم من خالفهم و وقارهم فهو من لطخ اصحاب اليمين، و قد تقدم تفصيل هذا الحديث فى حديث الطينه.
«و غلبه الحسد»
اى استعماله و التنطق فيه و الا فهو لا يخلو منه احد لما روى عن الصادق عليه السلام ان ثلاثه لم يعرفها نبى فمن دونه الطيره و الحسد و التفكر فى الوسوسه فى الخلق، الا ان المومن لا يستعمل حسده اى لم ينطق بشفه، و قال عليه السلام و قد سئل عن الحسد، فقال لحم و دم يدور فى الناس اذا انتهى الينا يئس و هو الشيطان،
001 08 و قال عليه السلام لا ينفك المومن من خصال اربعه من جار يوذيه و شيطان يغويه و منافق يقفو اثره و مومن يحسده، اما انه اشدهم عليه لانه يقول فيه القول فيصدق عليه.
«و شكاسه الخلق» صعوبته.
«و ملكه الحميه»
اى كون الحميه ملكه راسخه من الملكات النفسانيه، او ان تكون مالكه لى او مالكا لها.
002 08 «و سنه الغفله»
اوائلها و منه اشعار بان قليل الغفله ايضا مذموم ككثيره او من حيث انها اول فاذا لم تقع لم يقع ما هى اول له او لان التعوذ منها تعوذ مما فوقها بالطريق الاولى كذا قيل و هو حسن.
«و تعاطى الكلفه»
الخوض فيما تكلفته من نائبه او حق، و المتكلف المتعرض لما لا يعنيه.
«و الاصرار على الماثم»
و معنى الاصرار ما قال الصادق عليه السلام هو ان لا يستغفر و لا يحدث نفسه بتوبه، و ذلك ان الواجب على كل من اذنب ذنبا ان يبادر الى التوبه، و ليتقيا ذلك السم، و ان يشتغل بحسنات تضاد تلك السيئات، فان لم تساعده النفس على العزم على الترك لغلبه الشهوه فقد عجز عن احد الواجبين فلا ينبغى ان يترك الواجب الاخر و هو ان يدفع السيئه بالحسنه ليمحوها، حتى يكون قد خلط العملين، و الحسنات المكفره للسيئات اما بالقلب و اما باللسان و اما بالجوارح، فاما القلب فهو التضرع الى الله بسوال المغفره، و يتذلل تذلل العبد الابق و يظهره للعباد، و ذلك بنقصان كبره فيما بينهم فما للعبد الابق وجه للتكبر، و اما فى اللسان فبالاعتراف بالظلم و الاستغفار. روى ان رجلا قال لرسول الله صلى الله عليه و آله و سلم انى عالجت امراه فاصبت منها الا المسيس فاقض على بحكم الله فقال صلى الله عليه و آله و سلم او ما صليت معنا صلاه الغداه فقال نعم، قال ان الحسنات يذهبن السيئات، و هو اشاره الى قوله صلى الله عليه و آله و سلم الصلوات الخمس كفاره لما بينهن الا الكبائر، فان قلت كيف يكون الاستغفار نافعا مع الاصرار على الذنب. و فى الخبر المستغفر من
002 08 الذنب و هو مصر عليه كالمستهزى ء بايات الله، و كان بعضهم يقول استغفر الله من قولى، و قيل الاستغفار باللسان توبه للكذابين، و قالت رابعه العدويه استغفارنا يحتاج الى استغفار، قلنا ان الاستغفار مما حث عليه فى الكتاب و السنه حتى قرنه سبحانه ببقاء رسوله صلى الله عليه و آله و سلم فقال: (و ما كان الله ليعذبهم و انت فيهم و ما كان الله معذبهم و هم يستغفرون)، و كان بعض الصحابه يقول: لنا امانان ذهب احدهما و بقى الاخر فان ذهب هلكنا، اذا عرفت هذا قلنا: ان الاستغفار الذى هو توبه الكذابين هو الاستغفار بمجرد اللسان كما يقول الانسان بحكم العاده استغفر الله و ليس له فائده الا اذا اضيف اليه تضرع القلب، فيحمل عليه الاخبار الوارده فى فضل الاستغفار، بل الاستغفار بمجرد اللسان حسنه ايضا، اذ هو خير من السكوت و التكلم بغيبه و نحوها، نعم هو بالنسبه الى عقد القلب بالاستغفار ناقص، و اما بالنسبه الى ما قلناه فهو درجه خير، و اقله تعود اللسان بالخير حتى يجرى على لسانه فى المحاورات و المخاطبات و عند التعجبات فان اللسان على ما عود. بقى الكلام فى موجبات الاصرار و مزيلاته، اعلم ان موجباته اربعه:
الاول: ان العقاب الموعود غائب ليس بحاضر، و النفس جبلت على عدم التاثر بالاجل و هذا لا يكون الا من ضعف الايمان.
الثانى: ان اللذات الباغته على الذنوب لذاتها ناجزه و هى فى الحال آخذه بالمخنق، و قد قوى و استولى بسبب الاعتياد، و العاده طبيعه خامسه و النزوع عن العاجل الى الاجل شديد على النفس و لذلك قال تعالى: (بل تحبون العاجله و تذرون الاخره). و روى ان الله تعالى خلق النار فقال لجبرئيل اذهب فانظر اليها، فقال و عزتك لا يسمع بها احد فيدخلها فحفها بالشهوات ثم قال اذهب فانظر اليها فذهب فنظر اليها فقال و عزتك خشيت ان لا يبقى احد الا دخلها، و خلق الجنه فقال لجبرئيل اذهب فانظر اليها فنظر اليها فقال و عزتك لا يسمع بها احد الا دخلها ثم حفها بالمكاره فقال لجبرئيل اذهب فانظر اليها فنظر اليها فقال و عزتك خشيت ان لا يدخلها احد، فاذا كون الشهوه مرهقه فى الحال و كون العقاب متاخرا سببان فى الاسترسال.
الثالث: انه ما من مومن مذنب الا و الغالب على عزمه التوبه و تكفير السيئات بالحسنات و طول الامل غالب على الطباع، فلا يزال يسوف التوبه و التكفير، فمن حيث رجائه توفيق التوبه و بما يقدم عليه بعد الايمان.
002 08 الرابع: ان المومن يعتقد ان عفو الله تعالى مباح للمذنبين فيذنب اعتمادا عليه، و اما علاج هذه الاربعه و مزيلها فهو الفكر.
اما الاول: فبان يتفكر و يقول ان ما هو آت آت و ما اقرب غدا للناظرين و الموت اقرب منه و المتاخر اذا وقع صار ناجزا، و يفكر انه فى الدنيا يركب البحار و يقطع القفار لاجل الربح الذى يظن حصوله و احتياجه اليه، و لو اخبره طبيب نصرانى بضرر الماء البارد لتركه خوفا من الموت مع ان الموت لحظه واحده، فكيف لا يقلع عن الذنب باخبار الانبياء عليهم السلام ان المه يبقى ابد الاباد و كل يوم فى الاخره بمقدار خمسين الف سنه من ايام الدنيا، بهذا التفكر يعالج اللذه الغالبه عليه، و يقول اذا لم اقدر على ترك هذه اللذات الفانيه فى هذه الايام القلائل فكيف اقدر على ذلك ابد الاباد، و اذا كنت لا اقدر على مفارقه زخارف الدنيا مع كدورتها كيف اصبر على مفارقه النعيم.
و اما تسويف التوبه فعلاجه بالفكر فى ان اكثر صياح اهل النار من التسويف، لان المسوف يبنى الامر على ما ليس اليه و هو البقاء فلعله لا يبقى، و ان بقى فلا يقدر عليه كما لا يقدر عليه هذا الحال، فليت شعرى هل عجز فى الحال لغلبه الشهوه و الشهوه لا تفارقه بل يقوى كل يوم و هو يضعف، فاذا كان وقت قوته و ضعفها لا يقدر عليها فكيف يقدر عليها اذا انعكس عليه الامر، فيكون مثاله مثل من احتاج الى قلع شجره صغيره لا ينقلع الا بمشقه شديده، فقال اوخرها ثم اعود اليها و هو يعلم انه كلما بقيت ازداد رسوخها و هو كلما زاد عمره ضعفت قوته، فلا حماقه اعظم من حماقته.
و اما انتظار عفو الله فعلاجه الفكر فى ان العفو ليس بواجب على الله، فهو كمن انفق جميع ماله و ترك نفسه و عياله فقراء فينتظر ان الله سبحانه يطلعه على كنز من الكنوز فى ارض خربه، و هذا ايضا حماقه مثل سابقه، فان قيل هذا موقوف على الفكر فما بال القلوب هجرت الفكر و ما علاج القلوب لردها اليه؟
قلنا المانع لها امران: احدهما: ان الفكر فى الامور الاخره لذاع مولم للقلب فينفر القلب عنه، و يتلذذ بالعكس فى امور الدنيا على سبيل التفرج و الاستراحه.
و ثانيهما: ان الفكر مشغول بلذات الدنيا فى كل ساعه و فى كل حين فصار عقله مسخرا لشهوته فهو مشغول بتدبير حيلته.
و اما علاجهما فبان يقول لقلبه اذا تالمت من الفكر فى امور الاخره فكيف لا
002 08 تخاف من الالم على ورودها عليك و مواقعتها لك و نظائر هذه التفكرات، اذا عرفت هذا فاعلم ان الاصرار اما فعلى و هو المداومه على نوع واحد من الصغائر بلا توبه او الاكثار من جنس الصغائر بلا توبه، و اما حكمى و هو العزم على فعل الصغيره بعد الفراغ منها، اما من فعل الصغيره و لم يخطر بباله بعدها توبه و لا عزم على فعلها فالظاهر انه غير مصر، و لعله مما تكفره الاعمال الصالحه من الوضوء و الصلاه و الصيام كما فى الاخبار.
«و استكبار الطاعه»
عدها كبيره عظيمه، و قد ورد الامر بتعظيمها و لا يتنافيان لوجهين، احدهما: ان الطاعه نسبه رابطه بين العبد و مولاه تستحق التعظيم من هذه الجهه و ان كانت حقيره و قليله بالنسبه الى ما يستحقه ذلك المولى.
و ثانيهما: ان المراد باستكبار الطاعه استكبار جزائها و المبادره اليها و الاقبال عليها على وجه الرغبه و التسليم.
«و استصغار المعصيه»
قال الصادق عليه السلام اتقوا المحقرات من الذنوب فانها لا تغفر، قلت و ما المحقرات؟ قال الرجل يذنب الذنب فيقول طوبى لى لو لم يكن لى غير ذلك، و قال عليه السلام ان الله خبا ثلاثا فى ثلاث رضاه فى طاعته فلا تحقروا منه شيئا فلعل رضاه فيه، و غضبه فى معاصيه فلا تحقروا منها شيئا فلعل غضبه فيها، و خبا اولياءه فى عباده فلا تحقروا احدا منهم فلعل ولى الله (فيهم)، و قال عليه السلام لا تنظر الى اصغر معصيتك و لكن انظر الى من عصيت. و اعلم ان الصغيره تعظم بامور.
الاول: الاصرار و بذلك قال صلى الله عليه و آله و سلم لا صغيره مع الاصرار و لا كبيره مع الاستغفار فكبيره واحده ارجى للعفو من صغيره تداوم عليها، و مثال قطرات الماء تقع على الحجر على توال فتوثر فيه، و ذلك القدر لوصب عليه دفعه واحده لم يوثر، لان الصغيره كلما دامت عظمت فى اظلام القلب، و الكبيره قلما يتصور الاتيان بها من دون صغائر تكتنفها فان الزانى قلما يزنى بغته بل يحتاج الى المراوده و باقى المقدمات.
002 08 الثانى: استصغار الذنب فانه اذا استعظم صغر عند الله و اذا استصغر عظم عند الله، لان استعظامه يدل على كراهيه القلب له، و استصغاره يدل على شده الالفه به و هو يوجب تاثر القلب به.
الثالث: السرور بالصغيره فانها تكبر عند ذلك، كما يقول القائل رايتنى كيف خجلت فلانا و كيف مزقت عرضه و كيف خدعته و كيف نفقت عليه الكاسد، لانه ينبغى ان يكون فى حزن و مصيبه من جهه غلبه الشيطان عليه.
الرابع: ان يتهاون بستر الله عليه و حلمه عنه و امهاله له، و لا يدرى انه انما امهل مقتا ليزداد اثما، فيظن ان تمكينه من المعاصى عنايه من الله عز و جل، فيكون ذلك لامنه من مكر الله و جهله بمكامن الغرور.
الخامس: اظهار الذنب فان هذا منه خيانه على ستر الله الذى اسدله عليه، و تحريك لرغبه السامعين لذلك الذنب، فهما جنايتان انضمتا الى جنايته، فان اضيف اليه حمل الغير على ذلك الفعل كان اربع جنايات، و فى الحديث كل الناس معافى الا المجاهرين، يبيت احدكم على ذنب قد ستره الله عليه فيصبح و يكشف ستر الله و يتحدث به، و ذلك لان من صفاته ستر القبيح.
السادس: ان يكون المذنب عالما يقتدى به فانه قد يموت العالم و يبقى شره، و قال ابن عباس ويل للعالم من الاتباع يزل زله فيرجع عنها و يحملها الناس فيذهبون بها فى الافاق، و له اسباب اخر لا نطول الكتاب بذكرها.
003 08 «و مباهاه المكثرين»
اى مفاخرتى لهم او مفاخرتهم لى او المباهاه المتعارفه بينهم، و قيل المراد المفاخره مع الناس بسبب الاصدقاء المكثرين كان اقول ان اقاربى و اصدقائى المكثرين احسن او اكثر من اصدقائك المكثرين.
«و الازراء بالمقلين» احتقارهم، و فى القاموس ازرى باخيه اذا ادخل عليه عيبا او امرا يريد ان يلبس عليه.
003 08 «و سوء الولايه» اى الحكومه.
«اصطنع العارفه»
صنع المعروف كما قال عليه السلام لعن الله قاطعى المعروف و هو الرجل يترك شكره فيترك البار ذلك البر، و عن اميرالمومنين عليه السلام قال قال النبى صلى الله عليه و آله و سلم يوتى بعبد يوم القيامه فيوقف بين يدى الله عز و جل فيامر به الى النار، فيقول اى رب امرت بى الى النار و قد قرات القرآن، فيقول الله اى عبدى انى انعمت عليك فلم تشكر نعمتى، فيقول اى رب انعمت على بكذا فشكرتك بكذا و شكرتك بكذا فلا يزال يحصى النعم و يعدد الشكر، فيقول الله صدقت عبدى الا انك لم تشكر من اجريت لك نعمتى على يديه، و انى قد آليت على نفسى انى لا اقبل شكر عبد لنعمه انعمتها عليه حتى يشكر سائقها من خلقى اليه.
004 08 «او نعضد ظالما»
اى نشد عضده و نقويه على ظلمه كما ذهب اليه جمهور اصحابنا من ان معونه الظالمين انما تحرم فيما له دخل فى الظلم لا ما لا دخل له فيه كالخياطه لهم و نحوها، و كانهم فهموه من تعليق الحكم على الوصف فانه مشعر بالعليه، و الذى يختلج فى خاطرى تحريمه مطلقا لوجهين:
احدهما: دلاله الايات و الاخبار عليه كقوله تعالى: (و لا تركنوا الى الذين ظلموا فتمسكم النار)، و قوله صلى الله عليه و آله و سلم و قد ساله خياط لبعض عمال الجور اما انت فمنهم، و اما من يبيعك الخيوط فمن معينيهم، بل ورد فى الحديث النهى عن معاونتهم حتى على بناء المساجد، و لو ان الجعل بنى بيتا فى منازل الظالمين لعذبه الله تعالى، و نهيه عليه السلام لصفوان الجمال عن حملان الظلمه الى مكه، و قال له اذا تمنيت بقاءهم الى مكه ليوفوك كراك فيها حشرك الله معهم، فباع جماله و ترك السفر، و الاخبار فى ذلك مستفيضه.
و ثانيهما: ان كل معونه من المعونات لها دخل فى الظلم، مثلا الخياطه التى مثلوا بها تشتمل على نوع تقويه الظالمين فان الناس لو تركوا الخياطه للحكام و السلاطين حتى يحتاجوا الى الثياب و لا يحصلوها لتركوا حكومتهم و اعطوا الحق اهله، كما روى ان رجلا كان كاتبا فى ديوان بنى اميه و عنفه الصادق عليه السلام و قال لو
004 08 تركتم كلكم الكتابه فى ديوانهم لادوا الينا حقنا، و المراد بالظالم من ارتكب المحاكمه بين الناس و اخذ اموالهم بغير حجه شرعيه، كالحكام و القضاه من الشيعه او من غيرهم، و يدخل فيه المصر على الذنب فانه ظالم لنفسه بحكم الايات و الاخبار.
«او نخذل ملهوفا» و هو ترك نصره المظلوم.
«او نقول فى العلم بغير علم»
يدل على عدم جواز التعويل على الظن فى الاحكام الشرعيه، لان الظن المستند الى اماره شرعيه يرجع الى العلم، لان الشارع اوجب علينا العمل عند حصول هذه الاماره فهو حكم الله فى حقنا، و عن ابى جعفر عليه السلام قال لما دعا نوح عليه السلام ربه على قومه اتاه ابليس فقال له يا نوح ان لك عندى يدا اريد ان اكافيك عليها، فقال نوح و الله انى لبغيض الى ان يكون لى عندك يدا فما هى؟ قال بلى، دعوت الله على قومك فاغرقتهم فلم يبق لى احد اغويه فانا مستريح حتى ينشا قرن آخر فاغويهم، قال له فما الذى تريد ان تكافينى به، قال له اذكرنى فى ثلاث مواطن فانى اقرب ما اكون من العبد اذا كان فى احداهن، اذكرنى عند غضبك، و اذكرنى اذا حكمت بين اثنين، و اذكرنى اذا كنت مع امراه جالسا ليس معكما احد.
005 08 «ان ننطوى على غش احد»
الغش ضد النصيحه و الانطواء عليه قد يدعو الى اظهاره فالاستعاذه منه لذلك لان الاعمال القبيحه لا تكتب على العبد الا بالفعل لا بالاضمار، بخلاف الاعمال الحسنه فانها تكتب بمجرد النيه، و هو احد معانى قوله عليه السلام نيه المومن خير من عمله، و ظنى ان الاعمال على قسمين اعمال بدنيه و اعمال قلبيه، فالاولى كالزنا و نحوه لا تكتب على العبد الا بفعلها بخلاف الثانيه كالنفاق و الحقد و الغش و نحوه، فانها من افعال القلب و يعبر عنها باللسان فهذه و امثالها يعاقب عليها فاعلها عند عقد القلب عليها فانها من افعاله، و يويده ما روى فى تفسير قوله تعالى: (ان تبدوا ما فى انفسكم او تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء و يعذب من يشاء)، ان المراد به الاقرار و المعرفه التى هى من اعمال القلب، و لا ينافيه ما روى فى تفسيرها عن اميرالمومنين عليه السلام فى قوله تعالى: (فاوحى الى عبده ما اوحى) انه كان فيما اوحى الله اليه هذه الايه و هى قوله تعالى: (ان تبدوا ما فى انفسكم او تخفوه)، انتهى. و كانت قد عرضت على
005 08 الانبياء و الامم فابوا ان يقبلوها من ثقلها، و قبلها رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم و امته فلما راى الله تعالى منهم القبول على انهم لا يطيقونها، فلما ان سار الى ساق العرش كرر عليه الكلام ليفهمه فقال: (آمن الرسول بما انزل اليه من ربه)، فاجاب رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم عن امته فقال: (و المومنون كل آمن بالله و ملائكته و كتبه و رسله)، فقال عز و جل اما اذا قبلت الايه بتشديدها و عظم ما فيها و قد عرضتها على الامم فابوا ان يقبلوها و قبلتها امتك فحق على ان ارفعها عن امتك و قال: (لا يكلف الله نفسا الا وسعها لها ما كسبت (من خير) و عليها ما اكتسبت (من شر))، فان الذى رفعه الله تعالى عنهم الذى لا يطيقونه و هو اعمال الجوارح بمجرد الخطور لعدم الطاقه عليه، اما الاعمال القلبيه فلا ريب فى انها داخله تحت الطاقه اذ مصدرها هو القلب لا غير.
«و ان نعجب باعمالنا»
بضم النون مجهول باب الافعال و الباء للسببيه اى تحملنا اعمالنا على العجب، و كسر الجيم كما فى الاصل من اعجب، و عن الصادق عليه السلام قال اوحى الله الى داود عليه السلام يا داود بشر المذنبين و انذر الصديقين، قال كيف ابشر المذنبين و انذر الصديقين قال يا داود بشر المذنبين بانى اقبل التوبه و اعفو عن الذنب، و انذر الصديقين ان يعجبوا باعمالهم فانه ليس عبد يعجب بالحسنات الا هلك، و عن احدهما عليهماالسلام قال دخل رجلان المسجد احدهما عابد و الاخر فاسق فخرجا من المسجد و الفاسق صديق و العابد فاسق، و ذلك انه يدخل العابد مدلا بعبادته فتكون فكرته فى ذلك، و تكون فكره الفاسق الندم على فسقه و يستغفر الله تعالى مما صنع من الذنوب، اما من صادف من نفسه السرور بالطاعه و الابتهاج بها لكنه لا يستعظمها بل يفرح بفعلها و يحب الزياده منها فهو حسن جدا و هو لازم للطبيعه البشريه، قال الصادق عليه السلام عليك بالجد و لا تخرجن نفسك من حد التقصير فى عباده الله و طاعته، فان الله تعالى لا يعبد حق عبادته، و اما السرور و الشكر على التوفيق فحسن محمود، و قال اميرالمومنين عليه السلام من سرته حسنه و ساءته سيئه فهو مومن، و الفرق بين الرياء و العجب ان الرياء مقارن للعباده و العجب متاخر عنها، فتفسد بالرياء لا بالعجب.
006 08 «و ان يستحوذ علينا الشيطان»
يستولى علينا قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم بينما موسى عليه السلام جالسا اذ اقبل عليه
006 08 ابليس و عليه برنس و الوان فقال له ما هذا البرنس قال اختطف به قلوب بنى آدم ، قال فاخبرنى بالذنب الذى اذا اذنبه ابن آدم استحوذت عليه، قال اذا اعجبته نفسه و استكثر عمله و صغر فى عينه ذنبه، و قال اميرالمومنين عليه السلام لو ان الباطل خلص لم يخف على ذى حجى، و لو ان الحق خلص لم يكن اختلاف، و لكن يوخذ من هذا ضغث فيمزجان فيجيئان معا فهنا لك استحوذ الشيطان على اوليائه، و نجا الذين سبقت لهم منا الحسنى. و روى انه كان فى بنى اسرائيل رجل عابد و قد سمع بجماعه يعبدون شجره فمضى لقلعها فاعترضه الشيطان فقال يا عبدالله مالك و الناس عليك بنفسك، فلم يقبل العابد مقالته فتقابضا فصرع العابد الشيطان و ضرب الشيطان على الارض، فقام الشيطان فقال له يا عبدالله اجعل لك كل يوم دنانير تتصدق بها و ارجع عن قلع هذه الشجره فرجع العابد، و اتى اليه بالدنانير فى ذلك اليوم و قطعها عنه فى اليوم الاخر، ثم ان العابد مضى لقلع الشجره فاعترضه الشيطان فى الطريق و زجره بصوت هائل و قال له ارجع، فلما لم يرجع اخذه الشيطان و ضرب به الارض فقام العابد و هو يقول غلبتك بالامس و غلبتنى هذا اليوم فما السبب و القصه، فقال له الشيطان صرعتنى حيث لم تطعنى و الان استحوذت عليك فغلبتك حيث اطعتنى.
«ينكبنا الزمان» يصيبنا بمصائبه.
«يتهضمنا» يظلمنا.
007 08 «من تناول الاسراف»
من اضافه المصدر الى المفعول و قيل الى الفاعل، و فى الحديث ان الاسراف فيما اتلف المال و اضر بالبدن، و يفهم من ممارسه الاخبار انه على قسمين حرام و مكروه، فالاول مثل اتلاف مال او نحوه فيما هو فوق المتعارف، و الثانى اتلاف شى ء نافع بلا غرض، و منه اهراق ما بقى من شرب ماء الفرات و نحوها خارج الماء، و قد روى عن على عليه السلام.
«الكفاف»
و هو الذى لا يفضل عن الشى ء و يكون بقدر الحاجه سمى به لانه يكف صاحبه عن الطلب، و فى الدعاء اللهم ارزقنى الكفاف لا كثيرا فاطغى و لا قليلا فاشقى.
008 08 «الا كفاء»
الامثال، و بكسر الكاف و تشديد الفاء كما فى بعض النسخ اما جمع كفيف بمعنى بخيل، و اما جمع كاف و هو من يمنع فضله عن الناس.
«و ميته»
مصدر ميمى للنوع و هو الموت الذى على غير عده، و اقتناء ذخيره لما بعد الموت و بفتحها كما فى س مصدر للتاكيد.
009 08 «الحسره العظمى»
و هى المشار اليها بقوله تعالى: (يقول يا ليتنى قدمت لحياتى) او المشار اليها بقوله: (يا ليتنا نرد فنعمل غير الذى كنا نعمل)، و لها فى الاخبار تفاسير.
احدها: ما روى انه يوتى بعنق من الناس فى القيامه فينظرون الى اعمالهم كالقباطى او كالجبال فيفرحون بها فاذا قربت منهم امر الله بريح عاصفه ففرقتها فى الهواء، و ذلك قوله تعالى: (و قدمنا الى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا) و ذلك انهم كانوا يرون انهم يعملون لله و قد اشركوا به فى بواطنهم فعاملهم الله مثل ما عاملوه فهذه هى الحسره العظمى.
و ثانيها: ما روى ان من اشد الناس حسره من يرى اعماله فى ميزان غيره لانه يتعب بدنه فى تحصيل الاموال و يدعها لورثته ينفقونها فى سبيل الله، فقد حرم ثواب ما جمع و فاز به غيره فتلك هى الحسره العظمى، و قال اميرالمومنين عليه السلام ان اعظم الحسرات يوم القيامه حسره رجل كسب مالا فى غير طاعه الله فورثه رجلا فانفقه فى طاعه الله فدخل به الجنه و دخل الاول به النار.
و ثالثها: ما روى فى تفسير قوله تعالى: (يرون اعمالهم عليهم حسرات)، من ان المخالفين للشيعه يرون ثواب اعمالهم فى ديوان الشيعه قد قيد لهم، و ذنوب الشيعه فى ديوان المخالفين قد قيدت لهم، و ذلك قوله تعالى: (اولئك الذين يبدل الله سيئاتهم حسنات) اى الشيعه، و قوله تعالى: (يحملون اثقالهم و اثقالا مع اثقالهم) اى مخالفيهم، و هذه هى المصيبه الكبرى و الحسره العظمى.
«و اشقى الشقاء» اى اشقى كل شقاوه.
010 08 «المومنين و المومنات»
بالهمز و السكون لان الواو الساكنه المضموم ما قبلها يجوز قلبها همزه للتخفيف و يجوز ابقاوها لعدم شده الثقل.
001 09
دعاوه عليه السلام فى الاشتياق
الى طلب المغفره و التوبه
من هنا للبيان او للتبعيض فان لها ابعاضا و مراتب ستقف عليها ان شاء الله تعالى.
002 09 «او دنيا»
لا ينصرف لمكان الالف المقصوره، و العامه تصرفه و تنونه و قد وجد فى بعض النسخ و هو غلط، و مذكرها ادنى افعل التفضيل من الدناءه الخساسه و الحقاره، او من الدنو و هو القرب لقربها بالنسبه الى الاخرى.
«باسرعهما فناء» و هى الدنيا ليكون التقصير فيها.
«و اجعل التوبه»
ان جعل الوقوف كنايه عن الفعل فالتوبه هنا بمعناها المشهور، اى اذا قصرنا فى امر دينى و امر دنيوى فوفقنا للتوبه عن الاول وحده، و ان جعل بمعنى الاشراف على الشى ء فالتوبه هنا بمعناها اللغوى و هو مطلق الرجوع يعنى ارجعنا عنه حتى لا نفعله، و قيل المراد بالتوبه هنا لازمها و هو الرحمه و المغفره، و قيل فيه معنى آخر و هو ان يكون المراد وقوع النقص فى التقصير فى الدين لا فى التقصير فى الدنيا، و المراد بالنقص رفعه بالكليه فان الناقص ياتى بمعنى الساقط و الزائل، و فى اتيانه عليه السلام باو اشاره الى عدم امكان الجمع بين الدنيا و الاخره، كما ضرب اميرالمومنين عليه السلام مثلهما بالضرتين و انه لا يمكن ان يرضى احداهما الا باسخاط الاخرى، و بكفتى الميزان فان احدهما لا يرتفع الا بوضع الاخرى، و بالمشرق و المغرب فانه كلما ازداد
002 09 قربا من احدهما ازداد بعدا من الاخر، و فى روايه ابن اشناس المزيد بدل التوبه و هو ظاهر.
004 09 «و لا تخل»
بضم التاء و فتح الخاء و تشديد اللام المكسوره من باب التفعيل، و فى ش فتح التاء و الخاء من التفعل باسقاط احدى التائين بمعنى الاول تقول خليت زيدا و تخليته، و فى اصل نسخه ش كما قيل بفتح التاء و اللام المشدده و كسر الخاء و لا معنى له الا ان يقال باخذه من الخلال اى لا تخرج نفسك عن ان تكون خلالا بين انفسنا و مراداتها، و يويده نسخه و حل بدل قول و لا تخل و هو من البعد بمكان و الحيلوله عباره عن منح الالطاف الالهيه و الا لزم ما قاله المجبره.
«اماره بالسوء الا ما رحمت»
اقتباس مما حكاه سبحانه عن يوسف عليه السلام او عن زليخا و الاول هو المشهور، و ما اما بمعنى من، اى الا الشخص الذى عصمته و رحمته باسباب التوفيق، و اما بمعنى المصدر، اى الا مده رحمتك هذا. و اعلم ان للنفس فى سيرها الى الله تعالى مراتب.
الاول: ان تكون فى مقام الغفله و الانكباب على الشهوات و مقارفه السيئات فتسمى فيها الاماره لانها كثيره الامر بالسوء و الشهوه.
الثانيه: اذا تيقظت من سنه الغفله بما افيض عليها تفكرت و تندمت و لامت نفسها على ما صدر منها فى المرتبه الاولى فهى فى هذه المرتبه تسمى اللوامه، و قد اقسم بها فى قوله سبحانه: (لا اقسم بالنفس اللوامه) لزياده لا فى المشهور.
الثالثه: ان تترقى بسبب اللوم و الندم الى الهام ما يقربها و يبعدها من جناب الحق و تسمى الملهمه، كما قال تعالى: (فالهمها فجورها و تقواها)، فهى فى هذه المرتبه عالمه عامله.
الرابعه: انها اذا توغلت فى الاعمال الصالحه و قطعت الشهوات و رفعت الموانع افيض عليها اليقين و الصبر على نوائب الزمان، فتتعاورها النوائب و هى مطمئنه عالمه بان ما وقع فهو فى كتاب من قبل ان يبراها، و تسمى فى هذه المرتبه المطمئنه و الراضيه المرضيه، و اليها توجه الخطاب بقوله تعالى: (يا ايتها النفس المطمئنه ارجعى الى ربك راضيه مرضيه)، و ههنا تفصيل آخر لمراتب النفس.
004 09 المرتبه الاولى: ان يتوب العاصى و يستقيم على التوبه الى آخر عمره فيتدارك ما فرط من امره و لا يحدث نفسه بالعود الى ذنوبه الا الزلات التى لا ينفك عنها البشر فى العادات لمن لم يكن فى مرتبه العصمه و اسم هذه المرتبه التوبه النصوح، و اسم هذه النفس المطمئنه التى ترجع الى ربها راضيه مرضيه، و هولاء هم الذين اليهم الاشاره بقوله صلى الله عليه و آله و سلم: سبق المقربون المستهترون بذكر الله عز و جل، وضع الذكر اوزارهم فوردوا القيامه خفافا، و اصل هذه الطبقه على ريب من حيث النزوع الى الشهوات فمن تاب سكنت شهوته تحت قهر المعرفه و الى ما لا ينفك عن منازعه النفس، لكنه بلى بمجاهدتها ثم تتفاوت درجات النزاع ايضا بالكثره و القله باختلاف المده و اختلاف الانواع.
المرتبه الثانيه: تائب سلك طريق الاستقامه فى امهات الطاعات و كبائر الفواحش الا انه لا ينفك عن ذنوب تعتريه لا عن عمد و قصد و لكن يبتلى به فى مجارى العادات و كلما فعل ذنبا لام نفسه و ندم على فعله و جدد عزمه على ان لا يفعل، و هذه النفس هى اللوامه اذ تلوم صاحبها على تلك الافعال الذميمه، و هذه رتبه عاليه و ان كانت ادون من الاولى، لان الشر معجون فى طينه ابن آدم فانه سبحانه قد اثنى عليهم حيث يقول: (و الذين اذا فعلوا فاحشه ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم و من يغفر الذنوب الا الله)، و قوله صلى الله عليه و آله و سلم خيركم كل مفتتن تواب.
المرتبه الثالثه: ان يتوب و يستمر عليها مده ثم تغلبه الشهوه فى بعض الذنوب فيقدم عليها (عن) قصد و صدق شهوه الا انه مع ذلك مواظب على الطاعات و تارك جمله من الذنوب مع القدره و الشهوه، و انما قهره هذه الشهوه الواحده او الشهوات و هو يحب ان يوافقه الله للارتداع عنها، و كلما واقع ذلك الفعل اراد من الله التوبه و يسوف التوبه و النفس فى هذه المرتبه تسمى المسوله و صاحبها مندرج تحت قوله تعالى: (و آخرون اعترفوا بذنبهم خلطوا عملا صالحا و آخر سيئا)، فعسى الله ان يتوب عليه بتلك الطاعات و للندم على المعاصى، و هو فى خطر من تسويفه التوبه، و لعل المنيه تفجاه، قال صلى الله عليه و آله و سلم ان العبد ليعمل بعمل اهل الجنه سبعين سنه حتى يقول الناس انه من اهلها و لا يبقى بينه و بينها الا شهر ثم يسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل اهل النار فيدخلها، فاذن الخوف من الخاتمه قبل التوبه.
004 09 المرتبه الرابعه: ان يتوب و يجرى مده على الاستقامه ثم يعود الى مقارفه الذنوب من غير ان يحدث نفسه بالتوبه، و من غير ان يتاسف على فعله، بل ينهمك فى اتباع شهوته فهذا من جمله المصرين، و النفس فى هذه الدرجه تسمى الاماره بالسوء الفراره من الخير، و هذا يخاف عليه من سوء الخاتمه و قد يغره جهله بان يقول: الله كريم و جنته لا تضيق عنى و معصيتى ليس تضره، فيقال له انك تركب البحار و القفار لتحصيل الرزق فكيف لا تقول انه كريم مع انه ضمن الرزق بقوله سبحانه: (و ما من دابه فى الارض الا و على الله رزقها و يعلم مستقرها)، و لم يضمن العفو عن الذنب، فما بالك اعتمدت عليه هناك و تركت الاعتماد عليه هنا نعوذ بالله من عمى انفسنا و سوء افعالنا.
005 09 «من الضعف»
اى الضعيف للمبالغه و هو اما عباره عن المنى و رطوبات الاخلاط، او عباره عن العدم و لا شى ء اضعف منه، او هو اشاره الى ان الانسان حال طفوليته ضعيف القوتين البدنيه و الروحانيه فيتدرج بهما الى ما يليق به كما و كيفا، او هو اشاره الى ضعفه فى كل اوقات حياته فان البعوضه توذيه و البروده توهيه.
«مهين» حقير.
«فلا حول لنا الا بقوتك و لا قوه لنا الا بعونك»
اى لا حائل لنا عن المعاصى و لا قوه لنا على الطاعات الا بعونك، و هو المروى عن اميرالمومنين عليه السلام، او لا تحويل و لا قدره على الانتقال من المعاصى الى الطاعات الا بمعاونتك و هو المروى عن الامام ابى عبدالله عليه السلام، و قال ابن الاثير الحول ههنا بمعنى الحركه يقال حال الشخص اذا تحرك، و المعنى لا حركه و لا قوه لنا الا بامدادك لنا، و قيل الحول هنا بمعنى الحيله.
«و سددنا» اى وفقنا للسداد اى الصواب من القول و العمل.
006 09 «و لا تجعل لشى ء من جوارحنا نفوذا فى معصيتك»
قال الفاضل الداماد هو من باب القلب لا من باب الالباس، اى لا تجعل لمعصيتك نفوذا فى شى ء من جوارحنا انتهى، و هو كما ترى فان العين هى التى تنفذ
006 09 فى النظر الى المحرمات و تنهمك فيها، و اللسان هو الذى ينهمك فى الكذب و الغيبه و ينفذ فيهما و كذا سائر الاعضاء.
007 09 «همسات قلوبنا»
الهمس فى اللغه الصوت الخفى، و منه سمى الاسد هموسا لانه لا يسمع صوت مشيه، و المراد هنا دقائق افكار النفس الناطقه و لحظات انظارها و انبعاث ميولها.
«و لهجات» لغات.
001 10
دعاوه عليه السلام فى اللجا الى الله تعالى
001 10 «فبفضلك»
جزاء الشرط، و قيل جزاوه تعف، و هذا جواب لشرط محذوف او خبره مبتدا محذوف اى فذلك بفضلك.
«تعذبنا» بالسكون و فى ش مرفوع و محلها النصب على المفعوليه.
003 10 «يا غنى الاغنياء ها نحن عبادك بين يديك و انا افقر الفقراء اليك»
الغنى هنا هو المستغنى عن الخلق بذاته، و قيل بمعنى المغنى و فى بعض النسخ اغنى، و قد ادرج عليه السلام لطائف فى هذه الفقره.
احدها: جعل اداه النداء يا الموضوعه للبعيد مع انه تعالى اقرب الينا من حبل الوريد، و ذلك ان جرائمنا ابعدتنا عن ساحه جلاله بمراحل و لذا احتاج الى النداء.
و ثانيها: نداوه تعالى بهذا الاسم لا بغيره رعايه لبراعه الاستهلال التى هى من آداب الدعاء، كما ستقف عليه من ان المطلوب من الدعاء ان كان رفع الفقر و الفاقه فينبغى ان يذكر فى ذلك المقام الغنى و المنعم و نحوه، و ان كان المقصود غفران الذنب فينبغى ان يذكر فيه العفو و الغفور و اشباههما و كذا سائر المناسبات.
و ثالثها: ذكر المضاف اليه لئلا يتوهم ان غناه تعالى اضافى كغيره فهو غنى من جهه و محتاج من اخرى فلا يقدر على اجابه الطلبات اذ لعلها تاتى من جهه الاحتياج.
و رابعها: تصدير الجمله بحرف التنبيه الموضوع لتنبيه المخاطب فى امر قد غفل
003 10 عنه. فهو يوقظه و يقول ايها الغافل عنا تيقظ الينا لاننا عبيدك، و يليق بالسيد العفو عن عبيده، و فائدتها ايضا استعظام ما بعدها حتى كانه يحتاج الى تنبيه المخاطب و استقباله له.
و خامسها: الاتيان بضمير الفعل للدلاله على انه عليه السلام طالب للشفاعه و الرحمه فى هذا المقام لا شفيعا لغيره.
و سادسها: جمع العبيد و هو من استنهاض المولى على الشفقه بمكان فكانه قال ان جميع عبادك واقفون ببابك، و الجماعه لا تخلو من قابل المرحمه و ان لم اكن انا قابلا لها الا انها اذا نزلت عمت، و فى التعبير بلفظ العباد ايضا لا بلفظ الناس و الخلائق استعطاف و استشفاق لان العبد لا ملجا له الا الى مولاه.
و سابعها: قوله بين يديك، لانه و ان كان بعيدا بما عرفت الا انه ناداه و ايقظه من الغفله التى كنا نحن السبب فيها و استعطفه، فكانه تعالى قرب الينا بسبب هذه التضرعات فنحن واقفون بين يديه و طارحون انفسنا لديه، و صاحب الحاجه السمج الذى يقول لا امضى حتى يقضى لى مولاى حاجتى احرى بقضاء الحاجه من العبد الغائب المتماهل فى طلب الحاجه.
و ثامنها: تخصيص نفسه الشريفه بعد التعميم للدلاله على كمال الانقطاع بان هولاء و ان كانوا عبيدك و هم فقراء الا انى افقر من كل فقير، فانا احق بمبادرتك لى بالاحسان من سائر عبادك، و هذا طرز حسن ينبغى المداومه عليه فى مقامات الطلب حتى من الملوك و السلاطين، و يمكن استخراج زهاء مائه لطيفه من هذه الفقره الشريفه.
«استرفد» طلب الرفد و هو العطاء.
004 10 «سبحانك» ننزهك عن قطع الرجاء و ما بعده.
«الذين اوجبت اجابتهم»
هذا و ما بعده ناظر الى قوله تعالى: (ادعونى استجب لكم)، و قوله تعالى: (امن يجيب المضطر اذا دعاه و يكشف السوء).
001 11 دعاوه عليه السلام بخواتم الخير
001 11 «شرف للذاكرين» دفع ما يتوهم ان فى ذكرنا له تعالى منه منا عليه.
«و اشغل قلوبنا»
لما كان ملاك البدن هو القلب، و اظهر افراد الشكر من اللسان، اضاف كل واحد الى مناسبه.
002 11 «من شغل» اى من اشغال العبادات.
«لا تدركنا فيه تبعه و لا تلحقنا فيه سامه»
التبعه ما تتبع الانسان من النوائب دنيويه كانت او اخرويه، و السامه الملال، و حاصل المعنى ان ذلك الفراغ من العباده لا يكون فراغا يلحقنا فيه تبعات و ملال حتى لا نقدر معه على العود الى تلك العباده فان الذنوب و الالام تحبس عن الطاعات، و كذا الملال، و يجوز ان يكون المعنى ان ذلك الفراغ لا يكون مسببا عن التبعه و الملال، بل يكون فراغ سلامه منهما كان يكون سببها اكتساب معيشه او نحوها من المباحات.
«كتاب»
بوزن رمان و فى بعض النسخ بوزن قتال، و نسبه الانصراف اليه على طريق المجاز ، قيل و لعله من باب التجريد نحو لقيت زيدا اسدا.
003 11 «و تصرمت» انقضت.
«و لا توقفنا»
من الايقاف اى لا تطلعنا بعد هذه التوبه على اعمالنا القبيحه، بل اجعل هذه التوبه ساتره لها، او لا توقفنا بين يديك للحساب على هذه الاعمال، او لا ترجعنا الى ذلك الذنب الذى تبنا منه فتوقفنا عليه مره اخرى، و فى س و لا تقفنا من الوقوف.
003 11 «اجترحناه» الاجتراح و الاقتراف الاكتساب.
004 11 «و لا تكشف عنا سترا سترته على رووس الاشهاد يوم تبلو»
الظرف اعنى قوله يوم اما ان يكون ظرفا للستر، و حينئذ فالمراد بالاشهاد الملائكه المقربون و الانبياء المرسلون، يعنى ان ذلك الستر الذى غطيت به رووسهم و منعتهم به من النظر الى مساوئنا فى يوم اختبار عبادك لا تكشفه عنا ذلك اليوم، و اما ان يتعلق بقوله تكشف و المعنى تاره على الاول و اخرى على ان المراد من الاشهاد الجماعه الحاضرون معنا فى الدنيا، اى ذلك الستر الذى سترته علينا فى الدنيا و جعلته على رووس حاضرينا يمنعهم عن الاطلاع علينا لا تكشفه عنا يوم القيامه، روى ان الله تعالى قد جعل على كل انسان اربعين جنه تستره و تغطى مساوئه، فاذا فعل كبيره هتك منها كل جنه، و كل كبيره يفعلها يرتفع بها جنه حتى ترتفع الجنن كلها فيبقى مهتوك الحجاب، فيامر الله تعالى الملائكه الحافظين لاعماله بان يضعوا اجنحتهم عليه سترا له، فاذا اخذ فى بغض اهل البيت عليهم السلام امر الله تعالى الملائكه بان يرفعوا اجنحتهم عنه فيبقى بلا ستر و لا حجاب، و يقول تعالى للملائكه لو كان فيه خير لما تركته من يدى، و يجوز ان يتعلق الجار و المجرور بقوله تكشف اما بناء على ان على بمعنى مع، و اما بتضمين لا تكشف معنى لا تشهر اى لا تشهرنا على رووسهم حتى ينظروا الينا، فان المشهور ربما اركبوه حمارا او ثورا او جملا فيكون مشرفا على رووس الخلائق.
اذا تحققت هذا، فاعلم انه قد كتبت الف بعد واو تبلو و كانه تبع لرسم خط القرآن، و فرق بعض محققى العربيه بين المفرد الذى هو بمعنى الجمع من حيث اشتماله على افراد متعدده كما فى تبلو و اشباهه، لتعدد افراد الابتلاء بالنسبه الى كل خبر من اخبار العباد و بين المفرد الذى لم يكن كذلك، فجوز كتابه الالف بعد الواو الاولى لمشابهته لواو الجمع دون الثانيه، و فى نسخه الشيخ الكفعمى بعد هذا الدعاء دعاوه لادم عليه السلام و نسخ الصحيفه صفر منه لكنه مذكور فى ملحقاتها و سنشرحه هناك ان شاءالله تعالى.
001 12 دعاوه عليه السلام فى الاعتراف و طلب التوبه
001 12 «خلال» جمع خله بمعنى الخصله.
«و تحدونى» تبعثنى.
003 12 «و وفد» قدم و اقبل.
«اذ جميع احسانك تفضل و اذ كل نعمك ابتداء»
قال الفاضل الداماد اذ قاطبه ما سواك مستند اليك بالذات ابد الاباد مره واحده دهريه خارجه عن ادراك الاوهام لا على مشاركه المرات الزمانيه المالوفه للقرائح الوهمانيه فطباع الامكان الذاتى ملاكه الافتقار الى جدتك، و مناطه الاستناد الى هبتك، فكما ان النعم و المواهب فيض جودك و رحمتك فكذلك الاستحقاقات و الاستعدادات المرتبه فى سلسله الاسباب و المسببات مستنده جميعا اليك و فائضه باسرها من تلقاء فياضتك، انتهى، و هو كلام حسن رشيق، و قال بعض المعاصرين الحكم بان الاحسان و النعم كلها تفضل اما بناء على ان المراد منهما الاكثر، و اما على ان المراد منهما ما يكون فى الدنيا لان بعض النعم الاخرويه بالاستحقاق، و اما بناء على ان استحقاق بعض النعم لما كان متوقفا على الاعمال الحسنه و هى متوقفه على الوجود و القدره و سائر الالات و هى منه تعالى فكان النعم و الاحسان كلها تفضل، و الظاهر من ممارسه الاخبار و الادعيه الماثوره عنهم عليهم السلام ان الاحسان الدنيوى و الاخروى و سائر المثوبات كلها تفضل منه تعالى، نعم قد تفضل سبحانه بان جعل شيئا من الثواب فى مقابله الاعمال، و لو كافانا حقيقه لذهبت اعمالنا كلها بالصغرى من اياديه، و روى ان عابدا من بنى اسرائيل عبدالله خمسمائه عام صائما قائما و قد انبت الله له شجره رمان على باب الغار ياكل كل يوم منها رمانه واحده، فاذا كان يوم القيامه وضعت تلك العبادات كلها فى كفه من الميزان و وضعت فى الكفه الاخرى رمانه واحده فترجح تلك الرمانه على سائر الاعمال، و لو لم يكن فى استظهار هذا الكلام الا مكافاته الحسنه بعشر امثالها لكفى فى صحه ما ادعيناه.
004 12 «فها اناذا» قد خففت فى رسم الكتابه.
«البائس» الشديد الحاجه.
«المعيل»
الكثير العيال، و فى الحديث ان قله العيال احد اليسارين كما ان كثره العيال احد الفقرين.
005 12 «مقر لك بانى لم استسلم وقت احسانك الا بالاقلاع عن عصيانك»
عدت هذه الفقره من مشكلات الفقرات الشريفه لان دابه عليه السلام الاعتراف بالمعصيه و الجرائم، و ايدوه بما وجد فى نسخه ابن اشناس و الكفعمى و غيرهما من قوله مقر لك بانى لم اخل فى الحالات كلها من احسانك و لم اسلم مع وفور احسانك من عصيانك، فصرفوا ما هنا عن ظاهره باحتمالات.
الاول: كون معناه انى مقر بان الاستسلام وقت الاحسان لا يكون منى الا بالاقلاع عن المعاصى و الكف عنها، و لما لم يحصل منى لم يحصل الانقياد ايضا منى لك.
الثانى: ان الاقلاع كما يكون لازما يكون متعديا و المعنى عليه انى لم استسلم لك الا باقلاعك بى عن المعاصى و كفى عنها منك.
الثالث: ان المستثنى منه محذوف و المعنى انى مقر لك بانى لم استسلم لك فى شكر نعمه من نعمك لا فى شكر اقلاعك لى عن المعاصى.
الرابع: ان المراد بالعصيان بعض افراده التى احترز منها وقت الاحسان.
الخامس: ان الا عاطفه مثلها فى قوله تعالى: (لكيلا يكون للناس حجه الا الذين آمنوا)، و هذه الوجوه كلها من التكلف بمكان، بل الظاهر اراده الظاهر فانه غير بعيد منه عليه السلام ان يقول يا رب اقر لك بانى لم استسلم لك وقت الاحسان الا بكفى عن معاصيك، مع انه ينبغى استغراق ذلك الوقت بالشكر و الحمد، و هكذا فهمه شيخنا البهائى (قده).
006 12 «سخطك» بضم السين و سكون الخاء و بفتحهما بمعنى الغضب.
007 12 «سبحانك» يجوز تعلقه بما قبله و بما بعده.
«لا اياس» و فى ش لا اياس على انه اسم لا النافيه للجنس.
«بحرمه ربه»
ينبغى الوقف عليه حتى يكون ما بعده كلاما مستانفا و لذا يرقم عليه ط او م اى انه وقف مطلق او لازم.
008 12 «قد انقضت» لان ما بقى من العمر ظرف لما بقى من العمل.
«فقام اليك بقلب طاهر نقى»
هذه الفقره و سابقها و لا حقها مما ظاهره الاختصاص به عليه السلام لان القلب الطاهر من الرذائل اعز من الكبريت الاحمر، و اما فاذا وصلت الى هذه الفقره فتاره اتخطاها و تاره اقراها قاصدا منها الطهاره من الشرك بالله و من محبه فلان و فلان و فلان.
«حائل» ضعيف و فى س خامل من الخمول و هو الخفاء.
009 12 «و غرقت دموعه خديه»
لا يجوز تلاوه مثل هذه الفقار الا اذا حصل الاقبال و سالت الدموع على الخدين و احاطت الرعشه بالجانبين.
«تطاطا» خفض راسه و تواضع.
«انتابه»
اى قصدوه على التناوب، قال الفاضل الداماد و من اعاجيب الاغلاط ما وقع ها هنا لغير واحد من القاصرين و هو حسبان ذلك انفعال من التوبه اى الرجوع من الذنب و الندم عليه، انتهى.
010 12 «تحمد» حمد نفسه و اظهر حمده.
«و يا من ضمن لهم اجابه الدعاء»
فى هذا المقام امور لا بد من التنبيه عليها:
الاول: فى بيان آداب الدعاء و شرائطه و به ترتفع شبهه من قال انا ندعو فلا
010 12 يستجاب لنا فنقول من الشروط رعايه جهه الدعاء، كما روى عثمان بن عيسى عمن حدثه عن ابى عبدالله عليه السلام قال قلت آيتان فى كتاب الله تعالى اطلبهما و لا اجدهما، قال ما هما؟ قلت قول الله: (ادعونى استجب لكم) فندعوه فلا نرى اجابه، قال افترى الله اخل و عده؟ قلت لا، قال فمم ذلك؟ قلت لا ادرى، فقال لكنى اخبرك من اطاع الله فيما امره ثم دعاه من جهه الدعاء اجابه، قلت و ما جهه الدعاء، قال تبدا فتحمد الله و تذكر نعمه عليك ثم تشكره ثم تصلى على النبى صلى الله عليه و آله و سلم ثم تذكر ذنوبك فتقربها ثم تستغفر الله منها فهذه جهه الدعاء.
و منها الاجتماع فى الدعاء قال ابوعبدالله عليه السلام ما اجتمع اربعه رهط قط على امر واحد فدعوا الله الا تفرقوا عن اجابه، و قال عليه السلام كان ابى اذا حزنه امر جمع النساء و الصبيان ثم دعا و امنوا، و قال عليه السلام الداعى و المومن فى الاجر شريكان.
و منها العموم فى الدعاء، قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم اذا دعا احدكم فليعمم فانه اوجب للدعاء.
و منها ان يدعو الله تعالى باسمائه المناسبه لمقصوده و قد تقدمت الاشاره اليه.
و منها الدعاء للاخوان، روى ابن ابى عمير عن زيد النرسى قال كنت مع معاويه بن وهب فى الموقف و هو يدعو، فتفقدت دعاءه فما رايته يدعو لنفسه بحرف و رايته يدعو لرجل رجل من الافاق و يسميهم و يسمى آباءهم حتى افاض الناس، فقلت له يا عم لقد رايت عجبا منك، فقال و ما الذى اعجبك مما رايت، قلت ايثارك اخوانك على نفسك فى هذا الموضع و تفقدك رجلا رجلا، فقال لى لا يكون تعجبك من هذا يابن اخى فانى سمعت مولاى و مولاك و مولى كل مومن و مومنه موسى بن جعفر و كان و الله سيد من مضى و سيد من بقى بعد آبائه عليهم السلام و الا صمتا اذنا معاويه و عميت عيناه و لا نالته شفاعه محمد صلى الله عليه و آله و سلم ان لم اكن سمعت منه و هو يقول من دعا لاخيه فى ظهر الغيب ناداه ملك من سماء الدنيا يا عبدالله لك مائه الف ضعف مما دعوت و ناداه ملك من السماء الثانيه لك مائتا الف ضعف و هكذا الى السماء السابعه فيقول له ملكها و لك سبعمائه الف ضعف ثم يناديه الله عز و جل انا الغنى لا افتقر لك الف الف ضعف مما دعوت، فاى الخطرين اكبر يا ابن اخى ما اخترته انا لنفسى او ما تامرنى به.
و منها الرقه قال الامام الصادق (ع) اذا رق احدكم فليدع فان القلب لا يرق حتى يخلص.
010 12 و منها البكاء و هو سيد الاداب لدلالته على الاخلاص الذى تحصل عنده الاجابه، قال الصادق عليه السلام اذا اقشعر جلدك و دمعت عيناك و وجل قلبك فدونك دونك فقد قصد قصدك.
و منها الالحاح فى الدعاء قال عليه السلام و الله لا يلح عبد مومن على الله فى حاجه الا قضاها له، و قد كره الحاح الناس بعضهم على بعض فى المساله و احب ذلك لنفسه.
و منها تسميه الحاجه قال الصادق عليه السلام ان الله يعلم ما يريد العبد و لكنه يحب ان تبث اليه الحوائج.
و منها الاسرار فى الدعاء قال الرضا عليه السلام دعوه العبد سرا دعوه واحده تعدل سبعين دعوه علانيه.
و منها رفع اليدين بالدعاء و كان رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم يرفع يديه اذا ابتهل و دعا كما يستطعم المسكين، و سال ابوبصير الصادق عليه السلام عن الدعاء و رفع اليدين، فقال على اربعه اوجه، اما التعوذ فتستقبل القبله بباطن كفيك، و اما الدعاء فى الرزق فتبسط كفيك و تفضى بباطنهما الى السماء، و اما التبتل فبايمانك باصبعك السبابه، و اما الابتهال فترفع يديك تجاوز بهما راسك، و اما التضرع فان تحريك اصبعك السبابه مما يلى وجهك و هو دعاء الخفيه، و قال عليه السلام الرغبه ان تبسط يديك و تظهر باطنهما، و الرهبه تبسط يديك و تظهر ظهرهما، و التضرع تحرك السبابه اليسرى، و الابتهال تبسط يديك و ذراعك الى السماء، و الابتهال حين ترى اسباب البكاء، و قال عليه السلام هكذا الرغبه و ابرز باطن راحتيه الى السماء، و هكذا الرهبه و جعل ظهر كفيه الى السماء، و هكذا التضرع و حرك اصابعه يمينا و شمالا، و هكذا التبتل يرفع اصبعه مره و يضعها اخرى، و هكذا الابتهال و مد يديه تلقاء وجهه، و قال لا تبتهل حتى تجرى الدمعه، و فى حديث آخر الاستكانه فى الدعاء ان يضع يديه على منكبيه، و اراد بعض المحققين بيان مناسبات لهذه الامور فقال لعل المراد ببسط كفيه فى الرغبه كونه اقرب الى حال الراغب فى بسط آماله و حسن ظنه بافضاله و رجائه لنواله، فالراغب يسال بالامان فيبسط كفيه لما يقع فيهما من الاحسان، و المراد بالرهبه بجعل ظهر الكفين الى السماء كون العبد يقول بلسان الذله و الاحتقار لعالم الخفيات و الاسرار انا ما اقدم على بسط كفى
010 12 اليك و قد جعلت وجههما الى الارض ذلا و خجلا بين يديك، و المراد بالتضرع بتحريك الاصابع يمينا و شمالا لا انه تاسيا بالثاكل عند المصاب الهائل فانها تقلب يديها و تنوح بهما ادبارا و اقبالا و يمينا و شمالا، و المراد بالتبتل برفع الاصابع مره و وضعهما اخرى بان التبتل الانقطاع كانه يقول بلسان حاله لتحقيق رجائه و آماله: انقطعت اليك وحدك لما انت اهله من الالهيه فيشير باصبعه وحدها من دون الاصابع على سبيل الوحدانيه، و المراد بالابتهال بمد يديه تلقاء وجهه الى القبله و مد يديه و ذراعيه الى السماء و رفع يديه و تجاوزهما راسه، بحسب الروايات انه نوع من انواع العبوديه و الاحتقار و الذله و الصغار، او الغريق الرافع يديه الحاسر عن ذراعيه المتشبث باذيال رحمته و المتعلق بذوائب رافته التى انجت الهالكين، و هذا مقام جليل فلا يدعيه الا عند العبره و تزاحم الانين و الزفره، و المراد بالاستكانه برفع يديه على منكبيه انه كالعبد الجانى اذا حمل الى مولاه و قد اوثقه قيد هواه، و قد يصفد بالاثقال و يناجى بلسان الحال هذه يداى قد غللتهما بين يديك بظلمى و جراتى عليك.
و منها رعايه الاوقات و الحالات قال ابوعبدالله عليه السلام اطلبوا الدعاء فى اربع ساعات عند هبوب الرياح و زوال الافياء يعنى زوال الشمس و نزول المطر و اول قطره تقطر على الارض من دم القتيل المومن فان ابواب السماء تفتح عند هذه الاشياء، و قال عليه السلام: يستجاب الدعاء فى اربعه: فى الوتر، و بعد الفجر، و بعد الظهر، و بعد المغرب، و قال اميرالمومنين عليه السلام اغتنموا الدعاء عند قراءه القرآن و عند الاذان و عند التقاء الصفين للشهاده، و قال رسول الله صلى الله عليه و آله خير وقت دعوتم الله عز و جل فيه الاسحار، و لذا كان على عليه السلام يداوم عليه، روى انه دخل ضرار بن حمزه الليثى على معاويه فقال له صف لى عليا فقال اولا تعفينى من ذلك، فقال لا اعفيك فقال كان و الله بعيد المدى، شديد القوى، يقول فصلا و يحكم عدلا، ينفجر العلم من جوانبه، و تنطق الحكمه من نواحيه، يستوحش من الدنيا و زهرتها، و يستانس بالليل و وحشته، كان و الله غزير العبره، طويل الفكره، يقلب كفه و يخاطب نفسه، و يناجى ربه، يعجبه من اللباس ما خشن، و من الطعام ما جشب، كان و الله فينا كاحدنا يدنينا اذا اتينا، و يجيبنا اذا سالناه، و كنا مع دنوه منا و قربنا منه لا نكلمه لهيبته، و لا نرفع اعيننا اليه لعظمته، فان تبسم فعن مثل اللولو المنظوم، يعظم اهل الدين، و يحب المساكين، لا يطمع القوى فى باطله، و لا يياس الضعيف من عدله، و اشهد بالله لقد رايته فى بعض
010 12 مواقفه و قد ارخى الليل سدوله و غارت نجومه، و هو قائم فى محرابه قابض على لحيته يتململ تململ السليم و يبكى بكاء الحزين، فكانى الان اسمعه يقول يا دنيا الى تعرضت، ام الى تشوقت هيهات هيهات غرى غيرى، لا حاجه لى فيك، قد طلقتك ثلاثا لا رجعه لى فيك، فعمرك قصير، و خطرك يسير، و املك حقير، آه آه من قله الزاد و بعد السفر و وحشه الطريق و عظم المورد، فوكفت دموع معاويه على لحيته فنشفها بكمه و اختنق القوم بالبكاء ثم قال كان و الله ابوالحسن كذلك، فكيف كان حبك اياه، قال كحب ام موسى لموسى و اعتذر الى الله من التقصير، فقال كيف صبرك عنه يا ضرار، قال صبر من ذبح ولدها على صدرها فهى لا ترقا عبرتها و لا تسكن حرارتها، ثم خرج و هو باك فقال معاويه اما انكم لو فقدتمونى لما كان فيكم من يثنى على مثل هذا الثناء فقال له بعض من كان حاضرا الصاحب على قدر صاحبه. و عن ابن اذينه قال سمعت اباعبدالله عليه السلام يقول ان فى الليل لساعه ما يوافقها عبد مسلم ثم يصلى و يدعو الله عز و جل الا استجاب له فى كل ليله، قلت اصلحك الله و اى ساعه هى من الليل؟ قال اذا مضى نصف الليل و هى السدس الاول من اول النصف، و كذا ساعه فى يوم الجمعه و هى وقت فراغ الامام من الخطبه الى ان يقوموا للصلاه، و عند استتار نصف القرص فى يوم الجمعه.
و منها التصدق على الفقراء فانهم اهل باب الله كبواب السلاطين و هو مروى عن الصادق عليه السلام.
الامر الثانى: فى من لا يستجاب دعاوه، و يتسبب عن امور:
الاول: ان يكون سال ما لا صلاح فيه و يكون مفسده له او لغيره، اذ ليس احد يدعو الله سبحانه على ما يوجب الحكمه مما فيه صلاح الا اجابه، و على الداعى ان يشترط ذلك بلسانه او يكون منويا فى قلبه.
الثانى: ما روى ان الذنوب التى ترد الدعاء سوء النيه و خبث السريره و النفاق مع الاخوان و ترك التصديق بالاجابه و تاخير الصلوات المفروضه حتى تذهب اوقاتها.
الثالث: ترك الاقبال بالقلب لان من لا يقبل عليك لا يستحق اقبالك عليه كما لو حادثك من تعلم منه الغفله عن محادثتك فانه يستحق الاعراض منك و قال على عليه السلام لا يقبل الله دعاء قلب لاه.
010 12 الرابع: حب الدنيا روى ان موسى عليه السلام مر برجل و هو يبكى ثم رجع و هو يبكى فقال الهى عبدك يبكى من مخافتك، فقال يا موسى لو نزل دماغه مع دموع عينيه لم اغفر له و هو يحب الدنيا.
الخامس: الاسراف فى الدعاء قال الله تعالى: (ادعوا ربكم تضرعا و خفيه انه لا يحب المعتدين) اى لا يتجاوز الحد فى دعائه.
السادس: ما روى عن الصادق عليه السلام انه قال لا يزال الدعاء محجوبا حتى يصلى على محمد و آل محمد، و قال عليه السلام من دعا و لم يذكر النبى صلى الله عليه و آله و سلم رفرف الدعاء على راسه فاذا ذكر النبى صلى الله عليه و آله و سلم رفع الدعاء.
السابع: ترك التقدم فى الدعاء روى عن ابى عبدالله عليه السلام انه قال من تقدم فى الدعاء استجيب له اذا نزل به البلاء و قيل صوت معروف و لم يحجب عن السماء، و من لم يتقدم فى الدعاء لم يستجب له اذا نزل البلاء، و قالت الملائكه ان هذا الصوت لا نعرفه اين كنت قبل اليوم.
الثامن: الشك فى اهل البيت عليهم السلام، قال عليه السلام نحن اهل البيت لا يقبل الله عمل عبد و هو يشك فينا، و اما ما يقع من استجابه دعاء المخالفين فهو من باب الاستدراج لا غير.
التاسع: ما روى من انه لا يستجاب دعاوك على غيرك لان غيرك دعا عليك فاما ان ترضى بقبولهما او ترضى بردهما.
العاشر: ما روى فى الحديث القدسى لا تحجب عنى دعوه الا دعوه آكل الحرام.
الامر الثالث: فيمن يوخر دعاوه و له اسباب، منها ما رواه اسحق بن عمار عن ابى عبدالله عليه السلام قال ان العبد ليدعو الله عز و جل فى حاجاته فيقول الله عز و جل اخروا اجابته شوقا الى صوته و دعائى، فاذا كان يوم القيامه قال الله عز و جل عبدى دعوتنى فاخرت اجابتك و ثوابك كذا و كذا، و دعوتنى فى كذا فاخرت اجابتك و ثوابك كذا و كذا، قال فيتمنى المومن انه لم يستجب له دعوه فى الدنيا مما يرى من حسن الثواب.
010 12 و منها ما رواه جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم ان العبد يدعو الله و هو يجيبه فيقول لجبرئيل اقض لعبدى هذا حاجته و اخرها فانى احب الا ازال اسمع صوته، و فى دعاء موسى و هرون على فرعون فقال تعالى قد استجيبت دعوتكما و ما ظهرت الاجابه الا بعد اربعين سنه.
و منها ارتكابه للذنوب فانه من اسباب تاخير الاجابه، و قد بقى فى هذا المقام تحقيقات غريبه ذكرناها فى شرحنا الكبير.
011 12 «فعدت عليه» من العائده بمعنى الفضل و الاحسان لا من العود.
012 12 «فرط» سبق و تقدم.
«مشفق»
خائف، و اعلم ان التفكر فى الذنب و الخوف من درجات المقربين، نعم قد وقع الخلاف بين المحققين فى ان اى الرجلين افضل امن نسى الذنب و لم يشتغل بالتفكر فيه ام من جعله نصب عينيه و لا يزال يتفكر فيه و يحترق عليه، و قد حقق بعض اهل العرفان و فصل بان الحزن و الخوف من الذنب كمال فى حق المبتدى من المريد لانه اذا نسيه لم يكثر احتراقه فلا يقوى ارادته لسلوك الطريق، و لانه يستخرج منه الخوف و الحزن، فهو بالاضافه الى الغافل كمال و بالاضافه الى سالك الطريق نقصان لانه يشغله عن سلوك الطريق، و اما بكاء داود و نياحته و كذلك بكاء السجاد عليه السلام و اظهاره الخوف من الذنب، فسببه انهم عليهم السلام ينزلون انفسهم فى اقوالهم و افعالهم الى الدرجات اللائقه بامتهم فانهم بعثوا لارشادهم، فعليهم التلبس بما تنتفع امتهم بمشاهدته، و ان كان نازلا عن ذروه مقامهم لان الانبياء و الائمه عليهم السلام فى الشفقه على الامه كالاباء بالنسبه الى الاطفال الا ترى ان الاب اذا اراد ان يستنطق الصبى كيف ينزل الى درجه نطق الصبى، كما قال النبى صلى الله عليه و آله و سلم كخ كخ للحسين عليه السلام لما اخذ تمره من الصدقه و وضعها فى فيه، و كذلك الحيوانات يصوت لها باصوات تليق بها و تفهمها، انتهى ملخصا. و الحق عندى غير هذا و ذلك ان من تتبع احوال آدم و مده ايام بكائه و كذا احوال داود و على بن الحسين عليهم السلام يعلم علما جازما بانه ما كان المطلب تعليم الامه بل انما صدر من نار خوف كامنه فى الصدور فغلت و ظهرت كغليان القدور، و تمام تحقيق هذا المقام مذكور فى هذا الكتاب.
013 12 «الاستكبار»
روى فى تفسير عبد الاعلى قال قلت لابى عبدالله عليه السلام ما الكبر، فقال اعظم الكبر ان تسفه الحق و تغمص الناس، قلت و ما تسفه الحق، قال تجهل الحق و تطعن على اهله، و اما اكل الطعام الطيب و ركوب الدابه الفارهه و مشى الغلام خلف فليس منه، و قال ابوعبدالله عليه السلام ان فى جهنم لواديا للمتكبرين يقال له سقر شكا الى الله شده حره و ساله ان يتنفس فتنفس فاحرق جهنم، و قال عليه السلام ان المتكبرين يجعلون فى صور الذر يتوطاهم الناس حتى يفرغ الله من الحساب.
«و لزم» بوزن علم و اما فتح العين كما وجد فى النسخ فلم يرد فى اللغه.
015 12 «ملى ء»
بهمزه بعد الياء و فى نسخه الكفعمى بتشديد الياء بالقلب و الادغام على فعيل من ملا الاناء و الملى المقتدر.
«حاشاك»
انزهك ان يكون للذنوب غافر غيرك، و يجوز كونه بمعنى سواك و حينئذ فينبغى الوقف عليه و لذا يرقم عليه ط كما عرفت، و اما تعلقه بما بعده و الوقف على غيرك فغير جيد كما لا يخفى.
016 12 «و لا اخاف على نفسى الا اياك»
قيل فى بيانه اما انه كيف يتصحح ان لا يخشى العارف الا ربه فمن سبل ثلاثه:
الاول: انه جل سلطانه انما انتقامه من تمام الحكمه و عقابه من سعه الرحمه، كما قال عليه السلام فى دعائه اذا استقال من ذنوبه، انت الذى تسعى رحمته امام غضبه، فالعقوبات الالهيه كتاديبات يتولاها المودب الرووف الرحيم، و ايلامات يامر بها المعالج العطوف الحكيم، و انما الاسماء القهريه للرحمن سبحانه و تعالى كالقابض و الخافض و المذل و الضار من حيث اسمائه الحسنى اللطيفه كالباسط و الرافع و المعز و النافع، و الى هذا الطريق قال عدد من اهل التحصيل و التحقيق انه لا يسوغ للذاكرين الله سبحانه ان لا يفردوا شيئا من اسماء القهر عن مقابله من اسماء الرحمه دون العكس.
016 12 الثانى: انه لما كانت شده الكمال مستوجبه تعانق الاسماء الكماليه المتقابله على الوجه الاتم الاكمل كان كل من الاسماء الحسنى المتقابله الالهيه مقتضاه فى شده الكماليه ان يكون بحيث كانه لا يصح انطاق مقابله اصلا فملاحظه الغفور الرحيم فى مقام طلب المغفره و الرحمه كانها تصد العبد بحسب ما تستوجبه شده كماليه الاسم من استشعار ما يقابله من الاسماء المقدسه و هو شديد العقاب، و قد لا حظ ذلك من ذهب من الاصحاب الى انه لا يسوغ للذاكرين افراد شى ء من الاسمين المتقابلين عن مقابله، بل الحقيق بحسن الادب القرآن بين كل متقابلين من الاسماء المقدسه.
الثالث: ان درجه العارف فى مقام الرجاء يجب ان تصده عن استشعار الخوف راسا كما يجب ان تصده درجته فى مقام الخوف عن احتمال الرجاء اصلا، و لذلك وجب ان تكون درجات الرجاء و الخوف على التكافو ابدا الى حين الموت، روى عن حارث بن المغيره او ابيه قال قلت لابى عبدالله عليه السلام ما كان فى وصيه لقمان لابنه؟ قال كان فيها الاعاجيب، و كان اعجب ما فيها ان قال لابنه خف الله عز و جل خيفه لو جئته ببر الثقلين لعذبك، و ارج الله رجاء لو جئته بذنوب الثقلين لرحمك، ثم قال ابوعبدالله عليه السلام كان ابى يقول ليس من عبد مومن الا و فى قلبه نوران نور خيفه و نور رجاء لو وزن هذا لم يزد على هذا و لو وزن هذا لم يزد على هذا، و الذى يستبين لى انه لعل فى تاخيره عليه السلام الرجاء عن الخوف ايماء لطيف الى انه ينبغى ان تكون خاتمه الحياه على مقام الرجاء و رجحان درجته و الله اعلم انتهى كلامه (قده).
«و انجح طلبتى» اجعلنى مصيبا لها.
«آمين»
بالمد و القصر اسم فعل بمعنى استجب، و فى الخبر انه قال صلى الله عليه و آله و سلم علمنى جبرئيل آمين و قال انه كالختم على الكتاب، و فى خبر انه خاتم رب العالمين ختم به دعاء عبده اى به يصونه عن الافات، و فى روايه اخرى انه درجه فى الجنه اى لقائلها.
001 13 دعاوه عليه السلام فى طلب الحوائج
001 13 «يا منتهى مطلب الحاجات»
يعنى ان العباد اذا قنطوا فى قضاء حوائجهم من غيرك فزعوا اليك لان الاسباب و الدواعى و الالات من رشحات جودك، او يكون المعنى ان اطماع الانظار تختلف فى المقاصد و الارادات، فمنهم من يطلب زخارف العاجله و منهم من يطلب الاجله و هولاء ايضا اقسام، فطالب للحور الحسان و طالب للغلمان و الصبيان و طالب للشراب الطهور و طالب للمنازل و القصور، و اما السالكون اليك و الدالون عليك فقد قصروا شراشر انظارهم و جوانب اعمالهم عليك لا يطلبون سواك و انت فوق كل مطلوب، و الى هذه الاختلافات اشار تعالى بقوله: (وعد الله المومنين و المومنات جنات تجرى من تحتها الانهار خالدين فيها و مساكن طيبه فى جنات عدن و رضوان من الله اكبر)، و اشار سيد الموحدين و امام المتقين بقوله: ما عبدتك خوفا من نارك و لا طمعا فى جنتك و لكن وجدتك اهلا للعباده فعبدتك، و قيل المراد ان كل من تطلب منه الحوائج فهو يطلب حوائجه ايضا من الغير حتى تنتهى سلسله الاحتياج اليك، لانك لا تطلب حاجه من غيرك، و مطلب اما مصدر ميمى او اسم مكان.
008 13 «و يا من لا تبدل حكمته الوسائل»
و قد اورد اشكال فى هذا المقام، و حاصله على هذا التقدير يكون قد انتفت فائده الدعاء لانه من جمله الوسائل.
و الجواب ان الحكمه هنا ايضا قد اقتضت تعليق الاجابه على الدعاء فهو لا يتغير بوسيله اخرى، و اليه اشار الصادق عليه السلام فى قوله لميسر، يا ميسر ادع الله و لا تقل ان الامر قد فرغ منه ان عند الله منزله لا تنال الا بمسالته، و لو ان عبدا سد فاه و لم يسال لم يعط شيئا فسل تعط يا ميسر انه ليس من باب يقرع الا يوشك ان يفتح لصاحبه، و من هنا يظهر الجواب عن شبهه من قال انا ندعو فلا يستجاب لنا، لان بعض الادعيه لم تقع على وجه الحكمه، و قد خفى هذا المعنى على بعض الاصحاب، فاجاب بان
008 13 الدعاء عباده فى نفسه تعبد الله عباده به لما فيه من اظهار العجز و الاحتياج اليه، و هو امر مطلوب اومى اليه فى قوله تعالى: (و ما خلقت الجن و الانس الا ليعبدون)، و العباده فى اللغه التذلل و لا مدخل له فى قضاء الحوائج، و هو كما ترى لما قال صلى الله عليه و آله و سلم ما من مسلم دعا الله سبحانه دعوه ليس فيها قطيعه رحم و لا اثم الا و اعطاه الله تعالى بها احدى خصائل ثلاثه اما ان يعجل دعوته و اما ان يدخر له و اما ان يدفع عنه من السوء مثلها.
009 13 «و يا من لا تنقطع عنه حوائج المحتاجين»
و حوائج بالياء و الهمزه و هو الاولى لوجود شرط القلب و هو وقوعها بعد الف فاعل الواقعه بعد الواو، و المعنى ان المحتاجين دائما فى طلب الحاجات منه، او انه تعالى لا يقطع حوائجهم و لا يخيبهم فى قبولها، و قيل المعنى ان الخلائق دائما فى باب الاحتياج اليه طلبوا منه او لم يطلبوا.
010 13 «لا يعنيه»
من باب التفعيل بمعنى التعقيب و التنصيب و فى بعضها بوزن يضرب بمعنى الهم و الشغل و فى بعضها بوزن يكرم اى لا يوقف فى تعب و نصب و فى بعضها يعييه من الاعياء بمعنى الاعجاز.
011 13 «تمدحت بالغناء»
هذا و ما بعده ناظر الى قوله تعالى: (و الله الغنى و انتم الفقراء).
«و انت اهل الغنى»
دفع لما يتوهم من ان تمدحه مثل تمدح الخلائق فى اشتماله على الكذب و كونه مجرد دعوى بلا برهان.
013 13 «خلته» اى حاجته ماخوذ من التخلل بين الشيئين و هى الفرجه و الثلمه.
«و رام» طلب.
014 13 «نجحها» النجح الظفر بالمطلوب.
014 13 «فقد تعرض للحرمان»
هذا انما يكون اذا كان معتقدا قضاءها منه وحده او على طريق الاشتراك و ربما ايده قوله عليه السلام او جعله سبب نجحها.
015 13 «و هى زله» الضمير راجع الى تسويل النفس.
«قصر» بمعنى المخفف.
«جهدى» بضم الجيم و فتحها الطاقه و المشقه.
016 13 «و رجعت و نكصت»
النكوص هو الرجوع و لذا لم يوجد قوله و رجعت الا فى نسخه شيخنا البهائى (قده).
017 13 «كيف يسال محتاج محتاجا»
لانه كما قيل استعانه المخلوق بالمخلوق من باب استعانه المسجون بالمسجون.
«معدم» من العدم بالضم و التسكين بمعنى الفقر لا من العدم بفتحتين نقيض الوجود.
018 13 «و اوفدت» اوردت.
019 13 «وجدك» سعتك و غناك.
«خطير» و هو ما له قدر و منزله.
«اعلى من كل يد»
يعنى ان عطيتك اعظم من كل عطيه فيدك فوق كل يد معطيه، او ان يدك دائما فى الاعطاء و يد غيرك تاره معطيه و تاره معطاه، و فى الحديث اليد العليا خير من اليد السفلى، و قيل معناه ان كل من يعطى فاعطاوه حقيقه راجع اليك و هو بمنزله الوكيل فى ايصال عطاياك الى العباد و يدك المالك الحقيقى اعلى من يد الوكيل و هو كما ترى.
020 13 «على التفضل»
رد لما زعمه المعتزله من عدم جواز العفو عليه تعالى لانه يجب عليه الوفاء
020 13 بالوعد و الوعيد، كما ان قوله «و لا تحملنى» الفقره رد عليهم ايضا حيث قالوا للاستحقاق فقط لقوله تعالى: (فمن يعمل مثقال ذره خيرا يره و من يعمل مثقال ذره شرا يره)، و قد نسبنا صاحب الكشاف الى الطمع حيث انا نرجو التفضل منه سبحانه مع جزاء اعمالنا، و العجب من هولاء الفرقه كيف شاركونا فى الحسن و القبح العقليين و خالفونا فى هذه المساله مع انها من فروعها فى التحقيق، و قد بسطنا الكلام معهم فى شرحنا الكبير.
022 13 «و لا تبت» لا تقطع.
001 14
دعاوه عليه السلام اذا اعتدى عليه او راى من الظالمين ما لا يحب
الظاهر ان المعتدين و الظالمين فى زمانه عليه السلام انما كانوا من مخالفينا فى المذهب، و حينئذ فيدل على جواز الدعاء عليهم بل على استحبابه اقتداء به عليه السلام، اما المعتدى و الظالم من الشيعه ففى جواز الدعاء عليه بهذا و امثاله اشكال، لقوله عليه السلام احسن الى من اساء اليك، بل ينبغى الدعاء لهم بالهدايه و الارشاد و دفع شرورهم عن المسلمين، و سياتى فى بعض فقرات هذا الدعاء الشريف ما يويد ما قلناه.
001 14 «انباء المتظلمين»
اخبارهم، و التظلم شكوى المظلوم عند من ينتصف له من ظالمه، و هذه الفقره و ما بعدها من رعايه الادب بمكان، فان فيه دفع ما يتوهم من انه سبحانه كالخلائق لا يطلع على اخبار المظلومين و قصصهم الا اذا عرضت عليه، و انه يحتاج فى اثباتها عنده الى الاشهاد عليها كاحتياج الخلائق.
002 14 «قصصهم» بالفتح الاسم و بالكسر جمع قصه.
005 14 «حظرت» منعت.
005 14 «انتهكه منى» بالغ فيه منى مما قد حرمته عليه.
«بطرا» طغيانا.
«و اغترارا بنكيرك»
اما من الغره بالكسر بمعنى الغفله و الباء بمعنى على و قد فسر بهما قوله تعالى: (ما غرك بربك الكريم)، و الاظهر فى نظرى ابقاء الباء على حالها من السببيه، و حاصل المعنى ان غفلته او جراته مسببان عن انكارك عليه اى عن تاخيره كما فى بعض النسخ من قوله بتاخير انكارك، و فى البعض الاخر بتاخيرك اى بتاخير انكارك.
006 14 «و افلل حده» اكسر شوكته و حدته.
«فيما يليه» اى يقرب اليه من اهل نحلته او فى مهماته و اشغاله القريبه.
«يناويه»
من النوا مهموزا بمعنى النهوض اى عن الشرور التى ينهض لامضائها على، و التعبير بصيغه المفاعله اشعار بان كلا من المتعاديين قد نهض الى صاحبه، و فى بعض النسخ ينويه، و يجوز ان يكون ما فى الاصل بمعناه.
007 14 «و لا تسوغ له ظلمى»
اى امنعه عن الظلم على او عرفه بانه ظلم حتى لا يتجرا عليه، لان كثيرا من الظالمين قد اضلهم الشيطان حتى انه يريهم الظلم على بعض الناس من اعظم العبادات، كيف لا و قد ذهب الخوارج و من حذا حذوهم الى ان سب على بن ابيطالب عليه السلام من اعظم العبادات، و قتله من اعظم المثوبات لانه كان كافرا فى زعمهم الفاسد، حتى خاطبهم الله تعالى بقوله: (قتل الانسان ما اكفره) و المراد به على عليه السلام اى ما صيره كافرا فى نظر من جوز قتله حتى قتل، فالانسان هنا هو على بن ابيطالب عليه السلام، و ما للاستفهام الانكارى و هو من غرائب التفسير.
«و احسن»
من احسن و فى نسخه شيخنا البهائى (قده) من حسن و لعله من سهو القلم و لا يصحح الا بتضمين قواعده و نحوه.
008 14 «عدوى»
و هى طلبك الى وال ليعديك على من ظلمك اى يتقاضى لك، او انه ماخوذ من قولك استعديت على فلان الامير فاعدانى اى استعنت به فاعاننى، و العدوى هنا اسم من الاعداء بمعنى المعونه و قد توخذ من الاستعداء بمعنى طلبها.
«به» بسببه.
«و حنقى» محركه الغيظ او شدته.
009 14 «و ابدله»
و فى ش و ابدلنى و هو الاظهر على ما تحققت من ان اعداءه عليه السلام كلهم مخالفون بل من اشد النواصب، و بناء على ما فى الاصل يراد بالرحمه هنا الهدايه للمذهب الحق.
«جلل» حقير و هو من الالفاظ الموضوعه للاضداد كالجون.
«مرزئه»
بفتح الميم و كسر الزاء بمعنى المصيبه، و بكسر الميم و كسر الزاء و الهمزه من باب الافعال من الرزء بالضم بمعنى النقض كما فى بعض النسخ.
«سواء»
عدل و وسط و حسن و فى بعضها شوى بالشين المعجمه بمعنى الهين و اليسير.
«موجدتك» بالفتح و الكسر بمعنى غضبك و سخطك.
011 14 «سواك»
فيها اربع لغات فتح السين مع المد و كسرها مع القصر و هما مشهورتان و ضم السين مع القصر و كسرها مع المد.
«حاشاك» اى انزهك عن ان استعين بغيرك او يكون بمعنى الا انت.
«شكايتى» انينى.
011 14 «بالتغيير» اى تغير حال الظالم حتى يرجع عن ظلمى فيتغير حالى ايضا الى الفرح.
012 14 «بالامن» الباء اما للصله او للسببيه.
«عن انكارك»
و فى خ لانكارك اى لتاخيره و الدعاء له بعدم الفتنه دعاء عليه حقيقه، فكانه قال اللهم لا تدعه من الانكار، و ما قيل من انه ترحم على الظالم و دعا له لعدم الفتنه حتى لا يعود ثانيا ياباه سياق الكلام.
«و يحاضرنى»
بالحاء المهمله و الضاد المعجمه من قولهم حاضرته محاضره اى جلست معه عند السلطان لاخذ الحق منه، و بالمعجمه و المهمله اى ياخذ بخاصرتى و هو العضو المعروف كنايه عن تضييق الامر عليه، و بالمهملتين من المحاصره بمعنى الضائقه، و بالمعجمتين من المخاضره و هو بيع الثمار قبل ان يبدو صلاحها، و المراد هنا ان يذهب بحقى مجانا و لا يدعه يبلغ نصاب الكمال.
«عما قليل»
اى عن قليل زيدت لتحسين اللفظ و قيل انها بعد حروف الجر نكره مجروره و المجرور بعدها بدل منها.
013 14 «و اهدنى للتى هى اقوم»
اى الى الطريقه التى هى اشد استقامه و الكلمه التى هى اعدل الكلمات و اصولها و هى كلمه التوحيد، و الهدايه تقال على معان خمسه:
اولها: الهدايه الى جلب المنافع و دفع المضار بافاضته المشاعر، و هو المراد بقوله: (اعطى كل شى ء خلقه ثم هدى).
و ثانيها: نصب الدلائل العقليه الفارقه بين الحق و الباطل و اليه الاشاره بقوله:(و هديناه النجدين) اى طريق الخير و الشر.
و ثالثها: الهدايه بارسال الرسل و انزال الكتب و هو المراد بقوله: (و اما ثمود فهديناهم).
013 14 و رابعها: ان يكشف على قلوبهم و السرائر و يريهم الاشياء كما هى اما بالاحلام الصادقه او بالالهامات الفائقه.
و خامسها: الهدايه الى طريق السلوك الى حظائر القدس بانطماس آثار التعلقات البدنيه و الاستغراق فى مطالعه انوار الجمال، و هذه المرتبه يختص بها الاولياء، و من كان فى مرتبته طلب ما هو فوقها.
014 14 «يوم الفصل»
يوم القضاء الذى يفصل الله فيه الحكم بين الخلائق.
015 14 «و هلع اهل الحرص» جزعهم و ضجرهم.
001 15
دعاوه عليه السلام اذا مرض او نزل به كرب او بليه
المراد بالكرب هنا الحزن و بالبليه ما عداه و ما عدا سابقه.
001 15 «الحمد لله على ما لم ازل اتصرف فيه من سلامه بدنى»
ما موصوله او موصوفه و ضمير فيه راجع اليها و صله اتصرف محذوفه و من بيان لضمير فيه اى على حال لم ازل اتصرف فى ذلك الحال فى امورى و اشغالى و ذلك الحال هو سلامه بدنى.
004 15 «محصتنى»
خلصتنى و ياتى بمعنى الابتلاء و الاختبار ايضا و المقام لا ياباه.
«لا ثقل به على ظهرى»
على مشدد و ظهرى فاعل ثقل و به الموجود فى اكثر النسخ هو العابد على تقدير عدمه لفظا يكون مقدرا و فى بعض النسخ لما ثقل به على ظهرى بتخفيف على اى تخفيفا لما ثقل بسبب وجوده على ظهرى اذ المعدوم لا ثقل له.
004 15 «الحوبه» الاثم.
«بقديم النعمه»
اما متعلق بالحوبه اى الاثم الحاصل بسبب كفران النعمه القديمه و اما متعلق بتذكير و يجوز تعلقه باتحفتنى.
005 15 «ما لا قلب فكر فيه»
يعنى ما لم يصدر لا نيه و لا قولا و لا عملا، و فى الصحيح عن ابى عبدالله عليه السلام انه قال قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم يقول الله عز و جل للملك الموكل بالمومن اذا مرض اكتب له ما كنت تكتب له فى صحته فانا الذى صيرته فى حبالى، و اذا مرض الصبى كان مرضه كفاره لوالديه، و ان حمى يوم كفاره سنه، لان المها يبقى فى الجسد سنه، و قال صلى الله عليه و آله و سلم ان لاهل البلايا فى الدنيا درجات فى الاخره ما تنال بالاعمال حتى ان الرجل ليتمنى ان جسده فى الدنيا كان يقرض بالمقاريض مما يرى من حسن ثواب الله لاهل البلايا من الموحدين، فان الله لا يقبل العمل فى غير الاسلام، و صداع ليله يحط كل خطيئه الا الكبائر، و الاخبار فيه متضافره.
006 15 «و اوجدنى حلاوه العافيه» اظفرنى بها.
«برد السلامه»
سهولتها و منه الحديث الصوم فى الشتاء الغنيمه البارده اى لا مشقه فيه و لا تعب.
«صرعتى»
بكسر الصاد للنوع و بالفتح للمره و الصرع الطرح على الارض.
007 15 «ذو الجلال و الاكرام»
صاحب الاستغناء المطلق و الفضل العام، و قيل الجلال اشاره الى الصفات السلبيه التى جل و تنزه عن الاتصاف بها، و الاكرام الصفات الثبوتيه فانها موجبه للاكرام و الرفعه، و قيل الجلال صفات القهر و الاكرام صفات اللطف.
001 16 دعاوه عليه السلام فى الاستقاله من الذنوب
لا بد من ذكر وجوه فى سبب اضافه الذنوب اليهم عليهم السلام بعضها من سوانح البال و بعضها من فحول الرجال.
الاول: ما قيل انه تعليم لشيعتهم كيف يتضرعون اليه سبحانه، و من البعيد ان يصرف سيد الساجدين عمره الشريف مثله لمثله مع امكانه بالقول.
الثانى: انه قد صدرت منهم الافعال المكروهه كالصلاه فى الثياب السود و نحوه و هو كالاول، لان ارتكابهم عليهم السلام للمكروهات انما هو لاجل التعليم و التفهيم حتى لا يظن به الحرمه بسبب النهى فيه فصدوره منهم اما على طريق الوجوب عليهم او الاستحباب.
الثالث: ما قيل من انه يجوز ان يوسوس لهم الشيطان فى فعل من الافعال فيرجعوا اليه تعالى و تكون تلك الوسوسه وسيله الى اعالى الدرجات التى لا تحصل الا بالتضرع و الندم، و ليس هو من قبيل تسلط الشياطين الباعث على حط رتبه الاولياء، و هذا و امثاله و ان وقع من آدم و امثاله الا انه لم ينقل وقوعه من احد من الائمه عليهم السلام.
الرابع: ان ما صدر منهم عليهم السلام انما هو من باب انشاء التواضع كقوله عليه السلام انا مثل الذره او دونها و ليس هو من باب الاخبار.
الخامس: ما افاده الفاضل على بن عيسى الاربلى من انهم عليهم السلام اوقاتهم المستغرقه بذكره تعالى و خواطرهم متعلقه بالملا الاعلى و هم ابدا بالمراقبه، كما قال عليه السلام اعبد الله كانك تراه فان لم تره فانه يراك، فهم ابدا يتوجهون اليه و منقلبون بكليتهم عليه فمتى انحطوا عن تلك المرتبه العاليه و المنزله الرفيعه الى الاشتغال بالماكل و المشرب و التفرغ للنكاح و غيره من المباحات عدوه ذنبا و استغفروا منه، الا ترى بعض عبيد ابناء الدنيا لو قعد ياكل و يشرب و ينكح و هو يعلم انه بمراى من سيده و مسمع لكان ملوما عند الناس و مقصرا فيما يجب عليه من خدمه سيده و مالكه، فما
001 16 ظنك بسيد السادات و مالك الاملاك، و الى هذا اشار عليه السلام بقوله انه ليران على قلبى و انى لاستغفر الله بالنهار سبعين مره، و قوله حسنات الابرار سيئات المقربين، فان قلوبهم عليهم السلام اتم القلوب صفاء و اكثرها ضياء و اعرفها عرفا، و كانوا مع ذلك قد عينوا لتشريع المله فلم يكن لهم بد من النزول الى الرخص و الالتفات الى حظوظ النفس مع ما كانوا ممتحنين به من الاحكام البشريه، فكانوا اذا تعاطوا شيئا من ذلك اسرعت كدوره ما الى قلوبهم لكمال رقتها و فرط نورانيتها، فان الشى ء كلما كان ارق و اصفى كانت كدورات المكدرات عليه ابين و اهدى، و كانوا عليهم السلام اذا احسوا بشى ء من ذلك عدوه على النفس ذنبا و استغفروا منه.
السادس: ان مراتبهم عليهم السلام فى معرفه الله تعالى و الاطلاع الى علم الملكوت متجدده بتجدد الايام و الليالى متزايده آنا فانا فكلما ترقوا من مرتبه الى اخرى عدوا تلك السابقه ذنبا بالنسبه الى ما هم فيه.
السابع: ان العبد الممكن المتلوث بشوائب النقص و العجز قابل التلبس بجميع المعاصى لو لا الالطاف الالهيه فاعترافهم عليهم السلام بالذنوب انما هو بالنسبه الى الماده البشريه لا باعتبار العصمه الالهيه، و قد اشير الى هذا فى قول يوسف عليه السلام: (ان النفس لاماره بالسوء الا ما رحم ربى)، و قوله تعالى: (لو لا ان ثبتناك لقد كدت تركن اليهم شيئا قليلا)، و قوله عليه السلام اللهم لا تكلنى الى نفسى طرفه عين، و لقد عد هذا الوجه استاذنا العلامه سلمه الله تعالى من الالهامات الالهيه.
الثامن: ان التكاليف انما هى بازاء النعم فكلما كانت النعمه على العبد اتم كان تكليفه اشد من غيره، و لذا كلفوا عليهم السلام بتكاليف شاقه، و لا ريب فى انه تعالى قد منحهم من النعم ما لم يمنحه غيرهم، فهم يهمون بالشكر الذى هو ثمن النعمه و لم يطيقوه فيعدون انفسهم فى مرتبه التقصير و الذنب فيستغفرون منه.
روى عن عطاء انه قال دخلت على احدى زوجات النبى صلى الله عليه و آله و سلم فقلت اخبرينى باعجب ما رايت من رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم فبكت و قالت و اى شانه لم يكن عجبا انه اتانى فى ليلتى فدخل معى فى فراشى او قالت فى لحافى حتى مس جلدى جلده ثم قال ذرينى اتعبد لربى فقلت انى احب قربك فاذنت له فقام الى قربه ماء فتوضا فلم يكثر صب الماء ثم قام يصلى فبكى حتى سالت دموعه على صدره ثم ركع فبكى ثم سجد فبكى ثم رفع راسه فبكى فلم يزل كذلك حتى جاء بلال فاذنه بالصلاه فقلت يا رسول
001 16 الله و ما يبكيك و قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك و ما تاخر، قال افلا اكون عبدا شكورا و لم لا افعل و قد انزل الله على: (ان فى خلق السموات و الارض) الايه، و هذا يدل على ان البكاء لا ينقطع ابدا، روى انه مر بعض الانبياء بحجر صغير يخرج منه ماء كثير فتعجب فانطقه الله تعالى فقال منذ سمعت قوله تعالى: (وقودها الناس و الحجاره) و انا ابكى من خوفه فساله ان يجيره من النار فاجاره ثم رآه بعد مده مثل ذلك فقال لم تبكى الان؟ فقال ذاك بكاء الخوف و هذا بكاء الشكر و السرور، و روى ان داود عليه السلام بكى اربعين يوما ساجدا لا يرفع راسه حتى نبت المرعى من دموعه حتى غطى راسه، فنودى يا داود اجائع انت فتطعم ام ظمان فتسقى ام عار فتكسى فنحب نحبه هاج لها العود فاحترق من حر جوفه، ثم انزل الله التوبه و المغفره، فقال يا رب اجعل خطيئتى فى كفى، فصارت خطيئته فى يده مكتوبه، و كان لا يبسط كفه لطعام و لا لشراب و لا لغيرهما الا رآها فابكته. قال و كان يوتى بالقدح ثلثاه ماء فاذا تناوله ابصر خطيئته فما يضعه على شفته حتى يفيض من دموعه، و روى انه ما رفع راسه الى السماء حتى مات حياء من الله تعالى، و كان يقول فى مناجاته اذا ذكرت خطيئتى ضاقت على الارض بما رحبت و اذا تذكرت رحمتك ارتدت الى روحى سبحانك الهى اتيت اطباء عبادك ليداووا خطيئتى فكلهم يدلونى عليك فبوسا للقانطين من رحمتك، و كان اذا اراد ان ينوح مكث قبل ذلك سبعا لا ياكل الطعام و لا يشرب الشراب و لا يقرب النساء فاذا كان قبل ذلك اخرج له منبر الى البر فيامر سليمان عليه السلام ينادى بصوت يستقرى البلاد و ما حولها من الغياض و الاكام و الجبال و البرارى و الصوامع و البيع فينادى فيها الا من اراد ان يسمع نوح داود فليات قال فتاتى الوحوش من البرارى و الاكام و تاتى السباع من الغياض و تاتى الهوام من الجبال و تاتى الطير من الاوكار و تاتى العذارى من خدورهن و تجتمع الناس لذلك اليوم و ياتى داود عليه السلام حتى يرقى المنبر و يحيط به بنواسرائيل و كل صنف على حدته يحيطون به و سليمان عليه السلام قائم على راسه فياخذ فى الثناء على ربه فيضجون بالبكاء و الصراخ ثم ياخذ فى ذكر الجنه و النار فيموت الهوام و طائفه من الوحوش و السباع و الناس ثم ياخذ فى اهوال القيامه و فى النياحه على نفسه فيموت من كل نوع طائفه، فاذا راى سليمان كثره الموتى قال يا ابتاه قد مزقت المستمعين كل ممزق و ماتت طوائف من بنى اسرائيل و من الوحوش و الهوام فياخذ فى الدعاء فبينا هو كذلك اذ ناداه بعض عباد بنى اسرائيل يا داود عجلت بطلب الجزاء على ربك قال فخر
001 16 داود مغشيا عليه فلما نظر سليمان الى صاحبه و ما اصابه اتى بسرير فحمله عليه ثم امر مناد ينادى الا من كان له مع داود حميم فليات بسريره يحمله عليه فان الذين كانوا معه قد قتلهم ذكر الجنه و النار، ثم اذا افاق داود دخل بيت عبادته، و كان الخليل عليه السلام اذا ذكر خطيئته يغشى عليه و يسمع اضطراب قلبه ميلا فى ميل فياتيه جبرئيل عليه السلام فيقول له الجبار يقروك السلام و يقول هل رايت خليلا يخاف خليله فيقول يا جبرئيل انى اذا ذكرت خطيئتى نسيت خلتى، و مثل هذا كثير.
التاسع: انه تعالى معشوقهم الحقيقى و مقصودهم التحقيقى فهم يحبون ان لا يعصى فاذا راوا من غيرهم معصيه انكمدت خواطرهم الشريفه حيث انه وقع بحضرتهم فهم يعدونه ذنبا كما لو جلس احدنا فى مجلس سمع فيه غيبه اخيه.
العاشر: انهم عليهم السلام الملوك و القاده فهم يعاتبون على ذنوب رعيتهم، بل قد نسبها تعالى اليهم فى قوله: (ليغفر لك ما تقدم من ذنبك و ما تاخر)، اى من ذنب امتك كما فى الروايه، و لو لا مخافه التطويل لذكرنا وجوها كثيره فى هذا الباب.
001 16 «برحمته» الباء اما للسببيه او للصله.
002 16 «يفزع» يستغيث.
003 16 «ينتحب» الانتحاب البكاء بصوت طويل.
008 16 «تسعى رحمته امام غضبه»
قيل اما لوقوع الغضب بين رحمتين بحكم قوله تعالى: (فان مع العسر يسرا ان مع العسر يسرا)، روى عنه صلى الله عليه و آله و سلم انه خرج مسرورا فرحا و هو يضحك و يقول لن يغلب عسر يسرين، قال الفراء ان العرب تقول اذا ذكرت نكره و اعادتها نكره صارتا اثنتين كقولك كسبت درهما كسبت درهما فالثانى غير الاول و اذا اعادتها معرفه فهى هى، و اما لان الرحمه مقصوده بالذات و الغضب مقصود بالعرض و ما بالذات مقدم على ما بالعرض، و اما لان غضبه تعالى كما عرفت من حيث الرحمه الواسعه، و قد روى عن الصادق عليه السلام ان الله تعالى لما نفخ فى آدم الروح ثم عطس الهمه الله تعالى قول الحمد لله رب العالمين فقال الله تعالى رحمك الله يا آدم فهذا معنى قول النبى صلى الله عليه و آله و سلم يا من سبقت رحمته غضبه.
011 16 «لا يرغب فى جزاء من اعطاه»
اى لفنائه المطلق لا يحرص على الجزاء حتى يجازى على قدر الافعال او حتى يمنع جزاءه.
012 16 «لا يفرط»
لا يتجاوز الحد فان عذابه تعالى و ان كان هو العذاب الاليم الا انه اقل بالنسبه الى ما يستحقه اهل العذاب و الافراط منه تعالى تفريط.
013 16 «لبيك» اجيبك اجابه بعد اجابه.
«و سعديك» اسعدك اسعادا بعد اسعاد و اقيم على خدمتك.
014 16 «او قرت» اثقلت.
«افنت»
بالمثلثه يقال فنى القدر اذا سكن غليانه و المراد هنا الكسر، و فى اكثر النسخ المصححه بالنون اى استغرق عمره فى الذنوب و ان الذنوب عجلت اجله و قصرت عمره، فان الذنوب تهدم الاعمار و تقرب الاجال، و قد روى فى كثير من الاخبار.
«بجهله عصاك»
فيجب عليك قبول توبته و غفران ذنبه، و هو ناظر الى قوله تعالى: (انما التوبه على الله للذين يعملون السوء بجهاله)، و اختلف فى معنى قوله بجهاله على وجوه:
احدها: ان كل معصيه يفعلها العبد جهاله و ان كانت على سبيل العمد لانه يدعو اليها الجهل و يزينها للعبد، و هو مروى عن الصادق عليه السلام.
و ثانيها: ان معنى قوله بجهاله انهم لا يعلمون كنه ما فيه من العقوبه كما يعلم الشى ء ضروره.
و ثالثها: ان معناه انهم يجهلون انها ذنوب و معاصى فيفعلونها اما بتاويل يخطئون فيه و اما بان يفرطوا فى الاستدلال على قبحها، و ضعفه الرمانى بانه خلاف اجماع المسلمين.
015 16 «بكاك» اى لاجل خيفتك.
«عفر»
وضع جبهته على العفر بفتحتين و هو التراب، و قد حذف الجواب و هو قوله فاعفر وجهى بقرينه ما تقدم.
017 16 «و لا تجبهنى»
يقال جبهته بالمكروه اذا استقبلته به، و يجوز ان يكون معناه لا تضرب جبهتى بالمكروه و الرد.
018 16 «سميت نفسك بالعفو»
اى صاحب العفو او بتضمين سميت معنى و صفت و يجوز ان تكون التسميه هنا بمعناها اللغوى اى رفعت نفسك على كل احد بسبب عفوك عن المذنبين.
019 16 «فيض دمعى»
لا يجوز الدعاء بهذه الفقرات الا حال رقه القلب و جريان الدموع.
«و وجيب» اضطراب.
«و انتقاض»
بالفاء بمعنى تحركها و ارتعادها و بالقاف بمعنى ضعفها و عدم احكامها او صونها.
020 16 «حياءا» بالرفع على الخبريه و بالنصب اما على التعليل او على الحاليه.
«الجار»
بالفتح و سكون الهمزه و بالضم و بالهمزه رفع الصوت و الاستغاثه و التضرع بالدعاء.
021 16 «فكم من عائبه»
كم هى الخبريه و من زائده للاستغراق او للتكثير او لئلا يتوهم ان ما بعده نصب على شريطه التفسير لوجود المفسر كما ذكره ارباب العربيه فى قوله تعالى:
021 16 (كم من قريه اهلكناها)، و العائبه بالهمز ما يوجب العيب.
«شائبه»
بالهمزه واحد الشوائب و هى الاقذار و الادناس، و فى بعض النسخ بالنون بعد الهمزه من الشين خلاف الزين.
«الممت بها» قصدتها و نزلت بها.
«شنارها» عارها و شده شناعتها.
023 16 «ابعد غورا» ذهابا الى غور الباطل اى قعره.
«من حفظى له» اى لاضلاله و غوايته.
024 16 «دعوتك الى الجنه» كقوله و الله يدعو الى دار السلام.
026 16 «اناتك» حلمك عنى و تاخير عقوبتى.
«المخلقه» التى صيرتنى كالثوب الخلق بفتحتين اى البالى.
027 16 «تهورا» و هو الوقوع فى الامر بقله مبالاه.
029 16 «ارقتها الذنوب»
صيرتها رقا و عبدا و اضعفتها حتى صارت رقيقه بعد ما كانت غليظه.
030 16 «تنتشر» بتائين بعدهما نون او بينهما نون بمعنى تنتفخ اعصابهما من التعب.
«ماء الرماد» اى الممزوج به او الذى على لونه.
«استحياء»
لكثره المعصيه و قله الطاعه بالنسبه الى ما تستحقه، و فى هذه الفقرات تاييد لما ذهب اليه شيخنا الطوسى فى الاقتصاد و الفاضل من ان قبول التوبه بالتفضل لا بالوجوب.
031 16 «و ان كنت تغفر لى»
ان للشرط اى ان غفرت لى فى الوقت الذى تفضلت به و جعلته وقتا للاستحقاق
031 16 فهو غير واجب لى بالاستحقاق حيث وعدت الاستجابه بقولك ادعونى استجب لكم، و يجوز ان يكون معناه انك ان علقت مغفرتك لى على الاستحقاق فانا محروم منها لعدم استحقاقى لها، و قيل الغرض المبالغه فى نفى استحقاق المغفره يعنى و ان استحقيتها بالعارض فى بعض الاوقات فذلك الاستحقاق كالاستحقاق لفقد الذاتى منه، و يجوز ان تكون ان وصليه.
032 16 «و حلمت» و فى ش و حملت و كانه تصحيف.
033 16 «الانابه» الرجوع عن المعصيه و الاقبال على الطاعه.
«و طليق» من الاطلاق بمعنى الارسال.
«و بشرنى بذلك فى العاجل»
اشاره الى قوله تعالى: (الذين آمنوا و كانوا يتقون لهم البشرى فى الحياه الدنيا و فى الاخره)، و قد جاءت الروايات فيها مختلفه على وجوه و كلها على منهج الصواب.
الاول: ان المراد بها الرويا الصالحه يراها المومن لنفسه او ترى له و فى الاخره بالجنه و هى ما تبشرهم الملائكه عند خروجهم من القبور و فى القيامه الى ان يدخلوا الجنه يبشرون بها حالا بعد حال و هو المروى عن النبى صلى الله عليه و آله و سلم و عن ابى جعفر عليه السلام، و عن الرضا عليه السلام قال ان رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم اذا اصبح قال لاصحابه هل من مبشرات يعنى به الرويا، و كان عليه السلام يقول الرويا الحسنه من الرجل الصالح جزء من سته و اربعين جزءا من النبوه، و ان الرويا الصالحه من الله فاذا راى احدكم ما يحب فلا يحدث بها الا من يحب، و اذا راى رويا مكروهه فليتفل عن يساره ثلاثا و ليتعوذ من شر الشيطان و شرها و لا يحدث بها احدا فانها لن تضره.
الثانى: ما روى عن ابى عبدالله عليه السلام انه قال فى قوله تعالى: (لهم البشرى فى الحياه الدنيا و فى الاخره) الامام يبشرهم بقيام القائم و ظهوره و بقتل اعدائهم و بالنجاه فى الاخره.
033 16 الثالث: ما روى عنه عليه السلام من ان رسول الله و على عليهماالسلام يدخلان على المومن وقت الاحتضار فيجلس رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم عند راسه و على عليه السلام عند رجليه فينكب عليه رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم فيقول يا ولى الله ابشر انا رسول الله انى خير لك مما تركت من الدنيا ثم ينهض رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم فيقوم على عليه السلام حتى ينكب عليه فيقول يا ولى الله ابشر انا على بن ابيطالب الذى كنت تحب اما انى انفعك فقال و ذلك قوله تعالى: (لهم البشرى فى الحياه الدنيا و فى الاخره)، و قال بعض المفسرين المراد بالبشرى فى الحياه هى ما بشرهم الله تعالى فى القرآن على الاعمال الصالحه، و قيل المراد بها بشاره الملائكه للمومنين ان لا تخافوا و لا تحزنوا و ابشروا بالجنه.
034 16 «و لا يتصعدك» كما فى بعض النسخ لا يشق عليك.
001 17
دعاوه عليه السلام اذا ذكر الشيطان فاستعاذ منه
001 17 و نون الشيطان اصليه ان كان من الشطن اى البعد لبعده عن الخير، او من الحبل الطويل كانه طال فى الشر، و ان كانت زائده فهو من شاط يشيط اذا هلك او استشاط غضبا اذا التهب فى غضبه.
«نزغات الشيطان» مفاسده.
«الرجيم»
المرجوم بالحربات الناريه وقت اخراجه من الجنه او بلعن الله و العباد، و اما فى زمان المهدى عليه السلام فانه يقتله و يرجمه فى ذلك اليوم، و قد فسر به يوم الوقت المعلوم، و كلها مرويه فى الاخبار.
«بامانيه»
اكاذيبه المختلقه و احاديثه الكاذبه من قولهم تمناه اختلقه، و منه شى ء رايته ام تمنيته.
«و مصائده»
جمع مصيده و هو ما يصاد به الشى ء، روى عن الائمه عليهم السلام ان ابليس كان ياتى الانبياء عليهم السلام من لدن آدم الى ان بعث الله المسيح يتحدث عندهم و يسائلهم و لم
001 17 يكن باحد منهم اشد انسا منه بيحيى بن زكريا عليه السلام فقال له يحيى يا ابا مره احب ان تعرض على مصائدك و فخوخك التى تصطاد بها بنى آدم فقال له ابليس حبا و كرامه و واعده فلما اصبح يحيى عليه السلام قعد فى بيته ينتظر الوعد و اغلق عليه اغلاقا فما شعر حتى اتى اليه من خوخه كانت فى بيته فاذا وجهه صوره وجه القرد و جسده على صوره الخنزير و اذا عيناه مشقوقتان طولا و فمه مشقوق طولا و اذا اسنانه عظم واحد بلا ذقن و لا لحيه و له اربعه ايد يدان فى صدره و يدان فى منكبه و اذا عراقيبه قوادمه و اصابعه خلفه و عليه قباء قد شد وسطه بمنطقه فيها خيوط معلقه بين احمر و اصفر و اخضر و جميع الالوان و اذا بيده جرس عظيم و على راسه بيضه و اذا فى البيضه حديده معلقه شبيهه بالكلاب فلما تامله يحيى عليه السلام قال له ما هذه المنطقه التى فى وسطك؟ فقال هذه المجوسيه التى سنتها و زينتها لهم فقال له ما هذه الخيوط الالوان؟ قال هذه جميع اصباغ النساء لا تزال المراه تصبغ الصبغ حتى تقع مع لونها فيفتتن الناس بها، فقال له فما هذا الجرس الذى بيدك؟ قال لجمع كل لذه من طنبور و بربط و معزفه و طبل و ناى و حرناى و ان القوم ليجلسون على شرابهم فلا يستلذونه فاحرك الجرس فاذا سمعوه استخفهم الطرب فمن بين من يرقص و يفرقع اصابعه و من بين من يشق ثيابه، فقال له و اى شى ء اقر لعينك؟ قال النساء هن فخوخى و مصائدى فانى اذا اجتمعت على دعوات الصالحين و لعناتهم صرت الى النساء فطابت نفسى بهن فقال له يحيى عليه السلام فما هذه البيضه التى على راسك؟ قال بها اتوقى دعوه المومنين، قال فما هذه الحديده التى ارى فيها؟ قال بهذه اقلب قلوب الصالحين، قال يحيى عليه السلام فهل ظفرت بى ساعه، قال لا و لكن فيك خصله تعجبنى قال يحيى فما هى؟ قال انت رجل اكول فاذا افطرت اكلت و شبعت فيمنعك ذلك من بعض صلاتك و قيامك بالليل، قال يحيى فانى اعطى الله عهدا انى لا اشبع من الطعام حتى القاه، قال له ابليس و انا اعطى الله عهدا انى لا انصح مسلما حتى القاه ثم خرج فما عاد اليه بعد ذلك، و قد انطوى هذا الحديث على مصائده الحسيه و المعنويه.
002 17 «و امتهاننا» استخدامه ايانا بمعصيتك.
003 17 «اخساه»
اطرده و ابعده، قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم الا اخبركم بشى ء ان فعلتموه تباعد الشيطان
003 17 عنكم كما تباعد المشرق من المغرب قالوا بلى يا رسول الله قال الصوم يسود وجهه و الصدقه تكسر ظهره و الحب فى الله و الموازره على العمل الصالح تقطع دابره و الاستغفار يقطع و تينه.
«و اكبته بدووبنا فى محبتك»
اصرفه عنا و ذلله بسبب تعبنا وجدنا فى محبتك.
«و ردما» الردم السد الشديد.
«مصمتا» لا جوف له.
004 17 «رعايتك» حفظك.
«ختره» غدره.
«و اقطع عنا اثره»
بان يتولى غيرنا فيكون اثره وراءه و يكون مقطوع الاثر عنا، او يكون من ذوى الزمانه بالنسبه الينا لا يقدر على اتباعنا فيكون مزمنا لا يمكنه الحركه، و قيل هو كنايه عن موته فان من مات لم يبق له اثر على وجه الارض.
005 17 «بمثل ضلالته» التى هياها لنا او التى اتصف بها.
006 17 «مدخلا»
اى دخولا او مكانه و بضم الميم مصدر بمعنى الادخال و مع كسر الخاء اسم فاعل من باب الافعال.
«منزلا»
بفتح الميم و كسر الزاء على اسم المكان بمعنى النزول و بفتح الميم و الزاء على المصدر الميمى المجرد بمعنى النزول و بضم الميم و فتح الزاء على المصدر المزيد بمعنى الانزال كذا ضبطه المحقق الداماد (ره)، و على صيغه اسم الفاعل كما فى بعضها اى لا توطن له فى قلوبنا شيئا ينزل الشيطان و يوطنه فى قلوبنا.
007 17 «سول» زين.
007 17 «نعده» من الاعداد التهيئه بالركون بسببه.
008 17 «و اشرب قلوبنا»
اى اجعل انكار عمله يتداخل قلوبنا و يسرى فيها مثل تداخل الشراب اعماق البدن او الصبغ شراشر الثوب.
«و الطف لنا»
اوصل الينا مرادنا فى ابطال حيله او هى ء لنا الاسباب الدقيقه الصنع فى نقض حيله او انقض انت حيله نقضا بلطف و استدراج لا يفهم و لا يعلم انك انت الناقض حتى ينتهى نقضها.
009 17 «الولوع» الاستخفاف.
010 17 «و امهاتنا» فى خ بكسر الميم و هى لغه فى الضم.
«ماضيه» قاطعه، و فى الحديث الدعاء سلاح المومن و هو سهم صائب.
011 17 «بالوحدانيه» الباء اما للصله او للسببيه.
«بحقيقه العبوديه» اى بالعبوديه الحقه او بمخ العبوديه و خالصها.
«و استظهر» استعان.
«فى معرفه العلوم»
فى تحصيلها حتى يحصلها او بسبب تحصيله لها فهو يطلب الاستعانه منك عليه بسببها.
012 17 «رتق» احكم و اتقن.
«و ثبطه» عوقه.
013 17 «و ارغم انفه» الصقه بالرغام و هو التراب كنايه عن اذلاله.
014 17 «استهوانا»
استمالنا و اختدعنا بما يهواه او طمع فينا ان يذهب بحبائله التى هى مهواه الغوايه
014 17 و هاويه الضلاله، و فى التنزيل كالذى استهوته الشياطين.
«بمناواته»
بالهمز و عدمه و بواو و الف بعدها همزه المعاداه من النوء بمعنى النهوض لان كلا من المتعاديين ينوء الى صاحبه اى ينهض اليه.
015 17 «خاتم»
بكسر التاء و فتحها و هو الاشهر ما يختم به الشى ء كالطابع لما يطبع به الشى ء او بمعنى الزينه كما ان الخاتم زينه اليد.
«من خوفه» اى الشيطان او ذلك الشى ء الذى استفدنا منه.
016 17 «واسمع لنا»
اجب دعوتنا و فى ش بقطع الهمزه اى اجعل ما دعوناك به مستحقا للاجابه مسموعا.
001 18
دعاوه عليه السلام اذا دفع عنه ما يحذر
001 18 «حسن قضائك» اى القضاء الحسن.
«و بما صرفت» اى بسببه او عليه.
«بما كرهت» من البلاء للصبر عليها.
002 18 «ظللت» صرفت نهارى.
«بت» صرفت ليلى.
«بين يدى بلاء»
سابق عليه و المراد به البلاء الاخروى اعاذنا الله و اياكم منه.
001 19 دعاوه عليه السلام عند الاستسقاء بعد الجدب
001 19 هو حبس الامطار و غور الانهار، و العله فيه ما قاله الصادق عليه السلام اذا فشا الزنى ظهرت الزلازل و اذا امسكت الزكاه هلكت الماشيه و اذا جار الحكام فى القضاء امسك القطر من السماء و اذا خفرت الذمه نصر المشركون، و قد كان الاستسقاء مشروعا فى جميع الاديان و الملل بحكم قوله تعالى: (و اذ استسقى موسى لقومه)، و انكره ابوحنيفه و هو منكر، و الظاهر انه عليه السلام كان يدعو بهذا الدعاء عند الجدب مع صلاه الاستسقاء و سائر آدابه و بدونه و هو احد افراد الاستسقاء.
«اللهم اسقنا الغيث»
لم يصدره عليه السلام بالثناء عليه تعالى و الصلاه على محمد و آله عليهم السلام و الاعتراف بالذنوب كما هو دابه عليه السلام فى طلب الحوائج، و كان النكته فيه ضيق المقام و انه لا يسع الا طلب الحاجه سيما و الغرض يعود الى سائر الناس.
«المغدق» الكثير القطر او كبيره.
«المونق»
اما من الانق بالتحريك بمعنى الكلاء فالمونق بمعنى المنبت و المخرج له، او بمعنى الفرح و السرور، و اما من الانيق من قولهم انقنى اى اعجبنى.
002 19 «بايناع الثمره» بتمام نضجها و بلوغها الاقتطاف.
«الزهره» بالفتح و السكون النبات و نوره.
«و اشهد» احضر.
«السفره»
اهل السفاره بيننا و بينك فى ايصال المياه الينا، و قيل السفره الكتبه و هو بعيد.
«غزره» بضم العين جمع غزير و بفتح العين كما فى ش بمعنى الكثره.
002 19 «درره» سيلانه و كثرته.
«و ابل» عظيم القطر.
003 19 «هنيئا مريئا»
الهنى ء لذيذ الطعم و المرى ء محمود العاقبه، و قيل الهنى ء ما لا تعب فيه و لا اثم و المرى ء ما لا داء فيه.
«طبقا» عاما للاراضى.
«مجلجلا» ذا رعد و الجلجله صوت الرعد.
«غير ملث ودقه» غير عقيم مطره فانه ربما افسد الديار.
«و لا خلب» و هو الطمع الخلف.
004 19 «مغيثا»
منبتا للغيث و هو النبات، او مغيثا من الاغاثه او تاكيدا كليل الليل اى مطرا شديدا.
«مريعا» خصيبا سمينا.
«ممرعا» مخصبا.
«عريضا»
كثيرا كقوله تعالى: (ذو دعاء عريض)، و فى ش الغين المعجمه اى طريا جديدا.
«النهيض» النبات لانه نهض من الارض على ساقه.
«المهيض» النبات المكسور.
005 19 «سقيا» بفتح السين مع التنوين مصدر و بضمها بلا تنوين اسمه كما فى س.
«الظراب» الجبال الصغار و المنبسطه.
«الجباب» بالكسر جمع جب و بالضم البئر.
005 19 «و تنعش» ترفع.
«و تدر به الضرع» تكثر به اللبن فى ضروع الحيوانات.
006 19 «سموما» ريحا حاره.
«حسوما» نحوسا او متتابعه.
«صوبه» انصبابه.
«رجوما» و هو ما يرجم به من الحجاره.
«اجاجا»
مالحا، و قد يستفاد من هذا الدعاء و سائر الادعيه الوارده عنهم عليهم السلام فى هذا الباب انه ينبغى ان يكون للاستسقاء متشابه المعانى و الالفاظ.
001 20
دعاوه عليه السلام فى مكارم الاخلاق
001 20 «و بلغ بايمانى اكمل الايمان»
الباء اما زائده او للسببيه و المفعول محذوف اى بلغنى بسبب ايمانى بك الى اعلى درجاته، و قيل انها للمصاحبه، و فى نسخه ابن اشناس و ابلغ بايمانى و الباء حينئذ للتعديه، و الايمان قد اختلف فيه على مذاهب:
الاول: انه التصديق القلبى بما علم ثبوته من الدين ضروره كالتوحيد و النبوه و البعث و الجزاء و عليه جمهور الاشاعره.
الثانى: ما عليه اكثر الحنفيه من ضم التصديق اللسانى اليه و اليه ذهب جمهور اصحابنا.
الثالث: انه التصديق اللسانى فقط و عليه الكراميه.
الرابع: اضافه الاعمال الى ما تقدم و عليه المعتزله و الخوارج و اهل الحديث .
الخامس: انه المعرفه بالله تعالى و اليه ذهب جهم بن صفوان.
001 20 السادس: انه معرفه الله و ما جاء به الرسول صلى الله عليه و آله و سلم اجمالا و عليه بعض فقهاء الجمهور.
السابع: انه الطاعات المفترضه من الافعال و التروك دون النوافل و عليه الجبائيان و بعض المعتزله.
الثامن: انه الطاعات كلها فرائضها و نوافلها و عليه بعضهم، و هذه المذاهب هى التى ذهب اليها اهل الملل، و ظنى ان النزاع بين اكثرهم بل بينهم لفظى فان المفهوم من الاخبار اطلاقه على معان متعدده لا تخرج عن هذه المذاهب:
اولها: اطلاقه على مرادف الاسلام بمعناه المشهور و فائدته فى الدنيا حقن الدماء و نحوه، و اما فى الاخره فصاحبه مخلد فى النار وفاقا منا.
و ثانيها: الاقرار اللسانى و الاعتقاد القلبى بلا عمل كما يكون لفساق المومنين، و فائدته فى الاخرى عدم الخلود فى النار، و اما اصل الدخول و عدمه فقد اختلفت فيه الاخبار و الاقوال و المشهور هو الاول.
و ثالثها: انه ما ذكر مع ترك الكبائر و فعل الفرائض التى تركها كبيره كالصلاه و الزكاه و الحج و عليه اكثر الاخبار، و فائدته دخول الجنه، و ما ورد من ان تارك الصلاه او الزكاه او الحج كافر و ليس بمومن فالمراد خروجه عن هذه المرتبه لا عن كل درجات الايمان كما توهمه جم غفير من الاصحاب.
و رابعها: انه عباره عن جميع الاعتقادات مع الاتيان بجميع الواجبات و ترك جميع المحرمات و فائدته مع ما سبق رفع الدرجات و الاقبال عليه بالكرامات، و ما ورد ان كل من فعل محرما فليس بمومن فالمراد به انه يخرج عن هذه المرتبه.
و خامسها: اطلاقه على ما ذكر مع الاتيان بالمستحبات و ترك سائر المكروهات و فائدته تضاعف الدرجات، و ما روى من ان من كان يومن بالله فلا ينامن وحده او فلا ياكلن وحده او فلا يبعث بحليلته الى الحمام فمحمول على هذه المرتبه.
و سادسها: اطلاقه على ما ذكر مع التوجه بشراشره الى عالم الملكوت و الانقطاع عن هذا العالم و هو ايمان الانبياء و اوصيائهم عليهم السلام الذى وصفه اميرالمومنين عليه السلام لهمام العابد، و هذه المرتبه تنافيها الافعال المباحه و لذا تابوا الى الله
001 20 تعالى منها كما عرفت سابقا، و الشاهد لما ذكرنا قول ابى عبدالله عليه السلام: يا عبدالعزيز الايمان عشر درجات بمنزله السلم يصعد منه مرقاه بعد مرقاه يقولن صاحب الاثنين لصاحب الواحده لست على شى ء حتى تنتهى الى العاشره فلا تسقط من هو دونك فيسقطك من هو فوقك، و اذا رايت من هو اسفل منك بدرجه فارفعه اليك برفق و لا تحملن عليه ما لا يطيق فتكسره، و من كسر مومنا فعليه جبره، و عباره الصحيفه ايضا مشعره بما قلناه فقد وضح الحق و ارتفع النزاع، نعم تبقى فائده الخلاف فى ما ورد فى الاخبار من استحباب قضاء حاجه المومن و مواساته و نحو ذلك و الظاهر ان المراد به ذو المرتبه الثالثه فصاعدا كذا يفهم من بعض الاخبار، و ان شئت زياده توضح فاستمع لما يتلى عليك.
فنقول قد شبهوا عليهم السلام الايمان بالشخص المشتمل على اجزاء عديده منها ما يكون بها قوامه و وجوده كالراس و القلب و بازائهما الاعتقاد و الاقرار، و منها ما يكون به جلب منافعه و دفع مضاره لا اصل وجوده كاليدين و الرجلين و العينين و بازائهما فعل الواجبات و ترك المحرمات، و منها ما يكون له مدخل فى حسن الصوره لا غير كالحاجبين و اهداب العينين و نحوها و بازائها فعل المستحبات و ترك المكروهات، و هو المراد من قوله عليه السلام و حلنى بحليه المتقين، و تزايد الايمان انما هو باعتبار تزايد الاعمال كما يفهم من تمثيلهم عليهم السلام له بالعين النابعه فان زياده مائها و الانتفاع به انما يكون بتشريع الانهار و شقها حتى تجرى على وجه الارض و الا لربما درسته الرياح، و كذلك الايمان يحتاج الى اجرائه على مجارى الجوارح فان كل عضو منها كنهر جار، و لذا ورد فى الروايات انبثاث الايمان على سائر الجوارح، و العين تحتاج فى كل زمان الى تنقيها من الحماه المفسده، و كذا القلب الذى هو محل الايمان و عينه يحتاج الى التنقيه من حماه الكبر و الحسد و العجب و سائر الرذائل حتى تبلغ تلك العين الايمانيه فى صفائها الى قوله لو كشف الغطاء لما ازددت يقينا، و تحقيق هذا المقام يحتاج الى بسط بسيط و قد حررناه فى شرحنا الكبير.
«و اجعل يقينى افضل اليقين»
يدل على ما هو الحق من قول اليقين للشده و الضعف خلافا لبعض المتكلمين، و هو فوق الايمان لقول ابى الحسن عليه السلام الايمان فوق الاسلام
001 20 بدرجه و التقوى فوق الايمان بدرجه و اليقين فوق التقوى بدرجه و ما قسم فى الناس شى ء اقل من اليقين، و اما حده فقال الصادق عليه السلام هو ان لا تخاف مع الله شيئا.
«و انته بنيتى الى احسن النيات»
الباء للمصاحبه و لا خلاف فى ان مدار قبول الاعمال انما هو عليها، بل عليها بنى الخلود فى الجنه و النار، قال الصادق عليه السلام انما خلد اهل النار فى النار لان نياتهم كانت فى الدنيا ان لو خلدوا فيها ان يعصوا الله ابدا و انما خلد اهل الجنه فى الجنه لان نياتهم كانت فى الدنيا ان لو بقوا فيها ان يطيعوا الله ابدا، فبالنيات خلد هولاء و هولاء ثم تلا قوله تعالى: (قل كل يعمل على شاكلته) اى على نيته، و انما الخلاف فى معناها فذهب بعض المتفقهين الى ان هذه الالفاظ هى المشهوره و لذا اوصى فى المحافظه على اخراج حروفها من المخارج و على مقارنتها لتكبيره الاحرام، و اوقع الناس فى الوسواس الشيطانى، و صلاه هذا باطله قطعا لان هذا ليس بنيه اجماعا، و ان زعم انها دلائل النيه يعبر بها عنها فقد وقع فى امرين باطلين:
احدهما: قوله عليه السلام اذا اقيمت الصلاه فقد حرم الكلام اى منع منه او كره على اختلاف القولين، و لا ريب فى ان الالفاظ كلام اجنبى من الصلاه لانه ليس بقرآن و لا دعاء.
و ثانيهما: ما قيل من انه ان اسقط همزه جلاله التكبير فقد اسقط ما لا يجوز اسقاطه رعايه للتفخيم و ان اتى بها بعد فقد وقع فيما فر عنه لوجود الفاصله و عدم حصول المقارنه، و عندى فى هذا القيل شى ء فان مثله لا يعد فاصله عرفا و لا شرعا، و بعضهم على انها عباره عن معانى تلك الالفاظ و هو ان كان اقل فسادا من سابقه الا انه فاسد ايضا لاجتماعه مع الرياء مع بطلان الصلاه معه، اذا تحققت بطلانهما، فاعلم ان المفهوم من الاخبار اطلاقها على معنيين:
احدهما: القصد المقارن للفعل الذى لا ينفك عنه الفاعل الا اذا كان عديم الشعور، و من هنا قال الفاضل ابن طاوس لو كلفنا بترك النيه حال الفعل لكان تكليفا بما لا يطاق.
و ثانيهما: انه الحامل و الباعث على فعل العباده و يختلف باختلاف الاشخاص و مع تشعبه يمكن حصره فى ثمان: اولها الرياء و السمعه، و ثانيها قصد الثواب او
001 20 الخلاص من العقاب او هما معا، و ثالثها فعلها شكرا للنعم و استجلابا للمزيد، و رابعها فعلها حياء منه تعالى، و خامسها فعلها تعظيما له و مهابه و انقيادا و اجابه، و سابعها فعلها موافقه لارادته و طاعه لامره، و ثامنها فعلها لكونه تعالى اهلا لها كما ورد به الحديث المشهور و هو قوله ما عبدتك خوفا من نارك الحديث، و لا خلاف فى بطلان العباده بالغايه الاولى كما لا خلاف فى صحتها لهذه الغايه، و قد اختلف فى صحه العباده و بطلانها عند قصد غيرهما من الغايات فجمهور اصحابنا على بطلان العباده سيما عند قصد الغايه الثانيه لان قاصدها بزعمهم انما قصد جلب النفع الى نفسه و دفع الضرر عنها، و قد بالغ الزاهد ابن طاوس فى بطلان العباده عند هذا القصد، و الذى اذهب اليه و اتكل عليه هو صحه العباده بكل هذه الغايات ما عدا الاولى و ان ذهب علم الهدى الى صحه العباده ايضا عندها و اجزائها لكنها غير مقبوله و لا يترتب على فعلها ثواب و انما فائدتها اسقاط القضاء، و للبحث معه محل آخر و قد اقمنا على ما ذهبنا اليه دلائل كثيره حررناها فى شرحنا على تهذيب الحديث و نكتفى هنا بذكر بعض:
منها انهم زعموا ان النيه عباره عن ذلك القصد و قد عرفت انه فى غايه السهوله و ليس الامر كذلك فان مدار الثواب و العقاب انما هو عليها بالمعنى الثانى.
و منها ان الكتاب و السنه قد اشتملا على الرغبات المختلفه على فعل العبادات و على المرهبات على تركها، و ذلك لانه تعالى قد علم اختلاف طباعنا و ميولنا فتاره يرغبنا بالحور الحسان و اخرى بالغلمان و الصبيان و تاره بالشراب الطهور و اخرى بالمنازل و القصور، و يخوفنا تاره بالعقارب و الحيات و اخرى بالزفير و الندامات، لان كلا منا يرغب فى شى ء و يهرب عن آخر كالطفل الصغير، فلو لم تكن لمثل هذه المرغبات و المرهبات دواعى صحيحه و بواعث صريحه لما احسن ذكرها فى مقام طلب الطاعات.
و منها ان اراده الثواب و الخلاص من العقاب لا تنافى قصد كونه اهلا عند التحقيق بل هو من افراده لانهما مسببان عن رضاه و سخطه فطالبهما طالب له تعالى فان من سمع باحسان من محسن فعمل له حصل له القرب اليه لامتثاله امره و حينئذ فتصح بعض العبادات المامور به لقصد الاغراض الدنيويه كتحصيل الاموال و الاولاد لان الشارع جعلها غايه و هو لا ينافى الاخلاص كما عرفت.
001 20 و منها ما روى فى الحسن عن ابى عبدالله عليه السلام انه قال العباد ثلاثه قوم عبدوا الله عز و جل خوفا من العقاب فتلك عباده العبيد و قوم عبدوا الله تبارك و تعالى طلبا للثواب فتلك عباده الاجراء و قوم عبدوا الله تبارك و تعالى حبا له فتلك عباده الاحرار و هى افضل العباده، فان افعل التفضيل يقتضى المشاركه فى الفعل.
و منها الحديث المشهور و هو قوله صلى الله عليه و آله و سلم من بلغه شى ء من الثواب على عمل فعمل ذلك العمل التماس ذلك الثواب اوتيه و ان لم يكن الحديث كما بلغه، فانه يعطى ان ذلك العمل المثاب عليه انما يفعل بقصد الثواب، و اقسم لو ان الصادق عليه السلام اخبر هولاء الافاضل بان كل عباداتكم و طاعاتكم لا تنفعكم فى تحصيل ثواب و لا تخليص من عقاب لما فعلوا شيئا من الفرائض فضلا عن قيامهم بالليل عن مضاجعهم للنوافل و البكاء و التضرع، و لان ما ذهبوا اليه هو درجه اميرالمومنين و سيد الموحدين الذى ينحدر عنه السيل و لا يرقى اليه الطير و لذا قال عليه السلام لولانا ما عبدالله، و للناس صوره العباده، و فى الزيارات اشهد انك يا اميرالمومنين قد اقمت الصلاه و آتيت الزكاه فلو كان داعينا و داعيه عليه السلام على الصلاه واحدا لما استحق هذا الثناء الجزيل و المدح الجميل، فزن الكلام بميزان العقل و اختر ايهما شئت.
002 20 «وفر»
بالتخفيف و التشديد بمعنى كثر قال فى النهايه وفره كوعده يعده كثره.
«و صحح بما عندك يقينى»
يجوز تعلق الجار و المجرور بما يليه اى صحح يقينى بما عندك من درجات الثواب و دركات العقاب او صحح بسبب الذى عندك من الالطاف و الهدايات يقينى فى كل الامور فتامل.
003 20 «بما تسالنى غدا عنه»
لانا لا نعلم عن اى الاعمال نسال و على ايها نجازى، و لقد كان قريبا من عصرنا العابد الزاهد العالم الورع الذى لا تحصى الاقلام بعض مدائحه مولانا احمد الاردبيلى مبالغا فى الاقبال على العلوم و العباده و قد فاق فى ورعه سائر علماء الامه بل قد حكى لى استاذى العلامه و هو قريب منه فى العلم و العمل صاحب بحار الانوار و عين الحياه
003 20 و الفوائد الطريفه و مرآه العقول فى شرح اخبار آل الرسول و غيرها من المصنفات ان مولانا احمد الاردبيلى كان اذا اشتبهت عليه المسائل يراجع فيها اميرالمومنين عليه السلام فى الليل لانه كان من سكان الحضره العاليه و كان عليه السلام يتكلم معه فى الجواب و لقد شاهده تلميذه الفاضل الورع مير علام فى بعض الليالى مقبلا على الحضره المقدسه فاقبل خلفه حيث لا يرى فانفتحت له الاقفال و لما وصل الى قبر الامام عليه السلام سمعه يتكلم معه بمساله من المشكلات و لما خرج (قده) تبعه تلميذه حتى وصل فى تلك الليله الى مسجد الكوفه فسمعه ايضا يتكلم مع شخص فى تلك المساله فى محراب الكوفه فلما رجع الى النجف و رجع خلفه انكشف عليه فى بعض الطريق و اقسم عليه ان يخبره انه مع من كان يتكلم فاخبره ان المتكلم الاول هو اميرالمومنين عليه السلام و قد احاله فى تحقيق هذه المساله على مولانا صاحب الزمان و هو المتكلم الثانى و قد اخذ على تلميذه ان لا يخبر احدا مده حياه ذلك الاستاذ، و لما مضى الى رحمه الله نقله لخواصه و نقله بعض خواصه لاستاذنا سلمه الله تعالى و كان من جمله احتياطاته انه اذا مضى الى بغداد لزياره الكاظم عليه السلام ربما اودع كتابه من بغداد فيجعلها فى جيبه و لا يركب و يسوق الدابه امامه من بغداد الى النجف الاشرف خوفا من ان يركب و هى معه بدون رخصه من صاحبها، و مع هذه الخواص و المزايا رآه بعض المجتهدين فى المنام و هو خارج من زياره قبر الامام عليه السلام فى هيئه حسنه فساله اى الاعمال بلغ بك الى ما ارى فاخبرنى حتى اداوم عليه فقال له يا شيخ ان تلك الاعمال التى قد رايتها منا قد وجدناها كاسده السوق عديمه المشترى و ان ما نفعنا و بلغ منا ما ترى صاحب هذا القبر يعنى قبر اميرالمومنين عليه السلام و كان مولانا الفاضل مولانا عبدالله الشوشترى مشاركا له فى العلم و العمل، بعد موته رآه بعض المجتهدين بهيئه حسنه و مكان رفيع فساله عن السبب فقال له ان السبب فيه انه كان فى يدى تفاحه و انا خارج عن مسجد الجامع باصفهان فلقينى طفل فى الطريق فوضعتها فى يده ففرح بها فاعطيت ما ترى، و ظنى انه قال طفل يتيم، و لا تستعظم مثل هذا فانك قد عرفت ان مناط قبول الاعمال على تفاوت الاخلاص، و فى الروايه انه لما نزل قوله تعالى: (من ذا الذى يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له) اتى المهاجرون و الانصار بما كان عندهم من الاموال و الثمار الى رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم و كان فى المسجد فكان يقبضه منهم نيابه عن الله تعالى و يعدهم بالجنه و منازلها فسمع ذلك المقال رجل فقير الحال عديم المال فاتى باكيا الى زوجته
003 20 فاخبرها الخبر فقالت له انظر الى كل ما فى بيتك فلم ير الا حشفه عتيقه تحت التراب فاخذها و نقاها و وضعها تحت ثيابه حياء من الناس و اتى المسجد و وضعها بين التمر الذى اتى به اهل المدينه و لم يشعر به احد فانزل الله سبحانه فى الثناء عليه آيه من القرآن فقال له النبى صلى الله عليه و آله و سلم ما الذى اتيت به من المال فلقد انزل الله فيك آيه ثناء عليك و لم يثن على غيرك فاخبره الخبر فقال ان الصدقه على وجه الاخلاص هكذا تفعل بصاحبها.
«فيما خلقتنى له»
فى هنا بمعنى اللام التعليليه او يضمن الاستفراغ معنى الصرف و نحوه اى اصرف ايامى فيما خلقتنى له من العباده كما قال تعالى: (و ما خلقت الجن و الانس الا ليعبدون).
«و اوسع على» تاكيد لما قبله و يجوز ان يراد به غنى المال و بسابقه غنى النفس كما هو الشائع فى الاخبار.
«و لا تفتنى بالنظر»
اى ما فى ايدى ارباب النعم فانه غالبا يكون باعثا على الالهام له تعالى فيما قضاه، او المراد النظر الى المحرمات فانها سهام الشيطان، و قد روى ان كل عين باكيه يوم القيامه الا عين غضت عن محارم الله و عين بكت من خشيه الله و عين باتت ساهره فى طاعه الله، و قيل المراد بالنظر هنا انتظار الرزق فان بطء الارزاق يحدو على الافتتان، و البطر بالباء و الطاء كما فى بعض النسخ النشاط و الطغيان و قله احتمال النعمه، و لما كان من لوازم الغنى و السعه غالبا سال الله تعالى ان يمنحه الغنى و يسلب لازمه الذى هو البطر و كذا فيما سياتى فى الفقار.
«و لا تبتلينى» الواو للعطف و قيل للحال و لا نافيه و هو كما ترى.
«و عبدنى» ذللنى و استعملنى فى العباده لك.
«معالى الاخلاق»
الاخلاق العاليه، و من الاخلاق العاليه معاشره الاخوان و التواضع لهم و ودهم،
003 20 و اعلم انه يجوز تعظيم المومن بما جرت به عاده الزمان و ان لم يكن من السلف لدلاله العمومات عليه، قال الله تعالى: (و من يعظم شعائر الله فانها من تقوى القلوب)، و قال صلى الله عليه و آله و سلم لا تباغضوا و لا تحاسدوا و لا تدابروا و لا تقاطعوا و كونوا عباد الله اخوانا، فعلى هذا يجوز القيام و التعظيم بالانحناء و شبهه، و ربما وجب اذا ادى تركه الى التباغض و التقاطع او اهانه المومن، و قد صح ان النبى صلى الله عليه و آله و سلم قام لفاطمه عليهاالسلام و قام الى جعفر لما قدم من الحبشه و قال للانصار قوموا الى سيدكم، و نقل انه صلى الله عليه و آله و سلم قام لعكرمه بن ابى جهل لما قدم من اليمن فرحا بقدومه، فان قلت قد قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم من احب ان يتمثل له الرجال و النساء قياما فليتبوا مقعده من النار، و نقل ان النبى صلى الله عليه و آله و سلم كان يكره ان يقام له فكان اذا قدم لا يقومون لعلمهم كراهته ذلك فاذا فارقهم قاموا حتى يدخل منزله لما يلزمهم من تعظيمه، قلت تمثل الرجال قياما المراد به ما تعارف بين الجبابره من الزامهم الناس بالقيام حال قعودهم الى ان ينقضى مجلسهم لا هذا القيام المخصوص القصير زمانه، سلمنا لكن قال شيخنا الشهيد (ره) بحمل من اراد تجبرا و علوا على الناس فيواخذ من لا يقوم له بالعناد، اما من يريده لدفع الاهانه عنه و النقيصه به فلا حرج عليه لان دفع الضرر عن النفس واجب، و اما كراهته صلى الله عليه و آله و سلم فتواضع لله و تخفيف على اصحابه، و كذا ينبغى للمومن ان لا يحب ذلك و ان يواخذ نفسه بمحبته له اذا مالت اليه لان الصحابه كانوا يقومون كما جاء فى الحديث، و ينبغى عدم علمه بهم مع ان فعلهم يدل على تسويغ ذلك، و اما المصافحه فهى من السنه و كذا المعانقه، و اما التقبيل فى موضع السجود فكذلك ايضا، قال الصادق عليه السلام ان لكم لنورا تعرفون به فى الدنيا حتى ان احدكم اذا لقى اخاه قبله فى موضع النور من جبهته، و اما تقبيل اليد فانه و ان تعارف فى كل الاعصار الا انه روى عن الصادق عليه السلام انه قال لا يقبل (يد) احد الا رسول الله او من اريد به رسول لله، و الكلام فيمن اريد به رسول لله الظاهر ان المراد الائمه المعصومون عليهم السلام فانهم نوابه و قوامه و يدل عليه روايه السابرى قال دخلت على ابى عبدالله عليه السلام فتناولت يده فقبلتها فقال اما انها لا تصلح الا لنبى او وصى نبى، و قيل المراد به من انتسب اليه انتسابا صوريا و هم مطلق اولاد فاطمه عليهاالسلام الصلحاء الاخيار، و قيل المراد به مطلق
003 20 الانتساب فيندرج تحته الانتساب المعنوى كانتساب العلماء و المجتهدين اليه فانهم قد ورثوا ميراثه الذى هو العلم و معرفه احكام شريعته و قاموا بالامر بعده و لكل من هذه الاقوال وجه وجيه، و اما تقبيل الرجل فقد ورد النهى عنه عن الصادق عليه السلام، و اما القبله للفم فقد روى عن الصادق عليه السلام انه ليس القبله على الفم الا للزوجه و الولد الصغير، و اما القبله على الخد فجائزه كما فى الخبر.
005 20 «لا استبدل به» لا انتقل عنه و لا يكون هدى فى اول الوهله و يظهر بعد التامل انه ضلال فاحتاج الى استبداله.
«بذله» و هو ما يلبس من الثياب وقت الخدمه، اى ما كان عمرى كلباس الخدمه مستعملا فى طاعتك و ما احسن هذه الاستعاره و ما بعدها و ما الطفهما.
«مرتعا»
هو مرعى الدواب و فى هذا دلاله على نقصان العمر و زيادته بالدعاء كغيره من الطاعات و يرشد اليه ما رواه الشيخ فى الامالى عن الصادق عليه السلام قال ان الله تعالى لم يجعل للمومن اجلا فى الموت يبقيه ما احب البقاء فاذا علم منه انه سياتى بما فيه هلاك دينه قبضه اليه مكرما، و قد قدمنا فى اوائل الكتاب ما يوضح هذا فراجعه.
«يستحكم»
يقوى و يثبت يقال احكمته فاستحكم اى صار محكما فهو مستحكم بالكسر لا غير قاله المطرزى فى المغرب و المعرب و حينئذ فالفتح كما هو المشهور فى المحاورات من الاغاليط العاميه.
006 20 «تعاب منى»
الموافق للغه و الاستعمال تعديه هذا الفعل بالباء و على، تقول عابنى بها و عليها و حينئذ فالظرف اما ان يتعلق بقوله لا تدع او بخصله او بتعاب بتضمينه معنى الاستقباح و نحوه.
«و لا عائبه»
سيئه عائبه لى تعيب على الناس بسببها، و قيل بجواز كونه مصدرا كالعافيه و الباقيه.
006 20 «اونب» اعنف و اوبخ و فى النهايه التانيب المبالغه فى التعنيف و التوبيخ.
«حسنتها» باقلاعى عنها او بتعريف العائبين انها ليست بعائبه او اصلحتها.
«و لا اكرومه فى ناقصه»
اكرومه من الكرم كاعجوبه من العجب و المراد به كرائم الاخلاق و فى بالاضافه الى ياء المتكلم، و فى بعض النسخ بالتخفيف اى فى درجه ناقصه، او فى التلبس بشائبه من شوائب الرذائل تنقصها، او يكون مصدرا بمعنى النقصان، قال الفاضل الداماد و من القاصرين فى عصرنا من لم يكن ليستطيع الى ادراك الغامضات فحرفها الى فى ناقصه باضافه فى الى ياء المتكلم فغشنا ذلك التحريف و لم يفطن لما فيه من الفساد من وجهين:
الاول: قضيه العطف على خصله فى الجمله الاولى مقتضاها ان يقدر الكلام و لا تدع منى اكرومه فى ناقصه فيجتمع منى و فى فيرجع الى هجنه.
الثانى: ان الفصل بين الصفه و الموصوف بالجار و مجرورها هجين، انتهى.
و العجب من هذا التحريف كيف طعن على بعض القاصرين فى عدم ادراك الغامضات مع انه هو الاولى، و يكشف عنه امور:
الاول: ما عرفت من جواز تعلق قوله منى بتعاب بل هو الانسب لقربه.
الثانى: لو سلمنا تعلقه بخصله منعنا الاحتياج الى تقدير منى فى المعطوف عليه لان فى فيه معنى مضى عبر به عنه اشعارا بالاتحاد.
الثالث: لا يتعين نصب ناقصه على الوصفيه بل يجوز نصبه على الحاليه مع ان الفصل بالظرف بين الصفه و الموصوف شائع ذائع.
007 20 «من بغضه اهل الشنان»
مسكن و محرك و قرى ء بهما شنان قوم و الاضافه اما الى الفاعل اى ابدلنى بدل بغض اهل البغض لى المحبه منى لهم او منهم لى او منك لى او البغض الذى منهم، و اما الى المفعول و هذه الاحتمالات جاريه فى سائر الفقرات.
007 20 «ظنه اهل الصلاح»
من باب الاضافه الى المفعول اى تهمتهم و سوء الظن بهم و يجوز ان يكون من باب الاضافه الى الفاعل ايضا اى تهمتهم لى فان ارباب الصلاح لما ترقوا فى درجات الايمان الى اعاليها ربما اتهموا من هو انقص منهم درجه بالتقصير.
«الثقه بهم» و بصلاحهم او بان يثقوا بى و لا يتهمونى.
«الادنين» جمع ادنى من الدون و قيل جمع دنى من الدناءه.
«الولايه» بفتح الواو بمعنى المحبه و بكسرها بمعنى الحكومه و تولى الامور.
«حب المدارين»
على صيغه اسم الفاعل او المفعول و الاضافه عليهما اما الى الفاعل او الى المفعول و المعنى على ما سبق، و فى بعض النسخ بالخاء المعجمه بمعنى الخدع.
«المقه» المحبه.
«الملابسين» المخالطين فان المخالطه كاشفه عن العيوب كما قال عليه السلام اخوان هذا الزمان جواسيس العيوب.
«كرم العشره» حسن المعاشره.
«الامنه» بالفتح و السكون مصدر بمعنى الامن.
008 20 «يدا» قوه او نعمه.
«كايدنى» من الكيد بمعنى المكر و الخدعه.
«اضطهدنى» قهرنى و جار على.
«قصبنى» عابنى من القصب بمعنى القطع لان من عاب احدا فقد قطعه او قطعه عن كماله او قطع كمالا من كمالاته و التكذيب اما بلسان المقال او بلسان الحال بان اكون على خلاف ما عابنى حتى يظهر كذبه.
009 20 «من هجرنى بالبر»
قال الصادق عليه السلام لا يفترق الرجلان على الهجران الا استوجب احدهما البراءه و اللعنه و ربما استحق ذلك كلاهما فقال له معتب جعلنى الله فداك هذا الظالم فما بال المظلوم قال لانه لا يدعو اخاه الى صلته و لا يتغامس له عن كلامه سمعت ابى يقول اذا تنازع اثنان فقال احدهما الاخر فليرجع المظلوم الى صاحبه حتى يقول لصاحبه اى اخى انا الظالم حتى يقطع الهجران بينه و بين صاحبه فان الله تعالى حكم عدل ياخذ للمظلوم من الظالم، و قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم ايما مسلمين تهاجرا فمكثا ثلاثا لا يصطلحان الا كانا خارجين عن الاسلام و لم يكن بينهما ولايه فايهما سبق الى كلام اخيه كان السابق الى الجنه يوم القيامه، و قد عرفت ان المراد بالخروج عن الاسلام الخروج عن احد مراتبه.
«من اغتابنى»
و الكلام فى تحقيق الغيبه يستدعى بيان امور:
الاول: فى تحريمها و هو مجمع عليه بين علماء الاسلام بل قيل انها من الكبائر و انها تنقض الوضوء كما فى بعض الروايات.
الثانى: فى تعريفها و المشهور انها التعرض لانسان معين او فى حكمه بما يكون فيه بحيث لو سمعه غضب، و يعد فى العرف نقصا سواء كان ذلك التعرض بالقول او الاشاره او الكنايه او الكتابه و التقييد بالمعين ليخرج مثل قولك انسان فى هذا البلد فاسق فانه لا يعد غيبه الا اذا علم بالقرينه عند السامع و فى حكم المعين يدخل فيه قول القائل اما زيد فاسق و اما عمرو فاسق فانه غيبه لاحدهما و ظنى انه غيبه لهما معا لتاثرهما لو سمعا مثله، و التقييد بكونه فيه لاخراج البهتان فانه لا يسمى غيبه عرفا و ان تضاعف عذابه، و التقييد بكونه نقصا لاخراج مثل نسبه عباده او نحوها الى عابد بحيث لو سمعها لغضب فانه لا يعد غيبه بل هو من الامور الحسان و الكنايه كان تقول الحمد لله الذى لم يجعل لى باعثا على هذا الامر القبيح عند ذكر من اتصف به فظن انه دعاء مستحب فظهر انه محرم.
009 20 الثالث: فى الافراد المجوزه منها شرعا و هى عشره:
اولها: شكايه المتظلم عند من يجوز رفع الظلم عنه فانها جائزه قولا و سماعا، و ثانيها: ما يكون وسيله الى اقلاعه عن تلك المعصيه المجمع على انها معصيه اما لو كانت منوطه على مساله خلافيه لما جازت غيبته فيها لجواز ان يكون مقلدا او مجتهدا فيها، و ثالثها: نصح المستشير كان يستشيرك احد بايداع ماله عند من تعرف منه الخيانه فينبغى ان تقول له اولا لا تودعه فان لم يكتف به فينبغى ان تذكر عيبه الذى له دخل فى تلك المعامله لا غير، و رابعها: غيبه اهل البدع لتكف الناس عن متابعتهم بل وردت الروايه بجواز الكذب عليهم، و خامسها: الاستفتاء كان يقول انسان للمفتى ان فلانا تصرف بمالى على هذا الوجه فهل يجوز لى الدعوى عليه ام لا، و سادسها: تغليط المجتهدين بعضهم بعضا، و سابعها: جرح رواه الاخبار و تعديلها كما تضمنته كتب الرجال، و ثامنها: ذكر المشتهر بوصف مميز له كالاعور و الاعرج و مع عدم قصد الاحتقار، و تاسعها: غيبه المتجاهر بالفسوق فيما تجاهر منه و لو لم يتجاهر فى بعضها فهل يجوز غيبته فيه ام يقتصر على المتجاهر فيه لا يخلو من اشكال و ان كان ظاهر بعض الاخبار هو الاول، و عاشرها: اقامه الشهاده فيما يثبت به الحد و التعزير.
الرابع: فى كفارتها ففى بعض الاخبار انه تحليل المغتاب لكونه حق آدمى، و فى بعضها ان تستغفر له كلما ذكرته اى كلما نلت منه او كلما خطر ببالك و لا منافاه بينهما لجواز اراده اجتماعهما معا او يحمل الاول على من يمكن التوصل اليه، و الثانى على من لا يمكن اما لموت او لبعد او لاثاره الفتنه ان استحله.
010 20 «المتقين»
و التقوى على ما قال الصادق عليه السلام ان لا يفقدك الله حيث امرك و لا يراك حيث نهاك، و قد منح الله المتقين امورا، اولها: الحفظ و التحصين من الاعداء قال تعالى: (و ان تصبروا و تتقوا لا يضركم كيدهم شيئا). و ثانيها: اصلاح العمل قال تعالى: (يا ايها الذين آمنوا اتقوا الله و قولوا قولا سديدا يصلح لكم اعمالكم)، و ثالثها: غفران الذنوب و يغفر لكم ذنوبكم، و رابعها: المحبه لهم لقوله تعالى: (ان الله يحب المتقين)، و خامسها: القبول بحكم قوله (انما يتقبل الله من المتقين)، و سادسها: الاكرام (ان اكرمكم عند الله اتقاكم)، و سابعها: البشاره عند الموت (الذين آمنوا
010 20 و كانوا يتقون لهم البشرى فى الحياه الدنيا)، و ثامنها: النجاه من النار (ثم ننجى الذين اتقوا)، و تاسعها: الخلود فى الجنه (اعدت للمتقين)، و عاشرها: تيسير الحساب (و ما على الذين يتقون من حسابهم من شى ء)، و حادى عشرها: النجاه من الشدائد، و ثانى عشرها: اعطاء الرزق الحلال (و من يتق الله يجعل له مخرجا و يرزقه من حيث لا يحتسب).
«و اطفاء النائره» العداوه الواقعه بين المومنين او الحاصله منى لهم.
«و ضم اهل الفرقه»
ما بعدها كالتاكيد لها و هو من عظائم الطاعات حتى انه قال الصادق عليه السلام المصلح ليس بكاذب، و فى الروايه جواز الكذب فى ثلاثه فى الحرب و عده الزوجه و الاصلاح بين الناس.
«العارفه» المعروف.
«لين العريكه» سلامه الخلق و الطبيعه و يقال لانت عريكته اذا انكسرت نخوته.
«و خفض الجناح» كنايه عن الشفقه.
«و سكون الريح»
و هى الغلبه و القوه و البطش و سكونها هو الحلم و الوقار، و العامه تجعلها من باب الدعاء عليه و هو غلط.
«و طيب المخالقه»
بالقاف حسن التخلق فى المعاشره، و بالفاء حسن المواخاه، و فى الحديث خالف رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم بين المهاجرين و الانصار اى آخا بينهم.
«و ايثار التفضل»
يحتمل معان، احدها ان التفضل بمعنى الفضل و الفضيله فيكون كالتاكيد لسابقه، و ثانيها ان يكون بمعنى ما تفضل الله به من الرزق الحلال المقسوم يعنى آثر طلبه على طلب الحرام، و ثالثها ان المراد به التفضل على الناس، بما اساووا الى و ترك مقاصتهم و مواخذتهم، و رابعها ان المراد به ما فضل عن القوت.
010 20 «و ترك التعيير»
التوبيخ اذ فيه ما روى عن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم انه قال من عير مومنا بشى ء لم يمت حتى يركبه، و قال الصادق عليه السلام من انب مومنا انبه الله فى الدنيا و الاخره.
«و لزوم الجماعه» و فى الحديث تفسيرهم باهل الخير و ان قلوا.
011 20 «نصبت» تعبت.
«اجتمع اليك» ضمن معنى الانضمام معدى بالى.
013 20 «و اجعل ما يلقى الشيطان فى روعى من التمنى و التظنى و الحسد ذكرا»
الروع بالضم القلب و الذهن و العقل، و التظنى ماخوذ من الظن بقلب الاخيره ياء و معناه اجعل بدل هذا كله ذكرا و تفكرا، و فى الحديث اذا ركب الرجل الدابه فسمى ردفه ملك يحفظه حتى ينزل فاذا ركب و لم يسم ردفه شيطان فيقول له تفن فان قال له لا احسن قال له تمنى فلا يزال يتمنى حتى ينزل، و عن الصادق عليه السلام انه لما نزلت هذه الايه: (و الذين اذا فعلوا فاحشه او ظلموا انفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم) صعد ابليس جبلا بمكه يقال له ثور فصرخ باعلى صوته بعفاريته فاجتمعوا اليه فقالوا يا سيدنا لم دعوتنا فقال نزلت هذه الايه فمن لها فقام عفريت من الشياطين فقال انا لها بكذا و كذا قال لست لها فقام آخر فقال مثل ذلك فقال لست لها فقال الوسواس الخناس انا لها فقال بماذا قال اعدهم و امنيهم حتى يواقعوا الخطيئه فاذا واقعوا الخطيئه انسيتهم الاستغفار فقال انت لها فوكله الى يوم القيامه.
«و تفكرا فى قدرتك»
اى فى مقدوراتك و الا فالقدره عين الذات، و سال الصيقل اباعبدالله عليه السلام عما يروى الناس ان تفكر ساعه خير من قيام ليله او عباده سنه قلت كيف يتفكر؟ قال يمر بالخربه او بالدار فيقول اين ساكنوك اين بانوك ما لك لا تتكلمين.
«هجرا» بالضم الفحش و بالفتح الهذيان.
«نطقا» مفعول ثان لاجعل المقدره.
014 20 «على القبض منى»
اى قبض الظلم الصادر منى و كفى عنه، و قيل بتضمينه معنى القصاص، و قيل ان من بمعنى على، مثلها فى و نصرناه من القوم، و حقيقته المنع.
«و لا اطغين و من عندك وجدى»
الوجد بالضم الفنى، و فى بعض النسخ الصحيحه و لا اضيقن و هو الظاهر و توجيه ما هنا بوجوه: الاول: الغنى و السعه لما كان سببا للطغيان (و الاثره) فكانه قال لا تدعنى اطغين و الحال ان اسبابه منك بل امنعنى الوجد و امنحنى الكفاف حتى لا اتجرا على الطغيان.
الثانى: ان معناه لا تدعنى اطغين فتمنعنى بسببه من الافضالات عقوبه لطغيانى.
الثالث: ان الطغيان و التكبر لا يحسن الا اذا كان من سعه الانسان و غناه لنفسه و اما نحن فلا يحسن منا لان وسعنا منه تعالى لا غير.
015 20 «وفدت» قدمت و وردت.
«حكمت على نفسى»
بقولى و ليس عندى ما يوجب لى مغفرتك و نحوه، و يجوز ان يكون ماخوذا من حكم القاضى اى بعد ان صرت قاضيا على نفسى و حكمت عليها ثبت عندى انى لا استحق شيئا الا من فضلك، و قيل ان (حكمت) هنا بمعنى خلوت يعنى لما خلوت بنفسى و شاهدت خصالها الذميمه علمت انه ليس لى الا فضلك و هو كما ترى، و فى ش حكمت مشددا و هو بالمعنى الثانى اليق.
017 20 «المثلى» تانيث الامثل اى الطريق الاقوم.
018 20 «بالاقتصاد» و هو التوسط بين طرفى الافراط و التفريط و هذه الطريقه محموده فى كل الفعال حتى فى العبادات.
«و سلامه المرصاد»
ناظر الى قوله تعالى: (ان ربك لبالمرصاد) و فيه تفاسير، احدها: انه على
018 20 طريق التمثيل اى انه تعالى لا يفوته شى ء من اعمالهم كما لا يفوت من هو بالمرصاد.
و ثانيها: ما روى عن على عليه السلام انه قال المرصاد قنطره على الصراط لا يجوز عبد بمظلمه حتى ينتصف من الظالم للمظلوم، و روى ان العبد ليوقف بين يدى الله سبحانه و له من الحسنات امثال الجبال لو سلمت له لكان من اهل الجنه فيقوم اصحاب المظالم فيكون قد سب هذا و اخذ مال هذا فينقص من حسناته حتى لا يبقى له حسنه فيقول الملائكه يا ربنا قد فنيت حسناته و طالبون كثير فيقال اضيفوا من سيئاتهم على سيئاته و صكوا له صكا. انه من اهل النار، و لذا قال بعض الحكماء دنوت اخوانى من حسناتى اريد ان ازين بها صحيفتى، و عن النبى صلى الله عليه و آله و سلم انه قال اخبرنى الروح الامين: ان الله لا اله غيره اذا اوقف الخلائق و جمع الاولين و الاخرين، اتى بجهنم تقاد بالف زمام آخذ بكل زمام الف ملك من الغلاظ الشداد و لها هده و تخطم و زفير و شهيق و انها لتزفر الزفره فلولا ان الله اخر الحساب لاهلكت الجميع ثم يخرج منها عنق يحيط بالخلائق البر منهم و الفاجر فما خلق الله عبدا من عباده ملك و لا نبى الا و ينادى يا رب نفسى نفسى و انت تقول يا رب امتى امتى ثم وضع عليها صراط ادق من الشعر و احد من السيف عليه ثلاث قناطر: الاولى عليها الرحم و الامانه، و الثانيه عليها الصلاه، و الثالثه عليها رب العالمين فيكلفون الممر عليها فتحبسهم الرحم و الامانه فان نجوا منها حسبتهم الصلاه فان نجوا منها حبستهم الصلاه فان نجوا منها كان المنتهى الى رب العالمين جل ذكره، و هو قول الله تبارك و تعالى: (ان ربك لبالمرصاد)، و الناس على الصراط فمتعلق يزل قدمه و يثبت قدمه و الملائكه حولها ينادون يا حكيم يا كريم اعف و اصفح و عد بفضلك و سلم و الناس يتهافتون فيها كالفراش فاذا نجا ناج برحمه الله تبارك و تعالى نظر اليها فقال الحمد لله الذى نجانى منك بعد ياس بفضله، و قال عليه السلام الناس يمرون على الصراط طبقات و الصراط ادق من الشعر فمنهم من يمر مثل البرق و منهم من يمر مثل عدو الفرس و منهم من يمر حبوا و منهم من يمر مشيا و منهم من يمر متعلقا تاخذ النار منه شيئا و تترك شيئا، و ثالثها ان المراد به الصراط.
019 20 «وخذ لنفسك من نفسى ما يخلصها»
من البلايا و المحن و الالام فانها كفاره الذنوب، و فى الحديث انها تنقى الانسان من الذنوب كما ينقى الكير خبث الحديد، و حاصل المعنى ان الخلاص من العذاب
019 20 الاخروى اذا كان موقوفا على مثل هذا القصاص الدنيوى فخذه منى فى الدنيا حتى لا تقاصنى يوم القيامه بجناياتى، و قال الفاضل المترجم المراد بالماخوذ هنا الصفات الذميمه و الافعال القبيحه فان اخذها و رفعها سبب للقرب و الخلاص من العذاب، فالاخذ هنا بمعنى الرفع و السلب و هو بعيد، و ابعد منه ما قيل ان المراد بالماخوذ هنا الاعمال الحسنه المخلصه من العقاب، و حينئذ فالاخذ هنا بمعنى القبول، و وجه الابعديه انه مندرج فى المعطوف بل هو عينه، و يقرب منه ما قيل ان معناه اجعل حصته من نفسى متعلقه بجنابك المقدس ليكون ذلك سببا لخلاص نفسى.
«و ابق لنفسى من نفسى ما يصلحها»
من العافيه و الاسباب التى فيها صلاحها.
«او تعصمها»
او هنا مثلها فى قولك لالزمنك او تعطينى حقى اى الى ان او الا ان.
020 20 «عدتى ان حزنت»
العده ما اعددته لحوادث الدهر من المال و السلاح، و حزنت بوزن علمت من الحزن خلاف السرور، و بوزن فتحت من الحزونه ضد السهوله يعنى انت الذخر الذى اعددته لايام الحزن او الحزونه و الشدائد، و فى بعض النسخ بالراء المهمله و الباء الموحده على صيغه المجهول من حربه اذا اخذ ماله و تركه بلا شى ء.
«منتجعى»
اى من اومل فضله و ارجو عطاياه، و فى خ و اليك منتجعى اى محل انتجاعى و موضع طلبتى.
«كرثت»
بالثاء المثلثه اى اشتدت بى الهموم و ثقلت على المكاره، و فى خ بالباء الموحده من الكرب بمعنى الشده.
«مما فات»
من هنا للبدل مثلها فى قوله تعالى: (ارضيتم بالحياه الدنيا من الاخره).
020 20 «و فيما انكرت تغيير»
يعنى انك قادر على تغيير القبائح المستنكره منى بتبديلها بالحسنات فى الاخره و باقلاعى عنها و ارتكابى لنقيضها فى الدنيا كما قال تعالى: (اولئك الذين يبدل الله سيئاتهم حسنات).
«بالجده» الغنى و ادراك المامول.
«و اكفنى مونه معره العباد»
المعره ورد تاره بمعنى الامر القبيح المكروه و اخرى بمعنى الاثم، و المعنى على الاول اكفنى المشقه الحاصله من مكروهات العباد بكفهم و منعهم عن الاجتراء على ايصالها الى، و اما على الثانى فمعناه اكفنى مشقه الاثم الحاصل لى من العباد بغيبه و نحوها باقلاعى عنه.
021 20 «و ادرا» ادفع و حذف المفعول للتعميم.
«و اظلنى فى ذراك»
اجعل على راسى ظلا فى كنفك و رحمتك يظلنى يوم القيامه من شمس عقابك فان الشمس تنزل فى ذلك اليوم الى قرب رووس الخلائق فيكون حرها اشد عليهم من حراره النار فيظل الله شيعه على عليه السلام بسحابه من الغمام، و يجوز ان يراد به معناه المجازى يقال فلان فى ظل فلان اى فى جنب شفقته و عطوفته.
«و جللنى رضاك» اجعله جلالا لى كجلال الفرس الساتر لبدنها.
«تشابهت الاعمال»
حتى لا اعرف الحسن و الاحسن او حتى لا اعرف الحسن من القبيح.
022 20 «و توجنى بالكفايه»
اكفنى مهماتى حتى يعرفنى كل احد به حتى يكون كالتاج الذى يعرف صاحبه به، و قيل المراد وفقنى لكفايه مهمات الخلائق و قضاء حوائجهم على يدى حتى اعرف به كالتاج.
022 20 «و سمنى حسن الولايه»
بضم السين و فتح الواو اى اجعل محبتى لك و متابعتى اياك سيما فى و علامه على ان كان من السمه، او اورده على و الزمنى به ان كان من السوم، و بالواو المكسوره معناه اجعل توليك امورى علامه على او وارده على كسرت السين ام فتحتها.
«و لا تفتنى بالسعه» يرجع الى القيد او المقيد.
«الدعه» الخفض و السعه فى العيش.
«كدا» الكد الشديد.
«ندا» مثلا و شبيها.
023 20 «ملكتى» ما املكه.
024 20 «الاكتساب» المبالغه فى الكسب.
«و ارزقنى من غير احتساب»
لا تحاسبنى عليه لما ورد ان الدنيا حلالها حساب و حرامها عقاب، او رزقا كثيرا لا يحسب و لا يعد لكثرته، او من حيث لا ادرى كقوله عليه السلام ابى الله الا ان يجعل رزق المومن من حيث لا يحتسب لئلا يثق و يعتمد على ذلك الوجه الذى قد علمه.
«اصر تبعات»
الاصر الاثم و الثقل و التبعات جمع تبعه و هو ما يتبع المال من نوائب الحقوق و من تبعت الرجل بحقى.
025 20 «فاطلبنى»
اسعفنى بما اطلب و الطلب الحاجه و الاطلاب انجازها و قضاوها، و قد يجى ء بمعنى الاحواج الى الطلب ايضا فهو من الاضداد.
026 20 «و لا تبتذل جاهى بالاقتار»
اى لا تجعل جاهى بسبب الفقر كالثوب الممتهن الخلق فاسال و لا اجاب.
027 20 «زهاده»
اى زهد و قيل لابى عبدالله عليه السلام ما الزاهد؟ قال الزاهد الذى يحب من يحب خالقه و يبغض من يبغض خالقه و يتحرج من حلال الدنيا و لا يلتفت الى حرامها فان حلالها حساب و حرامها عقاب و يرحم جميع المسلمين كما يرحم نفسه و يتحرج من الكلام فيما لا يعنيه كما يتحرج من الحرام و يتحرج من كثره الكلام كما يتحرج من الميته التى قد اشتد نتنها و يتحرج من حطام الدنيا و زينتها كما يتجنب النار ان يغشاها و ان يقصر امله فكان بين عينيه اجله.
«و ورعا فى اجمال»
اى كفا عن المحرمات حال كونى متلبسا فى طلب الرزق طلب اجمال و تان، قال عليه السلام ما اجمل فى الطلب من ركب البحر للتجاره او وقت هيجانه، و قد حصر المحققون مراتب الورع فى اربعه:
الاولى: ورع التائبين و هو ما يخرج الانسان عن الفسق و هو المصحح لقبول الشهاده.
الثانيه: ورع الصالحين و هو التوقى من الشبهات فان من رتع حول الحمى او شك ان يدخله، و قال عليه السلام دع ما يريبك الى ما لا يريبك.
الثالثه: ورع المتقين و هو ترك الحلال الذى يتخوف ان ينجر الى الحرام كما قال عليه السلام لا يكون الرجل من المتقين حتى يدع ما لا باس به مخافه ما به باس، و ذلك مثل الورع عن التحدث باحوال الناس مخافه ان ينجر الى الغيبه.
الرابعه: ورع الصديقين و هو الاعراض عما سوى الله تعالى خوفا من صرف ساعه من العمر فيما لا يفيد زياده القرب عند الله تعالى و ان كان معلوما انه لا ينجر الى حرام البته، و انطباق هذه الفقره الشريفه على المرتبه الثانيه اشد منه على غيرها.
030 20 «و آتنا فى الدنيا حسنه و فى الاخره حسنه و قنا برحمتك عذاب النار»
قيل فيه ضروب: احدها ان المراد بالحسنه فى الدنيا الصحه و الكفاف و التوفيق للخير و فى الاخره الثواب، و ثانيها ان المراد بالحسنه فى الدنيا المراه الصالحه و فى الاخره الحوراء، و عذاب النار امراه السوء، و هو المروى عن اميرالمومنين عليه السلام،
030 20 و ثالثها انها السعه فى الرزق و المعاش و حسن الخلق فى الدنيا و رضوان الله و الجنه فى الاخره، و هو المروى عن ابى عبدالله عليه السلام، و عن النبى صلى الله عليه و آله و سلم انه قال من اوتى قلبا شاكرا و لسانا ذاكرا و زوجه مومنه تعينه على امر دنياه و آخرته فقد اوتى فى الدنيا حسنه و فى الاخره حسنه و وقى عذاب النار، و فى نسخه الشيخ الكفعمى و ابى الصلاح الحلبى زياده فى الدعاء و هى آمين انك على كل شى ء قدير و هو عليك يسير يا اوسع الواهبين و اكرم الاجودين فصل على محمد و آله الطاهرين و على جميع المرسلين و عبادك المومنين انك ذو رحمه قريبه من المحسنين.
001 21
دعاوه عليه السلام اذا احزنه امر و اهمته الخطايا
001 21 و فى ش حزبه بالباء الموحده يقال حزبه الامر اصابه و الم به.
«و واقى الامر المخوف»
الاضافه اما معنويه بمعنى من و اما لفظيه من باب اضافه الصفه الى المفعول الثانى من قولهم وقيته الشر اى كفيته اياه.
«فلا صاحب معى»
من المومنين و قيل من الملائكه الكاتبين و قيل من التوفيقات و الالطاف، و قيل معناه انى صرت بسبب الخطايا منفرا غير مصاحب لاحد مشتغلا بالتفكر فى امرها و لا صاحب معى مثلى فى الخطايا من قبيل قوله عليه السلام انا الذى اوقرت الخطايا ظهره.
«و ضعفت عن غضبك»
اى عن تحمله فلا تورده على او انى ضعفت عن استمرار ما حملتنيه منه فارفعه عنى، و قيل المراد ضعف عن خوف غضبك و هو قريب من الاول بل هو عينه.
«و اشرفت على خوف لقائك»
قال المحقق الداماد و تبعه الفاضل الكاشى معناه اشرفت على ان اخاف لقاءك مع ان لقاءك اعظم لذه مبتغاه ابتغيها و انهج سعاده متوخاه اتوخاها و الاظهر فى نظرى انه من باب اضافه الصفه الى موصوفها اى قربت و صرت مشرفا على لقائك المخوف الذى اوله الموت.
001 21 «لروعتى» اى خوفى.
003 21 «لا يجير لا الهى الا رب على مربوب»
اى لا يعطى الامان النافذ احد الا رب على مربوب فاذا اجار الرب احدا فلا يكون لمربوب من مربوبيه ان ينقض عليه خفارته او ينقض ذمامه كذا قال الفاضلان المتقدمان و الاظهر انه من قولك اجارنى الله من العذاب بتضمين معنى التشفق و العطوفه.
«و لا يومن الا غالب على مغلوب»
بناء على قولهما معناه انه لا يمضى الا امان الغالب على المغلوب فاذا امن غالب احدا فلا يقدر احد من مغلوبيه ان ينقض و يرد عليه امانه و بناء على ما قلنا يكون ماخوذا من قولك امنك الله من الخوف بتضمين ما سبق.
«و لا يعين الا طالب على مطلوب»
لان الطلب سبب الاعانه و المطلوب هنا هو العبادات و التكاليف، و لموافقه ما سبق يجوز ان يكون ماخوذا من قولهم اعانه على كذا اى سلطه عليه يعنى لا يسلط على المغلوب المطلوب الا طالبه و غالبه فكانه قال يا رب انت طالبنا و غالبنا فلا تسلط الناس علينا.
004 21 «ذلك السبب» اى اسباب الجوار و الامان و الاعانه.
005 21 «وجهك الكريم»
ذاتك الشريفه او جهتك و بابك الذى توتى منه و هو الطاعات، و عنه عليه السلام انه قال نحن وجه الله، او المراد به جهه الكرم و الشفقه فان له تعالى جهتين جهه شفقه و كرم وجهه قهر و جبروت فاذا صرف جهه الكرم اورد جهه القهر و الغضب.
«او حظرت»
بالمهمله و المعجمه منعت او حرمت، و فى بعض النسخ بل قيل انه المحفوظ المضبوط بالمعجمه و المهمله بمعنى رفعت.
005 21 «غيرك»
مغايرك فيكون مفعولا ثانيا لاجد و يجوز ان يكون بمعنى الا و حينئذ فالمفعول الثانى محذوف و يجوز ان يكون لم اجد ماخوذا من قولك وجدت الضاله اذا اصبتها و نصب غير حينئذ على الاستثناء و اما جعلها صفه السبيل مثلها فى غير المغضوب عليهم كما قاله بعض المعاصرين فغير جيد لان الذى حسنه هناك امران جنسيه ما قبلها حتى كانه نكره، و اشتهار ما بعدها بضديته كقولك الحركه غير السكون و الثانى غير موجود هنا.
«سواك» بالاوجه الثلاثه.
«ناصيتى بيدك»
الناصيه قصاص الشعر و اخذ الناصيه باليد كنايه عن نهايه الاقتدار.
006 21 «لا امر لى مع امرك»
اى لا امر لى يخالف ارادتك و امرك، او يوافقه اذا كنت انت الامر و لا امر لى بحيث اكون مستقلا باسبابه، فلا يدل على نفى فعل العبد كذا قيل و الاول هو الاظهر.
«و لا استميل هواك»
اى لا اقدر على تحصيل هواك و حبك لى الا بالطاعه، و يجوز ان يكون هواك بمعنى مهويك و محبوبك من المثوبات الاخرويه و الافضالات الدنيويه، و قال الفاضل الخوانسارى معناه لا اقدر ان اصرف نفسى ما تهواه و تريد منى من البلايا و الموت، او لا اقدر على ان اميل و اعرف حقيقه ما تحبه الا بتوفيقك و اطاعتى لك، و هذان المعنيان بمكان من البعد.
007 21 «داخرا» ذليلا حقيرا.
«المستكين» المتضرع.
«الضرير» المصاب بالضراء.
008 21 «فيما اوليتنى»
اعطيتنى و جعلت ولايته الى و الظرف متعلق بالذكر و يحتمل تعلقه بالنسيان و فى للسببيه فان تزايد النعم من اسباب الغفله و النسيان لموليها عند ارباب الجهاله.
008 21 «ابليتنى»
انعمت على و فى ش ابتليتنى و اختبرتنى و الاحتمالان السابقان فى الظرف المتقدم جاريان فى هذا ايضا.
«سراء» سعه و غنى.
«او ضراء»
اى ضيق و اكثر ما يستعمل فى العاهات البدنيه كالعمى و الزمانه و الباساء فى العاهات النفسانيه كالفقر و الذل، و السراء و الضراء و الباساء صيغ تانيث لا مذكر لها.
«او جده» غنى.
«لاواء» ضيق معيشه.
009 21 «حتى لا افرح»
اما ان يكون غايه لاجعل و ما بعده فان من رضى بقضاء الله و تقديره و شكره فى كل حالاته لا يفرح و لا يحزن على متاع الدنيا لعلمه انه مقسوم قسمه عادل الى حين و ان ما بعده دار نعمه و خلود، و اما ان يكون غايه له و لما قبله و هو الاظهر لما فيه من التلميح الى قوله تعالى: (ما اصابكم من مصيبه فى الارض و لا فى انفسكم الا فى كتاب من قبل ان نبراها ان ذلك على الله يسير لكيلا تاسوا على ما فاتكم و لا تفرحوا بما اتاكم)، و قال على بن الحسين عليهماالسلام الزهد عشره اجزاء اعلى درجه الزهد ادنى درجه الورع و ادنى درجه الورع اعلى درجه اليقين و اعلى درجه اليقين ادنى درجه الرضا و ان الزهد كله فى آيه من كتاب الله: (لكيلا تاسوا على ما فاتكم و لا تفرحوا بما اتاكم).
«و اشعر قلبى تقواك»
من الشعار و هو الثوب الذى يلى الجسد كما ان الدثار هو الذى يكون فوقه، و فى الحديث انتم يا اهل الكوفه الشعار و غيركم الدثار، و معناه اجعل تقواك ملاصقا لقلبى ملاصقه الثوب للبدن، و يجوز ان يكون من شعر بمعنى عرف فتعدى بالهمزه الى اثنين اى اجعل قلبى عارفا و عالما بتقواك.
009 21 «من سخطك» اى من اسبابه و كذا قوله من رضاك.
010 21 «و فرغ قلبى لمحبتك»
مصدر بمعنى الحب مشتق من حباب الماء بفتح الحاء معظمه لان المحبه معظم مهمات القلب و قيل مشتق من اللزوم لانه قاهر للقلب و لازم له، و تحقيق هذا المقام يتم ببيان امور:
الاول: فى تعريف الحب فقيل هو ايثار المحبوب على سائر المصحوب، و قيل هو ميلك اليه بكليتك و ايثارك له على نفسك و موافقتك له سرا و جهرا، و قيل المحبه محو المحب بصفاته و اثبات المحبوب بذاته، و قيل هى هتك الاستار و كشف الاسرار، و قيل محو الاشباح و ذوب الارواح، و ظنى ان هذه التعاريف كلها حقه الا ان كلا منها منزل على مرتبه من مراتب كما ستعرف ان شاء الله تعالى.
الثانى: فى بيان مراتبه و هى خمسه: اولها الاستحسان تتولد من النظر و السماع و لا تزال تقوى بطول التفكر فى محاسن المحبوب و صفاته الجميله، و ثانيها الموده و هى الميل اليه و الالفه بشخصه و الائتلاف الروحانى معه، و ثالثها الخله و هى تمكن محبه المحبوب من قلب المحب و استكشاف سرائره، و رابعها العشق و هو الافراط فى المحبه حتى لا يخلو العاشق من تخيل المعشوق و ذكره لا يغيب عن خاطره و ذهنه فعند ذلك تشتغل النفس عن استخدام القوه الشهوانيه و النفسانيه فتمتنع من الطعام لعدم الشهوه و من النوم لاستضرار الدماغ، و خامسها الوله و هو ان لا يوجد فى قلب العاشق غير صوره المعشوق و لا ترضى نفسه الا به، و هكذا تتفاوت درجات المحبين الا ترى قول سيدهم و رئيسهم عليه و آله السلام اللهم زدنى فيك تحيرا اللهم زدنى فيك ولها.
الثالث: فى علاماته و هى مع تشعبها ترجع الى ثلاث:
الاولى: النحول و الذبول و اصفرار اللون و تغير المزاج خوفا من المحبوب لعله غير راض عنه، و هذه العلامه لمن لم يحصل له الاطلاع على حالته و درجته عند محبوبه، و شاهد هذا ما روى انه قد سال اميرالمومنين عليه السلام رجل فقال له ما بال المحبين و العابدين وجوههم مصفره و ابدانهم ناحله و وجهك يعلوه البياض و بدنك اقوى من كل قوى و قد بلغت من الحب مرتبه لا تدانى فيها، فقال عليه السلام ان المحبين قد حبوا و عبدوا من لا يعرفون حالهم عنده و منزلتهم لديه فهم على خطر من محبتهم،
010 21 و اما انا فقد رفعت عنى الحجب الظلمانيه و القوى الشهوانيه و الموانع الحسيه و القوى الوهمانيه فنظرت اليه بعين قلب المحبه فوجدته راضيا غير غاضب و محبا غير كاره كما قال تعالى: (يحبهم و يحبونه) فارتفع عنى الوجل و علانى التبلج الشعشعانى.
الثانيه: السهر و القلق و كيف ينام من خلا بمعشوقه فى غسق الظلام و هدات عنه اعين الرقباء و اللوام كما قال يا موسى كذب من زعم انه يحبنى و هو ينام طوال ليله، اليس كل محب يحب الخلوه مع حبيبه، يابن عمران لو رايت الذين يصلون لى فى الدجى و قد مثلت نفسى بين اعينهم يخاطبونى و قد جللت عن المشاهده و يكلمونى و قد عززت عن الحضور، يابن عمران هب لى من عينيك الدموع و من قلبك الخشوع و من بدنك الخضوع ثم ادعنى فى ظلم الليالى تجدنى قريبا مجيبا.
العلامه الثالثه: البكاء و الحنين لالتهاب نار الشوق و الفراق و لذا كانوا يانسون بالموت لانه المانع من الاتصال كما قال عليه السلام و الله لابن ابيطالب آنس بالموت من الطفل بثدى امه، و كان يقول لابنه الحسن يا بنى لا يبالى ابوك اوقع على الموت ام وقع الموت عليه، و لما ادعى اليهود انهم احباء الله خاطبهم بقوله: (فتمنوا الموت ان كنتم صادقين).
الرابعه: ما يظهر على الجوارح و الاعضاء من الاعمال المرضيه المنبئه عن المحبه المخبيه فان المحبه نار كامنه ان وقعت فى جسم طيب الرائحه كالعود و البخور فاحت منه الرائحه الطيبه و ان وقعت فى غيره من الاجسام (كالخزف) و نحوه فاحت منه الرائحه المنتنه، و قد تشم تلك الروائح مع خفاء النار بل لا يستدل على وجود النار غالبا الا بتلك الرائحه، فمن ادعى حبا و قد ظهر على ظواهره غيره فهو كاذب على لسان الصادقين عليهم السلام، اذا تحققت هذا كله فلنعد الى ما نحن بصدده فنقول، قوله عليه السلام و فرغ قلبى لمحبتك يجوز ان يكون المراد به الفراغ من الهموم و الاحزان و التشاغل، و يجوز ان يراد به محبه غيره تعالى مما يضاد محبته فان المتضادين لا يجتمعان فى محل واحد و ذلك لان هذا البدن الحقير بمنزله بلد عظيم و حصنه القلب و سائر الاعضاء و الجوارح كالعساكر و الجنود تابعه لسلطان ذلك الحصن فكل من دخله كانت تلك الجنود جاريه على اوامره و نواهيه، و يويده ما روى عن الصادق عليه السلام
010 21 و قد سئل عن العشق فقال تلك قلوب خلت عن ذكر الله فاذاقها الله حب غيره، و قوله صلى الله عليه و آله و سلم لا يجتمع حبان فى قلب واحد حتى قال له الحسن عليه السلام الست تحبنى و تحب اخى و ابى و امى، فقال نعم يا بنى فقال كيف يجتمع هذا مع حب الله تعالى، فقال لانى احبكم لمنزلتكم عنده حيث انه امرنى بمحبتكم، و محبه الله تعالى فى وسط قلبى كقطب الرحى و محبتكم كالخطوط المستديره حول ذلك القطب و كلها ترجع اليه، و قول على عليه السلام و قد قال له رجل انى احبك و احب عثمان: انك اعور اما ان تعمى و اما ان تستبصر، و ما روى لى من جمله العلل التى فرق الله لاجلها بين يعقوب و يوسف انه اراد ان يجمع بين محبه الله تعالى و محبه يوسف ففرق الله بينهما حتى لا يشارك فى قلب واحد لانه منزله و بيته، كما سبق فى الحديث القدسى من قوله تعالى لا تسعنى سمائى و لا ارضى و لا عرشى و لا كرسى و لكن وسعنى قلب عبدى المومن، و هذا كله امر وجدانى لا يمكن انكاره لعاقل فضلا عن فاضل.
«و انعشه» ارفع قدره و درجته.
011 21 «زادى» فى سفرى الى تلك الدار اخذا من قوله تعالى: (و تزودوا فان خير الزاد التقوى).
«مثواى» محل اقامتى.
012 21 «يدا» نعمه.
001 22
دعاوه عليه السلام عند الشده
001 22 «و خذ لنفسك» اى احملنى على الاعمال الحسنه حتى تاخذها منى للقرب منك.
«فى عافيه»
يتعلق بقوله خذ اى يكون الاخذ فى عافيه و صحه بدن منى فان الالام و الامراض و ان احبطت الذنوب الا انها قد لا تطاق و قد يجزع الانسان فيها و يقول ما يسخط الله فتحبط حسناته مع ما وصل اليه من الاوجاع.
002 22 «بالجهد» المشقه و اما الذى بمعنى الوسع و الطاقه فبالضم لا غير.
002 22 «تكلنى» تتركنى.
003 22 «وكلتنى» و فى ش بالتشديد للمبالغه فى اصل الفعل لا للتعديه.
«تجهمونى»
استقبلونى بوجه كريه عبوس و به سمى جهم بن صفوان المنسوب اليه الجهميه، و كان يقول بان الجنه و النار يفنيان و ان الايمان هو المعرفه فقط دون الاقرار و دون سائر الطاعات كما تقدم و انه لا فعل لاحد على الحقيقه الا لله و ان العباد فيما ينسب اليهم من الافعال كالشجره تحركها الريح و الانسان عنده لا يقدر على شى ء انما هو مجبور يخلق الله الافعال فيه على حسب ما يخلق فى الجمادات و تنسب اليه مجازا كما تنسب اليها.
«نكدا» عطاء قليلا مشتملا على عسر و شده.
005 22 «و ورعنى» كفنى.
«خولتنى»
التخويل ورد بمعنى التمليك و بمعنى الرعايه و بمعنى حسنها و بمعنى التعبد و كلها جائزه الاراده هنا.
«محفوظا» عما اكره و ما لا ينبغى و كذا ما بعده.
«مكلوءا» محروسا.
«معاذا» من اعاذه اعطاه الامان.
006 22 «وجه» بكسر الواو: الجانب و الناحيه.
«و ان ضعف» و فى نسخه ابن اشناس و ما ضعف.
«مقدرتى»
بفتح الميم مثلثه الدال مصدر ميمى بمعنى القدره و يوجد فى بعضها بضم الميم و الظاهر انه تصحيف.
«ذات يدى» ما يحل منها من المال و كانه صاحبها و مالكها.
007 22 «تقاصنى به» و هو صريح فى الاحباط بالمعنى الذى ذهبنا اليه.
008 22 «فرقا»
خوفا و فزعا و لا يكون لملاحظه الخلق او لدفع المضار البدنيه فانه لا ثواب فيه او فيه ثواب و لكنه قليل بالنسبه الى الترك لاجل الخوف منه تعالى، و قد روى ان تارك شرب الخمر لا لوجه الله تعالى يثاب على ذلك الترك.
«وهب لى نورا امشى به فى الناس»
و المراد به النور العلمى الذى يستضى ء به الناس فى هذه النشاه من ظلمات الجهالات و يتجسم فى الاخره و يشاهد محسوسا فيضى ء فى ظلمات القيامه لمن هداهم فى هذه الظلمات، و قوله فى الناس اى فى سيرهم الى ربهم او فى جملتهم هاديا لهم، و قال تعالى: (يوم ترى المومنين و المومنات نورهم يسعى بين ايديهم و ايمانهم)، و فى كثير من الاخبار ان المراد بالنور هو الامام عليه السلام و لا منافاه.
009 22 «حتى اجد» لف و نشر مشوش.
«و كابه»
بالفتحات سوء الحال و انكسار النفس و تغيرها، و فى ش بالمد و هو بمعناه.
010 22 «حوائجى» بالهمز و يوجد بالياء على غير القياس او مولدا او جمع حايجه كما قيل.
«حفيا»
مستقصيا مبالغا فى قضاء حوائجى من قولهم احفى فى سواله اذا استقصى فيه او بارا لطيفا من احفى فلان بصاحبه اذا اشفق عليه و عليه فالظرف اما ان يتعلق بحفيا على طريق المجاز العقلى و اما ان يكون مدخول الباء حقيقه هو المضاف اليه و فائده توسيط المضاف تعيين ما فيه الحفاره اى كن حفيا بى من قبل حوائجى، و احتمال ان الباء للظرفيه لا للتعليق و التعديه و المعنى كن فى حوائجى حفيا بى بعيد جدا و فى بعض النسخ حفيا اى بارا.
011 22 «و ارزقنى الحق»
اى الشكر فان الحق هو الثابت و الشكر من جمله ما لزم لنا و ثبت علينا و حاصله
011 22 حينئذ لا تقاصنا عند تقصيرنا فى الشكر فتخرجنا من الدين بمنع الالطاف و الاسباب.
«فيما يحدث»
قيل هو ظرف للطمانينه و الباء حينئذ فى قوله بما يجب للسببيه اى ارزقنى الطمانينه فيما يحدث على فى هذه الاحوال بسبب انها من الامور اللازمه الواجبه على، و الظاهر ان الباء ظرف للطمانينه و فيما يحدث ظرف للوجوب، و يويده ما فى نسخه الشيخ الكفعمى من قوله و طمانينه اليقين فيما يجب لك مما يحدث فى حاله كذا.
013 22 «منهما»
اى من امور الدنيا و الاخره او من امور الرضا و السخط و المراد ما يوحيهما.
«موثرا لرضاك على ما سواهما»
اى مرجحا لرضاك الكائن على غير رضاى و غضبى، و حاصله انه اذا وقع رضاك على غير ما وقع عليه رضاى و غضبى اكون ارجح رضاك عليهما.
«فى الاولياء»
متعلق بموثرا او خبر رابع لاكون بعد قوله عليه السلام بمنزله و عاملا و موثرا.
«و يياس»
من آيس مقلوب بايس و دليله عدم الاعلال مع وجود شرطه، و فى بعض النسخ يياس على الاصل.
«و انحطاط هواى»
عن خصمه بل يكون وليى عالما بانه مع خصمه عندى فى مرتبه سواء، فالانحطاط هنا بمعنى الوضع من قولهم قد انحطت درجه فلان، و يجوز ان يكون ماخوذا من قولك انحط الطائر عن طيرانه اذا وقع على مكان من الارض، و معناه حينئذ وقوع هواى و ميلى فى الامر الباطل الذى قد ارتكبته.
014 22 «ولى حميد»
و هو المحمود الذى استحق الحمد بفعاله، و قاله شيخنا الشهيد (قده) هو المثنى على عباده بطاعتهم.
014 22 «مجيد»
و هو الواسع الكريم و قيل معناه الكريم العزيز و منه قوله عز و جل: (قرآن مجيد) اى كريم عزيز و المجد فى اللغه نيل الشرف و قد يكون بمعنى ممجد اى مجده خلقه و عظموه، و قال الشهيد (قده) المجيد الشريف ذاته الجميل افعاله.
001 23
دعاوه عليه السلام بالعافيه
001 23 «و جللنى» غطنى به كما يتجلل الرجل بالثوب.
«و حصنى بعافيتك»
اجعلها لى حصنا و كهفا و فى خ و خصنى من التخصيص و الظاهر انه اضافى بالنسبه الى اعلاء الدين.
«و افرشنى»
بوصل الهمزه و قطعها ابسطها لى او اوسعها اياى على التقديرين.
«و اصلح لى عافيتك» اجعلها خالصه لى من شوائب الفساد الدينيه و الدنيويه.
003 23 «لما نهيتنى»
اللام اما لتقويه العامل فانه لما دخله الالف و اللام فكانه صار اسما محضا لم يشبه الفعل فاحتاج فى العمل الى اللام المقويه، و يجوز ان يضمن معنى ما يتعدى بها، و قيل هنا بمعنى عن او من.
004 23 «صلواتك عليه» ليس فى ش سوى عليه الاخيره و هو اظهر.
005 23 «و اشرح لمراشد دينك»
اى مقاصد طرقه حتى استقبل مقاصدك و احكامك بالرضا و القبول، و قيل معناه اشرح صدرى بسبب قبوله لمراشد دينك.
006 23 «و اعذنى و ذريتى من الشيطان الرجيم»
الذريه ماخوذه من قولهم ذرا الله الخلق يطلق على الاباء لان الاولاد خلقوا منهم
006 23 و يسمى الاولاد ذريه لانهم خلقوا من الاباء و قيل الذريه هم النساء و الصبيان، و الرجيم فعيل بمعنى مفعول لانه مرجوم بالكواكب بدليل قوله تعالى: (و جعلناها رجوما للشياطين) و هى الشهب التى تنقض بالليل و ترجم بها الشياطين منفصله من نار الكواكب و نورها او مسببه عنها لا انهم يرجمون بالكواكب انفسها، روى عنه صلى الله عليه و آله و سلم فى تفسيره قوله تعالى: (انى اعيذها بك و ذريتها من الشيطان الرجيم) انه ما من مولود يولد الا و الشيطان يمسه حين يولد فيستهل صارخا من مس الشيطان اياه الا مريم و ابنها، روى ان عيسى عليه السلام سال الشيطان الك طمع فى فقال ان جدتك ما ابقت لى فيك مطمعا لقولها عند ولاده امك انى اعيذها بك و ذريتها من الشيطان الرجيم، و هو احد الاسباب الوارده فى بكاء الاطفال حين الولاده، و قيل السبب فيه انه يلهم الموت و المفارقه لما يجمع، و قيل انما هو لاجل خروج الرطوبات البدنيه التى كانت معه من الرحم الضاره القاتله لو لم تخرج، و لذا ورد النهى عن ضرب الاطفال حال البكاء، و فى بعض الاخبار ان السبب فيه كون امام العصر يتجلى فيراه و يعلمه ما يفعله العقلاء و لذا يصدر من الاطفال من الافعال الغريبه و التلفظات العجيبه ما لا يصدر من اكثر العقلاء فاذا مضى عنه الامام و فارقه بكى عليه الطفل شوقا اليه، و فى بعض الروايات ان السبب فيه ان ملكا اسمه زاجر يدخل من فم المراه حين الولاده فيزجر الولد حتى ينكسه على ام راسه فيخرج و هو باك من تلك الزجره، و فى بعض الروايات ان بكاء الاطفال فى الاربعه الاشهر الاولى الشهادتان و الاربعه الثانيه الصلاه على محمد و آله و الثالثه الدعاء لوالديه، و هذه الاسباب كلها حق لا تنافى بينها لان علل الشرائع معرفات لا موثرات، و اما التقييد بالرجيم فيجوز ان يكون اشاره الى ما عرفت من انه من اخبث الشياطين لانه رئيسهم، و يجوز ان يكون اشاره الى ان بعض الشياطين مسلمين لا ينبغى الاستعاذه منهم، روى الصفار و غيره قال قال ابوعبدالله عليه السلام بينا رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم ذات يوم جالس اذ اتاه رجل طويل كانه نخله فسلم عليه فقال من انت يا عبدالله فقال الهام بن الهيم بن لا قيس بن ابليس فقال له رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم كم اتى لك قال انا ايام قتل قابيل هابيل غلام افهم الكلام و انهى عن الاعتصام و آمر بقطيعه الارحام و افسد الطعام و لكنى تبت على يدى نوح و كنت معه فى سفينته و عاتبته على دعائه على قومه حتى بكى و ابكانى و قال لا جرم انى على ذلك من النادمين، و كنت مع ابراهيم حين القى فى النار و علمنى موسى سفرا من التوراه و عيسى سفرا من الانجيل و قال ان
006 23 ادركت محمدا فاقراه منى السلام فدفعه رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم الى على عليه السلام و علمه سورا من القرآن و قد استجاب الله دعاءه مع دعاء آبائه الطاهرين و اعاذه و شيعته من الشياطين، روى الصدوق باسناده قال قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم لما اسرى بى الى السماء حملنى جبرئيل عليه السلام على كتفه الايمن فنظرت الى بقعه بارض الجبل حمراء احسن لونا من الزعفران و اطيب ريحا من المسك فاذا شيخ على راسه برنس فقلت لجبرئيل ما هذه البقعه الحمراء؟ قال بقعه شيعتك و شيعه وصيك على فقلت من الشيخ صاحب البرنس؟ قال ابليس قلت فما يريد منهم؟ قال يريد ان يصدهم عن ولايه اميرالمومنين عليه السلام و يدعوهم الى الفسق و الفجور، فقلت يا جبرئيل اهو بنا اليهم فاهوى بنا اليهم اسرع من البرق الخاطف فقلت قم يا ملعون فشارك اعداءهم فى اموالهم و اولادهم و نسائهم فان شيعتى و شيعه على ليس لك عليهم سلطان فسميت تلك البلاد قم لذلك، و هكذا كان حال على عليه السلام معه. روى الصدوق ايضا باسناده الى على عليه السلام قال كنت جالسا عند الكعبه فاذا شيخ محدودب فقال يا رسول الله ادع لى بالمغفره فقال النبى صلى الله عليه و آله و سلم خاب سعيك يا شيخ و ضل عملك فلما ولى الشيخ قال: ذلك اللعين ابليس. قال على عليه السلام فعدوت خلفه حتى لحقته و صرعته الى الارض و جلست على صدره و وضعت يدى على حلقه لاخنقه فقال لى لا تفعل يا اباالحسن فانى من المنظرين الى يوم الوقت المعلوم و الله يا على انى لاحبك جدا و ما ابغضك احد الا شركت اباه و امه فصار ولد زنا فضحكت و خليت سبيله، فاذا كان هذا حال على عليه السلام معه فانى له التسلط على شيعته بان يخرجهم و يصدهم عن ولايته، و هذا التسلط المنفى فى قوله تعالى: (ان عبادى ليس لك عليهم سلطان) كما فى الاخبار.
«السامه و الهامه»
قال ابن الاثير الهامه كل ذات سم تقتل و الجمع الهوام فاما ما يسم و لا يقتل فهو السامه كالعقرب و الزنبور، و قد يطلق الهوام على ما يدب من الحيوان و ان لم يقتل و منه حديث كعب بن عجره اتوذيك هوام راسك اراد القمل قاله المطرزى، و قال المحقق الداماد السامه بمعنى الخاصه من سمت النعمه اذا خصت، و قيل معناه الذين يتبعون العورات و يتجسسون المعائب من قولهم فلان يسم ذلك الامر اى يسره و ينظر ما فى غوره، و الاولى بالاراده هنا ما فى كتب اللغه.
006 23 «و اللامه»
و هى كل نازله شديده من اللمه بمعنى الشده او كل عين تصيب الانسان بسوء، و فى الحديث اعوذ بكلمات الله التامات من شر كل سامه و من شر كل عين لامه اى ذات لمم و قيل هى الجنه التى تصيب الانسان بسوء يقال اصاب فلانا من الجن لمه اى مس و شى ء قليل.
«مريد»
متمردات و هو نوع من الشيطان، روى الفضل بن شاذان فى تفسير الحسن العسكرى عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم الا فاذكروا يا امه محمد محمدا و آله عند نوائبكم و شدائدكم لينصر الله به ملائكتكم على الشياطين الذين يقصدونكم فان كل واحد منكم معه ملك عن يمينه يكتب حسناته و ملك عن يساره يكتب سيئاته و معه شيطانان من عند ابليس يغويانه فمن لم يجد منكم وسواسا فى قلبه و ذكر و قال لا حول و لا قوه الا بالله العلى العظيم و صلى الله على محمد و آله الطيبين خنس الشيطانان الى ابليس فشكوه و قالا له قد اعيانا امره فامددنا بالمرده فلا يزال يمدهما حتى يمدهما بالف مارد فياتونه فكلما راموه ذكر الله و صلى الله على محمد و آله الطيبين لم يجدوا عليه طريقا و لا منفذا قالوا لابليس ليس له غير انك تباشره بجنودك فتغله و تغويه فيقصده ابليس بجنوده فيقول الله تعالى للملائكه هذا ابليس قصد عبدى فلانا او امتى فلانه بجنوده الا فقابلوه فيقابلهم بازاء كل شيطان رجيم منهم مائه الف ملك و هم على افراس من نار بايديهم سيوف و رماح من نار و قسى و نشاشيب و سكاكين و اسلحتهم من نار فلا يزالون يخرجونهم و يقتلونهم بها و يامرون ابليس فيضعون عليه الاسلحه فيقول يا رب وعدك قد اجلتنى الى يوم الوقت المعلوم فيقول الله عز و جل للملائكه وعدته لا اميته و لم اعده الا اسلط عليه السلاح و العذاب و الالام اشتفوا منه ضربا باسلحتكم فانى لا اميته فيثخنونه بالجراحات ثم يدعونه فلا يزال سخين العين على نفسه و اولاده المقتلين و لا يندمل شى ء من جراحاته الا بسماعه اصوات المشركين بكفرهم، و ان بقى على طاعه الله و ذكره و الصلاه على محمد و آله بقى على ابليس تلك الجراحات و ان زال العبد عن ذلك و انهمك فى مخالفه الله عز و جل و معاصيه اندملت جراحات ابليس ثم قوى على ذلك العبد حتى يلجمه، و يسرجه على ظهره و يركبه ثم ينزل عنه و يقول ظهره لنا الان متى اردنا نركبه.
006 23 «مترف»
متنعم ذى مال منهمك فى ملاذ الدنيا و شهواتها او من قولهم اترفته النعمه و سعه العيش اى اطغته و ابطرته فالمترف حينئذ بمعنى الطاغى البطر.
«حفيد»
فعيل اما بمعنى مفعول اى محفود و هو الذى يخدمه اصحابه و يسارعون فى حوائجه او الذى هو ذو حفده و اعوان، و اما بمعنى فاعل و المراد به من يسارع الى الشر لان اصل الحفد السرعه و فى ش حقيد بالقاف بمعنى ذى حقد او حقود على المبالغه كما فى روايه الشيخ الكفعمى.
«من الجن»
و هم اشكال ناريه قد اقدرهم الله تعالى على التشكل بالاشكال المختلفه فى كون عنصرها هو النار وحده بحكم قوله تعالى: (و الجان خلقناه من قبل من نار السموم)، او انه الغالب عليها و لذا اضيفت اليه خلافا و الظاهر هو الاول و لا خلاف فى وجودها و استمرارها باستمرار الدهور و الايام، و ذهب شرذمه من المعاصرين الى انكار وجودها و ظنوا انها خيالات من تراكم الابخره و نحوها، و لعمرى انه انكار لاضر الضروريات و ابده البديهيات فلا يحتاج الى اقامه البرهان عليه و لقد شاهدت امراه منهم اسمها حسناء و رجلا اسمه عبد العلى من طائفه عبدالرحمن و جرى لى معهم حكايات غريبه و قصص عجيبه و كانت المراه متلبسه برجل و الرجل متلبسا بامراه.
008 23 «و تقفل دون اخطارى قلبه»
اى تجعل على قلبه قفل الغفله عند اشرافه على ذكرى و ارادته له حتى لا يذكرنى، او عند ما ذكرنى حتى ينسانى و لا يسول لى مكروها، و قيل ان دون هنا بمعنى ادون و هو كما ترى.
«و تقمع»
القمع الضرب بالمقمعه و هى عمود من حديد او شى ء كالمحجن يضرب بها الانسان على راسه و جمعها مقامع.
008 23 «و همزه و لمزه»
الهمز الطعن الكثير على الغير بغير حق و اللمز بمعناه، و قيل الهمز العيب بظهر الغيب و اللمز العيب فى الوجه، و قيل الهمز اذى الجليس بسوء اللفظ و اللمز كسر العين و الاشاره بالراس على الجليس، و عن ابن عباس الهمز الطعن و اللمز الغيبه، و قيل بالعكس و هو المروى عن سعيد و قتاده، و قيل الهمز ضرب الناس باليد و اللمز ضربهم باللسان و العين.
«و حبائله» جمع حباله و هو الفخ و المراد هنا ما عرفت.
«و مصائده» جمع مصيده بكسر الميم و فتحها آله الصيد او مكانه.
«و رجله و خيله» مشاته و فرسانه.
001 24
دعاوه لابويه عليهم السلام
الظاهر ان المراد بهما الشخصان و احتمال النوعين ليشمل الاباء و الامهات بعيد جدا.
002 24 «و اخصص اللهم والدى بالكرامه لديك و الصلاه منك»
قد توهم بعض الافاضل من الاختصاص اختصاص هذه الفقره بهم عليهم السلام فانهم هم المخصوصون بالكرامات و الدرجات فقد طلبوا درجاتهم المعده لهم فلا يجوز لاحد منا الدعاء بها الا عند تغيرها بقولنا اقصد و نحوه، و ايده بلفظ الصلاه فانها كما قال بعض اصحابنا مخصوصه بالال عليهم السلام لا يجوز اطلاقها على آحاد المومنين لانها قد اشتهرت فيهم شرعا، و الجواب عنه من وجوه:
الاول: ان المراد به الاختصاص الاضافى لا الحقيقى لدخول النبى و باقى الائمه عليهم السلام فيمن عداهم و هو فاسد و حينئذ فلا فرق بيننا و بينهم فى جواز قصد حصر الاضافى اذ هو منا بالنسبه الى سائر المخالفين و اشباههم.
الثانى: ان للكرامات التى لديه تعالى افرادا لا تتناهى و درجات لا تحصى فكل منا يطلب لوالديه النوع اللائق بهم من الكرامات و تخصيصهم به حتى لا يشاركهم احد
002 24 فى ذلك النوع او يسلب عنهم لغيرهم كما مر فى تفسير قوله تعالى: (الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون).
الثالث: ان الاختصاص حقيقه يرجع الى الامتياز لان من خص احدا بكرامه فقد ميزه بها عن غيره، فكانه قال اللهم ميزهم عن غيرهم بالكرامات منك، و كل منا يصح منه هذا القول لابويه كما يصح منه لنفسه.
الرابع: ان يضمن التخصيص معنى القصد من غير تغير للفظه عليه السلام، بل ورد التخصيص بمعنى القصد كثيرا، و اما ما ايده به فمردود بقوله تعالى: (وصل عليهم)، و قوله عليه السلام اللهم صل على ابى اوفا.
003 24 «عن الحفوف» اى عن الاحاطه و الاعتناء.
«بما الهمتنيه»
من قولهم فلان محفوف بالخدم و حاصله الخدمه و الاعانه، اى لا تكون اركانى ثقيله عن خدمتهم، و قيل باخذه من قولهم حفت الارض اذا يبس نباتها، اى لا تثقل اركانى من حمل الوزر المسبب عن التقصير فيما الهمتنيه و هو كما ترى، و الخفوف كما فى بعض النسخ من الخفه بمعنى الذهاب بخفه و سرعه، و فى نسخه الكفعمى الحقوق جمع حق و فى بعضها الخوف.
004 24 «كما اوجبت لنا الحق على الخلق بسببه»
ظاهرها الاختصاص كما مر و الذى ينبغى لنا ان نقصده من هذه الفقره احد شيئين: الاول: ان نقصد من الخلق سائر الامم السابقه فانه تعالى قد اوجب على اهل الملل و الاديان الاطاعه و الانقياد لهذه الامه بسبب النبى صلى الله عليه و آله و سلم.
الثانى: ان نقصد من الخلق خلائق هذه الامه و من الحق الحقوق التى اوجبها النبى صلى الله عليه و آله و سلم لبعضنا على بعض من مواساه الاخوان و وجوب رعايتهم و ان كان الداعى بها من اهل العلم و المعرفه فلا يحتاج الى قصد ما ذكرناه لان الرسول صلى الله عليه و آله و سلم قد اوجب على الجهال اطاعه العلماء و قبول اقوالهم و الاهتداء بهداهم.
005 24 «اهابها» و ما فى بعض النسخ من فتح الباء فغلط.
«العسوف» الظلوم الجبار.
«و ابرهما» اطيعهما و انقاد لهما.
«اقر لعينى»
اسر لها و احب اليها من القر بمعنى البرد لما تحققت من ان دمعه الفرح بارده و دمعه الحزن حاره، و قد يوخذ من القرار اى اسكن لها و ابلغ لامنيتها بحيث لا تشتاق لغيره.
«الوسنان» الناعس او شديد النعاس.
«و اثلج» قال الجوهرى ثلجت نفسى بضم اللام اطمانت و معناه اسر و ابرد.
«الظمان» شديد العطش.
«برى» فتح الباء فيه و فيما قبله ش و هو لغه فى الكسر.
006 24 «خفض لهما صوتى»
روى عن الصادق عليه السلام فى تفسير قوله تعالى: (اما يبلغن عندك الكبر احدهما او كلاهما فلا تقل لهما اف و لا تنهر هما) قال ان اضجراك فلا تقل لهما اف و لا تنهرهما ان ضرباك، قال و قل لهما قولا كريما. قال ان ضرباك فقل لهما غفر الله لكما فذلك منك قول كريم، ثم قال و اخفض لهما جناح الذل من الرحمه قال لا تملا عينيك من النظر اليهما الا برحمه و رقه و لا ترفع صوتك فوق اصواتهما و لا يدك فوق ايديهما و لا تقدم قدامهما.
«عريكتى» خلقى.
007 24 «اشكر لهما تربيتى» اجزهما احسن الجزاء عليها.
«تكرمتى» مصدر بمعنى الاكرام لهما باكرامهما لى.
«صغرى»
بكسر الصاد نقيض الكبر و بفتحها بمعنى الهوان و الصغار و زمان الطفوليه يقتضيه
008 24 «او خلص» ضمن معنى بلغ فعدى بالى.
009 24 «او اسرافا» ضمن معنى الميل و الحيف فعدى بعلى.
«تبعته» ما يتبع الذنوب من الوبال و النكال.
010 24 «اقاصهما» بان احسب اساءتهما لى فى مقابله احسانهما لدى.
«اقتارهما»
مصدر بمعنى التقتير فى المعاش و هو ضيقه و فى ش اقتسارهما و هو مصدر بمعنى القهر.
011 24 «هيهات»
كلمه تبعيد يعنى بعد استيفائهما حقهما منى و كسر التاء لغه بنى تميم كما ان الفتح لغه الحجازيين و حكى فيهما الضم لكنه قليل.
«فى اهل العقوق»
روى محمد بن مسلم عن ابى جعفر عليه السلام ان العبد ليكون بارا بوالديه فى حياتهما ثم يموتان فلا يقضى عنهما دينهما و لا يستغفر لهما فيكتبه الله عز و جل عاقا و انه ليكون عاقا لهما فى حياتهما غير بار بهما فاذا ماتا قضى دينهما و استغفر لهما فكتبه الله عز و جل بارا، و قال عليه السلام ثلاث لم يجعل الله عز و جل للعبد فيهن رخصه اداء الامانه الى البر و الفاجر، و الوفاء بالعهد للبر و الفاجر، و بر الوالدين برين كانا او فاجرين، و عن الزهرى قال كان على بن الحسين عليهماالسلام لا ياكل مع امه، و كان ابر الناس بامه فقيل له فى ذلك فقال اخاف ان آكل معها فتسبق عينها الى شى ء من الطعام و انا لا اعلم فاكله فاكون قد عققتها، المراد بامه عليه السلام هنا مربيته و كانت امه للحسين عليه السلام، و اما امه الحقيقيه فروى الصدوق (ره) عن الرضا عليه السلام انها ماتت فى ايام نفاسها به فسلمه الحسين عليه السلام الى ام ولد له و كان يدعوها عليه السلام بالام، و قيل انها القت نفسها فى الفرات فى واقعه الطفوف لانقطاع صبرها او خوفا من الاسر فانها كانت من بنات سلاطين العجم فتوهمت من يزيد لما بين سلاطين العرب و العجم من الشحناء، و قيل ان سيدالساجدين عليه السلام لما شاهد ما حل بهم فى تلك العرصات خاف عليها ما خافته على نفسها فاركبها جملا او فرسا و سار بها حتى لا يعلم اين
011 24 ذهبت، و قيل انه ذهب بها الى جبل فى خراسان و ماتت هناك و هو الان معروف بين اهل طهران يزورونه و يتبركون به، و لهذه الاقوال شواهد من الاخبار و كيف كان فامه الحقيقيه لم تر بعد وقعه الطفوف، و ما روى من انه عليه السلام لما رجع من الشام زوج امه لمولى له، المراد بها تلك الام المربيه له لا امه الحقيقيه كما توهمه كثير من الافاضل فان النفس تستنكف عن قبوله، و كيف لا يستنكف منه و الحال انها كانت بنت يزدجرد سلطان العجم، و لما اتى بها لم ترض الا بالحسين عليه السلام فكيف ترضى بعده باحد الموالى، و اشد منه استنكافا حملهم المولى على العبد و هو ايضا غلط فانه هنا بمعنى الموالى و المحب و هو احد الشيعه كما نقله ارباب السير، اذا تحققت هذا فاعلم انه قد ورد فى الحديث عن النبى صلى الله عليه و آله و سلم انه قال له رجل يا رسول الله من احق الناس بحسن صحابتى قال امك قال ثم من؟ قال امك قال ثم من؟ قال ابوك، ذكر الام مرتين، و فى روايه اخرى ثلاثا فقال بعض العلماء هذا يدل على ان للام ثلثى الابن على الروايه الاولى او ثلاثه ارباعه على الروايه الثانيه و للاب اما الثلث او الربع، و الايات و الاخبار الوارده بزياده حق الام على الاب متضافره و اختصاص الاب بالولايه و نحوها لا ينافيه لان القيام بها مما يناسب الرجل فتامل.
013 24 «آنا من آناء ليلى» ساعه من ساعاته.
014 24 «عزما» مجزوما به.
«بالكرامه» اى بسبب اكرامك لهم او اكرامهم لى او بكرامتهم عليك.
001 25 دعاوه لولده عليهم السلام
بضم الواو و فتحها قال الجوهرى الولد يكون واحدا و جمعا و كذلك الولد بالضم و قد يكون الولد جمع الولد لغه فى الولد.
001 25 «و بامتاعى بهم»
ماخوذ اما من امتعت بالشى ء بمعنى تمتعت به و انتفعت به فالباء حينئذ للتعديه، و اما من الامتاع المتعدى بمعنى التعمير كما فى قوله: (و يمتعكم متاعا حسنا) اى يعمركم و الباء حينئذ للمصاحبه اى بتعميرى معهم.
002 25 «و زد فى آجالهم»
الظاهر انه تاكيد ما قبله، و قيل المراد بالاول رفاهيه العيش و حسن الحال فانه قد شاع بين العرب تسميه من عاش فى رفاهيه طويل العمر و ان قصر عمره.
«عنيت» اهتممت.
«و ادرر»
بقطع الهمزه و وصلها و اخذه على الاول من الدرر من باب الافعال و على الثانى من قولهم الريح تدر السحاب و تستدره بمعنى تستجلبه.
004 25 «بهم»
اى بالاولاد و به و فى ح اى بالشد و يحتمل الرجوع الى العضد كما قيل لكنه حينئذ من باب الاستخدام.
«اودى» بالتحريك الاعوجاج.
«حدبين» يقال تحدب عليه اى تعطف و تشفق.
005 25 «عونا على ما سالتك»
لفظ العون لم يكن فى اكثر النسخ، نعم قد وجد فى هامش نسخه شيخنا
005 25 البهائى (قده) فشاع فى اكثر النسخ فعلى تقدير عدمه المعنى ظاهر لان حاصله اجعلهم لى على الطريقه التى طلبتها منك فى باب الاولاد المتقدمين من شد العضد و ما بعده و عليه يكون حاصله ايضا هنا، و قيل المراد اجعل هولاء الاولاد عونا على ما سالتك فى باب تلك الاولاد يعنى يحملون اخوانهم على البر و الشفقه على، و قيل معناه اجعلهم لى عونا على ما سالتك من المسائل الاخر بان يعينونى فى الدعاء و يشاركونى فيه، و قيل الضمير فى اجعلهم راجع الى الاولاد المتقدمين اى اجعل اولئك الاولاد الموجودين عونا لى على ما سالتك من ان تهب لى اولادا ذكورا.
006 25 «عقابه» عقاب ما امرتنا بمعنى تركه او عقاب ما نهيتنا.
«اسكنته صدورنا»
بيان لتسلطه قيل انه تمثيل لايصال وساوسه الى القلوب برفق لا انه يخلص الى الصدر بنفسه، و اختاره امين الاسلام الطبرسى، و الظاهر انه على ظاهره لما روى عن الصادق عليه السلام فى حديث طويل يذكر فيه ما طلب الشيطان من الله تعالى و استجاب منه، و فيه قال يا رب زدنى قال قد جعلت لك و لذريتك صدورهم اوطانا قال حسبى، و قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم ان الشيطان واضع خطمه على قلب ابن آدم فاذا ذكر الله خنس و ان من التقم قلبه فذلك الوسواس الخناس و يجوز ان يكون هذا اعنى قوله اسكنته منفصلا عما قبله، و يويده تصديره بالواو و فى نسخه الشيخ الكفعمى و بعض نسخ الصحيفه و حينئذ فالتسليط اشاره الى قوله تعالى: (انه يراكم هو و قبيله من حيث لا ترونهم).
007 25 «بفاحشه» بذنب و قيل الفاحشه الذنب العظيم.
«ثبطنا» شغلنا.
«بالشهوات» الباء اما للسببيه او للصله.
«بالشبهات»
الباء اما زائده او للظرفيه و مفعول ينصب محذوف اى ينصب لنا حبائله فى ميادين الشبهات، و يجوز ان يضمن فيصيب معنى يتحرف و نحوه.
«منانا» شهانا و جعلنا نتمناه.
007 25 «يضلنا»
بنصبه مع نصب يستزلنا على الجزم لجواب الشرط و الفتح لمكان الساكنين و الرفع كما فى بعض النسخ على انه جواب بتقدير المبتداء.
«خباله» فساده.
«يستزلنا» يوقعنا فى الزله و هى العثره.
010 25 «المنجحين» النجاح الظفر بالشى ء و قد ضمن معنى الاشتياق فعدى بالى.
«بالتوكل عليك»
متعلق بغير لانه بمعنى المغاير يعنى اكون مغاير للممنوعين من رحمتك بسبب توكلى عليك، و قيل الباء فيه بمعنى من.
011 25 «فى التجاره عليك»
على بمعنى الى و يجوز ان يكون الظرف حالا اى حال كونهم واردين عليك، و يجوز ان يضمن التجاره معنى التذلل و نحوه.
«و المجارين بعزك»
على صيغه جمع المفعول بكسر الراء من جاره، فهذا مجير و ذاك مجار اذا ادخله فى جواره و امانه، و يروى بفتحها من جاراه مجاراه فهذا مجار و ذاك مجارى اذا جرى معه و ماشاه مماشاه عنايه به و اهتماما برفقه.
«و المجارين من الظلم»
اى الذين امنتهم من ظلم الظالمين، و فى ش بالزاء المعجمه المفتوحه اى الذين جازيتهم بدل ظلم الظالمين لهم بعدالتك بالانتصاف لهم من ظالمهم، و فى بعض نسخ ش بها مكسوره اى الذين يجازون من ظلمهم بعدالتك و يكلون الانتقام من عدوهم الى عدالتك.
«بتقواك» من التقوى و من الوقايه.
012 25 «قريب مجيب»
للدعوات كما فى الايه الكريمه: «او عالم بخطرات القلوب لا حجاب بينه و بينها».
«سميع»
مبالغه فى السامع فانه يسمع السر و النجوى، و قد يكون السماع بمعنى القبول و الاجابه، و قيل السميع العالم بالمسموعات من الاصوات و الحروف.
«عليم»
بالجزئيات و الكليات على وجهيهما لا كما يقوله الفلاسفه من نفى علمه تعالى بالجزئيات على الوجه الجزئى فانه كفر فى الصفات و هو عين الكفر فى الذات، و هذا منهم انكار لكونه تعالى سميعا و بصيرا لانهما فى اصطلاح الشرع انما يطلقان على الجزئيات كما ان العلم انما يطلق فى ذلك الاصطلاح على الكليات.
«عفو»
من العفو و هو الصفح عن الذنب، و قيل هو ماخوذ من قولهم عفت الريح الاثر اذا درسته و محته.
«غفور»
من الغفر و هو الستر و منه المغفر لستره الراس و المبالغه فيه اقل منها فى سابقه لان ستر الشى ء انما يكون مع بهائه بخلاف المحو و الاندراس.
001 26 دعاوه عليه السلام لجيرانه و اوليائه
001 26 «و تولنى فى جيرانى»
اى تولى قضاء حوائجهم مكانى او اجعلنى متوليا لقضاء حوائجهم، و قيل المراد تولى منى و تقبل ما عملته مع جيرانى، و قال صلى الله عليه و آله و سلم: ما زال اخى جبرئيل يوصينى الجار حتى ظننت انه يورث.
«و موالى العارفين بحقنا»
محبى و ناصرى العارفين بامامتنا القائلين بها فان الله تعالى قد استجاب دعوه الخليل فيهم فقلوب الخلائق كلها تهوى اليهم لحسن خلقهم و خلقهم، بل و ربما كانت الزنادقه و من لا يعتقد الدين يقصدونهم من مشارق الارض و مغاربها حبا لهم و شوقا اليهم الا ان القائل بامامتهم قليل فالصفه هنا تفيد التقييد.
«المنابذين» من نابذه على الحرب اذا كاشفه.
002 26 «و وفقهم»
و فى نسخه الشيخ الكفعمى و بعض النسخ و وفقنى و هو الظاهر لموافقته لما بعده.
«ارفاق ضعيفهم»
بكسر الهمزه ايصال الرفق اليهم و بفتحها افعال من الرفق و هو اللطف و الاول هو الاصوب.
«و سد خلتهم» اصلاح حاجتهم.
«بالماعون»
فيه تلميح الى الايه الكريمه و هو قوله تعالى: (الذين يراوون و يمنعون الماعون)، الماعون روى تفسيره ابوبصير عن الصادق عليه السلام قال هو القرض تقرضه و المعروف تصنعه و متاع البيت تعيره و منه الزكاه، قال فقلت: ان لنا جيرانا اذا اعرناهم
002 26 متاعا كسروه فعلينا جناح بمنعهم؟ قال لا ليس عليك جناح ان تمنعهم اذا كانوا كذلك، و قيل هو المعروف كله، و فى الصحاح و يسمى الماء ايضا ماعونا و كذا الطاعه و الانقياد و اصله المعونه و الالف عوض عن الهاء و جمعه مع الرياء و التهديد عليه يوذن بتحريمه و القول به غير بعيد لو لا انعقاد الاجماع على كراهته.
«و العود عليهم» من العائده بمعنى ايصال المعروف اليهم.
«بالجده» اى الغنى.
003 26 «و اسر لهم»
فى الصحاح اسررت الشى ء كتمته و اعلنته من الاضداد و لا يبعد ارادتهما هنا و ان كان الثانى هو الاظهر، بل قيل بتعيين ارادته.
«بالغيب» اى حال غيبتهم او فى القلب بناء على الاول.
«لحامتى» اقاربى.
004 26 «حتى يسعدوا بى و اسعد بهم»
فانهم اذا عرفوا امامته تحروا خدمته فسعد بهم فى الدنيا و يشفع لهم فى الاخره فسعد بهم ايضا لان مرتبه الشفاعه فوق كل المراتب، و اما سعادتهم به فظاهره.
001 27
دعاوه عليه السلام لاهل الثغور
001 27 و الثغر ما يلى دار الحرب و موضع المخافه من فروج البلدان، و ما قيل من ان حماه الثغور انما كانوا فى زمانه عليه السلام من اهل الخلاف فكيف ساغ الدعاء لهم، فجوابه من وجهين:
الاول: انه كان بينهم كثير من اهل الوفاق و الشيعه كما هو مشهور و فى الاخبار مسطور و حينئذ فالدعاء حقيقه انما هو لبعض اهل الثغور.
الثانى: ان الدعاء للمخالفين بالقوه و النصر لحمايه بيضه الاسلام و الذب عنه جائز قطعا، و قد راعى عليه السلام هذه الجهه فلم يذكر الا طلب التقويه و الهدايه لهم.
002 27 «و اشحذ اسلحتهم» حددها.
«و احرس حوزتهم»
احفظ حدودهم و نواحيهم و احم جمعهم و بيضه ملكهم التى هى بيضه الاسلام.
«و امنع حومتهم» اى حوزتهم التى يحام حولها و يطاف دورها و هى البيضه ايضا.
«و واتر بين ميرهم»
جمع ميره و هى ما يمتاره الانسان من الطعام و منه سمى اميرالمومنين عليه السلام لانه يميرهم العلم و يكيله لهم، و فى نسخه الكفعمى و واثر بالثاء المثلثه من قولهم استوثرت من الشى ء اذا استكثرت منه.
«و توحد بكفايه مونهم» تولاها وحدك.
«و الطف لهم فى المكر»
تلطف لاجلهم و اصنع الحيل فى مكرك لاعدائهم، او هيى ء لهم الحيل و اجعلهم دقيقى الفكر فى المكر مع اعدائهم كما روى ان الحرب خدعه.
004 27 «الغرور» بالفتح مبالغه فى الضم.
«الفتون» مبالغه فى الفاتن.
«و الحور» جمع حوراء البينه الحور و هو شده بياض العين فى شده سوادها.
«المطرده»
على صيغه اسم الفاعل بمعنى الجاريه التى يتبع بعضها بعضا و على صيغه المفعول بمعنى المحراه.
«المتدليه» المعلقه.
005 27 «افلل» بالوصل اى اكسر و بالقطع من افل بمعناه.
«و اقلم عنهم اظفارهم»
قصر منهم سيوف قدره اعدائهم و هو من الكنايات الحسنه.
005 27 «و ثائق افئدتهم»
الامور التى احكمت افئدتهم ككثره العدد و العده.
«و املا افئدتهم الرعب»
و قد كان من خواص هذه الامه المرحومه النصر بالرعب كما قال عليه السلام نصرت بالرعب مسيره شهر.
«و اقبض ايديهم عن البسط»
ذللهم و جبنهم و اجعلهم بمثابه من قبضت يديه عن التحرك و البسط، او اجعل ايديهم مكفوفه لا يقدرون على ايصالها الى المسلمين بضرر.
«و اخزم السنتهم»
ماخوذ من الخزامه و هى ما يجعل فى جانب منخر البعير تثقب به، اى اخرس السنتهم و اجعلها كانها مخزومه.
«و شرد بهم من خلفهم»
فرق بسبب هولاء الجماعه الذين يلونهم من معاونيهم.
«و نكل» النكال اشد من العذاب.
007 27 «محال»
بالفتح و التشديد جمع محل و بالكسر و التخفيف القوه و الشده و المكر او الاخذ بالعقوبه.
«منابذتهم» مضادتهم.
008 27 «اغز بكل ناحيه»
بالمعجمتين من الغزو اى اغز انت بسبب اهل كل بلاد من بلاد الاسلام و معونتهم من يليهم من الكفار، و عداه بعلى لتضمنه معنى الغلبه و التسلط، و فى ش اعز من العزه، بمعنى الغلبه و الباء زائده او المفعول محذوف اى دين الاسلام، و فى نسخه الشهيد (قده) اغز من الغزو بوزن اكرم اى صير جماعات المسلمين غازين غالبين.
008 27 «مردفين» بكسر الدال و فتحها بكون بعضهم اثر بعض.
«منقطع التراب» يعنى يفرقوهم فى اقصى نواحى الارض و اطرافها.
«او يقروا» بمعنى الى ان.
009 27 «و الخزر»
بالتحريك ضيق العين و هم جيل من الترك سموا به لضيق اعينهم و صغرها، و فى ش بوزن حمر و المعنى واحد.
«و النوبه» جيل من السودان.
«و الزنج» مثلهم و قيل النوبه بلده بشرق نيل مصر اهلها نصارى و الزنج بلده بشرقى الحبش شمالها اليمن و شرقها النوبه.
«و السقالبه»
بالسين و الصاد جيل من الكفار حمر الالوان قيل انهم يلاصقون بلدا فى المغرب، و قيل ان بلادهم تتاخم بلاد الخزر بين بلفر و قسطنطينيه.
«و الديالمه» جيل من الكفار بلادهم تقرب من قزوين ورى.
«و سائر» بالجر للعطف على مدخول من و بالنصب للعطف على اعدائك.
«و اشرفت» اطلعت عليهم او غلبتهم بقدرتك.
010 27 «و خذهم بالنقص عن تنقصهم»
النقص بمعنى (الاخذ) و حاصله خذهم بالنقص فى اموالهم و ابدانهم و اشغلهم عن ان ينقصوا اولياءك، و يجوز اخذه من النقيصه بمعنى العيب اى خذهم بالنقيصه حتى لا ينقصوا احباءك و يعيبوهم.
«عن الاحتشاد» اى الاجتماع على اوليائك.
011 27 «منازله الرجال» مقاومتهم.
«و جبنهم عن مقارعه الابطال»
تقول جبنت زيدا اذا نسبته الى الجبن يعنى اجعلهم معروفين عند الخلائق و منسوبين الى الجبن عن مقارعه الابطال، و الاظهر ان معناه صيرهم جبناء.
«كفعلك يوم بدر»
فانه تعالى قد امد المسلمين بخمسه آلاف من الملائكه مسومين عند ياس المسلمين من النصر.
«تقطع به» اى بالعذاب و الملائكه.
«دابرهم» عقبهم و من بقى منهم.
«و تحصد به شوكتهم» تستاصل به قوتهم.
012 27 «بالخسوف» اى الذهاب فى الارض او النقيصه.
«و الح عليها» ضيق عليها.
«بالقذوف» اى الرمى: البلايا و الخراب.
«و افرعها»
بالعين المهمله بمعنى التفريق، و فى ش بالمعجمه من باب الافعال بمعنى اخلها من نعمك، و فى نسخه الكفعمى بالقاف و العين المهمله من القرع و هو الطرق بالقوارع اى الشدائد.
«بالمحول» جمع محل و هو الجدب و القحط.
«فى احص ارضك»
اخلاها من العشب و النبات كما يقال رجل احص اذا كان قليل شعر الراس او اللحيه.
«و امنع حصونها»
على صيغه الامر اى امنعهم عن التحصن بحصن، او اجعل الحصون منيعه محكمه لا يصلون الى اخذها.
013 27 «و اطف»
مخفف ما فيه ياء مهموز من اطفا النار، و يجوز اخذه من قولهم طفا السمك فوق الماء اذا لم يرسب اى اجعله ممن لم ترسب حراره الشوق فى فواده.
014 27 «و اثر له حسن النيه» من الايثار بمعنى الاختيار.
«و اعفه من الجبن» بعده عنه.
«السير و السنن» طرق الحرب و مذاهبه او طرق الشريعه و آدابها.
«و ظعنه» يعنى سفره يقال رجل ظاعن اذا كان مسافرا.
015 27 «و ادل له منهم و لا تدل لهم منه»
اى غلبه عليهم و لا تغلبهم عليه.
«يجتاح عدوك»
يقتله و يستاصله من الجاحه و هى الافه التى تهلك الثمار و الاموال.
«يجهد بهم»
يمتحنهم و فى س و يديخهم اى يذلهم و يدوخهم اى يقهرهم.
016 27 «خلف غازيا»
صار خليفه له على اهل وداده و فى الخبر ان من خلف غازيا على اهله كان له من مثل اجره و لا ينقص عليه شى ء.
«خالفيه» من خلفه على اهله و من خلف وراءه من اهله.
«بعتاد» العده و الاهبه و الاله.
«شحذه» ساقه سوقا شديدا.
017 27 «تحزب اهل الشرك» صيرورتهم احزابا و قبائل على حرب المسلمين.
«و اجعله فى نظام الشهداء»
لعقد قلبه و نيته عليها و لذا قال الصادق عليه السلام انى لا اخرج نفسى من شهداء
017 27 الطفوف و لا اعد ثوابى اقل منهم لان من نيتى النصره لو شهدت ذلك اليوم و كذلك شيعتنا هم الشهداء و ان ماتوا على فرشهم، و كان عليه السلام ينهى الشيعه عن الحاحهم بظهور صاحب الزمان و استكشاف احواله، و كان يقول ان لكم ثواب من استشهد معه بنياتكم و ان متم على فرشكم.
018 27 «المبدى» الموجد بلا سبق ماده.
001 28
دعاوه عليه السلام متفزعا الى الله عز و جل
التفزع: الانقطاع و تمام التوكل.
003 28 «و صرفت وجهى»
فى هذه الفقرات لطيفه و هى دعوى الشى ء مع اقامه برهان عليه.
005 28 «ضله» ضلال.
006 28 «طلبوا العز بغيرك فذلوا»
اشاره الى ما روى فى الحديث القدسى انى وضعت العزه فى خدمتى و الناس يطلبونها فى خدمه السلطان فلم يجدوها و وضعت الغنى بالقناعه و الناس يطلبونه بجمع المال فلم يجدوه.
«و راموا الثروه» قصدوا الغنى.
007 28 «فصح بمعاينه امثالهم حازم»
اى فاستقام على الطريقه المثلى رجل حازم ضابط للامور عارف بعواقبها يعنى نفسه الشريفه و يحتمل العموم ايضا.
008 28 «دون كل مسوول»
اى قبل سوالى من كل مسوول منه و حاصله انى لا اسال احدا سواك، و قيل ان دون هنا و فيما بعده بمعنى عند و المعنى اذا سالت احدا فانت عند ذلك المسوول موضع حاجتى، يعنى ان قضاءها حقيقه انما هو من جنابك لانك مسبب الاسباب.
009 28 «قبل كل مدعو» اى انى ادعوك قبل كل احد.
«و لا يتفق»
من الاتفاق و فى ش يفق من الوفق بمعنى الموافقه بين الشيئين و فى خ ينفق من قولهم نفقت السوق اذا قامت على ساقها و حصل لها رواج و يتفق بوزن يضرب مخفف ما فى الاصل.
010 28 «لك يا الهى وحدانيه العدد»
و هذه الفقره من مشكلات الصحيفه حيث انه ورد العقل و النقل بنفى الوحده العدديه عنه تعالى لان حقيقتها العدد و معروضها هويات عالم الامكان، و الذى يصح اطلاقه عليه تعالى هو الوحده الحقيقيه و اما الوحده العدديه فهى قصارى الممكن بالذات و تحقيقه و التقصى عنه يظهر مما روى عن ابى عبدالله عليه السلام قال: ان اعرابيا قال يوم الجمل الى اميرالمومنين عليه السلام فقال: يا اميرالمومنين اتقول ان الله واحد؟ قال فحمل الناس عليه و قالوا يا اعرابى اترى ما فيه اميرالمومنين من تقسم القلب، فقال اميرالمومنين عليه السلام دعوه فان الذى يريده الاعرابى هو الذى نريده من القوم، ثم قال: يا اعرابى ان القول فى ان الله واحد على اربعه اقسام، فوجهان منها لا يجوزان على الله عز و جل، و وجهان يثبتان فيه، فاما اللذان لا يجوزان عليه فقول القائل واحد يقصد به باب الاعداد فهذا ما لا يجوز لان ما لا ثانى له لا يدخل فى باب الاعداد، الا ترى انه كفر من قال انه ثالث ثلاثه، و قول القائل هو واحد من الناس يريد بن النوع من الجنس فهذا ما لا يجوز عليه لانه تشبيه و جل ربنا عن ذلك.
و اما الوجهان اللذان يثبتان فيه فقول القائل هو واحد ليس له فى الاشياء شبيه كذلك ربنا، و قول القائل انه ربنا عز و جل احدى المعنى يعنى انه لا ينقسم فى وجود و لا عقل و لا و هم كذلك ربنا عز و جل. فهذا الحديث الشريف دل على ان الواحد بانفراده لا يدخل فى باب العدد، و يكشف عنه حديث الرضا عليه السلام حيث قال: التوحيد الاقرار بالوحده و الواحد المتباين الذى لا ينبعث من شى ء و لا يتحد بشى ء، و من ثم قالوا: ان بناء العدد من الواحد، و ليس الواحد من العدد، لان العدد لا يقع على الواحد بل يقع على الاثنين. الحديث، و حينئذ فالياء فى وحدانيته ياء النسبه، و حاصل المعنى ان الوحده التى نسبت اليها الاعداد و تركبت منها- و هى لم تدخل تحت
010 28 عدد مخصوصه بالاطلاق عليك- لا تطلق على غيرك لان كل ما سواك فله ثان يندرج معه تحت كلى فهو واحد من الجنس، و يجوز ان تكون الياء للمبالغه مثل احرى، و المعنى ان حقيقه الوحده العدديه الوحده العدديه التى ينبغى ان تسمى وحده مخصوصه بك، و اما اطلاقها على غيرك فمجاز شائع، و تحقيقه ما رواه فتح الجرجانى عن ابى الحسن عليه السلام فى حديث طويل يقول فيه: قلت يابن رسول الله لا يشبهه شى ء و لا يشبه هو شيئا، و الله واحد و الانسان واحد اليس قد تشابهت الوحدانيه؟ قال: يا فتح احلت ثبتك الله انما التشبيه فى المعانى، و اما فى الاسماء فهى دليل على المسمى و ذلك ان الانسان و ان قيل واحد فانه يخبر انه جئه واحده و ليس باثنين و الانسان نفسه ليس بواحد لان اعضاءه مختلفه و الوانه مختلفه، و من الوانه مختلفه غير واحد، و هو اجزاء مجزاه ليست بسواء. دمه غير لحمه و لحمه غير دمه و عصبه غير عروقه و شعره غير بشره و سواده غير بياضه، و كذلك سائر الخلق فان الاسم واحد فى الاسم و لا واحد فى المعنى و الله جل جلاله هو واحد لا واحد غيره، لا اختلاف فيه و لا تفاوت، و لا زياده و لا نقصان، فاما الانسان المخلوق المولف من اجزاء مختلفه و جواهر شتى غير انه بالاجماع شى ء واحد، قلت: جعلت فداك فرجت عنى فرج الله عنك، و قيل معناه انه ليس لك من العدد الا الوحدانيه، و المراد انه ليس بداخل فى العدد بل له تعالى هذا الوصف بمعنى آخر، و لعل ذكر العدد لفائده انه اذا وصف تعالى بكونه احدا ربما يتوهم منه ان احديته عدديه يلزمها ما يلزم الوحده العدديه، فقوله عليه السلام يدل على انه ليس له الا الوحدانيه المغايره لوحده العدد و المشاركه لها فى الاسم، و يحتمل ان يكون فى التعبير بالوحدانيه دون الواحديه اشاره الى ان العدد هنا ليس العدد الذى له الواحديه بل الذى له الوحدانيه فيكون مسمى بالعدد مجازا و المعنى اذا عد الموجودات كنت انت المتفرد من بينها انتهى. و قال بعض المحققين معنى هذه الفقره انه لا قيوم واجب بالذات الا انت او يكون معناه ان الوحده العدديه ظل الوحده الحقه الصرفه القيوميه فسبيل اللام فى قوله عليه السلام سبيلها فى قوله تعالى: (و له ما فى السموات و ما فى الارض) و لا يخفى بعد هذا التحقيق.
«و ملكه القدره»
تملكها و ضبطها و اعمالها و قيل من باب اضافه الصفه الى موصوفها فان الملكات هى الصفات او بيانيه.
010 28 «الصمد» الكامله القويه اذ الصمد لا جوف له و هو صفه للقدره اما من حيث انه يجوز وصف المذكر و المونث به و اما من حيث ان قدرته عين ذاته و الاول هو الاظهر.
011 28 «مرحوم فى عمره» اى فى مده عمره او انك رحمته و وهبت له عمره.
001 29
دعاوه عليه السلام اذا قتر عليه الرزق
001 29 «بسوء الظن»
الباء للسببيه و قيل هى صله للابتلاء يعنى انك رميتنا بسوء الظن فى ارزاقنا لتختبرنا و كذا فيما بعده و لا يخفى بعده، و سوء الظن بالله يرجع الى القنوط من رحمته بل هو عينه و قد عد من الكبائر كما عد نقيصه من اعظم الاعمال، روى عن الصادق عليه السلام انه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم ان آخر عبد يومر به الى النار فاذا امر به التفت فيقول الجبار جل جلاله ردوه فيردونه، فيقول له لم التفت الى؟ فيقول يا رب لم يكن بك ظنى هذا فيقول ما كان ظنك بى فيقول يا رب كان ظنى بك تغفر لى خطيئتى و تسكننى جنتك، قال فيقول الجبار يا ملائكتى لا و عزتى و جلالى و آلائى و علوى و ارتفاع مكانى ما ظن بى عبدى هذا ساعه من خير قط و لو ظن بى ساعه من خير ما روعته بالنار اجيزوا له كذبه و ادخلوه الجنه، ثم قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم ليس من عبد يظن بالله عز و جل خيرا الا كان عند ظنه به و ذلك قوله عز و جل: (و ذلك ظنكم بربكم ارداكم فاصبحتم من الخاسرين).
«و فى آجالنا بطول الامل» اى بسبب تطويل الامال ابتليتنا بالحرص على تاخير الاجل و زياده العمر و كونها للصله اظهر منه فيما تقدم.
«حتى التمسنا» لف و نشر مرتب.
«و طمعنا بامالنا فى اعمار المعمرين»
بان نعيش مثل ما عاشوا او بان تنضم اعمارهم الى اعمارنا و تكون لنا، و قيل انا
001 29 طمعنا بامور عظيمه يتوقف حصولها على اعمار المعمرين و هو كما ترى.
002 29 «تعفينا» تمنعنا.
003 29 «عدتك» مصدر بمعنى الوعد و هو اصله.
004 29 «الابر» الاصدق و يقال ابر قسمه اذا امضاه.
«و فى السماء رزقكم و ما توعدون»
اى ينزل اليكم من السماء اسباب رزقكم بارسال الغيث و المطر عليكم فيخرج به انواع ما تقتاتونه و تلبسونه و تنتفعون به، او ما توعدون من الثواب و العقاب، و قيل الجنه و النار، و قيل الجنه وحدها فانها فوق السماء و سقفها العرش، و هو المروى عن الرضا عليه السلام و به تندفع شبهه الاشاعره التى حدتهم على انكار وجود الجنه فى الدنيا حتى ذهبوا الى ان الله سيخلقها فى القيامه، و حاصلها انه تعالى قد وصفها بان عرضها كعرض السموات و الارض فلو كانت مخلوقه الان اين تكون؟ و الجواب ظاهر كما عرفت، و اما النار ففى بعض الاخبار ان مكانها تحت طبقات الارض السابعه و ما يشاهد من المياه الحاره فى رووس الجبال فهى من فيحها، و قد ورد النهى فى الحديث عن الاستتشفاء به كما تفعله العامه من الناس، و فى الاخبار المتضمنه لحكايه المعراج تصريح بانها فى السماء و لا منافاه بينهما لتعدد النيران كتعدد الجنان، و ستسمعه ان شاء الله تعالى فى الدعاء الثانى و الثلاثين.
005 29 «فو رب السماء انه لحق مثل ما انكم تنطقون»
اقسم سبحانه بنفسه ان ما ذكر من امر الرزق و الايات و ما قضى به فى الكتاب حق مثل نطقكم الذى تنطقون به فكما لا تشكون فى نطقكم فينبغى ايضا ان لا تشكوا بحصول ما وعدتم، قيل لما نزلت هذه الايه قالت الملائكه هلكت بنوآدم اغضبوا الرب حتى اقسم لهم على ارزاقهم، و قريب منه ما روى عن الاصمعى انه قال اقبلت من جامع البصره فطلع اعرابى فقال من الرجل؟ فقلت من بنى اصمع قال من اين اقبلت قلت من موضع يتلى فيه كلام الرحمن قال اتل على فتلوت و الذاريات فلما بلغت قوله فى السماء رزقكم قال حسبك فقام الى ناقته فنحرها و وزعها على من اقبل و ادبر و عمد الى سيفه و قوسه فكسرهما و ولى، فلما حججت مع الرشيد و طفقت اطوف فاذا انا بمن
005 29 يهتف بصوت رقيق فالتفت فاذا انا بالاعرابى قد نحل و اصفر فسلم على و استقرا السوره فلما بلغت الايه صاح و قال قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا، ثم قال و هل غير هذا فقرات، فو رب السماء و الارض انه لحق، فصاح و قال يا سبحان الله من ذا الذى اغضب الجليل حتى حلف، لم يصدقوه بقوله حتى الجاوه الى اليمين، قالها ثلاثا و خرجت معها نفسه، و قيل التشبيه باعتبار عدم العلم يعنى كما انكم لا تعلمون مواضع خروج النطق و كيفيه حصوله فكذلك الرزق، كما قال صلى الله عليه و آله و سلم آلى الله ان يجعل رزق المومن من حيث لا يحتسب، و قيل هو باعتبار الاحتياج و عدمه يعنى كما ان النطق يخرجه من مخارجه على قدر الاحتياج و الضروره فكذا الرزق، و قيل هو باعتبار الزياده و النقصان يعنى كما ان النطق يزيد و ينقص بمسبب بثه و الحرص عليه فكذا الرزق ينقص و يزيد بالانفاق منه و امساكه، فالنطق هنا عباره عن العلوم و المعارف و الاظهر هو الاول، و اما اعراب مثل فهى مرفوعه فى ش على انها صفه لحق و لا يضره الاضافه الى المعرفه لتوغلها فى الابهام، و منصوبه فى الاصل اما على انه اضيف الى مبنى فبنى كما بنى حين فى قوله:
على حين عاتبت المشيب على الصبا
او على انه جعل مع ما بمنزله كلمه واحده فبنيت على الفتح لذلك او على حال من المستتر فى الحق و هو العامل لانه من المصادر التى وصف بها.
001 30
دعاوه عليه السلام فى المعونه على قضاء الدين
من دين متعلق بالعافيه لانه مصدر.
001 30 «تخلق به وجهى»
تصيره كالخلق البالى فان الدين كما قاله عليه السلام مفكره بالليل مذله فى النهار قضاء فى الدنيا و الاخره، و لذا منع جماعه من الاصحاب منه لمن لم يكن له ما يقابله و قدموا عليه السوال بالكف، و اما الانبياء و الائمه عليهم السلام فانهم و ان ماتوا عن دين الا انهم كانوا قاطعين بادائه عنهم و مع هذا كان لهم ما يقابله اضعافا مضاعفه.
002 30 «كفاف»
و هو ما كف عن الناس و اغنى و لم يكن فيه فضل توسعه، و فى الحديث اللهم ارزق آل محمد الكفاف.
003 30 «و الازدياد» كالبيان لما قبله.
«و الاقتصاد» فى البذل و الامساك.
«مخيله» تكبرا و عجبا و قيل ظنا و ريبه ان لا يكون من حلال.
«اتعقب منه طغيانا»
يدعونى الى الطغيان كما قال تعالى (ان الانسان ليطغى ان رآه استغنى).
006 30 «خولتنى» اعطيتنى.
«من حطامها»
من الحطم بمعنى الكسر سمى ملاذ الدنيا لانكسارها و مسارعه الفناء اليها.
«بلغه»
و هو ما يتوصل به الى المقصود و يبلغ به اليه و كذا الوصله و الذريعه.
001 31
دعاوه عليه السلام فى ذكر التوبه و طلبها
و تحقيق الكلام فى التوبه يتوقف على بيان امور:
الاول: فى تحقيق معناها قال الاكثر هى المرجع و الندم على فعل الذنب لكونه ذنبا و العزم عدم العود اليه ابدا، و المفهوم من تصفح الاحاديث ان للتوبه درجات و ثوابت و فوائد مختلفه كالخلاص من الخلود فى النيران و كعدم دخولها راسا و كالوصول الى ادنى مراتب الجنان الى ان يترقى فيها اعاليها و على الفرد الكامل يحمل ما روى فى نهج البلاغه عن اميرالمومنين عليه السلام من ان قائلا بحضرته استغفر الله فقال له عليه السلام ثكلتك امك اتدرى ما الاستغفار! ان الاستغفار درجه العليين و هو اسم واقع على سته معان:
001 31 اولها الندم على ما مضى، الثانى العزم على ترك العود اليه ابدا، الثالث ان تودى الى المخلوقين حقوقهم حتى تلقى الله سبحانه املس ليس لاحد عليك تبعه، الرابع ان تعمد الى كل فريضه ضيعتها فتودى حقها، الخامس تعمد الى اللحم الذى نبت على السحت فتذيبه بالاحزان حتى يلصق الجلد بالعظم و ينشا بينهما لحم جديد، السادس ان تذيق الجسم الم الطاعه كما اذقته حلاوه المعصيه، و ما احسن قول فيض اهل العرفان انه لا يكفى المراه قطع الانفاس و الابخره المسوده لوجهها بل لا بد من تصقيلها و ازاله ما حصل فى جرمها من السواد كذلك لا يكفى فى جلاء القلب من ظلمات المعاصى و كدوراتها مجرد تركها و عدم العود اليها، بل يجب محو آثار تلك الظلمات بانوار الطاعات فانه كما يرتفع الى القلب كل معصيه بنور طاعه يضادها بان ينظر التائب الى سيئاته مفصله و يطلب لكل سيئه حسنه تقابلها فياتى بتلك الحسنه على قدر ما اتى بتلك السيئه فيكفر استماع الملاهى مثلا باستماع القرآن و الحديث و المسائل الدينيه، و يكفر من خط المصحف محدثا باكرامه و تقبيله و تلاوته و يكفر المكث فى المسجد جنبا بالاعتكاف فيه و كثره التعبد فى زواياه و امثال ذلك، و اما حقوق الناس فيخرج من مظالمهم اولا بردها عليهم و الاستحلال منهم ثم يقابل ايذاءه لهم بالاحسان اليهم و غصب اموالهم بالتصدق بماله الحلال و غيبتهم بالثناء على اهل الدين و اشاعه اوصافهم الحميده، و على هذا القياس يمحو كل سيئه من حقوق الله او من حقوق الناس بحسنه تقابلها من جنسها كما يعالج الطبيب الامراض باضدادها، و الى تعدد مراتبها و اختلاف فوائدها يشير ما روى عن الصادق عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم من تاب قبل موته بسنه قبل الله توبته، ثم قال ان السنه لكثير من تاب قبل موته بجمعه قبل الله توبته، ثم قال ان الجمعه لكثير من تاب قبل موته بيوم قبل الله توبته، ثم قال ان يوما لكثير من تاب قبل ان يعاين، قبل الله توبته، و فى الحديث المتفق عليه عن ابى سعيد الخدرى ان النبى صلى الله عليه و آله و سلم قال ممن كان قبلكم رجل قتل تسعا و تسعين نفسا فسال عن اعلم اهل الارض فدل على راهب فاتاه فقال له انه قتل تسعا و تسعين نفسا فهل له من توبه فقال لا، فقتله و كمل به مائه ثم سال عن اعلم اهل الارض فدل على رجل عالم فقال انه قتل مائه نفس فهل من توبه فقال نعم و من يحول بينك و بين التوبه انطلق الى ارض كذا و كذا فان بها اناسا يعبدون الله فاعبد الله معهم و لا ترجع الى ارضك
001 31 فانها ارض سوء فانطلق حتى اذا (بلغ) نصف الطريق فاتاه ملك الموت فقبض روحه فاختص فيه ملائكه الرحمن و ملائكه العذاب فقال ملائكه الرحمن جاء تائبا مقبلا و قالت ملائكه العذاب انه لم يعمل خيرا قط فاتاهم ملك فى صوره آدمى فجعلوه بينهم فقال قيسوا ما بين الارض فالى ايتهما كان ادنى فهو له فقاسوا فوجدوه ادنى الى الارض التى اراد فقبضته ملائكه الرحمه، و فى روايه و كان الى القريه اقرب فجعل من اهلها، و فى روايه و اوصى الله الى هذه ان تباعدى، و الى هذه ان تقربى و قال قيسوا ما بينهما فوجدوه الى هذه اقرب فغفر له.
الامر الثانى: فى وجوبها على الفور قال شيخنا البهائى (قده) لا ريب فى وجوبها على الفور فان الذنوب بمنزله السموم المضره للبدن و كما يجب على شارب السم المبادره الى الاستفراغ كذلك يجب على المذنب، و من سوفها فهو بين خطرين عظيمين:
احدهما: يعاجله الاجل فيحضره وقت الموت و ينسد عنه ابواب التلافى كما قال تعالى: (و حيل بينهم و بين ما يشتهون)، قال بعض المفسرين فى قوله من قبل ان ياتى احدكم الموت فيقول لو لا اخرتن، ان المحتضر يقول عند كشف الغطاء، يا ملك الموت اخرنى يوما اعتذر فيه الى ربى و اتوب اليه و اتزود صالحا فيقول فنيت الايام فيقول اخرنى ساعه فيقول فنيت الساعات فينغلق عنه باب التوبه و يغرغر بروحه الى النار و يتجرع غصه الياس و ربما اضطرب اصل ايمانه فى صدمات تلك الاهوال لما روى ان العديله تعدله من خالص الايمان الى محض الكفر.
و ثانيهما: ان تتراكم ظلمه المعاصى على قلبه الى ان يصير رينا و طبعا فلا يقبل المحو فان كل معصيه يفعلها الانسان يحصل منها ظلمه فى قلبه كما يحصل من نفس الانسان ظلمه فى المراه فاذا تراكمت ظلمه الذنوب صارت رينا كما يصير بخار النفس عند تراكمه على المراه صدا، فاذا تراكم الرين صار طبعا فلا يقبل الاصلاح حينئذ و قد يعبر عن هذا القلب بالقلب المنكوس و القلب الاسود، و عن الصادق عليه السلام كان ابى يقول ما من شى ء افسد للقلب من خطيئه، ان القلب ليواقع الخطيئه فلا يزال به حتى يغلب عليه فيصير اعلاه اسفله، و عن ابيه عليه السلام انه قال ما من عبد الا و فى قلبه نكته بيضاء فاذا اذنب ذنبا خرج فى النكته نكته سوداء فان تاب ذهب ذلك السواد و ان تمادى
001 31 فى الذنوب زاد ذلك السواد حتى يغطى البياض فاذا غطى البياض لم يرجع صاحبه الى خير ابدا و هو قول الله عز و جل (كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون) انتهى، اقول و عمل عليه ما ورد فى الرويات من ان اللواط و شارب الخمر لا تقبل توبتهم، و حاصله انهم لانهماكهم فى المعاصى و ارتكابهم لعظيم الذنوب انقلبت قلوبهم من مكانها الطبيعى بسبب احاطه السواد و الجرايم بها فصاروا بحيث لا يقدرون على التوبه المنوره لقلوبهم بل لو قال احدهم اتوب الى الله يكون مجرد تحريك لسان بلا موافقه من القلب فلا يوثر كما لا يوثر قول القائل كتب الكتاب فى كونه مكتوبا و قول القصار غسلت الثوب فى تصيره نقيا من الاوساخ بل ربما آل حال هذا الى التهاون و الاستهزاء باحكام الشريعه فيموت على غير المله، و ذهب بعضهم الى عدم وجوبها فورا لما روى عن زراره انه قال سمعت اباعبدالله عليه السلام انه قال من عمل سيئه اجل فيها سبع ساعات فان قال استغفر الله الذى لا اله الا هو الحى القيوم ثلاث مرات لم يكتب عليه، و هذا الاستدلال كما ترى لان هذا التاخير منه تفضلى لا استحقاقى بحكم قوله عليه السلام اذا كان جزائى فى اول ما عصيتك النار، فالاصح هو وجوب الفوريه و لو تركها المكلف فى اول وقت الامكان لكان ذلك الترك ذنبا يجب التوبه عنه، و تاخير التوبه عن هذا ايضا ذنب يجب التوبه عنه و هكذا الى ان يحصل اعداد من الذنوب لا تتناهى فى زمان متناه.
الامر الثالث: قد عرفت ان العزم على عدم العود من اعظم اجزائها فلو فعل ذلك الذنب ثانيا فهل تقبل توبته ثانيا ام لا، ذهب بعض الى الثانى لما روى من ان التائب عن الذنب و هو يفعله كالمستهزى ء بربه و الاصح هو الاول لروايه محمد بن مسلم فى الصحيح عن ابى جعفر عليه السلام قال يا محمد بن مسلم ذنوب المومن اذا تاب منها مغفوره له فليعمل المومن لما يستانف لما بعد المغفره و التوبه، اما و الله انها ليست الا لاهل الايمان، قلت فان عاد بعد التوبه و الاستغفار من الذنوب و عاد فى التوبه، فقال يا محمد بن مسلم اترى العبد المومن يندم على ذنبه و يستغفر منه و يتوب ثم لا يقبل الله توبته قلت فانه فعل ذلك مرارا يذهب ثم يتوب و يستغفر، فقال كلما عاد المومن بالاستغفار و التوبه عاد الله عليه بالمغفره و ان الله غفور رحيم يقبل التوبه و يعفو عن السيئات فاياك ان تقنط المومنين من رحمه الله، و قال عليه السلام ان الله يحب المومن المفتن التواب و من لا يكون ذلك منه كان افضل، و قول النبى صلى الله عليه و آله و سلم لمن قتلت ولدها
001 31 و اتته مستغفره و حق من روحى بيده لو قتلت كل يوم سبعين نبيا و تبت الى الله لتاب عليك، و اما ما استدل به على الاول فهو كما ترى.
الامر الرابع: فى قبولها للتجزى و عدمه، ذهب بعض الى الثانى و يويده ان الندم انما يعد توبه اذا كان لقبحه- و القبح عله مشتركه بين جميع الذنوب- فمن تاب عن ذنب و ارتكب غيره كان كاشفا عن كون تلك التوبه عنه لا لقبحه بل لعله اخرى لا يثاب عليها، و كذا الايات الوارده فى محبه الله تعالى لهم و ان من احبه الله لا يعذبه، و الظاهر من كثير من الاخبار هو الاول لان الداعى و العارف قد يدعو الى ترك ذنب و لا يدعو الى ترك غيره، و ان اردت تحقيق المقام فاستمع لما يتلى عليك، فنقول من قال ان التوبه لا يصح تجزيها ان عنى به ان ترك بعض الذنوب لا يفيد اصلا بل وجوده كعدمه فهذا خطا لان كثره الذنوب سبب لكثره العقاب كما ان قلتها سبب لقلته، و نقول لمن قال لا يصح ان اردت به ان التوبه عن بعض الذنوب توجب قبولا يوصل الى النجاه و الفوز كان هذا ايضا خطا فان الفوز كما عرفت انما هو بترك الجميع، و يقال فى دليل من قال لا يصح و هو ان التوبه عباره عن الندم و المعاصى كلها اوجاع و آلام فلا معنى لتوجعه من الم دون الم فان العله شامله لهما و لو جاز هذا لجاز ان يتوب من شرب الخمر من احد الدنين دون الاخر فان استحال ذلك من حيث ان المعصيه فى الخمرين واحد و انما الدنان ظروف فكذلك اعيان المعاصى آلات للمعصيه، و المعصيه من حيث مخالفه الامر واحد، فيقال على هذا ان التوبه من بعض الذنوب اما ان تكون عن الكباير دون الصغاير او عن الصغاير دون الكباير او عن كبيره دون كبيره.
اما الاول فممكن من جهه علمه باشديه عذابها كمن جنى على ابن السلطان و على دابته فانه يعلم ان الاول اشد جرما فيخاف منه اكثر و قد كثر التائبون فى الاعصار و ليس احد معصوما من الذنوب الا اهل العصمه عليهم السلام.
و اما الثانى فهو ممكن ايضا لان لذه نفسه فى الكبيره اشد من خوفه منها و اما الصغاير فليس له لذه نفس فيها فيكون خوفه منها اكثر من لذته بها.
و اما الثالث فجائز ايضا لاعتقاده ان بعض الكباير اشد من بعض و اغلظ عند الله تعالى.
001 31 «لا يصفه» بالكنه.
002 31 «لا يجاوزه رجاء الراجين»
يحتمل معان الاول: ان الخلايق اذا آيسوا فى آمالهم و مطالبهم من الناس رفعوها اليه فلا يتعدونه و لا يتجاوزونه، الثانى: ان الناس مختلفه الرجاء و الامال فبعضهم يرجو الجنه و يطلبها و بعضهم يطلب الخلاص من النار، و اما المقربون فلا يرجون و لا يطلبون الا رضاه كما اشار اليه اميرالمومنين عليه السلام فى الحديث المشهور. الثالث: ان الرجاء بالاخره منته اليه فكل من يرجى اذا اعطى فالمعطى الحقيقى هو الله سبحانه، و ساير الناس آلات و ادوات لايصال نعمه تعالى الى الخلايق.
الرابع: انه تعالى لا يخيب الراجين بل يقضى جوائجهم و ماربهم حتى لا يطلبوها من غيره.
004 31 «منتهى خوف العابدين»
اى انهم يخافونه اشد من كل شى ء، او انهم اذا خافوا من شى ء فهو خوف منه تعالى فان الخوف من النار و ما اعد الله فيها من العذاب الاليم انما هو منه تعالى، او انهم اذا خافوا من غيره و اتوا الى بابه ارتفع عنهم الخوف.
006 31 «تداولته ايدى الذنوب» تناقلته و تناوبته و لا يخفى ما فيه من حسن الاستعاره المكنيه و التخيليه و الترشحيه.
«استحوذ» غلب و استولى.
«تفريطا» حال او تمييز او مفعول مطلق من غير لفظ الفعل.
«و تعاطى ما نهيت عنه تغريرا» تناول منهياتك من جهه المخاطره و الغفله عن عاقبه الامر و فى بعض النسخ الصحيحه و تعامى عما نهيت عنه.
007 31 «بصر الهدى» الاضافه اما لاميه او بيانيه».
«فراى كبير عصيانه كبيرا»
يعنى انه راى العصيان الكبير فى الواقع الذى كان مستورا بالسحائب كبيرا فى
007 31 نظره عند رفع تلك الحجب و الموانع، و يجوز ان تكون الاضافه بيانيه، و فى ش بالثاء المثلثه و المعنى متقارب.
008 31 «و قصدك بخوفه» اى معه او بسببه او انزل خوفه بك.
«قد خلا طمعه من كل مطموع فيه غيرك» اى انه لا يطمع الا فيما لديك من المواهب او انه ليس له طمع الا فيك و فى قربك.
«و افرخ روعه» ذهب فزعه.
009 31 «فمثل» بالتخفيف، اى قام و بالتشديد اى مثل نفسه و صيرها شخصا ممثلا.
«و ابثك» كشفه لك.
«من ذنوبه» ما الطف من التبعيضيه فى هذا المقام فان مفادها ان عد جميع الذنوب متعذر لكثرتها.
«من عظيم ما وقع به فى علمك»
الظرف اعنى فى علمك متعلق بالوقوع و الباء للسببيه اى الذنوب التى اوقعته فى علمك و صار محيطا به و من جمله المذنبين فيه، و يجوز ان يكون ظرفا لعظيم، اى العظيم من الذنوب فى علمك الازلى او جزاء تلك الذنوب الذى قررته فى علمك و حينئذ فالعلم هنا بمعنى المعلوم.
«فى حكمك»
متعلق بفضحه و الحكم اما بمعنى المحكوم فان الدنيا و الاخره اللتين هما ظرف للفضيحه محكومتان له تعالى و هو الحاكم فيهما و عليهما، و اما بمعناه المصدرى و فى خ للسببيه اى الفضيحه بسبب حكمك عليه بالاساءه و الذنب و يجوز تعلق الظرف بقبيح و يزيد على تينك المعنيين كون الحكم هنا بمعنى الامر و النهى و فى خ و هو ابلغ من الاصل فان الحليم لا يفضح من اساء اليه الا اذا عظمت الاساءه و قبح الحلم عنها فان الحلم فى بعض المواضع سفه.
«تبعاتها» عقوباتها التابعه لها.
010 31 «لانك الرب الكريم»
السيد المالك و المربى لجميع الخلائق و المنعم عليهم فى الارزاق البدنيه و النفسيه و لا يدخل الالف و اللام على غيره سبحانه لانها للاستغراق، و الكريم الجواد المفضال او العزيز كقوله تعالى (انه لقرآن كريم) اى عزيز.
011 31 «متنجزا» طالبا لسرعه قضائه.
«اذ تقول ادعونى»
يحسن الوقف هنا على تقول و لذا يكتب عليها (ط) علامه الوقف المطلق فصلا بين كلام الخالق و المخلوق و ان ابيت الا الوصل فاقطع الهمزه و ان كانت للوصل لان به يحصل الفصل.
012 31 «باقرارى»
اى بالذنوب، و الكاف اما للتعليل او للتشبيه، و قيل المراد الاقرار بالوحدانيه، و هو كما ترى.
014 31 «من صغائر ذنوبى و كبائرها»
للعلماء فى الكبائر عشره اقوال: اولها انها ما توعد عليه العذاب فى الكتاب، و ثانيها انه كل ذنب يوذن بقله مبالاه فاعلها بالشريعه، و ثالثها انه كل ذنب رتب عليه الشارع حدا او صرح عليه بالوعيد، و رابعها انه كل ذنب علم حرمته بدليل قاطع من محكم الكتاب او متواتر السنه، و خامسها انه كل ما توعد عليه توعدا شديدا فى الكتاب او السنه، و سادسها انه سبع كبائر الشرك بالله، و قتل النفس التى حرم الله، و الزنى، و قذف المحصنه، و اكل مال اليتيم، و الفرار من الزحف، و عقوق الوالدين. و قد روى عن النبى صلى الله عليه و آله و سلم. و سابعها انها عشرون هذه السبعه مع ثلاثه عشر اخرى اللواط و السحر و الربا و الغيبه و اليمين الغموس و شهاده الزور و شرب الخمر و ترك احترام الكعبه و السرقه و نكث الصفقه و التعرب بعد الهجره و الياس من روح الله و الامن من مكر الله، و ثامنها انها اربعه و ثلاثون ما سبق مع اكل الميته و الدم و لحم الخنزير و ما اهل لغير الله بلا ضروره و السحت و القمار و البخس فى الكيل و الوزن و معاونه الظالمين و حبس الحقوق بلا عسر و الاسراف و التبذير و الخيانه و الاشتغال بالملاهى و الاصرار على
014 31 الذنوب، و قد رويت فى عيون الاخبار، و تاسعها و هو مذهب ابن مسعود انه كل ما نهى الله تعالى عنه فى سوره النساء، و عاشرها ان الذنوب كلها كبائر و كون بعضها صغيره انما بالاضافه الى ما هو اكبر منها، قال شيخنا الطبرسى (قدس سره) و هو الذى ذهب اليه اصحابنا الاماميه و هو موذن بالاتفاق الا ان الشهيد الثانى طاب ثراه صرح باختلاف اصحابنا فيه و هو الحق لوقوعها على طريق التقابل فى الايات و الاخبار و الادعيه.
«و بواطن سيئاتى و ظواهرها»
اى خواطر القلب، و ما ظهر على صفحات الجوارح، او ما صدر منى خفيه و ما صدر منى علانيه، و بهما فسر قوله تعالى: (ان تبدوا ما فى انفسكم او تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء و يعذب من يشاء).
015 31 «فى محكم كتابك»
آياته الطاهره المعنى، او الغير المنسوخه، او الكتاب المحكم المتقن الذى لا ياتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه.
«و اوجب لى محبتك كما شرطت»
اثبت و حقق محبتك لى لانك شرطت محبه التوابين و انا قد تبت اليك.
016 31 «مكروهك»
اى ما نهيت عنه نهى كراهه لان جنابه عليه السلام اجل من التلويث بالمحرمات و اما نحن فلا نقدر على ان يقصد منه هذا المعنى فانه قد ذهب جل اصحابنا على ان ترك المستحب مكروه لصدق تعريف ارباب الاصول عليه و قد عارضناهم و استدللنا على بطلان هذا المذهب فى كتابنا الموسوم بغايه المرام فى شرح تهذيب الاحكام و ذهبنا الى ان المكروه ما نهى عنه الشارع نهى كراهه لا ما اثبت على تركه، و لم تعاقب على فعله، و مع هذا فلا ينبغى ان نقصد من المكروه الا الحرام مع انه فى غايه الاشكال و الصعوبه.
018 31 «و علمك الذى لا ينسى»
كالبيان لما قبله و فى ش بضم الياء و كانه من النساء بمعنى التاخير، فيجوز ان يبقى على ظاهره فيكون اما من باب المجاز العقلى اى لا يفسر ما يتعلق به و اما ان
018 31 يكون العلم لمعنى المعلوم، و اعلم ان اكثر فقرات هذا الدعاء داله على ان من تاب عن ذنب الاولى به ان يجعله نصب عينه و لا ينساه، و قد وقع الخلاف بين المحققين من اهل العرفان فى ان الافضل هل هو نسيان الذنب او جعله نصب العين، و تحقيق المقام ان حضور الذنب و ذكره و التحزن عليه كمال فى حق المبتدى لانه اذا نسيه لم يكثر احتراقه فلا يقوى انبعاثه على سلوك الطريق و لانه يستخرج منه الحزن و الخوف الرادع على الرجوع الى مثله فهو بالاضافه الى الغافل كمال، و اما بالاضافه الى سالك الطريق فيمكن ان يقال انه نقصان لمانعيته عن سلوك الطريق لانه اذا ظهرت انواع المعرفه استغرقه ذلك و لم يبق فيه متسع الالتفات الى ما سبق من احواله، هكذا حقق المقام بعض المحققين، و الحق ان الظاهر من اطوار الانبياء و الائمه عليهم السلام هو الاول لبكائهم على ما نفى عليهم من الزلات و عدم نسيانهم حتى الممات.
«اقارف» اكتسب.
019 31 «بعصمه مانعه»
روى عن ابى جعفر عليه السلام قال: ان الله عز و جل اوحى الى دانيال عليه السلام ان رايت عبدى هذا دانيال فقل له انك عصيتنى فغفرت لك و عصيتنى فغفرت لك و عصيتنى فغفرت لك فان عصيتنى الرابعه لم اغفر لك، فاتاه داود عليه السلام فقال يا دانيال انى رسول الله اليك و هو يقول لك انك عصيتنى فغفرت لك و عصيتنى فغفرت لك و عصيتنى فغفرت لك فان عصيتنى الرابعه لم اغفر لك، فقال له دانيال قد بلغت يا نبى الله، فلما كان السحر قام دانيال فناجى ربه فقال يا رب ان داود نبيك اخبرنى عنك اننى عصيتك فغفرت لى و عصيتك فغفرت لى و عصيتك فغفرت لى و اخبرنى عنك اننى ان عصيتك الرابعه لن تغفر لى فوعزتك و جلالك ان لم تعصمنى لاعصينك ثم لاعصينك ثم لاعصينك ثم لاعصينك.
020 31 «و السلامه» فى ش بالنصب عطف على محل ما قبله.
«فيما بقى» من العمر و قيل فى القيامه.
021 31 «كنف رحمتك» ظلها او ناحيتها.
023 31 «بفنائك» اى بساحه باب عزك الواسعه.
024 31 «وعد» اى تكرم و تعطف.
025 31 «لا خفير» اى لا مجير.
026 31 «فما كل ما نطقت»
لما كان المناسب لعظيم الجرم هو السكوت تداركه عليه السلام بان هذا النطق انما هو لتحصيل الشفعاء الا انه من باب الجهاله و التعاطى عما وقع من الذنب.
«و لجات اليك فيه من التوبه»
من للبيان كسابقه اى لجات اليك بسببه و ذلك الشى ء هو التوبه، و قيل المعنى لجات اليك فى ان تحفظ توبتى من النقض و الهدم، و يجوز ان يكون المعنى و لجات اليك من التوبه من ذلك الذنب اى لطلب التوبه عنه.
«بسوء اثرى» قبح ما صدر منى.
027 31 «فوزتى» مصدر للمره بمعنى الفوز.
001 32
دعاوه عليه السلام بعد الفراغ من صلاه الليل
صلاه الليل فى الاخبار تطلق على ثلاثه معان، احدها الركعات الثمان، و ثانيها الاحدى عشر باضافه ركعتى الشفع و الوتر، و ثالثها الثلاثه عشر باضافه نافله الفجر، و جميع هذه الاحتمالات جاريه هنا و ان جزم شيخنا البهائى بالاخير.
001 32 «المتابد بالخلود»
بالنصب و الجر على الوصفيه للمضاف او المضاف اليه.
002 32 «و السلطان» صاحب التسلط او الحجه على الخلائق.
«الممتنع»
عن المغلوبيه و قيل الممتنع من مغلوبيه اوليائه بلا جنود بل هو الذاب المحامى عنهم كقوله عليه السلام و هزم الاحزاب وحده.
003 32 «و خوالى الاعوام» مواضيها من باب اضافه الصفه الى الموصوف.
005 32 «و استعلى» اى علا.
«سقطت الاشياء دون بلوغ امده»
المراد بالاشياء هنا العقول و آلات الادراك و الامد جاء بمعنى المسافه و بمعنى نهايتها و الاول ابلغ و ان كان الثانى هو الاظهر، و حاصله ان العقول و الاوهام قد كلت و حسرت قبل البلوغ او عند البلوغ الى مسافه عظمتك كقوله:
سافرت فيك العقول فما
ربحت الا اذى السفر
006 32 «استاثرت به» اخترته لنفسك.
007 32 «ضلت فيك الصفات»
اى ضاعت و عدمت فيكون اشاره الى سلب الصفات الزائده عن الذات كما قال عليه السلام و كمال توحيده نفى الصفات عنه، او يكون معناه ان الواصفين و ان وصفوك بكل ما قدروا عليه فهم لا يبلغون فيك غايه الا كان فوقها غايه، او ان الصفات تحيرت فيك حتى انه لا يقدر احد ان يصفك بصفه تناسب كمال جبروتك.
«و تفسخت دونك النعوت»
اى تقطعت و بطلت عند تصور عظمتك او قبله النعوت و الاوصاف، او يكون بمعنى ادون يعنى انه لا يطاق نعت من هو ادنى منك فكيف يطاق نعتك كقول ابى عبدالله عليه السلام لعاصم بن حميد و قد ساله عن الرويه ان الشمس جزء من سبعين جزءا من نور الكرسى و الكرسى جزء من سبعين جزءا من نور العرش و العرش جزء من سبعين جزءا من نور الحجاب و الحجاب جزء من سبعين جزءا من نور الستر فان كانوا صادقين فليملوا اعينهم من نور الشمس ليس دونها سحاب، و فى بعض النسخ اللغات موضع النعوت و هو محتمل ما فهمه الكلينى (قدس سره) فى قول اميرالمومنين عليه السلام كل (ما) دون صفاته تحبير اللغات، حيث قال نفى عليه السلام بهذه الفقره اقاويل المشبهه حيث شبهوه بالسبيكه و البلوره و غير ذلك من اقاويلهم من الطول و الاستواء.
«لطائف الاوهام» الاوهام اللطيفه الدقيقه و المراد بالاوهام ما يشمل العقول فان الفرق
007 32 اصطلاح طارى ء و يمكن اراده المصطلح بخصوصه، و تكون الفائده فى التخصيص الاشاره الى العقول لشرافتها و معرفتها بعدم الوصول لا تحوم حول السير اليه، و انما يفعله الوهم الذى من شانه اختراع ما لا حقيقه له و لا جود كانسان ذى راسين و جناحين و نحو ذلك.
008 32 «انت الله» مبتدا و خبر و قيل الله منادى.
009 32 «اسباب الوصلات»
جمع وصله و هو ما يتوصل به الى المطلوب و حاصله انه قد فاتنى الاسباب التى يتوصل بها الى السعادات الا السبب الذى هو رحمتك فانه لا يفوت لانه منك لا منا.
«عصم الامال» جمع عصمه و هى الوقايه و الحفظ.
010 32 «ابوء» ارجع و اقر.
011 32 «دون خبرك» اى عند علمك.
«و لا تنطوى» لا يخفى.
«غيبات» جمع غائبه.
012 32 «و استمهلك الى يوم الدين»
تلميح الى قوله تعالى: (انك من المنظرين الى يوم الوقت المعلوم)، جمهور المفسرين على انه يوم القيمه، و روى العياشى باسناده الى ابى عبدالله عليه السلام قال: سالته عن قول ابليس: (رب فانظرنى الى يوم يبعثون قال فانك من المنظرين الى يوم الوقت المعلوم) قال له وهب: جعلت فداك اى يوم هو؟ قال: يا وهب اتحسب انه يوم يبعث الله فيه الناس ان الله انظره الى يوم يبعث فيه قائمنا، كان فى مسجد الكوفه و جاء ابليس حتى يجثو بين يديه على ركبته فيقول يا ويله من هذا اليوم فياخذ ناصيته فيضرب عنقه فذلك يوم الوقت المعلوم، و قال عليه السلام اذا كان يوم الوقت المعلوم ظهر ابليس فى جميع اشياعه منذ خلق الله آدم الى يوم الوقت المعلوم و هو آخر كره يكرها اميرالمومنين عليه السلام قلت و لهذا كرات قال نعم انها لكرات و كرات ما من امام فى قرن الا و يكر معه البر و الفاجر فى دهره حتى يديل الله المومن على الكافر فاذا كان يوم الوقت المعلوم كر اميرالمومنين عليه السلام فى اصحابه و جاء ابليس فى اصحابه و يكون
012 32 ميقاتهم فى ارض من ارض الفرات يقال له الروحا قريب من كوفتكم فيقتتلون قتالا لم يقتتل مثله منذ خلق الله عز و جل العالمين و كانى انظر الى اصحاب اميرالمومنين عليه السلام قد رجعوا الى خلفهم القهقرى منه و كانى انظر اليهم و قد وقعت ارجلهم فى الفرات فعند ذلك يهبط الجبار عز و جل فى ظلل من الغمام و الملائكه و قضى الامر و رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم امامه بيده حربه من نور فاذا نظر اليه ابليس رجع القهقرى اركاضا على عقبيه فيقول له اصحابه اين تريد و قد ظفرت فيقول انى ارى ما لا ترون انى اخاف الله رب العالمين فيلحقه النبى صلى الله عليه و آله و سلم فيطعنه طعنه بين كتفيه فيكون هلاكه و هلاك جميع اشياعه فعند ذلك يعبد الله و لا يشرك به شى ء و يملك اميرالمومنين عليه السلام اربعا و اربعين الف سنه حتى يلد الرجل من شيعه على عليه السلام الف ولد من صلبه ذكرا، فى كل سنه ذكرا، و عند ذلك تظهر الجنتان المدهامتان عند مسجد الكوفه و ما حوله بما شاء الله، و اما سبب امهاله فهو قول الصادق عليه السلام انه عبدالله سبحانه فى السماء سته آلاف سنه و كان انظار الله اياه الى يوم الوقت المعلوم بما سبق من العباده.
013 32 «فاوقعنى»
حذف المفعول للتعميم و لتذهب نفس السامع كل مذهب ممكن او للعلم به.
«حتى اذا قارفت معصيتك»
ليس هو غايه لقوله قد هربت بل هو متعلق بما قبله و هو قوله فاوقعنى فيكون بيانا و تفصيلا لكيفيه ايقاعه و ما ترتب عليه و قوله و قد هربت اليك جمله حاليه اعترضت بين الغايه و المغيا، فان قلت ما فائده الاعتراض بها قلت فيه فوائد، منها الاشاره الى ان صرعته لى ليس فى حال انهماكى فى المعاصى و الغفله عن جنابك حتى اكون مطبوعا على قلبى لا استاهل منك ان ترفعنى عن صرعته بل اوقعنى فى حال توجهى الى بابك، و ثانيها ان يكون من باب استنهاض الجليل عز شانه على تخليصه من الصرعه العظيمه فيكون معناه انه قطع بى الطريق الى حماك و سلبنى بضاعه الاعمال و الغيور من الناس لا يرضى لوافده الوارد عليه ان يقطع عليه الطريق قبل الوصول اليه، و منها الاشاره الى شده بطشه و ان هذا شانه مع القاصدين اليك فكيف حاله مع غيرهم فيكون حاصله ان مقاومته و المعارضه معه لا تطاق الا باستظهارك و منحك الالطاف.
013 32 «فتل عنى عذار غدره»
فتل بمعنى صرف و العذار ما يقطع على خد الفرس من اللجام و الرسن، و الكلام استعاره مكنيه مرشحه بترشحين، و يجوز ان يكون احدهما استعاره تخييليه و المعنى ان الشيطان بعد ان اوقعنى فى الذنوب صرف عنى عنان فرسه و تولى لاضلال غيرى، و قيل فيه وجوه كلها ظاهره البطلان.
«و تلقانى بكلمه كفره و تولى البراءه منى»
اشاره الى ما حكاه سبحانه عنه بقوله تعالى: كمثل الشيطان اذ قال للانسان اكفر فلما كفر قال انى برى ء منك.
«فاصحرنى» اخرجنى الى الصحراء و حقيقه معناه جعلنى تائها فى بيداء الضلال.
014 32 «و لا خفير يومننى عليك»
اى لا محام و ممانع يعطى الامان من العذاب على جنابك او حال كونه مستعليا عليك.
017 32 «و لا استشهد على صيامى نهارا»
نصب نهارا اما على المفعوليه لاستشهد او للصيام و مفعول الفعل محذوف، اى لا استشهد الملائكه او الرسل على انى صمت نهارا، و قد عرفت شهاده الايام فيما تقدم، و حاصل معناه انه لا صوم لى فاستشهد به و لا منجد لى فاستجير به و هذا مقام رعايه التاديب.
«و لا تثنى على باحيائها سنه»
من الثناء و هو المدح او من الثنى و هو الميل كما قيل.
«حاشا فروضك»
استثناء منقطع و جر فروض و نصبه على حرفيه حاشا و فعليتها.
018 32 «من وظائف فروضك»
آدابها و شرائط قبولها، و ان جعلت الاضافه للبيان فاحمل قوله عليه السلام حاشا فروضك على عدم الترك راسا و كلا.
018 32 «مقامات حدودك» الاضافه اما لاميه او بيانيه.
«انتهكتها» بالغت فى كسبها.
«اجترحتها» اكتسبتها.
«كانت عافيتك لى من فضائحها سترا»
قيل الانسب فى بادى النظر كان سترك لى من فضائحها عافيه، اقول بل الصواب هو ما عبر به عليه السلام و ذلك ان ماده صروف العافيه داله على المحو و الاندراس يقال عفت الريح الرسوم محتها، و يقال له عز شانه العفو لمحوه الذنوب، و العافيه لمحوها الاوجاع، و هى مصدر او اسمه، كالكاذبه بمعنى الكذوب. و من ثم قال المحققون من شراح الاسماء الحسنى ان اللطف فى العفو اشد منه فى الغفور، لانه من الغفر بمعنى الستر، فالغافر هو الساتر للذنوب و الستر لا يستلزم العفو و المحو لانه قد يستر و لا يمحى الذنوب بل يكشف عنها وقتا آخر كما سياتى فى قوله عليه السلام و لا تكشف عن ستر استرته على رووس الاشهاد، فالستر اعم من العفو و فى قانون الحمل لا يجوز ان يكون المحمول اخص من الموضوع. فكانه قال كان محو ذلك الذنب سترا لى و هو اقوى الستور.
020 32 «وعد على بعائده رحمتك»
تكرم على بمكرمتها و منفعتها.
021 32 «بحضره الاكفاء» بحضور الامثال و الاشباه.
«اكاتمه» اكتمه.
«و احتشم منه فى سريراتى»
اى استحى من اطلاعه على خفيات حالى.
023 32 «مهينا» محقرا.
«حرج المسالك» ضيقها.
«نطفه ثم علقه»
نصب النطفه و ما عطف عليها اما على حكايه ما وقع فى القرآن او على تقدير
023 32 فعل كخلقتنى، و النطفه من النطف بمعنى الصب لانها تصب فى الرحم و العلقه قطعه جامده من الدم و هى اول ما تستحيل اليه النطفه.
«ثم مضغه»
اى قطعه من اللحم و هى فى الاصل بقدر ما يمضغ.
«ثم عظاما»
بتصلب بعض اجزاء المضغه و الاتيان بصيغه الجمع لاختلاف العظام فى الهيئه و الصلابه.
«ثم كسوت العظام لحما»
اما مما بقى من المضغه او لحما جديدا.
«ثم انشاتنى خلقا آخر»
و هو صوره البدن و نفخ الروح فيه، و هذا اشاره الى قوله تعالى: (و لقد خلقنا الانسان من سلاله من طين ثم جعلناه نطفه فى قرار مكين ثم خلقنا النطفه علقه فخلقنا العلقه مضغه فخلقنا المضغه عظاما فكسونا العظام لحما ثم انشاناه خلقا آخر فتبارك الله احسن الخالقين)، و تفصيل ابتداء الخلق الى الكمال ما روى عنهم عليهم السلام من ان الله تعالى اذا اراد ان يخلق النطفه التى اخذ عليها الميثاق فى صلب آدم اوقعها فى الرحم و بعث ملكا فاخذ من التربه التى يدفن فيها فماثها فى النطفه فلا يزال قلبه يحن اليها فيكون اربعين يوما نطفه ثم تصير علقه اربعين يوما ثم تصير مضغه اربعين يوما فاذا كمل اربعه اشهر بعث الله ملكين خلاقين فيقتحمان فى بطن المراه من فم المراه فيصلان الى الرحم و فيها الروح القديمه المنقوله فى اصلاب الرجال و ارحام النساء فينفخان فيها روح الحياه و البقاء و يشقان له السمع و البصر و سائر الجوارح ثم يوحى الى الملكين اكتبا عليه قضائى و قدرى و اشترطا لى البدا فيما تكتبان فيرفعان رووسهما فاذا اللوح يقرع جبهته و فيه صورته و رويته و اجله و ميثاقه شقيا او سعيدا و جميع شانه فيملى احدهما على صاحبه فيكتبان جميع ما فى اللوح و يختمان الكتاب و يجعلانه بين عينيه ثم يقيمانه قائما فى بطن امه و ربما عتا فانقلب و لا يكون الا فى عات او مارد فاذا بلغ اوان خروجه تاما او غير تام اوحى الله الى ملك يقال له زاجر فيزجره زجره يفزع
023 32 منها فينقلب فيخرج باكيا من الزجره و ينسى الميثاق، و عن ابى جعفر عليه السلام ان النطفه تتردد فى بطن المراه تسعه ايام فى كل عرق و مفصل منها و للرحم ثلاثه اقفال قفل فى اعلاها مما يلى اعلى السره من الجانب الايمن و القفل الاخر وسطها و القفل الاخر اسفل الرحم فيوضع بعد تسعه ايام فى القفل الاعلى فيمكث فيه ثلاثه اشهر فعند ذلك يصيب المراه خبث النفاس و التهوع ثم ينزل الى القفل الاوسط فيمكث فيه ثلاثه اشهر و سره الصبى فيها مجمع العروق عروق المراه كلها منها طعامه و شرابه من تلك العروق ثم ينزل الى القفل الاسفل فيمكث فيه ثلاثه اشهر فذلك تسعه اشهر ثم تطلق المراه فكلما طلقت انقطع عرق من سره الصبى فاصابها ذلك الوجع و يده على سرته حتى يقع على الارض و يده مبسوطه، اقول فى هذا الحديث دلاله على انه يخرج مبسوط اليد و فى غيره من الاخبار انها تخرج مقبوضه و من ثم قال مولانا اميرالمومنين عليه السلام:
و فى قبض كف الطفل عند ولاده
دليل على الحرص المركب فى الحى
و فى بسطها عند الممات مواعظ
الا فانظرونى قد خرجت بلا شى ء
و دفع التناقض بما هو المشاهد من القبض بعد البسط فيكون ذلك البسط خوفا من زجره الملك لان الاعضاء تسترخى حال الخوف.
024 32 «من فضل طعام»
الفضل بمعنى الفضله و المراد به هنا دم الحيض فان بعضه يصير غذاء للحمل ما دام فى الرحم و بعضه يصعد الى الثديين و يستحيل لبنا ليصير غذاء له اذا خرج .
025 32 «تضطرنى» تلجانى.
026 32 «البر اللطيف» الانسان صاحب الشفقه او الغذاء الحسن النفيس.
027 32 «ملكته» تملكه اياى و استرقاقه لى.
028 32 «تقنعنى بتقديرك لى»
اى تصيرنى قانعا بما قدرت لى و خلقته لاجلى.
«ما ذهب من جسمى و عمرى فى سبيل طاعتك»
بان تبدل الذنوب التى اكتسبتها فى ذلك العمر بذلك الجسم بالحسنات كقوله
028 32 تعالى: (اولئك الذين يبدل الله سيئاتهم حسنات)، و يجوز ان يكون الماضى بمعنى المستقبل و تكون نكته العدول التحقق و الوقوع.
029 32 «تغلظت» تشددت.
«صدف» اعرض.
«نورها ظلمه»
روى عن ابى عبدالله عليه السلام انه قال له رجل خوفنى يابن رسول الله فان قلبى قد قسا، فقال استعد للحياه الطويله فان جبرئيل عليه السلام جاء الى رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم و هو قاطب و قد كان يجى ء و هو مبتسم فقال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم يا جبرائيل جئتنى اليوم قاطبا فقال يا محمد قد وضعت منافخ النار فقال و ما منافخ النار يا جبرئيل فقال يا محمد ان الله عز و جل امر بالنار فنفخ عليها الف عام حتى ابيضت ثم نفخ عليها الف عام حتى احمرت ثم نفخ عليها الف عام حتى اسودت فهى سوداء مظلمه لو ان قطره من الضريع قطر فى شراب اهل الدنيا لمات اهلها من نتنها.
«ياكل بعضها بعض»
لما روى من ان واد فى جهنم يسمى بالفلق يوقد عليه الف سنه لم يتنفس فاذا تنفس احرق جميع النيران.
«و يصول بعضها على بعض»
اى يحمل و فى خ و يصول بعضها بعضا و كانه بتضمين معنى يغلب و نحوه.
030 32 «تذر العظام رميما» تترك العظام باليه.
«حميما» ماء شديد الحراره.
«النكال» العقوبه، و قال الهروى النكال القيد الثقيل.
«الوبال» سوء العاقبه.
031 32 «الفاغره افواهها»
الفاتحتها و جر الافواه على اضافه الصفه الى مفعولها و بالرفع على الفاعليه،
031 32 روى ان فيها العقارب كالبغال المعلقه يلسعن احدهم فيجد حموتها اربعين خريفا .
«و حياتها الصالقه بانيابها»
صلق كضرب وزنا و معنى، روى ان لجهنم سبعه ابواب على كل باب سبعون الف جبل فى كل جبل سبعون شعبا فى كل شعب سبعون واد فى كل واد سبعون الف شق فى كل شق سبعون الف بيت فى كل بيت سبعون الف حيه طول كل حيه مسيره ثلاثه ايام انيابها كالنخل الطوال تاتى ابن آدم فتاخذ باشفار عينيه و شفتيه فيكشط كل لحم على عظمه و هو ينظر فهرب منها فيقع فى نهر من انهار جهنم يذهب بسبعين خريفا.
«امعاء»
جمع معا بالكسر و القصر و هو ما ينتقل اليه الطعام بعد المعده، قيل و لعل المراد هنا ما يشمل المعده، اذا تحققت هذا كله فاعلم ان الاوصاف السابقه كلها يجوز ان تكون من باب تعدد الاوصاف لموصوف واحد و يجوز ان تكون اشاره الى تعدد الموصوف، قال ابوجعفر عليه السلام ان الله جعل للنار سبع درجات، اعلاها الجحيم يقوم اهلها على الصفا منها تغلى ادمغتهم كغلى القدور بما فيها، و الثانيه لظى نزاعه للشوى تدعو من ادبر و تولى و جمع فاوعى، و الثالثه سقر لا تبقى و لا تذر لواحه للبشر عليها تسعه عشر، الرابعه الحطمه و منها يثور شرر كالقصر كانه جمالات صفر تدق من صار اليها مثل الكحل فلا تموت الروح كلما صار مثل الكحل عاد، و الخامسه الهاويه تدعو اهلها يا مالك اغثنا فاذا اغاثهم جعل لهم آنيه من صفر من نار فيها صديد ماء يسيل من جلودهم كانه مهل فاذا اخذوه ليشربوا منه تساقط لحم وجوههم من شده حرها و هو قول الله عز و جل (و ان يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوى الوجوه بئس الشراب و ساءت مرتفقا)، و من هوى فيها سبعين عاما فى النار كلما احترق جلده بدل جلدا غيره، و السادسه هى السعير فيها ثلاثمائه سرادق من نار فى كل سرادق ثلاثمائه قصر من نار فى كل قصر ثلثمائه بيت من نار فى كل بيت ثلاثمائه لون من العذاب من غير عذاب النار فيها حيات من نار و عقارب من نار و جوامع من نار و سلاسل من نار و اغلال من نار و هو الذى يقوله الله: (انا اعتدنا للكافرين سلاسلا و اغلالا و سعيرا)، و السابعه جهنم و فيها الفلق و هو جب فى جهنم اذا فتح اسعر النار سعرا و هو اشد النار عذابا، و اما سعود فجبل من صفرين نار وسط جهنم، و روى عن على عليه السلام ان
031 32 النيران بعضها فوق بعض فاسفلها جهنم و فوقها لظى و فوقها الحطمه و فوقها سقر و فوقها الجحيم و فوقها السعير و فوقها الهاويه، و حينئذ فقوله اعلاها الجحيم يمكن ان يراد به العلو فى الرتبه.
034 32 «تشحن» تملا من باب معامله المعقول معامله المحسوس.
035 32 «حتى يرضى» اشاره (الى) (و لسوف يعطيك ربك فترضى) و فى الحديث بشانها ارجى آيه فى القرآن لانه لا يرضى و واحد من امته فى النار.
001 33
دعاوه عليه السلام فى الاستخاره
الاستخاره طلب الخير من الله تعالى فى سائر الامور و لها افراد كثيره، منها ما روى عن ابى عبدالله عليه السلام قال اذا اراد احدكم امرا فلا يشاور فيه احدا من الناس حتى يبدا فيشاور الله تبارك و تعالى، قال قلت و ما مشاوره الله تبارك و تعالى جعلت فداك؟ قال تبدا فتستخير الله فيه اولا ثم تشاور فيه فانه اذا بدا بالله تبارك و تعالى اجرى له الخيره على لسان من يشاء من الخلق، و منها ما رواه القسرى قال سالت اباعبدالله عليه السلام عن الاستخاره فقال استخر الله فى آخر ركعه من صلاه الليل و انت ساجد مائه مره و مره قال كيف اقول؟ قال تقول استخير الله برحمته و هو مفسر للاستخاره فى الحديث السابق، و منها ما رواه حماد الناب عنه عليه السلام انه قال فى الاستخاره ان يستخير الله تعالى الرجل فى آخر ركعه من ركعتى الفجر مائه مره و مره و يحمد الله و يصلى على النبى و آله ثم يستخير الله خمسين مره ثم يحمد الله و يصلى على النبى و آله و تتم المائه و الواحده، و منها ما روى عنه عليه السلام اذا اراد شراء العبد او الدابه او الحاجه الخفيفه او الشى ء اليسير استخار الله عز و جل فيه سبع مرات فاذا كان امرا جسيما استخار الله عز و جل فيه مائه مره.
و منها ما رواه ميسره عنه عليه السلام انه قال ما استخار الله عبد سبعين مره بهذه الاستخاره الا رماه الله بالخيره يقول يا ابصر الناظرين و يا اسمع السامعين و يا اسرع الحاسبين و يا ارحم الراحمين و يا احكم الحاكمين صل على محمد و آل محمد وخر لى
001 33 فى كذا و كذا، و منها ما روى عن ابى جعفر عليه السلام قال: كان على بن الحسين عليهماالسلام اذا هم بامر حج او عمره و بيع او شراء او عتق تطهر ثم صلى ركعتى الاستخاره يقرا فيهما سوره الحشر و سوره الرحمن ثم يقرا المعوذتين و قل هو الله احد ثم يقول اللهم ان كان كذا و كذا خيرا لى فى دينى و دنياى و آخرتى و عاجل امرى و آجله فيسره لى على احسن الوجوه و اجملها، اللهم و ان كان كذا و كذا شرا لى فى دينى و دنياى و آخرتى و عاجل امرى و آجله فاصرفه عنى على احسن الوجوه رب اعزم لى على رشدى و ان كرهت ذلك او ابته نفسى، و منها ما روى انه سال الحسن بن جهم اباالحسن عليه السلام لابن اسباط فقال له ما ترى و ابن اسباط حاضر و نحن جميعا نركب البر او البحر الى مصر و اخبره بخبر طريق البر فقال فات المسجد فى غير صلاه فريضه فصل ركعتين و استخر الله مائه مره ثم انظر اى شى ء يقع فى قلبك فاعمل به.
و منها ما روى عن ابى عبدالله عليه السلام قال اذا اردت امرا فخذ ست رقاع فاكتب فى ثلاث منها بسم الله الرحمن الرحيم خيره من الله العزيز الكريم لفلان بن فلانه افعله، و فى ثلاث منها بسم الله الرحمن الرحيم خيره من الله العزيز الحكيم لفلان بن فلانه لا تفعله، ثم ضعها تحت مصلاك ثم صل ركعتين فاذا فرغت فاسجد سجده و قل فيها مائه مره استخير الله برحمته خيره فى عافيه ثم استو جالسا و قل اللهم خرلى فى جميع امورى فى يسر منك و عافيه ثم اضرب بيدك الى الرقاع وشوشها و اخرج واحده فان خرج ثلاث متواليات افعل فافعل الامر الذى تريده و ان خرج ثلاث مرات لا تفعل فلا تفعل و ان خرجت واحده افعل و الاخرى لا تفعل فاخرج من الرقاع الى خمس ودع السادسه لا تحتاج اليها، و منها ما روى عنه عليه السلام انه قال لبعض اصحابه و قد ساله عن الامر يمضى فيه و لا يجد احدا يشاوره فكيف يصنع قال: شاور ربك قال فقال له كيف قال انو الحاجه فى نفسك و اكتب رقعتين فى واحده لا، و فى واحده نعم و اجعلها فى بندقتين من الطين ثم صل ركعتين و اجعلهما تحت ذيلك و قل يا الله انى اشاورك فى امرى هذا و انت خير مستشار و مشير فاشر على بما فيه صلاح و حسن عاقبه ثم ادخل يدك فان كان فيها نعم فافعل و ان كان فيها لا، لا تفعل. هكذا شاور ربك.
و منها الاستخاره بالسبحه و هى مرويه عن صاحب الامر عليه السلام و هى ان تقرا الفاتحه عشرا و اقله ثلاث و دونه مره ثم تقرا القدر عشرا ثم تقول هذا الدعاء ثلاثا اللهم انى استخيرك لعلمك بعاقبه الامور و استشيرك لحسن ظنى بك فى المامول و المحذور
001 33 اللهم ان كان الامر الفلانى مما نيطت بالبركه اعجازه و هواديه و حفت بالكرامه ايامه و لياليه فخر لى اللهم فيه خيره ترد صعوبه ذلولا و تقضى ايامه سرورا اللهم اما امر فائتمر و اما نهى فانتهى اللهم انى استخيرك برحمتك فى عافيه ثم يقبض على قطعه من السبحه و يضمر حاجته فان كان عدد تلك القطعه فردا فليفعل و ان كان زوجا فليترك و فى بعض الاخبار ياخذ كفا من الحصا او سبحه.
و منها الاستخاره بالقرآن روى اليسع القمى قال قلت لابى عبدالله عليه السلام اريد الشى ء فاستخير الله فيه فلا يوفق فيه الراى افعله او ادعه فقال انظر اذا قمت الى الصلاه فان الشيطان ابعد ما يكون من الانسان اذا قام الى الصلاه و اى شى ء وقع فى قلبك فخذ به او افتح المصحف فانظر الى اول ما ترى فيه فخذ به ان شاءالله تعالى، و منها الاستخاره بهذه الكيفيه الا انها ليست مقيده بوقت الصلاه و هى المعروفه فى هذا الزمان و قد نقلها الشيخ الكفعمى و غيره بلا مستند، و منها ان تفتح القرآن و تعد الجلالات التى فى الصفحه اليمنى و تعد مثلها من الاوراق و تعد مثل الاوراق سطورا من الصفحه اليسرى و تنظر ما فى اول السطر الاخير و تعمل به و ان لم يوجد جلاله فبعضهم على الاعاده و بعضهم على ترك ذلك الفعل، و هذه الاستخاره قد نقلها مشايخنا عن الشيخ البهائى (قدس سره) و لم نر لها فى الاخبار عينا و لا اثرا.
و منها ما ذكره العابد ابن طاووس فى كتاب الاستخارات من ان التفال بالمصحف ان تقرا الحمد و آيه الكرسى و قوله (و عنده مفاتح الغيب) الايه، ثم تقول اللهم ان كان فى قضائك و قدرك ان تمن على امه نبيك بظهور و ليك و ابن بنت نبيك فعجل ذلك و سهله و يسره و اكمله و اخرج لى آيه استدل بها على امر فائتمر او نهى فانتهى او ما اريد كما يقال فيه عافيه فيه ثم افتح المصحف وعد سبع قوائم وعد ما فى صفحه اليمين من الورقه السابعه و ما فى اليسرى من الورقه الثامنه من لفظ الجلاله ثم عد قوائم بعدد الجلالات ثم عد من الصفحه اليمنى من القائمه التى ينتهى اليها العدد بعدد لفظ الجلاله و يتفال باخر سطر من ذلك يتبين الفال ان شاءالله تعالى، و قد بقى لها افراد كثيره ذكرها الزاهد ابن طاووس فى كتاب الاستخارات و الظاهر ان هذا الدعاء منه عليه السلام هو عين الاستخاره و اكمل افرادها.
001 33 «استخيرك بعلمك» اى اطلب منك ان تجعل الخير فى امرى بسبب علمك به.
002 33 «و التسليم»
بالجر عطف على الرضا و فى نسخه الكفعمى بالنصب على ان واوه للمعيه و اما عطفه على الذريعه كما قيل فلا يخفى ما فيه.
«ريب الارتياب»
الاضافه اما بيانيه او لاميه اى غايته و ما يترتب عليه من الفساد و حاصله ارفع عنا تهمه الشك حتى لا نشك فى قضائك.
003 33 «و لا تسمنا»
اى لا تجعله سمه لنا اى علامه يعنى لا تجعل عجز المعرفه و ضعفها علامه لنا و بضم السين فى بعض النسخ بمعنى لا تورده علينا من قوله تعالى: (يسومونكم سوء العذاب).
«عجز المعرفه» الاضافه بمعنى فى او لاميه.
«فنغمط قدرك»
نغمط من باب ضرب و سمع و قدر بالفتح و السكون و المعنى على الاول لا نشكره و لا نرضاه و على الثانى نستحقره و لا نوفيه حق اجلاله و تعظيمه.
001 34
دعاوه عليه السلام اذا ابتلى او راى مبتلى بفضيحه بذنب
001 34 «و معافاتك بعد خبرك»
المعافاه ان يعافيك الله من الناس و يعافيهم منك و الخبر بالضم: العلم.
«العائبه» الخصله التى توجب لصاحبها العيب.
«و تستر بالمساوى»
اى تستر حال كونه متلبسا بالقبائح و السيئات، عافيتك عدم مواخذتك.
002 34 «وردما» اى سدا.
003 34 «الدخيله» و هى ما داخلك من فساد فى عقل او جسم.
001 35 دعاوه عليه السلام فى الرضا اذا نظر الى اصحاب الدنيا
ماخوذه من الدنو و هو القرب لقربها و بعد الاخره عنها و هو المروى عن على عليه السلام، و الدنيا عباره عما يبعد عن الله تعالى كصلاه الرياء و نحوها، لا انها عباره عن الاموال و الاولاد و الاعوان و الملك و السلطنه فانها قد تكون عين الاخره، و منها تحصيلها و ان بعدت عن الله تعالى فهى دنيا. و قال اميرالمومنين عليه السلام و قد سمع رجلا يذم الدنيا فقال ايها الذام للدنيا المنخدع باباطيلها المغتر بغرورها بم تذمها انت المتجرم عليها ام هى المتجرمه عليك متى استهوتك ام متى غرتك ابمصارع آباءك من البلى ام بمضاجع امهاتك تحت الثرى كم عللت بكفيك و مرضت بيديك تبغى لهم الشفاء و تستوصف لهم الاطباء لم ينفع احدهم اشفاقك و لم تسعف فيه بطلبتك و لم تدفع عنه بقوتك قد مثلت لك به الدنيا نفسك و بمصرعه مصرعك. ان الدنيا دار صدق لمن صدقها و دار عافيه لمن فهم عنها و دار غنى لمن تزود منها و دار موعظه لمن اتعظ بها. مسجد احباء الله و مصلى ملائكه الله و مهبط وحى الله و متجر اولياء الله اكتسبوا فيها الرحمه و ربحوا فيها الجنه فمن ذا يذمها و قد آذنت ببينها و نادت بفراقها و نعت نفسها و اهلها فمثلت لهم ببلائها البلاء و شوقتهم بسرورها الى السرور و راحت بعافيه و ابتكرت بفجيعه ترغيبا و ترهيبا و تخويفا و تحذيرا فذمها رجال غداه الندامه و حمدها آخرون يوم القيامه ذكرتهم الدنيا فذكروا و حدثتهم فصدقوا و وعظتهم فاتعظوا، و قد ذكرنا فى هذا المقام تحقيقات شريفه فى شرحنا الكبير على هذه الصحيفه.
001 35 «رضى بحكم الله»
اى لاجل الرضا او لاجل تحصيله او على الرضا او ان رضاى بحكمه هو الذى حكم على بالرضا فى القضاء فلذلك رضيت.
«و اخذ على جميع خلقه بالفضل»
اى اخذ عليهم و كلفهم بان يتفضل بعضهم على بعض او انه اخذ عليهم و جازاهم بالتفضل لا بالاستحقاق، و فى ش بالصاد المهمله و هو الحق من القول الفاصل بين الحق و الباطل.
002 35 «و لا تفتنهم»
حتى يقولوا انما منع الخير لحقارته على الله تعالى او انهم يطفون بسبب ما انعمت عليهم و حرمتنى.
«و اغمط حكمك» لا اشكره.
003 35 «و وسع بمواقع حكمك صدرى»
مواقع الاحكام افعال المكلفين لتعلق الاحكام الخمسه بها و الباء للظرفيه و حاصله وسع صدرى لتحمل مشاق الاحكام حتى اقبل عليها على وجه الرغبه و المحبه، و يجوز ان الباء للسببيه.
«خولتنى» اعطيتنى.
004 35 «بذى عدم»
اى فقر و احتياج فى الواقع بان اظن ان عدم انفاقه على نفسه انما هو من جهه الخساسه.
«ثروه» غنى و يسار.
«فضلا»
و شرفا و فضلا على غيره بسبب غناه او تفضلا على و احسانا بان اكون اذا وصل الى منه شى ء اعتقد انه المتفضل الحقيقى مع ان الفضل كله بيدك و يويد الاول ما سياتى.
005 35 «واسرحنا فى ملك الابد»
ارسلنا فى المواقع الدائمه التى هى الجنه فان ما سواها فان، فيه استعاره مكنيه و تخييليه مع افاده ان القرار فى دار الخلود انما هو بالتفضل لا بالاستحقاق كالحيوانات.
«الواحد الاحد»
اسمان يشملهما نفى الابعاض و يفرق بينهما من وجوه، احدها ان الواحد هو
005 35 المتفرد بالذات و الاحد هو المتفرد بالمعنى، و ثانيها ان الواحد اعم موردا لاطلاقه على من يعقل و غيره، و ثالثها ان الواحد يدخل فى الضرب و العدد بخلاف الاحد و قد تحققت هذا سابقا.
«الصمد»
و هو السيد الذى يصمد اليه فى الامور و يقصد اليه فى الحوائج و النوازل، و الصمد بمعنى القصد و قيل الصمد الذى ليس بجسم و لا جوهر.
«كفوا»
مشاكلا و نظيرا، قال الزمخشرى و يجوز ان يكون من الكفايه فى النكاح نفيا للصاحبه.
001 36
دعاوه عليه السلام اذا نظر الى السحاب و البرق
001 36 «من آياتك» اى آيات رحمتك او غضبك.
«عونان من اعوانك»
اى يعينانك على سوق السحاب مجازا او انك جعلتهما من اعوان الناس على تحصيل الارزاق لما روى فى الحديث من ان الرعد صوت الملك و البرق سوطه.
«يبتدران طاعتك برحمه»
اى يسارعان الى طاعتك حاله كونهما متلبسين بالرحمه منك و هى الامطار.
«فلا تمطرنا»
فرق ارباب اللغه بين امطر و مطر بان الاول يقال لمطر السخط و العذاب بخلاف الثانى فانه انما يقال لمطر الفضل و الرحمه و كثيرا ما يعدى الاول بعلى بخلاف الثانى.
004 36 «محل» و هو الجدب و انقطاع المطر.
«وحر صدورنا» غشه و وساوسه و قيل الوحر اشد الغضب.
006 36 «يملا ارضه»
فيه نوع التفات و هو من باب تشبيه المعقول بالمحسوس و يجوز ان يكون كنايه عن كثرته و كونه يملا العالم.
007 36 «الشاكر قليل الشكر» المجازى بالكثير على الشكر القليل.
001 37
دعاوه عليه السلام اذا اعترف بالتقصير عن تاديه الشكر
001 37 «ما يلزمه شكرا»
روى انه تعالى اوحى الى موسى بن عمران يا موسى اشكرنى حق شكرى قال كيف اشكرك يا رب حق شكرك و الشكر نعمه تستحق منى الشكر عليها فاوحى الله تعالى اليه الان شكرتنى حق شكرى حيث اعترفت بعجزك، و فى بعض النسخ يلزم بوزن يعلم و حينئذ فنصب شكرا اما على التمييز او على المفعول له.
002 37 «بفضلك»
يجوز تعلقه بقوله يبلغ و بقوله اجتهد لافاده ان بلوغه المبلغ من طاعتك و اجتهاده فى تلك الطاعه انما هو بسبب تفضلك عليه و توفيقك له، و يجوز تعلقه بالاستحقاق يعنى ان استحقاقك الشكر منه انما هو بسبب تفضلك عليه، و يجوز ايضا تعلقه بمقصر يعنى ان تقصيره مع جده و اجتهاده فى الشكر انما هو بسبب توفير نعمتك عليه اذ لو كانت قليله لا يمكنه الشكر بازائها.
003 37 «عاجز عن شكرك»
يعنى انه مع اجتهاده بالشكر معترف بالعجز و الا فمجرد الاعتراف لا يوجب الا شكريه و كذا الكلام فيما بعده.
004 37 «لا يجب لاحد»
صريح فى ان قبول التوبه انما هو من باب التفضل لا من باب الوجوب كما زعمه جماعه من المتكلمين.
006 37 «تشكر يسير ما شكرته»
يحتمل معان: احدها ان تكون ما مصدريه اى تجازيهم على قليل شكرهم اياك، و ثانيها ان تكون موصوله و حينئذ فنسبه الشكر اليه باعتبار ان منه الاسباب و الادوات فكان الشكر القليل الذى صدر من الناس و جازاهم عليه هو منه تعالى لا منهم، و ثالثها ان تكون موصوله ايضا يعنى تجازى قليل الذى جازيتهم عليه و حاصله ان ذلك الشكر مع قلته لم تغفل عنه و لم تنسه بل جازيتهم عليه.
«ملكوا الاستطاعه منه دونك»
اى كانه لم يكن واجبا عليهم بل كانوا مخيرين فيه و فى تركه فلما فعلوه جازيتهم لان من فعل شيئا لم يكن واجبا عليه استحق المكافاه و الجزاء بخلاف ما اذا صنع ما وجب عليه فان السيد حينئذ مخير بين التفضل عليه و عدمه، و يجوز ان يكون معناه انك قد هيات لهم اسباب الشكر و منحتهم الالطاف حتى كانهم بحيث صاروا يقدرون على الترك لان المعلول يجب وجوده عند وجود علته.
009 37 «فلولا ان الشيطان»
يعتذر عليه السلام عنا معاشر العصاه باظهار الباعث لنا على المعصيه.
010 37 «توليته» بايجاد الاسباب.
«و تملى» اى تمهل.
011 37 «يقصر عمله»
و فى ش بوزن يضرب و نصب عمله و هو كما ترى فان جميع تصاريف هذه الصيغه لازمها و متعديها يكون المضارع فيها مضموم العين ايا ما كان ماضيها.
012 37 «و لكنك بكرمك جازيته على المده القصيره»
فى الكافى عن ابى عبدالله عليه السلام انما خلد اهل النار لان نياتهم كانت فى الدنيا ان لو خلدوا فيها ان يعصوا الله ابدا و انما خلد اهل الجنه لان نياتهم فى الدنيا ان لو
012 37 بقوا فيها ان يطيعوا الله ابدا فبالنيات خلد هولاء و هولاء ثم تلا قوله تعالى: (قل كل يعمل على شاكلته)، قال على نيته.
013 37 «ثم لم تسمه القصاص»
ثم هنا للتراخى فى الرتبه و تسمه بمعنى تلزمه و القصاص هنا بمعنى الحسبان و التعداد.
«و المناقشات» المبالغات فى الحساب.
«كدح» تعب.
«لا متى»
اى لا يستحق شيئا من ثوابك حتى يستحق شيئا بعد المناقشه، و يحسن الوقف على ثوابك و لا و متى يكتب عليه رقم ط و قد عرفت انه يسمى صنعه الاكتفاء فى علم البديع.
015 37 «بدون واجبك» اى بغيره او بالاقل و الادون منه.
016 37 «هلك عليك»
قال الفاضل الداماد يعتبر فى هلك ما يوصل بعلى و معنى العباره و من اشقى ممن هلك على بابك و هو دخيل عليك لا بذكر عليها، او ممن هلك عند وفوده و وروده عليك بعد الموت، او يكون على بمعنى مع كما فى قوله علا من قائل: (و لقد اخترناهم على علم على العالمين) اى و من اشقى ممن هلك معك و ما انت عليه من العنايه البالغه و الرافه السابغه، و من هذا السبيل ما فى كلام اميرالمومنين عليه السلام اياك و ان ترى موضع جنه عرضها المسوات و الارض و ليس لك منها موضع قدم، و يحتمل ان يكون على بمعنى فى، اى و من اشقى ممن هلك فى معرفتك و ظن انه يرد عن بابك سائل و ان فى عظام السيئات ما لا يسعه عفوك، و من المحتمل ايضا ان يكون عليك بمعنى منك كما فى التنزيل الكريم: (اذا اكتالوا على الناس يستوفون) اى منهم فيكون هلك فى معنى خاب منك ورد عن بابك خائبا، انتهى. و الاظهر ان تقديره هلك على يديك او يكون الظرف فى موضع الحال اى مجتريا او خصما عليك.
016 37 «لا من»
اى لا يكون احد اشقى ممن هلك عليك و من ذا الذى يكون اشقى منه. و الوقف هنا مثله سابقا، و قيل حاصله: لا يهلك احد عليك و من ذا الذى يهلك عليك و هو كما ترى.
«ثواب» مفعول اغفالك.
001 38
دعاوه عليه السلام فى الاعتذار من تبعات العباد
001 38 «اسدى الى»
الاسداء الاحسان و فى بعض النسخ ازل و فى بعضها زلل و المعنى كالاول، و فى الحديث من ازلت اليه نعمه فليشكرها اى اسديت اليه و اعطيها، و منه الزله و هى ما يوخذ من مائده و يحمل الى صديق، قال فى النهايه هو انتقال الجسم من مكان الى مكان فاستعير لانتقال النعمه.
«و من حق ذى حق لزمنى لمومن فلم اوفره»
الحق يطلق على الثابت فى نفسه و على ما يستحقه ذو الحق فالاضافه هنا اما للامتياز فكانه قال و من حق من حقوق الناس لزمنى لمومن فلم اوفره عليه و لم اوفه اياه فلا يحتاج الى جعل قوله لمومن بدلا من قوله ذى حق، و فى الكفعمى لزمنى فلم اوفره و هو مبنى على اراده المعنى الاول.
002 38 «لما بين يدى»
اى ما سياتى و قيل ما انا متصف به بالفعل.
001 39 دعاوه عليه السلام فى طلب العفو و الرحمه
001 39 «و ازو» اصرف.
«ماثم» مصدر ميمى بمعنى الاثم.
002 39 «نال منى ما حظرت» وصل من سبى و ذمى الى ما حرمته عليه و منعته منه.
«و انتهك منى ما حجرت عليه»
اى بالغ منى فيما حرمته عليه من انواع الايذاء.
«بظلامتى» بمظلمتى.
«الم به»
نزل به و قصده منى و فى الصحاح الم الرجل من اللمم و هى الذنوب الصغار.
«و لا تقفه على ما ارتكب فى»
اى لا تطلعه و لا تواخذه على ما اتى به فى حقى من المحرمات و ما بعده كالتاكيد له، او لا تقفه عن ان تغفر له و تعفو عنه بسبب ما ارتكب منى، فعلى هنا للتعليل مثلها فى قوله: (و لتكبروا الله على ما هداكم).
«عن ما اكتسب بى»
عن هنا للتعليل ايضا كما فى قوله تعالى: (الا عن موعده و ما نحن بتاركى آلهتنا) عن قولك.
003 39 «حتى يسعد كل واحد منا بفضلك»
اى حتى اسعد انا بفضلك الذى عوضتنى اياه عن عفوى و يسعد هو بفضلك الذى لو لا عفوى عنه لعاقبته و اسعد انا بعفوى و بما عوضتنى و ذلك فضل منك فانك انت الذى وفقتنى للعفو، و سعادته ايضا كانت بفضلك فانك كما تفضلت على بالعفو عنه تفضلت على بعفوى عنه و لعل انسب بقوله عليه السلام و ينجو كل منا فيك كذا قيل.
004 39 «ادركه منى درك» لحقه منى لحاق و شين يوجب سخطك.
«او لحقه بى» اى منى او بسببى فاو بمعنى الواو حينئذ.
«ففته بحقه»
اى ذهبت و تخلصت من يده حال كونى متلبسا بحقه، و يجوز ان يكون الباء للتعديه اى اذهبت عنه، و يجوز ان تكون بمعنى مع و هذه الاحتمالات جاريه فيما بعده.
«او سبقته بمظلمته»
الظاهر انه كالتاكيد لما قبله و قيل المراد بالحق الدين و بالمظلمه العين.
«من وجدك» من سعه عطيتك.
005 39 «ثم قنى ما يوجب له حكمك»
ضمير له يحتمل الرجوع الى الشخص و يحتمل الرجوع الى الحق، و على التقديرين و الذى اوجب حكمك لذلك الشخص او لذلك الحق هو القصاص و المكافاه فقنى منه بان تعوضه عن حقى حق يرضى عنى.
«و الا تغمدنى» اى و ان لم تسترنى و تجللنى استعاره عن غمد السيف.
«توبقنى» تهلكنى.
007 39 «و احتجاجا بها»
حتى يستدل بها على انك تقدر على ان تخلق مثلها، و قيل المراد الاحتجاج عليها بان ركب فيها من الالات و القوى و غيرهما مما لا يبقى لها معه عذر فى التقصير و المخالفه.
008 39 «و استحملك ما لا يبهظك حمله»
اطلب منك ان تحمل عنى ما لا يثقلك و يشق عليك حمله و حاصله طلب الرفع و التخفيف.
008 39 «فدحنى» شق على.
009 39 «وهب لنفسى على ظلمها»
اغفر لها معاصيها حال كونها راكبه على ظلمها و مستقره على متنه او مع كونها ظالمه فعلى بمعنى مع، و كيف لا تكون ظالمه و قد قال عليه السلام اعدى عدوك نفسك التى بين جنبيك، فلا تغفل عنها و اوثقها بقيد التقوى و اكسرها بثلاثه اشياء، الاول منع الشهوات فان الدابه الحرون تلين اذا انقص من علفها، الثانى تحمل اثقال العبادات فان الدابه الجموح اذا ثقل حملها انقادت، الثالث الاستعانه بالله و التضرع اليه بان يعينك عليها، او لا ترى الى قول الصديق عليه السلام ان النفس لاماره بالسوء الا ما رحم ربى فاذا وطنتها على هذه الامور انقادت لك باذن الله سبحانه، فحينذ تقدر على ان تملكها او تلجمها و تامن شرها، و كيف تامن و تسلم مع اهمالها و ما يشاهد من سوء اختيارها و رداءه احوالها الست تراها و هى فى حال الشهوه بهيمه و فى حال الغضب سبع و فى حال المعصيه طفل و فى حال النعمه فرعون و فى حال الشبع تراها مختاله و فى حال الجوع تراها مجنونه، ان اشبعتها بطرت و ان جوعتها صاحت و جزعت، فهى كحمار السوء ان علفته رمح و ان جوعته نهق.
قال بعض العارفين و من رداءه هذه النفس و جهلها انها اذا لاحت لها معصيه او انبعثت لها شهوه او تشفعت اليها بالله تعالى ثم برسوله و بجميع انبيائه و كتبه و بجميع الملائكه المقربين، و تعرض عليها الموت و القبر و القيامه و الجنه و النار لا تعطى القياد و لا تسكن و لا تترك الشهوات، ثم استقبلها بمنع رغيف و اعطاء رغيف تسكن و تترك شهوتها لتعلم خستها و جهلها فاياك ان تغفل عنها طرفه عين، فالجمها بالتقوى و قدها بزمام الرجاء و سقها بسوط الخوف، اما التقوى فلتقيدها عن الجموح و النفار، و اما الخوف فلتنزجر به عن المعاصى فانها اماره بالسوء مياله الى الشر و لا تنتهى عن ذلك الا بتخويف و تهديد و لئلا تعجب بالطاعات، و اما الرجاء فلتبعث على الطاعات و ليهون عليها احتمال المشقات.
010 39 «اسوه من قد انهضته»
اى بحيث يتاسى بى و يقتدى كل من انهضته من صرعته لما شاهد من حسن انهاضى و تخليصى.
010 39 «اسار» جمع اسر بالفتح و هو القيد.
«من وثاق عدلك»
لانك لو عاملته بالعدل لكان مقيدا بذنوبه فنرجو من احسانك ان تدخله فى سعه الفضل و تخرجه من قيد العدل.
012 39 «لا ان يكون ياسه قنوطا»
دفع لما يقال من ان المومن ينبغى ان يكون خوفه و رجاوه على حد سواء فكيف ساغ ان يكون خوفه اكثر من رجائه، و حاصل الدفع ان مساواتهما انما هى بالنسبه الى جنابه تعالى و هذه الاكثريه انما هى بالنسبه الى قله اعماله فلا حاجه الى ما قيل من ان مساواه الخوف و الرجاء انما هى بالنسبه الى غير الامام او ان الخوف يزيد بمخاطبه المخوف منه و مشاهدته.
013 39 «ان لا يغتر بك الصديقون»
اى لا يستغفلوا و يامنوا مكرك او لا يتجرون عليك.
014 39 «تعالى ذكرك عن المذكورين و تقدست اسماوك عن المنسوبين»
يعنى ان ذكرك و اسماءك اجل من ذكر كل مذكور مشار اليه بالبيان و من كل مسمى باسم. لان لك الاسماء الحسنى، او انه لا يليق اطلاق اسمائك و ما ذكرت به من الصفات على احد من المذكورين و الذين نسبوا او عرفوا بالاسماء لان رعايه المناسبه معتبره فى الجمله، و قيل ان الذكر و الاسم مقحمان و هو غير محتاج اليه.
«و فشت» انتشرت.
«يا رب العالمين»
جمع العالم اسم لما يعلم به كالخاتم لما يختم به غلب فيما يعلم به الصانع و هو كل ما سواه من الجواهر و الاعراض فانها لافتقارها الى موجد تدل على وجوده، و جمعه يشمل ما تحته من الاجناس المختلفه كعالم الجن و الانس و الحيوانات و غلب العقلاء فجمعه جمعه، و قيل هو اسم لذوى العلم من الملائكه و الثقلين و تناوله للغير على سبيل الاستتباع، و قيل المراد به الناس فان كل واحد منهم عالم اصغر من حيث
014 39 اشتماله على نظير ما فى العالم الاكبر من الجواهر و الاعراض التى يعلم بها الصانع كما يعلم بما اوجده فى العالم الاكبر، و اليه الاشاره بقول اميرالمومنين عليه السلام اتحسب انك جرم صغير و فيك انطوى العالم الاكبر و قد اختلف فى عدد اجناس العالم، فقيل لله تعالى الف عالم ستمائه فى البحر و اربعمائه فى البر، و قيل ثمانيه عشر الف عالم الدنيا من مشرقها الى مغربها عالم واحد، و قيل ثمانون الف عالم اربعون الفا فى البر و مثلها فى البحر، و قيل مائه الف عالم، و روى ان الله تعالى خلق مائه الف قنديل و علقها و العرش و السموات و الارض و ما فيها حتى الجنه و النار كلها فى قنديل واحد و لا يعلم ما فى القناديل الا الله، و قد اختلفت الروايات فى تعداد العوالم و لا منافاه بينها لان مفهوم العدد ليس بحجه على ما حققناه فى محله، و روى الصدوق رحمه الله باسناده الى الرضا عليه السلام انه قال اترى ان الله لم يخلق بشرا غيركم بلى و الله لقد خلق الف الف عالم و الف الف آدم و انت فى اواخر تلك العوالم و اولئك الادميين، و قال الصادق عليه السلام ان الشمس تقطع اثنى عشر برجا و اثنى عشر برا و اثنى عشر بحرا و اثنى عشر عالما، و قال عليه السلام ان الله خلق اثنى عشر الف عالم كل عالم منهم اكبر من سبع سموات و سبع ارضين ما يرى عالم منهم ان لله عز و جل عالما غيرهم و انى الحجه عليهم، و عن اميرالمومنين و الحسن عليهماالسلام: ان الله تعالى خلق خلقا على خلاف خلق الملائكه و على خلاف خلق الجن و النسناس يدبون كما تدب الهوام فى الارض ياكلون و يشربون كما تاكل الانعام كلهم ذكران ليس فيهم اناث لم يجعل الله لهم شهوه النساء و لا حب الاولاد و لا الحرص و لا طول الامل و لا يليهم الليل و لا يغشاهم النهار ليسوا بهائم و لا هوام لباسهم ورق الشجر ثم اراد الله ان يفرقهم فرقتين فجعل فرقه خلف مطلع الشمس من وراء البحر فكون لهم مدينه جابرسا طولها اثنى عشر الف فرسخ فى اثنى عشر الف فرسخ و كون عليها سورا من حديد يقطع الارض الى السماء ثم اسكنهم فيها، و اسكن الفرقه الاخرى خلف مغرب الشمس من وراء البحر و كون لهم مدينه جابلقا طولها و سورها كالاولى و على كل مدينه منهما سبعون الف الف مصراع من ذهب و منها سبعون الف الف لغه تكلم كل امه بلغه خلاف لغه الاخرى، و قال الحسن عليه السلام انا اعرف تلك اللغات و ما فيها و ما عليهما حجه غيرى و غير اخى و لا يعلم بها احد من اهل اوساط الارض و لا يعلمون بطلوع الشمس و لا غروبها لانها تطلع من دونهم و تغرب من دونهم و لكنهم يستضيئون بنور الله و لا يرون ان الله تعالى
014 39 خلق شيئا من الكواكب فقيل يا اميرالمومنين فاين ابليس عنهم؟ قال: لا يعرفونه و لا سمعوا بذكره لم يكتسب احد منهم خطيئه لا يسقمون و لا يهرمون و لا يموتون الى يوم القيامه يعبدون الله تعالى لا يفترون، الليل و النهار عندهم سواء، و انهم يبراون من فلان و فلان، قيل له كيف يتبروون من فلان و فلان و هم لا يدرون اخلق الله آدم ام لم يخلقه، فقال عليه السلام اتعرف ابليس الا بالخبر و قد امرت بلعنه و البراءه منه، و قد وكل الله تعالى بهم ملائكه متى ما لم يلعنوهما عذبوا، و فيهم جماعه لم يضعوا السلاح مذ كانوا ينتظرون قائمنا يدعون ان يريهم الله اياه، و يعمر احدهم الف سنه يتلون كتاب الله كما علمناهم، و ان فيما نعلمهم ما لو تلى على الناس لكفروا به، و لهم خرجه مع الامام اذا قاموا يسبقون فيها اصحاب السلاح فيهم كهول و شباب اذا راى شاب منهم الكهل جلس بين يديه جلسه العبد لا يقوم حتى يامره و اذا امرهم الامر بامر قاموا عليه ابدا حتى يكون هو الذى يامرهم بغيره، لهم سيوف من حديد غير هذا الحديد لو ضرب احدهم بسيفه جبلا لقده يغزو بهم الامام الهند و الديلم و الكرك و الترك و الروم و البربر.
و روى عبدالله بن الدهقان عن ابى الحسن عليه السلام قال سمعته يقول ان لله خلف هذا النطاق زبرجده خضراء فمن خضرتها السماء، قال قلت و ما النطاق؟ قال الحجاب و لله وراء ذلك سبعون الف عالم اكثر من عدد الجن و الانس و كلهم يلعن فلانا و فلانا، و قال عليه السلام ان خلف مغربكم هذا تسعه و ثلاثين مغربا ارضا بيضاء و خلقا يستضيئون بنورها لم يعصوا الله طرفه عين، و قال عليه السلام ان لله مدينه خلف البحر سعتها مسيره اربعين يوما للشمس فيها قوم لم يعصوا الله قط و لا يعرفون ابليس نلقاهم فى كل حين فيسالونا عما يحتاجون اليه و يسالونا الدعاء فنعلمهم و يسالونا عن قائمنا متى يظهر، و روى انه قال على بن الحسين عليهماالسلام لرجل من انت؟ قال منجم، قال ادلك على رجل قد مر مذ دخلت علينا فى اربع عشر عالما كل عالم اكبر من الدنيا ثلاث مرات لم يتحرك من مكانه قال من هو؟ قال انا، و روى انه استقبل اميرالمومنين عليه السلام دهقان من دهاقين الفرس فقال له بعد التهنئه يا اميرالمومنين تناحست النجوم الطالعات و تناحست السعود بالنحوس و اذا كان مثل هذا اليوم وجب على الحكيم الاختفاء و يومك هذا صعب قد انقلب فيه كوكبان و انقدح من برجك النيران و ليس لك الحرب بمكان، فقال اميرالمومنين عليه السلام اتدرى ما حدث البارحه وقع بيت فى الصين و انفرج برج ماجين و هاج النمل بوادى النمل و سقط سور سرنديب و انهزم بطريق الروم
014 39 بارمينيه و فقد ديدبان اليهود بايله و هلك ملك افريقيه اكنت عالما بهذا؟ قال لا يا اميرالمومنين، فقال البارحه سعد سبعون الف عالم و ولد فى كل عالم سبعون الف عالم و الليله يموت مثلهم و هذا منهم و اومى ء بيده الى سعد بن مسعده الحارثى لعنه الله و كان جاسوسا للخوارج فى عسكر اميرالمومنين عليه السلام فظن الملعون انه يقول خذوه فاخذ بنفسه و مات، و عن جابر قال سالت اباجعفر عليه السلام عن قول الله عز و جل (افعيينا بالخلق الاول بل هم فى لبس من خلق جديد)، فقال يا جابر تاويل ذلك ان الله عز و جل افنى هذا الخلق و هذا العالم، و سكن اهل الجنه الجنه و اهل النار النار. جدد الله عالما غير هذا العالم و جدد خلقا من غير فحوله و لا اناث يعبدونه و يوحدونه و خلق لهم ارضا غير هذه الارض تحملهم و سماء غير هذه السماء تظلهم لعلك ترى ان الله عز و جل انما خلق هذا العالم الواحد و ترى ان الله عز و جل لم يخلق بشرا غيركم بلى و الله لقد خلق الله تبارك و تعالى الف الف عالم و الف الف آدم انت فى اواخر العوالم و اولئك الادميين، و الغرض من نقل هذه الاخبار اعلامك بقدره الله تعالى و بعض اصناف مخلوقاته سبحانه و تعالى.
001 40
دعاوه عليه السلام اذا نعى اليه ميت او ذكر الموت
نعى الميت ذكر خبر موته.
003 40 «وشك» الوشك: القرب و السرعه.
«و حامتنا» خاصتنا.
005 40 «غير مستكرهين»
فان كراهه الموت وقت الاحتضار من علامات الكفر، روى عن الصادق عليه السلام عن جده عليه السلام انه قال من احب لقاء الله احب الله لقاءه و من كره لقاء الله كره الله لقاءه قيل يا رسول الله انا لنكره الموت، فقال ليس ذلك و لكن المومن اذا حضره الموت بشر برضوان الله و كرامته فليس شى ء احب اليه مما امامه فاحب لقاء الله و احب الله لقاءه و ان الكافر اذا حضره بشر بعذاب الله فليس شى ء اكره اليه مما امامه فكره لقاء الله و كره الله لقاءه، و لذا قال سيد الساجدين عليه السلام الموت للمومن كنزع ثياب و سخه
005 40 قمله و فك قيود و اغلال ثقيله و الاستبدال بافخر الثياب و اطيبها روائح و اوطا المراكب و آنس المنازل، و للكافر كخلع ثياب فاخره و النقل عن منازل انيسه و الاستبدال باوسخ الثياب و اخشنها و اعظم العذاب.
001 41
دعاوه عليه السلام فى طلب الستر و الوقايه
001 41 «مهاد كرامتك»
المهاد الفراش و الاضافه اما بيانيه و اما لاميه.
«مشارع» جمع مشرعه و هو مورد الشاربه.
002 41 «و لا تقاصنى بما اجترحت»
اى لا تنقصنى من رحمتك بسبب ما اكتسبته من الذنوب.
«و لا تبرز مكتومى» لا تظهر سرائرى القبيحه.
«ميزان الانصاف»
اى ميزان العداله بل احمل اعمالى بميزان الفضل و الرحمه.
003 41 «شنارا» و هو اقبح العيب و العار.
004 41 «فى اصحاب اليمين»
و هم المومنون لا فى اصحاب الشمال و هم الكافرون، و اختلف فى وجه التسميه فقيل هو باعتبار ان المومنين يوتون صحائفهم فى القيامه بايمانهم و الكفار يعطونها بشمائلهم، و قيل لان المومنين بالمنزله السنيه و الكفار بالمنزله الوضيعه ماخوذ من قولك فلان منى باليمين و فلان منى باليسار اذا و صفتهما بالرفعه و الضعه، و قيل ان المومنين اهل اليمن و البركه مشتقه من اليمين، و الكفار من اهل الشوم فسموا باهل الشمال لانها ماخوذه من الشوم على احد ضروب الاشتقاقات الثلاث، و قيل لانه يوخذ بالمومنين ذات اليمين يوم القيامه لان الجنه عن يمين العرش و يوخذ بالكافرين ذات الشمال و هى جهنم لانها شماله.
001 42 دعاوه عليه السلام عند ختمه القرآن
001 42 «مهيمنا» شاهدا و رقيبا على ان الكتب السماويه السابقه عليه حق.
002 42 «و فرقانا فرقت به»
اشار بهذا الى وجه تسميه القرآن بالفرقان و قيل فيه وجوه اخرى، اولها انه سمى به لنزوله متفرقا مده من الزمان، و ثانيها ان التسميه باعتبار كونه مفروقا بعضه عن بعض لانه مفصل السور و الايات، و ثالثها بافتراقه عن سائر المعجزات بالبقاء على مر الايام، و رابعها بفرقه بين الحق و الباطل، و فى بعض الاخبار الفرق بينهما رواه ابن سنان عمن ذكره قال سالت اباعبدالله عليه السلام عن القرآن و الفرقان اهما شيئان ام شى ء واحد فقال عليه السلام القرآن جمله الكتاب و الفرقان المحكم الواجب العمل به.
«اعربت» اى كشفت.
004 42 «جواسى السنتنا»
صلابها و غلاظها و فى ش بالحاء المهمله و الشين المعجمه اى اطرافها.
«فاجعلنا ممن يرعاه حق رعايته»
و هى تكون بامور، الاولى بكثره تلاوته قال عليه السلام ثلاثه يشكون الى الله عز و جل العزيز الجبار مسجد خراب لا يصلى فيه اهله و عالم بين جهال و مصحف معلق قد وقع عليه الغبار لا يقرا فيه، الثانى ان لا يختمه فى اقل من شهر او ست ليال و ينبغى ان يرتل ترتيلا و اذا مررت بايه فيها ذكر النار وقفت عندها و تعوذت بالله من النار الا فى شهر رمضان فان ختم القرآن فيه فى ثلاث ليال هكذا جاء فى الروايه، الثالث قراءته بلحن العرب و الصوت الحزين، قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم اقرا القرآن بالحان العرب و اصواتها و اياكم و لحون اهل الفسق و اهل الكبائر فانه سيجى ء من بعدى اقوام يرجعون القرآن ترجيع الغناء و النوح و الرهبانيه و لا يجوز تراقيهم قلوبهم مغلوبه و قلوب من يعجبه شانهم، الرابع الانس، قال سيد الساجدين عليه السلام لو مات من بين المشرق و المغرب لما استوحش بعد ان يكون القرآن معى، الخامس تعلمه و تعليمه و حفظه على الخاطر و ان لا ينسى ما حفظ منه، قال الصادق عليه السلام ان الذى يعالج القرآن و يحفظه
004 42 بمشقه منه و قله حفظ له اجران، و قال عليه السلام القرآن القرآن ان الايه من القرآن و السوره لتجى ء يوم القيامه حتى تصعد الف درجه يعنى فى الجنه فتقول لو حفظتنى بلغت بك ههنا، و قال عليه السلام ان الرجل لينسى السوره من القرآن فتاتيه يوم القيامه حتى تشرف عليه من درجه من بعض الدرجات فتقول السلام عليك فيقول و عليك السلام من انت؟ فتقول انا سوره كذا و كذا ضيعتنى و تركتنى اما لو تمسكت بى بلغت بك هذه الدرجه ثم اشار باصبعه، و قال موسى الكاظم عليه السلام من مات من اوليائنا و شيعتنا و لم يحسن القرآن علم فى قبره ليرفع الله به درجته فان درجات الجنه على قدر آيات القرآن يقال له اقرا و ارقى ثم يقرا و يرقى، السادس تقبيله و القيام له تعظيما و ترك ضرب بعضه ببعض، قال الباقر عليه السلام ما ضرب رجل القرآن بعضه ببعض الا كفر، و هو شامل للضرب الحسى و المعنوى اعنى تخليط معانيه و القول فيه بالراى و التشهى، السابع قراءته من وجه المصحف و ان كان حافظا له فان النظر فى القرآن عباده و يمتع و يخفف على والديه و ان كانا كافرين هكذا فى الروايه، الثامن من الاستشفاء به، قال شكا رجل الى النبى صلى الله عليه و آله و سلم وجعا فى صدره فقال صلى الله عليه و آله و سلم: استشف بالقرآن فان الله عز و جل يقول (و شفاء لما فى الصدور)، التاسع تعظيم حامليه لاجله قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم ان اهل القرآن فى اعلى درجه من الادميين ما خلا النبيين فلا تستضعفوا اهل القرآن حقوقهم فان لهم من الله العزيز الجبار لمكانا، و قال الصادق عليه السلام الحافظ للقرآن العامل به مع السفره الكرام البرره و من ختم القرآن فكانما ادرجت النبوه بين جنبيه و لكنه لا يوحى اليه و من اوتى القرآن فظن ان احدا من الناس اوتى افضل مما اوتى فقد عظم ما حقر الله و حقر ما عظم الله، العاشر و هو اهمها و اعظمها العمل بما اشتمل عليه من الاحكام و الحلال و الحرام، و بقيت وجوه اخرى تركناها خوف الاملال.
«و يفزع الى الاقرار بمتشابهه»
يلجا الى التسليم و الانقياد بما تشابه منه على الناس و هو ما احتمل وجهين و اكثر.
005 42 «مجملا»
قيل انه نزل مرتين فى المره الاولى مجملا و فى الثانيه مفسرا و قيل انه نزل مجمل المعنى حال نزوله ثم عرفه الله تعالى اسرار علومه و دقائق اسراره و قيل المراد بقوله
005 42 مجملا انزال كله لا بعضه و خير الامور اوسطها و العباره ظاهره فيه.
«و ورثنا علمه مفسرا»
ظاهر هذه الفقرات مما يوهم الاختصاص بهم عليهم السلام فانهم الذين ورثوا علومه و تفاصيله لا غيرهم، فينبغى لنا ان نقصد منه احد شيئين، الاول ارجاع الضمير الى النوع و لكن باعتبار اشرف افراده، الثانى ان نقصد القدر القليل الذى وصل الينا من كلامهم عليهم السلام و فهمناه بعين البصيره، و كان استاذنا العلامه مد ظله العالى يميل الى تغيير هذه الفقرات حال الدعاء بها و يقول و ورثت اهل بيت نبينا و كذا فى غيرها، و ظنى انه غير محتاج اليه فان الادعيه الماثوره ينبغى المحافظه على نقل الفاظها و العمل بها مهما امكن.
006 42 «الخطيب»
فعيل اما بمعنى فاعل او بمعنى مفعول، و قيل المراد ان القرآن صار له خطبه و وعظا يخطب به الناس و يعظهم.
«و لا يختلجنا الزيغ عن قصد طريقه»
اى لا يدخلنا الميل عن المستوى المائل عن الافراط و التفريط.
007 42 «يعتصم بحبله»
يتمسك بعهده و امانه، و فى الاخبار الحبل على ثلاثه اشياء، احدها الائمه عليهم السلام فان من تمسك بهم نجا من تاثير الهلكات كالتمسك بالحبل، و ثانيها القرآن، و ثالثها دين الحق و كلها متلازمه فى الوجود و الواقع.
«و ياوى من المتشابهات الى حرز معقله»
المعقل الحصن و الملجا و اضافه الحرز اليه اما بيانيه او لاميه و المراد بكونها ام الكتاب على ما قاله المفسرون رجوع المتشابهات اليه كرجوع الولد الى امه و كونها اصله و منشاه، و يجوز ان يراد بالمتشابهات الشبهات و ظلمات الجهالات و حرز المعقل حيئنذ هو التحصن و الاخذ به و الاهتداء بنوره، قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم ايها الناس انكم فى دار هدنه و انتم على ظهر سفر و السير بكم سريع و قد رايتم الليل و النهار و الشمس و القمر يبليان كل جديد و يقربان كل بعيد و ياتيان بكل موعود فاعدوا الجهاز لبعد
007 42 المجاز، فقام مقداد بن الاسود فقال يا رسول الله و ما دار الهدنه؟ قال دار بلاغ و انقطاع فاذا التبست عليكم الفتن كقطع الليل المظلم فعليكم بالقرآن فانه شافع مشفع و اجل مصدق من جعله امامه قاده الى الجنه و من جعله وراءه ساقه الى النار و هو الدليل على خير سبيل و له ظهر و بطن فظاهره حكم و باطنه علم ظاهره انيق و باطنه عميق له نجوم و على نجومه نجوم لا تحصى عجائبه و لا تبلى غرائبه الخبر.
«بتبليغ اسفاره» اشراق الدخول فى ضوء صباحه.
«و لا يلتمس الهدى فى غيره»
فانه مائده انزله الله تعالى على عباده و لذا ترى جميع ارباب الملك يستندون اليه حتى الملاحده و الدهريه و لكن لا يوافق واقعا الا مذهب الاماميه.
008 42 «و سلما نعرج فيه»
و فى هذه الفقرات اشاره الى ما رواه سعد الخفاف عن ابى جعفر عليه السلام انه قال يا سعد تعلموا القرآن فان القرآن ياتى يوم القيامه فى احسن صوره نظر اليها الخلق و الناس صفوف عشرون و مائه الف صف، ثمانون الف صف امه محمد صلى الله عليه و آله و سلم و اربعون الف صف من سائر الامم فياتى على صف المسلمين فى صوره برجل فيسلم فينظرون اليه ثم يقولون لا اله الا الله الحكيم الكريم ان هذا الرجل من المسلمين نعرفه بصفته غير انه كان اشد اجتهادا منا فى القرآن فمن هناك اعطى من البهاء و الجمال و النور ما لم نعطه، ثم يتجاوز حتى ياتى على صف الشهداء فينظر اليه الشهداء ثم يقولون لا اله الا الله الرحيم ان هذا الرجل من الشهداء نعرفه بسمته و صفته غير انه من شهداء البحر فلذلك اعطى من البهاء و الفضل ما لم نعطه، قال فيتجاوز حتى ياتى على صف شهداء البحر فى صوره شهيد فينظره شهداء البحر و يكثر تعجبهم و يقولون ان هذا من شهداء البحر نعرفه بسمته و صفته غير ان الجزيره التى اصيب فيها كانت اعظم هولا من الجزيره التى اصبنا فيها، فمن هناك ينظر النبيون و المرسلون اليه فيشتد لذلك تعجبهم و يقولون لا اله الا الله الحليم الكريم ان هذا النبى مرسل نعرفه بسمته و صفته غير انه اعطى فضلا كثيرا، قال فيجتمعون فياتون رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم فيسالونه و يقولون يا محمد من هذا فيقول لهم او ما تعرفونه فيقولون ما نعرفه، هذا ممن لا يغضب الله عز و جل عليه فيقول رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم هذا حجه الله على خلقه، فيسلم ثم يجاوز حتى
008 42 ياتى على صف الملائكه فى صوره ملك مقرب فينظر اليه الملائكه فيشتد تعجبهم و يكبر ذلك عليهم لما راوا من فضله و يقولون تعالى ربنا و تقدس ان هذا العبد من الملائكه نعرفه بسمته و صفته غير انه كان اقرب الملائكه الى الله عز و جل مقاما فمن هناك البس من النور و الجمال ما لم نلبس، ثم يجاوز حتى ينتهى الى رب العزه تبارك و تعالى فيخر تحت العرش فيناديه تبارك و تعالى يا حجتى فى الارض و كلامى الصادق الناطق ارفع و اسكن وسل تعط و اشفع تشفع، فيرفع راسه فيقول الله تبارك و تعالى كيف رايت عبادى فيقول يا رب منهم من صاننى و حافظ على و لم يضيع شيئا و منهم من ضيعنى و استخف بحقى و انا حجتك على جميع خلقك، فيقول الله تبارك و تعالى و عزتى و جلالى و ارتفاع مكانى لاثيبن عليك حسن الثواب و لاعاقبن عليك اليوم اليم العقاب، قال فيرفع القرآن راسه فى صوره اخرى، قال فقلت له يا اباجعفر فى اى صوره يرجع، قال فى صوره رجل شاحب متغير يبصره اهل الجمع فياتى الرجل من شيعتنا الذى كان يعرفه و يجادل به اهل الخلاف فيقوم بين يديه فيقول ما تعرفنى؟ فينظر اليه الرجل فيقول لا اعرفك يا عبدالله قال فيرجع فى صورته التى كان فى الخلق الاول فيقول ما تعرفنى؟ فيقول نعم فيقول القرآن انا الذى اسهرت ليلك و اتعبت عينك و سمعك الا ان كل تاجر قد استوفى تجارته و انا وراءك اليوم قال فينطلق به الى رب العزه تبارك و تعالى فيقول يا رب عبدك و انت اعلم به قد كان مواظبا على يعادى بسببى و يحب فى و يبغض، فيقول الله عز و جل ادخلوا عبدى جنتى و اكسوه حله من حلل الجنه و توجوه بتاج فاذا فعل به ذلك عرض على القرآن فيقال له هل رضيت بما صنع بوليك فيقول يا رب انى استقل هذا له فزده مزيد الخير كله، فيقول و عزتى و جلالى و علوى و ارتفاع مكانى لانحلن له اليوم خمسه اشياء، مع المزيد له و لمن كان بمنزلته الا انهم شباب لا يهرمون و اصحاء لا يسقمون و اغنياء لا يفتقرون و فرحون لا يحزنون و احياء لا يموتون، ثم تلا هذه الايه: (لا يذوقون فيها الموت الا الموته الاولى)، قال قلت جعلت فداك يا اباجعفر و هل يتكلم القرآن، فتبسم ثم قال رحم الله الضعفاء من شيعتنا انهم اهل تسليم، ثم قال نعم يا سعد و الصلاه تتكلم و لها صوره و خلق تامر و تنهى ، قال سعد فتغير لذلك لونى و قلت هذا شى ء لا استطيع ان اتكلم به فى الناس، فقال ابوجعفر و هل الناس الا شيعتنا فمن لم يعرف الصلاه فقد انكر حقنا ثم قال يا سعد اسمعك كلام القرآن، قال سعد فقلت بلى فقال ان الصلاه تنهى عن الفحشاء
008 42 و المنكر و لذكر الله اكبر فالنهى كلام و الفحشاء و المنكر رجال و نحن ذكر الله و نحن اكبر.
009 42 «الاوزار»
جمع وزر و هى الاثقال و منه سمى الوزير لتحمله اثقال الملك.
«شمائل الابرار» اخلاقهم و طبائعهم.
«واقف بنا» اجعلنا تابعين لاثارهم.
«قاموا لك آناء الليل»
اى قاموا متلبسين بقرائته، خص حاله القيام لانها اشرف، قال ابوجعفر عليه السلام من قرا القرآن قائما فى صلاته كتب الله له بكل حرف مائه حسنه و من قرا فى صلاته جالسا كتب الله له بكل حرف خمسين حسنه و من قرا فى غير صلاته كتب الله له بكل حرف عشر حسنات، و يجوز ان تكون الباء للسببيه اى قاموا لك و لخدمتك بسبب معرفتهم باحكام القرآن و بامرك لهم به، و قيل المراد انهم اقاموا القرآن على رجليه يعنى اكثروا تلاوته.
010 42 «نزغات الشيطان» وساوسه المفسده.
«من غير ما آفه»
ما زائده و الظاهر انه تصحيف مافه بمعنى آفه كما وجد فى بعض النسخ المصححه، و حاصله انه لما خص الخرس بالخوض فى الباطل طلب ان يكون الاباء عنه صادرا عن القدره و الاختيار و لا يكون صادرا عن خرس و الا لكان خاليا من الثواب او كماله و هذا نظير قوله تعالى: (تخرج بيضاء من غير سوء).
«من تصفح الاعتبار ناشرا»
التصفح النظر فى الصفحات و التتبع لاوراق الكتاب و الاعتبار العبره و فى الكلام استعاره لا تخفى.
«و زواجر امثاله» الاضافه اما لاميه او من باب اضافه الصفه الى الموصوف.
010 42 «التى ضعفت الجبال الرواسى»
اى الثوابت اشاره الى قوله تعالى: (لو انزلنا هذا القرآن على جبل لرايته خاشعا متصدعا من خشيه الله)، و الغرض منها توبيخ الانسان على قسوه قلبه و قله تخشعه عند تلاوه القرآن و تدبر قوارعه و زواجره.
011 42 «درن قلوبنا» او ساخها.
«هواجرنا» جمع هاجره و هى نصف النهار عند اشتداد الحر.
«يوم الفزع الاكبر»
اى الذى خوفه اعظم و اشد من كل خوف، و عن اميرالمومنين عليه السلام ان الفزع الاكبر هو اطباق باب النار حين يغلق على اهلها و الفزع الاصغر يكون فى القيامه الصغرى و هو خروج القائم عليه السلام.
012 42 «خلتنا من عدم الاملاق»
الخله الحاجه و الاملاق الفقر و الاضافه للبيان اى خلتنا الناشئه من عدم هو الاملاق.
«رغد العيش» الطيب الواسع منه.
«الضرائب» الطبائع جمع ضريبه.
«و مدانى الاخلاق» الاخلاق الدنيئه.
«هوه الكفر»
الهوه الوهده الغائره فى الارض شبه الكفر بها بجامع الضيق و الظلمه و عسر الخلاص منه.
«ذائدا» مانعا.
«و لما عندك بتحليل حلاله و تحريم حرامه شاهدا»
اى يكون شاهدا لنا باستحقاق ما عندك من الثواب بسبب العمل به من تحليل حلاله و تحريم حرامه، و قيل المراد جعله شاهدا و مبينا و كاشفا لنا عن احكام القرآن التى هى عندك من احكام الحلال و الحرام.
013 42 «كرب السياق»
شده سوق النفس حاله الاحتضار، و قيل هو اشاره الى قوله تعالى: (يوم تاتى كل نفس معها سائق و شهيد) و هو كما ترى.
«و جهد الانين» مشقته.
«الحشارج» جمع حشرجه و هى الغرغره عند الموت و تردد النفس.
«التراقى» جمع ترقوه و هو العظم الذى بين النحر و العاتق.
«و قيل من راق»
القائل هم حاضروا الميت ايكم يرقيه و يعوذه من الموت، و قيل هو من كلام ملائكه الموت ايكم يرقى بروحه املائكه الرحمه ام ملائكه العذاب، و عن ابى جعفر عليه السلام: ان ذلك ابن آدم اذا دخل به الموت قال هل من طبيب.
«من حجب الغيوب»
متعلق بتجلى اى انكشف و ظهر للمحتضر من الحجب الغيبيه عن الابصار، و يجوز تعلقه بالقبض يعنى ان القبض من حيث لا يراه احد.
«باسهم وحشه الفراق»
و فى الحديث ان المومن ليعالج كرب الموت و سكراته و مفاصله يسلم بعضها على بعض يقول عليك السلام تفارقنى و افارقك (الى) يوم القيامه.
«ذعاف» اى الخالص منه. و فى المنجد: الذعاف: السريع.
«قلائد فى الاعناق»
اشاره الى قوله تعالى: (و كل انسان الزمناه طائره فى عنقه) و قد مر تفسيرها فى اول الكتاب عند قوله عليه السلام و رومان فتان القبور.
«يوم التلاق»
يوم القيامه سمى به لان فيه يتلاقى اهل السماء و اهل الارض او لان فيه يتلاقى الاولون و الاخرون او لان فيه تتلاقى الارواح الظالم و المظلوم او لان فيه يتلاقى
013 42 الخالق و المخلوق او لان فيه يتلاقى المرء و عمله او لان فيه تتلاقى الارواح و الاجساد.
014 42 «دار البلى» اى القبر لانه يبلى البدن و يصيره رميما.
«المقامه» مصدر الاقامه.
«اطباق الثرى»
اى سطوحه فان كل سطح طبقه و ليس المراد طبقات الارض المقابله لطبقات السماء فى قوله تعالى: (سبع سموات طباقا و من الارض مثلهن)، و قيل هو اشاره الى مراتب الاستحالات و هذان كما ترى.
«ضيق»
بالفتح و الكسر بمعنى واحد و قيل المفتوح ما يضيق عنه الصدر و المكسور ما يكون فيه متسع فيضيق.
«بموبقات آثامنا» اما من باب اضافه الصفه الى موصوفها او بمعنى اللام او من.
015 42 «جسر جهنم»
و هو الصراط المستقيم الذى روى فى وصفه انه ادق من الشعر و احد من السيف، و روى المفضل قال سالت اباعبدالله عليه السلام عن الصراط فقال هو الطريق الى معرفه الله عز و جل و هما صراطان صراط فى الدنيا و صراط فى الاخره فاما الصراط الذى فى الدنيا هو الامام المفترض الطاعه من عرفه فى الدنيا و اقتدى به مر على الصراط الذى هو جسر جهنم فى الاخره و من لم يعرفه فى الدنيا زلت قدمه على الصراط فى الاخره فتردى فى جهنم.
«يوم الطامه» اى الداهيه العظمى.
016 42 «يوم تسود وجوه الظلمه» المراد به السواد الحقيقى و قيل هو كنايه عن الخزى.
«و اجعل لنا فى صدور المومنين ودا»
اقتدى بجده ابراهيم الخليل عليه السلام حيث قال و اجعل افئده من الناس تهوى اليهم و قد استجاب الله تعالى للدعوتين.
016 42 «نكدا» شديدا عسيرا.
017 42 «و صدع بامرك»
اى شق جماعات الكافرين، او جهر بالقرآن و اظهره، او فرق بين الحق و الباطل بامرك. ماخوذ من صدع الزجاجه، بمعنى كسرها.
018 42 «و امكنهم منك شفاعه» ماخوذ اما من التمكن او المكانه.
019 42 «و قرب وسيلته»
اى منزلته عندك، و روى ابوسعيد الخدرى قال كان النبى صلى الله عليه و آله و سلم يقول اذا سالتم الله فاسالوه الوسيله فسالنا النبى صلى الله عليه و آله و سلم عن الوسيله فقال هى الف مرقاه فى الجنه ما بين المرقاه الى المرقاه حضر الفرس الجواد شهرا و هى ما بين مرقاه جوهر الى مرقاه ياقوت الى مرقاه ذهب الى مرقاه فضه فيوتى بها يوم القيامه حتى تنصب مع درجه النبيين كالقمر بين الكواكب فلا يبقى يومئذ نبى و لا صديق و لا شهيد الا قال طوبى لمن كانت هذه الدرجه درجته.
020 42 «و اوردنا حوضه»
و قال عليه السلام ان حوضى ما بين عدن و عمان تلقى ماءه ابيض من اللبن و احلى من العسل اكوابه عدد النجوم من شرب منه شربه لم يظما ابدا.
022 42 «بما بلغ» الباء اما للسببيه او للبدليه.
001 43
دعاوه عليه السلام اذا نظر الى الهلال
ماخوذ من الاهلال و هو رفع الصوت لجريان العاده برفع الاصوات عند رويته، و قد اختلف فى تحديد الوقت الذى يسمى به هلال، فقال الجوهرى الهلال اول ليله و الثانيه و الثالثه ثم قمر ماخوذ من الاقمر و هو الابيض او لانه يقمر الكواكب اى يغلبها بزياده النور، و قال الفيروز ابادى الهلال غره القمر او الى ليلتين او الى ثلاث او الى سبع و ليلتين من آخر الشهر ست و عشرين و سبع و عشرين و فى غير ذلك قمر، و قال شيخنا الطبرسى (قده) اختلفوا فى كم يسمى هلالا و متى يسمى قمرا فقال بعضهم
001 43 يسمى هلالا الى ان يعود فى الشهر الثانى و قال آخرون يسمى هلالا ثلاث ليال ثم يسمى قمرا، و قال آخرون يسمى هلالا حتى يحجر و تحجيره ان يستدير بخط دقيق و هذا قول الاصمعى، و قال بعضهم يسمى هلالا حتى يبهر ضووه سواد الليل ثم يقال قمرا و هذا يكون فى الليله السابعه، انتهى، و فائده نقل هذا الخلاف تعيين وقت قراءه هذا الدعاء و سائر ادعيته الماثوره، و الاحتياط ان لا يوخر عن الليله الاولى و الثانيه للعرف و الاشتقاق الا ان يكون قد نذر قراءته فانه يقراه و لو فى السابعه، و اما تسميته بدرا فى الليله الرابعه عشر فلمبادرته الشمس فى الطلوع كانه يعجلها المغيب، و قيل سمى بدرا لكماله تشبيها له بالبدره الكامله و هى عشره آلاف درهم، اذ عرفت هذا كله فاعلم انه قد بقى هنا امور لا بد من التنبيه عليها.
الاول: انه قد وقع الاجماع على استحباب الدعاء عند رويه الهلال للناس خلا ابن عقيل فانه اوجب دعاء خاصا و هو قوله عليه السلام الحمد لله الذى خلقنى و خلقك و قدر منازلك و جعلك مواقيت للناس اللهم اهله علينا اهلالا مباركا اللهم ادخله علينا بالسلامه و الاسلام و اليقين و الايمان و البر و التقوى و التوفيق لما تحب و ترضى، و كان الذى هداه عليه الامر به و الامر عنده للوجوب و هو قول نادر مخالف للجمهور، و لذا اول بعض اصحابنا كلامه بالاستحباب التاكيدى و هو كما ترى، و اما دعاء النبى صلى الله عليه و آله و سلم فهو قوله عند رويه الهلال الله اكبر الله اكبر الحمدلله لا حول و لا قوه الا بالله اللهم انى اسالك خير هذا الشهر و اعوذ بك من شر القدر و شر يوم المحشر الحمد لله الذى ذهب بشهر كذا و جاء بشهر نسالك فتحه و رزقه و نصره، و قد نقل من خط الشهيد (ره) نقلا عن كتاب المكارم ما يفعل عند رويه الهلال تكتب على يدك اليسرى بسبابه يمينك محمد و على و فاطمه و الحسن و الحسين و على و محمد و جعفر و موسى و على و محمد و على و الحسن و الحجه عليهم السلام و تكتب قل هو الله احد الى آخرها ثم تقول اللهم ان الناس اذا نظروا الى الهلال نظر بعضهم الى وجوه بعض و تبرك بعضهم ببعض و انى نظرت الى اسمائك و اسم نبيك و وليك و اوليائك عليهم السلام و الى كتابك فاعطنى كل الذى احب من الخير و اصرف عنى كل الذى احب ان تصرفه عنى من الشر و زدنى من فضلك ما انت اهله و لا حول و لا قوه الا بالله العلى العظيم، و فى كتاب الهدايه للصدوق (ره) اذا رايت هلال شهر رمضان فلا تشر اليه بالاصابع و لكن استقبل القبله و ارفع يديك الى السماء و خاطب الهلال و قل ربى و ربك الله رب العالمين اللهم اهله علينا بالامن
001 43 و الايمان و السلامه و الاسلام و المسارعه الى ما تحب و ترضى اللهم بارك لنا فى شهرنا هذا و ارزقنا عونه و خيره و اصرف عنا ضره و فتنته.
الثانى: قد حكم الاصحاب باستحباب النظر الى الهلال ليلتى الثلاثين من شعبان و رمضان على العيان. و العلامه على الوجوب الكفائى فيهما استنادا الى ان الصوم و الافطار واجبان و هما لايتمان الا بها، و رده شيخنا البهائى (قده) بانه انما يجب صوم ما يعلم او يظن انه من شهر رمضان لا ما يشك فى كونه منه، و هكذا انما يجب افطار ما يعلم او يظن انه العيد لا ما يشك انه هو و الاغلب فى الشهر ان يكون تاما كما يشهد به التتبع انتهى، و هو كما ترى فان قوله انما يجب صوم ما يعلم و يظن انه من شهر رمضان مسلم، و لكن النظر اليه انما هو امارتهما و طريقهما و الدال عليهما و يجب تحصيل دليل الحكم مهما امكن، و اما قوله و الاغلب، انتهى، فغير ضائر فيما ذكره الفاضل (ره) فان الغالبيه و الاغلبيه انما يستندان ايضا الى الرويه مع ان غير الغالب كاف ايضا فيما ادعاه العلامه لجواز ان يكون كل شهر من ذلك النادر الغير الغالب، و لا يعلم انه ليس منه الا بالرويه، و فى قوله عليه السلام انما الصوم للرويه و الافطار للرويه مويد قوى لما ذهب اليه العلامه.
الثالث: فى بيان آداب قراءه هذا الدعاء و سائر الادعيه الماثوره فى هذا الوقت، فمنها ان تكون قراءته قبل الانتقال من المكان الذى راى فيه الهلال، و منها استقبال القبله حال الدعاء و رفع اليدين، و منها ان لا يشير الى الهلال براسه و لا بشى ء من جوارحه لئلا يتشبه بالجماعه الذين يعبدونه و يعتقدون تاثيره، و منها ان يخاطب الهلال بالدعاء، و لعل المراد به خطابه بما يتعلق به من الالفاظ كاكثر الفاظ هذا الدعاء، و ظن بعض الافاضل المنافاه بين مخاطبه الهلال و استقبال القبله فى البلاد التى قبلتها على سمت المشرق و هو كما ترى، لان الخطاب ليس الا توجيه الكلام نحو الغير للافهام و هو لا يستلزم مواجهه المخاطب و استقباله اذ قد يخاطب الانسان من هو وراءه، و قال بعضهم يمكن ان يقال باستقبال الداعى الهلال وقت قراءه ما يتعلق بمخاطبته من الفصول و استقبال القبله فى الباقى، و اما رفع اليدين فالظاهر انه فى جميع الفصول و ان كان تخصيصه بما عدا الفصول المخاطب بها الهلال غير بعيد، انتهى. و هو بعيد.
001 43 «ايها الخلق المطيع الدائب السريع»
الخلق فى الاصل مصدر بمعنى الابداع و التقديم لم استعمل بمعنى المخلوق
001 43 و الدائب المجد التعبان او المستمر فى عمله على عاده مقرره، و بهما فسر قوله تعالى: (و سخر لكم الشمس و القمر دائبين)، و اما وصفه بالسرعه فقال شيخنا البهائى (ره) ربما يعطى بحسب الظاهر ان يكون المراد سرعته باعتبار حركته الذاتيه التى يدور بها على نفسه، و تحرك جميع الكواكب بهذه الحركه مما قال به جم غفير من اساطين الحكماء، و هو يقتضى كون المحو المرئى فى وجه القمر شيئا غير ثابت فى جرمه و الا لتبدل وصفه كما قال سلطان المحققين، و الاظهر ان ما وصفه عليه السلام من السرعه انما هو باعتبار حركته العرضيه التى يتوسط فلكه فان تلك الحركه على تقدير وجودها غير محسوسه و لا معروفه و الحمل على المحسوس المتعارف اولى، و سرعه حركه القمر بالنظر الى سائر الكواكب، اما الثوابت فظاهره لكون حركتها من ابطا الحركات حتى ان القدماء لم يدركوها، و اما السيارات فلان زحل يتم الدوره فى ثلاثين سنه و المشترى فى اثنى عشر سنه و المريخ فى سنه و عشره اشهر و نصف و كلا من الشمس و الزهره و عطارد فى قريب سنه و اما القمر فيتم الدوره فى قريب من ثمانيه و عشرين يوما، هذا و لا يبعد ان يكون وصفه عليه السلام القمر بالسرعه باعتبار حركته المحسوسه على انها ذاتيه له بناء على تجويز بعض حركات السيارات فى افلاكها من قبيل حركه الحيتان فى الماء كما ذهب اليه جماعه، و يويده ظاهر قوله تعالى و الشمس و القمر كل فى فلك يسبحون، و دعوى امتناع الخرق على الافلاك لم يقترن بالثبوت، و ما لفقه الفلاسفه لاثباتها او هى من بيت العنكبوت لاثباته على عدم قبول الافلاك باجزائها الحركه المستقيمه، و دون ثبوته خرط القتاد، و التنزيل الالهى الذى لا ياتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه ناطق بانشقاقها، و ما ثبت من معراج نبينا صلى الله عليه و آله و سلم بجسده المقدس الى السماء السابعه فصاعدا شاهد بانخراقها انتهى، و هو كلام اسلامى يفوح منه رائحه العنبر.
«المتردد فى منازل التقدير»
و هى الثمانيه و العشرون التى يقطعها فى كل شهر بحركته الخاصه فيرى كل ليله نازلا بقرب واحد منها كما قال عز من قائل: (و القمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم)، و اسماوها مشهوره بين العرب فى اشعارهم و محاوراتهم فيها يتعرفون فصول السنه و غيرها، و المراد بالتردد فيها عوده اليها فى الشهر اللاحق بعد قطعه اياها فى السابق، فتكون كلمه فى بمعنى الى، قال شيخنا البهائى (قده) و يمكن
001 43 ان تبقى على معناها الاصلى بجعل المنازل ظرفا للتردد فان حركته التى تقطع تلك المنازل لما كانت مركبه من شرقيه و غربيه جعل كانه لتحركه فيها بالحركتين المختلفتين متردده يقدم رجلا و يوخر اخرى، و اما على راى من يمنع جواز قيام الحركتين المختلفتين بالجسم و يرى ان للنمله المتحركه بخلاف حركه الرحى سكونا حال حركتها فتشبيه بالمتردد اظهر كما لا يخفى، انتهى.
«المتصرف فى فلك التدبير»
قيل لا يبعد ان تكون الاضافه فى فلك التدبير من قبيل اضافه الظرف الى المظروف كقولهم مجلس الحكم و دار القضاء اى الفلك الذى هو مكان التدبير و محله نظرا الى ان ملائكه السماء يدبرون امر العالم السفلى فيه او الى ان كلا من السيارات السبع يدبر فى فلكها امرا هى مسخره له بامر خالقها و مبدعها كما ذكره جماعه من المفسرين فى تفسير قوله تعالى: (فالمدبرات امرا) و يمكن ان يراد بفلك التدبير مجموع الافلاك الجزئيه التى تتدبرها الاحوال المنسوبه الى القمر باسرها و تنضبط بها الامور المتعلقه باجمعها، و قيل المراد بفلك التدبير الذى يدبره القمر نفسه نظرا الى ما ذهبت اليه طائفه من ان كل واحد من السيارات السبع مدبر لفلكه كالقلب فى بدن الحيوان، قال سلطان المحققين ذهب فريق الى ان كوكبا منها ينزل مع افلاكه بمنزله حيوان واحد ذى نفس واحده يتعلق بالكواكب اول تعلقها و بواسطه الكواكب يتعلق بالافلاك كما يتعلق نفس الحيوان بقلبه و اعضائه الباقيه بعد ذلك فالقوه المحركه منبعثه عن الكوكب الذى هو كالقلب فى افلاكه التى هى كالجوارح و الاعضاء الباقيه، انتهى. و اقول الظاهر ان المراد بالمتصرف معناه اللغوى و هو المتغير اى انه متغير فى ذلك المكان بالتشكلات الهلاليه و القمريه و البدريه و يويده ما سياتى ان شاء الله تعالى، و استدل بعض المحققين من هذه الفقرات على حياه القمر و ادراكه كما ذهب اليه الحكماء فانهم ذهبوا الى ان الافلاك باجمعها حيه ناطقه عاشقه مطيعه لمبدعها و خالقها و اكثرهم على ان غرضها من حركاتها نيل التشبه بجنابه و التقرب اليه جل شانه، و بعضهم على ان حركاتها لورود الشوارق القدسيه عليها آنا فان فهى من قبيل الطرب و الرقص الحاصل من شده السرور و الفرح، و قال ان البعوضه و النمله فما دونها حيه فما ظنك باجرام شريفه تنزل من حركاتها البركات و هو استدلال باطل، اما هذه الفقره و معنى التصرف فقد تحققته، و اما مخاطبته فلانه قد شاع بين العرب خطاب
001 43 الاطلال و المنازل بتنزيلها منزله من يعقل مع ان ما قاله يصادق الاجماع الذى نقله علم الهدى (قده) على عدم شعور الافلاك و حياتها، نعم يظهر من الايات و الاخبار ان لها شعور التسبيح و التقديس لخالقها و هو لا يستلزم ان يكون لها شعور التدبير و التصرف و ان تكون اشرف من الانبياء لانهم زعموا ان شرف العناصر بالتشبه بالافلاك.
002 43 «آمنت بمن نور بك الظلم»
الباء فى بك للسببيه او للصله و الايمان و ان اختلف فيه كما عرفت الا انه اذا عدى بالباء كان معناه التصديق القلبى وفاقا، و النور و الضوء مترادفان و قيل بالفرق بان تلك الكيفيه ان كانت من ذات الشى ء فهى ضوء و ان استفيدت من غيره فهى نور و عليه جرى قوله تعالى (جعل الشمس ضياء و القمر نورا)، قيل و لعله اراد بالظلم الاهويه المظلمه لا الظلمات انفسها فانها لا تتصف بالنور، و هو مبنى على ان الهواء يتكيف بالضوء و هو محل خلاف فالذين جعلوا اللون شرطا فى التكيف بالضوء منعوا منه و حينئذ فالمراد بتنوير الظلم اعدامها باحداث الضوء فى محالها بناء على ان الظلمه كيفيه وجوديه كما حققناه فى اول الكتاب.
«البهم»
جمع بهمه و هو ما يصعب على الحاسه ادراكه ان كان محسوسا و على الفهم ان كان معقولا.
«و جعلك آيه» التنوين اما للنوعيه او للتعظيم و احتمال التحقير كما قيل بعيد جدا.
«سلطانه»
مصدر بمعنى الغلبه و التسلط و قد يجى ء بمعنى الحجه و الدليل لتسلطه على القلب و اخذه بعنانه.
«و امتهنك بالزياده و النقصان»
اى استعملك فى المهنه بالفتح و الكسر اى الخدمه و الذل و المشقه و هو كالبيان لقوله آيه و حصول الامتهان له بالنقصان ظاهر، و اما توجيهه بالزياده فقد ذكر له و جهان، احدهما: انه كان احد وجهيه مستنيرا بالشمس دائما و كانت زياده انما هى بحسب احساسا فقط و قد سخره الامر الالهى لان يتحرك فى النصف الاول من الشهر
002 43 على نهج لا يزيد به المنير فى كل ليله الا شيئا يسيرا لا يستطيع ان يتخطاه و لا يقدر على ان يتعداه، اثبت عليه السلام له الامتهان بسبب اذلاله و تسخيره للزياده على هذا الوجه المقرر و النهج الخاص، و ثانيهما ان يكون مراده عليه السلام الامتهان بمجموع الزياده و النقصان اعنى التغير من حال الى حال و عدم البقاء على شكل واحد، و هذا الوجه جار فيما نسبه عليه السلام من الامتهان بالطلوع و الافول و الاناره و الخسوف و وجه امتهانه بالاناره بوجه آخر و هو ان يراد بها اعطاوه النور للغير كوجه الارض مثلا لا اتصافه بالنور فان الاناره و الاضاءه كما جاءا فى اللغه لازمين فقد جاءا متعديين ايضا فقال ينبغى ان يراد بالكسوف كسفه للشمس لتتم المقابله و يصير المعنى امتهنك بان تفيض النور على الغير تاره و تسلبه عنه اخرى و لو اريد المعنى الشامل للخسوف او نفس الخسوف لم يكن فيه بعد.
003 43 «سبحانه ما اعجب ما دبر فى امرك و الطف ما صنع فى شانك»
سبحان مصدر بمعنى التنزيه عن النقايص و لا يستعمل الا محذوفا للفعل منصوبا على المصدريه، لكنه صار فى الشرع علما لا على مراتب التعظيم و التنزيه التى لا يستحقها الا هو سبحانه و لذلك لا يجوز استعمالها فى غيره تعالى، و اليه ينظر ما قال بعض الافاضل من ان التنزيه المستفاد من سبحان الله ثلاثه انواع تنزيه الذات عن نقص الامكان الذى ينتج السوء، و تنزيه الصفات عن وصمه الحدوث بل عن كونها مغايره للذات المقدسه و زائده عليها، و تنزيه الافعال عن القبح بل عن كونها جالبه اليه تعالى نفعا او دافعه عنه سبحانه ضررا كافعال العباد، و ما تحتمل الموصوليه و الموصوفيه و الاستفهاميه على الخلاف فى ما التى للتعجب، و الامر و الشان مترادفان.
«جعلك مفتاح شهر حادث لامر حادث»
الظرف اما ان يتعلق بحادث اى ان حدوث ذلك الشهر و تجدده انما هو لاجل امضاء امر حادث مجرد و اما ان يتعلق بجعل و التنوين فى امر للابهام و عدم التعيين اى امر مبهم علينا حاله و فى تشبيه الهلال بالمفتاح لطافه حيث ان له ميلا و انعطافا و اعوجاجا كاكثر المفاتيح.
004 43 «فاسال الله ربى و ربك»
الفاء اما ان تكون للسببيه مثلها فى قوله تعالى: (الم تر ان الله انزل من السماء
004 43 ماء فتصبح الارض مخضره) فان ذلك الامر لما ابهم كان ابهامه سببا لان يسال الله سبحانه ان يكون بركه و امنا، و اما ان تكون فصيحه اما بتقدير شرط كما زعمه الخوارزمى او لا بتقديره كما نقل عن السكاكى اى و هو مبهم فاسال الله، و الظاهر ان تقدير الشرط عنده غير مناف لفصاحتها كما بينه الفاضل الشريف فى بحث الايجاز و الاطناب من شرح المفتاح، و الاتيان بلفظ الجلاله اما للتعظيم و التبرك و الاستلذاذ، او لاراده الوصف لما بعده اذ المضمر لا يوصف، و قول الكسائى بجواز وصف ضمير الغائب لكثره الاشتراك فيه ضعيف و اضافه الرب الى ضمير المتكلم من اضافه الصفه الى غير معمولها نحو كريم البلد اذ الصفه المشبهه لاشتقاقها من الفعل اللازم لا مفعول لها و اضافتها اللفظيه منحصره فى اضافتها الى الفاعل فلذلك جاز وصف المعرفه بها.
«هلال بركه لا تمحقها الايام»
البركه فى اللغه النماء و الزياده فى الخير، و لعل المراد هنا الترقى فى معارج القرب و مدارج الانس يوما فيوما (من استوى يوماه فهو مغبون)، و المحق الابطال و المحو و منه سمى الليالى الثلاث الاخيره من الشهر حاقا لمحق نور القمر منها.
«و طهاره لا تدنسها الاثام»
و يندرج فى الطهاره هنا نزاهه الجوارح من الافعال المستقبحه و اللسان عن الاقوال المستهجنه و النفس عن الاخلاق الذميمه، بل النزاهه عن كل ما يشغل عن التوجه الى جنابه و ذلك بخلع النعلين و التجرد عن الكونين فانهما محرمان على اهل العرفان، و اما تدنيس الاثام للطهاره القلبيه فباعتبار ان كل معصيه يفعلها الانسان يحصل منها ظلمه فى القلب كما يحصل من النفس ظلمه فى المراه و اذا تراكمت ظلمات الذنوب على القلب صارت رينا و طبعا و ختما كما تصير الابخره المتراكمه على وجه المراه صدا، و اما اسناد المحق الى الايام و التدنيس الى الاثام فمجاز عقلى و العلاقه فى الاول زمانيه و فى الثانى سببيه.
005 43 «هلال امن من الافات و سلامه من السيئات»
ينبغى ان يقصد السلامه من الافات الجسمانيه و النفسانيه كالكبر و الحسد و الغل
005 43 و مشتهيات البهيميه و السبعيه، فان طلب الامن (من) هذه الافات المهلكات احق و احرى.
«هلال امن و ايمان و نعمه و احسان»
قال شيخنا البهائى (قده) يمكن ان يراد بالاحسان معناه الظاهر المتعارف، و الانسب ان يراد به المعنى المتداول على لسان اصحاب القلوب و هو الذى فسره صلى الله عليه و آله و سلم بقوله الاحسان ان تعبد الله كانك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك، و حينئذ ينبغى ان يراد بالايمان و الاسلام المرتبتان المعروفتان بعين اليقين و حق اليقين، انتهى. و قد طلب عليه السلام الايمان و الاسلام مرتين احداهما على طريق الاطلاق والاخرى على طريق التقييد، فيحتمل ان يراد بالمطلقه سلامه القلب عن التعلق بغير الحق كما قيل فى قوله تعالى (يوم لا ينفع مال و لا بنون الا من اتى الله بقلب سليم) و اما الامن المطلق فيحتمل ان يراد به طمانينه النفس بحصول راحه الانس فان السالك ما دام فى سيره الى الحق سيكون مضطربا غير مستقر الخاطر لخوف العاقبه و خوف عروض العوائق فاذا ارتفعت الحجب الظلمانيه تنور القلب بنور العيان و حصلت الراحه و الاطمئنان، اذا انتقش هذا كله على لوح بالك فاعلم انه قد استدل بعض اصحابنا من هذه الفقرات على حقيه علم النجوم و على كمال شرفه و مرتبته حيث ان معرفه الكسوف و الخسوف و الزياده و النقصان انما تعرف بالاطلاع على دقائق علمى النجوم و الهيئه، و قد بالغ فى اثبات حقيه هذا العلم و جواز تعلمه و تعليمه الزاهد العابد ابن طاووس و صنف كتابا فى هذا الباب للرد على السيد المرتضى حيث نفاه راسا و هدم بنيانه اساسا و ذهب الى انه كالسحر لا حقيقه له فى الخارج و ما يوافق اقوال المنجمين و اخباراتهم فهو على طريق الاتفاق، و الذى يفهم من تضاعيف الاخبار حقيته و ثبوته و انه من اشرف العلوم الا ان انهينا عن تعلمه و تعليمه و مذاكرته و النظر فيه و تصديق صاحبه فيه، اما الاول فلما رواه الكلينى باسناده الى المعلى بن خنيس قال سالت اباعبدالله عليه السلام عن النجوم اهى حق فقال نعم ان الله عز و جل بعث المشترى الى الارض فى صوره رجل فاخذ رجلا من العجم فعلمه النجوم حتى ظن انه قد بلغ فقال انظر اين المشترى فقال ما اراه فى الفلك و ما ادرى اين هو، قال فنحاه و اخذ بيد رجل من اهل الهند فعلمه حتى ظن انه قد بلغ فقال انظر المشترى اين هو فقال ان حسابى ليدل على انك انت المشترى فشهق
005 43 شهقه فمات و ورث علمه اهله فالعلم هناك، و قال ابوعبدالله عليه السلام و قد سئل عن علم النجوم فقال ما يعلمها الا اهل بيت من العرب و اهل بيت من الهند، و فى روضه الكافى فى حديث طويل عنه عليه السلام يقول فى آخره ان علم الحساب حق و لكن لا يعلم ذلك الا من علم مواليد الخلق كلهم، و فى تفسير العياشى عن ابى عبدالله عليه السلام ان الله تبارك و تعالى خلق روح القدس فلم يخلق خلقا اقرب اليه منها فاذا اراد امرا القاه اليها فالقاه الى النجوم فجرت به، و فى روضه الكافى ايضا عن عبدالرحمن بن سبابه قال قلت لابى عبدالله عليه السلام جعلت فداك الناس يقولون ان النجوم لا يحل النظر اليها و هى تعجبنى فان كانت تضر بدينى فلا حاجه لى فى شى ء يضر بدينى و ان كانت لا تضر بدينى فو الله لاشتهيها و اشتهى النظر فيها، فقال عليه السلام ليس كما يقولون لا تضر بدينك، ثم قال انكم تنظرون فى شى ء منها كثيره لا يدرك و قليله لا ينتفع به تحسبون على طالع القمر الحديث، و اما الثانى و هو النهى عن الخوض فيه فلما صح عن على عليه السلام انه لما اراد المسير الى الخوارج قال له بعض اصحابه ان سرت فى هذا الوقت خشيت ان لا تظفر بمرادك من طريق علم النجوم، فقال عليه السلام اتزعم انك تهدى الى الساعه التى من سار فيها صرف عنه السوء، و تخوف الساعه التى من سار بها حاق به الضر فمن صدقك بهذا فقد كذب القرآن و استغنى عن الاستعانه بالله فى نيل المحبوب و دفع المكروه و ينبغى فى قولك للعامل بامرك ان يوليك الحمد دون ربه لانك بزعمك هديته الى الساعه التى ينال فيها النفع و امن الضر، ايها الناس اياكم و تعلم النجوم الا ما يهتدى به فى بر او بحر فانها تدعو الى الكهانه. المنجم كالكاهن و الكاهن كالساحر و الساحر كالكافر و الكافر فى النار سيروا على اسم الله و عونه، و روى الصدوق فى الفقيه عن عبدالملك بن اعين قال قلت لابى عبدالله عليه السلام انى قد ابتليت بهذا العلم فاريد الحاجه فاذا نظرت الى الطالع و رايت طالع الشر جلست و لم اذهب فيها و اذا رايت طالع الخير ذهبت فى الحاجه فقال لى تقضى؟ قلت نعم قال احرق كتبك، و فى كتاب جعفر بن محمد الدوريسنى باسناده الى ابن مسعود عن النبى صلى الله عليه و آله و سلم انه قال اذا ذكر القدر فامسكوا و اذا ذكر اصحابى فامسكوا و اذا ذكر النجوم فامسكوا، و فى ارشاد المفيد عن ابى جعفر عليه السلام حديث طويل يقول فيه اذا قام القائم عليه السلام كسر كل جناح فى الطريق و ابطل الكنف و الميازيب الى الطرقات و يفتح قسطنطينيه و العبر و جبال الديلم فيمكث على ذلك سبع سنين مقدار كل سنه عشر سنين
005 43 من سنينكم قال قلت جعلت فداك كيف تطول السنون قال يامر الله تعالى للفلك بالثبوت و قله الحركه فتطول الايام لذلك و السنون قال له انهم يقولون ان الفلك اذا تغير فسد قال ذلك قول الزنادقه فاما المسلمون فلا سبيل لهم الى ذلك و قد شق الله القمر لنبيه صلى الله عليه و آله و سلم ورد الشمس من قبله ليوشع بن نون و اخبر بطول يوم القيامه و انه كالف سنه مما تعدون، و الاخبار الداله على هذين الامرين متكثره جدا، و لعل عله النهى عن تعلمه و تعليمه مع ثبوت صحته واقعا عدم طاقه الناس بتحمله و عدم سعه صدورهم لنقله، بل ربما انجر حال صاحبه الى الاعتقاد بتاثير النجوم و شراكتها له تعالى فى التدبير كما شاهدنا من منجمى اعصارنا بل يجوز ان يكون هذا هو وجه الجمع للاخبار الوارده فى هذا الباب بان يقال ان النهى انما توجه الى من اعتقد تاثيرها فى الحوادث بالاستقلال او بالمشاركه و صحتها و ما ورد فيه من الاخبار على انها علامات على بعض حوادث هذا العالم كما ان حركات النبض و اختلاف اوضاعه علامات يستدل بها الطبيب على ما يعرض البدن من الصحه و المرض، مع ان الاحتياط فى الدين تركها راسا اذ يجوز ان تكون العله فى النهى عنها هو ان لا يستخف الناس بمعجزات الانبياء و كرامات الاولياء و يقولون ان ما اخبر به النبى صلى الله عليه و آله من المغيبات فقد اخبر به هذا المنجم، فيدخل على الناس فيه الشبهات و يحقروا اهل الكرامات نعم ما يهتدى به فى بر او بحر و كون القمر فى برج العقرب و ما يشاكل هذا فينبغى تعلمه لوروده فى الشريعه.
006 43 «اللهم اجعلنا من ارضى من طلع عليه و ازكى من نظر اليه»
ارضى كما يجوز ان يكون للفاعل كما هو الموافق للقياس يجوز ان يكون للمفعول ايضا كما فى اعذر و اشهر، و قيل المراد باسم التفضيل هنا ما يشملهما من قبيل استعمال المشترك فى معنييه، و الطلوع قيل المراد به الخروج من تحت الشعاع و قيل المراد به الطلوع الخاص فى مده الليله، و قيل المراد به الطلوع فى الزمن الماضى مطلقا، و الاظهر ان يراد به ظهوره للحس، و المراد بالتزكيه تطهير النفس من الرذائل و جعلها متصفه بسعاده الدارين، و فى قوله: اللهم اجعلنا، انتهى، التفات من الغيبه الى الخطاب و فيه نكته لا تخفى على ذوى الالباب.
«و اسعد من تعبد لك فيه»
الضمائر المجروره من هنا الى آخر الدعاء تابعه الى الهلال بمعنى الشهر و ليس
006 43 كذلك المرفوع فى طلع عليه، و المجرور فى نظر اليه، ففى الكلام استخدام من باب فسقى الغضا.
«و اعصمنا فيه من الحوبه»
العصمه هنا بمعناها اللغوى اعنى الحفظ و اراده المعنى الاصطلاحى اعنى اللطف الذى يفعله الله بالمكلف بحيث لا يكون معه داع الى فعل المعصيه مع قدرته عليها لا يساعد عليه التعديه بمن لعدم معهوديته، و الحوبه الخطيئه.
«و احفظنا فيه من مباشره معصيتك» ما احسن هذا التعبير و الطفه.
007 43 «و البسنا فيه جنن العافيه»
الجنن جمع جنه و هى الستر و الاضافه فيه من قبيل لجين الماء و يجوز جعله استعاره بالكتابه مع الترشح.
001 44
دعاوه عليه السلام اذا دخل شهر رمضان
يجوز ان يراد به الليله الاولى و اليوم الاول و يجوز ان يراد به الدخول العرفى و هو المتبادر حيث تنتفى الحقيقه اللغويه.
001 44 «و جعلنا من اهله»
بان علمنا كيف نحمده او رخص لنا فى حمده فانه لو لم يعلمنا طريق حمده لم نعرفه لعدم اطلاعنا على صفاته الحقيقيه و كنهها و لو لم يرخصنا فيه لكان حمدنا له تعالى من باب حمد احمق الحمقاء لاعظم اعاظم الملوك و السلاطين و هو مستقبح عقلا و عرفا، و الظاهر ان المراد بالجعل هنا الاتصاف و التلبس به فان الهدايه الى الشى ء و ان استلزمت تعريفه لكنها لا تستلزم التلبس به كما لا يخفى.
«و ليجزينا على ذلك جزاء المحسنين»
الظاهر ان هذا عله للجعل كما ان سابقه عله للهدايه و ليس عله للاول كالاول فان الهدايه الى الحمد لا تستلزم الجزاء عليه لما عرفت، و يجوز ايضا ان يكون كل منهما عله لكل منهما بناء على ان الهدايه هنا بمعنى الايصال، و الجزاء يجوز ان يراد به الجزاء الاخروى و يجوز ان يراد به الجزاء الدنيوى و يكون اشاره الى قوله تعالى: (لئن
001 44 شكرتم لازيدنكم)، و يجوز ان يراد به الاعم منهما فان اطلاق الحمد على ما يعم الشكر شايع فى اصطلاح الاخبار كعكسه و يشهد له ما هنا.
002 44 «و حبانا بدينه»
من الحبوه و هى العطيه على طريق الاختصاص و المراد بالدين الاسلام بحكم قوله تعالى ان الدين عند الله الاسلام، و قد خصهم الله تعالى به كما روى عن الصادق عليه السلام انه ما على دين ابراهيم غيرنا و شيعتنا.
«و سبلنا فى سبل احسانه»
اى ادخلنا فى طرق احسانه ادخالا كثيرا من اماكن كثيره.
«حمدا» نصبه على المفعوليه لفعل محذوف او للحمد السابق لقيامه مقام الفعل.
003 44 «شهر رمضان»
الرمضان مصدر رمض اذا احترق من الرمضاء فاضيف اليه الشهر و جعل علما و منع الصرف و حينئذ فقوله عليه السلام من صام رمضان ايمانا و احتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه من باب حذف احد جزاى العلم لامن اللبس، و اما وجه التسميه فلان الصوم فيه عباده قديمه فكانهم سموه بذلك لارتماضهم فيه من حر الجوع، و قيل لما نقلوا اسماء الشهور عن اللغه القديمه سموها بالازمنه التى وقعت فيها فوافق هذا الشهر ايام رمض الحر، و قيل انما سمى رمضان لانه يرمض الذنوب اى يحرقها، و قيل ان رمضان اسم من اسماء الله تعالى و لذا روى لا تقل جاء رمضان و لا ذهب رمضان و لكن قل شهر رمضان فانك لا تدرى ما رمضان.
«و شهر الاسلام»
اى الانقياد و الطاعه الذى هو اعلى مراتب الايمان، و هو المراد من قوله تعالى حكايه عن خليله «حنيفا مسلما»، و يجوز ان يراد به معناه العام فان هذا الشهر من شعائر المسلمين يعرفون به و يميزون به عن غيرهم من ذوى الملل و الاديان.
«و شهر التمحيص»
اى الابتلاء و الاختيار و محو الذنوب و التخليص منها فانه قد اتى فى اللغه بهما.
003 44 «و شهر الطهور»
على المصدر و الاضافه من باب اضافه الظرف الى المظروف و السبب الى المسبب كما فى شهر الصيام، و بالفتح على فعول اما للمبالغه او بمعنى ما به الطهور من باب اقذار الذنوب و ادناس السيئات.
«الذى انزل فيه القرآن»
فانه نزل فيه جمله واحده الى سماء الدنيا ثم نزل نجوما الى الارض و هو مروى عن الصادق عليه السلام و قد مر الكلام مفصلا فيه فى اول الكتاب.
«هدى للناس و بينات من الهدى و الفرقان»
اى حال كونه هاديا للناس و مشتملا على علامات ظاهره من الهدايه و ما يفرق به بين الحق و الباطل، و المراد بالهدى الاول الهدى من الضلاله و بالثانى الحلال و الحرام، و قيل المراد من الاول ما كلف من العلم و بالثانى ما يشتمل عليه من ذكر الانبياء و شرائعهم و اخبارهم فانها لا تدرك الا به.
004 44 «الموفوره» المتكثره.
005 44 «سلام دائم البركه»
اى يسلمون سلاما دائم البركه على الامام عليه السلام فحذف الفعل و عدل الى الجمله الاسميه لاراده الثبوت و الاستمرار، و قيل المراد انه ما يتنزل فى تلك الليله الا السلامه و الخير و الاحسان، و اما النقمات و الشدائد فيقضى فى غيرها من الليالى، و الاول هو المروى عنه عليه السلام.
«على من يشاء من عباده»
و هو امام العصر عليه السلام و التعبير بمثله اما للتقيه او للتعظيم، و الظرف اما متعلق بالسلام و اما متعلق بالتنزل.
«بما احكم من قضائه»
اى بقضائه المحكم المبرم الذى لا يتطرق اليه محو و لا اثبات بخلاف غيرها من الليالى.
006 44 «بكف الجوارح»
الظاهره و الباطنه مما سواه تعالى، روى انه صلى الله عليه و آله و سلم سمع امراه تسب جاريه و هى صائمه فدعا رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم بطعام فقال لها كلى فقالت انى صائمه فقال كيف تكونين صائمه و قد سببت جاريتك ان الصوم ليس من الطعام و الشراب وحده، و الظاهر ان دعاءه عليه السلام لها بالطعام بناء على علمه عليه السلام بان صومها كان تطوعا، و يحتمل وجوبه، و يكون مثل هذا من باب التاديب يعنى ان مثل هذا الصوم لا يثاب عليه صاحبه بل وجوده كعدمه و ان كان يجب اتمامه، و الحاصل ان المراد طلب التوفيق لهذا الصوم الكامل، و قيل ان الباء بمعنى مع و هو كما ترى.
007 44 «لا تعى» لا تحفظ و لا تجمع ماخوذ من الوعاء و هو الظرف.
«الا بما مثلت» المثل لحركه الحجه و الحديث و قد مثل به تمثيلا اذا صوره.
«و سمعه المستمعين»
الفرق بين الرياء و السمعه ان الرياء يكون مقارنا و السمعه تكون بعده.
008 44 «وقفنا فيه»
من الوقوف و فى خ بالواوين و التشديد من التوقيف اى اجعلنا ذى وقوف عليها لا نتجاوزها.
«بحدودها التى حددت»
قال الصادق عليه السلام الصلاه لها اربعه آلاف حد و هى عباره عما يتعلق بها من الاحكام الواجبه (و) المستحبه، و قد صنف بعض اصحابنا كتابا فى تفصيل هذه الاحكام.
«و فروضها التى فرضت»
هذا و ما بعده من باب عطف الخاص على العام، و المراد بوظائفها.
009 44 الحافظين لاركانها»
الظاهر ان المراد بالاركان هنا واجباتها المحثوث عليها شرعا، و يجوز اراده المعنى المصطلح منها.
010 44 «و ان نسالم» المسالمه المصالحه.
011 44 «حتى لا يورد عليك احد من ملائكتك الا دون ما نورد من ابواب الطاعه»
لهذه الفقره معنيان، احدهما ان يكون قد طلب ان تكون جرائمه ادون و اقل من طاعاته حتى تكون طاعاته مكفره لسيئاته، و التقدير لا يصعد اليك احد من حفظه اعمالنا بشى ء من ذنوبنا الا ان تكون تلك الذنوب اقل مما يصعدون به اليك من طاعاتنا، و ثانيها ان تكون الطاعات الصادره منا كثيره بحيث يكون كلما يورد الملائكه و يصعدون به منها اقل مما يصدر منا و نفعله من تلك الطاعات كما ان بعض الطاعات لعظمه لا يحصيها و لا يثنيها الا هو سبحانه، و ثالثها طلب ان تكون طاعاته اكثر من طاعات سائر الملائكه، و حاصله ان كل طاعه تصدر من احد من الملائكه تكون اقل من الطاعه الصادره منى، و لعل هذا المعنى هو الاظهر.
012 44 «الرفيع الاعلى برحمتك»
و هو اعلى درجات الجنه الذى هو محل الانبياء عليهم السلام و منزلهم، و الظرف متعلق باجعلنا و يجوز تعلقه باستحق.
013 44 «و جنبنا الالحاد فى توحيدك»
الالحاد الميل و كان المراد الميل عن التوحيد الخالص.
«و الانخداع لعدوك»
اما ان تكون اللام بمعنى من و اما ان يضمن الانخداع معنى الطاعه و نحوها.
014 44 «و اذا كان»
اذا هنا للتعليل لكنها لما تضمنت معنى الشرط دخلت الفاء فى جوابها.
015 44 «امحاق»
الامحاق الابطال و المحو من باب الانفعال او الافتعال على مطاوعه محقه فانمحق و امتحق فابدلت النون او التاء ميما و ادغمت احدى الميمين فى الاخرى.
017 44 «اشحنه»
املاه و الضمير للشهر، (الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون) لفظ الارث استعاره لاستحقاقهم الفردوس باعمالهم و ان كان مقتضى وعده مبالغه فيه، كذا قال جمهور المفسرين و المروى عن الائمه الطاهرين عليهم السلام ان المومنين يرثون من الكفار منازلهم فيها حيث فوتوها على انفسهم، لانه تعالى خلق لكل انسان منزلا فى الجنه و منزلا فى النار.
018 44 «و الذين يوتون ما آتوا»
اى يعطون ما اعطوا من الصدقات. «و قلوبهم و جله» خائفه ان لا يقبل منهم و ان لا يقع على الوجه اللائق فيوخذوا به. (انهم الى ربهم راجعون) لان مرجعهم اليه او (من) ان مرجعهم اليه و هو يعلم ما يخفى عليهم. (و من الذين يسارعون فى الخيرات) اى يرغبون فى الطاعات اشد الرغبه فيبادرون اليها او انهم يتعجلون فى الدعاء المنافع و وجوه الاكرام كما قال فاتاهم الله ثواب الدنيا و حسن ثواب الاخره.
«و هم لها سابقون»
اى فاعلون السبق و سابقون الناس لاجلها او اياها سابقون اى فياتونها قبل الاخره حيث عجلت لهم فى الدنيا.
001 45 و كان من دعائه عليه السلام فى وداع شهر رمضان
قيل باستحباب قراءته آخر يوم من الشهر و قيل فى ليله العيد، و يويده ما سياتى من قوله عليه السلام السلام عليك ما كان احرصنا بالامس عليك و اشد شوقنا غدا اليك، و قيل بما يسمى آخره عرفا، و فى توقيع صاحب الزمان فى جواب كتابه لمحمد بن عبدالله بن جعفر الحميرى استحباب قراءته آخر ليله من الشهر، و كذا يستحب فى آخر جمعه لما رواه السيد الاجل السيد على بن طاووس فى كتاب الاقبال، و هذان الوقتان هما وقته و لا اعتبار بغيرهما.
001 45 «لا يرغب فى الجزاء»
اى لا يحرص عليه و ينتفع فيه حتى يجازى على مقدار الاعمال بل جازى على الحسنه بعشر امثالها.
003 45 «و يا من لا يكافى ء عبده على السواء»
يعنى لم تعامل المجرمين بالعدل بل عاملتهم بالتفضل، او انه اذا عمل احد خيرا فى جنبك لم تعامله بالعدل بان تجازيه حسنه بل تعامله بالتفضل فتجازيه بالحسنه سبعمائه بحكم قولك (كمثل حبه انبتت سبع سنابل فى كل سنبله مائه حبه).
006 45 «تشكر من شكرك»
اى تجازيه على شكره فالتسميه لمجاز المقابله، و الاظهر انه عباره عما روى من ان العبد اذا عمل عملا خالصا باهى الله به الملائكه و ارواح الانبياء، كما قال تعالى فى الحديث القدسى يابن آدم اذكرنى فى ملاك اذكرك فى ملا خير منه.
009 45 «من قصد لنفسه بالظلم»
الظرف الاخير متعلق بقصد و الباء زائده او بتضمن ما يتعدى بها، و يجوز ان تكون الباء للسببيه و مفعول الفعل محذوف اى قصد المهالك و العذاب بسبب ظلمه ، و الظرف الاول على هذا الاخير يجوز تعلقه بالفعل و يجوز تعلقه بالمصدر من تاخر عنه.
009 45 «باناتك» اى بتاخير عذابهم و مواخذتهم.
«كيلا يهلك عليك هالكهم»
المراد بالهلاك هنا الهلاك المعنوى و هو الموت على غير بصيره فانه مستوجب للعذاب الدائم، و معنى يهلك عليك اى يهلك على يديك كما يقال فلان كان هلاكه على يد فلان اى كان هو القاتل له.
«و لا يشقى بنعمتك»
الباء للمصاحبه اى مع وجودها او للسببيه فان النعمه قد تبعث على الشقاوه، قال تعالى: (ان الانسان ليطغى ان رآه استغنى).
«الاعذار» من التهديد بايصال المكروه اليه.
010 45 «و عائده» العائده الصله و التفضل.
«دليلا من وحيك» و هو الايه الاتيه و احتمال ارادته صلى الله عليه و آله و سلم بعيد.
«تبارك اسمك»
تنزه عن شوائب النقص كما قال تعالى ايا ما تدعو فله الاسماء الحسنى. (توبوا الى الله توبه نصوحا) قيل فيها ضروب من التفسير، الاول المراد بها توبه تنصح الناس اى تدعوهم الى الاتيان بمثلها لظهور آثارها الحسنه على صاحبها، او تنصح صاحبها فيقلع عن الذنوب ثم لا يعود اليها ابدا، الثانى انها الخالصه له تعالى من قولهم عسل نصوح اذا كان خالصا من الشمع، الثالث ان النصوح ماخوذ من النصاحه و هى الخياطه لانها تنصح من الدين ما مزقته الذنوب، او انها تجمع بين التائب و بين اولياء الله كما تجمع الخياطه بين قطع الثوب، الرابع ان النصوح وصف التائب و اسناده الى التوبه من قبيل الاسناد المجازى اى توبه ينصحون بها انفسهم و يمحون بها سيئاتهم، و روى ان اميرالمومنين عليه السلام سمع اعرابيا يقول اللهم انى استغفرك و اتوب اليك فقال يا هذا ان سرعه اللسان بالتوبه توبه الكذابين، قال و ما التوبه قال يجمعها سته اشياء على الماضى من الذنوب الندامه و الفرائض الاعاده ورد المظالم و استحلال الخصوم و ان تعزم على ان لا تعود و ان تذيب نفسك فى طاعه الله كما ربيتها فى المعصيه و ان تذيقها مراره الطاعات كما اذقتها حلاوه المعاصى، هذا ما ذكره المفسرون و اما ما فى الاخبار ففى
010 45 بعض الروايات عن الصادق عليه السلام ان المراد بها صوم يوم الاربعاء و الخميس و يوم الجمعه فى بعض منها، و عنه ايضا ان النصوح هو ان يكون باطن الرجل كظاهره و افضل، و قال عليه السلام اذا تاب الرجل توبه نصوحا احبه الله فستر عليه فى الدنيا و الاخره فقلت و كيف يستر عليه قال ينسى ملائكته ما كتبا عليه من الذنوب و يوحى الى جوارحه اكتمى عليه ذنوبه و يوحى الى بقاع الارض اكتمى ما كان يعمل عليك من الذنوب فيلقى الله و لا يشهد عليه احد.
«عسى ربكم»
اطماع من الله لعباده و فيه وجهان: الاول انه جار على ديدن الجبابره من الاجابه بعسى و لعل و وقوع ذلك منهم موقع القطع و البت، الثانى انه تعليم للعباد فى وجوب الترجح بين الخوف و الرجاء و يويد الاول قراءه ابن عبله و يدخلكم بالجزم لعطفه على محل عسى ان يكفر كانه قال توبوا توبه توجب تكفير سيئاتكم و تدخلكم (جنات).
«تجرى من تحتها» اى من تحت اشجارها او من تحت قصورها و بنيانها.
011 45 «يوم لا يخزى»
من هنا الى آخر الايه يكتب تاره فى الصحائف و اخرى على الهامش، و نصب الظرف بيدخلكم و هو تعريض بمن اخزاهم الله من اهل الكفر و الفسوق و استحمادا الى المومنين على انه عصمهم من مثل حالهم.
«يسعى نورهم» على الصراط او فى عرصات القيامه.
«اتمم لنا نورنا»
قيل بقوله (اتمم لنا نورنا) اى ادناهم منزله لانهم يعطون من النور قدر ما يبصرون مواطى ء اقدامهم لان النور على قدر الاعمال فيسالون اتمامه تفضلا.
«ذلك المنزل» و هو عفوه تعالى.
012 45 «فى السوم» المساومه المجاذبه بين البايع و المشترى على السلعه و فضل ثمنها.
012 45 «بالوفاده» اى القدوم.
«من جاء بالحسنه»
قال الصادق عليه السلام ويل لمن غلبت آحاده اعشاره فقلت له و كيف هذا فقال اما سمعت الله عز و جل يقول: (من جاء بالحسنه) الايه فالحسنه الواحده اذا عملها كتبت واحده فنعوذ بالله ممن يرتكب فى يوم واحد عشر سيئات و لا يكون له حسنه واحده فتغلب حسناته سيئاته.
013 45 «مثل الذين ينفقون اموالهم»
اى مثل نفقتهم و صدقاتهم كمثل حبه او مثلهم كمثل باذر حبه و سبيل الله هو الجهاد و سائر الطاعات، و قيل هو الجهاد خاصه و اما غيره من الطاعات فانما يجزى بالواحده عشره امثالها لا غير، و الاول هو الموافق للروايه و حاصل الايه ان النفقه فى سبيل الله بسبعمائه ضعف و قوله: (و الله يضاعف لمن يشاء) معناه انه يزيد عليها او يضاعف هذه المضاعفه لمن يشاء، و روى العياشى فى تفسيره عن المفضل الجعفى قال سالت اباعبدالله عليه السلام عن قول الله حبه انبتت سبع سنابل قال الحبه فاطمه عليهماالسلام و السبعه السنابل سبعه من ولدها سابعهم قائمهم قلت الحسن قال ان الحسن امام من الله مفترض طاعته و لكن ليس من السنابل السبعه اولهم الحسين و آخرهم القائم فقلت قوله (فى كل سنبله مائه حبه) فقال يولد للرجل منهم فى الكوفه مائه من صلبه و ليس ذاك الا هولاء السبعه و هو تفسير لباطن الايه و مع هذا فلا يخلو من اشكال الا ان يراد حذف مكرر اسمائهم عليهم السلام
«و قلت من ذا الذى يقرض الله»
فى اكثر النسخ نصب يضاعفه و ذكر الزمخشرى ان الرفع احسن منه لان الاستفهام انما هو عن فاعل الاقراض لا عنه، و وجه النصب حمل الكلام على المعنى و ذلك لانه لما كان المعنى ايكون قرض؟ حمل قوله فيضاعفه على ذلك و نصب اضعافا على الحال من الضمير المنصوب او المفعول الثانى لتضمن المضاعفه معنى التصير و المراد بهذا الاستفهام الامر و ليس بقرض حاجه على ما ظنه اليهود فقالوا انما يستقرض منا ربنا عن عوز فاذا هو فقير و نحن اغنياء، بل سمى سبحانه الانفاق قرضا
013 45 تلطفا الى فعله و تاكيدا للجزاء عليه فان القرض يوجب الجزاء، و القرض الحسن ان ينفق من حلال و لا يفسده بمن و لا اذى، و قيل هو ان يكون طلق الوجه عند الانفاق، و عن الصادق عليه السلام انه قال نزلت هذه الايه (من جاء بالحسنه فله خير منها) قال رسول الله صلى الله عليه و آله رب زدنى، فانزل الله سبحانه (من جاء بالحسنه فله عشر امثالها) قال رسول الله صلى الله عليه و آله رب زدنى، فانزل الله (من ذا الذى يقرض الله قرضا حسنا) الايه. و الكثير عند الله لا يحصى، و يجوز تنزيل هذه المراتب على اختلاف نيات العاملين و تفاوتهم فى الاخلاص، و الاظهر فى وجه الجمع ما روى عن النبى صلى الله عليه و آله و سلم انه قال «الصدقه على خمسه اجزاء جزء الصدقه فيه بعشره و هى الصدقه العامه قال الله تعالى (من جاء بالحسنه فله عشر امثالها) و جزء الصدقه فيه بسبعين و هى الصدقه على ذوى العاهات و جزء الصدقه فيه بسبعمائه و هى الصدقه على ذوى الارحام و جزء الصدقه فيه بسبعه آلاف و هى الصدقه على العلماء و جزء الصدقه فيه بسبعين الفا و هى الصدقه على الموتى.
017 45 «ما وجد فى حمدك مذهب» اى مده دوام وجود المذهب الى حمدك او ما دام.
«و معنى ينصرف اليه» و هو المحمود عليه كالصفات و الافعال.
018 45 «تحمد» باب التفعل هنا للطلب اى طلب منهم حمده بسبب الاحسان.
«و غمرهم» غطاهم.
019 45 «و ملتك التى ارتضيت»
قال الراغب المله كالدين و هو اسم لما شرع الله لعباده على لسان الانبياء ليتوصلوا الى جوار الله و الفرق بينها و بين الدين ان المله لا تضاف الا الى النبى عليه السلام نحو اتبعوا مله ابراهيم و لا تكاد توجد مضافه الى الله و لا الى آحاد النبى صلى الله عليه و آله و سلم و لا تستعمل الا فى جمله الشرائع دون آحادها فلا يقال للصلاه مله الله كما يقال دين الله و اصل المله من امللت الكتاب، انتهى.
023 45 «الذمام» اى العهد.
025 45 «قربت فيه الامال»
بسبب استجابه الدعوات فيه فكل من امل شيئا فى غيره و كان امله بعيدا عنه صار
025 45 قريبا اليه مشرفا على الوصول اليه، و قيل معناه ان اهل الامال لما علموا ثوابه الاخروى احبوا لقاء الله فقصروا آمالهم الدنيويه حبا للقائه تعالى.
026 45 «و افجع» الفجع ان يوجع الانسان بشى ء كرم عليه.
027 45 «مقبلا»
و فى ش على صيغه المفعول فهو بمعنى الاقبال اى اقبالا مونسا كقوله تعالى:
(ادخلنى مدخل صدق) على قراءه الفتح او انس باقباله علينا كما نقول سترنا اكراما اى باكرامه.
«فمض» يقال مض الجرح اذا اوجع.
033 45 «لا تنافسه الايام» اى لا تجادله و لا تنازعه فانه خير منها.
036 45 «كما وفدت» الكاف للتعليل اى لقدومك.
037 45 «برما» سامه و ملالا.
042 45 «و على فضلك الذى حرمناه»
اى حرمنا دوامه و استمراره فالسلام على ذلك الفضل الذى عقد حصل، و يجوز له ان يكون السلام على الفضل الذى لم يحصل و يكون من قبيل حسن الطلب.
043 45 «حين جهل الاشقياء وقته»
المراد بالاشقياء الكفار، و يجوز اراده المخالفين ايضا فانهم لما لم يحافظوا على حرمته فكانهم لم يعلموه و لم يعرفوا وقت احواله و خروجه نظير قوله تعالى: (و لبئس ما اشتروا انفسهم لو كانوا يعلمون).
045 45 «فلك الحمد اقرارا بالاساءه»
اى لاجل الاقرار بالذنوب حتى يكون الحمد مكفرا لها او فى حال الاقرار بها لانه من اعظم الاعمال و اشرفها فلذا استحق الحمد عليها، و التقدير لك الحمد على الاقرار بالاساءه، و يجوز ان يكون مفعولا مطلقا لفعل محذوف.
«عقد الندم» اى التوبه الخالصه التى عقدنا قلوبنا عليها.
045 45 «فاجرنا على ما اصابنا فيه من التفريط»
اى على الاعمال القليله التى فرطنا فى آدابها و فى رعايتها، او على الغم و الحزن الذى حصل لنا بسبب التفريط، و يحتمل ان يكون قد طلب الاجر على نفس التفريط مع انه من اسباب العذاب تعويلا على قوله تعالى: (اولئك الذين يبدل الله سيئاتهم حسنات).
«المحروص عليه»
فى اكثر النسخ بالصاد المهمله و فى بعضها بالضاد المعجمه بمعنى المرغب فيه، و فى البعض الاخر بالخاء المعجمه و الصاد المهمله من الخرص و التخمين للتنبيه على ان ما نومله من الاجر انما هو على سبيل الخرص و التخمين لا على وجه الاستحقاق و الاستيجاب.
047 45 «الممنا» اى باشرنا و قصدنا و اللمم صغار الذنوب.
«او انتهكنا» الانتهاك المبالغه فى الشى ء.
050 45 «حق رعايته» على ما فى ش يكون الضمير عائد الى الحق المضاف الى هذا الشهر.
«وجدك» الوجد الغنى.
«لا يغيض» اى لا ينقص.
052 45 «اللهم انا نتوب اليك فى يوم فطرنا»
هذا ربما يويد القول باستحباب قراءته يوم العيد.
«و محتشدا» كالبيان لما قبله.
«نصوحا من الشك» خالصه منه و هو اشاره الى احد معانى التوبه النصوح.
053 45 «و كابه»
الحزن و الغم. اوجبت لهم محبتك بقولك ان الله يحب التوابين، و فى الحديث التائب حبيب الله.
056 45 «و على انبيائك المرسلين»
و هم ثلاثمائه و ثلاثه عشر و الفرق بين النبى و الرسول ان الرسول من كان له كتاب و النبى اعم منه.
001 46
و كان من دعائه عليه السلام فى يوم الفطر
002 46 «من لا تقبله البلاد»
ناظر الى استحباب صلاه العيد فى الجبانه فكان البلاد لم تقبل المصلى حتى خرج عنها الى الصحراء.
003 46 «و يا من لا يحتقر اهل الحاجه اليه»
كما فى غيره تعالى فان المحتاج اليه يرى المحتاج حقيرا فى نظره غالبا.
005 46 «لا يجبه بالرد اهل الداله عليه»
يقال جبهه: اى ضرب جبهته و هو كنايه عن الخيبه و عدم نيل المطلوب، و الداله ماخوذه من الدلال و المراد باهل الداله الجماعه المنبسطين معه المفرطين عليه وثوقا بحبه ماخوذ من يدل بوزن يكرم و قيل من يدل بوزن ينصر اى يشير بالدليل اليه مع تنزه ساحته سبحانه ان يعرف بالدليل.
006 46 «و يا من يجتبى صغير ما يتحف به»
الاجتباء الاختيار و الاصطفاء و كونه صغيرا انما هو بالنسبه الى ما يستحقه كبرياوه و جبروته و الا فالطاعات كلها كبار.
007 46 «و يجازى بالجليل» اى بالجزاء الجليل.
008 46 «و يا من يدنو الى من دنا منه»
كما روى فى الحديث القدسى ان من تقرب الى شبرا تقربت اليه ذراعا و من تقرب الى ذراعا تقربت اليه باعا و من مشى الى هرولت اليه. و فى الدعاء يا من يدلج بين يدى المدلج من خلقه، اى سبق بالجزاء من بادر الى العمل.
011 46 «حتى ينميها»
كما روى ان الصدقه تقع بيد الرحمن فيربيها كما يربى احدكم فلوه او فصيله.
«حتى يعفيها»
اى يمحوها- كما روى ان العبد اذا اذنب ذنبا اطلعت عليه الملائكه و اثبت فى الصحائف و الالواح فاذا تاب الى الله تعالى محى من خواطر الملائكه.
012 46 «انصرفت الامال دون مدى كرمك بالحاجات»
المدى تاره اتى بمعنى نهايه المسافه و اخرى بمعنى بدايتها، فعلى الاول معناه ان الموملين انصرفوا بحاجاتهم مقضيه بالنسبه الى اول مرتبه من كرمك من غير احتياج الى اعمال فكر و رويه و كسب و مبالغه منك فى قضائها حتى ينتهى قضاوها الى نهايه كرمك، و اما على الثانى فمعناه ان حاجاتهم قد قضيت برحمتك و بركاتك من غير حاجه الى وصولها الى درجه من درجات كرمك و اتصافك بالكرم لاجلها كما فى سائر الناس، و هذا المعنى الطف و ادق، و قيل ان دون بمعنى عند و هو كما ترى.
«اوعيه الطلبات»
ظروف اهل الحوائج و الظاهر ان الاضافه تلبسيه و الكلام من باب الاستعاره.
«و تفسخت دون بلوغ نعتك الصفات»
اى وصف الواصفين قد انقطع قبل ان يبلغ الى نعتك و حاصله انهم لم يقدروا على وصفك لعدم اطلاعهم على صفاتك و ذاتك، و قد سبق لهذه الفقره معان اخرى فارجع اليها.
013 46 «الملمون» النازلون.
«و اجدب المنتجعون الا من انتجع فضلك»
الاجداب انقطاع المطر و المنتجع طالب الكلا، و المعنى انه قد انقلع مطر الرحمه عن طالب الكلا و الخير الا عمن طلب كلا فضل رحمتك.
015 46 «و لا ييئس» فتح الهمزه و الكسر كما فى بعض النسخ شاذ.
016 46 «ناواك» عاداك و ضادك.
«عن النزوع» اى الرجوع.
017 46 «خذلته لها» تركته لها.
018 46 «لم يهن» من الوهن و هو الضعف.
«و لم يدحض» اى لم يبطل.
021 46 «و ابليت الاعذار»
اى اديتها فقبلت قال فى القاموس ابلاه عذرا اى اداه اليه فقبله، و يجوز ان يكون من قولهم ابليت الثوب اى صيرته خلقا باليا يعنى ان اعذارك من الوعد و الوعيد و وصول المكاره و ارسال الرسل لتكررها و كثرتها كانها صارت كالثوب الخلق من تكرر لبسه.
024 46 «فههنى»
اى اعيانى فان قلت لم نسب التقصير الى التحميد و التفهيه و العى الى التمجيد، قلت الغالب فى لسان الشريعه الاتيان بمقام التحميد فى مقابله الاحسان كما اشار اليه عز شانه فى فاتحه الكتاب حيث جعل الحمد بازاء كونه ربا اى مربيا للعالمين، على انه مقام مبذول، الناس كلهم يعرفون كيفيه حمده تعالى شانه فيكون السكوت عنه تقصيرا، و اما التمجيد فهو مقام عال فوق مقام التحميد و هو نعت البارى عز جلاله بنعوت الجمال و صفات الجلال، و قوله عليه السلام ما عبدتك خوفا من نارك و لا طمعا فى جنتك اشاره الى مقام التحميد، و قوله و لكن وجدتك اهلا، المراد منه مقام التمجيد، فهو عدول من مقام الى آخر اجل و اعلى و هذا المقام موقوف على الخواص غير مبتذل للناس فالسكوت عنه عجز و تفهيه فكانه قال امساكى عن التمجيد تفهيه وعى.
«و قصاراى الاقرار بالحسور»
اى جهدى و غايتى الاعتراف بالكلال و الانقطاع عن تمجيدك.
001 47 و كان من دعائه عليه السلام فى يوم عرفه
و ما قبله يسمى يوم الترويه و للتسميه بهما وجوه مذكوره فى الاخبار، منها ان الله تعالى اهبط آدم على الصفا و حوا على المروه و به سمى الجبلان لنزول صفى الله على الصفا و نزول المراه و هى حوا على المروه فنظر اليها فى يوم ثامن ذى الحجه فلم يعرفها لبعد العهد و لطول مده بكائهما على ما اتيا به فتروى فى ذلك اليوم و تفكر، و عرفها فى يوم عرفه فهو ماخوذ من المعرفه، و منها ان الخليل على نبينا و آله و عليه السلام راى فى الليله الثامنه انه يذبح ولده فتروى فى ذلك اليوم و تامل هل هو اضغاث احلام ام وحى و الهام فعرفه فى اليوم التاسع، و منها قول الصادق عليه السلام ان جبرئيل عليه السلام خرج بابراهيم يوم عرفه فلما زالت الشمس قال جبرئيل اعترف بذنبك و اعرف مناسكك فسميت عرفات لقول جبرائيل اعرف و اعترف، و منها ما روى ان آدم عليه السلام لما كان تحت العرش راى اسم النبى و الائمه عليهم السلام مكتوبا على ساق العرش بسطور من نور، فتروى و تفكر فى اليوم الثامن فيهم و فى مراتبهم و عرفهم فى اليوم التاسع، و منها انها ماخوذه من عرف الديك فسميت عرفات لارتفاعها، و منها ما روى ان جبرئيل عليه السلام كان يرى ابراهيم عليه السلام فيقول عرفت عرفت، و منها ان الناس كانوا يتعارفون فيه.
001 47 «الحمدلله رب العالمين»
قال الشيخ الكفعمى و اعلم ان هذا الاسم و هو الله قد امتاز عن غيره من الاسماء الحسنى بامور عشره الاول و الثانى و الثالث انه اشهر اسماء الله تعالى و اعلاها محلا فى القرآن و اعلاها محلا فى الدعاء، و الرابع و الخامس و السادس انه جعل امام سائر الاسماء، و خصت به كلمه الاخلاص و وقعت به الشهاده، و السابع انه علم على الذات المقدسه فلا يطلق على غيره حقيقه و لا مجاز، قال الله تعالى (هل تعلم له سميا) هل احد يسمى الله، الثامن ان هذا الاسم الشريف دل على الذات المقدسه الموصوفه بجميع الكمالات، و باقى الاسماء لا تدل آحادها الا على آحاد المعانى كالقادر على القدره و العالم على العلم، او فعل منسوب الى الذات مثل قوله الرحمن فانه اسم للذات مع اعتبار الرحمه، التاسع انه اسم غير صفه بخلاف سائر الاسماء فانها تقع
001 47 صفات، العاشر ان جميع اسمائه الحسنى تتسمى بهذا الاسم و لا يتسمى هو بشى ء منها فلا يقال الله اسم من اسماء الغفور او الرحيم، و لكن يقال الغفور اسم من اسماء الله تعالى، و رايت فى كتاب الدر المنتظم فى السر الاعظم لمحمد بن طلحه ان الجلاله تدل على التسعه و التسعين اسما لانك اذا قسمتها فى علم الحروف على قسمين كان كل قسم ثلاثه و ثلاثين فتضرب الثلاثه و الثلاثين فى آخر بعد اسقاط المكرر و هى ثلاثه يكون عدد الاسماء الحسنى، و ايضا اذا جمعت من الجلاله طرفيها و هما سته و تقسمها على حروفها الاربعه يقوم لكل حرف واحد و نصف فتضربه فيما للجلاله من العدد تبلغ تسعه و تسعين عدد الاسماء الحسنى، و رايت فى كتاب مشارق الانوار للشيخ رجب البرسى ان هذا الاسم المقدس اربعه احرف الله فاذا وقفت على الاشياء عرفت انه منه و به و اليه و عنه، فاذا اخذت منه الالف بقى لله و لله كل شى ء، فاذا اخذ اللام و ترك الالف بقى اله و هو اله كل شى ء، فان اخذ الالف من اللام بقى له و له كل شى ء فان اخذ من له اللام بقى هاء مضمومه و هى هو فهى هو لا شريك له، و هو لفظ يوصل الى ينبوع العزه، و لفظ هو مركب من حرفين و الهاء اصل الواو فهو حرف واحد يدل على الواحد الحق، و الهاء اول المخارج و الواو آخرها هو الاول و الاخر و الظاهر و الباطن، انتهى ملخصا، و اما اشتقاقه فقيل هو مشتق من لاه الشى ء اذا خفى، او من اله بالمكان اذا اقام به، او من و له الفصيل بامه اذا ولع بها، او من لاه يلوه اذا ارتفع لارتفاعه عن ادراك العقول البشريه، و الرب بمعنى التربيه فى الاصل و هو تبليغ الشى ء الى كماله شيئا فشيئا.
002 47 «بديع السموات و الارض» اى مبدعها او بديعه سمواته و ارضه.
«ذو الجلال و الاكرام»
اى ذو العظمه و الغنى المطلق و الفضل العام، و قيل معناه انه يستحق ان يجل و يكرم لا ان يكفر به، و قيل الجلال صفه القهر و الاكرام صفه اللطف، و قيل معنى ذو الجلال اهل لان ينزه و يعظم و يجل مما لا يليق بصفاته و معنى ذو الاكرام انه صاحب صفات الاكرام كالرزق و الرحمه.
«و اله كل مالوه»
اى معبود كالشمس و الاصنام و نحوها، و يجوز ان يكون من باب الاشتقاق الجعلى كما مر فمعنى مالوه ذو اله.
002 47 «و وارث كل شى ء»
و هو الباقى بعد فناء الخلق فرجعت اليه الاملاك بعد فناء الملاك.
«و لا يعزب» اى لا يغيب.
«و هو بكل شى ء محيط»
الواو فيه و فيما بعده يجوز ان تكون للحال و يجوز ان تكون للعطف.
003 47 «المتوحد»
تاكيد الاحد او يكون معناه المتفرد بالاحديه او الواحديه لان واحديه غيره تعالى اعتباريه او المتفرد بالخلق و الايجاد.
«المتفرد» بالخالقيه و الرازقيه و غيرهما او المظهر للفرديه بالدلائل.
004 47 «الكريم» كثير الخير او العزيز.
«العظيم»
ذو العظمه و الجلال الذى لا يحيط بكنهه العقول، و قيل انما سمى العظيم لانه الخالق للخلق العظيم كما ان معنى اللطيف الخالق للخلق اللطيف.
«المتكبر»
ذو الكبرياء و هو الملك او من يرى الملك حقيرا بالنسبه الى عظمته او المتعالى عن صفات الخلق او المتكبر على خلقه، قال الراغب المتكبر على وجهين، احدهما ان تكون الافعال الحسنه كثيره فى الحقيقه زائده على محاسن غيره و على هذا وصف الله سبحانه بالمتكبر، و الثانى ان يكون متكلفا لذلك و ذلك فى وصف عامه الناس.
005 47 «العلى»
الذى لا رتبه فوق رتبته او المنزه عن صفات المخلوقين او العالى فوق خلقه بالقدره عليهم.
«الاعلى»
اى الغالب كما قال تعالى و انتم الاعلون اى الغالبون او المنزه عن الامثال و الاضداد.
005 47 «الشديد المحال» اى الحول و هو القوه او التحمل و المكر كما قال و الله خير الماكرين.
006 47 «العليم»
مبالغه فى العالم لانه عالم بالجزئيات و الكليات على الوجه الجزئى لا كما يقوله الفلاسفه من انه تعالى لا يعلم الجزئيات على الوجه الجزئى بل انما يعلمه على الوجه الكلى فانه عن الشرع بمراحل.
«الحكيم»
المحكم خلق الاشياء و الذى لا يفعل قبيحا و لا يخل بواجب او الذى يضع الاشياء مواضعها او العالم لان الحكمه لغه العلم و منه (و من يوت الحكمه).
007 47 «السميع»
قال الشيخ الطبرسى هو من كان على صفه يجب لاجلها ان يدرك المسموعات و هى ترجع الى كونه تعالى حيا، و السامع المدرك، و قيل معناه انه يسمع السر و النجوى، و قيل معناه العلم بالمسموعات و هى الاصوات و الحروف، او السامع لدعاء الخلائق القائل لها سمع الله لمن حمده.
«البصير» العالم بالخفيات او المبصرات.
010 47 «الدانى فى علوه» اى القريب الى خلقه بالرحمه فى حال علوه و تنزهه عن المشابهه.
011 47 «ذو البهاء» اى الحسن الذاتى.
«و المجد» الكرم و العزه.
«و الكبرياء» العظمه و الملك و قيل هو عباره عن كمال الذات و كمال الوجود.
012 47 «سنخ»
اى اصل و ماده و فى خ شبح و هى الصوره الذهنيه التى يتصورها البناء قبل العمل ثم يعمل فى الخارج ما يوافقها.
«من غير مثال»
اى من غير صوره سابقه، قال الغزالى قد يظن ان الخالق و البارى ء و المصور
012 47 الفاظ مترادفه و ان الكل يرجع الى الخلق و الاختراع و ليس كذلك بل كل ما يخرج من العدم الى الوجود مفتقر فى تقديره اولا و الى ايجاده على وفق التقدير ثانيا و الى التصوير بعد الايجاد ثالثا، فالله تعالى خالق من حيث انه مقدر و بارى ء من حيث انه مخترع موجد و مصور من حيث انه مرتب صور المخترعات احسن ترتيب، و هذا كالبناء مثلا فانه يحتاج الى مقدر يقدر ما لا بد منه من الخشب و اللبن و مساحه الارض، و هذا يتولاه المهندس فيرسمه و يصوره، ثم يحتاج الى بناء يتولى الاعمال التى عندها تحدث اصول الابنيه، ثم يحتاج الى مزين ينقش ظاهره فيتولاه غير البناء، هذه هى العاده فى التقدير فى البناء و التصوير و ليس كذلك فى افعاله تعالى بل هو المقدر و الموجد و الصانع و هو الخالق و البارى ء و المصور.
«بلا احتذاء» اى بلا اقتداء باحد.
014 47 «و لم يوازرك»
اى لم يعاونك و لم يتحمل اوزارك و اثقالك و به سمى الوزير لتحمله اثقال السلطان.
015 47 «نصفا» اى عدلا.
016 47 «و لم يقم لسلطانك» اى لم يقم لمعارضه سلطنتك و ملكك احد من السلاطين.
«و لم يعيك» اى لم يعجزك.
018 47 «قصرت الاوهام»
لانها لا تدرك الا الجزئيات المحسوسه و الظاهر ان المراد ما يشمل القوه العقليه ايضا لما تقدم من ان الفرق اصطلاح جديد.
«عن ذاتك» اى كنه ذاتك.
«عن كيفيتك» لانها ليست كالكيفيات المالوفه حتى يدركها العقل.
«و لم تدرك الابصار موضع اينيتك»
الاين المكان و اضافه الموضع اليه بيانيه و هو كالدليل على عدم امكان رويته تعالى فان من لم ير مكانه لم ير هو ايضا، و ظاهر هذه الفقره و ما قبلها ان له تعالى
018 47 كيفيه و اينا لكنهما غير الكيف اللازمين للحدوث، كما ورد انه فى كل مكان و انه لا يخلو منه مكان، و يجوز ان يكون معناه ان الافهام عجزت عن ان تكيفك بكيفيه و لم تدرك لك موضع اينيه لعدمها، و قوله عليه السلام فيما سياتى واسنى فى الاماكن مكانك بما يويد الاول ظاهرا.
019 47 «انت الذى لا تحد فتكون محدودا»
الظاهر ان المراد بالحد هنا المقدار من الطول و العرض و العمق، اى لم تقدر بهذه المقادير فتكون من جمله المحدودات بها، و يحتمل اراده الحد العلمى من الجنس و الفصل لانهما كاشفان عن حقيقه المحدود و لا حقيقه معلومه هنا.
«و لم تمثل فتكون موجودا»
اى لا يقدر العقل على ان يمثلك و يصورك حتى تكون موجودا فيه بتلك الصوره و المثال فتكون موجودا من جمله الموجودات، او فيقع عليك الايجاد، و يجوز ان يكون ماخوذا من قولهم وجدت الضاله اى اصبتها، و المعنى ان العقل لم يمثلك بمثال حتى يقال انه وجدك و انت موجود له، و قيل معناه فيكون موجودا كوجود المثل بحيث يكون ظاهرا للبصر لان كل ما مثل لا بد و ان يكون ظاهرا للبصر و لو فى وقت ما، او تتصور فتكون موجودا على تلك الصوره.
«فتكون مولودا»
لانه لو صح والدا على التفسير المفهوم من الوالديه و هو ان يتصور من بعض اجزائه حى آخر من نوعه على سبيل الاستحاله لذلك الجزء كما فى النطفه لصح كونه مولودا لان الاجسام متماثله فى الجسميه، و كونه مولودا لا يلزم منه تاخره بالزمان عن والده فيكون محدثا تعالى عن ذلك علوا كبيرا، و قيل يمكن ان يكون المراد بالوالديه و المولوديه ما هو اعم من المعنى المشهور فان الملازمه على المعنى المشهور غير واجبه كما فى اصول الحيوان الحادثه فحينئذ فبيانها ان مفهوم الولد هو الذى يتولد و ينفصل عن آخر مثله من نوعه، لكن اشخاص النوع الواحد لا تتعين الا بواسطه الماده و علائقها، و كل ما كان ماديا فهو متولد عن مادته و صورته و اسباب وجوده و تركيبه و لو كان مولودا بذلك المعنى لكان منتهيا الى حدوده و هى اجزاوه التى يقف عندها و ينتهى فى التحليل اليها و لكان محاطا و محدودا بالمحل الذى يتولد منه، و يحتمل ان يقال لو
019 47 كان ماديا لكان جسما فيكون بنهايات و اطراف، انتهى، و هو حسن و ما قيل من ان الكلام خطابى غايته الاقتناع بعيد.
020 47 «و لا عدل لك فيكاثرك»
العدل بكسر العين و فتحها كما فى بعض النسخ بمعنى المثل و النظير و قيل بكسر العين بمعنى المساوى فى المقدار و بفتحها المساوى فى الحكم و ان لم يكن من جنسه.
«فيكاثرك» اى يغلبك فى الكثره اى القوه او كثره المخلوقات.
«و لا ند»
الند المثل، قال الراغب الند يقال فيما يشارك فى الجوهريه فقط و الشكل فيما يشارك فى القدر و المساحه و الشبه يقال فيما يشارك فى الكيفيه فقط و المساوى يقال فيما يشارك فى الكميه فقط و المثل عام فى الالفاظ كلها.
022 47 «و اصدع» اى اظهر و اقوم من صدع بالامر اذا قام به.
«فرقانك» اى فرقك بين الحق و الباطل، و يجوز ان يراد به القرآن بل هو الاظهر.
023 47 «سبحانك من لطيف»
و هو العالم بغوامض الاشياء و البر بعباده، و فاعل اللطف و هو ما يقرب من الطاعات و يبعد من المعاصى، او الخالق للخلق اللطيف او العالم بالشى ء اللطيف كالبعوضه، و اكثر هذه المعانى ماثوره عن الائمه عليهم السلام.
«رووف»
و هو الرحيم العاطف برحمته على عباده، و قيل الرافه ابلغ من الرحمه، و قيل الرافه اخص من الرحمه.
024 47 «مليك» اى ملك او مالك.
«ما امنعك»
اى ما اقواك او ما اشد غلبتك او ما اشد منعك لان تصل اليك العقول و الاوهام.
027 47 «لا تحس» اى لا تدرك بالحس.
«و لا تجس» اى لا توضع يد على مجستك او لا تعلم اخبارك.
«و لا تمس» اى لا يضع احد من بدنه عليك.
«و لا تكاد» من الكيد و هو المكر.
«و لا تماط»
بالطاء المهمله اى لا يقدر احد على ان يعزلك عن سلطانك كسلاطين الدنيا، و لقد كان سلطان البصره حسين باشا فى وقت المساء ليله الجمعه حادى عشر شهر رمضان المبارك سنه ثمان و سبعين بعد الالف فى نهايه الاستقلال محفوفا بالجنود و العساكر لو رآه الرائى لقال لا سلطان فى المشارق و المغارب الا هو فما اتى عليه نصف الليل الا و قد تفرقت عنه الاعوان و تنكرت منه الخلان و ارادوا تسليمه الى اعدائه و هم عساكر السلطان محمد فخرج خائفا يترقب و اتى نحو بلاد الدورق من ثغور كسرى سلطان العجم و لما لم يراع كسرى حرمته مضى عنه الى سلطان الهند فاحترمه احتراما كثيرا، و قد كنت ممن شاهد تلك الواقعه العجيبه، و قد ذهب من اهل الجزائر و البصره فى بريه بين بلاد الجزائر و الحويزه يقال لها شلوا خلق كثير من الجوع و العطش الا ان الله لم يظفر عساكر الروم بسبى احد من ذرارى اهل الجزائر، و بعدها بايام قليله قام اهل الجزائر على عساكر السلطان و اضرمت بينهم حروب النيران، و قد ذكرنا مجمل هذه القصه لغرابتها و ان كانت غير مناسبه لهذا المقام، و فى بعض النسخ بالظاء المعجمه و معناه لا تنازع، و فى البعض الاخر لا تحاط اى لا يحيط علم احد بك.
«و لا تجارى»
اى لا تطاول و لا تغالب، و يجوز ان يكون من الجراه اى ليس لاحد جراه كجراتك.
«و لا تمارى»
المراء الجدال و فى بعض النسخ و لا تمانن اى لا يكون لاحد عليك منه اى نعمه.
028 47 «جدد» مستو واضح.
028 47 «رشد» هدايه.
«صمد»
هو الذى يصمد اليه فى الحوائج اى يقصد، و قيل هو الباقى بعد فناء الخلق، و قال الحسين عليه السلام الصمد الذى انتهى اليه السودد و الصمد الذى لم يزل و لا يزال و الذى لا جوف له و الذى لا ياكل و لا يشرب و لا ينام، قال وهب بعث اهل البصره الى الحسين عليه السلام يسالونه عن الصمد فقال ان الله قد فسره فقال لم يلد و لم يولد و لم يكن له كفوا احد، لم يخرج منه كثيف كالولد و لا لطيف كالنفس و لا تنبعث منه البدورات كالنوم و الغم و الرخاء و الرغبه و الجوع و الشبع و الخوف و اضدادها، و كذا هو لا يخرج من كثيف كالحيوان و النباتات و لا لطيف كالبصر و سائر الالات، و قال ابن الحنفيه الصمد هو القائم بنفسه الغنى عن غيره، و قال سيد الساجدين عليه السلام هو الذى لا شريك له و لا يووده حفظ شى ء و لا يعزب عنه شى ء، و قال زيد بن على عليه السلام هو الذى اذا اراد شيئا ان يقول له كن فيكون و هو الذى ابدع الاشياء امثالا و اضدادا، و قال الصادق عليه السلام قدم على ابى الباقر عليه السلام وفد من فلسطين بمسائل منها الصمد فقال تفسيره فيه خمسه احرف الالف دليل على انيته و ذلك قوله شهد الله انه لا اله الا هو، و اللام تنبيه على الهيئه و هما مدغمان لا يظهران و لا يسمعان بل يكتبان، فادغامهما دليل لطفه فانه تعالى لا يقع فى وصف لسان و لا يقرع الاذان، فاذا فكر العبد فى انيه البارى تحير و لم يخطر بشى ء يتصور مثل لام الصمد لم يقع فى حاسه و اذا نظر فى نفسه لم يرها، و اذا فكر انه خالق الاشياء ظهر له ما خفى كنظره الى اللام المكتوبه، و الصاد دليل صدقه فى كلامه و امره بالصدق لعباده، و الميم دليل ملكه الذى لا يزال، و الدال دليل دوامه المتعالى عن الزوال، و عنه عليه السلام ايضا ان الصمد هو السيد الذى ليس فوقه ناه و لا آمر، و قيل الصمد المتعالى عن الكون و الفساد، و الصمد الذى لا يوصف بالنظائر، و قال الصادق عليه السلام لو وجدت لعلمى حمله لنشرت التوحيد و الاسلام و الدين و الشرائع من الصمد.
029 47 «قولك حكم» اى حكمه و منه. و منه قوله تعالى: (و آتيناه الحكم صبيا) اى الحكمه.
«و قضاوك حتم»
اى ما تقضى به على طريق الجزم يكون واجب الوقوع فلا ينافى ما ورد من ان له
029 47 تعالى قضاء غير حتم، و قيل معناه ان قضاءك موصوف بالحتم فلا ينافى فى ثبوت قضاء غير حتم.
030 47 «و لا مبدل لكلماتك»
و هى علم الله و حكمته او ما يقدر الله على ان يخلقه من الاشياء، و قيل اراد بها ما اعد لاهل الثواب فى الجنه و اهل العقاب فى النار، و قيل اراد بها معانى كلمات الله و فوائدها و هى القرآن و سائر كتبه سبحانه و قد تقدم لها تفاسير اخرى و ان اشهر تفاسيرها بالائمه عليهم السلام فانهم لسان الله المعبر عنه و لم يقدر احد على ان يبدلهم و يزيلهم عن مراتبهم الالهيه من الامامه و وجوب الاطاعه.
031 47 «باهر الايات»
البهر الضوء و الغلبه يعنى ان آياتك غالبه كل الايات و اوضح منها.
«فاطر السموات»
مبتدعها من الفطر و هو الشق كانه تعالى شق العدم باخراجها منه، قال ابن عباس ما كنت ادرى ما فاطر السموات حتى احتكم الى اعرابيان فى بئر فقال احدهما انا فطرتها.
«بارى ء النسمات» خالق الناس.
038 47 «يستدام به الاول»
الظاهر ان المراد بالاول و الاخر افراد الحمد و النعمه الاولى و النعمه الاخيره.
045 47 «يعان من اجتهد فى تعديده»
اى يحتاج الى معاونه الناس او الى تاييده تعالى و هو اخبار، و قيل هو دعاء كانه قال اللهم ايد من بالغ فى توفيته حتى يوفيه و هو بعيد.
«و يويد من اغرق نزعا فى توفيته»
يقال اغرق نزعا فى الامر اذا بالغ او استفرغ الجهد فيه.
046 47 «و ينتظم ما انت خالقه» اى ينظم و يجمع الحمد الذى سيخلق.
047 47 «الى قولك» و هو الحمد الذى حمدت به نفسك.
050 47 «امتع رحماتك» ادومها من قولهم متعنى الله برويتك اى ادامها او نفعنى بها.
051 47 «صلاه راضيه» اى راضيه لصاحبها.
053 47 «و لا ينفد» اى الاتصال و ان قرى ء بالتاء فالضمير راجع الى الصلاه.
054 47 «تنتظم صلوات ملائكتك» اى تجمعها و تجمع فضلها او يكون التقدير تنتظم معها.
057 47 «نحلك» عطاياك.
«و نوافلك» و هى الزائد على العطايا.
058 47 «لا امد» اى لا نهايه.
059 47 «زنه عرشك» هذه الفقره و ما بعدها من باب تشبيه المعقول بالمحسوس.
«تقربهم»
هذا صريح فيما صرنا اليه من ان صلاتنا على النبى صلى الله عليه و آله تزيد فى مراتبه و رفع درجاته و قد تقدم الكلام فيه مفصلا فى الدعاء الثانى.
060 47 «علما لعبادك» العلم و المنار ما يوضع على الطريق من الاثار ليستهدى به.
«بحبلك»
اى القرآن كما قال عليه السلام كتاب الله حبل ممدود من السماء الى الارض اى نور هداه ممدود و العرب تشبه النور الممتد بالحبل و الخيط او المراد بالحبل العهد و الذمام كما قال تعالى: (ان الذين يبايعونك تحت الشجره انما يبايعون الله).
061 47 «فاوزع لوليك» اى الهمه و المراد به امام العصر عليه السلام.
«مثله فيه» اى مثل ذلك الشكر فى وليك فانه نعمه تستحق منا الشكر عليها.
«سلطانا»
السلطان الحجه و البرهان و الملكه القدره و قيل للخليفه سلطان لانه ذو السلطان.
«ازره» قوته و عزيمته.
061 47 «عضده» اى اعانته استعاره من عضد اليد لان قوامها به.
«وراعه بعينك» اى احفظه بحفظك و حراستك.
062 47 «و ابن به الضراء»
من الابانه بمعنى البعد و التفريق و الضراء نقيض السراء و تستعمل فى الانفس كالقتل و العمى كما ان الباساء تستعمل فى الاموال.
«و ازل به الناكبين»
اى اهلك بسببه و على يديه المولين مناكبهم عن صراطك و عادلين عنه، و قيل معناه اهدهم بسببه الى الحق و ازلهم من طريق الباطل و هو كما ترى.
«بغاه قصدك عوجا» اى طالبى الاعوجاج فى دينك.
063 47 «و اجعلنا له سامعين»
هذه الفقار بظاهرها على رجعتهم عليهم السلام فى زمان المهدى عليه السلام، و الاخبار بهذا متكثره و قد اطلعت على خمسمائه تقريبا.
«مكنفين» محيطين و فى نسخه مكبين اى مقبلين ملازمين.
067 47 «قبل خلقك له» بان حكمت له بالخير فى علمك الازلى.
«و عصمه بحبلك» اى القرآن او اهل البيت عليهم السلام و العهد و الامان.
068 47 «زيلته»
اى صرفته عنه و التنزيل التفريق اما باعتبار انه تعالى فرق بين المعاصى و الطاعات بالاوامر و النواهى او باعتبار انه امر بتفريق المعاصى و اعدامها.
070 47 «تغمدك» متعلق بقوله مغد و اقترف بمعنى كسب الذنب.
«من القى بيده» الباء اما زائده او للتعديه و المفعول محذوف اى القى نفسه.
071 47 «صفرا» خاليا.
072 47 «من الابواب التى امرت ان توتى منها»
فى قوله تعالى (و اتوا البيوت من ابوابها)، و قال اهل البيت عليهم السلام نحن الابواب التى امر الله ان يوتى منها.
073 47 «و شفعته» ضممت اليه.
«يخيب عليه»
اى حال كونه واردا عليه و قيل ان على بمعنى من مثلها فى قوله تعالى اذا اكتالوا على الناس يستوفون.
074 47 «و مع ذلك خيفه»
يجوز نصبه على التمييز اى و مع فقرى اسالك من جهه الخيفه، و يجوز ايضا على المصدريه اى و مع انى اسالك مساله الفقير اخاف منك خيفه.
«و تلوذا» التلوذ الالتجاء.
«و لا مستطيلا» لا طالبا للعلو و الرفعه.
«بداله المطيعين» اى بوثوقهم بطاعتهم و تدللهم عليها.
075 47 «و مثل الذره او دونها»
الذره تطلق على النمله و على ما تصاعد فى الهواء من الذرات، و او هنا اما بمعنى بل او على حالها من الترديد اى ان حالى متردد بين هذين فمن شاء شبهنى بالذره و من شاء شبهنى بما هو ادون منها، و هذا و امثاله يويد ما ذكرنا فى تحقيق توبتهم من ان غرضهم عليهم السلام من اظهار مثل هذا انشاء التواضع و التذلل لجنابه تعالى لا الاخبار عما فى الواقع فانه عليه السلام ليس اقل الاقلين و لا كالذره.
«لا ينده المترفين»
اى لا يمنع الطاغين نعمته و فى نسخه لا يغافص بالغين المعجمه و الفاء الغفص و هو الاخذ مفاجاه بل لم يواخذهم الا بعد طول الاعذار و الانذار.
085 47 «العناء» اى الخضوع او التعب.
086 47 «و من اجتبيت لشانك» اى اخترته لامرك العظيم كالرساله و الامامه.
«جار» تضرع.
«متنصلا» متبرئا من ذنوبه.
088 47 «و توحدنى» يقال توحده الله اى عصمه و لم يكله الى غيره، و حاصل المعنى تول امورى وحدك من غير مشاركه الادميين.
089 47 «فى جنبك» اى فى طاعتك و فى قربك من قوله تعالى و الصاحب بالجنب.
090 47 «و لا تستدرجنى باملائك لى استدراج من منعنى خير ما عنده و لم يشركك فى حلول نعمته لى»
الاستدراج كما قال الصادق عليه السلام هو العبد يذنب الذنب فيملى له و يجدد له عنده النعم فيلهيه عن الاستغفار من الذنوب، و اضافه المصدر الى الموصول من باب اضافه المصدر الى المفعول و معناه لا تستدرجنى مثل استدراجك لاهل الاموال الذين لم يصل خيرهم الى و لم تحل نعمتهم لدى مع انى اولى منهم بالاموال و الارواح، و قيل المراد بمن منعه عليه السلام خير ما عنده اهل الدوله و السلطان من اعدائهم الذين منعوهم حقهم فانهم منعوهم السلطان الذى هو ثابت لهم من الله سبحانه. و هو خير ما عند عدوهم، و قوله عليه السلام و لم يشركك فى حلول نعمته لى اى فى حلول النعمه التى هى حاله بى منك و هى وجوب طاعتى و متابعتى و اضافه النعمه اليه حينئذ باعتبار غصبه اياها، و قيل المراد به الشيطان فانه تعالى قد استدرجه الى يوم الوقت المعلوم بالاموال و الاولاد و الملك، و هذان القولان كما ترى سيما الثانى فان الشيطان عديم الخير فكيف يمنع ما ليس عنده.
094 47 «من حيث امرت»
اى من ابوابها و هم الائمه المعصومون عليهم السلام و الا فمطلق المسابقه الى
094 47 الخيرات غير حسن، او المعنى من حيث امرت فى القرآن بقولك فاستبقوا الخيرات.
«و المشاحه فيها»
المشاحه بمعنى البخل و المراد هنا الاستكثار من الاعمال الصالحه.
097 47 «و لا تتبرنى»
اى لا تهلكنى و كذا معناه على نسخه تبرنى من البوار بمعنى الهلاك ايضا.
098 47 «غمرات الفتنه»
شدائدها و فضلاتها و الا فالاستغاثه من الفتن غير ممكن بحكم قوله تعالى:
(انما اموالكم و اولادكم فتنه).
«لهوات البلوى»
جمع لها و هى الشحمه المشرفه على الحلق او ما بين منقطع اصل اللسان الى منقطع القلب من اعلى الفم و البلوى الاختبار و الامتحان و الكلام من باب استعاره.
«من اخذ الاملاء» اى اخذه لى او اخذ لى بسببه.
099 47 «ترهقنى»
بفتح التاء اى تاخذنى و فى ش بضم التاء اى تدخلنى فى الاثم من قولهم ارهقنى فلان اثما اى حملنى عليه.
102 47 «و لا تمنحنى»
من المنحه بمعنى العطاء فان النعم ربما كانت موجبه للطغيان كما قال تعالى: ( ان الانسان ليطغى ان رآه استغنى)، و فى نسخه تمتحنى من الامتحان بمعنى الاختبار و الابتلاء و الباء على الاول زائده او بتضمين الفعل معنى التفضيل و نحوه.
«فتبهظنى» اى فتثقلنى.
103 47 «و لا حاجه بك اليه» كنايه عن تركه كترك من لا حاجه به و لا غرض يتعلق بمصلحته.
104 47 «المتردين» الساقطين فى بئر الضلاله.
104 47 «و وهله المتعسفين» اى غفلتهم و غلظهم و المتعسف الخابط على غير هدايه.
«و ورطه» الورطه الهلاك.
106 47 «و طوقنى» اجعل الطوق فى عنقى و جرنى اليك.
107 47 «و اشعر قلبى الازدجار»
اى اجعل خوفك ملاصقا لقلبى كالشعار الملاصق للجسد او اجعل قلبى شاعرا به عالما به فاشعر على هذا من الشعور.
«الحوبات» الاثام.
108 47 «بما لا ادركه الا بك» من الرزق و السعى فيه.
«عما لا يرضيك عنى غيره» من الطاعات و العبادات.
109 47 «دنيا دنيه»
الظاهر ان هذه الاوصاف للاحتراز فانك قد عرفت ان الدنيا دنياوان: دنيا ممدوحه بقوله نعم العون على الاخره الدنيا، و دنيا مذمومه كما ترى، و يحتمل سوال نزع حب الدنيا التى لا تنفك عن هذه الصفات و غير الموصوفه غير داخل تحت الدنيا.
111 47 «العظائم» جمع عظيمه و هى النازله الشديده.
112 47 «دنس العصيان»
الدنس بالتحريك الوسخ و فى نسخه بالكسر و هو صفه مشبهه من اضافه الصفه الى الموصوف.
«بسربال» السربال القميص.
«و جللنى» اجعلها على كجلال الفرس.
«معافاتك»
المعافات ان يعافيك من الناس و يعافيهم منك و يغنيك عنهم.
113 47 «الى حولى» عن المعاصى.
113 47 «و قونى» على الطاعات.
114 47 «اسديته الى» يقال اسدى اليه اى احسن.
116 47 «بما اسديته اليك»
اطلاق لفظ الاسداء اما على طريق المقابله، و المشاركه من باب فجزاء سيئه سيئه، او يكون من باب فبشرهم عذاب اليم، الا ان الاستهزاء فى الايه راجع الى المخاطبين و هم الكفار و هنا راجع الى المتكلم، و يجوز ان يكون الاسداء هنا بمعنى الاهمال من قوله تعالى: (يحسب الانسان ان يترك سدى)، لكنه قد يحتاج الى التضمين حتى يتعدى بالى و ما اسديته اليك عباره عن الذنوب، و قيل هو عباره عن الطاعات التى لم يقبلها.
«و اعود بالاحسان» من العاده او العود و هو النفع.
«و اهل التقوى و اهل المغفره»
روى انه لما نزل قوله تعالى هو اهل التقوى و اهل المغفره قال عليه السلام اللهم اجعلنا من اهل التقوى و اهل المغفره، الاول من الاول و الثانى من الثانى من المجهول و الاول من الثانى و الثانى من الاول من المعلوم.
117 47 «من يسعى نوره» تلميح الى قوله تعالى يوم ترى المومنين و المومنات يسعى نورهم بين ايديهم و بايمانهم ربنا اتمم لنا نورنا و اغفر لنا و قد تقدم تفسيرها.
118 47 «و زدنى اليك فاقه و فقرا» يعنى فقرى اليك ازيد من فقرى الى غيرك و ليس المراد طلب اصل الفقر فانه مما لا ينبغى.
119 47 «من شماته الاعداء»
روى انه قيل لايوب على نبينا و آله و عليه السلام ما كان اشد عليك من بلائك فقال شماته الاعداء، و ان اهل النار يتصبرون على عذابها حذرا من شماته الاعداء.
119 47 «تغمدنى فيما اطلعت عليه منى بما يتغمد به القادر على البطش لو لا حلمه»
التغمد الستر و قوله لو لا حلمه راجع الى البطش اى لو لا حلمه لفعل البطش، و يحتمل تعلقه بالقادر على طريق المبالغه فى الحلم على معنى ان حلمه يمنعه عن القدره على البطش فهو غير قادر مع وجوده.
«على الجريره» و هى الجنايه.
120 47 «فتنه»
الفتنه ترد بمعنى الشرك و الضلال و القضاء و الاثم و المرض و العقوبه و الاختبار و العذاب و الاحتراق و الجنون و اكثرها يناسب هذا المقام.
«لواذا بك» اى لاجل التجائى و تمسكى بك.
«مقام» بفتح الميم و ضمها مصدر بمعنى الاقامه او اسم مكان.
121 47 «و لا تمدد لى» اى فى عمرى او فى رزقى.
«و لا تقرعنى قارعه» اى لا تطرقنى بداهيه.
«و لا تسمنى» اى لا تورد على.
«و لا نقيصه»
و فى ش و لا يقتضب بجهل من اجلها مكانى الاقتضاب الاقتطاع اى بما يجهل الناس مكانى عندهم لاجلها بسبب جهالتهم و الا فهى لا توجب مثله.
122 47 «ابلس» الابلاس الاياس و منه سمى ابليس لاياسه من رحمه الله تعالى.
«اوجس دونها» اخاف عندها و فى نسخه اوجر و الوجر فزع القلب.
«و حذرى من اعذارك و انذارك»
الاعذار ابداء العذر و محو الاساءه و الانذار التخويف و المعنى انه يكون خوفى من اعذارك لى بان لا تفعله بل لا تقبل منى الاعذار يعنى اكون فى مقام الخوف و الحذر و لا اعتمد على انك تقبل عذرى فاتجرا على معاصيك نظرا الى ذلك الاعتماد.
123 47 «و منازلتى اياك»
يقال نازلت ربى فى كذا اى راجعته و سالته مره بعد مره و هو مفاعله من النزول عن الامر او من النزال فى الحرب و هو تقابل القرنين فيه.
124 47 «عامها» كالعمى فى البصر.
«و لا فى غمرتى» اى اغمائى و غفلتى.
«حتى حين»
الى وقت طويل و هو تلميح الى قوله تعالى: (فذرهم فى غمرتهم حتى حين).
«و لا فتنه لمن نظر»
بان اكون شديد الفقر حتى يقول الناظر الى ما اصابه هذا الفقر الا بما جنى او بان اكون كثير الغنى حتى ان غنائى يفتن الناس و الحاصل ان المراد طلب الاقتصاد.
«فيمن تمكر به» اى لا اكون فى جملتهم.
«و لا تستبدل بى غيرى»
ناظر الى قوله تعالى: (و ان تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا امثالكم)، روى ان اناسا من اصحاب رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم قالوا يا رسول الله من هولاء الذين ذكر الله فى كتابه، و كان سلمان الى جنب رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم فضرب عليه السلام يده على فخذ سلمان فقال هذا و قومه و الذى نفسى بيده لو كان الايمان منوطا بالثريا لتناوله رجال من فارس، و فى حديث آخر ان المراد بهم ابناء الوالى المعتقين.
«و لا تغير لى اسما» بان تمحوه من ديوان السعداء و تثبته فى ديوان الاشقياء .
«و لا تبدل لى جسما»
بالافات الدنيويه و فى الاخره بالنار او بالمسخ كما روى ان قوما يحشرون على صوره الذر و آخرون على صوره الخنازير و نحو ذلك.
«و لا تتخذنى سخريا لك»
بان تعاملنى معامله من تسخر به اما فى الدنيا فبالاستدراج، و اما فى الاخره فبان
124 47 ترينى على احسن الوجوه من اعظم الاعمال فى وقت الاحتياج اليه حتى اذا دنا منى امرت الريح ففرقته فى الهواء كما قلت و قدمنا الى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا و ذلك بدخول الرياء فى الاعمال، و هذا كله فى الروايه و قيل المراد سخريه الناس بسبب ما فعله الله تعالى به و لذا اسند السخريه اليه.
«و لا ممتهنا»
اى لا اكون محتقرا ذليلا الا لاجل الذب عن دينك و المعاداه لاعدائه.
125 47 «و اوجدنى» اجعله فى وجدانى و قلبى.
«و روحك و ريحانك»
الروح النسيم او الاستراحه من التكاليف الدنيويه و مشاقها، و قيل الروح النجاه من النار و الريحان الدخول فى دار القرار، و قيل الروح فى القبر و الريحان فى الجنه، و قيل الريحان هو المشموم من ريحان الجنه يوتى به للمومن عند الموت فيشمه حتى يجود بنفسه فيقول عندها للملائكه عجلونى عجلونى.
«بسعه» فى الرزق.
«يزلف» يقرب.
«لديك و عندك»
قد عرفت الفرق بينهما من ان لدى اخص من عند و انه لا يقال المال لدى زيد الا اذا كان حاضرا عنده فى مجلسه، و يقال عند زيد مال بمجرد ملكه و ان لم يكن حاضرا عنده، و حاصل المعنى فيما يقترب الى رحمتك الخاصه و العامه.
126 47 «و كرنى» اى رجعنى اليك.
«مقامك»
اى قيامى بين يديك فانك الذى اوجبت قيام الخلائق بين يديك فى القيامه فلذا صحت اضافته اليك و حاصله الموقف الذى يقف الخلائق فيه للحساب.
127 47 «حليه المتقين»
من الخلع السنيه و الانوار المعنويه بل الحسيه التى تشاهد فى جباه الصالحين.
«فى الغابرين» اى الماضين و المستقبلين لانه من الاضداد.
«و واف» تمم بى عرصتهم و ميدانهم و حاصله طلب الكون معهم.
129 47 «مقيلا» من القيلوله اى محل استراحه.
«و مثابه اتبووها» اى محل ثواب يكون انصرافى من هذه النشاه اليه.
«و لا تقايسنى»
هو من المقايسه بمعنى المشابهه اى مهما عملت من جريره قايستنى بها و جازيتنى عليها.
«يوم تبلى السرائر»
اى يوم تختبر البواطن، و قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم السرائر هى الصلاه و الصيام و الزكاه و كل مفروض لان الاعمال كلها سرائر خفيه فان شاء الرجل قال صليت و لم يصل فذلك قوله يوم تبلى السرائر و هو يوم القيامه و خطب اميرالمومنين عليه السلام يوم الغدير فقال و هذا يوم ابلاء السرائر يعنى يوم الغدير، و عن الصادق عليه السلام فى وصف رجعه القائم عليه السلام بعد ان ذكر ظهوره و خروج الحسين عليه السلام قال ثم يخرج الصديق الاكبر اميرالمومنين عليه السلام و ينصب القبه على النجف و تقام اركانها ركن بالنجف و ركن بهجر و ركن بصنعاء اليمن و ركن بارض طيبه لكانى انظر الى مصابيحها تشرق فى السماء و الارض كاضوا من الشمس و القمر فعندها تبلى السرائر و تذهل كل مرضعه عما ارضعت و ترى الناس سكارى، و لا منافاه بين هذه الاخبار لصدق اليوم عليها كلها.
130 47 «و الدعه» اى السعه فى العيش.
131 47 «نزغات فتنتك» مفاسدها و المراد بالفتنه اما الاختبارات و الامتحانات او الشيطان.
132 47 «و حطنى» احفظنى و اكلانى.
001 48 و كان من دعائه عليه السلام يوم الاضحى و يوم الجمعه
001 48 ظاهره ان اليوم باجمعه ظرف للدعاء لكن ذكر الشيخ (قده) فى المصباح ان محل قراءته وقت الفراغ من صلاتيهما و فى بعض فقرات هذا الدعاء تاكيد له.
«بجودك» الباء اما للسببيه او للقسم، و يوهن هذا بهوان.
002 48 «بان لك الملك»
الباء للسببيه و مفعول قوله و «اسالك» هو قوله «مهما قسمت» انتهى، فانه فى معنى اسالك من هذا كله، و فى نسخه ان توفر حظى بعد قوله و الاخره و حينئذ فهو المفعول و قوله مهما قسمت، انتهى، جمله معترضه.
«الحنان» اى ذو الرحمه و الذى يقبل على من اعرض عنه.
«المنان» المعطى المنعم و الذى يبتدى بالنوافل قبل السوال.
005 48 «تهيا» هى مع اخواتها الثلاثه متقاربه المعنى.
«لوفاده» اى لقدوم.
006 48 «لا يحفيه سائل»
اى لا يستقصيه و لا يبلغ آخر ما عنده اذ ما سال بالنسبه الى ما ترك نسبه متناهيه، و قال الشيخ الكفعمى (قده) معناه انه لا يمنعه اعطاء سائل عن اعطاء آخر و هو مبنى على ورود الاحفاء بمعنى المنع و لم نجده فيما عندنا من كتب اللغه، و فى خ لا يحيفه من الاحافه و هو الحمل على الجور.
009 48 «اللهم ان هذا المقام لخلفائك»
قد استدل بعضهم بهذا على اختصاص هاتين الصلاتين بحضورهم عليهم السلام و هو كما ترى، فان الظاهر ان هذا و امثاله انما هو تعريض بمخالفيهم الذين غصبوا مراتبهم و اما شيعتهم فانهم ان صلوهما فانما هو بالرخصه العامه منهم عليهم السلام و هو لا ينافى الاختصاص. لخلفائك: مفعول المقام، و خبر ان هو قوله قد ابتزوها اى سلبوها و ضمير ابتزوها اما راجع الى المواضع او الى الدرجه او للمقام لاكتسابه التانيث من الدرجه و ها على نسخه للمجهول كلمه تنبيه او كلمه دعوه لا ضمير تانيث ثم ان افردت الكلمه فالقائم مقام المفعول المقام و ان جمعت الخلفاء.
«و لا يجاوز المحتوم من تدبيرك»
فانك قد حتمت عليهم المغلوبيه صلاحا لهم فانت لا تتهم فيما قضيت بان يقال ان الصلاح فى غير ما قضيت بل ما قضاه تعالى و قدره على الائمه عليهم السلام انما هو برضاء منهم و انهم باعوا انفسهم على الله تعالى بان يصل اليهم ما وصل و الثمن ما اعد لهم من تلك الدرجات العاليات كما قال يحى عليه السلام ان لى عند الله درجه لا انالها الا بالشهاده و هذا كله قد ورد فى صحيح الاخبار.
«اشراعك» اى ابوابك يقال اشرع بابا الى الطريق اذا فتحه.
011 48 «مجيد» اى كريم او عزيز او شريف و قيل معنى مجيد انه مجده خلقه و عظموه.
«كصلواتك و بركاتك»
و ههنا اشكال مشهور و حاصله ان المشبه به لا بد و ان يكون اقوى من المشبه مع ان نبينا صلى الله عليه و آله و سلم اشرف سائر الممكنات فكذا الصلاه عليه ينبغى ان تكون اقوى و اشد من الصلاه على غيره و التقصى عنه من وجوه: الاول ان اشديه المشبه به اغلبيه لتحقق
011 48 التشبيه بدونها كقوله تعالى: (كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم )، الثانى انه صلى الله عليه و آله و سلم لما كان من جمله آل ابراهيم كان داخلا فى تلك الصلاه المشبه بها و هذه الصلاه خاصه به و لا شك ان الصلاه الشامله له و لال ابراهيم افضل من الصلاه الخاصه به، و قد اعتمد جل اساتيذنا على هذا و بمثله دفعوا الشبهه الوارده على ما ورد من ان المراد بالفداء فى قوله تعالى: (و فديناه بذبح عظيم) الحسين عليه السلام مع انه اشرف من اسماعيل و حاصل الدفع ان الرسول صلى الله عليه و آله و سلم من صلب اسماعيل فلو وقع الذبح على اسماعيل لم توجد تلك الذريه الطاهره التى من جملتها الحسين عليه السلام و لا ريب فى ان المجموع افضل من واحد، و اورد على هذا ما حاصله ان مبناه على ان يكون عطفت قوله و آل ابراهيم على ابراهيم مقدما على التشبيه حتى يكون المقصود تشبيه الصلاه على نبينا و آله عليهم السلام جميعا بالصلاه على ابراهيم و آله جميعا فيتم التشبيه اذ لو فرضنا تقدم الحكم اعنى التشبيه على العطف لعاد المحذور اذ مرجعه حينئذ الى تشبيهين، احدهما تشبيهها بالصلاه على ابراهيم، و ثانيهما تشبيهها بالصلاه على ابراهيم و المحذور باق فى التشبيه الاول دون الثانى و لكن فى تقدم الحكم على العطف و عكسه خلاف بين اهل العربيه و الظاهر ان القرينه قائمه هنا على تقدم العطف على الحكم كما لا يخفى، الثالث ان ابراهيم عليه السلام لما كان افضل من الانبياء قبله كانت الصلاه عليه افضل من الصلاه على جميع من قبله و اذا كانت الصلاه على نبينا صلى الله عليه و آله و سلم مثل تلك الصلاه فلا جرم تكون افضل من الصلاه على جميع من قبله و اعترضه شيخنا البهائى (قده) بانه لا يحسم ماده الاشكال الا اذا ثبت ان فضل الصلاه على ابراهيم على من قبله ازيد من فضل الصلاه على نبينا صلى الله عليه و آله و سلم على من قبله و اتباعه متعسرا و متعذرا، الرابع ان الصلاه على ابراهيم اقوى من حيث الاقدميه و هو كاف فى التشبيه و يضعف بقوله صلى الله عليه و آله و سلم كنت نبيا و آدم بين الماء و الطين، الخامس ما ذكره شيخنا الشهيد (ره) فى قواعده و حاصله ان هذا دعاء و هو انما يتعلق بالمستقبل و نبينا صلى الله عليه و آله و سلم كان الواقع قبل هذا الدعاء انه افضل من ابراهيم، و هذا الدعاء يطلب فيه زياده على هذا الفضل مساواته لصلاته على ابراهيم فهما و ان تساويا فى الزياده الا ان الاصل المحفوظ خال عن معارضته الزياده، السادس انه لا يلزم ان يكون المشبه به اقوى من كل وجه بل يلزم ان يكون شيئا واضحا ظاهرا كما فى قوله تعالى: (مثل نوره كمشكاه) لان نورها مشاهد للسامع و كذا الصلاه على ابراهيم شائع مشهور على السنه اهل الملل و الاديان،
011 48 السابع ان الكاف للتعليل مثلها فى قوله تعالى: (و اذكروه كما هداكم)، الثامن ان الصلاه بهذا اللفظ جاريه فى كل صلاه على لسان كل مصل الى انقضاء التكيف فيكون الحاصل لنبينا صلى الله عليه و آله و سلم بالنسبه الى مجموع الصلوات اضعافا مضاعفه، و قد بقيت وجوه كثيره ذكرناها فى شرحنا الكبير من ارادها فلينظرها ثمه.
012 48 «ممن يجرى ذلك به»
اشاره الى النصر و التاييد لال محمد او الى التوحيد اى يجرى توحيدك بهم بان يوحدوك و على يديهم بان يامروا به، و قيل هو بيان لضمير طاعتهم الراجع الى الائمه عليهم السلام، و يجوز تعلقه بفعل محذوف دل عليه الفعل السابق اى اجعلنى من الذين يجرى التوحيد بهم و على يديهم.
014 48 «حتى تستجيب لى»
اى لا تمتنى الا بعد استجابه دعواتى التى من جملتها المغفره و التوفيق لرضاك.
016 48 «غرضا» بالغين المهمله بمعنى الهدف و بالمهمله بمعنى العرض للبلايا.
«نصبا» اى علما.
028 48 «الف مره»
يدل على استحباب التصليه على محمد و آله فى يوم الجمعه الف مره كما ورد فى صحيح الاخبار، قيل و ان ضاق وقتك فقل اللهم صلى على محمد و آل محمد الف مره كما ورد فى لا اله الا الله الف مره.
001 49
و كان من دعائه عليه السلام فى دفع كيد الاعداء
و هذا الدعاء يسمى بالجوشن الصغير و الظاهر ان المراد بالاعداء هنا اعداء الدين فلا يجوز ان يدعى به الا عليهم، و اما اذا كان من اهل النحله فينبغى الدعاء لهم بالهدايه و الارشاد، و قد شاهدنا جماعه فى هذا العصر قد تلبسوا بلباس اهل الدين يدعون بهذا الدعاء و اضرابه على من اسدى اليهم مكروها، و ربما حصل عليه ضرر و هذا الضرر عند جمهور الاصحاب اتفاقى لا مدخل لدعائهم و عبادتهم المخترعه فيه، و اما انا فقد ظهر لى من ممارسه الاخبار وجه وجيه و حاصله ان الله تعالى قد اقسم على
001 49 نفسه بنفسه ان لا يضيع عمل عامل كما قال تعالى: (و من يرد حرث الدنيا نوته منها و ما له فى الاخره من خلاف)، فاذا توجه واحد من الناس و عبدالله تعالى لاجل ايصال ضرر الى غيره يحصل منه نفع اخروى لذلك الغير و اعطاه الله تعالى هذا المطلب الحقير لا يدل على انه مستجاب الدعوه و لا يدل على علو مرتبته و شرافه درجته بل العكس اذ قد عرض نفسه للعقاب و غيره للثواب، و مثل هذا قد ورد فى عباده الشيطان فانه قد عبدالله تعالى سته آلاف سنه طلبا للرئاسه الدنيويه التى قد وصل اليها و لو كانت عبادته على وجه الاخلاص لم يدعه الله تعالى نفسه طرفه عين و لا كان وقع منه ما وقع.
001 49 «فلهوت» لعبت.
«و ابليت الجميل» اعطيت العطاء الجميل.
«ما اصدرت»
اى ارجعت معرفته الى، و قيل معناه انى عرفت الشى ء الذى رددتنى عن الذنوب بسببه، و قيل المراد ما رددت الناس و ارجعتهم عنه.
002 49 «تقحمت» القيت نفسى فيها بلا رويه و فكر.
«شعاب» جمع شعب و هو الصدع فى الجبل.
«و بحلولها» اى السطوات او الشعاب و هو الاظهر.
004 49 «انتضى» اى سل.
«و شحذ لى ظبه مديته» اى حدد لى طرف شفرته و هى السكينه العظيمه.
«و ارهف لى شبا حده» اى رقق لى طرف حدته و باسه و سورته.
«و داف لى قواتل سمومه» اى مزج لى بماء و نحوه او سحق لى سمومه القاتله.
«و سدد نحوى صوائب سهامه» اى قوم الى جانبى سهامه الصائبه.
«يسومنى» اى يورد على.
«زعاف» بالقاف الماء الغليظ و بالفاء القاتل السريع القتل.
005 49 «الفوادح» الاثقال.
«الانتصار» الانتقام.
«ناوانى»
عادانى و اما ناءانى بهمزه بعد الالف الاولى فلم ترد فى اللغه و الظاهر ان وجودها فى بعض النسخ تصحيف ما هنا.
«و ارصد لى» اى اعد لى.
006 49 «ازرى» ظهرى.
«فللت حده» كسرت سورته.
«و اعليت كعبى» كنايه عن تمام الغلبه و الاستيلاء.
«غليله» الغليل حراره العطش.
«شواه»
اطراف بدنه كاليدين لما تعارف من ان الغضبان يعض على اصابعه خصوصا السبابه.
«سراياه» عساكره التى جمعها لى و لاهلاكى.
007 49 «و اضبا» اى اشرف على لينظرنى.
«لطريدته» صيده.
«لانتهاز الفرصه» اغتنامها.
«الحنق» الغيظ.
008 49 «غل سريرته» فسادها.
«اركسته لام راسه فى زبيته»
008 49 اى رددته مقلوبا على راسه فى حفرته و ام الراس هى راس الدماغ او الجلده الرقيقه التى عليها و اللام بمعنى على مثل ما فى قوله تعالى: (يخرون للاذقان).
«ربق» كعنب جمع ربق بالكسر حبل فيه عده عرى تشد به البهم.
009 49 «شرق بى» يقال اشرق عدوه اى اغصه.
«و شجى منى»
الشجو ما نشب و اعترض فى الحلق من عظم و نحوه و الشجو الحزن ايضا.
«و سلقنى» اذانى بكلامه.
«و وحرنى» اغاظنى.
«بقرف عيوبه» باكتسابها اى نسب الى عيوبه التى اكتسبها.
«و وحرنى بكيده» و فى ش بالمعجمتين اى طعننى طعنا ليس بنافذ.
010 49 «لا يضطهد» اى لا يغلب و لا يقهر.
«كنفك» احاطتك.
«معقل انتصارك» محرزه.
011 49 «و اعيان الحدث» اى فتيان و خصهم بالذكر لقوه تاثير عيونهم.
«طمستها»
اذهبتها او اذهبت تاثيرها و ما روى من انه قد رفع ببركه النبى صلى الله عليه و آله و سلم فالظاهر انه قد رفع شده تاثيرها الذى كان فى زمن الجاهليه .
«و غواشى» جمع غاشيه و هو ما يغشى الشى ء و يغطيه.
012 49 «و عدم» اى فقر و كسر حال.
«و صرعه» اى سقطه بالفتح للحاله و بالكسر للنوع.
012 49 «انعشت» رفعتنى منها.
014 49 «و استميح» اى استعطى و المميح كل من اعطى معروفا و السائل محتاج و مستميح.
«فما اكديت» اى ما رددت.
016 49 «بالمحمديه» اى المله المحمديه و المله العلويه.
001 50
دعاوه عليه السلام فى الرهبه
002 50 «فيا سواتاه»
السواه فى الاصل بمعنى العوره و ما لا يجوز ان ينكشف من الجسد ثم نقل الى كل كلمه او فعله قبيحه كانه يقول لها احضرى يا سواه فهذا من الاحوال و الاوقات التى ينبغى ان تمضى بها و هى احصاء الكتاب قبائحى.
003 50 «فلولا المواقف» ورد فى الخبر ان ليوم القيامه خمسين موقفا و الناس فى كل واحد منها على حال من الاحوال.
«لالقيت بيدى»
اى لالقيت يدى الى مصارع المهالك او لالقيت نفسى بيدى و هو كنايه عن الاستسلام للوقوع فى المهالك، و قيل بيدى اى بنفسى كما قيل فى قوله تعالى: (و لا تلقوا بايديكم).
«حسيبا» اى كافيا فعيل بمعنى مفعل و الحسيب المحاسب ايضا و يطلق على المحصى و العالم.
004 50 «راغم» لا صق انفى بالرغام و هو التراب.
005 50 «بالمخزون من اسمائك»
عند الانبياء و اوصيائهم كما روى ان الاسم الاعظم ثلاثه و سبعون حرفا و قد علم
005 50 سبحانه كل نبى و وصيه شيئا منها لم يطلع عليه احدا، و يجوز ان يراد بالمخزون هو ذلك الحرف فانه المخزون حقيقه عن جميع الكائنات.
«و بما وارته الحجب من بهائك»
المواراه الستر و اما الحجب فهى حجب حسيه و حجب معنويه اما الاولى فقد قدمنا تعدادها فى اول الكتاب و ان بعضها ظلمه لو رجح احدهما على الاخر وزن خردله لاحرقت سبحات جلاله ما فى الكونين، و اما الثانيه فهى على قسمين الاول ان المراد منها صفاته تعالى الذاتيه العاليه عن مطارح الانظار و مطارح الافكار كما ورد فى الدعاء: يا من كان الحجاب بينه و بين خلقه انه الواحد القادر العالم الدعاء، الثانى انها عباره عن صفاتنا الظلمانيه كالامكان و الجهل و فى الدعاء ما يويده ايضا.
«الا رحمت»
اى اسالك فى كل اوقاتى و لا افتر عن السوال الا فى وقت ترحم نفسى فيه و التعبير بصيغه الماضى للتفاول.
«الجزوعه» كثيره الجزع.
«و هذه الرمه الهلوعه» اى العظام المندرسه الكثيره الفزع.
«صوت غضبك» اى المسبب عنه و هو صوت النار و زبانيتها.
006 50 «خطرى» شانى و قدرى.
001 51
دعاوه عليه السلام فى التضرع و الاستكانه
002 51 «جهد البلاء»
و هى الحاله التى يتمنى الانسان معها الموت العظيم المحنه او مشقه، و قيل هى قله المال و كثره العيال.
«محذور القضاء» اى القضاء المحذور منه.
003 51 «جاهد» مبالغه فى الجهد يعنى صاحب جهد.
«صنيعه» احسان.
004 51 «بظلامتى» اى بما ظلمت به.
005 51 «نعماك»
بضم النون مقصور المعنى النعمه و نعماءك بفتح النون محدود اجمع نعمه و اما فتح النون مقصورا كما فى بعض النسخ فلم يرد فى اللغه.
«مبرورا» اى متسع فيه او مصدق من قولهم فلان بر يمينه.
007 51 «يا كهفى حين تعيينى المذاهب»
اى يا ملجئى حين يعجزنى ذهابى الى الخلق و تردداتى اليهم لتحصيل ما عندك و حين لا اهتدى الى سلوكها.
«و يا من وضعت له الملوك نير المذله»
النير الخشبه التى تجعل على عنق الثور وقت الحرث و فيه تشبيه الملوك بالثيران لجامع الجهل و اثبات ما هو من لوازم المشبه به اعنى المذله و ما يلائمه اعنى النير.
«اهل التقوى» اى مستحق لان تبقى من سطواتك.
«فاعتذر» اظهر العذر عند السوال.
«و لا بذى قوه فانتصر»
اى لست صاحب اعوان ينصرونى عليك و يخلصونى من عذابك.
008 51 «و اتنصل» اى اتبرا.
009 51 «مسكينا مستكينا»
سمى الفقير مسكينا لانه لشده فقره كان الفقر اسكنه فلم يقدر على التحرك و المستكين مبالغه فيه.
011 51 «بسريرتى» باطلاعى عليها.
012 51 «لبيك لبيك» اى انك امرتنى بالدعاء فانا اقول لبيك.
014 51 «المضجع» اى المقصر.
001 52 دعاوه عليه السلام فى الالحاح على الله تعالى
002 52 «اعلمهم بك»
تلميح الى قوله تعالى (انما يخشى الله من عباده العلماء) و المراد بهم العلماء الربانيون و هم العاملون بما علموا او هم العلماء حقيقه و على الاطلاق، و اما من علم المسائل و سلب العمل بها فهو خارج عن عدادهم على التحقيق.
003 52 «قضاءك» اى حلمك.
007 52 «اردانى».
اهلكنى ماخوذ من الردى بمعنى الهلاك او اسقطنى فى بئر غضبك من قولهم تردى فلان فى البئر اى سقط فيه.
«لسكون عروقه» كنايه عن صحه البدن فان المرض يحرك العروق الساكنه، روى يعقوب بن شعيب قال سمعت اباعبدالله عليه السلام يقول قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم: ان فى ابن آدم ثلاثمائه و ستين عرقا منها ثمانيه و ثمانون متحركه و منها مائه و ثمانون ساكنه فلو سكن المتحرك لم ينم و لو تحرك الساكن لم ينم، و كان رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم اذا اصبح قال الحمد لله رب العالمين كثيرا على كل حال ثلاثمائه و ستين مره و اذا امسى قال مثل ذلك على عدد العروق.
008 52 «لما هو صائر» صله للفكر.
009 52 «و اظله الاجل» اى دنا منه يقال ظلك فلان اذا دنا منك كانه القى عليك ظله.
010 52 «و ان تثنينى بالكثير من كرامتك»
اى تعطفنى و تاخذنى اليك متلبسا بالكثير من كرامتك، و قيل المراد تثنينى عن الذنوب بسبب الكثير من كرامتك و فى نسخه تثيبنى من الثواب و لعله الاول.
001 53 دعاوه عليه السلام فى التذلل لله عز و جل
001 53 «افحمتنى ذنوبى»
منعتنى عن المقال او ابكتنى حتى انقطع صوتى من قولهم فلان مفحم اى منقطع الصوت عن الخصومه.
«المتردد فى خطيئتى»
كنايه عن كثره الذنوب حتى صارت كانها طريق له فهو يجى ء و يذهب فيها على طريق التردد.
«قصدى» القصد استقامه الطريق و يجوز ان يكون بمعنى اسم المفعول.
«المنقطع»
يقال قطع بفلان فهو مقطوع به و كذلك انقطع به بالفتح اذا انقطع سفره فصار منقطعا بالكسر دون بيته كما اذا نفد زاده او عطلت راحلته او نحوها.
003 53 «سبحانك اى جراه اجترات عليك»
اى انزهك عن ان يكون وعيدك مستحقا للاستخفاف به و مع هذا فقد اجترات عليك جراه عظيمه لان كل ذنب يصدر منا فهو جراه على جنابه سبحانه كما قال عليه السلام لا تنظر الى صغر معصيتك و انظر الى من عصيت.
«و اى تغرير» يقال غرر بنفسه تغريرا اذا عرضها للهلكه.
004 53 «كبوتى لحر وجهى»
اى انكبابى فى الذنوب او فى النار كما روى ان الزبانيه يكبون الناس فى النار على وجوههم فيصلوا الى قعرها بعد مضى سبعين الف سنه، و حر الوجه ما بدا من الوجنه يقال لطمه على حر وجهه.
«و زله» بالكسر خبر معطوف على حر اى كبوتى بسبب زله قدمى.
004 53 «استكين بالقود من نفسى»
اى اخضع و اذل ان تقاصنى فى نفسى بسبب الذنوب و حاصله اظهار الرضا بهذا القصاص، و قيل المراد تقاصنى بسبب اهلاكى نفسى.
001 54
دعاوه عليه السلام فى استكشاف الهموم
001 54 «يا فارج الهم و كاشف الغم» قيل بترادفهما و قيل الهم لما لم يقع و الغم لما وقع من المكروه و قيل الهم ما لا يعلم سببه و الغم ما يعلم.
002 54 «آيه الكرسى» اذا اطلقت كانت الى العظيم.
«و المعوذتين»
بالكسر سميتا به لانهما نزلا لتعويذ الحسنين عليهماالسلام لما زلقوهما بالابصار حتى انه روى تاثير العين فيهما عليهماالسلام فعافاهما الله بهذا التعويذ.
004 54 «و اقبض على الصدق نفسى»
اى خذنى اليك وقت الموت حال كونى مستقرا على التصديق نفسى وقت الحياه و لا تكلنى الى نفسى فارجع عن التصديق بك و برسولك.
005 54 «اسالك خير كتاب قد خلا»
اى خير مكتوب قد مضى فى علمك بان تكون قد كتبنى فى الالواح و الدفاتر من الاخيار، اللهم اجعلنا من الاخيار بحق النبى و آله الاطهار.
تم الشرح المبارك المتعلق بالصحيفه الشريفه على يد مولفه الفقير الى الله الغنى نعمت الله الحسينى الجزائرى فى بلده خرم آباد اوان انصرافى من زياره مولاى الرضا عليه السلام سنه الثامنه و السبعين بعد الالف، و هذا الشرح مختصر شرحنا الكبير على الصحيفه و يتلوه ان شاء الله تعالى الشرح المتعلق بالملحقات و الحمد لله حق حمده و الصلاه على محمد و آله الطاهرين.
001 55 الحمد الله الذى أطلع أبناء التراب على أسرار ملكوته الخفية، و نور قلوبهم بأدعية الصحيفة السجادية، و الصلاة على رسوله الهادى للأنام، و على أله مصابيح غياهب الظلام.
و بعد، فيقول تراب نعال أهل العلم نعمةالله بن عبدالله الحسينى الجزائرى. ان للوصول الى جناب قربه تعالى طرائق متعددة، و وسائل متبددة، و كان أوضحها سبيلا و برهانا، و أعلاها شرفا و مكانا، سلوك محجة الدعوات المروية، و الولوع بما انطوت عليه الصحيفة السجادية، و لما لم يكن لها شرح يذلل منها الصعاب، و يكشف عنها اللباب، كتبنا عليها فى عنفوان الشباب شرحا مبسوطا وافيا، و منهلا عذبا صافيا، و قد رأينا الطباع أبية الا الاختصار، و منحرفة الا عن الذى فيه الانحصار، فأحببنا أن نعلق عليها شرحا آخر يناسب الحال، و يكون خاليا من الاطناب و الاملال، و رسمناه نور الأنوار، فى شرح كلام خير الأخيار:
سلام من الرحمن نحو جنابه
فان سلامى لا يليق ببابه
و المرجو من اخواننا فى الدين، و خلافنا فى طلب اليقين، أن يذكرونا بدعاء جميل، و بصفح جزيل:
و من ذا الذى ترضى سجاياه كلها
كفى المرء نبلا أن تعد معايبه
قال راوى الصحيفة:
«حدثنا السيد الأجل»
اختلف فى المتكلم به، فذهب شيخنا البهائى (قده)، الى أنه على بن السكون، و هو من ثقات علماء الامامية، و أيده بقول الكفعمى فى حواشى مصباحه، فى نسخة ابن ادريس كذا، و فى نسخة ابن السكون كذا، و قال السيد الداماد. ما لفظه: حدثنا فى هذا الطريق عميد الرؤساء، و هو الذى روى الصحيفة الشريفة عن بهاء الشرف، و أيد ما ذهب اليه بقوله: و هذه صورة خط شيخنا المحقق الشهيد قدس الله تعالى لطيفته، على نسخته التى عورضت بنسخة ابن السكون، و عليها. أعنى على النسخة التى بخط ابن السكون، خط عميد الدين عميد الرؤساء، قراءة قرأها على السيد الأجل النقيب الأوحد العالم، جلال الدين، عماد الاسلام، أبوجعفر القاسم بن الحسن بن محمد بن الحسن بن معية أدام الله تعالى علوه، قراءة صحيحة مهذبة، و رويتها له عن السيد بهاء الشرف، أبى الحسن محمد بن الحسن بن أحمد عن رجاله المسمين فى باطن هذه الورقة، و أبحته روايتها عنى حسب ما وقفته عليه و حددته، و كتب هبة الله بن حامد، فى شهر ربيع الآخر من سنة ثلاث و ستمائة. انتهى. و حينئذ فالطريق فى نسخة ابن السكون هكذا: أخبرنا أبو على الحسن بن محمد بن اسمعيل بن أشناس البزاز، قراءة عليه فأقرأتيه، قال: أخبرنا أبوالفضل محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب الشيبانى، الى آخر ما فى الكتاب، و كلاهما حسن لما يظهر من كتب الاجازات، من أنهما يرويان الصحيفة الشريفة عن السيد الأجل.
و أما النسخة التى فى الهامش المصدرة بقوله: حدثنا الشيخ الأجل، فهى النسخة التى نقلها الفاضل السديدى من نسخة ابن ادريس، لبيان الاختلاف فى السند بينها و بين نسخة ابن السكون، و قد وجدناها مكتوبة فى الأصل فى كثير من النسخ، و المتكلم يحدثنا. هو ابن ادريس.
قوله «أبوالحسن محمد بن الحسن»
حاله مجهول فى الرجال، كحاول الخازن و الخطاب و البلخى، و هو غير ضائر لتواترها بين الفريقين حتى أن الغزالى و غيره سموها، انجيل أهل البيت، و زبور آل محمد صلى الله عليه و آله و سلم، و انما رتبها أصحابنا على طريق التعنعن عنهم سلوكا لمحجة التيمن و التبرك باتصال روايتها بالمعصوم عليه السلام، مع أنهم من أهل الاجازة، لا من أهل الرواية، و أيضا. اعجاز أسلوبها، و غرابة أطوارها، شاهدان عدلان على أن مثلها لا يصدر الا عن مثله، و أما أنا فلى فى روايتها طرق شتى، كما لأصحابنا رضوان الله عليهم، و هو الداعى الى اختلاف عباراتها، و قد بنينا شرحنا هذا على نسخة شيخنا البهائى (قده) التى هى بخط جد أبيه شمس الدين صاحب الكرامات و المقامات، و هو نقلها من خط السديدى، و نقلها هو من خط على بن السكون، فما هو فى أصل نسختنا فهو موافق لنسخة ابن السكون، و ما هو بعلامة س فهو نسخة ابن ادريس، و ما كان فى الأصل مرقوم عليه معا فكانا معا فى نسخة ابن السكون، و ما كان فى س معا فكانا معا فى نسخة ابن ادريس، و ما كان مرقوما عليه خ فهو ما كتبه ابن ادريس أو ابن السكون فى الهامش.
قوله «شهريار»
بفتخ آخر الجزء الأول على الفتح تشبيها له بخمسة عشر، و منع صرف الثانى و الكسر حمزة، و قد جوزه شر ذمة قليلة و بنوه على اضافة الجزء الأول الى الثانى و منع صرف المضاف اليه، و هذا و ان كان من المركبات الأعجمية، لأن الشهر بمعنى البلاد، و يار بمعنى الخل و المعين و الناصر، أى ناصر أهل البلاد و دافع الظلم و التعدى عنهم، و الاعراب و البناء انما يكونان فى الأسماء الموضوعة فى لغة العرب، لكن ما استعمله العرب كثيرا أجروا عليه أحكام كلامهم، و ان لم يتصرفوا به.
قوله «مولانا»
أى ناصرنا أو من هو أولى منا بأمورنا، و المراد عنه ما وقع فى قوله صلى الله عليه و آله و سلم: من كنت مولاه فعلى مولاه.
قوله «أميرالمؤمنين»
مشتق من الميرة، و هو الكيل، لأنه يكيل العلم للمؤمنين، و منه قوله تعالى: (و نمير أهلنا) و قد خصه الله تعالى به، حتى أن السيد الزاهد ابن طاووس، صنف كتابا كبير الحجم سماه كشف اليقين، فى تسمية مولانا أميرالمؤمنين عليه السلام، و نقل فيه أحاديث كثيرة تدل صريحا على انحصار التسمية به عليه السلام، و لذا لم يسم أحد من أولاده المعصومين به و ان شاركوه فى معناه.
و قد روى العياشى فى تفسيره حديثا، عن الصادق عليه السلام، بأنه لم يسم أحد بهذا الاسم غير على بن أبى طالب عليه السلام، الا كان مخنثا، و هو غير بعيد، لقول جلال الدين السيوطى و هو من أكابر علمائهم، فى تعاليقه على القاموس، عند تصحيح لغة الأبنة، و كانت فى جماعة فى زمن الجاهلية أحدهم سيدنا عمر، و قول ابن الأثير، و هو أيضا من أعاظم فضلائهم، زعمت الروافض أن سيدنا عمر كان مخنثا، كذبوا لعنهم الله، و لكن كان به داء دواؤه ماء الرجال، فانظر الى اعتذار هذا الفاضل عن امامه، و كيف استحق الروافض عنده اللعنة، مع أنه هو الذى علمهم صفات امامه المباركة عليه، و هذا قليل بالنسبة الى نسبه الشريف، المستفيض بين الفريقين، الذى قد نظمه الشاعر:
من جده خاله و والده
و أمه أخته و عمته
أجدر أن يبغض الوصى و أن
ينكر يوم الغدير بيعته
و ذكر أبو المنذر هشام بن محمد السايب الكلبى، و هو من رجالهم، فى كتاب المثالب، فقال ما هذا لفظه: فى عدد جملة من ولدوا من سفاح، هشام عن أبيه قال: كانت صهاك أمة حبشية لهاشم بن عبد مناف، فوقع عليها نضر بن هشام، ثم وقع عليها عبد العزى بن رباح فجاءت بنفيل جد عمر بن الخطاب، و ذكر ابن عبد ربه فى كتاب العقد فى المجلد الأول، فى حديث استعمال عمر بن الخطاب لعمرو ابن العاص فى بعض ولاياته، ما هذا لفظه: قبح الله أمرا عمل فيه عمرو بن العاص لعمر بن الخطاب، و الله انى لأعرف الخطاب يحمل على رأسه حزمة من حطب، و رأيت ابنه مثلها. و ذكر مؤلف نهاية العلوم، أن عمر بن الخطاب كان قبل خلافته نخاس الحمير، و ذكر أبو عبيد القاسم بن سلام، فى كتاب الشهاب، فى تسمية تسع من قريش فى الجاهلية، ما هذا لفظه: و الخطاب بن نفيل بن عبدالعزى بن رباح بن عدى بن كعب أبو عمر بن الخطاب، قطع يده فى سرقة قدر، و محاه رضى الناس عنه.
و ذكر ابن عبد ربه فى ذلك الكتاب، قال: خرج عمر بن الخطاب و يده على المعلى بن أبى الجارود فلقيته امرأة من قريش، فقالت: يا عمر فوقف لها فقالت: كنا نعرفك من قبل عمير، ثم صرت بعد عمير عمر، ثم صرت من بعد عمر أميرالمؤمنين، فاتق الله يابن الخطاب، و انظر فى أمور الناس، فانه من خاف الوعيد، قرب عليه البعيد. أقول فيا عجبا من قوم رووا أن عمر كان ولد زنا و أنه كان فى الجاهلية نخاس الحمير، و أن أباه كان سراقا، و أنه ما كان يعرف الا بعمير لرذالته، ثم مع هذا جعلوه خليفة قائما مقام نبيهم، و نائبا عن الله فى عباده، و قدموه على أهل الشرف فى الجاهلية و الاسلام.
قوله «ست عشرة»
بسكون الشين، و هى اللغة الفصيحة الحجازية فرارا فيها عن توالى أربع فتحات فيما هو كالكلمة الواحدة، مع امتزاجها بالنيف الذى فى آخره فتحة، و فتح الشين حمزة، و قد جوزه فى بعض النحاة بناء على عروض التركيب. و أما بنوتميم فقد فروا من ذلك المحذور، و التجأوا الى كسر الشين، و هو من باب ازالة الثقل بثقل آخر.
قوله «قراءة» تميير برفع الابهام عن النسبة.
قوله «على الشيخ»
متعلق بفعل محذوف، أى تقرأ عليه، و يجوز تعلقه بالفعل المذكور بتضمينه الفعل المحذوف.
قوله «العكبرى»
بفتح الباء، و الضم حمزة، نسبة الى عكبرا بفتح الباء و المد، قرية بالشام.
قوله «المعدل» أى الموصوف بالعدالة، و قيل هو لقبه.
قوله «المطلب الشيبانى»
فتح الياء و كسر الشين حمزة، و هما خارجان عن الفصاحة.
قوله «الأعلم» أى المشوق الشفة العليا.
قوله «و أحفى السؤال»
بالحاء المهملة، أى استقصاه و بالغ فيه، و فى كثير من النسخ بالخاء المعجمة، و لعل وجهه الخوف و التقية.
قوله «أشار على أبى بترك الخروج»
ربما يستفاد من هذا و أضرابه ذم أبيه، بل ما هو أعظم منه لمخالفته لامامه، لكن المستفيض فى الأخبار مدحه و الثناء عليه، و أن خروجه انما كان لطلب ثار الحسين عليه السلام، و لا ينافيه نهى الامام عليه السلام له، لأنه اما من باب التقية، أو من باب الشفقة عليه، كما يستفاد من سياق العبارات الآتية، و ما قيل من أن نهيه عليه السلام له كان نهى تحريم، الا أن الله تعالى قد عفا عنه بدعاء الامام له و قرابته منه، فلا يخفى بعده، و أما غير زيد من أصحاب الخروج، كيحيى و محمد و ابراهيم فقد استشكل أصحابنا حالهم لما صدر منهم بالاضرار بالامام عليه السلام، و الحق أن بكاءه عليه السلام عليهم بعد قتلهم، و تأسفه عليهم عند أسرهم، مما يرفعان الاشكال عن حالهم، و أى فرد من أفراد الشيعة لم يصدر منه الاضرار بالامام، و لو لم يكن الا بارتكابنا للمعاصى، فانه من أشد الضرر على طباعهم المباركة، لكن شفقتهم علينا توجب الصفح عن مثله، و كيف لا، و قد روى أن الله تعالى غضب على الشيعة بافشائهم أسرار الأئمة و أراد أن يستأصلهم بالعذاب، فأخبر موسى الكاظم عليه السلام بأنى مستأصل شيعتك هذه السنة، فقال عليه السلام: يا رب أحب أن أفدى شيعتى بنفسى، و يبقون هم على الأرض، فأماته الله شهيدا تلك السنة فداء للشيعة، فاذا كان هذا حالهم من الأجانب، فكيف مع اولادهم و أقاربهم، مع أن خروجهم انما كان بعد أن هتكت حرمتهم، و نهبت أموالهم، و سبيت ذراريهم، و لقبوهم بالخوارج، و قالوا لهم لو كان جدكم على الحق لما فعل بكم ما ترون، و مثل هذا يوجب أعمال الغيرة من أراذل الناس، فكيف من بنى هاشم، مع أنه روى عن الرضا عليه السلام صريحا، النهى عن تناول عرض العباس بن موسى الكاظم عليه السلام مع أنه صدر منه بالنسبة الى أخيه الرضا عليه السلام و الى أم أحمد زوجة أبيه من الأذية و الاستخفاف ما لم يصدر من غيره، و حينئذ فتكلم بعض علمائنا فى أعراضهم جرأة على ذرية أهل البيت عليهم السلام.
قوله «نعم»
كسر العين فيه و فيما سيأتى حمزة، و هى لغة فى الفتح، حكاها بعض أهل العربية.
قوله «فداءك»
بالمد لمكان كسر الفاء، و القصر لو فتح، و جوز القصر مع الكسر أيضا، اما مطلقا، أو اذا لا قى لام الجر مثل فداء لك.
قوله «أستقبلك» أى أشافهك، أو أقوله لك فى مستقبل سفرك.
قوله «هات» بكسر التاء، اسم فعل بمعنى أعطنى.
قوله «يمحو الله ما يشاء و يثبت و عنده أم الكتاب»
ذكر المفسرون فيه ضروبا من التفسير، و كلها لا تناسب المقام، و المناسب له ما روى عنهم عليهم السلام، من أنه تعالى خلق لوحا سماه لوح المحو و الاثبات، و قد كتب فيه الآجال على طريق التعليق و الشرط، كان يكون عمر زيد ثلاث سنين ان قطع رحمه، و ثلاثين ان وصله، فان أتى بالأول محا الثانى، و ان أتى بالثانى محا الأول، و كذا فى جانب الأرزاق و غيرها من التقديرات، و قد روى أنه تعالى ينظر الى ذلك اللوح كل يوم ثلاثمائة نظرة، يمحو فى كل نظرة ما يشاء و يثبت فى كل نظرة ما يشاء، و أمام أم الكتاب، فالمشهور تفسيرا و أخبارا، أن المراد به اللوح المحفوظ الذى لا يلحقه محو و لا اثبات، بل الأمور مثبة فيه على ما هى عليه فى الواقع، و حينئذ فالحكمة فى ايجاد لوح المحو و الاثبات خفية، و ربما كان منها حث العباد على الطاعات و ترغيبهم فيها، و قيل هو تأكيد للأول، و تسميته به، باعتبار ما روى أن الله تعالى اذا أراد شيئا، من انزال آية، أو امضاء حكم، أمر القلم فكتب فى ذلك اللوح، و قرأه اسرافيل فانتقش فى جبهته، و قرأه جبرائيل من جبهته، فذلك اللوح أصل للقرآن و محل لايجاده أولا، فلذا سمى أم الكتاب.
قوله «هذا الأمر»
أى دين الشيعة و الامامة، و الخروج، و قيل طلب ثار الحسين عليه السلام، و هو بعيد.
قوله «مليا» زمانا طويلا، للتفكر فى التكلم بالحق.
قوله «رأسه» بالهمزة، و بقلبها ألفا تخفيفا، لكنه غير مشهور عند أرباب الاشتقاق.
قوله «من ابن عمى»
يروى بفتح نون من للخفة، لأن فى كسره اجتماع الكسرتين، و بكسرها، بناء على ما اشتهر من تحريك الساكن بالكسر لكمال المناسبة بينهما، و أما المشهور فى هذه الحركة فهو الفتح ان لاقت لام التعريف طلبا للخفة فيما كثر استعماله، و الكسر فى غيره كما هنا لعدم كثرة استعمالة، فيرجع فيه الى تحصيل المناسبة المشهورة.
قوله «وجوها» أى أنواعا و أبوابا.
قوله «أملاه»
بالألف، من الاملال على الكاتب، و أصله ملله من المضاعف، بحكم قوله فليملل الذى عليه الحق قلبت لامه ياء، و يوجد فى بعض النسخ بالهمزة، و حكم الفاضل الداماد بأنه تصحيف، و هو كما ترى لأن مثل لأن مثل هذا القلب ذائع شائع.
قوله «و ان أبى» الواو اما للاستئناف أو الحالية.
قوله «يابن رسول الله»
ظاهر الاطلاق الحقيقة، سيما و قد اعتضد بتقرير الأئمة عليهم السلام، و بتلفظهم و افتخارهم به على بن العباس و خلفاء الجور، و استدلالهم عليهم السلام على حرمة بناتهم على جدهم الرسول صلى الله عليه و آله و سلم بقوله تعالى: (و حلائل أبنائكم) فى مقام المفاخرة، وح فما ذهب اليه علم الهدى (قده) فى هذه المسألة جيد، و طريق ما عارضه من الأخبار الضعيفة الحمل على التقية، و قد بسطنا الكلام فى هذه المسألة فى كتابنا الموسوم بغاية المرام فى شرح تهذيب الأحكام.
قوله «بولايتكم»
بفتح الواو بمعنى النصرة و المتابعة، و بكسرها بمعنى تولى الأمور و تدبيرها، فعلى الأول يكون من اضافة المصدر الى المفعول، و على الثانى يكون من باب اضافته الى الفاعل.
قوله «فرمى صحيفتى»
الظاهر أن مثله لم يكن من سوء الأدب عندهم كما هو الآن، و الا فلا يجوز صدور مثله عن مثله.
قوله «غلام»
ورد بمعنى العبد، و بمعنى الخادم، و بمعنى الشاب الذى طلع شاربه.
قوله «بعيبة» و هو وعاء الثياب أو لامة الحرب.
قوله «و بكى» لأنه كان خاتم أبيه.
قوله «فيكتموه» و فى س (هذا الحرف هو علامة على «نسخة ابن ادريس») باثبات النون، و حينئذ فالفاء فيه للاستئناف، على حد قوله:
ألم تساءل الربع القواء فينطق
أى فهو ينطق.
قوله «محمد و ابراهيم»
روى الكلينى حديثا طويلا، و فيه أن الصادق عليه السلام منعها عن الخروج أشد المنع، و منه استدل بعض المعاصرين أنهما ملعونان مطرودان من رحمة الله سبحانه، و حمل التشبيه المذكور فيما سيأتى من قوله انى لأعلم أنكما ستخرجان كما خرج، على مطللق الخروج و القتل، لا فى الحقية، فان زيدا محق قطعا، و هو غير جيد، لأنه ان أراد الحقية فى الواقع فهما و زيد سواء، لورود النهى بالنسبة اليهم جميعا، و ان أرادها بالنسبة الى الاعتقاد فكذلك أيضا، فانه لم يخرج أحد من هؤلاء الا لطلب ثار الحسين عليه السلام، أو لرفع تسلط الظلمة عن بنى هاشم، أو ليكون خليفة و حاكما، و لا ريب أنهم أحق من بنى أمية بها نظرا الى الواقع و الاعتقاد، و ان كان أصلها لغيرهم، و هم المعصومون منهم عليهم السلام، نعم يفرق بينهما و بين زيد بايذائهما للامام عليه السلام و عدم ايذاء زيد له، و قد عرفت الجواب عنه، مع ان فى ذلك الحديث الطويل أنه لما أرسل اليهم الدوانيقى فقيدوهم و حملوهم فى محامل لا وطاء لها و أوقفوهم بالمصلى لكى يشتمهم الناس، فكف الناس عنهم و رقوا لحالهم، ثم لما أتى بهم باب المسجد، الباب الذى يقال له جبرئيل، اطلع عليهم ابو عبدالله عليه السلام، و عامة ردائه مطروحة بالأرض، ثم اطلع من باب المسجد فقال: لعنكم الله يا معاشر الأنصار، ثلاثا، ما على هذا بايعتم رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم و لا بايعتموه، أما و الله ان كنت حريصا، و لكننى غلبت، و ليس للقضاء مدفع، ثم أنه دخل بيته فحم عشرين ليلة، لم يزل يبكى فيها الليل و النهار حتى خيف عليه، و لو لم يكن له الا بكاؤه عليه السلام لكان كافيا فى عدم جواز تناول أعراضهم باللعن و السب.
قوله «ابنى عبدالله بن الحسن»
و هو الذى سماه الدوانيقى أبا قحافة تهكما به، لأنه لم يدع الخلافة من أبوه حى سواهما، و سوى أبى بكر، و سوى عبدالكريم الطائع الله، فانه تولى الخلافة و أبوه المطيع خلع نفسه منها، و روى أهل السير أن أبا قحافة كتب الى ابنه أبى بكر، زمن خلافته، كتابا فيه، انك يا بنى لما و ليت خلافة المسلمين، فان كان لكبر سنك، فأنا أبوك أكبر منك، فأنا أحق بها، و ان كان لقدمك فى الاسلام، ففيهم من هو أقدم منك.
قوله «فى هذا الأمر» أى الأمر بالسيف، أو أمر وصيته.
قوله «ها هى»
ها حرف تنبيه، و قد اشتهر بين النحاة أنها لا تدخل من المفردات الا على أسماء الاشارة، و جوزوا الفصل بينها و بين اسم الاشارة اما بقسم أو بضمير، و حينئذ فاما أن يقال بتقدير اسم الاشارة، أو بتقدير خبر هى ليكون مدخولها جملة.
قوله «يا اسمعيل»
قال بعض الأعلام هو اسمعيل الذى ورد فيه حديث البداء، بمعنى النسخ، من امامته الى امامة موسى بن جعفر عليه السلام، و العجب من صاحب نقد المحصل، حيث أنكر البداء مع شيوع هذا الحديث و استفاضته، انتهى.
أقول: أما الحديث المذكور فهو قول الصادق عليه السلام، ما بدا الله فى شى ء مثل ما بدا له فى اسمعيل، و أما جعله البداء هنا بمعنى النسخ فغير جيد، فان النسخ ازالة ما ثبت بدليل شرعى، و ليس الثابت فى الألواح السماوية و الألواح الأرضية، كلوح فاطمة عليهاالسلام المكتوب فيه أسماء الأئمة عليهم السلام الا موسى عليه السلام، بل البداء هنا بمعنى ظهور شى ء، لعامة الناس لم يكن ظاهرا قبل، فان عامة الشيعة كانوا يزعمون أن الامام بعد أبيه اسماعيل، لأنه أكبر أولاده عليه السلام، فأظهر الله لهم بموته أن الامام هو موسى عليه السلام، و ان أطلقت النسخ على هذا مجازا فلا مشاحة، و أما انكار صاحب النقد لأخبار البداء فمنكر، لاستفضاة الاخبار به بين الفريقين، حتى أنه ورد ما عبدالله بمثل البداء، و لم ينكره سوى اليهود، حيث قالوا يد الله مغلولة، فأجيبوا بقوله:
(غلت أيديهم و لعنوا بما قالوا)، و تابعهم عليه الفخر الرازى و شرذمة من أهل الخلاف، بل قال الفخر الرازى انه من مبتدعات أئمة الروافض، لاضطرابهم فى المسائل، حتى أنهم اذا أخبروا شيعتهم بأمر و وقع خلافه قالوا فى الاعتذار (يمحو الله ما يشاء و يثبت و عنده أم الكتاب)، و لعمرى ان هذا الفاضل قد شارك اليهود فى هذه المسألة، فاستحق ما أجيبوا به، و هو حسبه فى هذا المقام.
قوله «فقبلها»
اما لكونها دعاء جده، أو لانضمام خط أبيه اليه، و على الأول فيدل بمفهوم الموافقة على استحباب تعظيم القرآن و تقبيله و وضعهه على العين، بل يدل على استحباب تقبيل جميع ما ينسب اليهم عليهم السلام من الآثار.
قوله «عليهم السلام»
المسلم هو الامام عليه السلام، و الاتيان بضمير الجمع انما هو للتعظيم، و القول بادخال من تقدم من آبائه عليهم السلام أو بكون المسلم هو أحد الرواة فادخاله فى السلام بعيد.
قوله «ان رأيت»
هو من الأفعال القلبية، و قد حذف هنا ثانى مفعولية مع جزاء الشرط، أى ان رأيت العرض حسنا فأذن لى فيه.
قوله «الى ابنى» و فى نسخة البهائى (قده) أبى، و هو تصحيف.
قوله «ان الله يأمركم، انتهى».
هو فى الظاهر هذا، و فى الباطن المراد بالأمانة المأمور بردها الخلافة، أو الصلاة، أو الامامة التى أمر كل امام أن يؤديها الى من بعده، على اختلاف الأخبار.
قوله «لا تخرجا بهذه الصحيفة»
و فى س لا تخرجا هذه الصحيفة، و الفرق بينهما هو ما ذكره أهل العربية بين قولهم. أذهب عمرو زيدا و ذهب عمرو بزيد، من أن مؤدى الأول اذهاب عمرو لزيد سواء ذهب معه أم لا، و مؤدى الثانى مصاحبتهما فى الذهاب، قال بعض الأعلام. و على هذا يكون قوله عليه السلام على الرواية المشهورة، أدل و أنص و أصرح فى عدم خروجهما من المدينة مع الصحيفة منه على رواية ابن ادريس، بل على هذه الرواية انما يدل على عدم اخراج الصحيفة منها، لا على عدم خروجهما منها، و المقام يقتضى المنع منهما كما لا يخفى، فظنى أن القرائن انما تدل على المعنى المستفاد من عبارة س، لأن قوله عليه السلام هذا ميراث ابن عمكما انتهى. الظاهر أن المراد نهيهما عن اخراجها، و أما نهيه عليه السلام لهما عن الخروج فقد استفيد من دليل خارج، و يتضمن هذا الكلام ضمنا.
قوله «فلا تأمنا»
دخول الفاء اما على تقدير أما، أو على تقدير خبر المبتدأ، أى و أنتما مثله فلا تأمنا، و يجوز الاستدلال به على ما ذهب اليه الأخفش من جواز ادخال الفاء على الخبر و ان لم يكن المبتدأ متضمنا لمعنى الشرط.
قوله «لا حول و لا قوة الا بالله العلى العظيم».
المشهور فى تفسيرها أن الحول بمعنى القوة، فالجملة الثانية تأكيد للأولى، و روى فى تفسيرها عن على عليه السلام، ان الحول بمعنى الحائل و المانع، أى لا حائل عن المعاصى، و لا قوة على الطاعات الا بالاستعانة منه تعالى.
قوله «عن جده عن على»
و فى س عن جده عن على، و حينئذ فالضمير راجع الى الأب الثانى، و قد روى رئيس المحدثين عن زرارة عن أحدهما عليه السلام قال أصبح رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم يوما كئيبا حزينا، فقال له على عليه السلام ما لى أراك يا رسول الله كئيبا حزينا، فقال و كيف لا أكون كذلك، و قد رأيت فى ليلتى هذه أن بنى تميم و بنى عدى و بنى أمية، يصعدون منبرى هذا، يردون الناس عن الاسلام القهقرى، فقلت يا رب فى حياتى أو بعد موتى، فقال بعد موتك، و لا تنافى بين الروايتين، لجواز وقوع الرؤيتين.
قوله «القهقرى»
هو الرجوع الى خلف، و هو مصدر نوعى، و حقيقته هنا أنهم كانوا قبل زمانه عليه السلام جاهلية كفرة، و قد شرفهم الاسلام، و بعد موته عليه السلام رجعوا الى ذلك الكفر و الجهل الذى كانوا عليه، بحكم قوله عليه السلام ارتد الناس كلهم بعد النبى صلى الله عليه و آله و سلم الا ثلاثة.
قوله «جبرئيل»
و فيه لغات كثيرة، جبرئيل بوزن قنشليل، و جبرئيل بحذف الياء، و جبريل بحذف الهمزة، و جبريل بوزن قنديل، و جبرال بلام مشددة، و جبرائيل بوزن جبراعيل، و جبرائل بوزن جبراعل، و ما أحسن قول صاحب الكشاف، عجمى فالعبوا به ما شئتم، و معناه عبدالله و صفوته.
قوله «و ما جعلنا الرؤيا، انتهى».
و المعنى و الله أعلم، و ما جعلنا الذى أريناكه فى المنام من نزو القردة على منبرك، و ما خلقنا الشجرة التى لعناها فى القرآن، التى هى شجرة بنى أمية، التى منها الخليفة الثالث و أضرابه، الا ليفتتن الناس بهم بالاطاعة و العصيان، و الظاهر أن لعنها كان صريحا فى القرآن، كما يدل عليه كثير من الأخبار، لكنهم حذفوه كما حذفوا غيره، و الضمير فى تخوفهم راجع الى الناس، أى تخوف الناس عن متابعة التميمى و العدوى و شجرة بنى أمية فلا يزدادون الا طغيانا و تعصبا على متابعتهم، و قد ذكرنا آراء المفسرين فى هذه الآية فى شرحنا الكبير.
قوله «رحى» بألف الحمرة فى المواضع الثلاثة و هو لبيان ضبط رسم الكتابة، لا لبيان اختلاف المعنى.
قوله «مهاجرك»
بفتح الجيم (لم أعثر عليه - بهذا المعنى - بالفتح مطلقا، بل هو بالكسر كما فى المنجد.) و هو أحسن النسختين، أى وقت المهاجرة، و حاصله أن رحى الاسلام تدور على قطبيها من حين هجرتك الى المدينة الى عشر سنين، و هى مدة مكثه صلوات الله عليه و آله فى المدينة، ثم تنقطع عن هذا الدوران الحقيقى و تدور معوجة خمسا و عشرين سنة، مدة خلافة الثلاثة، ثم تستأنف دورانها الحقيقى الى مدة خمس سنين، زمن خلافة أميرالمؤمنين على بن أبى طالب و الحسن عليه السلام، و حينئذ فثم فى قوله: ثم «لا بد من رحى ضلالة»، للتراخى فى الرتبة لا للتراخى فى الزمان، و رحى الضلالة عبارة عن خلافة التميمى و العدوى و الأمور، و ملك الفراعنة هو ملك بنى العباس، و يجوز أن يكون للتراخى فيه، فيكون رحى الضلالة اشارة الى ملك معاوية و من بعده من سلاطين بنى أمية.
قوله «فى ذلك» أى فى ملك بنى أمية و بيان مدته.
قوله «انا أنزلناه فى ليلة القدر»
و لا ينافيه ما استفاض من نزوله فى مدة ثلاث و عشرين سنة منجما، لأن المراد ابتداء نزوله كان فى ليلة القدر، كما قيل، أو المراد أنه أنزل فى فرضه، و ايجاب صومه على الخلق القرآن، فيكون فيه بمعنى فى فرضه، كما يقول القائل أنزل الله فى الزكاة كذا، يريد فى فرضها، أو أنه نزل جملة، ليلة القدر الى السفرة، أو الى سماء الدنيا، ثم نزل منجما، و قال الصدوق (ره) تكامل نزول القرآن فى ليلة القدر، و يفهم من تتبع الأخبار معنى آخر، و هو أنه نزل عليه صلى الله عليه و آله و سلم قبل البعثة جملة، ليتعبد به، و لعله كان فى ليلة القدر، ثم نزل بعد البعثة مفصلا على حسب المصالح، و يؤيده ما روى فى ليلة القدر، ثم نزل بعد البعثة مفصلا على حسب المصالح، و يويده ما روى أنه صلى الله عليه و آله و سلم كان يسبق جبرئيل بتلاوته، حتى نزل قوله تعالى: (و لا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى اليك وحيه)، و أما تسمية هذه الليلة بهذا الاسم، فاما باعتبار أن القدر بمعنى التقدير، لأنه تعالى يقدر فيها جميع أمور السنة، بحكم قوله تعالى: (فيها يفرق كل أمر حكيم).
و فى الحديث أن الله تعالى قدر فيها السموات و الأرض و ولاية أميرالمؤمنين عليه السلام، أو لأن القدر بمعنى الشرف و الخطر، لأن لها قدرا و شرفا عندالله تعالى، و لصاحبها اذا أطاع الله فيها، أو للطاعات فيها لتضاعيفها و عظمها، أو لأنه أنزل فيها كتاب ذو قدر، الى رسول ذى قدر، لأجل أمة ذات قدر، على يدى ملك ذى قدر، و قيل مأخوذ من القدر بمعنى الضيق، من قوله (و من قدر عليه رزقه)، لأن الأرض تضيق بالملائكة، و أما أنها آية ليلية، فقد أجمع أصحابنا رضوان الله عليهم على أنها احدى الليالى الثلاث المشهورة، و أكثر الأخبار دالة على انحصارها فى أخيرتها، بل ادعى شيخ الطائفة فى التبيان عليه الاجماع، و يستفاد من بعض الأخبار طريق لجمع الأخبار دال على أن لكل ليلة من الليالى الثلاث مدخل فى التقدير، ففى الأول تقدير الأمور، و فى الثانية يكون امضاؤها، قال أستاذنا العلامة لما اقتضت حكمته البالغة توجه الخلق الى جنابه، قدر للأمور تقديرات، و قدر للتقديرات مراتب مختلفة، ففى المرتبة الأولى من التقدير يمكن تغير ما قدر من سوء القضاء، أسهل من كونه فى المرتبة الثانية، و تغيره فى الثانية أسهل منه فى الثالثة، كما فى أحكام الملوك و السلاطين، تعالى عن المشاكلة، فان فيها مراتب فى الحكم و قبول فى التغير الى أن تنتهى الى التزين بخاتم الملك، فعند ذلك يعسر تغيره، فكذا تغير ما قدره و أحكمه و أمضاه تعالى يعسر بعد ليلة ثلاث و عشرين، و ان ورد أن الله فيه المشيئة، و أما فائدة تنزل الملائكة بحوادث السنة تلك الليلة على الامام عليه السلام مع أنه قد تواتر بين الشيعة أن عند الأئمة عليهم السلام كتاب الجفر و الجامعة و مصحف فاطمة و سائر علوم القرآن، و فيها ما كان و ما يكون الى يوم القيامة، فالذى يظهر من ممارسة آثارهم عليهم السلام أن لعلومهم مراتب فى الاجمال و التفصيل، فالكتب المزبورة متضمنة لسائر العلوم على طريق الاجمال، من غير تفصيل للأمور الواقعة فى كل سنة، و فى ليلة القدر يعزز منها علم ما يقع فى تلك السنة من غير تفصيل لحوادث كل أسبوع، و فى ليلة الجمعة تزور أرواحهم العرش فيفرز من هذا العلم العلم المتعلق بذلك الأسبوع، كما قال عليه السلام و لولا أن أرواحنا تزور العرش، و تطوف حوله ليلة الجمعة و تكتسب من هناك علوم شتى لنفد ما عندنا، و أما ما يحتاجون اليه من حوادث الساعات فيحصل لهم تارة بالنقر فى الأسماع، و أخرى بالنكت فى القلوب، و هذا انما هم بالنسبة الى بعض علومهم، كما لا يخفى.
و أما القول بأنهم عليهم السلام يعلمون تلك العلوم على طبق لوح المحو و الاثبات و ينزل عليهم تلك الليلة ما خلا عنهم، كما قال أميرالمؤمنين عليه السلام لو لا آية فى كتاب الله لأخبرتكم بما كان و ما يكون الى يوم القيامة، و هى قوله تعالى: (يمحو الله ما يشاء و يثبت و عنده أم الكتاب)، أو أنهم عليهم السلام يعلمونها مفصلا لكنهم غير مأذونين فى القائها الى الناس الا اذا فصلت تلك الليلة، كما وقع لجدهم عليه السلام من معرفته لتفاصيل القرآن قبل البعثة، و لم يرخص فى الاخبار بها بعدها الا بعد نزولها مفصلة ثانيا، أو أن فائدة النزول تشريف الملائكة بخدمتهم و بالسلام عليهم فلا يخلو من بعد، سيما هذا الأخير، فانه خال من الدليل، و هذا كله ظاهر لاغبار عليه، و انما الاشكال فى أن ليلة القدر مختلفة باختلاف الأقاليم بناء على كروية الأرض، و حينئذ فمدار ليلة القدر على أى بلاد، ذكر فيه أستاذنا العلامة ضروبا من الأقوال، أولها أن المدار على بلد الامام عليه السلام، و يكون لمن سواهم ذلك الثواب اذا علموا أعمالها فى الليلة الأخرى، و ثانيها أن يكون عليه السلام فى كل ليلة فى اقليم، و تنزل عليه الملائكة فى الليلتين، و ثالثها أن يكون عليه السلام مستقرا فى بلده، و تنزل عليه الملائكة فى كل ليلة بأحوال تلك البلاد التى تلك الليلة ليلة قدرهم، و أحسن هذه الوجوه هو الأول.
قوله «تملكها بنوامية، انتهى».
و حاصل المعنى أن سلطنة الامام عليه السلام فى تلك الليلة بتنزل الملائكة و سلامهم عليه و تهنيتهم له خير من مدة ملك بنى أمية تلك المدة الطويلة، و قيل المراد أن عبادة تلك الليلة الواحدة خير من العبادة فى مدة ملك بنى أمية، لأنهم سلبوا فضلها، و قيل أيضا ان امتنان الطاعات الواقعة فى غيرها أعظم من امتنان ملك بنى أمية، بالنظر الى باقى السلاطين، و قوله ليس فيها ليلة القدر، معناه أنه تعالى رفعها من شهور ملكهم، أو يكون المعنى أنها خير منها ما عدا ليلة القدر، و الأول أوفق باللفظ، و الثانى أوفق بالروايات الدالة على وجودها فى زمان كل امام، و فى اضافة المالكية الى الشهور مبالغة لا تخفى.
قوله «تملك سلطان»
فى الأصل بوزن تقتل، و فى س بوزن تكرم، و كلاهما غير موجود فى كتب اللغة، بل الموجود منها بوزن تضرب، كما هو موجود فى بعض النسخ القديمة.
قوله «و ملكها طول»
فى الأصل بنصبهما، فنصب الأول على المفعولية لتملك، و نصب الثانى على الظرفية.
قوله «فلو طاولتهم الجبال لطاعوا عليها»
يقال طاوله أى قابل طول بطوله، و طال عليه أى غلبه فى الطول، و هو مثل للاقتدار و الغلبة، لأن أعزاء الرجال طيالها، و قال بعضهم:
ان طاول مشتق من الطول بفتح الطاء بمعنى السعة و الغنى، أى أن غناهم و أموالهم أزيد من معادن الجبال و أكثر منها، و لعل الامام عليه السلام أشار بقوله لطالوا عليها، الا أن قلوبهم فى القساوة أشد من الجبال و الأحجار، انتهى. و لا يخفى ما فى هذا القول من الخروج من أسلوب العرب.
قوله «يستشعرون عداوتنا»
أى يجعلونها شعارا لهم، و هو كناية عن تمكن العداوة فى قلوبهم، لأن الشعار الثوب الذى يلى الجسد، كما أن الدثار هو الثوب الذى يكون فوقه.
قوله «أهل البيت»
نصبه على الاختصاص، و جره كما فى س على ما ذهب اليه الأخفش من جواز ابدال الظاهر من ضمير المتكلم على حدبى المسكين، و المشهور جوازه، لكن فى غير بدل الكل.
قوله «نعمت الله»
قال الصادق عليه السلام: نحن و الله نعمةالله التى أنعم بها على عباده، و بنا يفوز من فاز، و قد بدلوها بولاية الجبت و الطاغوت، و قد روى مستفيضا عن الصادق عليه السلام أنه لما بلغه تفسير أهل العراق للنعيم، فى قوله تعالى: (لتسألن يومئذ عن النعيم)، بالماء البارد و النوم الطيب، غضب و قال ان الأمتنان مستقبح من المخلوقين، فكيف يضاف الى الخالق عزوجل ما ينزه المخلوقون، به، و لكن النعيم حبنا أهل البيت و موالاتنا، يسأل الله عنه بعد التوحيد و الايمان، لأن العبد اذا وفى بذلك أداه الى نعيم الجنة الذى لا يزول.
قوله «دار البوار جهنم» البوار الهلاك، و جهنم بدل.
قوله «يصلونها»
حال من قومهم، أو من جهنم، أو منهما، و روى عن على عليه السلام أن المعنى بهذه الآية هما الأفجران من قريش، بنو أمية، و بنو المغيرة، فأما بنوأمية فمتعوا الى حين، و أما بنو المغيرة فكفيتموهم يوم بدر، و قيل انهم جبلة بن الأيهم و من تبعه من العرب، تنصروا و لحقوا بالروم، و أحلوا قومهم، أى أنزلوهم دار الهلاك، أى النار بدعائهم اياهم الى الكفر بالرسول صلى الله عليه و آله و سلم.
قوله «و بئس القرار» قرار من يكون قراره النار.
قوله «ذلك»
المشار اليه ما رأى صلى الله عليه و آله و سلم فى منامه الى هنا، و قد روى الفريقان أنه صلى الله عليه و آله و سلم بعد الرؤيا أسر الى أبى بكر و عمر أمر بنى أمية، و استكتمهما عليه ذلك، فأفشى عمر عليه سره، و حكاه للحكم بن أبى العاص، و أسر الى حفصة أمر أبى بكر و عمر، و قال لها ان أباك و أبا بكر يملكان أمر أمتى، فاكتمى على هذا، فأفشت عليه سره، و نبأت به عائشة، فجاءه بذلك، الوحى و نزلت فيه سورة التحريم، أقول و هذا هو الذى حملهما على أن سقياه السم، كما رواه الثقة العياشى عن أبى عبدالله عليه السلام، فانه لما أسر اليهما أن أبواهما يملكان أمر هذه الأمة ظلما و تعديا، قالا لابنتيهما اسقياه السم، تعجيلا على اتلافه، فسقياه السم، فكان السبب فى موته صلى الله عليه و آله و سلم، مضافا الى الأثر الذى كان فى بدنه الشريف من سم اليهودية الخيبرية فى السخلة المشوية.
قوله «أو ينعش حقا»
أى يرفعه و يشيده، و فى هذا اشعار بأن خروج محمد و ابراهيم و يحيى و زيد انما كان لأحد هذين الأمرين، لأن المقام و الكلام فى شأنهم و قصتهم، فيدل على أنهم كانوا محقين فى خروجهم، و ان حصل بسببه مكروه على الأئمة عليهم السلام لأنهم لم يقصدوا من الخروج المكروه على الأئمة عليهم السلام، لكنه لزم من خروجهم، بل يمكن أن يستفاد منه حقية خروج كل خارج منهم، لعموم اصطلام المنية، أى استئصالها لكل خارج منهم.
قوله «و شيعتنا»
من باب العطف على الضمير المجرور بدون اعادة الجار، كما هو أحد المذهبين، و سيأتى تحقيقه، و أنه الحق.
قوله «نيفا»
بتشديد الياء، و هو ما بين عقدين من عقود العشرات، و قد سقط من هذا العدد عشرة أبواب أيضا، و بقى أربعة و خمسون بابا، و الشهيد (ره) قد ألحق بعض الأبواب بأبواب الصحيفة، ظنا منه أنه هو الذى سقط، و الظاهر أنه رآه فى بعض النسخ القديمة، الا أن بين الملحق و الملحق به بون بعيد فى مراتب الفصاحة و البلاغة، كما ستعرف الا أن بين الملحق و الملحق به بون بعيد فى مراتب الفصاحة و البلاغة، كما ستعرف ان شاء الله تعالى، و كذلك بعض مشايخنا المعاصرين جمع الدعوات و المناجاة المروية عن الامام زين العابدين عليه السلام فصارت ستين دعاء، و سماها أخت الصحيفة، لأنها مع الصحيفة متحدة فى المنبع، قريبة فى الفصاحة.
قوله «و حدثنا»
هذا كلام الصدوق، و فائدته بيان أن فهرست الأبواب كان فى رواية المطهرى، و لم يكن فى رواية الحسنى، فلذا أورد هذا السند فيما بين أجزاء الرواية الأولى، و ذكر الفهرست ثم رجع الى تلك الرواية، و الحاصل أن الصدوق أسند الى المتوكل بطريق آخر، لتلك الفاصلة، قال أستاذنا العلامة سلمه الله تعالى: و الظاهر أنه كان بين الروايتين اختلاف، و كأن رواية الحسنى أحسن، فذكر الصحيفة بلفظ الحسن، كما هو مصطلح المحدثين من أنه اذا كان الخبر منقولا بزيادة على طريق واحد أن يذكروا الطريق أولا ثم يقولوا و اللفظ لفلان. قوله «الرحبة»
بالكسر، و الفتح غلط، و هى محلة من محال الكوفة، و قرية بدمشق، و موضع ببغداد، و الأول هو الأشهر فى الاطلاق، قال فى القاموس و بالفتح رحبة مالك بن طوق على الفرات، فقال بعض من يدعى التحقيق: ان النزيل الضيف و الرحبة شخص اسمه مالك بن طوق على الفرات، و استند الى عبارة القاموس، و هو فاسد، لأن معناه أن رحبة محلة هذا الرجل الواقعة على شط الفرات.
قوله «و هى التحميد»
لم يقحم لفظ الدعاء فى هذه الأربعة، للاشعار بأنه عليه السلام كان يجمع بينها فى القراءة فكأنها دعاء واحد، يؤيده ايراد العاطف أوائلها، كما سيأتى، لكن يرد على هذا أنه ينبغى الاقحام فى الأول و الترك فى غيره، كما لا يخفى. قوله «و باقى الأبواب»
أى أصل الصحيفة دون الفهرست بلفظ الحسنى، لا المطهرى، و ان كانا سواء فى المعنى، و قيل المراد بباقى الأبواب باقى ترجمة كل باب من قوله: و كان من دعائه عليه السلام، انتهى مما ليس فيما تقدم، و المعنى أنه سمع هذه العبارات من لفظه حال روايتها عنه مع الأدعية المذكورة، و هو بعيد، و أبعد منه ما قيل أن معناه، هذا المذكور مع باقى الأبواب، و قوله بلفظ أبى عبدالله كلام مستأنف، معناه أن الذى سمعه من لفظة قوله: حدثنا أبو عبدالله، انتهى.