الصلاة على محمّد وآل محمّد :
السؤال : سؤالي حول فلسفة ذكر الصلاة على محمّد وآل محمّد في عدّة مواضع ، منها : عندما يقوم شخص بحسد إنسان آخر ، يقولون له : صلّ على محمّد وآل محمّد ، وكذلك عند دخول إمام الجماعة ، أو القارئ ، يبدأ الناس بالصلاة على محمّد وآل محمّد ، ودمتم موفّقين لكلّ خير .
الجواب : إنّ كثرة الصلوات على النبيّ وآله في مختلف الحالات يمثل حالة ارتباط المسلم مع نبيّه ، ومثال للأدب معه (صلى الله عليه وآله) ، الذي أمرنا به الله تعالى ، مضافاً إلى البركة في ذكر رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، بعد أن صلّى عليه الله والملائكة ، فقال تعالى : { إِنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا }(1) .
فلا ضير في ذكر النبيّ (صلى الله عليه وآله) والصلاة عليه والتقرّب إلى الله تعالى بذلك في كلّ حال وفي كلّ زمان ، فتأمّل .
( محمّد . السعودية . 16 سنة . طالب ثانوية )
مقدّمة : في الأعمّ الأغلب من الآيات تكون الأعمال منسوبة مباشرة إلى العباد .
ولكن هنا قدّم مقدّمة حيث أخبر أنّه هو سبحانه يقوم بالعمل ، ثمّ أمرهم الإتيان به ، وعند تتبع الآيات القرآنية نجد أنّه لا توجد آية في القرآن كهذه الآية إلاّ واحدة ، نسب الله تعالى فيها العمل إلى نفسه أوّلاً ، ثمّ أمر به عباده ثانياً ، وهذه الآية الثانية خاصّة بالتوحيد ، وهي في سورة آل عمران { شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } (2) فهو أوّلاً شهد بالوحدانية ، ثمّ أشار إلى شهادة الملائكة بها ، ثمّ شهادة المؤمنين .
____________
1- الأحزاب : 56 .
2- آل عمران : 18 .
|
الصفحة 385 |
|
وهنا كذلك في الآية التي نحن بصدد البحث فيها ، نرى أنّه سبحانه يصلّي، وملائكته ، ثمّ يأمر المؤمنين بالصلاة ، وهذا كلّه دليل على أنّ لهذه الآية خصوصية .
لماذا يجب علينا الصلاة على محمّد وآل محمّد ؟ يجب أن نوضّح عدّة أُمور :
قال تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ ... } (1) ، كلمة صلّوا هنا هي صيغة أمر ، تدلّ على الوجوب ، يعني لست مخيّراً ، بل يجب عليك أن تفعل ، فهي دالّة على الوجوب لا الاستحباب ، كما في قوله تعالى : { وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ } (2) فهو أمر دالّ على الوجوب كذلك .
ما معنى أن يصلّي الله تعالى على أحد ؟
إنّ الصلاة هنا ليست بالمعنى الاصطلاحي ، والتي يقصد بها صلاتنا التي نصلّيها ، بل هي بمعناه اللغوي وهو الدعاء ، وهنا الروايات من الفريقين توضّح : أنّ معنى الصلاة من الله تعالى هو تقريب نبيّه وإنزال الرحمة عليه ، إلاّ أنّها تعنون بعنوان الصلاة ، تماماً كما في اللعن ، فحينما يقول تعالى : { يَلعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاَّعِنُونَ } (3) ، فليس معناه اللعن اللفظي ، بل المقصود به هو إبعاد العبد من رحمة الله تعالى ، عند ذلك نفهم قول أمير المؤمنين (عليه السلام) في الله تعالى : " إنّما قوله فعله " فليس الله سبحانه يتلفّظ بألفاظ كما نتلفّظ بها نحن { إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ } (4) .
ما معنى صلاة الملائكة ؟
معناها التزكية ، يعني يصلّون عليه لبيان أنّ هذا المورد هو مستحقّ للرحمة ، يعني محلّ قابل لإنزال الرحمة ، وهذا ما دلّت عليه الروايات .
ما معنى صلاة المؤمنين ؟
إنّ صلاتهم تعني الدعاء للنبيّ الأكرم ، وهي أيضاً طلبة من الحقّ في رفع مقامنا ، لأن نرقى إلى مقامهم ، ونتعرّف على أسرارهم .
نأتي للمقطع التالي للآية ، قال تعالى : { وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } .
____________
1- الأحزاب : 56 .
2- النور : 56 .
3- البقرة : 159 .
4- يس : 82 .
|
الصفحة 386 |
|
إنّ المتعارف من التسليم هو السلام ، لذلك عند ذكر النبيّ ترى الأعمّ الأغلب من الناس يصلّي عليه هكذا : " صلّى الله عليه وسلم " .
فنأخذ معنى التسليم في الآية بمعنى السلام ، أي : السلام عليك يا رسول الله ، ولكن حينما نراجع الروايات الواردة في ذيل هذه الآية نرى أنّ المعنى يختلف عن ذلك .
عن أبي بصير قال : سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عزّ وجلّ : { إِنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ ...}، فقال : " الصلاة عليه ، والتسليم له في كلّ شيء جاء به " (1).
إذاً ، فالآية تريد معنى الانقياد لا معنى السلام ، وبتعبير القرآن : { وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا } (2) .
إذاً ، فالآية ليست بصدد بيان أنّ الله تعالى يريد أن يأمر المؤمنين أن يسلّموا عليه بعد الصلاة عليه ، بل يريد منهم أن ينقادوا للنبيّ ويسلّموا الأمر بيده .
وكما جاء عن الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) في قوله تعالى : { إِنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ ... } قال : " لهذه الآية ظاهر وباطن ، فالظاهر قوله : { صَلُّوا عَلَيْهِ } ، والباطن : قوله تعالى : { وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } : أي سلّموا لمن وصّاه واستخلفه ، وفضّله عليكم ... " (3) .
على هذا الأساس لا ينبغي أن نقول : صلّى الله عليه وسلم ، فهذه " وسلّم " جاءتنا من الطرف الآخر ـ أي أهل السنّة ـ أمّا في القرآن فالله سبحانه صلّى عليه ولم يسلّم ، لذلك نجد أنّ العلماء الملتفتين للمسألة يقولون : صلّى الله عليه وآله ، ولا يضيفون وسلّم .
وأخيراً : لا ريب أنّ الصلاة على النبيّ والآل (عليهم السلام) هي من الواجبات في حياة الإنسان المسلم ، وذلك لأنّها مفتاح الأسرار ، وباب المقاصد ، ومن أهمّ الوسائل في صعود الأعمال ، واستجابة الدعاء ، هذا فضلاً عن الثواب الجزيل ، والفضل العظيم ، الذي يحرزه المصلّي على النبيّ وآله (عليهم السلام) .
____________
1- المحاسن 1 / 271 .
2- الحشر : 7 .
3- الاحتجاج 1 / 377 .
|
الصفحة 387 |
|
( فاضل . البحرين . 26 سنة . دبلوم هندسة ميكانيكية )
الكتب السنّية المؤلّفة حولهم :
السؤال : لا أُريد أن أطيل عليكم ، ولكن لابدّ من هذه الكلمة : فأنا اعتبر هذا الموقع من أهمّ المواقع الشيعيّة ، وأكثرها خدمة لمذهب أهل البيت (عليهم السلام) ، فجزى الله القائمين عليه أفضل الجزاء .
سؤالي هو عن الروايات التي تتحدّث عن أئمّتنا المتأخّرين ، من الإمام السجّاد حتّى الإمام القائم (عليهم السلام) في كتب إخواننا أهل السنّة .
الجواب : ما أكثر الكتب السنّية التي أُلّفت في أهل البيت (عليهم السلام) منها مثلاً :
1ـ ينابيع المودّة لذوي القربى ، للشيخ سليمان القندوزيّ الحنفيّ ، المتوفّى 1294 هـ .
2ـ مطالب السؤول في مناقب آل الرسول ، للشيخ محمّد بن طلحة الشافعيّ ، المتوفّى 652 هـ .
3ـ الفصول المهمّة في معرفة أحوال الأئمّة ، لابن الصبّاغ المالكيّ ، المتوفّى 855 هـ .
4ـ نور الأبصار في مناقب آل بيت النبيّ المختار ، للشيخ مؤمن بن حسن بن مؤمن الشبلنجي .
5ـ شواهد التنزيل لقواعد التفضيل ، للحاكم الحسكاني، المتوفّى 544 هـ.
هذا ، وهناك كتب شيعية ذكرت ما كتب في أهل البيت (عليهم السلام) في الصحاح الستة ، وغيرها من الكتب المعتبرة عند أهل السنّة ، منها مثلاً :
1ـ منتخب فضائل النبيّ وأهل بيته (عليهم السلام) ، لمركز الغدير للدراسات الإسلامية.
2ـ ما روته العامّة من مناقب أهل البيت (عليهم السلام) ، للمولى حيدر علي الشروانيّ .
3ـ عمدة عيون صحاح الأخبار ، للحافظ ابن البطريق ، المتوفّى 600 هـ .
4ـ أئمة أهل البيت في كتب أهل السنّة ، للشيخ حكمت الرحمة .
|
الصفحة 388 |
|
( عقيل . السعودية . ... )