المقصود بالآل وحديث الكساء :
السؤال : عند الصلاة على النبيّ وآله ، نقصد بالآل السيّدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) ، والأئمّة الاثني عشر (عليهم السلام) ، ولكن عند نزول آية التطهير ، وفي حديث الكساء يقول النبيّ عن الخمسة (عليهم السلام) : " اللهم هؤلاء أهل بيتي و ... " .
فكيف نوفّق بين الأمرين ، ولكم جزيل الشكر .
الجواب : إن أهل البيت المعصومين المطهّرين هم علي وفاطمة والحسن والحسين والأئمّة من ولد الحسين (عليهم السلام) . وقد علمنا ذلك من حديث الكساء وحديث الثقلين وحديث الاثني عشر وغيرهما . وجمع النبيّ (صلى الله عليه وآله) الخمسة (عليهم السلام) تحت الكساء لا ينفي كون بقيّة الأئمّة من ولد الحسين هم من أهل البيت ؛ وذلك لأنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) جمع الموجودين من أهل بيت زمانه تحت الكساء ، ولا يعقل أن يجمع النبيّ (صلى الله عليه وآله) كل الأئمّة حتى غير الموجودين في زمانه تحت الكساء ، فتأمّل .
( حيدر الصائغ . البحرين . ... )
السؤال : هل يؤثّر عدم الاعتقاد ببعض ما ترويه سيرة أهل البيت (عليهم السلام) في عقيدة الإمامة ؟ نرجو إجابتنا شاكرين لكم .
|
الصفحة 396 |
|
الجواب : إن كان عدم الاعتقاد ناشئاً من فحص ودليل ، ورجوع إلى أهل الخبرة والاختصاص المشهود لهم من قبل العلماء على حرصهم ، وتفحّصهم ودقّتهم في التعامل العلمي ، والتحقيق التاريخي فلابأس بذلك .
أمّا إن كان عدم الاعتقاد ناشئاً من الذوق ، وعدم التفاعل والتشهّي ، ومخالفة المزاج ، وما إلى ذلك من الأُمور التي لا تكشف عن مستوى علميّ ، ولا تنضبط ضمن الموازين العلمية التحقيقية ، فعدم الاعتقاد هذا يؤثّر في عقيدة الإنسان الشيعيّ ، ويزعزع من إيمانه بهم (عليهم السلام) .
( جمال أحمد . البحرين . ... )
السؤال : هل في الأئمّة تفاضل بين بعضهم البعض ؟ أم أنّهم سواء ؟ الرجاء التفصيل مع ذكر الأمثلة إن وجدت .
الجواب : ورد في بعض الآثار ما يشير إلى تمايز أمير المؤمنين (عليه السلام) وحده ، أو بإضافة الحسن والحسين (عليهما السلام) ، أو مع المهديّ (عليه السلام) أيضاً عن باقي الأئمّة (عليهم السلام) (1) .
وجاءت أيضاً طائفة أُخرى من الروايات تصرّح أو تلوّح بعدم التمايز والتفضيل بين الأئمّة (عليهم السلام) ، أو باستثناء أمير المؤمنين (عليه السلام) (2) .
ثمّ بما أنّ الموضوع لم يكن له أثر عملي بالنسبة إلينا ، فالبحث في هذا المجال ـ مع ما في أغلب هذه الروايات من ضعف السند ـ ليس له ثمرة ، فالصفح عنه أحرى وأجدر ، خصوصاً مع ورود أحاديث في المقام تؤكّد على أنّهم (عليهم السلام) بالنسبة للناس سواء في الحجّة والطاعة ، والحلال والحرام (3) .
____________
1- مائة منقبة : 19 ، بحار الأنوار 25 / 361 .
2- الاختصاص : 268 ، بحار الأنوار 25 / 360 .
3- الاختصاص : 22 ، بحار الأنوار 25 / 353 .
|
الصفحة 397 |
|
( ... . البحرين . ... )
السؤال : هل يعتقد أهل السنّة بأنّ القرآن الكريم ليس مرتّب ؟ مثلاً في آية التطهير أنّها في غير مكانها ، مع ذكر المصدر يرحمكم الله ؟
الجواب : ليس المهمّ في مفروض السؤال الاعتقاد أو عدم الاعتقاد بالترتيب في آية التطهير ، بل البحث في المراد من أهل البيت ؛ فنقول : بأنّ العدول عن السياق المتناول في الآية ، وهو خطاب التأنيث إلى خطاب التذكير ، بل والرجوع منه ثانياً في الفقرات التالية بعده إلى خطاب التأنيث ، يدلّ بكلّ وضوح على تمييز المخاطبين بهذه الفقرة بالذات عن باقي المخاطبين في الآية ، حتّى أذعن الفخر الرازي في تفسيره للآية بهذه النقطة الحسّاسة (1) .
فالحكم بالتطهير المطلق عن كافّة الأرجاس إنّما يخصّ هذه المجموعة التي تسمّى " أهل البيت " ، وهذا ما يسمّى بالعصمة .
ثمّ على فرض قبول وحدة السياق ـ مع ما يأباه الظهور الخطابي ـ نقول بالتخصيص في هذا المجال ، استناداً إلى مصادر أهل السنّة ، فورد في الكثير منها أنّ المراد من أهل البيت هم : علي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) .
وقد صرّح فيها بأنّ أُمّ سلمة لم تكن من هؤلاء ، مع أنّها على خير ؛ والمصادر الروائية في هذا المعنى أكثر من أن تحصى (2) .
ولا يخفى أنّ في الآيات السابقة على هذه الآية إشارة لطيفة إلى عدم إعطاء هذه الرتبة السامية بنحو الإطلاق وفي كافّة الأحوال للأزواج ، إذ يقول : { فَإِنَّ اللهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا } (3) ، فيقيّد الأجر بالمحسنات منهنّ ، والحال وفي نفس المقام لم يقيّد التطهير والعصمة من الأرجاس عن أهل البيت (عليهم السلام) بشيءٍ ؛ فنستفيد بأنّ عنوان أهل البيت يختلف موضوعاً عن عنوان الأزواج .
( محمّد علي . ... . ... )
السؤال : كلّنا يعلم بأنّ النسل الهاشمي انتشر في بقاع الأرض ، هل لنا أن
____________
1- التفسير الكبير 9 / 168 .
2- شواهد التنزيل 2 / 63 و 115 ، المستدرك 2 / 416 ، مسند أبي يعلى 12 / 456 ، المعجم الكبير 3 / 53 ، تاريخ مدينة دمشق 14 / 142 ، سبل الهدى والرشاد 11 / 13 .
3- الأحزاب : 29 .
|
الصفحة 398 |
|
نعرف بالتفصيل كيف انتشر في البلاد التي تقع شرق الجزيرة العربية ؟ مع خالص الشكر .
الجواب : إنّ نسل الرسول (صلى الله عليه وآله) قد انتشر وشاع من أولاد علي وفاطمة (عليهما السلام) ، وهذا ممّا لا خلاف فيه .
وأمّا كيفية الانتشار فهي تختلف باختلاف الموارد والبقاع ، فبعضهم قد التجأ إلى مناطق نائية حذراً من بطش حكّام الجور ، وبعضهم هاجر إلى بلاد بعيدة للتبليغ والدعوة ، وحفظاً على عقيدته ونفسه وعياله ، عندما كانت تطاردهم الحكومات الأمويّة والعباسيّة وغيرهما ، وبعضهم سافر إلى بقاع كان يراها موالية لأهل البيت (عليهم السلام) ، وبعضهم الأخر انتقل إلى أماكن خاصّة من البلاد الإسلامية ، في سبيل القيام بالثورة في وجه الطغيان والتعدّي الحاكم آنذاك ، لما فيها من أرضية اجتماعية مؤيّدة لها .
( أُمّ علي . البحرين . ... )
لا دليل على أنّ الانتساب يكون من طريق الأب فقط :
السؤال : إنّ النسب للولد والبنت هو من الأب ، وليس من الأُمّ ، ونحن في المذهب الشيعيّ نقول : السادة من أبناء الرسول (صلى الله عليه وآله) ، والرسول الأعظم لم يكن له أبناء .
الرجاء توضيح الأمر ، وشرح كيفية نسب الأئمّة وبني هاشم ، وإرشادي إلى مراجع ، وجزاكم الله ألف خير .
الجواب : لا دليل على أنّ الانتساب يكون فقط من طريق الأب ، كيف وقد نصّ القرآن الكريم بلحاق عيسى (عليه السلام) عن طريق أُمّه مريم (عليها السلام) بذراري الأنبياء (عليهم السلام) : { وَمِن ذُريته داودَ وَسُلِيمانَ ... وَيَحيى وَعيسى ... } (1) .
وأيضاً قد اتفق المسلمون على أنّ المراد من { أَبْنَاءنَا } في آية المباهلة { فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا ... } (2) ، الحسن والحسين (عليهما السلام) (3) .
أضف إلى ذلك ورود روايات في كتب العامّة تصرّح ببنوّة الحسن
____________
1- الأنعام : 84 ـ 85 .
2- آل عمران : 61 .
3- ذخائر العقبى : 25 ، الجامع الكبير 4 / 293 ، فتح الباري 7 / 60 ، معرفة علوم الحديث : 50 ، تفسير القرآن 1 / 122 ، جامع البيان 3 / 408 ، أحكام القرآن 2 / 18 ، أسباب نزول الآيات : 68 ، شواهد التنزيل 1 / 156 و 163 و 182 ، زاد المسير 1 / 339 ، الدرّ المنثور 2 / 39 ، أُسد الغابة 4 / 26 ، الإصابة 4 / 468 ، الجوهرة : 69 ، البداية والنهاية 5 / 65 و 7 / 376 ، الإمامة والسياسة 1 / 209 ، السيرة النبوية لابن كثير 4 / 103 ، جواهر المطالب 1 / 171 ، ينابيع المودّة 1 / 43 و 136 و 165 و 2 / 120 و 432 و 3 / 118 .
|
الصفحة 399 |
|
والحسين (عليهما السلام) ، وولد علي (عليه السلام) ، وأولاد فاطمة (عليها السلام) للرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) (1) .
ثمّ إنّ هناك أحكام شرعية كالإرث واستحقاق سهم السادة في الخمس تختصّ بمواردها المنصوص عليها ، فلا تنفي الانتساب من جهة الأُمّ ، بل إنّها قوانين خاصّة تعبّدية لا علاقة لها بالمميّزات التكوينية .
وفي الختام : ننقل لكم مقطعاً من المناظرة التي دارت بين الإمام الكاظم (عليه السلام) مع هارون الرشيد ، والتي تختصّ بموضوعنا هذا :
" ثمّ قال : ـ يعني هارون الرشيد ـ لي : لمَ جوّزتم للعامّة والخاصّة أن ينسبوكم إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) ويقولوا لكم : يا بني رسول الله ، وأنتم بنو علي، وإنّما ينسب المرء إلى أبيه ، وفاطمة إنّما هي وعاء ، والنبيّ جدّكم من قبل أُمّكم ؟
فقلت : ـ يعني الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) ـ : يا أمير المؤمنين لو أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) نُشر ، فخطب إليك كريمتك هل كنت تجيبه ؟
فقال : سبحان الله ولمَ لا أجيبه ؟ بل أفتخر على العرب والعجم وقريش بذلك .
فقلت له : لكنّه لا يخطب إليّ ولا أزوّجه .
فقال : ولِمَ ؟
فقلت : لأنّه ولدني ولم يلدك .
فقال : أحسنت يا موسى .
ثمّ قال : كيف قلتم إنّا ذرّية النبيّ ، والنبيّ لم يعقب ، وإنّما العقب للذكر لا للأنثى ، وأنت ولد الابنة ولا يكون ولدها عقباً له ؟ ... .
فقلت : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، بسم الله الرحمن الرحيم { وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِّنَ الصَّالِحِينَ } (2) ، مَن أبو عيسى يا أمير المؤمنين ؟
____________
1- ينابيع المودة 2 / 446 ، كفاية الطالب : 379 ، إحياء الميت : 27 .
2- الأنعام : 84 ـ 85 .
|
الصفحة 400 |
|
فقال : ليس لعيسى أب .
فقلت : إنّما ألحقناه بذراري الأنبياء (عليهم السلام) من طريق مريم (عليها السلام) ، وكذلك أُلحقنا بذراري النبيّ (صلى الله عليه وآله) من قبل أُمّنا فاطمة (عليها السلام) ، أزيدك يا أمير المؤمنين ؟
قال : هات .
قلت : قول الله عزّ وجلّ : { فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةُ اللهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ } (1) ، ولم يدّع أحد أنّه أدخل النبيّ (صلى الله عليه وآله) تحت الكساء عند مباهلة النصارى إلاّ علي بن أبي طالب ، وفاطمة ، والحسن ، والحسين ، فـ { أَبْنَاءنَا } : الحسن والحسين ، و { وَنِسَاءنَا } : فاطمة ، و{ وَأَنفُسَنَا } : علي بن أبي طالب (عليه السلام) " (2) .
(... . ... . ... )