غير السفّاح الوارد في بعض الروايات :
السؤال : كثيراً ما يتشدّق النواصب ويدّعون بأنّ لهم مهدياً غير مهدي آل محمّد (عليهم السلام) ، الذي ينعتونه بالسفّاح وغير ذلك من الألقاب البذيئة ، فما القول الفصل فيمن يزعم وجود أكثر من مهدي ؟
وهل يمكن اعتبار السفياني مهدي النواصب ؟ ونرجو التفصيل أكثر بالنسبة للتمييز بين عدل المهديّ بشيعته وقسوته على أعدائه ، وشكراً .
الجواب : لقد وضع بنو العباس أحاديث تشير إلى أنّ المهديّ (عليه السلام) من نسل جدّهم العباس ، وقد ضُعِّفت جميع تلك الأحاديث ، ولعلّ هذا الحديث أيضاً من الأحاديث التي أرادوا الإشارة بها إلى أحقّية خلافتهم المتمثّلة في أوّل خلفائهم ، وهو أبو العباس السفّاح ، والملاحظ لتلك الأحاديث التي ورد بها ذكر السفّاح ، أنّ هناك الكثير ممّن ذكر نفس تلك الأحاديث دون ذكر أنّ المهديّ يقال له السفّاح .
والاختلاف الحاصل في وجود أكثر من مهدي ناشئ من أنّ بعض علماء السنّة يقولون : إنّ المهديّ لم يولد ، بل سيولد ، فترى بين الحين والآخر يظهر من يدّعي أنّه المهديّ !
والذي عليه اعتقادنا نحن مذهب أهل البيت (عليهم السلام): إنّ المهديّ (عليه السلام) ولد ، وهو الابن الوحيد للإمام الحسن العسكريّ (عليه السلام) ، وقد اعترف بولادته الكثير من علماء السنّة .
وأهل السنّة الذين يقولون : إنّ المهديّ لم يولد ، لا يبعد منهم أن يتمسّكوا بأيّ شخص ، ويقولون إنّه المهديّ ، فلا يبعد أن يتمسّكوا بالسفيانيّ ، ليكون مهدياً لهم ، بعد أن تمسّكوا على مرّ التاريخ بأشخاص ادعوا المهديّة ، هم بعيدون كلّ البعد عن حقيقة ذلك .
إنّ قيام دولة الإمام المهديّ ، وتحقيق العدالة الكاملة فيها لا يتحقّق إلاّ بالتخلّص من الكفّار ، لأنّهم سوف لن يَدَعوا الإمام يحقّق دولته ، بل يرونه
|
الصفحة 327 |
|
خطراً عليهم ، وسيحقّق الإمام فيهم قول الله تعالى : { لهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ } (1) ، فيملأ الإمام الدنيا قسطاً وعدلاً بعدما ملئت ظلماً وجوراً .
( زكيّ الحسينيّ . ... . طالب حوزة )
كاتب الشيخ المفيد بثلاث توقيعات :
السؤال : هل صحيح أنّ مولانا بقيّة الله الأعظم أرواحنا له الفدى ، قد كاتب الشيخ المفيد (قدس سره) برسالتين ؟ كما هو مروي عن العلاّمة المجلسيّ (قدس سره) صاحب البحار ، وهل كاتب غير الشيخ المفيد برسائل أيضاً ؟
وهل صحيح أنّ الإمام (عليه السلام) يذكر في هذه الرسالة أنّ حركته الأخيرة ستكون إلى مكان كذا ؟ وباعتبار أنّه يغيّر مكانه لأسباب ، منها : عدم خصوبة الأرض ، وقلّة الزرع ، وصعوبة المعيشة ، كما يذكر القزويني بقول قلّة الزرع .
سؤالي : إلى مدى يحتاج الإمام (عليه السلام) إلى كتابة رسالة ، ويتضمّن كذلك الإعلام بحركته ، ثمّ يفسّر كذلك بهذا التفسير ؟
الجواب : إنّ ذكر هذه التوقيعات من قبل الثقات من أعلام الأُمّة ـ كالعلاّمة المجلسيّ ، والشيخ أبو علي الحائري ، والمحدّث البحراني ، والسيّد بحر العلوم، والسيّد الخونساري ، والمحدّث النوري وغيرهم ـ دليل على قبول هذا التوقيع عندهم ، بل روي عن البعض : أنّ التوقيع المبارك تتلقّاه الشيعة بالقبول .
وقد كاتب الإمام (عليه السلام) الكثير من خلال سفرائه الأربعة في الغيبة الصغرى ، وأمّا في الغيبة الكبرى ، فالذي يذكره المحدّثون أنّ للشيخ المفيد ثلاثة توقيعات صادرة عن الإمام (عليه السلام) ، والموجود منها في كتب الحديث اثنان فقط .
والرسالتان التي كاتب بهما الشيخ المفيد (قدس سره) لا يذكر فيها ما ذكرت ، وإنّما وصف مكان تواجده (عليه السلام) ، وأنّه سينتقل إلى مكان آخر ، وهو إخبار أنّ الإمام
____________
1- البقرة : 114 .
|
الصفحة 328 |
|
يتحرّك من مكان إلى مكان ، وهذا من لوازم الاختفاء والغيبة .
والإمام (عليه السلام) لم يكاتب الشيخ المفيد لاحتياجه الشخصي لذلك ، بل إنّ الشيعة في ذلك الوقت قد يحتاجون إلى ما يربطهم بالإمام ، لعدم وضوح النيابة العامّة للعلماء آنذاك ، فلابدّ من اتصال مع الإمام ولو قليلاً ، ولتشريف الأشخاص الذين يمثّلون تلك النيابة العامّة .
فالشيخ الصدوق (قدس سره) ولد بدعاء الإمام (عليه السلام) ، والشيخ المفيد يشرّف بالمكاتبة ، وآخرون يرسل لهم مبعوث ـ كالسيّد ابن طاووس ـ وهكذا ، حتّى صار واضحاً عندنا الآن : أنّ بعض الفقهاء هم نوّاب عامّون للإمام (عليه السلام) .
( وليد . الكويت . 22 سنة . طالب ثانوية )
السؤال : أردت السؤال عن علامات خروج الإمام المهديّ (عليه السلام) ما هي ؟ وما هي العلامات الحتمية والغير حتمية ؟ وما هي علامات قيام الساعة وما هو ترتيبها ؟ ومن الذي يقتل المسيح الدجّال ؟ مع الشكر لكم .
الجواب : قد ذكرت الكثير من العلامات لظهوره (عليه السلام) ، ونحن نذكر قسماً منها على نحو الإجمال :
1ـ ظهور ستّين شخصاً يدّعون النبوّة بالكذب .
2ـ ظهور اثني عشر نفراً من السحرة يدّعون الإمامة .
3ـ خراب جدار مسجد الكوفة ، ممّا يلي دار عبد الله بن مسعود .
4ـ ظهور نجم ذي ذنب .
5ـ ظهور القحط الشديد .
6ـ وقوع الزلزلة والطاعون في أكثر البلاد .
7ـ خراب البصرة بيد شخص ملّقب بصاحب الزنج .
8ـ امتلاء الأرض من الظلم والفسق .
|
الصفحة 329 |
|
9ـ عود الإسلام غريباً كما بدأ غريباً .
10ـ تحلية المصاحف وزخرفة المساجد ، وتطويل المنائر .
11ـ اقتران بعض النجوم .
12 ـ انهدام الكعبة .
13ـ خراب مسجد براثا .
14ـ خراب بغداد .
15ـ ركود الشمس من عند الزوال إلى أوسط أوقات العصر .
16ـ طلوع الشمس من المغرب .
17ـ خروج اليماني من اليمن .
18ـ خروج الخراساني .
19ـ ظهور المغربي بمصر ، وتملّكه الشامات .
20ـ اختلاف الرايات في الشام ، وخراب الشام من القتل والانتهاب .
21ـ خروج زنديق من قزوين اسمه اسم نبيّ ، يسرع الناس إلى طاعته .
22ـ خروج العوف السلمي من الجزيرة .
23ـ خروج السمرقندي المسمّى بشعيب بن صالح .
24ـ خروج النار من المشرق .
25ـ ظهور حمرة شديدة في أطراف السماء .
26ـ وقوع القتل واهراق الدماء في الكوفة ، لما تكثر فيها من الرايات .
27ـ قتل النفس الزكية في ظهر الكوفة مع سبعين نفراً من الصالحين .
28ـ مسخ طائفة بصورة القردة والخنازير .
29ـ حركة رايات سود من ناحية خراسان .
30ـ نزول مطر شديد في جمادى الثانية ورجب ، بحيث لم ير مثله .
أمّا العلامات الحتمية ، فذكر منها :
1ـ خروج الدجال .
|
الصفحة 330 |
|
2ـ الصيحة .
3ـ خروج السفياني .
4ـ خسف جيش السفياني بالبيداء .
5ـ قتل النفس الزكية بين الركن والمقام .
6ـ كسوف الشمس في النصف من شهر رمضان ، وخسوف القمر في آخره ، وقد قيل إنّ منها خروج السيّد الحسني ، والنداءات الثلاثة التي تسمعها كلّ الخلائق ، وكفّ تطلع من السماء ، واختلاف بني العباس ، وانقراض دولتهم .
أمّا قيام الساعة ، فقد وردت روايات توضّح فيها علامات ، إلاّ أنّها لم تحدّد الترتيب الزمني لها ، ومن تلك الروايات ما ورد عن الرسول (صلى الله عليه وآله) بقوله : " لا تقوم الساعة حتّى تكون عشر آيات : الدجّال والدخّان ، وطلوع الشمس من مغربها ، ودابّة الأرض ، ويأجوج ومأجوج ، وثلاثة دالات من الخسوف : خسف بالمشرق وخسف بالمغرب وخسف بجزيرة العرب ، ونار تخرج من قصر عدن تسوق الناس إلى المحشر ، تنزل معهم إذا نزلوا ، وتقيل معهم إذا أقالوا " (1) .
أمّا الدجّال ، فقد وردت روايات عن الإمام الصادق (عليه السلام) تخبر عن مقتل الدجّال على يد الإمام المهديّ (عليه السلام) .
( إبراهيم المطوّع . السعودية . 40 سنة . موظّف )
اتجاهان في تمهيد الأرضية لظهوره :
السؤال : مع العلم بأنّنا نتوقّع خروج الإمام المهديّ (عليه السلام) دوماً بأنّه قريب ، حيث أنّنا نتلمّس الجور ، بأنّه قد وصل إلى أوجه .
منذ بداية البشرية والجور مستمر ، وهو السائد على الأرض والغالب أيضاً وإلى اليوم .
يتطلّب خروج الإمام المهديّ (عليه السلام) استعداداً من قبل الأُمّة كي تمهّد له الأرضية ، والسؤال الذي يطرح هنا : متى تعي البشرية دورها تجاه الإمام (عليه السلام)
____________
1- الخصال : 431 ، سنن ابن ماجة 2 / 1341 و 1347 ، المستدرك 4 / 428 ، المصنّف لابن أبي شيبة 8 / 662 .
|
الصفحة 331 |
|
؟ ومتى ستنصاع إلى الحقّ ، وتقبل به عن إرادة واختيار ؟
البشرية من بدء الخليقة ونداءات الأنبياء والرسل والحكماء ، وجميع من لهم دور في ترشيد الإنسانية تدعوا ، والقرآن يشير بكلّ صراحة وتأكيد : { وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ } (1) ، { وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ } (2) وغير ذلك .
كم تحتاج البشرية حتّى تكون في بداية دورها للاستعداد للخروج أو للتمهيد على الأقلّ ؟ إذا كانت من بدء الخليقة لم تعي أو لم يتحقّق الرقم المطلوب لخروجه (عليه السلام) .
هل نحتاج إلى عمر من الزمن يكثر عن الزمن الماضي ؟ ولماذا نحن علينا أن نشعر بأنّه قريب ؟ وليس معنى ذلك إنّني يائس من خروجه (عليه السلام) .
إنّ علامات الظهور كانت ولا تزال كأنّها بارزة ، وكأنّها تتحقّق يوماً بعد يوم ، وإنّ كلّ زمان يرى بأنّ خروجه قد آن أوانه .
الشيعة يمحّصون في خروجه ، حتّى أنّ البعض ينكر هذا الخروج ، فهل نحن نستطيع أن نستمر في اعتقادنا بخروجه (عليه السلام) إذا كنّا بعيدين عن وضوح الرؤية الحقيقيّة ؟ ولذلك فنحن نرى خروجه قريباً مع عدم وجود الأرضية الصالحة لذلك الخروج .
هل وصلنا إلى الحكمة الحقيقيّة والواضحة والمنشودة كي نستطيع بها توطيد الأرضية لخروجه (عليه السلام) ؟ لا تتمنّوا خروجه إلاّ وأنتم في عافية من دينكم .
والسؤال : لماذا لم تكن هذه الفترة كفيلة بأن تعدّ العدد الذي يؤهّل الإمام علي (عليه السلام) بأن يكون مقبولاً عند جميع الأطراف ؟ وذلك كما أشار الإمام نفسه أو وضّحته مسيرة التاريخ .
ولكم منّا ألف تحية وسلام .
الجواب : ورد في الحديث الشريف عن الإمام الصادق (عليه السلام) : " إنّ لصاحب هذا الأمر غيبة لابدّ منها ، يرتاب فيها كلّ مبطل " ، فقلت له : ولم جعلت فداك ؟ قال : " لأمر لم يؤذن لنا في كشفه لكم " ، قلت : فما وجه الحكمة في غيبته
____________
1- سبأ : 13 .
2- هود : 40 .
|
الصفحة 332 |
|
؟ فقال: " وجه الحكمة في غيبته وجه الحكمة في غياب من تقدّمه من حجج الله تعالى ذكره ، إنّ وجه الحكمة في ذلك لا ينكشف إلاّ بعد ظهوره ، كما لا ينكشف وجه الحكمة لما أتاه الخضر (عليه السلام) من خرق السفينة ، وقتل الغلام ، وإقامة الجدار لموسى إلاّ وقت افتراقهما " (1) .
أمّا ما أشرتم إليه من أنّه متى تعي البشرية دورها اتجاه الإمام (عليه السلام) ؟
في الجواب يمكن أن نقول : لابدّ من إيصال صوت الإسلام إلى جميع بقاع الأرض ، ونحاول تطبيقه بشكله الصحيح ، ونحاول تطبيق العدالة بأسمى أشكالها على سلوكنا وسلوك الآخرين ، حتّى يصبح المجتمع صالحاً بجميع طبقاته لتقبّل ظهور الإمام (عليه السلام) ، ولا يقف أمامه من يعرقل المسيرة .
إنّه بهذا نكون قد مهدّنا لظهور الإمام (عليه السلام) ، وقمنا بوظيفة الانتظار ، فإنّ الانتظار يعني تهيئة الأرضية الصالحة لظهوره (عليه السلام) بإعداد العدّة الصالحة فكريّاً وعمليّاً ، حتّى إذا ما ظهر (عليه السلام) تكون الأرضية صالحة من جانب المؤمنين أيضاً .
وجاء في حديث أبي بصير : قال أبو عبد الله (عليه السلام) : " ليعدّن أحدكم لخروج القائم ولو سهماً ، فإنّ الله تعالى إذا علم ذلك من نيّته رجوت لأنّ ينسئ في عمره حتّى يدركه ، ويكون من أعوانه وأنصاره " (2) .
____________
1- علل الشرائع 1 / 246 ، كمال الدين وتمام النعمة : 482 ، الاحتجاج 2 / 140 .
2- الغيبة للنعماني : 320 .
|
الصفحة 333 |
|
( الموالي . عمان . 23 سنة . طالب جامعة )